الكفالة والتضامن
الكفالة هي الضمان للدائن بتنفيذ المدين التزامه، أي ضم ذمة الكفيل إلى ذمة المدين ضمانا للوفاء بالدين، وهو التزام تابع لالتزام المدين، فيلتزم الكفيل بالوفاء بالدين عند عدم وفاء المدين الأصلي به، ومن الأهمية الإشارة هنا إلى أن عقد الكفالة إنما يربط الكفيل بالدائن من دون أن يكون المدين طرفا في هذا العقد وبالتالي يجب أن تلتقي إرادتي الدائن والكفيل على الكفالة فهو عقد رضائي ينعقد بمجرد تراضي الطرفين الدائن والكفيل.
لا عيوب تشوب الإدارة
وكما أنه أيضا عقد ملزم لجانب واحد وهو الكفيل، وكما بينا أن عقد الكفالة عقد رضائي، فإنه يجب أن يكون خاليا من العيوب التي تشوب الإرادة، كالغلط والتدليس والإكراه، ويكون العقد قابلا للإبطال لمصلحة المتعاقد الذي عابت إرادته والغلط يجب أن يكون جوهريا بحيث أن الكفيل ما كان يقوم بإبرام عقد الكفالة لو علم بالواقع والحقيقة، وبالأخص الغلط في يسار المدين. ذلك أن الكفيل لن يقدم على إبرام عقد الكفالة إذا كان يعلم أن المدين معسرا فلو وقع الكفيل في مثل هذا الغلط أو دلس عليه بان أوقعوه عن طريق الحيلة بان المدين ميسورا فإن عقد الكفالة غير صحيح، والإعسار المقصود فيه هنا أن يكون وقت إبرام عقد الكفالة وليس ما يطرأ على حالة المدين المالية بعد عقد الوكالة. ويشترط لتمسك الكفيل بأي من العيوب السابقة أن يقع من الدائن، أو أن يكون ذلك بعلمه أو كان ينبغي عليه أن يعلم.
كيفية الالتزام
والتزام الكفيل مرتبط بالتزام المدين، فلا ينشأ هذا الالتزام إذا لم يكن الالتزام الأصلي موجودا، وكذلك الحكم إذا كان الالتزام الأصلي مستحيلا، وكذلك في حالة ما إذا انقضى الالتزام الأصلي فلا تقوم الكفالة، أما إذا كان الالتزام الأصلي غير موجود وقت إبرام عقد الكفالة كان وجوده يقينا في المستقبل فتجوز الكفالة إذا ما حدد مقدما مدى التزامات الكفيل. وإذا لم يعين الكفيل مدة لكافلته، كان له في أي وقت أن يرجع فيها مادام الالتزام المكفول لم ينشأ، وعليه أن يخطر الدائن برجوعه في وقت مناسب.
وإذا سقط الالتزام الأصلي بأي سبب من الأسباب أو انتهى فإن الكفالة أيضا تنتهي. وفي حالة بطلان الالتزام الأصلي بطلان مطلق فان الكفالة بالتبعية تكون باطلة، وإذا كان قابل للإبطال فإن الكفالة أيضا تكون قابلة للإبطال.
وإذا كان المدين الأصلي ناقص الأهلية كالقاصر والتزم الكفيل بضمان هذا الدين بسبب نقص الأهلية فإنه في هذه الحالة يعتبر الكفيل مدينا أصليا عند الحكم بإبطال التزام المدين الأصلي بسبب نقص الأهلية.
شمول الدين وتوابعه
والكفالة تشتمل الدين المكفول وتوابعه كالفوائد وغيرها وكذلك كل مصروفات المطالبة ما لم يتم الاتفاق على خلافه. ولا تجوز الكفالة في مبلغ اكبر مما هو مستحق على المدين، ولا يشترط اشد من شروط الدين المكفول. إنما تجوز الكفالة بأقل من المبلغ الدين الأصلي.
من الأول إلى الآخر
ويبدأ التزام الكفيل منذ إبرام عقد الكفالة ويبقى إلى أن ينقضي التزام المدين المكفول، وإذا زاد الدين يبقى التزام الكفيل كما هو عند إبرام عقد الكفالة، وعلى العكس إذا نقص التزام المدين فإن التزام الكفيل ينقص معه. ومن الثابت انه يجب أن يكون محل التزام المدين معينا أو قابلا للتعيين، وإذا تعددت الديون التي التزم بها المدين، فيجب أن يحدد في عقد الكفالة الدين الذي يقصد الكفيل ضمانه، ويمكن أن يتعدد الكفلاء لدين واحد، فيجوز أن يضمن الدين الواحد أكثر من كفيل. وهناك ما يسمى بالكفالة التضامنية فهذا النوع من الكفالة يمنح الدائن ضمانا أقوى إذ يمكنه أن ينفذ على أموال الكفيل مباشرة قبل الرجوع على المدين وكذلك يستطيع مطالبة المدين والكفيل معا مجتمعين أو منفردين وبكل الدين ولا يحق لكفيل المتضامن أن يطلب منه الرجوع أولا على المدين الأصلي.
ويبدأ حق الدائن بمطالبة الكفيل بعد عدم وفاء المدين للدين وتكون وقت المطالبة مرهونة لما ورد في عقد الكفالة أو تبعا للالتزام الأصلي لذلك فانه حتى تجوز مطالبة الكفيل فيجب توافر شرطين هما حلول اجل مطالبة الكفيل كما ورد باتفاق الكفالة، وسبق الرجوع على المدين.
موجب المطالبة القضائية
والرجوع على المدين يجب أن تكون بموجب مطالبة قضائية وليس التنبيه والاعذار. ويمكن للدائن إشراك الكفيل في المطالبة مع الدائن وعند صدور الحكم يجب التنفيذ أولا على المدين. وهناك حالات يجوز فيها للدائن الرجوع مباشرة على الكفيل كأن يكون الأخير متضامنا مع المدين في سداد الدين كما سبق ان اشرنا، وكذلك يمكن للدائن الرجوع على الكفيل مباشرة اذا تنازل هذا الأخير صراحة أو ضمنا عن التمسك بالدفع بعدم قبول الدعوى على أساس أن الدائن لم يلتزم بما يوجب عليه القانون بالرجوع على المدين أولا.
وفي حالة العسر؟
وكذلك إذا كان الرجوع على الدائن دون جدوى كأن يكون المدين معسرا. ويجوز للكفيل الخلاص من التزامه إذا تقاعس الدائن أو تأخر عن مطالبة مدينه في الدين وقام الكفيل بإنذاره باتخاذ الإجراءات ضد المدين خلال ثلاثة أشهر ما لم يقدم المدين للكفيل ضمانا كافيا، فإذا لم يتخذ الكفيل أي إجراء ضد المدين خلال هذه المدة كان للكفيل أن يطلب براءة ذمته من الكفالة.
وفي النهاية تجدر الإشارة إلى انه يجوز نقل الكفالة من شخص إلى آخر أو من كفالة شخصية إلى كفالة عينية وذلك كله باتفاق الطرفين
اترك تعليقاً