قواعد النسب و الاهتمام في مدونة الأسرة الحالية المغربية
قد استأثرت قواعد النسب بالاهتمام في إطار مدونة الأسرة الحالية في نصوصها 150 إلى 162، حيث وسع المشرع من دائرة وسائل إثبات النسب بالنص على الاعتراف بالولد الناشئ أثناء فترة الخطبة وكذلك يصرف التعويضات الناشئة أو الناجمة عنها وكذا ينصه أيضا على الخبرة الطبية بشروطها كوسيلة لإثبات النسب ونفيه، بعدما كانت مدونة الأحوال الشخصية مقتصرة لثبوت النسب أو نفيه على المسائل العامة فقط وذلك بعدما تبين أن الشروط الفقهية المتعلقة بهذه الخيرة، من الصعب إثباتها إلى درجة تصل الاستحالة، وقد احتلت هذه الوسائل مكانة مهمة من ضمن العديد من النقاشات الدائرة حول مدونة الأسرة بالمغرب، خصوصا في إطار الأشكال المتعلق بتنازع الخبرة الطبية مع باقي الوسائل الشرعية الأخرى حول إثبات النسب ونفيه، نتيجة للتقدم الباهرة التي حققته الخبرة الطبية (البصمة الوراثية).
من ذلك تعتبر إشكالية النسب من المواضيع التي تحظى بأهمية بالغة من طرف الممارسين سواء في حقل الفقه الإسلامي أو في حقل القوانين الوضعية([4]) وذلك بالنظر لما يترتب عليه من نتائج الخطورة، حيث نجد موضوع النسب في الواقع العربي والإسلامي يطرح أكثر من علامة استفهام خصوصا من حيث الإثبات والنفي، لهذا تم اختياري لهذا الموضوع.
نظرا لأهمية النسب في خلية الأسرة وما يحققه من ترابط في الحقوق والالتزامات الناشئة عنه في إطار المنظومة الأسرية، وتبعا للمكانة التي خصه الله تعالى بها، وأيضا العوائق التي تمس المجتمع الإسلامي الذي يغلب عليه طابع الانغلاق والخوف من العار.
ونظرا لكثرة الأطفال المتخلى عنهم، وأيضا نظرا للجدل الفقهي الدائر بخصوص الخبرة الطبية بين اتجاه محافظ رافض للخبرة الطبية ومرجح للوسائل العامة عليها، لأن من شأن أعمالها العدول عن الوسائل العامة تعطيل نص ثابت بكاتب الله، وبين اتجاه حداثي ينادي باعتماد الخبرة الطبية والانصراف عن الوسائل البديلة لها أي- الوسائل العامة الكامنة في الإقرار. الشهادة أو بينة السماع- أمام استحالة تحقق شروطه، أو على مستوى الممارسة القضائية من خلال كثيرة المنازعات المطروحة أمام القضاء بصدد نفي النسب أمام فساد وغياب الوازع الديني والأخلاقي لدى كثير من الناس وكذلك نظر للتكلفة المعتمدة في إجراء الخبرة الطبية. إذن كيف تم الاعتماد على الوسائل المقررة في إثبات النسب؟ وما مدى نجاعتها في ذلك؟ وكيف تم التعامل مع مستجدات مدونة الأسرة ضمن خلية المنظومة القانونية؟ وكيف تعامل الفقه الإسلامي في نطاقها؟ وما مدى أهمية الخبرة الطبية في إثبات ونفي النسب؟ وما موقف القضاء في اعتماد بها؟
اترك تعليقاً