نقل الملكية في بيع العقارات :
لا تنتقل الملكية في العقار أو الحقوق العينية العقارية، سواء فيما بين المتعاقدين أو بالنسبة للغير، إلا بإشهار العقد في مصلحة الشهر العقاري ، و على ذلك يقع التزام على البائع بإشهار البيع .
و يجب أن يكون عقد البيع رسميا طبقا للمادة 324 مكرر 1 من القانون المدني بقولها :
” … بجب تحت طائلة البطلان، تحرير العقود التي تتضمن نقل ملكية عقار أو حقوق عقارية … في شكل رسمي و يجب دفع الثمن لدى الضابط العمومي الذي حرر العقد “.
و هذا البطلان من النظام العام، فالرسمية هنا ركن في عقد البيع، أما الإشهار العقاري، فإنه مشترط قصد انتقال الملكية فيما بين المتعاقدين و في مواجهة الغير، غير أنه يجب الإشارة إلى أن نقل ملكية العقار يجعل البائع ملتزما بما يلي :
1- التوجه رفقة المشتري إلى الموثق قصد إبرام العقد، و أن يرفق معه كل الوثائق الضرورية لذلك مثل أصل الملكية .
2- إفراز المبيع أي القطعة العقارية موضوع البيع حيث تصبح واضحة المعالم من جهة و كذا الحدود و المساحة .
3- إشهار عقد البيع، خاصة إذا كان عقد البيع إداريا، أي عقدا رسميا صادرا عن الإدارة، كأن تبيع البلدية أو الولاية مثلا قطعة أرض لمواطن، فهنا يقع التزام على البائع بنقل الملكية و هذا بواسطة إشهار العقد.
و لقد نصت المادة 793 من القانون المدني على أنه:
” لا تنتقل ملكية العقار و الحقوق العينية الأخرى في العقار سواء كان ذلك بين المتعاقدين أم في حق الغير إلا إذا روعيت الإجراءات التي ينص عليها القانون و بالأخص القوانين التي تدير مصلحة شهر العقار …”
غير أنه إذا تم إبرام العقد أمام الموثق، فإن القانون أوجب على الموثق أن يقوم بإشهار العقد، و هذا تطبيقا للمادة 90 من المرسوم رقم 76/63 المؤرخ في 25 مارس 1976 المتعلق بتأسيس السجل العقاري بقولها :
” ينبغي على الموثقين و كتاب الضبط و السلطات الإدارية أن يعملوا على إشهار جميع العقود أو القرارات القضائية الخاضعة للإشهار، المحررة من قبلهم أو بمساعدتهم و ذلك ضمن الآجال المحددة “.
و على ذلك فانتقال الملكية يتم بموجب الشهر العقاري، و يجب أن يحتوي العقد أو القرار القضائي حتى يمكن إشهاره على البيانات التالية:
1- ألقاب و أسماء وتاريخ و مكان ولادة و جنسية و موطن و مهنة الأطراف .
2- وجوب المصادقة على ألقاب و أسماء و تاريخ و مكان ولادة و جنسية الأطراف من طرف موثق أو كاتب ضبط أو سلطة إدارية، في أسفل كل جدول أو مستخرج أو صورة أصلية أو نسخة مودعة، من أجل تنفيذ الإجراء (6) .
6- المادة 62 من المرسوم 76/63 المشار إليه أعلاه.
و على ذلك فإن واجب الإشهار في حالة البيع التوثيقي ينصب على الموثق أما إذا كان البيع إداريا و حرر بموجبه عقد إداري، فإن هذا الواجب يقع على السلطة الإدارية البائعة، كما يقع على كاتب الضبط عندما تقضي المحكمة بصحة البيع و يصبح الحكم نهائيا (7) .
و إذا لم يتم إشهار عقد بيع العقار، فإن البيع يكون صحيحا لكن لا يترتب إلا التزامات شخصية بين طرفيه، فالملكية لا تنتقل إلى المشتري، لكن الالتزامات المنصبة على الطرفين بموجب عقد البيع تبقى سارية المفعول مثل الإلتزام بالتسليم وبالضمان، و كذا بدفع الثمن إن لم يكن قد دفع لدى الموثق .
أما في القانون الفرنسي فإن الإشهار في بيوع العقارات ليس شرطا لنقل الملكية فيما بين المتعاقدين، و لكن الهدف منه هو إعلام الغير، بأن العقار موضوع تصرف، فقد أخضع مرسوم 4 يناير 1955 للإشهار كل بيع منصب على حق عيني عقاري ( ملكية، ارتفاق، انتفاع، الخ… ) و يوضح بأن تلك التصرفات لا يمكن الاحتجاج بها على الغير إن لم تكن مشهرة، فإن تصرف البائع ببيعها ثانية و تم شهرها فإن هذا التصرف الأخير يبقى صحيحا رغم أنها بيعت من قبل لمشتري آخر.
و على ذلك لا يحتج بالبيع على الغير، المكتسبين لحق منافس إلا من تاريخ إشهاره، و لغاية ذلك التاريخ تبقى الحقوق التي تصرف فيها البائع صحيحة إن أشهرت في وقت سابق، و يحسم النزاع بين مشترين للعقار نفسه بواسطة تاريخ إشهار البيع كما هو عليه الحال بخصوص الرهن الرسمي.
غير أن القضاء الفرنسي خفف من آلية هذا الحل باللجوء إلى فرضية حسن النية، فمن يكتسب حقا من البائع و هو عارف بوجود بيع آخر حتى و لم يكن قد أشهر بعد، لا يستطيع الإستفادة من تلك القواعد لأن : “اكتساب عقار مع معرفة البيع السابق للغير يشكل خطأ لا يسمح للمشتري الثاني بإقحام قواعد الإشهار العقاري لفائدته ( “.
و يجب أيضا لإعمال هذا الإستثناء بأن يعلم الغير بهذا البيع أثناء إبرام العقد و إن جهل ذلك، لا يهم إن علم به فيما بعد (9) و إن أعيد بيع المال، فإن حسن النية يبحث في شخص المشتري من الباطن (الفرعي) .
و بخصوص المنقولات المادية، فإن القانون الفرنسي، مثل ما ذكرنا بالنسبة للقانون الجزائري، يحسم النزاع بواسطة وضع اليدmise en possession و هذا هو الحل المعطى من طرف المادة 1141 من القانون المدني الفرنسي و الذي يحتوي على التحفظ نفسه المتعلق بحسن النية .
” فإذا كان الشيء الذي نلتزم بإعطائه أو تسليمه إلى شخص تتابعيا ذو طبيعة منقولة، تكون الأفضلية لمن وضع يده عليه فعليا، و يبقى مالكا بالرغم من كون سنده لاحقا في التاريخ بشرط أن تكون حيازته بحسن نية ” .
و يطبق الحل نفسه على نقل كل حق عيني آخر بإعمال المادة 2279 و هكذا يكون الرهن الحيازي للمنقول المبرم من طرف البائع بعد البيع صحيحا، إذا كان الدائن المرتهن حيازيا جاهلا للبيع و وضع يده على المبيع (10) .
7- – لحسين بن الشيخ آث ملويا ، المنتقى في عقد البيع ، دار هومة الجزائر ، طبعة 2005 ، ص 300 .
8- نقض مدني فرنسي ، الغرفة الثالثة في 30 يناير 1974 .
9- نقض مدني فرنسي ، الغرفة الثالثة في 22 مايو 1990 .
10- نقض مدني فرنسي ، في 19 يونيو 1928 .
اترك تعليقاً