بحث قانوني عن اجراءات التحكيم في عقود التجارة الالكترونية
أ/ يارا النجادات
مقدمــة
– مفهوم التجارة الالكترونية
يقصد بالتجارة الالكترونية بالمعنى العام ممارسة مختلف الأعمال التجارية من بيع وشراء وغيرها باستخدام وسائل الاتصال الالكترونية، ووسائل الاتصال الالكترونية لا تقتصر على الحواسيب المتصلة بشبكة الانترنت فحسب بل تشمل أيضاً الهواتف الثابتة والمحمولة والفاكسات والتلكسات وغير ذلك. أما التجارة الالكترونية بالمعنى الخاص فيقصد بها المبادلات التي تتم عبرشبكة الانترنت بعد أن أصبحت شبكة دولية ومتاحة لكل شعوب العالم. وهناك عموماً ثلاثةأنواع للتجارة الالكترونية :
أ – تجارة منتجات مادية (Material Products) : وتتم بشراء السلع التي تعرضها الشركات على مواقعها الالكترونية، وبحيث يتم الدفع فيالغالب بواسطة بطاقة اعتماد مصرفية وإرسال السلع التي تمّ شرائها بطرق النقل التقليدية، ومثال ذلك شراء مواد استهلاكية من المواقع الالكترونية للمراكز التجارية (أو المولات).
ب – تجارة منتجات رقمية (Digital Products) : وتكون بشراء منتج اتتسمح طبيعتها بتحويلها إلى شكل رقمي، وهنا تتم عمليتا دفع الثمن وتسليم المبيع الكترونياً، ومثال ذلك شراء البرامج الحاسوبية والأفلام والصور والكتب والمجلات الالكترونية.
ج – تجارة خدمات (Services Trade) : وهذه أيضاً قد يكون محلهاخدمات تقليدية (Traditional Services) كتقديم الاستشارات القانونية أو الطبية أوالهندسية على شبكة الانترنت (On line)، أو خدمات جديدة خاصة (Special Services) وهي التي لا يمكن تقديمها إلا عن طريق الانترنت كخدمات البريد الالكتروني والبحث عن المعلومات والإعلانات الالكترونية.
– مفهوم عقد التجارة الالكترونية
لقد وجدأطراف المعاملات التجارية في شبكة الانترنت وسيلة ميسرة تحقق مزايا لا حصر لها، وإنكانت أهمها على الإطلاق توفير الوقت والجهد والمال في إبرام الصفقات والعقودالتجارية عبر شبكة الانترنت، ويمكن تعريف عقد التجارة الالكتروني بأنه : “ذاك العقدالذي تتلاقى فيه عروض السلع والخدمات بقبول من أشخاص في ذات الدولة أو في دول أخرى من خلال الوسائط الالكترونية المتعددة, لاسيما الانترنت بهدف إتمام التعاقد”. ومنهذا التعريف نستنتج بأن العقد الالكتروني يتصف بخصائص عديدة تميزه عن العقد التقليدي، أهمها أنه :
1- يتم إبرامه دون التواجد المادي لأطرافه وباستخدام وسائل اتصال الكترونية.
2- تستخدم فيه وسائل السداد النقدي الالكترونية بدلاً منالنقود التقليدية.
3- يجري تنفيذه غالباً عبر الانترنت وعن طريق التحميل (Download).
4- يتسم غالباً بالطابع الدولي والتجاري والاستهلاكي.
– الحاجة إلى فضّ المنازعات بوسائل الالكترونية
إذا كان حسم منازعات عقود التجارةالتقليدية يتم عادةً عن طريق اللجوء إلى المحاكم الوطنية أو الوسائل البديلة لحل المنازعات (ADR : Alternatives Dispute Resolution) كالتحكيم والوساطة والتوفيق،فإن هذه الوسائل جميعها يمكن استخدامها لحل المنازعات الناشئة عن عقود التجارةالالكترونية. ولكن منذ بداية التسعينيات من القرن الماضي ومع انتشار استعمال شبكةالانترنت في جميع دول العالم بدأ التفكير جدياً بحلّ المنازعات إلكترونياً، أيباستخدام البريد الإلكتروني (E-mail) أو المواقع الإلكترونية (Sites) أو الاجتماعات السمعية والبصرية (Videoconference)، وذلك نظراً لما تتمتع به هذه الوسائل من مزاياكبيرة من حيث السرعة والاقتصاد في الوقت والنفقات. مع العلم أن هذا الأمر لم يقتصرعلى الوسائل البديلة لحلّ المنازعات بل أُفسح المجال كذلك لإنشاء محاكم الكترونية (Cyber Tribunals).
وبخصوص التحكيم لاشك أن التحكيم التقليدي يُستخدم حالياً على نطاق واسع لحلّ المنازعات التي تنشأ عن العقود التجارية لاسيما تلك التي تجري في ظل التجارة الدولية، والتحكيم بصورته التقليدية يُلبي إلى حد ما متطلبات التجارة الوطنية والدولية من حيث السرعة في فصل المنازعات واحترام طابع السرية وتخفيض النفقات، إلا أن هذا التحكيم يبقى بالنسبة لمعاملات التجارة الالكترونية بطيئاًومكلفاً بالمقارنة مع التحكيم الالكتروني الذي يُعتبر الأكثر ملائمة لعقود التجارةالالكترونية لأنه يستطيع أن يتعايش مع هذه العقود في ذات العالم الافتراضي، فهو يُلغي التعامل بالأوراق ولا يتطلب الحضور الشخصي لأطراف النزاع أو المحكمين.
وفي الحقيقة يتطلب البحث في التحكيم في عقود التجارة الالكترونية التعرض لماهية التحكيم الالكتروني قبل البحث في الآلية التي يتم بها.
المبحث الأول : ماهية التحكيمالالكتروني
يتمتع التحكيم الالكتروني بمزايا كثيرة تجعله مفضلاً عن اللجوء إلىالمحاكم الوطنية وحتى عن التحكيم التجاري التقليدي، ومن أهم هذه المزايا : السرعةالكبيرة في فصل المنازعات والسرية العالية وضآلة النفقات والاستعانة بمحكّمين أكثرحيدة وخبرة. ولكن هذا لا يعني أنه لا يثير بعض المعوقات التي تستلزم توخي الحيطة والحذر حين اللجوء إليه، ولذلك سوف نعرض هنا أهم المزايا التي يحققها التحكيمالالكتروني ونتبعها بالمعوقات التي قد تعترضه، بعد أن نحدد تعريفاً واضحاً له يميزهعن التحكيم التقليدي، ونختم هذا المبحث بالحديث عن الهيئات التي تمارس التحكيمالالكتروني.
أولاً – تعريف التحكيم الكتروني
يمكن تعريف التحكيم الالكترونيعلى أنه أسلوب اتفاقي على إخضاع المنازعة التي نشأت أو ستنشأ مستقبلاً من علاقات تجارية الكترونية أو عادية إلى التحكيم بإجراءات الكترونية. وانطلاقاً من هذاالتعريف يتبين لنا أن التحكيم الالكتروني ما هو إلا تحكيم تقليدي يعتمد على وسائل الاتصال الالكترونية في جميع مراحله، بدءً من إبرام اتفاق التحكيم مروراً بإجراءاتخصومه التحكيم وحتى صدور الحكم التحكيمي.
فالتحكيم الالكتروني يتميز بأنه يتم في عالم افتراضي حيث لا وجود للورق والكتابة التقليدية، كما أنه لا داعي للحضور المادي لأطراف النزاع أو أعضاء هيئة التحكيم في مكان محدد، أضف إلى ذلك حتى حكم التحكيم يصدر بشكل الكتروني ومذيلاً بتوقيع إلكتروني ويرسل إلى الأطراف جاهزاً باستخدام وسائل الاتصال الإلكترونية، لاسيما البريد الالكتروني.
ثانياً – مزايا التحكيم الإلكتروني
1 – السرعة الكبيرة في فصل النزاع : إن أهم ميزة للتحكيم الإلكترونيهي السرعة في فصل النزاع، وهذه الميزة تفوق كثيراً سرعة الفصل في المنازعاتالمعروضة على التحكيم التقليدي والذي يحتاج إلى مدة أطول بكثير مما يتطلبه هذاالتحكيم. والسبب في توفير الوقت يرجع إلى أنه لا يلزم في التحكيم الإلكتروني انتقال أطراف النزاع وحضورهم المادي أمام المحكمين، فحتى سماع المتخاصمين وشهودهم يمكن أن يتم عبر وسائل الاتصال الإلكترونية. كما أن التحكيم الإلكتروني يُمكّن من تبادل المستندات والأدلة فيما بين أطراف خصومة التحكيم في ذات اللحظة عبر البريدالإلكتروني أو أية وسيلة إلكترونية أخرى، وهذا على خلاف الأمر بالنسبة للتحكيم التقليدي الذي يتطلب حضور الأطراف أنفسهم أو وكلاء يمثلوهم.
2 – السرية العاليةلعملية التحكيم : وهي ميزة تتمتع بها جميع أنواع التحكيم ويجب احترامها في كل المراحل التي يمرّ بها التحكيم، فالأصل في أي تحكيم عدم العلانية وذلك حتى لا يؤدي إلى إلحاق الضرر بسمعة الأطراف المحتكمين ونشاطاتهم. والواقع أن السرية التي يكفلهاالتحكيم الإلكتروني تبدو أكثر أهمية في مجال العلاقات التجارية الدولية التي تبرم بطريقة إلكترونية، ذلك أن الاتصالات الالكترونية تنجز بسرعة فائقة ومن ثم فإنانتشار الأخبار التي تنطوي على أسرار تجارية أو صناعية أو مالية أو اقتصادية سيتم فضحها بسرعة غير متوقعة.
3 – ضآلة نفقات التحكيم : يحقق التحكيم الالكتروني خفض كبير في النفقات لأنه لا يستدعي سداد نفقات انتقال وإقامة ولا حتى استقرار المحكمة بمكان محدد، وهذا يجعله أكثر ملائمة للمنازعات التي تفرزها عقود التجارةالإلكترونية والتي تكون في الغالب الأعم ذات قيمة متواضعة. ولاشك أن استخدام نظم الوسائط المتعددة التي تتيح استخدام الوسائل السمعية والبصرية (Video conference) فيعقد جلسات التحكيم على الخط المباشر للأطراف وللخبراء يُساهم أيضاً في تجنب نفقات السفر والانتقال.
4 – تولي التحكيم أشخاصاً أكثر حيدة وخبرة : في الغالب يتم اختيار المحكمين في التحكيم الالكتروني بعيداً عن المعرفة المسبقة بأطراف النزاع،ومن ثم فان المحكمين فيه يتمتعون بقدر أكبر من الحيدة والاستقلالية تجاه الطرفين. ومن جهة أخرى يستلزم حلّ المنازعات التي تنشأ عن إبرام وتنفيذ العقود الإلكترونيةأشخاصاً يتمتعون بخبرات في هذا المجال وهي خبرات لا تتوافر، غالباً، في القاضي أوالمحكّم الوطني.
ثالثاً – معوقات التحكيم الالكتروني
أ – عدم مواكبة النظم الحالية للتطورات التي تحصل في مجال التجارة الالكترونية : فبعض النظم القانونية لمتُشرّع حتى الآن قواعد خاصة بالمعاملات الالكترونية، وبعضها الآخر يعاني من جمودالقواعد القانونية فيما يتعلق بإجراءات التقاضي والتحكيم، وقد لا يعترف أصلاً بصحةإجراء التحكيم بوسائل الكترونية، الأمر الذي يطرح إشكالية حقيقية حول الاعتراف بحكم التحكيم الالكتروني وقابليته للتنفيذ جبراً.
ب – عدم التزام المحكّم بتطبيق القواعد الآمرة المنصوص عنها في القانون الوطني : كثيراً ما يخشى الأطراف – لاسيماالضعفاء منهم – اللجوء إلى التحكيم الالكتروني خاصةّ، لأنه لن يضمن الاستفادة من القواعد الآمرة الحمائية المنصوص عنها في القانون الوطني. فعلى سبيل المثال لو كان أحد أطراف النزاع مستهلكاً وصدر حكم التحكيم الفاصل للنزاع دون مراعاة أحكام قانون المستهلك الوطني لكان هذا الحكم عرضة للبطلان واستحال تنفيذه.
رابعاً : مراكزالتحكيم الالكتروني
لقد تعددت الهيئات التي تمارس التحكيم الالكتروني وتكاد تكونحالياً معظم مراكز التحكيم الدولية تتيح المجال لحلّ نزاعات التجارة الالكترونيةبأسلوب الكتروني، ومن أهم المراكز أو الهيئات التي تتعامل بالتحكيم الالكتروني : غرفة التجارة الدولية (ICC) وجمعية التحكيم الأمريكية (ِAAA) والمنظمة العالميةللملكية الفكرية (WIPO). وقد عمدت جميع هذه المراكز التحكيمية إلى وضع أنظمة خاصةبالتحكيم الالكتروني تسمح بمباشرة التحكيم وإتمام جميع إجراءاته حتى صدور الحكم الفاصل للنزاع بوسائل الكترونية.
وفي الغالب تقضي نظم التحكيم الالكتروني بإنشاءموقع خاص بكل قضية تحكيمية تتم حمايته ومنع الدخول إليه إلا بكلمة سر (Password)،ليتم بعد ذلك تبليغ الأطراف بعنوان هذا الموقع وآلية الدخول إليه. ومن أهم فوائدوجود موقع الكتروني خاص بالنزاع أنه يتم تحميل كافة الطلبات والدفوع والمستندات عليه من قبل الأطراف أنفسهم بدلاً من إرسالها إلى سكرتارية المركز، وبشكل تصبح معه كل وثائق القضية متاحةً للإطلاع عليها من قبل طرفي النزاع وهيئة التحكيم إضافة إلى السكرتارية.
المبحث الثاني : آلية التحكيم الالكتروني
يمكن وصف آلية التحكيم الالكتروني في الواقع بشكل موجز على النحو التالي : بدايةً يتوجب لمباشرة التحكيم الالكتروني وجود اتفاق على تحكيم، ومثل هذا الاتفاق يتم عادةً بشكل الكتروني من خلال تبادل الرسائل بين أطراف العقد الالكتروني وعبر البريد الالكتروني أو بالنقرمباشرةً على زر موجود في موقع البائع، ليُعبر بذلك المشتري على موافقته علىالالتزام بجميع الشروط والبنود التي يتضمنها الموقع. وبمجرد وقوع النزاع يقوم الخصم بإرسال طلب التحكيم الكترونياً إلى خصمه أو إلى مركز التحكيم المتفق عليه، ليتم بعدذلك وبطرق الكترونية أيضاً تعيين المحكّم أو المحكّمين وتبادل الطلبات والدفوع والمستندات. وبعد انتهاء إجراءات التحكيم يُعين يوماً محدداً لإصدار الحكم والتوقيععليه الكترونياً ومن ثم إرساله إلى أطراف النزاع عبر وسائل الكترونية.
وفيالحقيقة لا يتسع المجال هنا لشرح عملية التحكيم الالكتروني بكافة مراحلها وخاصةأنها تشبه إلى حد كبير مراحل التحكيم التقليدي، مع ذلك فإن مباشرة التحكيم بوسائل الكترونية له خصوصيته فيما يتعلق باتفاق التحكيم والتبليغ وتحديد مكان التحكيم وإصدار الحكم وتنفيذه.
أولاً : اتفاق التحكيم الالكتروني
اتفاق التحكيمالالكتروني هو اتجاه إرادة طرفين على اللجوء إلى التحكيم لتسوية كل أو بعض المنازعات التي نشأت أو قد تنشأ بينهما بمناسبة علاقة قانونيه معينه عقدية أو غيرعقدية عبر وسائل الاتصال الالكترونية، ومن هنا يظهر أن اتفاق التحكيم الالكتروني فيمضمونه لا يختلف عن أي اتفاق تحكيم آخر سوى أنه يتم بشكل الكتروني. هذا ويشترط لصحةاتفاق التحكيم الالكتروني شروط موضوعية تتمثل بشكل رئيسي في أهلية أطراف التحكيم وخلو العقد (أو الاتفاق) من عيوب الإرادة وقابليه النزاع للتسوية عن طريق التحكيم. وهذه الشروط لا تثير أية مشكلة في اتفاق التحكيم الالكتروني بالمقارنة مع شرطالشكلية أو الكتابة الواجب توفره في اتفاق التحكيم.
فمعظم القوانين الوطنية تشترط الكتابة في اتفاق التحكيم ليكون ملزماً لأطرافه، وإن عدم احترام هذا الشرط يؤدي إلى اعتبار اتفاق التحكيم باطلاً، وبالتالي بطلان جميع إجراءات التحكيم التي استندت إليه بما في ذلك حكم التحكيم. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا : هل يستوفي اتفاقالتحكيم الالكتروني شرط الكتابة ؟
نستطيع القول بأنه حالياً كثر عدد الدول التي أصبحت تعترف بالوسائل الالكترونية كوسيلة لإبرام العقود، وقانون التحكيم السوري الجديد لعام 2008 تبنى هذا الاتجاه عندما نص صراحةً في المادة 8 منه : ” يجب أن يكون اتفاق التحكيم مكتوباً وإلا كان باطلاً، ويكون الاتفاق مكتوباً إذا ورد في عقدأو وثيقة …، أو في أية رسائل متبادلة عادية كانت أو مرسلة بوسائل الاتصال المكتوب (البريد الإلكتروني، الفاكس، التلكس) إذا كانت تثبت تلاقي إرادة مرسليها على اختيارالتحكيم وسيلة لفض النزاع”.
وننوه إلى أنه في مجال التجارة الدولية أصبح هناك اتفاقيات دولية تعترف بشكل كامل بعقود التجارة الالكترونية التي تتم كتابتهابالبريد الالكتروني أو عن طريق تبادل المعلومات وتدوينها على موقع الكتروني، حتىأنها تنص صراحةً على مساواة الكتابة والرسائل الالكترونية بالكتابة العادية وإعطائها نفس الحجية في الإثبات، ومثال ذلك ما جاء في المادة 9/2 من اتفاقية الأمم المتحدة للخطابات الالكترونية في العقود الدولية لعام 2005 : “حيثما يشترط القانون أن يكون الخطاب أو العقد كتابياً، أو ينص على عواقب لعدم وجود الكتابة، يعتبر ذلك الاشتراط قد استوفي بالخطاب الالكتروني إذا كان الوصول إلى المعلومات الواردة فيهم تيسراً على نحو يتيح استخدامها في الرجوع إليها لاحقاً”.
ثانياً – إجراءالتبليغ الالكتروني
تلزم قوانين التحكيم عموماً تبليغ المدعى عليه طلب التحكيم،وتعتبر أن إجراءات التحكيم قد بدأت من اليوم الذي يتسلم فيه المدعى عليه طلبالتحكيم من المدعي، كما توجب أيضاً تبليغ الأطراف جميع المواعيد والدفوع والمستندات. ويجري التبليغ عادةً بتسليم الأوراق المراد تبليغها إلى المخاطب شخصياًأو في مقرّ عمله أو في مكان إقامته المعتاد أو في موطنه المختار، فهل يعتبر التبليغ قانونياً إذا تم باستخدام البريد الالكتروني الخاص بالمدعى عليه ؟
لاشك أنه فيحال اتفاق الأطراف على أن يتم التبليغ إلى كليهما بواسطة البريد الالكتروني، فإن سلوك هذه الطريقة في التبليغ يعتبر صحيحاً ومنتجاً لكافة آثاره القانونية. ولكن فيحال عدم الاتفاق على ذلك هل نعتبر عنوان البريد الالكتروني الخاص بكل طرف بمثابةعنوان بريدي يمكن إجراء التبليغ إليه ؟ تنص المادة 8/2 من اتفاقية الأمم المتحد ة للخطابات الالكترونية في العقود الدولية لعام 2005 : “ليس في هذه الاتفاقية ما يلزم أي طرف باستعمال الخطابات الالكترونية أو قبولها، ولكن يجوز الاستدلال على موافقةالطرف على ذلك من سلوك ذلك الطرف”. فأحكام هذه الاتفاقية وسائر تشريعات التجارةالالكترونية تسمح بالاستدلال على موافقة الطرف على استخدام الخطابات والرسائلالالكترونية وقبولها من خلال سلوكه، كما لو ضمن الأطراف اتفاق التحكيم عناوين بريدهم الالكتروني فمثل هذا السلوك يُعدّ بمثابة قبول ضمني على استلام الوثائق والتبليغات على هذه العناوين.
والاجتهاد القضائي الدولي يُقرّ بدوره بصحة تبليغالمدعى عليه أوراق الدعوى باستخدام البريد الالكتروني متى اعتاد ذكر عنوان بريده الالكتروني في جميع الأوراق والمراسلات الصادرة عنه، لأنه يعتبر ذلك بمثابة قبول ضمني على استخدام الآخرين لبريده الالكتروني لأجل الاتصال به وتبليغه. وإذا ما زعم المدعى عليه بأنه لم يطلع على بريده الالكتروني ولم يتبلغ أوراق الدعوى، فإن وضع رسالة التبليغ في بريده الالكتروني واستلام رسالة معاكسة تؤكد استلام المرسل إليه للرسالة يجعل التبليغ صحيحاً ومنتجاً لأثاره القانونية، وذلك حتى لو لم يكن هو منفتح بريده الالكتروني.
ثالثاً – مكان التحكيم الالكتروني
عندما يجري التحكيمباستخدام وسائل الاتصال الالكترونية يكون كل طرف من أطراف التحكيم وكذلك كل فرد من أفراد هيئة التحكيم مقيماً في مكان مختلف عن الآخرين، وهذا يثير مشكلة في تحديدالمكان الذي يتم فيه التحكيم، وخاصة إذا علمنا أن الاتفاقيات الدولية وقوانين التحكيم الوطنية تبني الكثير من أحكامها بالاستناد إلى مكان التحكيم. ومثال هذه الأحكام : تمتع التحكيم بالصفة الدولية من عدمه ومكان انعقاد جلسات التحكيم ومكانإخطار الأطراف ومكان إصدار الحكم كبيان إلزامي في حكم التحكيم الخ. وبما أن التحكيمالالكتروني يجري في عالم افتراضي، فهل نعتبر مكان التحكيم مكان تواجد المحكّم أوأغلبية المحكّمين، أم مكان المورد أو المستخدم لخدمات التجارة الالكترونية؟
تسمح قوانين التحكيم عموماً لأطراف النزاع بالاتفاق على تحديد مكان التحكيم،فإذا لم يتفقوا على ذلك كان من حق هيئة التحكيم أن تختار مكان التحكيم الذي تراهأكثر ملائمة لظروف الدعوى والأطراف (المادة 23 قانون تحكيم سوري). وأحياناً يختارالأطراف إجراء التحكيم وفقاً لقواعد مركز تحكيم معين ففي هذه الحالة يتم تحديد مكانالتحكيم وفقاً لهذه القواعد، ولكن ماذا بشان التحكيم الالكتروني ؟
في الحقيقةيندر أن يتم تحكيم الكتروني من غير هيئة تحكيمية تشرف على إجراءاته وتضمن سير هذهالإجراءات حتى صدور حكم التحكيم بشكل صحيح ومطابق للقانون، ولذلك نقول بأن اتفاقالأطراف على أن يتم التحكيم عن طريق مركز تحكيم يُعتبر بمثابة اتفاق على اعتبارمقرّ هذا المركز مكاناً للتحكيم.
رابعاً – حكم التحكيم الالكتروني
تفرضالاتفاقيات الدولية وقوانين التحكيم على المحكمين أن يصدروا حكم التحكيم مكتوباًوموقعاً منهم، فهل يمكن إصدار الحكم الكترونياً، وبحيث يتوافر منه نسخة الكترونيةفقط دون وجود أي نسخة ورقية موقعة من المحكمين بتواقيع حية ؟ وهل يؤثر غياب النسخةالورقية على الاعتراف بالحكم وقابليته للتنفيذ ؟
بحسب ما جاء في المادة 54/ب منقانون التحكيم السوري يجب أن يرفق طلب إكساء حكم التحكيم صيغة التنفيذ أصل الحكم أوصورة مصدقة عنه، وبغير ذلك لن يستطيع المحكوم له تنفيذ الحكم جبراً. ولكن فيالتحكيم الالكتروني يصعب الحصول على نسخة أصلية من حكم التحكيم، إذ لا يوجد أصلاًما يسمى بأصل الحكم وصورة مصدقة عنه. فعندما يتم نسخ الحكم الالكتروني إلى عدة نسخالكترونية تكون كل نسخة منه مطابقة تماماً للنسخ الأخرى.
مع ذلك إذا كان الغرضمن طلب أصل الحكم أو صورة مصدقة عنه لضمان صحته والتأكد من عدم حصول أي تعديل أوتزوير عليه، فإنه من الممكن التحقق من صحة حكم التحكيم الالكتروني والتثبت من عدم تحريفه باستخدام تقنيات الحماية والتشفير أو بالاعتماد على جهة ثالثة موثوق بهاتصادق على تواقيع المحكّمين الالكترونية وتشهد بأن التواقيع تعود للمحكّمين ذاتهم. ولكن بالطبع لن يقبل حكم التحكيم الالكتروني التنفيذ في دولة ما قبل أن تقوم بإصدارقوانين خاصة بالتجارة الالكترونية تعطي الكتابة الالكترونية والتوقيع الالكترونيالقيمة نفسها التي تعطيها للكتابة العادية والتوقيع التقليدي.
ونعتقد بأنه فيضوء أحكام قانون التحكيم السوري الحالي لابد للمحكوم له في التحكيم الالكتروني إذاما أراد تنفيذ حكم التحكيم الالكتروني، من الحصول على نسخة ورقية من الحكمالالكتروني وتأمين توقيعها من قبل المحكمين بتوقيع تقليدي ليتم إيداعها ديوان محكمةالاستئناف وطلب إكساء الحكم صيغة التنفيذ (المادة 53 وما بعد قانون التحكيمالسوري).
الخاتمـــة
عندما ينشأ نزاع حول عقود التجارة الالكترونية يكون التحكيم الالكتروني الوسيلة الأنجع للخروج بحلّ منهي للنزاع نظراً لأنه يتم بسرعةكبيرة وسرية عالية وبأقل النفقات. وإن إجراء التحكيم باستخدام وسائل الاتصال الالكترونية في ظل الاتفاقيات والتشريعات السائدة حالياً يبقى ممكناً قانوناً، خاصة بعد تواتر إصدار الدول لقوانين حديثة خاصة بالتجارة الدولية.
ولكن يبدو أنالصعوبات التي تعترض التحكيم الالكتروني في سورية هي صعوبات تقنية أكثر منهاقانونية. إذ يتوجب أن نوفر للتحكيم الالكتروني البيئة المناسبة لنضمن انتشارهواقتناع المتخاصمين به، فمن جهة يقع على عاتق مراكز التحكيم السورية المحدثة إقرارقواعد وإجراءات خاصة بالتحكيم الالكتروني على غرار الأنظمة التي تعتمدها أشهر مراكزالتحكيم الدولية، كما يتوجب عليها توفير شبكة حاسوبية على درجة عالية من الحمايةتسمح بتشفير البيانات والمعلومات وتتيح استخدام التواقيع الالكترونية.
ومن جهةأخرى يتوجب على وزارة العدل أن تبدأ بأتمتة القضاء وتحويل الملفات القضائية بجميع أوراقها إلى ملفات الكترونية، وأن تتبنى فكرة المحاكم الكترونية وتأخذ بها على أرض الواقع. فبمجرد تنفيذ ذلك يمكننا الاستفادة من جميع مزايا التحكيم الالكتروني،لأننا بذلك فقط نضمن إجراء جميع مراحل تحكيم باستخدام وسائل الاتصال الالكترونية،بما في ذلك مرحلة تنفيذ حكم التحكيم الالكتروني.
مسودة
ظهورالانترنت : شهد العالم تطوراً هائلاً في تكنولوجيا الاتصالات وعلى رأسها شبكةالانترنت التي أزالت الحدود بين الدول، ويقصد بشبكة الانترنت شبكة الاتصالات الدولية والتي هي عبارة عن شبكة هائلة من أجهزه الكمبيوتر المتصلة فيما بينها بخطوطاتصال سلكية (أسلاك الهاتف الثابت) أو لاسلكية (عبر الأقمار الصناعية). وقد كانت شبكة الانترنت في بادئ الأمر تستخدم للأغراض البحثية العلمية ثم استخدمها الجيش الأمريكي إلى أن عُمّم استخدامها على جميع دول العالم وأصبحت تعرف بالشبكةالعنكبوتية العالمية ((WWW : World Wide Web.
ومن ثم ظهرت التجارة الالكترونية التي عرفتها منظمه التجارة العالمية ((W T O : World Trade Organization بأنها عبارةعن “عمليه إنتاج وترويج وبيع وتوزيع المنتجات من خلال شبكه اتصال”.
التحكيمالالكتروني يشمل كل التعاملات على النت : لقد وجد المتعاملون في مجال التجارةالالكترونية ضالتهم في التحكيم التجاري الالكتروني، والذي لا يقف عند حد تسويه المنازعات التي تنشأ عن عقود التجارة الالكترونية فقط بل يمكن اللجوء إليه لتسويه المنازعات التجارية العادية التي قد تنشأ عن عقود الاستهلاك أو التامين أوالمعاملات المصرفية أو حقوق الملكية الفكرية, وذلك لما يحقق التحكيم الالكتروني منمزايا تتشابه مع التجارة الالكترونية من توفير النفقات والانجاز السريع للتسوية وتوفير الوقت الذي له بالغ التأثير في المعاملات التجارية.
التحكيم الالكتروني والتحكيم التقليدي : في الحقيقة لا يختلف التحكيم الالكتروني عن التحكيم التقليديإلا من حيث الآلية التي تتم بها إجراءات التحكيم، ونعني هنا بشكل خاص شبكةالانترنت. ولهذا يتمتع التحكيم الالكتروني بميزة أساسية هي عدم اضطرار الأطراف إلىالانتقال من بلد لآخر من أجل حضور جلسات التحكيم وتبادل الوثائق والمستندات وسماعالشهود…، حيث يكون بالإمكان فعل كل ذلك بشكل الكتروني عبر شبكة الانترنت التي تؤمن تبادل المراسلات والوثائق بطريقة فورية وآنية، الأمر الذي يكفل الاقتصادالكبير في الوقت والمال.
تعريف التحكيم الالكتروني : لتعريف مصطلح التحكيم الإلكترونية يجب أن ننظر إليه من خلال تقسيم هذا التعبير إلى مقطعين: المقطع الأول : وهو التحكيم – بمعناه التقليدي – ويعنى الاتفاق على طرح النزاع على شخص معين أوأشخاص معينين لتسويته خارج المحكمة المختصة. أما المقطع الثاني : وهو الإلكتروني ويعني الاعتماد على تقنيات تحتوي على ما هو كهربائي أو رقمي أو مغناطيسي أو لاسلكيأو بصري أو كهرومغناطيسي، أو غيرها من الوسائل المشابهة، وهي نوع من التوصيف والتحديد لمجال نوع النشاط المحدد في المقطع الأول ويقصد به إجراء التحكيم باستخدام الوسائط والأساليب والشبكات الإلكترونية، ومنها شبكة الإنترنت. ومن حيث النتيجة يمكن تعريف التحكيم الإلكتروني بأنه : “التحكيم الذي تتم إجراءاته عبر شبكة اتصالات دولية بطريقة سمعية بصرية ودون الحاجة إلى التواجد المادي لأطراف النزاع والمحكمين في مكان معين”.
1 – إن اللجوء إلى التحكيم الإلكتروني يجنب أطراف العقد عدم مسايرة القانون والقضاء للعقود الإلكترونية سواءً قانونياً أو قضائياً، فهو يجنبهم مسألة عدم الاعتراف القانوني بهذه العقود أو صعوبة تحديد القانون الواجب التطبيق وتحديد المحكمة المختصة، الخ.
6 – سهولة الحصول على الحكم بسبب تقديم المستندات عبر البريد الإلكتروني، أو من خلال الواجهة الخاصة التي صممت من قبل المحكم أو مركزالتحكيم الإلكتروني لتقديم البيانات والحصول على الأحكام موقعة منالمحكمين.
الرغبة في عرض النزاع على أشخاص ذوي خبرة فنية خاصة ومحل ثقة ، تعنىوتواكب تطور التجارة الإلكترونية ، خاصة في المجال الفني والقانوني لهذه التجارة. فمن المعروف أن ثمة منازعات تحتاج إلي شخص مؤهل يتمتع بخبرة في المجال الذي تتعلقبه هذه المنازعات، والحقيقة أن كل. ويعبر البعض عن هذه الميزة بالكفاية المهنية،حيث غالباً ما يلجأ أطراف النزاع إلى اختيار محكمين على درجة عالية من الكفاءة والتخصص في موضوع النزاع، وهذه الكفاية المهنية تجنب ما يوجه إلى القضاة من عدم التخصص في شتى المنازعات أو اعتمادهم بصفة مطلقة على ما ينتهي إليه الخبير المعين بواسطتهم دون أي مناقشة أو تعديل لرأي الخبير.
مزايا التحكيم الإلكتروني : بخلافمزايا التحكيم بصفة عامة فإن التحكيم الإلكتروني يتميز بما يلي :
1- يُعدّ اللجوء إلى التحكيم الالكتروني أقل تكلفة من اللجوء إلى القضاء الوطني أو حتىالتحكيم التقليدي، ذلك أنه لا يستدعي سداد نفقات الانتقال، فضلا ً عن عدم ضرورةاستقرار المحكمة بمكان محدد.
2- العقود الإلكترونية غالباً ما تكون قليلة القيمةومن ثم فلا يفترض أن تكون نفقات تسوية المنازعات بشأن هذه العقود تفوق قيمة العقدذاته، وهو ما يوفره التحكيم الالكتروني.
3- يساهم التحكيم الالكتروني في حسمالنزاع في مدة قصيرة، الأمر الذي يؤدي إلى خفض النفقات وعدم تكبد طرفي المنازعةأضراراً قد يكون من شأنها وقف العلاقة التجارية فيما بينهم.
4- يتم اختيارالمحكمين في التحكيم الالكتروني في الغالب بعيداً عن المعرفة المسبقة بأطرافالنزاع، ومن ثم فان المحكمين فيه يتمتعون بقدر أكبر من الحيدة والاستقلالية تجاهالطرفين.
عقبات التحكيم الالكترونى
أ) يؤدي التحكيم الالكتروني أحياناً إلى استبعاد فكرة تطبيق القوانين المتعلقة بالنظام العام والتي تمسّ بالمصالح الأساسيةالاقتصادية والسياسية والاجتماعية الأمر الذي يُعقّد من حكم التحكيم الالكتروني، معأن محاولات التفرقة بين النظام العام الدولي والوطني في طريقها إلىالاندثار.
ب) تحدّ بعض الدول من اللجوء إلى التحكيم الالكتروني من خلال فرضقوانينها لبعض القيود الشكلية كالاتفاق الكتابي للتحكيم الموقع من الطرفين, وعدمقابلية بعض المنازعات للتسوية عن طريق التحكيم.
ج) ضعف الثقة في التحكيم الالكتروني وفي التعاملات الالكترونية عموماً سواء من قبل الطرف الآخر أو من هيئةالتحكيم المحجوبة عنه، فضلاً عن التشكيك في إمكانية تنفيذ حكم التحكيم الالكترونيالصادر من الهيئة التحكيمية بغير الطريقة الودية.
د) إثارة بعض العقباتالإجرائية والموضوعية : كوسائل حق الدفاع لاسيما حق المرافعة الشفوية ومبدأالمواجهة، وفروق التوقيت مع الطرف الآخر، واختلاف مستوى تكنولوجيا الاتصالات فيمابين الدول.
ج – صعوبة تحديد مكان التحكيم والمشاكل التي يثيرها : يتوجب عموماًتحديد مكان التحكيم لأن تعينه يرتب آثاراً قانونية هامة كتمتع التحكيم بالصفةالدولية من عدمه ومكان انعقاد جلسات التحكيم ومكان إخطار الأطراف ومكان إصدار الحكمكبيان إلزامي في حكم التحكيم الخ.
أ – عرض النزاع للتحكيم الالكتروني
فعلى سبيل المثال تقضي قواعد مركز التحكيم الدولي (WIPO) بأنه إذا نشأ نزاع بين طرفياتفاق تحكيم ورغب أحدهما أو كلاهما بعرض النزاع على المركز فيتوجب عليه إتباعإجراءات محددة ملخصها :
– الدخول إلى الموقع الالكتروني للمركز والنقر علىأيقونة (Create a case).
– تعبئة نموذج طلب التحكيم المعدّ مسبقاً من قبلالمركز، يوضح فيه : طبيعة النزاع وظروفه، أسماء ممثليه في نظر النزاع ووسيلةالاتصال بهم (هاتف-فاكس-بريد الكتروني)، عدد المحكّمين على أن يكون فردياً وإلى كانالمحكّم فرداً، قانون أو نظام الإجراءات وإلا يُعدّ راضياً بالإجراءات التي اعتمدهاالمركز …
– إرفاق طلب التحكيم بنسخة عن اتفاق التحكيم.
– إعداد قائمةبالأدلة والوثائق التي ستند إليها في إدعائه.
– إرسال طلب التحكيم مع مرفقاتهإلى المركز وإلى المحكتم ضده.
– أداء الرسوم الإدارية المحددة وفق جدولالرسوم.
وبحسب قواعد مركز التحكيم الدولي (WIPO) يبدأ سريان مدة التحكيم منتاريخ استلام المركز لطلب التحكيم، وهنا نرى اختلافاً واضحاً في تحديد تاريخ بدءإجراءات التحكيم بين نوعي التحكيم العادي والالكتروني، ففي التحكيم العادي تسري مدةالتحكيم من اليوم الذي يتسلم فيه المدعى عليه طلب التحكيم من المدعي وفقاً لأحكامقانون التحكيم المصري (المادة 27) وبدءً من تاريخ انعقاد أول جلسة لهيئة التحكيمطبقاً لأحكام قانون التحكيم السوري (المادة 37/1)، أما في التحكيم الالكتروني فإناعتماد معظم مراكز التحكيم تاريخ استلام الطلب من المحتكم كميعاد بدء سريان مدةالتحكيم يضمن سرعة البت في النزاعات بشكل قياسي.
وبمجرد تبلّغ المحتكم ضده لطلبالتحكيم يتوجب عليه خلال عشرين يوماً إرسال جواباً إلى المركز يتضمن دفوعهواعتراضاته على الإدعاء وقائمة بالمستندات المؤيدة لدفوعه مع تحديد عدد المحكّمينوتعيين محكّمه أو محكّميه وإلى يتولى المركز عملية الاختيار.
بعد أن يستلمالمركز جواب المحتكم ضده يقوم بتعيين هيئة التحكيم، كما يُحدد وبشكل فوري تاريخصدور حكم التحكيم وذلك خلال ثلاثين يوماً من استلام جواب المحتكم ضده. وأثناءإجراءات التحكيم الالكتروني تعقد جلسات تحكيم سرية وسريعة بحيث لا تتجاوز الفترةبينها ثلاثة أيام، ويمكن خلالها سماع الشهود وإجراء الخبرة الفنية وتبادل الدفوعالمستندات.
وهناك أيضاً نظام التحكيم الالكتروني المعجل (Expedited Arbitration) وفيه يتم فض المنازعات بسرعة أكبر نتيجة لضغط مدد تقديم الطلبات والدفوع والجلساتوإنشاء موقع الكتروني خاص بالنزاع ((Case Site يتاح الدخول إليه للخصوم وهيئةالتحكيم فقط بواسطة كلمة سر (Password)، وعلى أن يتم تبليغ الخصوم بأية وثائق أوإجراءات عبر البريد الالكتروني (E-mail).
أ – بدء إجراءات التحكيم الالكتروني
تبدأ إجراءات المحاكمة أمام هيئة التحكيم في ذات اليوم المعلن عنه مسبقاً للأطراف، وبعد أن يكون المركز قد تسلم جواب وأدلة المحتكم ضده. ويتم السماح لطرفي النزاع بتوكيل ممثلين عنهم بغض النظر عن جنسياتهم أو مؤهلاتهم لتمثيلهم أثناءجلسات التحكيم. هذا ويقبل المركز للإثبات البينة الخطية كما يقبل البينة الشخصية،بحيث يتم سماع الشاهد ومناقشة حول وقائع النزاع إما عن طريق الهاتف أو في جلسة سريةمصورة (Hearing in camera). كما يمكن طلب الخبرة الفنية فإذا ما وافقت عليها هيئةالتحكيم وجب على الخبير الذي تعينه حلف اليمين القانونية وتقديم تقريره خلال مدة معينة من تاريخ توليه المهمة. وفي نهاية المحاكمة يصدر حكم التحكيم الالكتروني مع مراعاة ذات الأحكام المتعلقة بإصدار حكم التحكيم التقليدي، من حيث أنه يصدربالإجماع أو الأغلبية ويُوقع من قبل جميع أعضاء الهيئة ويُذكر فيه جميع البيانات الإلزامية المطلوبة، وبعد ذلك يُرسل الحكم إلى المركز ليتم تسليم نسخة عنه للأطراف.
التحكيم الالكتروني المعجل (Expedited Arbitration) : ونتيجة لطبيعةمنازعات العقود الإلكترونية وما تتطلبه من سرعة، بدأ البحث في بداية عام 1998 عن آلية لتعجيل عملية التحكيم الإلكتروني، وهو ما أدى إلى قيام بعض مراكز التحكيم باللجوء إلى أسلوب التحكيم الالكتروني المعجل. وبحسب نظام التحكيم الالكتروني المعجل يقوم المحتكم بالنقر على مفتاح (Create a case) وملء النموذج الخاص المعد سلفاً من قبل المركز وإرساله له بالبريد الإلكتروني، ثم يقوم المركز بإخطار المحتكم ضده وإعداد صفحة للنزاع على موقع المركز على شبكة الإنترنت ويزود كل طرف بكلمة مرور (Password) ليتمكن من دخول الموقع وعرض النزاع، وفي هذا النظام تتكون هيئة التحكيممن محكم فرد وتنتهي القضية غالباً خلال شهر واحد من بدء الإجراءات.
– القانون الواجب التطبيق على إجراءات التحكيم
يخضع اختيار القانون الواجب التطبيق علىإجراءات التحكيم لمبدأ سلطان الإرادة، فقد يتفق الأطراف على اختيار القانون الذي سيحكم الإجراءات أو يقرروا ترك هذا الأمر لهيئة التحكيم أو لمركز التحكيم ولائحته. إلا أن الإشكالية تثور في حالة عدم الاتفاق على ذلك، حيث أن بعض النظم القانونية والاتفاقات الدولية تقرر تطبيق قانون مقر التحكيم (المادة 5/د من اتفاقية نيويورك لعام 1958 –)، بينما يمنح بعضها الآخر سلطة تحديد القانون الواجب التطبيق لهيئةالتحكيم (المادة 22/2 من قانون التحكيم السوري لعام 2008 المستقاة من المادة 28/2من قانون الأونسيترال النموذجي المعدل للتحكيم التجاري الدولي لعام 2006). أمابالنسبة للتحكيم الالكتروني فيصعب تطبيق تلك الحلول لغياب المكان المحدد للعمليةالتحكيمية.
– الإجراءات السابقة للتحكيم
1- التقدم لمركز التحكيم بوثيقةالكترونية تتضمن طلب اللجوء إلى التحكيم مبيناً فيه موضوع النزاع.
2- تحديد اسم الممثل في النزاع ووسيلة الاتصال الالكترونية المتاحة لديه.
3- اختيار طريقه إجراءات العملية التحكيمية.
4- تقديم الوثائق والمستندات وأدله الثبوت.
5- سداد الرسوم الإدارية المحددة.
6- إخطار المركز للطرف الآخر بالإجراءات وطلب التحكيم.
7- تحديد موعد المحاكمة للطرفين.
(ب) إجراءات العملية التحكيميةالخاصة بمركز التحكيم :
1- إنشاء موقع الكتروني خاص بالنزاع (Case Site)يسمح بأرقام سرية لأطراف النزاع وهيئة التحكيم فقط بالدخول إليه، وإخطار الأطراف المعنية به وبكيفية الدخول إليه.
2- إخطار أطراف التحكيم بموعد بدء العملية التحكيمية.
(جـ) إجراءات التحكيم :
1- تبادل الأطراف الأدلة والحجج القانونية والمستندات الثابتة لحق كل منهما الكترونياً بإرسال نسخة إلى هيئه التحكيم وأخرىإلى الطرف الثاني.
2- ضمان هيئة التحكيم أن المستندات المتبادلة هي ذات المستندات التي بيديها وبحيازة طرفي التحكيم.
3- إمكانية عقد جلسات المحاكمة أوبعضها عبر الاجتماعات المرئية :
(Tele conference-Video conference)
4- تبادلالمداولات عبر الموقع الالكتروني باستخدام البريد الالكتروني في داخل الموقع المنشأللمنازعة.
5- تقيد حجج وأسانيد الطرف الآخر (الدفاع) والرد عليها مدعما ذلك بالمستندات حتي يتمكن الطرف الآخر من الرد عليها لضمان حق الدفاع.
6- تبادل الطلبات الختامية والرد عليها خلال ثلاثين يوما من تاريخ إخطار كل طرف للآخربطلباته (قواعد الحكيم –الجمعية الأمريكية للتحكيم A.A.A)
7- إصدار المحكم الحكم بدون عقد جلسه إلا إذا طلب الأطراف التقابل أمام المحكم أو بعقد جلسه تليفونيه أومرئية (Kanadian-E-Resolution) وتقرر قواعد الجمعية الأمريكية للتحكيم A.A.A أن علي المحكم بعد أن يكون قد اصدر قراره أن يقوم بإرساله إلي الموقع الذي تم إنشاؤهوإعلانه إلي الأطراف عن طريق البريد الاليكتروني.
(أ) سلطه محكمة التحكيمالالكتروني
-تختص بالفصل في الدفوع المتعلقة بعدم الاختصاص أو بصحة العقد الذي يعد شرط التحكيم أحد بنوده (م16 لائحة المحكمة القضائية).
– تنبيه الخصوم إلى عدم إغفال القواعد القانونية الواجبة التطبيق التي قد ترتب لهم حقوقا أو تفرض عليهم التزاما أو مراعاة مواعيد سقوط الدفع.
– الحق في طلب معلومات أو إيضاحات إضافيةأو أدله لم يسبق تقديمها تكون مؤثره في الفصل في النزاع.
-تحديد مكان صدور حكم التحكيم بموافقة أطرافه وقد حددت المادة (25) من لائحة المحكمة القضائية اعتبار حكم التحكيم قد صدر في مكان التحكيم
(ب)ميعاد صدور الحكم الالكتروني :
يتحددموعد صدور حكم التحكيم باتفاق طرفي التحكيم، فإذا لم يوجد اتفاق حددت المحكمةالموعد وفقاً لقانون التحكيم الواجب التطبيق. وبمجرد إغلاق باب المرافعة تُحددالمحكمة تاريخ صدور الحكم وتُعلم الطرفين به.
(جـ) شروط إصدار الحكم الالكتروني :
1- يجب أن يكون الحكم حاسماً ومنهياً للنزاع وفقاً لأحكام القانونالموضوعي.
2- يصدر حكم التحكيم موقعاً من المحكّم الفرد أو الغالبية.
3- يجبأن يكون الحكم مكتوباً ومسبباً.
4- يجب نشر الحكم على الموقع الالكتروني الخاصبالنزاع وإعلام الأطراف.
(د) إجراءات تنفيذ حكم التحكيم الالكتروني :
يتقدمالطرف الذي صدر حكم التحكيم الالكتروني لصالحه بطلب تنفيذ الحكم إلى المحكمةالمختصة بدولة التنفيذ حتى يحصل على قرار بإكساء حكم التحكيم صيغة التنفيذ, معالعلم أن بعض الأنظمة قد لا يشترط ذلك. وبعد الحصول على قرار الإكساء والذي يراقببه قاضي التنفيذ الصحة الشكلية لقابليه حكم التحكيم للتنفيذ بالدولة يصدر الحكمالتحكيمي مزيل بالصيغة التنفيذية .
إن شروط تنفيذ حكم التحكيم هي:
– أصل اتفاق التحكيم أو صوره رسمية منه.
– حكم التحكيم.
– ترجمة الحكم إلى اللغةالرسمية لدولة التنفيذ إذا صدر بلغة مختلفة.
– تبليغ الطرف الآخر طلب تنفيذالحكم بالطرق المقبولة قانوناً.
– عدم تعارض حكم التحكيم مع النظام العامالداخلي.
(هـ) الطعن بالبطلان علي حكم التحكيم الاليكتروني :
عددت المادة 5من اتفاقيه نيويورك لعام 1985 بشأن الاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الأجنبيةالأسباب التي تجيز رفض الاعتراف بحكم التحكيم وتنفيذه بناءً على طلب الطرف الذي صدرالحكم ضده، وعلى الرغم من وجود حالات حصرية لبطلان حكم التحكيم في غالبية التشريعاتالوطنية إلا أن القضاء الأمريكي يجيز لأطراف التحكيم إضافة أسباب أخرى.
وبخصوصالتحكيم الالكتروني فمن المعروف أنه يتم دون دولة مقرّ، ولذلك فإنه من الصعوبةبمكان تحديد مدى صحة القوانين الإجرائية التي روعيت أثناء إجراءات التحكيم. لاشكأنه يمكن تحديد مكان التحكيم وفقاً لإرادة الأطراف, ولكن في حال عدم الاتفاق فإنالبعض ينادي باعتبار مقرّ التحكيم الدولة التي صدر فيها الحكم، والبعض الآخر يعتمددولة تنفيذ الحكم، بينما رأى فريق ثالث بأن يكون مقر التحكيم الدولة التي يتواجدبها “السرفر” التي تجري بواسطته إجراءات التحكيم.
سرية العملية التحكيمية : يُعدّ الحفاظ على سرية التحكيم أحد الشروط الجوهرية لنجاح عملية التحكيم الالكترونيوزيادة الإقبال عليه. ولاشك أن مراكز التحكيم الالكترونية بذلك جهوداً كبيراًللمحافظة على السرية من خلال حظر الدخول إلى الصفحات المتعلقة بالنزاعات إلا بكلمةسر (Password) وتشفير البيانات المحفوظة والمتبادلة بصورة تمنع قراءتها إلا من قبلالمرسل إليه. ولكن باعتقادنا تبقى هناك دائماً إمكانية الاختراق إلى الصفحات السريةمن قبل المتطفلين (Snoopers) الذين يقتحمون خصوصيات الغير بدافع الفضول وكذلكالمخربين (Crackers) ممن يبحثون عن ضحايا، كما هو الحال بالنسبة لسرقة أرقام بطاقاتالدفع الالكتروني واستغلالها.
خامساً : مراحل التحكيم الالكتروني
يمكننا تلخيص مراحل التحكيم الالكتروني في الواقع العملي بالنقاط التالية :
1 – الاتفاق على التحكيم الكترونياً : ويجري إبرام مثل هذا الاتفاق من خلال تبادل الرسائل بين أطراف العقد الالكتروني وعبر البريد الالكتروني أو بالنقر مباشرةً على زر موجود فيموقع البائع ليُعبر بذلك المشتري على موافقته على التزام بجميع الشروط والبنود التي يتضمنها الموقع.
2 – مباشرة التحكيم الالكتروني وإجراءاته : بمجرد وقوع النزاع يقوم الخصم بإرسال طلب التحكيم الكترونياً إلى خصمه أو إلى مركز التحكيم المتفق عليه، ليتم بعد ذلك وبطرق الكترونية أيضاً تعيين المحكّم أو المحكّمين وتبادل الطلبات والدفوع والمستندات، مع التنويه إلى إمكانية الاستماع إلى أقوال الأطرافوالشهود والخبراء عبر تقنية الفيديو كونفرانس (Videoconference). وبخصوص التحقق منأن الرسائل التي تصل إلى هيئة التحكيم صادرةً فعلاً عن مرسليها أم لا، فهذا أمر سهل إذا ما تمّ الاعتماد على تقنية التوقيع الالكتروني.
3 – صدور حكم التحكيمالالكتروني : بمجرد انتهاء إجراءات التحكيم يُعين يوماً محدداً لإصدار الحكموالتوقيع عليه الكترونياً ومن إرساله إلى أطراف النزاع عبر وسائلالكترونية.
ثانياً – إجراءات التحكيم الالكتروني
نظراً لضرورة تنظيم سيرعملية التحكيم الالكتروني فقد عمد العديد من مراكز التحكيم الدولية إلى وضع قواعدإجرائية خاصة تتناسب مع طبيعة الاتصال والتعامل مع شبكة الانترنت.
ثانياً – سيرإجراءات التحكيم الكترونياً
تمنح قوانين التحكيم الحرية للأطراف في تحديد الإجراءات التي يجب إتباعها في عملية التحكيم، وبناءً على ذلك يمكن للأطراف أن يتفقوا على تتم جميع إجراءات التحكيم أو جزءً منها باستخدام وسائل الاتصالالالكترونية، سواء أكان ذلك باستخدام البريد الالكتروني أو الاجتماعات المرئية والمسموعة (Videoconference). وإذا لم يكن ثمة اتفاق بين الأطراف بهذا الخصوص فيكون من حق هيئة التحكيم أن تختار إجراءات التحكيم التي تراها مناسبة (المادة 22 قانونتحكيم سوري)، مع أننا نرى بأنه يتوجب على هيئة التحكيم إذا كان تنظر في نزاع متعلق بعقود التجارة الالكترونية، أن تسير في عملية التحكيم باستخدام وسائل الكترونيةنظراً لأن القانون يفرض عليها أن تفصل في النزاع بأسرع وقت ممكن، وأن تجنب الأطرافأية تأجيلات ونفقات غير ضرورية.
اترك تعليقاً