بحث قانوني و دراسة عن ادارة الدعوى المدنية في الانظمة المقارنة
التنظيم القضائي لإدارة الدّعوى المدنيّة في الأنظمة المقارنة
بعد أن بيّنت الدراسة الأبعاد التشريعية والحدود التي رسمتها القوانين المقارنة لإدارة الدّعوى المدنيّة، سوف يسلط هذا المبحث الضوء على صلاحيات المحكمة وسلطاتها في إدارة الدّعوى وكذلك الإجراءات التي تتبعها هذه المحاكم مع بيان الأساس الذي تعتمد عليه المحكمة في هذه الإجراءات، وذلك من خلال المطلبين التاليين:
المطلب الأول: سلطات المحكمة في إدارة الدّعوى المدنية في الأنظمة المقارنة.
المطلب الثاني: إجراءات إدارة الدّعوى المدنيّة في الأنظمة المقارنة.
المطلب الأول سلطات المحكمة في إدارة الدّعوى المدنيّة في الأنظمة المقارنة
تتمتع السلطة القضائية في الأنظمة المقارنة بسلطات واسعة حتى تتمكن من تحقيق الأهداف المرجوة من إدارة الدّعوى المدنية، وقد تولى المشرّع في العديد من الدول التي أخذت بنظام إدارة الدّعوى المدنيّة تنظيم حدود هذه السلطات ضمن أحكام القوانين الإجرائية أو قواعد الإجراءات المدنيّة، وسوف تبحث الأطروحة في هذا الموضوع من خلال الفرعين التاليين:
الفرع الأول: سلطات المحكمة في إدارة الدّعوى المدنيّة في الولايات المتحدة.
الفرع الثاني: سلطات محاكم إنجلترا وويلز في إدارة الدّعوى المدنيّة.
الفرع الأول
سلطات المحكمة في إدارة الدّعوى المدنيّة في الولايات المتحدة.
في الولايات المتحدة الأمريكية منح قانون ولاية كاليفورنيا كتبة المحاكم ومأموريها الصلاحيات التالية:
1) إرسال التباليغ واستلام الرد والدفاع من المدّعى عليه.
2) قبول البيّنات والمساعدة في إحضارها وتجهيزها.
3) أعطاؤه صلاحيات القضاة في إصدار القرارات في الطلبات الأولية.
4) الحق في المصادقة على إقرارات الأطراف المقدمة أمامه.
5) إعداد التقرير النهائي للمحكمة عن الأوراق التي قدمها الأطراف أمامه والوقائع التي تتضمنها الدّعوى والدفاع.
6) قبض الغرامات التي يحكم بها على أطراف الدّعوى حسب التفصيل الوارد في المواد 177 و178 من القانون .
كما أعطى القانون لكتبة المحاكم ومأموريها صلاحيات واسعة في إدارة المحاكم وضبط سير الدعاوى فيها، حيث أعطاهم الحق في فرض الحضور على الأطراف في أوقات معينة، وكذلك فرض الغرامات على الإهمال في الحضور أو التخلف عن الالتزام بالوقت المحدد له، وقد تصل الغرامات التي يستطيع فرضها على أي شخص إلى 1500 دولار أمريكي، ويقصد القانون بالشخص هنا أي من أطراف الدّعوى أو المحامين أو الشهود .
هذا على المستوى المحلى لولاية كاليفورنيا، أما على المستوى الفيدرالي في الولايات المتحدة الأمريكية فقد حددت الفقرات (b، c، d، e، f) من المادة 16 من قواعد الإجراءات المدنيّة الفيدرالية صلاحيات المحكمة في دعوة وإدخال أشخاص آخرين إلى الدّعوى كمدّعين أو مدّعى عليهم، وإجبار الأطراف على إكمال تقديم بيّناتهم خلال اجتماع ما قبل المحاكمة، وتحديد جدول زمني يُبيّن الإجراءات التي تسير فيها الدّعوى أمام المحكمة وموعد تحويل هذه الدّعوى إلى المحكمة، وذلك بعد التشاور مع المحامين الحاضرين أو مع الأطراف أنفسهم في حال عدم وجود محامين. ويتم ذلك خلال تسعين يوماً من تبليغ المدّعى عليه لائحة الدّعوى وفي جميع الأحوال خلال مدة لا تزيد على مائة وعشرين يوماً من تسجيل الدّعوى .
كما أجازت المادة نفسها للمحكمة أثناء إنعقاد اجتماع ما قبل المحاكمة أن تتخذ ما تراه ضرورياً من الإجراءات فيما يتعلق بتحديد الأمور الجوهرية في النزاع من خلال البيّنات المقدمة من الطرفين، وإعطاء المحكمة صلاحية التدقيق في البيّنات والتوصل إلى البيّنات المهمة في الدّعوى ومقارنة ومطابقة هذه البيّنات واستبعاد بعض الأدلة بحسب أهميتها في الدّعوى وقانونيتها في الإثبات، واستنباط العناصر الأساسية في النزاع وإعادة صياغتها بشكل بسيط ويسير مع حقها في شطب واستبعاد الوقائع غير الضرورية من لائحة الدّعوى أو اللائحة الجوابية، وكذلك حق المحكمة في إصدار القرارات في الأمور المستعجلة المرتبطة بالدّعوى، ومناقشة إمكانية حل النزاع بين أطراف الدّعوى بالطرق الودية أو بالطرق البديلة عن التقاضي، كما أعطاها القانون اتخاذ أي إجراء تراه ضرورياً للحد من المدة الزمنية اللازمة لنظر الدّعوى أمام المحكمة المختصة وكذلك اتخاذ أية إجراءات تراها ضرورية في إدارة الدعاوى المعقدة والتي تحتاج بطبيعتها إلى مدد طويلة للفصل بها بسبب تعقيد موضوعها أو تعدد أطرافها أو صعوبة المسائل القانونيّة التي تنطوي عليها أو أهمية هذه المسائل .
وقد أعطت الفقره (f) من المادة نفسها للمحكمة حق الحكم على أي طرف لم يمتثل لأوامرها في حضور اجتماع ما قبل المحاكمة بتغريمه أية تكاليف يتحملها الطرف الآخر في الدّعوى من رسوم أو مصاريف أو أتعاب، بالإضافة إلى عدم الأخذ برأيه في مسألة تحديد مواعيد المحاكمة أمام محكمة الموضوع لأنه تغيّب عن الحضور في الاجتماعات التي تم تحديد جدول المحاكمة فيها.
الفرع الثاني
سلطات محاكم إنجلترا وويلز في إدارة الدّعوى المدنيّة
أعطى الجزء الثالث من قواعد الإجراءات المدنيّة (CPR) لعام 1998 المحكمة سلطة واسعة في إدارة الدّعوى المدنيّة، فقد حددت القاعدة 3/1/2 سلطات المحكمة في إدارة الدّعوى بما يلي :
أ- تحديد الوقت الذي يتوجب على أطراف الدّعوى الالتزام خلاله بأي قاعدة قانونية بهدف تحقيق الغاية من وجود تلك القاعدة القانونيّة، وتحديد وقت معيّن لتنفيذ أي قرار يصدر عن المحكمة، وهذا الأمر منوط بالمحكمة بحيث تقدر ذلك وفق كل قاعدة أو كل قرار تصدره على حدة، ويجوز لها إطالة المدة أو تقصيرها حسبما تراه.
ب- تعيين وتحديد جلسات الاستماع وفق ماتراه مناسباً لسير الدّعوى.
ج- استلام وقبول الأدلة بما في ذلك الأدلة الصادرة بالطرق الإلكترونية أو أي طريقة شفوية أخرى.
د- سلطة المحكمة على إجبار أي طرف أو خصم أو أي محام في الدّعوى وكذلك الشهود على الحضور إلى المحكمة وفق الموعد المحدد من قبلها.
هـ- قبول أي جزء من الدّعوى والتحكم بسير الدّعوى بشكل عام وقبول الدّعوى المضادة وضمها للدعوى الأصلية أو السير بها بشكل مستقل.
و- تحديد الموعد اللازم لاتخاذ أي إجراء في الدّعوى أو قبول الموعد المقترح من أي من الأطراف.
ز- القيام بضم الإجراءات مع بعضها بعضاً وإتمامها في الوقت نفسه، أو فصلها وإتمام كل إجراء على حدة حسبما تراه ضرورياً للدعوى.
ح- العمل على اختصار إجراءات المحاكمة من خلال محاولة الفصل بأكثر من طلب واحد معاً أو أكثر من دعويين معاً.
ط- العمل على تحديد محاكمة منفصلة لموضوع معين أو أكثر عن غيرها من المواضيع.
ي- القيام بتحديد المواضيع التي سيتم اللجوء لحلها سلفاً وقبل الخوض في إجراءات المحاكمة.
ك- للمحكمة صلاحية استثناء بعض المواضيع من الاعتبار وعدم إدخالها في إجراءات المحاكمة لعدم ضروريتها.
ل- تملك المحكمة صلاحية إعطاء الحكم في الدّعوى بناءً على موضوع أولي قبل أن تتم كامل إجراءات المحاكمة.
م- كما أنّ للمحكمة أن تأخذ أي خطوة أو قرار بهدف إدارة الدّعوى وتحقيق الهدف الأهم وهو الحكم بالدّعوى بشكل يحقق العدالة المطلوبة وبأقل وقت ونفقات.
وبسبب حجم العمل المتزايد على القضاة وما ينتج عنه من أعباء فقد حدد النظام الإنجليزي أنّ الدعاوى التي تقل قيمتها عن خمسة عشر ألف جنيه يتم نظرها من قبل قضاة محاكم المقاطعات، وفي حال تحريكها أمام محاكم لندن يتم التعامل مع الطلبات الأولية فيها من قبل كتّاب الضبط في هذه المحاكم والذين يتم منحهم صلاحيات قضائية في إدارة جلسات الاستماع والمحاكمة لهذه الدعاوى .
كما أعطت القاعدة 3/1/5 من قواعد الإجراءات المدنيّة للمحكمة حق اتخاذ أي قرار بناءً على ظروف الدّعوى ووقائعها وتستطيع أن تحكم على من لم يلتزم بالقرارات بغرامة مالية تدفع لصندوق المحكمة، كما تملك المحكمة إلزام أي طرف بدفع مبلغ مالي في حالة فشل هذا الطرف في تنفيذ التزامه دون سبب مقبول، أو أنه لم يلتزم بالقواعد الخاصة بالإجراءات القضائية، وتقوم المحكمة بتحديد مقدار الغرامة المحكوم بها بناءً على قيمة الدّعوى وجسامة المخالفة المرتكبة ومدى الضرر الذي أصاب الطرف الآخر في الدّعوى .
وللمحكمة الحق في رسم السياسة العامة التي تتبعها في إدارتها للدعوى، فهي من يملك الحق في تسيير الدّعوى بشكل يضمن لها أفضّل السبل في تحقيق الهدف منها، فهي ليست إجراءات صارمة وثابتة تستوجب اتباعها بشكل ثابت ودائم وإنما تتولى المحكمة اتباع سبل مختلفة بهدف تحقيق الغاية من الدّعوى، فهي تطبق من الإجراءات ماتراه مناسباً أي طبقاً لاجتهادها بعد أن تقوم بدراسة القضية وموضوعها وأطرافها وأهميتها، “فدور المحكمة في ذلك أقرب إلى دور المهندس الذي يضع نموذج لكل بناء على حدة وفقاً لطبيعته” .
ولذلك إذا قررت المحكمة عقد جلسة استماع للشهود في دعوىً ما، فعليها إبلاغ الأطراف بذلك الإجراء قبل ثلاثة أيام على الأقل من تاريخ الجلسة المحددة لذلك ولكن قد تقوم المحكمة بتطبيق أمر معين دون إعلام الأطراف سلفاً، مع ذلك يحق للأطراف بعد ذلك أن يعترضوا على القرار الصادر وخلال مدة سبعة أيام من تاريخ صدور القرار . وبذلك نجد أن ما تم اتباعه هو ترك الأمر لتقدير المحكمة وفق كل حالة على حدة، بحيث تقدر المحكمة بما لها من صلاحية في الاجتهاد ما هو مناسب للدعوى المعروضة أمامها، ولكن جاء تدخل المشرّع في تحديد بعض الأمور بموجب نصوص ثابتة خاصة فيما يتعلق بالمدد وحقوق الدفاع والعدالة .
خلاصة ما سبق، أن إدارة الدّعوى هي أسلوب يتم اعتماده بهدف ضمان سير الدّعوى المدنيّة بطريقة منهجية سليمة لضمان الفصل فيها بأسرع وقت ممكن وأقل التكاليف سواءً على المحكمة أو على الخصوم.
ولذلك فإن طريقة إدارة الدّعوى تتفاوت من دولة إلى أخرى حسب النظام القضائي المتبع، فالتطور المتسارع الذي تم الأخذ به في الولايات المتحدة الأمريكية أوصل إدارة الدّعوى إلى ما وصلت إليه في الوقت الحاضر، وذلك من خلال وضع مشاريع وإقتراحات لأنظمة متعددة، ومع تجربة كل نظام مقترح أثبت التطبيق العملي لهذه الأنظمة فشل بعضها بشكل كامل، ونجاح البعض الآخر في بعض الجوانب وفشله في جوانب أخرى، حتى اهتدى المشرّع الأمريكي في بعض الولايات إلى نظام لإدارة الدّعوى يخص هذه الولاية التي أقرته دون أن يكون هناك نظام موحد لكل الولايات.
بالمقابل، ولمّا كان النظام الانجليزي يعتمد السوابق القضائية أكثر من إعتماد التشريع الثابت والمكتوب في إجراءات التقاضي، ترك الأمر للمحكمة المعنية في رسم سياسة إدارة الدّعوى لكل قضية على حدة حسب طبيعة تلك القضية وأهميتها بشكل يضمن لها أفضل السبل في إدارة الدّعوى المدنيّة، فلم يقبل إتباع التجربة الأمريكية في إدارة الدّعوى من جميع نواحيها، بل جاء النظام الإنجليزي لإدارة الدّعوى نتيجة للتجربة الوطنية وبشكل يتفق مع المرفق التشريعي المحلي، مع التنويه إلى أن قواعد الإجراءات المدنيّة الإنجليزية حددت فقط الإطار العام والمدد التي يجب خلالها اتخاذ بعض الإجراءات في الدعاوى المدنيّة، دون أن تقيّد القضاة بإتباع طريقة معينة في إدارة الدّعوى أو تمنع القاضي من اتخاذ إجراء يراه ضرورياً للدعوى التي ينظرها ، على خلاف ما تم في الأردن حيث تم نقل تجربة ولاية أمريكية وتم تطبيقه دون محاولة البحث عن حلول وطنية بديلة تتفق وواقعنا المحلي الذي يختلف كلياً عن الواقع الأمريكي، على الرغم من عقد الدورات التدريبية للقضاة والمحامين الأردنيين .
المطلب الثاني إجراءات إدارة الدّعوى المدنيّة في الأنظمة المقارنة
تمر الدّعوى المدنيّة بمجموعة من الإجراءات المنظمة قانوناً وتهدف في مجملها إلى ضمان إطّلاع كل طرف من أطراف الخصومة على حجة وطلبات الطرف الآخر، بحيث يطّلع المدّعى عليه على مطالبات وبيّنات المدّعي ليتمكن من تقديم ما يُدافع به عن نفسه من خلال لائحة جوابية ومن ثم يقدم ما لديه من بيّنات تُثبت صحة دفاعه ويرُد فيها على بيّنات الجهة المدّعية ويختم كل طرف من الطرفين أقواله في الدّعوى بمرافعته النهائية لتتولى بعد ذلك المحكمة وزن ما تم تقديمه من بيّنات لتُصدر القرار الفاصل في الدّعوى.
وبعد أن اتجهت الدول إلى اتخاذ الوسائل المستحدثة في إجراءات المحاكمة بهدف اختصار أمد المحاكمة والتخلص من سلسلة طويلة من الإجراءات، والفصل في الدّعوى بأسرع وقت ممكن، ومن ذلك إتباع سياسة اجرائية خاصة من خلال نظام إدارة الدّعوى المدنيّة، لذلك شجّعت الأنظمة المقارنة ومنها النظام الإنجليزي أطراف النزاع على حل النزاع بالطرق الودية وقبل اللجوء إلى التقاضي التقليدي، ومن هنا جاءت ما تسمى بإجراءات أو بروتوكولات ما قبل المحاكمة ومنها تلك التي يتبعها الأطراف قبل تسجيل الدّعوى في المحكمة والمشار إليها في بداية هذا الفصل، وفي حال فشلت جهود الحل يلجأ المدّعي لتحريك الدّعوى أمام القضاء المختص متبعاً مجموعة من الإجراءات التي حددتها قواعد الإجراءات المدنيّة.
وحيث إن الاطلاقة الأولى للدعوى تبدأ بالمطالبة من قبل صاحب المصلحة الذي يدعي بأنه تم الاعتداء على أحد حقوقه، حيث يتم تجهيز لائحة الدّعوى على النماذج الخاصة بذلك مرفقاً بها البيّنات التي يستند إليها ، وتُقدم إلى قلم المحكمة ليتم تسجيلها ، ويتم تبليغ المدّعى عليه نسخة منها حتى يتمكن من الرد عليها وإبداء دفوعه خلال مدة محددة، ويتم التبليغ في النظام الإنجليزي للمدّعى عليه بالذات بوساطة موظف مختص في المحكمة، أو بوساطة البريد الممتاز أو بترك التبليغ ومرفقاته في عنوان المدّعى عليه أو من خلال الفاكس أو من خلال الوسائل الإلكترونية وذلك مع مراعاة بعض الأمور الجوهرية الخاصة باحتساب المدد بناءً على طريقة التبليغ وساعته، وكذلك مراعاة أي اتفاق خطي بين الأطراف على اعتماد إحدى هذه الطرق للتبليغ، على أن المحكمة هي من يختار الوسيلة الأفضل لإجراء التبليغ حسب وقائع الدّعوى وظروفها وهي غالباً ما تختار البريد الممتاز لإجراء التبليغ ما لم يتضح أن الأطراف اتفقوا مسبقاً على إجرائه بطريقة أخرى .
وبعد أن يتبلغ المدّعى عليه أوراق الدّعوى عليه أن يقدم رده إلى قلم المحكمة مستخدماً نموذج الرد المعتمد من المحكمة، و تختلف مدد الرد بحسب طبيعة الرد ومضمونه وعلى النحو التالي:
أ) في حالة تقديمه إقراراً باستلامه لأوراق الدّعوى دون تقديم أية دفوع .
ب) في حالة تقديمه إقراراً واعترافاً بكل ما جاء بأوراق الدّعوى من وقائع وبيّنات .
يجب على المدّعى عليه الرد على الدّعوى خلال أربعة عشر يوماً تلي تاريخ تبلغه أوراق الدّعوى في حال كان يقيم في منطقة اختصاص المحكمة أو داخل إنجلترا.
وتمتد المدة المذكورة في الحالتين السابقتين إلى:
1. إحدى وعشرين يوماً إن كان المدّعى عليه يقيم في سكوتلندا أو إيرلندا الشمالية أو إحدى دول الاتحاد الأوروبي أو أية دولة ترتبط معها إنجلترا باتفاقية قضائية .
2. إحدى وثلاثين يوماً إن كان يقيم في أي دولة أخرى غير الدول المذكورة أعلاه ولا ترتبط معها إنجلترا باتفاقية تعاون قضائي .
ج) تقديمه إقراراً واعترافاً بجزء من الدّعوى وإنكار جزء آخر وتقديم دفاع عن الجزء المُنكر، أو إنكار كامل الدّعوى وتقديم الدفاع على هذا الأساس، تكون مدة الرد خلال أربعة عشر يوماً تلي تاريخ تبلغه أوراق الدّعوى في حال كان المدّعى عليه يقيم في منطقة اختصاص المحكمة أو داخل إنجلترا .
وتمتد المدة في الحالة السابقة إلى:
1. إحدى وعشرين يوماً إن كان المدّعى عليه يقيم في سكوتلندا أو إيرلندا الشمالية أو إحدى دول الاتحاد الأوروبي أو أية دولة ترتبط معها إنجلترا باتفاقية قضائية .
2. إحدى وثلاثين يوماً إن كان يقيم في أي دولة أخرى غير الدول المذكورة أعلاه ولا ترتبط معها إنجلترا باتفاقية تعاون قضائي .
3. ثمانية وعشرين يوماً إن كان يقيم في منطقة اختصاص المحكمة أو داخل إنجلترا وكان قد تقدم بإقرار باستلامه أوراق الدّعوى خلال المدة المحددة.
4. وخمسة وثلاثين يوماً إن كان المدّعى عليه يقيم في سكوتلندا أو إيرلندا الشمالية أو إحدى دول الاتحاد الأوروبي أو أي دولة ترتبط معها إنجلترا باتفاقية قضائية وكان قد تقدم بإقرار باستلامه أوراق الدّعوى خلال المدة المحددة .
5. خمسة وأربعين يوماً إن كان يقيم في أي دولة أخرى غير الدول المذكورة أعلاه ولا ترتبط معها إنجلترا باتفاقية تعاون قضائي وكان قد تقدم بإقرار باستلامه أوراق الدّعوى خلال المدة المحددة .
د) حالة اتفاق طرفي الدّعوى على تمديد المدة إلى ثمانية وعشرين يوماً مهما كان رد المدّعى عليه، بشرط وجود اتفاق خطي يتم ابرازه للمحكمة في ملف الدّعوى، ويتم التوصل لهذا الاتفاق في المراحل السابقة على إقامة الدّعوى مع الاتفاق الخاص باعتماد وسائل التبليغ .
وبناءً على ما سبق يمكن للمدّعي أن يطلب إجراء محاكمة المدّعى عليه غيابياً في أي من الحالات التالية :
1. في حال لم يتقدم المدّعى عليه بالجواب الذي يتضمن إقراراً أو إنكاراً للدعوى أو بالإقرار باستلام التبليغ.
2. في حال تقدم المدّعى عليه بجوابه على الدّعوى ولكن بعد مرور المدة المحددة.
3. في حال تقدم المدّعى عليه بالإقرار باستلام التبليغ خلال المدد المحددة ولم يتقدم معه أو بعده (أي خلال المدد المحددة) بدفاعه في الدّعوى.
ويتم الحكم للمدّعي بناءً على لائحة دعواه، بشرط تقديم المدّعي ما يُثبت تبلّغ المدّعى عليه للدعوى . وقد أعطت قواعد الإجراءات المدنيّة للمدّعى عليه الحق بتقديم دفاعه على الدّعوى بعد انتهاء المدد المحددة في حال لم يتقدم المدّعي بطلب إجراء المحاكمة الغيابية ويُعتبر هذا الجواب مقدماً ضمن المدد القانونيّة ، والسبب في ذلك على ما يرى الباحث يعود إلى حث المدّعي على عدم التقصير في متابعة دعواه، فهو إن قصّر في استخدام حقه بالحصول على قرار غيابي ضد المدّعى عليه، يُقبل من هذا الأخير الجواب على الدّعوى بالرّغم من مرور المدة إن بادر لتقديم هذا الجواب في الفترة التي كان المدّعي مُقصّراً فيها عن متابعة دعواه، ومن باب الجزاء على المدّعي الذي يُقصّر في متابعة دعواه أيضاً يتم إسقاط الدّعوى بعد مرور ستة أشهر تلي مرور المدد المحددة للرد عليها من المدّعى عليه، أو ستة أشهر تلي تاريخ تبليغ المدّعي جواب المدّعى عليه على الدّعوى ولم يتقدم المدّعي بطلب للمحكمة لإصدار القرار لمصلحته فيها .
وقد حددت قواعد الإجراءات المدنيّة أن على المدّعى عليه تقديم قائمةً ببيّناته ودفوعه ولائحة الدّعوى المتقابلة إن كان له دعوى متقابلة ضد المدّعي دفعةً واحدة مع الجواب المشار إليه ، على أنه يحق للمدّعي الرد على دفاع المدّعى عليه على الدّعوى الأصلية ودفاعه على الدّعوى المتقابلة مع تقديمه لنموذج التصنيف أي خلال أربعة عشر يوماً من تاريخ تبلغه لجواب المدّعى عليه الذي ترسله له المحكمة مرفقاً بنموذج التصنيف .
وفي حالة الدّعوى المتقابلة تملك المحكمة صلاحية واسعة بقبولها أو رفضّها، وكذلك صلاحية نظرها بالتزامن مع الدّعوى الأصلية التي تتبع لها أو بشكل منفصل ومستقل عنها، كما تشمل الدعاوى التي تخضع للقاعدة 20 من قواعد الإجراءات المدنيّة الإنجليزية أية دعوى تهدف لإدخال أطراف أخرى غير المدّعي أو المدّعى عليه في الدّعوى .
كان هذا مدخلاً لتوضيح بداية إجراءات الدّعوى أمام المحاكم الإنجليزية، أما بالنسبة لإدارة الدّعوى المدنيّة فلم يجد الباحث في القانونين الأمريكي أو الإنجليزي ما يشير إلى وجود وظيفة خاصة لقاضي إدارة الدّعوى بل وردت الإشارة إلى مسمى عام للقاضي أو المحكمة أو كاتب المحكمة ، وكل ما هنالك أن الإجراءات الأولية في الدّعوى من تسجيل للدعوى في سجلات المحكمة وحفظ الملف وإجراء التبليغات فيها هي من اختصاص موظفي المحاكم، حيث يتم أمام هؤلاء الموظفين تقديم اللوائح خلال المدد الموضحة سابقاً، كما يستطيع الموظف المذكور ممارسة كل أو بعض صلاحيات المحكمة في إدارة الدّعوى، أما بالنسبة للقضاة فلهم صلاحيات واسعة حدّدها الجزء الثالث من قواعد الإجراءات المدنيّة الإنجليزية، وقد تبنت هذه الدراسة بيان سلطات المحكمة الواسعة في إدارة الدّعوى المدنيّة في موقف سابق .
وكما ذكر آنفاً تعتمد إجراءات الدّعوى بعد تسجيلها في قلم المحكمة في القانون الإنجليزي على مضمون رد المدّعى عليه ودفاعه على الدّعوى وما يتبعه من إجراءات، لذا قام الباحث بتقسيم الإجراءات التي تمر فيها الدّعوى المدنيّة في النظام الإنجليزي إلى المراحل التالية:
أولاً: مرحلة تبادل اللوائح.
ثانياً: مرحلة التصنيف وتحديد المسار.
ثالثاً: مرحلة إكمال محتويات ملف الدّعوى.
رابعاً: مرحلة نقل ملف الدّعوى وإحالته لمحكمة موطن المدّعى عليه.
خامساً: مرحلة تحويل ملف الدّعوى من قسم تسجيل الدعاوى إلى قسم إدارة الدّعوى.
وسوف ندرس هذه المراحل في خمسة فروع على النحو التالي:
الفرع الأول
مرحلة تبادل اللوائح
كما ذكرت سابقاً تعتمد إجراءات الدّعوى من حيث الأساس على طبيعة جواب المدّعى عليه على الدّعوى. ولتوضيح ذلك تمت دراسة جميع احتمالات الإجابة التي قد يقدمها المدّعى عليه حسب تقسيمها في قواعد الإجراءات المدنيّة وعلى النحو التالي:
أولاً: حالة اعتراف المدّعى عليه بكل ما ورد في الدّعوى محددة القيمة: في هذه الحالة يعترف المدّعى عليه بكامل الدّعوى ويُبدي استعداده لدفع المبلغ المطلوب منه فيها على الفور، وقد يطلب مهلة للسداد، كما قد يطلب تقسيط المبلغ، في هذه الحالات جميعها يتم تبليغ الرد للمدّعي الذي له قبوله كما جاء أو قبول الإقرار ورفضّ التقسيط أو طلب المهلة للوفاء، وعليه تكون إدارة المحكمة للدعوى بناءً على مواقف الطرفين وعلى النحو التالي:
1) حالة الإقرار بكامل الدّعوى مع الاستعداد للدفع الفوري أو طلب المهلة للسداد أو عرض الدفع بموجب أقساط وموافقة المدّعي على الإقرار والعرض كما جاء من المدّعى عليه: هنا يطلب المدّعي من المحكمة إصدار القرار في الدّعوى بناءً على إقرار المدّعى عليه، ويتم إصدار القرار من قبل موظف المحكمة التي تم تسجيل الدّعوى أمامها إذا كانت قيمة الدّعوى تقل عن خمسين ألف جنيه أو عن قاضي المحكمة التي تم تسجيل الدّعوى أمامها إذا كانت قيمة الدّعوى أكثر من خمسين ألف جنيه وذلك كله بدون تحديد جلسة للاستماع لأطراف الدّعوى .
2) حالة الإقرار بكامل الدّعوى مع طلب المهلة للسداد أو عرض الدفع بموجب أقساط وموافقة المدّعي على الإقرار وإعتراضه على طريقة الدفع أو طلب المهلة للوفاء: في هذه الحالة يتقدم المدّعي بطلب إلى المحكمة يبين فيه وجه أو أوجه اعتراضه على طلب التأجيل أو الأقساط وعند تسجيل الطلب أعطى القانون للمحكمة أن تقرر ما تراه مناسباً بخصوص طريقة الدفعات ومقدارها بدون تحديد جلسة استماع إن كانت الوقائع الواردة في لائحة الدّعوى وجواب المدّعى عليه ورد المدّعي على الجواب واضحة ومحددة ، أمّا إن كان ملف الدّعوى يخلو من بعض الأمور التي تساعد في تحديد طريقة الدفع ومقدار الدفعات مثل وضع المدّعى عليه المادي ومعدل دخله العام عندها يتم تحديد موعد جلسة استماع لتوضيح هذه الأمور ويتم تبليغها لأطراف الدّعوى قبل سبعة أيام من الموعد وعلى الأطراف تجهيز كافة المعلومات اللازمة لتزويد المحكمة بها في جلسة الاستماع، وفي هذه الجلسة يتم الاتفاق على الأمور المختلف عليها وتصدر المحكمة قرارها بالدّعوى في الجلسة نفسها، وبالنتيجة قد تقرر المحكمة تخفيض الدفعات أو زيادة مقدارها أو إنقاص مدة المهلة المطلوبة للوفاء أو زيادتها وذلك كله بناءً على الوقائع والملاحظات المقدمة من الطرفين في أوراق الدّعوى وأقوالهم في جلسة الاستماع، ومن الجدير بالذكر أنه يتم تحويل الدّعوى إلى محكمة موطن المدّعى عليه لحضور جلسة الاستماع وإصدار القرار فيها من قبل هذه المحكمة وذلك في حالة أن تكون الدّعوى قد سُجلت ابتداءً أمام محكمة غير محكمة موطن المدّعى عليه .
وفي حالة تم إقرار قيمة الدفعات أو مواعيدها من قبل المحكمة بغياب أطراف الدّعوى أي بدون جلسات استماع يجوز لأي من طرفي الدّعوى الإعتراض على قرار المحكمة سواء صدر عن موظف المحكمة أو قاضيها، ويُقدم الطعن إلى المحكمة التي أصدرت القرار خلال أربعة عشر يوماً من تاريخ تبليغه للطرف المعترض، ويكون الهدف من الإعتراض هو إعادة النظر في تحديد قيمة الدفعات أو مواعيدها، وعندها يتم تحويل الدّعوى إلى محكمة موطن المدّعى عليه لنظرها ويجب أن يصدر القرار عن قاضٍ وليس عن موظف في هذه المحكمة .
ثانياً: حالة اعتراف المدّعى عليه بجزء من مطالبة المدّعي في الدّعوى محددة القيمة وتقديمه دفاعاً عن الجزء الآخر: في هذه الحالة قد يعترف المدّعى عليه بجزء من مطالبات المدّعي في الدّعوى ويبدي استعداده لدفع المبلغ المُعترف به فوراً، وقد يطلب مهلة للسداد، كما قد يطلب تقسيط المبلغ، ومن جهه أخرى يُنكر جزءاً آخر من الدّعوى ويقدم رداً دفاعياً في هذا الجزء، في هذه الحالات جميعها يتم تبليغ الرد للمدّعي الذي يتوجب عليه تقديم جواباً خطياً إلى المحكمة يبين فيه موقفه من جواب المدّعى عليه وذلك خلال أربعة عشر يوماً من تاريخ تبلغه لجواب المدّعى عليه، وعليه تتصرف المحكمة في الدّعوى بناءً على مواقف الطرفين وعلى النحو التالي:
1) حالة قبول المدّعي لاعتراف المدّعى عليه الجزئي بالدّعوى: عندها يكون قد تقدم بطلب للمحكمة لإصدار القرار بناءً على الاعتراف، وفي هذه الحالة تستعمل المحكمة صلاحياتها في تجزئة الدّعوى فتحكم في الجزء المُعترف به وتسير في الدّعوى في الجزء الآخر المُنكر وذلك بناءً على طلب المدّعي الذي له حق طلب السير بالدّعوى في الجزء المُنكر أو طلب الحكم في الدّعوى في الجزء المٌقر به فقط وصرف النظر عن باقي طلباته المُنكرة، وعندما يتضمن الاعتراف موعداً للدفع يتم التقيُّد بهذا الموعد الذي وافق عليه المدّعي في رده على الاعتراف ، ويصدُر القرار بنفس الإجراءات السابقة من حيث جلسة الاستماع والشخص الذي يُصدر القرار. وعندما يخلو إقرار المدّعى عليه من تحديد موعد للدفع، عندها يكون المدّعي قد تقدم للمحكمة بطلب لقبول عرض المدّعى عليه الذي يتضمن الإقرار وعرض في رده موعداً للدفع أو مقدار الأقساط، وعندها تتبع المحكمة نفس الخطوات السابقة في تحديد الموعد ومقدار الأقساط وموعدها من حيث تحديد جلسة للاستماع وتحويل الدّعوى لمحكمة موطن المدّعى عليه ، ونفس هذه الإجراءات تُتبع في حالة قبوله الاعتراف ورفضّه طريقة الدفع (التقسيط أو تاريخ الدفع) .
2) حالة رفضّ الاعتراف وإبداء الرغبة باستمرار السير بالدّعوى: عندها يتقدم المدّعي بطلب يتضمن رفضّه لاعتراف المدّعى عليه ويبدي في هذا الطلب رغبته في استمرار إجراءات الدّعوى كاملة، وعندها تقرر المحكمة السير بالدّعوى إن كانت مختصة بعد تحديد طبيعة إجراءات الدّعوى وقيمتها ومكان إقامة المدّعى عليه وإلا فتقرر إحالتها إلى محكمة موطن المدّعى عليه للاستمرار في الإجراءات .
ثالثاً: حالة اعتراف المدّعى عليه بالمسؤولية عن دفع التعويض أو المبلغ المدّعى به في الدعاوى غير محددة القيمة: هنا يستطيع المدّعى عليه الاعتراف والإقرار بالمسؤولية دون تحديد لقيمة التعويض أو كيفية الوفاء به لأن المدّعي لم يحصُر قيمة التعويض الذي يرغب بالحصول عليه إبتداءً، كما يستطيع أن يُقر بالمسؤولية ويعرض مبلغاً معيناً على سبيل التعويض ويُبدي استعداده لدفعه، وفي جميع الحالات يتم تبليغ جواب المدّعى عليه للمدّعي الذي يتمكن من الرد عليه خلال أربعة عشر يوماً من تاريخ تبليغه له، ويتم تحديد إجراءات الدّعوى في هذه الحالة على النحو التالي:
1) في حال موافقة المدّعي على اعتراف المدّعى عليه الذي لم يتضمن مبلغاً للتعويض أو تضمن تحديد هذا المبلغ ولكن لم يقبل به المدّعي، يطلب المدّعي من المحكمة تحديد هذا المبلغ وتحديد موعد وطريقة الدفع ويقترح في طلبه موعداً للدفع ومقدار الدفعات، وبعد استلامها لطلب المدّعي تقوم المحكمة (أو كاتب المحكمة حسب الحال) بتحديد موعد لجلسة استماع يتم خلالها تقدير التعويض وتحديد طريقة الوفاء به بناءً على أوراق الدّعوى، ويتم التقدير هنا من قبل المحكمة ذاتها بدون إحالة الدّعوى إلى أي محكمة أخرى .
2) أما في الحالة الثانية فإذا قبِل المدّعي بالعرض الذي يتضمن الاعتراف ومقدار التعويض وكيفية الدفع يطلب من المحكمة إصدار القرار بناءً على ذلك الإقرار .
وفي حالة إصدار المحكمة للقرار بناءً على اعتراف المدّعى عليه وموافقة المدّعي على الإقرار فإن قرار المحكمة يكون نهائياً وقابلاً للتطبيق على الفور، أما في الحالات التي تقرر المحكمة فيها بشأن مقدار التضمينات أو طريقة دفعها في جلسات الاستماع بعد اختلاف عرض المدّعى عليه مع جواب المدّعي على العرض يجوز للمدّعي أو المدّعى عليه الإعتراض على هذه القرارات خلال أربعة عشر يوماً من تاريخ صدور القرار ويتم تقديم الإعتراض إلى ذات المحكمة التي أصدرت القرار المعترض عليه ليتم تحويل الدّعوى إلى محكمة موطن المدّعى عليه للنظر به من قبل أحد قضاتها ويتم الفصل في الاعتراض بدون جلسة استماع إن كان القرار السابق صادراً عن كاتب المحكمة الأولى إلا إذا طلب الطرف المعترض تحديد جلسة استماع، ويتم الفصل في طلب الاعتراض على القرار الصادر عن المحكمة الأولى في جلسة استماع إلا إذا طلب الطرف المعترض الفصل بالطلب بدون استماع .
بإمعان النظر في الإجراءات السابقة يرى الباحث أنها تُشكل جزءاً مهماً في إدارة الدّعوى المدنيّة، لأنها تساعد في تخفيف العبء على قضاة الموضوع من خلال إنهاء عدد كبير من الدعاوى في أول مرحلة من مراحل الإجراءات، ففي العديد من الحالات السابقة تنتهي الدّعوى أمام كاتب المحكمة الذي يُصدر قراراً قابلاً للتنفيذ بعد إجراء التباليغ مباشرة وبإجراء عملية حسابية بسيطة نجد أن الدعاوى في تلك الحالات تنتهي بعد أقل من شهرين على تسجيلها أمام المحكمة ، كما أن عدداً آخر ينتهي جزئياً بنفس الطريقة والمدة في حالات الإقرار الجزئي بجزء من المطالبات في الدّعوى، لذلك يرى الباحث أن هذا النظام يحقق الغاية المرجوة من إدارة الدّعوى وهي التسريع في الإجراءات وتقليص عدد الدعاوى المحالة إلى محاكم الموضوع وبالنتيجة تخفيف العبء على القضاة مما يساعدهم في إعطاء الوقت الكافي لنظر العدد البسيط من الدعاوى المحالة إليهم للنظر في موضوعها مما يساعد في تحقيق المزيد من العدالة لطرفي النزاع في طرح الادعاء أو الدفاع بشكل كامل، كما يقلل من نفقات المحاكمات الطويلة التي ترهق كاهل أطراف الخصومة.
رابعاً: حالة إنكار المدّعى عليه كل وقائع الدّعوى: فإنه يتوجب عليه تقديم رد شامل على الدّعوى مرفقاً معه البيّنات التي يستند عليها مستخدماً النموذج الخاص بهذا النوع من الردود وذلك خلال المدة المحددة والمشار إليها سابقاً، ويتم تقديم الجواب إلى ذات المحكمة التي تقوم بإرسال نسخة من الجواب إلى المدّعي الذي له الرد عليه خلال أربعة عشر يوماً تلي تاريخ تبلغه ذلك الجواب، وفي هذا الرد يطلب المدّعي من المحكمة إتمام السير بإجراءات الدّعوى.
ومما سبق يتضح أن الدّعوى في النظام الإنجليزي تسير في أحد الإتجاهين التاليين:
الاتجاه الأول: إنهاء الدّعوى أو على الأقل جزء منها في مرحلة مبكرة وبعد تبادل اللوائح، وذلك في حالة اعتراف المدّعى عليه بكامل وقائع الدّعوى، أو اعترافه بجزء منها فقط، وحالة اعتراف المدّعى عليه بالمسؤولية عن التعويض فيها، وفي هذه الحالة تنتهي إجراءات إدارة الدّعوى بإصدار القرار في الدّعوى بناءً على جواب المدّعى عليه على الدّعوى.
الاتجاه الثاني: استمرار نظر الدّعوى أو جزء منها بعد تبادل اللوائح أمام محكمة الموضوع، وذلك في حالة إنكار المدّعى عليه لكامل وقائع الدّعوى أو جزء منها، وحالة عدم موافقة المدّعي على الاعتراف الجزئي من المدّعى عليه للدعوى، وفي هذه الحالة تبدأ مرحلة ثانية مهمة في إدارة الدّعوى من قبل القاضي الذي يتم تعيينه حسب قائمة الدور في المحكمة، والذي يُكمل إجراءات إدارة الدّعوى التي بدأت منذ تسجيلها أمام المحكمة، سواء أكان هذا القاضي في المحكمة نفسها التي سُجلت فيها الدّعوى أم كان قاضي محكمة موطن المدّعى عليه التي أُحيلت إليها.
الفرع الثاني
مرحلة التصنيف وتحديد المسار
تبدأ الإجراءات في هذه المرحلة من مراحل إدارة الدّعوى بتسليم الطرفين نماذج تصنيف الدّعوى التي تهدف لوضع الدّعوى في المسار الملائم وذلك لضمان التعامل مع كل دعوى بالشكل الذي يتناسب مع حجمها ومدى تعقيدها، ويتم تحديد مسار الدّعوى بقرار من المحكمة بعد تعبئة نماذج التصنيف من قبل أطراف الدّعوى وتقديمها للمحكمة ، وفي هذا الصدد يجب على الأطراف أو وكلائهم إجراء مشاورات مع بعضهم البعض وإبداء التعاون فيما بينهم خلال فترة تعبئة نماذج التصنيف على أن لا تؤدي هذه المشاورات إلى تأخير تقديم نماذج التصنيف عن الوقت المحدد ، وبالنتيجة يجب عليهم تجهيز النماذج وتسليمها إلى المحكمة خلال مدة أربعة عشر يوماً من تاريخ تسليمها لهم ، وفي حالة عدم تقديم نموذج التصنيف من قبل أي من أطراف الدّعوى في الوقت المحدد يتم إحالة ملف الدّعوى إلى القاضي الذي يقرر في العادة تكليف الأطراف بضرورة تقديم هذه النماذج إلى المحكمة خلال ثلاثة أيام تلي تاريخ تبلُغهم لهذا القرار. وبخلاف ذلك سيتم شطب الدّعوى أو الدفاع أو الدّعوى المتقابلة المقدمة من الطرف الذي لم يلتزم بتقديم النموذج، وفي حالة قيام أحد الأطراف بتقديم النموذج وعدم التزام الآخر بالتقديم تقرر المحكمة تصنيف الدّعوى وتحديد مسارها إن كانت المعلومات والوقائع الواردة في الملف كافية لذلك، وإن كانت هذه المعلومات غير كافية أو رأت أن هناك ضرورة تقرر المحكمة عقد جلسة استماع للتصنيف ، وتُبلِّغ الأطراف بموعدها قبل سبعة أيام من تاريخ الجلسة ، وفي حال التخلف عن الحضور تستعمل المحكمة من صلاحياتها في إدارة الدّعوى ما تراه ملائماً في الحكم على الطرف المُتغيب بدفع التعويض المناسب للطرف الذي حضر هذه الجلسة والذي غالباً ما يُعادل التكاليف التي دفعها هذا الطرف لحضور هذه الجلسة على أن تُحدد المحكمة طريقة دفع التعويض وموعده تحت طائلة شطب دعواه أو دفاعه في حال عدم الدفع في الوقت المحدد . وأحياناً تقرر المحكمة تكليف المدّعي بتقديم معلومات إضافية عن الدّعوى بدلاً من جلسة الاستماع لتساعدها في عملية التصنيف ، وتستند المحكمة في قرارها بخصوص تصنيف الدّعوى على الأمور التالية :
1) القيمة المالية للدعوى.
2) طبيعة الطلبات والتعويضات المطالب بها في الدّعوى، وكذلك الأهداف التي يسعى لها أطراف النزاع من الدّعوى.
3) التعقيدات والصعوبات المحتملة في الدّعوى سواء تعقيدات تتعلق بالقانون أو بالوقائع.
4) عدد أطراف الدّعوى الحاليين وأي أطراف يُحتمل دخولهم أو إدخالهم في الدّعوى مستقبلاً.
5) القيمة المادية لأي ادعاء متقابل قد يُقدمه المدّعى عليه في الدّعوى، ومدى تعقيد هذا الادعاء.
6) عدد الشهود الذين قد تستمع المحكمة لشهادتهم أثناء المحاكمة.
7) أهمية الدّعوى وتأثيرها على الأشخاص غير الأطراف في النزاع.
8) وجهات نظر أطراف الدّعوى.
9) ظروف أطراف الدّعوى.
10) اعتبار الدّعوى المقامة من قبل عدة مدّعين في الدّعوى الواحدة وكأنها عدة دعاوى عند إحتساب القيمة المادية لغايات التصنيف من قبل المحكمة.
ولا تتقيد المحكمة عند إصدار قرار التصنيف بأية اتفاقات خاصة وسابقة بين الأطراف بشأن عملية اختيار مسار الدّعوى . كما تستبعد من اعتبارها عند التصنيف أية قيمة مادية تتعلق بالتكاليف أو الفوائد وأية مبالغ تمت تسويتها في المرحلة السابقة وكذلك أية مبالغ تم فرضها بموجب تعليمات أو أوامر المحكمة أثناء إدارتها للدعوى في المرحلة السابقة .
ويمكن إعادة التصنيف بناءً على طلب أو إعتراض من أحد الأطراف سواء تم الصنيف من المحكمة بغياب الأطراف أو في جلسة استماع بحضورهم أوبحضور بعضهم وغياب البعض الآخر، وسواء حضر الطرف المعترض أو غاب، كما يتم إعادة تصنيف الدّعوى من مسار إلى آخر أثناء نظرها من قبل المحكمة بموجب صلاحياتها في إدارة الدّعوى المدنيّة واجتهادها الخاص في هذا المجال أو بناءً على طلب من أحد الأطراف وذلك في حالة تغيير الظروف والمبررات التي تم تصنيف الدّعوى بناءً عليها في بداية مرحلة التصنيف . وفي النهاية لا بد من التذكير بأن قرار التصنيف يتم اتخاذه من قبل القاضي في محاكم المقاطعات ومن قبل كاتب المحكمة في المحكمة العليا ، وفي نفس المحكمة التي تم تسجيل الدّعوى في سجلاتها أي قبل نقل الدّعوى إلى محكمة موطن المدّعى عليه في الحالات التي يتوجب نقل الدّعوى من المحكمة التي سُجلت فيها إلى محكمة أخرى.
وتنتهي مرحلة التصنيف بقرار المحكمة القاضي بوضع الدّعوى في أحد المسارات المحددة في القواعد وهي:
أولاً: مسار الدعاوى الصغيرة أو البسيطة (The Small Claims Track) : وتختص بنظرها محاكم المقاطعات وتوضع في هذا المسار الدعاوى التالية:
1. دعاوى المطالبة المالية بمبلغ لا تتجاوز قيمته خمسة آلاف جنية إسترليني.
2. دعاوى المطالبة بالتعويض عن الأضرار الشخصيّة والجسدية التي لا تتجاوز قيمة التعويض فيها خمسة آلاف جنية.
3. دعاوى المستأجر التي تتعلق بالمطالبة بإصدار أمر من المحكمة ضد مالك العقار لترميم المبنى المؤجر له أو بدفع تكاليف الترميم التي لا تتجاوز قيمتها المقدرة مبلغ 1000 جنية، وكذلك أية دعوى يقيمها المستأجر ضد المالك للمطالبة بالتعويض عن الضرر الذي لا تتجاوز قيمته 1000 جنية مهما كان نوع هذا الضرر، باستثناء الدعاوى المتصلة بمضايقة المؤجر للمستأجر بهدف طرده من المأجور.
ثانياً: مسار الدعاوى السريعة (The Fast Track) : وتختص بنظرها محاكم المقاطعات وتخضع لهذا المسار الدعاوى التالية:
1. دعاوى المطالبات المالية التي تزيد قيمتها على مبلغ خمسة آلاف جنية ولا تتجاوز خمسة عشر ألف جنية إسترليني.
2. الدعاوى التي تدخل في مسار الدعاوى الصغيرة من حيث القيمة ولكن ترى المحكمة أن من الأفضّل تصنيفها من الدعاوى السريعة.
3. الدعاوى التي ترى المحكمة أن المحاكمة فيها لن تستمر لأكثر من يوم واحد.
4. الدعاوى التي تتضمن شهادات شفوية للخبراء سوف تستمع لها المحكمة في أمور تتعلق بالخبرة، عندما يكون لكل طرف في الدّعوى شاهد واحد.
ثالثاً: مسار الدعاوى متعددة الإجراءات (The Multi-Track) : وتختص بنظرها محاكم المقاطعات والمحاكم العليا وتوضع في هذا المسار الدعاوى التالية:
1. دعاوى المطالبات المالية التي تتجاوز قيمتها مبلغ خمسة عشر ألف جنية إسترليني.
2. جميع الدعاوى التي تقل قيمة الطلبات فيها عن خمسة عشر ألف جنية إسترليني ولا يمكن اعتبارها من الدعاوى التي تدخل ضمن مساري الدعاوى الصغيرة أو الدعاوى السريعة، وذلك بسبب تعقيد موضوعها وصعوبته.
3. جميع الدعاوى التي تقل قيمة الطلبات فيها عن خمسة عشر ألف جنية إسترليني ولا يمكن اعتبارها من الدعاوى التي تدخل ضمن مساري الدعاوى الصغيرة أو الدعاوى السريعة وذلك بسبب أن البيّنات فيها تتضمن سماع شهادة شفوية لأكثر من شاهد أو خبير لكل طرف من أطراف الدّعوى، وبالتالي فإن الفصل بها يحتاج لأكثر من جلسة محاكمة واحدة .
4. الدعاوى ذات الصبغة التجارية التي تختص بنظرها المحاكم التجارية .
وبما أن التقاضي أمام المحاكم الإنجليزية كان يعاني من كثرة التعقيدات والحجم العالي للتكلفة المادية لعملية التقاضي وذلك دون الاعتبار لقيمة الدّعوى أو صعوبة موضوعها، لذا جاء نظام التصنيف وتوزيع الدعاوى بين المسارات السابقة لتسليط الضوء على هذه المسائل الحساسة، ولبيان الفرق في إجراءات الدعاوى حسب تعقيداتها وقيمتها وأهميتها والمحكمة التي تنظرها، فمثلاً في الدعاوى السريعة يوجد إجراءات أكثر من تلك الموجودة في الدعاوى الصغيرة وأقل من تلك الموجودة في الدعاوى متعددة الإجراءات، سواء إجراءات ما قبل تحريك الدّعوى أو إجراءات إدارة الدّعوى أو حتى إجراءات المحاكمة، وعليه يتضح بأن تصنيف الدّعوى يعني وضعها في الطريق الذي يتناسب مع أهميتها وقيمتها وبالتالي تحديد طبيعة وحجم الإجراءات التي يجب أن تمر بها وكذلك مقدار التكاليف التي سيتم دفعها في كل مرحلة من مراحل الدّعوى حسب مسارها ومن هو الطرف الذي يجب أن يتحمل هذه المصاريف .
الفرع الثالث
مرحلة إكمال محتويات ملف الدّعوى
بالنتيجة وبانتهاء الإجراءات والمراحل السابقة يكتمل ملف الدّعوى الذي يجب أن يتضمن مجموعة من الوثائق والأوراق ويمكن حصرها بما يلي:
أولاً: الأوراق المقدمة من المدّعي:
1. نموذج الدّعوى: أي النموذج المعد سلفاً لإقامة الدّعوى أو ما يسمى بلائحة الدّعوى، والتي تُظهر اسم المدّعي والمدّعى عليه ووقائع الدّعوى وأسبابها والمطالبة التي أقيمت الدّعوى لإجلها، وبشكل يضمن ما تنصب عليه الدّعوى والغاية من إنشائها بحيث يكون شرح الوقائع منسجماً مع بعضه البعض وخال من الغموض والتعقيدات.
2. بيّنات المدّعي مرتبة ضمن قائمة ذات أرقام متسلسلة ومشار إلى أرقامها في وقائع لائحة الدّعوى، مع شرح لهذه البيّنات، والمقصود بتقديم البيّنات في هذه المرحلة هي قائمة البيّنات دون الوثائق المستخدمة كبيّنات، وذلك بهدف حصرها ومنع الأطراف من تقديم أية بيّنات أخرى في مراحل لاحقة، وكذلك التأكد من أن جميع البيّنات المراد استعمالها في الإثبات متوفرة تحت يد طالبها، وفي حال عدم وجودها يصار إلى طلبها من الجهه المتوفرة لديها، لذلك يُقصد بالبيّنات هنا قائمة البيّنات وليست حافظة البيّنات (المستندات) التي يتم تقديمها إلى المحكمة في الدعاوى الخاضعة لإدارة الدّعوى في القانون الأردني، وذلك لأن تبادل البيّنات ومناقشتها يتم أمام محكمة الموضوع أثناء مرحلة المحاكمة، ولكن عملية تبادل اللوائح تُعطي فرصة للأطراف لمعرفة نوعية وطبيعة الوثائق والبيّنات التي يعتمد عليها الخصم في الدّعوى وبالتالي يستعد لتقديم دفوعه حولها أثناء مرحلة المحاكمة.
3. أية طلبات مؤقتة كالمنع من السفر أو أي طلب لإلزام الطرف الآخر في الدّعوى للقيام بعمل أو الامتناع عن عمل أثناء نظر الدّعوى.
4. رد المدّعي على جواب المدّعى عليه على الدّعوى وأية بيّنات تدعم هذا الرد.
5. ما يُثبت تقيُّد المدّعي بالإجراءات السابقة على إقامة الدّعوى وتشمل رسالة الدّعوى وما تتضمنه من وقائع وعروض بالحل وأية وسائل مقترحة لحل النزاع بالطرق البديلة .
6. نموذج التصنيف.
ثانياً: الأوراق المقدمة من المدّعى عليه:
1. جوابه على الدّعوى، والذي يجب أن يكون واضحاً ومفصلاً لكل بند بشكل مستقل بدون أي غموض.
2. بيّناته على الجواب بشكل مُرتب ومُرقم ومُشار إلى أرقامه في الجواب بقدر الإمكان، وكذلك يقصد بالبيّنات هنا قائمة البيّنات وليس الحافظة التي تحتوي على هذه البيّنات.
3. أية دفوع يمكن إثارتها على الدّعوى ومنها الدفع بعدم اختصاص المحكمة والتقادم.
4. أية دعاوى مضادة ضد دعوى المدّعي، أو أية دعاوى أو طلبات لإدخال أشخاص آخرين في الدّعوى، مع بيّناته على هذا النوع من الدعاوى.
5. ما يُثبت تقيُّده بإجراءات ما قبل المحاكمة وتشمل رده على رسالة الدّعوى التي وجهها المدّعي قبل تحريك الدّعوى والتي تُبين موقفه من الدّعوى والطرق البديلة التي اقترحها لحل النزاع.
6. نموذج التصنيف.
ثالثاً: الوثائق التي يتم إعدادها بالاشتراك بين أطراف الدّعوى : وتسمى بحزمة إدارة الدّعوى أي مجموعة الوثائق التي يحتويها ملف إدارة الدّعوى، وبالنظر إلى محتوياتها فهي تعكس صورة محتويات الملف الأصلي للدعوى، وتتكون هذه الحزمة من الوثائق التالية:
1. المذكرة التحريرية للدعوى : ويتم إعدادها بالاشتراك بين أطراف النزاع أو وكلائهم، وفيها يُبدي أطراف الدّعوى أكبر قدر ممكن من التفاهم على الحد الأدنى من الأمور الخاصة بالدّعوى والإجراءات التي قام بها كل طرف تجاه الآخر. وتحتوي المذكرة التحريرية على مجموعتين من البيانات:
أ) مُلخص الدّعوى بشكل يظهر من خلاله وقائع الدّعوى وأسبابها وموضوعها وأساس المطالبة ونوعها، ورد المدّعى عليه على الدّعوى وأسباب الرد وأسانيده بشكل واضح على أن لا يزيد هذا الملخص عن 250 كلمة في الدعاوى السريعة، و500 كلمة في الدعاوى متعددة الإجراءات .
ب) موجز عن جميع الإجراءات التي تمت في الدّعوى منذ تاريخ تسجيلها.
وتهدف هذه المذكرة إلى:
1. فتح المجال أمام أطراف النزاع إلى الجلوس معاً والتشاور وتبادل الآراء حول طبيعة النزاع ومناقشة البيّنات المقدمة منهما في الدّعوى.
2. مساعدة القاضي الذي سيُشرف على إدارة الدّعوى في فهم الدّعوى بشكل واضح دون الحاجة إلى دراسة كامل أوراق الدّعوى، كما يُعطي القاضي إنطباعاً عن موضوعها ووقائعها ومدى التعاون بين أطرافها، ولا تلعب هذه المذكرة أي دور في المحاكمة، وفي الأساس فإن من واجبات وكيل المدّعي تقديم هذه المذكرة للمحكمة ولكن من باب تشجيع الأطراف على التعاون طلبت قواعد الإجراءات المدنيّة من الطرفين الاشتراك في إعدادها، وفي حال امتناع المدّعى عليه عن التعاون في إعداد هذه المذكرة يستطيع وكيل المدّعي إعدادها بشكل منفرد وتبليغ المدّعى عليه نسخة عنها ويجوز لهذا الأخير تقديم ملاحظاته عليها إلى المحكمة، مع ملاحظة أن المحكمة سوف تأخذ بعين الاعتبار تكاليف إعداد هذه المذكرة وتبليغها في مرحلة الحكم بتكاليف الدّعوى.
2. كذلك يتم إعداد قائمة اصطلح على تسميتها بقائمة المواضيع والحقائق : وتتضمن هذه القائمة الأمور التالية:
أ. المواضيع التي تحتل مكانة مهمة في البحث ضمن نطاق الدّعوى المنظورة، أي وقائع الدّعوى الرئيسية.
ب. النصوص القانونيّة والتشريعات التي يتم الاستناد إليها في الدّعوى. ومصطلح التشريع يؤخذ بالمعنى العام الواسع للتشريع أي المواد القانونيّة التي تحكم موضوع النزاع من قوانين أو أنظمة، وكذلك يتناول التشريعات الأجنبية التي تحكم النزاع إن كان هناك مجال لتطبيقها، وإذا كان محل النزاع حول عقد ما عندها يعتبر الاتفاق أو العقد هو القانون محل التطبيق ويجب مراعاته وتضمينه ضمن قائمة المواضيع.
3. تقديم جدول زمني مقترح للدعوى: في الفترة الزمنية الممتدة منذ تسجيل الدّعوى مروراً بإجراءات إدارة الدّعوى وانتهاء بالفصل في موضوع الدّعوى، وذلك بشكل تقريبي يمنح أطراف الدّعوى نوع من الاطمئنان لما سيتم من إجراءات. ومن ناحية أخرى يضمن للخصوم إمكانية وضع خُطط لأعمالهم ومشاريعهم المستقبلية من خلال تحديد الزمن التقريبي اللازم لإقتضاء الحق المدّعى به. ويشترط هنا أن تكون المدة منطقية في جميع أنواع القضايا ويقصد بالمنطقية وجود توافق بين قيمة الدّعوى ومدى أهميتها لكل من الطرفين ومدى تعقيد موضوعها وطريقة إثباتها وبالنتيجة التصنيف الذي سوف توزع الدّعوى إليه وبين المدة المقترحة لانتهائها، فلا يعقل اقتراح فترة زمنية تقدر بخمس سنوات للفصل بمطالبة مالية لا تتجاوز المئة جنيه إسترليني، بالمقابل ليس من المنطق اقتراح مدة لا تتجاوز العشرة أيام للفصل في الدّعوى تتجاوز قيمتها المليون جنيه استرليني ومختلف على معظم وقائعها وتتضمن شهادات عدد كبير من الشهود مما يستوجب فترة زمنية أطول للفصل بها .
4. كذلك يتضمن الملف أي اتفاق بين الأطراف على اتباع وسائل معينة في الإثبات، كأن يتم الاتفاق بين الأطراف على أن الإثبات في موضوع معين لا يتم إلا بموجب وثائق خطية، ففي مثل هذه الأحوال فإن البيّنة المقبولة في الدّعوى هي البيّنة المُتفق عليها فقط سواء في تحديد ماهية البيّنة أو طريقة الإثبات المُتبعة، وبالتالي فإن الاتفاقيات المبرمة لغايات الإثبات لابد من إظهارها بشكل واضح وبشكل مستقل ضمن ملف إدارة الدّعوى المدنيّة .
الفرع الرابع
مرحلة نقل وإحالة ملف الدّعوى
بعد اكتمال محتويات ملف الدّعوى تبدأ عملية نقل الدّعوى إلى محكمة موطن المدّعى عليه في حالات محددة وضمن شروط واضحة. وقد نصّت على هذه الشروط القاعدة 26/2 والقاعدة 30 بتفرعاتها كافة. ويمكن تلخيص هذه الشروط بما يلي:
1) أن تكون الدّعوى للمطالبة بمبلغ غير محدد أو غير معلوم المقدار. فهنا يتم تحويل الدّعوى تلقائياً لمحكمة موطن المدّعى عليه.
2) أن يتم تسجيل الدّعوى في محكمة غير محكمة موطن المدّعى عليه.
3) أن يكون المدّعى عليه شخصاً طبيعياً.
4) أن لا تكون الدّعوى من الدعاوى الخاصة التي تخضع لإجراءات خاصة ويختص بنظرها قضاةٌ معينون. وهذه الدعاوى يتم تحديدها بناءً على موضوع الدّعوى .
5) أن لا تكون الدّعوى قد أُحيلت سابقاً لمحكمة موطن المدّعى عليه بناءً على طلب المدّعى عليه في الحالتين التاليتين:
أ) طلبه لوقف تنفيذ الحكم الغيابي الصادر ضده حسب القاعدة 13/4 من قواعد الإجراءات المدنيّة.
ب) طلبه لإعادة تحديد قيمة المبالغ التي يتوجب عليه دفعها كأقساط للمدّعي في حالة الاعتراف بالدّعوى واقراره بالمسؤولية عن المبالغ المطلوبة منه فيها مع طلبه تقسيط المبلغ وعدم تحديد قيمة الأقساط التي يمكنه دفعها للمدّعي وعندها يتم تحديدها من قبل المحكمة حسب القاعدة 14/12 من قواعد الإجراءات المدنيّة.
كما حددت القاعدة 2/3 من قواعد الإجراءات المدنيّة المقصود بمحكمة موطن المدّعى عليه بأنها :
1) إذا سُجلت الدّعوى في محكمة من محاكم المقاطعات فتكون محكمة المقاطعة الواقعة في المنطقة التي يُقيم فيها المدّعى عليه أو يُمارس فيها عمله هي محكمة الموطن الخاص به.
2) إذا سُجلت الدّعوى في المحكمة العليا فتكون المحكمة التابعة لمكتب التسجيل الواقع في المقاطعة أو المنطقة التي يُقيم فيها المدّعى عليه أو يُمارس فيها عمله هي محكمة الموطن الخاص به.
وعند وجود أكثر من مدّعى عليه واحد في الدّعوى فإن محكمة المدّعى عليه هي محكمة موطن المدّعى عليه الذي تقدم أولاً بلائحته الجوابية على الدّعوى.
الفرع الخامس
مرحلة تحويل ملف الدّعوى إلى قسم إدارة الدّعوى
بعد تحويل الدّعوى إلى محكمة موطن المدّعى عليه تبدأ إجراءات الدّعوى أمام قسم إدارة الدّعوى في المحكمة التي أُحيلت إليها الدّعوى، حيث يتوجب على وكيل المدّعي أن يقدم الملف بكافة محتوياته إلى إدارة الدّعوى المدنيّة ويطلب منها تحديد موعد لاجتماع إدارة الدّعوى وذلك خلال أربعة عشر يوماً من تاريخ تقديم المدّعى عليه لائحته الجوابية ودفاعه في حال ما إذا كانت المحكمة التي سُجلت الدّعوى أمامها هي محكمة موطن المدّعى عليه، أو خلال أربعة عشر يوماً من تاريخ إحالة الدّعوى إلى محكمة موطن المدّعى عليه . كما يجوز لأحد الأطراف تقديم طلب خطي للمحكمة لتحديد الموعد قبل تلك المدة في حالات خاصة تستدعي الاستعجال ، كما يجوز للمدّعى عليه في حال انتهاء مدة الأربعة عشر يوماً دون أن يتقدم المدّعي بطلب لتحديد موعد الاجتماع أن يتقدم بهذا الطلب خلال مدة أربعة عشر يوماً، وفي حال مرور مدة ثمانية وعشرين يوماً تلي تاريخ تقديم المدّعى عليه لجوابه أو تلي تاريخ تحويل الدّعوى لموطن المدّعى عليه ولم يتقدم أي من طرفي الدّعوى بطلب تحديد موعد اجتماع إدارة الدّعوى تتولى المحكمة من تلقاء ذاتها تحديد الموعد، وفي جميع الحالات عندما تقرر المحكمة تحديد الموعد تمنح الأطراف مهلة سبعة أيام لتجهيز أنفسهم وبيّناتهم وأية معلومات أخرى تطلبها المحكمة لتقديمها في الاجتماع، وقد تقرر تقصير هذه المدة إن رأت مبرراً لذلك .
وقد ألزم دليل التعامل مع إدارة الدّعوى الإنجليزي أطراف النزاع بشكل عام ووكيل المدّعي بشكل خاص تسليم الملف الذي يتضمن حزمة إدارة الدّعوى إلى قسم إدارة الدّعوى قبل سبعة أيام من الموعد المحدد لعقد اجتماع إدارة الدّعوى ، بحيث يتم تنظيم ملف الدّعوى لبدء السير بحصر البيّنات أمام إدارة الدّعوى المدنيّة والتأكد من اكتمال محتوياته بشكل يسمح باعتماد الإجراءات المتخذة في ملف إدارة الدّعوى في المرحلة التالية وهي مرحلة المحاكمة أمام محكمة الموضوع التي تتولى بدورها الفصل بالدّعوى بعد سماع بيّنات الطرفين ومرافعاتهما النهائية وضمن المدد المحددة والمتفق عليها سابقاً .
وبعد إنهاء دراسة الإجراءات المبكرة في إدارة الدعاوى بشكل عام، وبما أن الإجراءات المتبعة في إدارة الدعاوى في النظام الإنجليزي تختلف باختلاف تصنيف الدّعوى من مسار إلى آخر، سواء اختلاف مدد إدارة الدّعوى أو الإجراءات المتبعة أو القرارات الصادرة عن إدارة الدّعوى، لذا سوف نتطرق إلى أبرز الملامح في إدارة الدّعوى المدنيّة في كل مسار من هذه المسارات وعلى النحو التالي:
الملامح الرئيسة لإدارة الدّعوى المدنيّة في الدعاوى الصغيرة :
أولاً: أنها تستعمل النماذج نفسها المستعمله في الدعاوى ذات القيمة الأكبر.
ثانياً: الأصل أن يتم تحريك هذا النوع من الدعاوى بوساطة الخصوم أنفسهم، ولكن لم تمنع القواعد توكيل المحامين لتمثيل الخصوم في تحريكها والمرافعة فيها، ويعود السبب في ذلك إلى إنخفاض قيمة هذه الدعاوى في الغالب كما أن إجراءاتها بسيطة ولا تنطوي على تعقيدات قانونية أو فنية مقارنة مع باقي الدعاوى الأمر الذي لا يشجع المحامين على العمل بهذا النوع من الدعاوى بسبب انخفاض قيمة الأتعاب التي سيحصلون عليها ، وهي تختلف عن الدعاوى المصنفة في المسارات السريعة أو متعددة الإجراءات في عدم إلزام الأطراف بالتقُّيد بإجراءات (بروتوكولات) ما قبل تحريك الدّعوى . كما توصف المحاكمات فيها بأنها غير رسمية ولا تطبق عليها القواعد الخاصة بالشهود. كما أن سماع شهادة الخبراء في هذا النوع من الدعاوى هو أمر محدود ويجب الحصول على موافقة من القاضي للاستماع لهم .
ثالثاً: تكاليفها محدوده جداً، ولا يحكم بالأصل في تكاليف الحضور إلا إذا وجدت المحكمة أن الطرف الذي ربح الدّعوى يستحق أن يُحكم له ببعض التكاليف التي تكبدها في تجهيز الدّعوى وحضورها. إلا أن المحكمة تحكم دائماً في هذا النوع من الدعاوى برسوم الدّعوى ومصاريف الشهود والخبراء على الطرف الخاسر .
رابعاً: يكون تحديد المسار للدعوى بأنها من الدعاوى الصغيرة بناءً على قرار قضائي بعد انتهاء فترة الدفاع، وتتضمن إستمارة التصنيف التي توزع على الخصوم مجموعة من الأسئلة التي يتوجب عليهم الإجابة عنها وإعادتها للمحكمة، وجزء من هذه الأسئلة يتعلق بإمكانية حل النزاع ودياً أو حله بالطرق البديلة عن التقاضي، وبعد إعادة نماذج التصنيف إلى المحكمة يتولى قاضي الدور تحديد المسار وتصنيف الدّعوى ويحدد كذلك مجموعة من الأوامر والقرارات التي تُحدد الإجراءات الواجب اتباعها وكذلك يُحدد جدول زمني للدعوى وإجراءاتها وموعد المحاكمة النهائية وموعداً لجلسة الاستماع الأولية إن لزم الأمر، وقد يوافق الطرفان على إخضاع الدّعوى لتصنيف الدعاوى الصغيره بالرّغم من أنها من الدعاوى الأكبر قيمة وعندها يتم احتساب تكاليف الدّعوى وكأنها أُعتبرت من الدعاوى الأكبر قيمة أي من الدعاوى السريعة أو متعددة الإجراءات والمسارات .
خامساً: في غالبية الدعاوى الصغيرة لا يكون هناك جلسات استماع أولية إلا إذا رأى القاضي ضرورة لذلك، وكذلك يمكن عقد هذه الجلسة الأولية ويعتبرها القاضي هي الجلسة الختامية أو الأخيرة في الدّعوى عندما يتم حل كافة الأمور فيها .
سادساً: خولت قواعد الإجراءات أطراف الدعاوى الصغيرة تقديم كافة أقوالهم وادعاءاتهم ودفاعهم وبيّناتهم ومرافعاتهم مكتوبة للمحكمة أمام القاضي، على أن يتم تقديم كل ورقة أو طلب حسب الجدول وبموعد أقصاه سبعة أيام قبل الإجراء المُحدد في الجدول، وعندها سوف تأخذ المحكمة بالحسبان كافة الأقوال والأوراق المقدمة من الطرفين عندما يتم تقديمها في الموعد المحدد لها، كما أن قواعد الإجراءات المدنيّة خولت المحكمة حق الفصل في هذا النوع من الدعاوى بغياب أطراف الدّعوى أو حضورهم بناءً على طلبهم .
سابعاً: الحق في الاستئناف في هذا النوع من الدعاوى يخضع للإجراءات والقواعد المطبقة على باقي المسارات ويتم تقديم الطعن لمحكمة الاستئناف مباشرة باستخدام نماذج محددة مسبقاً ويتم توفيرها لمن يحتاجها من خلال أقلام المحاكم .
الملامح الرئيسة لإدارة الدّعوى المدنيّة في الدعاوى السريعة :
أولاً: بعد تصنيف الدّعوى ضمن مسار الدعاوى السريعة تُصدر المحكمة العديد من الأوامر التي تُمكنها من إدارة الدّعوى بشكل فعّال. وتبدأ المحكمة بوضع جدول يتضمن الإجراءات التي يتوجب القيام بها وتحديد مواعيد ثابتة للقيام بكل إجراء من هذه الإجراءات ، مع بيان موعد انتهاء أعمال إدارة الدّعوى وتحديد الموعد الذي تبدأ به إجراءات المحاكمة التي يُخصص لها ثلاثة أسابيع فقط من عمر الدّعوى الكلي الذي يجب أن لا يزيد على ثلاثة وثلاثين أسبوعاً تبدأ من تاريخ تحديد مسار الدّعوى ولحين انتهاء المحاكمات والفصل بالدّعوى . ويُخصص من عمر الدّعوى الكلي ثلاثين أسبوعاً لإدارة الدّعوى.
ثانياً: كما تتضمن الأوامر والقرارات الصادرة عن المحكمة بعد وضع يدها على الملف نتائج تدقيقها في ملف الدّعوى وبيّنات الأطراف المقدمة فيه، فتُصدر قرارها بإلزام الأطراف بتقديم البيّنات المشار إليها في الدّعوى وتقديم شهادات الشهود الخطية وشهادات الخبراء التي تم الاستناد إليها في الدّعوى أو الدفاع وكذلك تُصدر أوامرها بجلب أية بيّنات لدى الغير خلال المدد المحددة من قبلها في جدول المواعيد .
ثالثاً: تقوم المحكمة بتبليغ الأطراف هذه القرارات والأوامر مرفقاً فيها نماذج محددة للاعتراض على أي من هذه القرارات ونماذج محددة لطلب تعديل أية مواعيد في الجدول المنظم من قبل المحكمة، وكذلك نماذج خاصة تتضمن مراجعة شاملة للإجراءات التي تم اتخاذها في الدّعوى منذ تسجيلها حتى هذه المرحلة، وتُحدد للأطراف المدة الزمنية التي يتوجب عليهم تقديم هذه الطلبات فيها .
وتقوم المحكمة من تلقاء نفسها وبما لها من صلاحيات في إدارة الدّعوى وبغياب أطراف الدّعوى باتخاذ جميع الإجراءات السابقة .
رابعاً: يجب على أي من أطراف الدّعوى تقديم طلب خطي باستخدام النموذج المناسب من النماذج المشار إليها في حال رغب بتعديل أي موعد محدد في الجداول المنظمة من قبل المحكمة وضمن المدة المحددة من قبلها .
خامساً: بناءً على طلب أحد الأطراف ورغبته بتعديل أي موعد من المواعيد المحددة في الجدول أو لغايات مناقشة قائمة إجراءات ما قبل المحاكمة، تُحدد المحكمة موعد جلسة استماع كآخر إجراء من إجراءات إدارة الدّعوى المدنيّة يتم الاتفاق خلالها على موعد المحاكمة ويتم فيها أيضاً مراجعة جميع الإجراءات والقرارات المُتخذة من قبل إدارة الدّعوى المدنيّة في الدّعوى وبعدها يبدأ النظر في موضوع الدّعوى بناءً على ما تم اتخاذه من إجراءات وخطوات أمام إدارة الدّعوى .
وفي سبيل إعدادها لجدول إدارة الدّعوى والمحاكمة تقرر إدارة الدّعوى تقسيم مدة الثلاثين أسبوعاً المحددة لإدارة الدّعوى إلى عدة مراحل تعتمد على طبيعة الدّعوى ونوعها وعلى الإجراءات التي يجب إتمامها أمام هذه الدائرة، وفي العادة يتم التقسيم على النحو التالي :
1) مرحلة الكشف عن البيّنات الخطية وإحضارها من الغير وتقديمها لإدارة الدّعوى وتبادلها بين الأطراف يتم خلال الأسابيع الأربعة الأولى من عمر إدارة الدّعوى.
2) مرحلة تبادل شهادات الشهود المكتوبة يُخصص له ستة أسابيع ليتم خلالها، ويكون المجموع عشرة أسابيع.
3) مرحلة تبادل شهادات الخبراء المكتوبة يُخصص له أربعة أسابيع ليتم خلالها، ويكون المجموع أربعة عشر أسبوعاً.
4) مرحلة إرسال المحكمة لنماذج التدقيق في الإجراءات السابقة على المحاكمة لأطراف النزاع مع نماذج الاعتراض على أي موعد محدد من قبل المحكمة، يتم خلال الأسابيع الستة التالية، ليكون المجموع عشرين أسبوعاً، وفي هذه النماذج يتمكن أطراف النزاع من طرح مسألة حل النزاع ودياً أو بالطرق البديلة عن التقاضي لتتم مناقشتها في أي اجتماع لاحق.
5) مرحلة تعبئة نماذج التدقيق بالإجابة على الإستفسارات الواردة فيها لبيان مدى جاهزية الأطراف للمحاكمة ومدى قبولهم لجدول المحاكمة وأية مواعيد أو قرارات أو أوامر صادرة عن إدارة الدّعوى، يتم خلال الإسبوعين التاليين، ليكون المجموع اثنين وعشرين أسبوعاً.
6) جلسة الاستماع في حال نقص المعلومات المتوفرة في ملف الدّعوى أو اعتراض أحد الأطراف على أي إجراء تم اتخاذه من قبل إدارة الدّعوى بغيابه، يتم تحديد موعد هذه الجلسة ضمن الأسابيع الثمانية التالية، ليكون المجموع ثلاثين أسبوعاً، كما تستغل المحكمة هذه الجلسة لطرح تسوية النزاع على الأطراف سواء بالمصالحة الودية أو باللجوء لأية طريق بديلة عن التقاضي.
وكما ذكرت سابقاً بأن هذا التقسيم هو النموذج المُتبع في المحاكم البريطانية، ولكن تحديد الإجراءات السابقة ومواعيد القيام بأي منها هو أمر غير ملزم لإدارة الدّعوى، فمثلاً يتم تجاوز مرحلة تبادل شهادات الشهود أو الخبراء الخطية في حال عدم وجودها مما يعني اختصار عشرة أسابيع من الزمن المخصص لإدارة الدّعوى. كما أن المدد المحددة سابقاً هي مدد تُعطي سقفاً زمنياً للقيام بالإجراء خلالها مما يعني عدم السماح بتقديم البيّنات لإدارة الدّعوى بعد مرور الإسبوع الرابع، ولكن لو تقدم أطراف الدّعوى بكامل بيّناتهم خلال الأسبوع الأول هنا تنتقل إدارة الدّعوى إلى المرحلة التالية وهي مرحلة تبادل شهادات الشهود ويُحسب لها ستة أسابيع، كما أن تحديد موعد لجلسة الاستماع هو أمر غير ضروري في حال موافقة الأطراف على كافة الإجراءات السابقة وعدم اعتراضهم على موعد المحاكمة المحدد من قبل إدارة الدّعوى مما يعني اختصار ثمانية أسابيع أخرى، وفي حال قررت إدارة الدّعوى عقد جلسة الاستماع فهي تحدد موعدها ضمن الأسابيع الثمانية المخصصة لها من عمر إدارة الدّعوى الإجمالي على أن تبلّغ الأطراف بموعدها قبل حلول الموعد بثلاثة أيام على الأقل، وهكذا يتم التعامل مع المواعيد المشار إليها، مما يعني أن أعمال إدارة الدّعوى قد تنتهي في أقل من الثلاثين أسبوعاً المحددة لها ولكن يجب أن لا تتجاوز هذه المدة، وإذا نظرنا إلى هذه المدة التي تبلغ مئتين وعشرة أيام أي ما يقارب السبعة أشهر قد نجدها طويلة نسبياً بالمقارنة مع المدة المحددة في القانون الأردني وهي ثلاثون يوماً تلي موعد أول إجتماع في إدارة الدعوى ، إلا أن إمعان النظر في الأعمال التي يتم إنجازها خلال هذه المدة يجعل منها مدة معقولة سيما وأن قواعد الإجراءات حصرت الإجراءات اللاحقة لإدارة الدّعوى بشكل حازم فأوجبت إنهاء الدّعوى في جلسة واحدة أي أن محكمة الموضوع يجب أن تُصدر قرارها في الدّعوى في نفس الجلسة المحددة مسبقاً من قبل إدارة الدّعوى، وهذا ما يُميز النظام الإنجليزي عن النظام الأردني في إدارة الدّعوى المدنيّة، لأن الدّعوى المدنيّة في النظام الأردني تستغرق ثلاثين يوماً في إدارة الدّعوى في حين تستمر محكمة الموضوع سنة أو أكثر في النظر بموضوع الدّعوى، كما أن قاضي إدارة الدّعوى في الأردن ممنوع بنص القانون من نظر موضوع الدّعوى التي أشرف على إدارتها، وهنا يكمن جزء من الخلل في النظام الأردني برأي الباحث، لأن قاضي إدارة الدّعوى أصبح أكثر من غيره من القضاة إلماماً بموضوع الدّعوى وبالتالي فهو أقدر من غيره على الفصل في موضوعها ضمن زمن قياسي إذا ما حظي هذا الأمر بإهتمام المشرّع الأردني في تعديل بعض النصوص التي تُخول قاضي إدارة الدّعوى البت بشكل أولي في وزن البيّنات وكذلك في نظر موضوع الدّعوى، كما أن الباحث لم يجد في القانونين الأمريكي أو الإنجليزي ما يشير إلى أنه يتم نقل الدّعوى من قاضي إدارة الدّعوى إلى قاضٍ آخر لنظر الموضوع، مما يعني أن القاضي الذي ينظر في موضوع النزاع هو نفسه من أشرف على إدارته منذ البداية سواء بنفسه أو بوساطة القسم الذي يتبع له في المحكمة مما يُمكنه من الفصل في الدّعوى بعد الاستماع لأقوال الطرفين وفي نفس الجلسة التي قد تستمر لخمس ساعات متواصلة دون الحاجة إلى تأجيلها إلى جلسة أخرى، إلا في حالة طلب الأطراف ذلك لغايات إجراء تسوية أو مصالحة على الموضوع أو الاتفاق على إحالة النزاع إلى إحدى الوسائل البديلة، و يتم تقسيم جلسة المحاكمة على النحو التالي :
1) إفتتاح الدّعوى بتكرار لائحة الدّعوى وبيّنات المدّعي خلال عشر دقائق.
2) تكرار اللائحة الجوابية وتلاوة بيّنات المدّعى عليه خلال عشر دقائق.
3) مناقشة شاهد المدّعي من قبل وكيل المدّعي خلال ساعة وربع.
4) إعادة مناقشة الشاهد نفسه من قبل وكيل المدّعى عليه خلال ربع ساعة.
5) مناقشة شاهد المدّعى عليه من قبل وكيل المدّعى عليه خلال ساعة وربع.
6) إعادة مناقشة الشاهد نفسه من قبل وكيل المدّعي خلال ربع ساعة.
7) مرحلة المرافعات حيث يُقدم المدّعى عليه مرافعته وطلباته النهائية أولاً -على عكس النظام الأردني- خلال ثلث ساعة.
8) مرافعة المدّعي وطلباته النهائية خلال ثلث ساعة.
9) بعد ذلك يُمنح القاضي مدة نصف ساعة للتفكير والتدقيق في الملف لإصدار القرار النهائي في الدّعوى.
10) بعدها وفي نصف الساعة الأخيرة من عمر الدّعوى يتم احتساب تكاليف الدّعوى وتحديد الشخص المُلزم بدفعها وموعد الدفع وأية قرارات تتعلق بأية غرامات ناتجة عن الدّعوى.
الملامح الرئيسة لإدارة الدّعوى المدنيّة في الدعاوى متعددة الإجراءات :
أولاً: أن أهم ما يميز مسار الدعاوى متعددة الإجراءات ما يلي :
1) قابلية المحكمة في هذا المسار للتعامل مع عدد كبير من الدعاوى التي تمتاز بضخامة القيمة المالية وكثرة التعقيدات القانونيّة أو الواقعية.
2) المرونة الممنوحة للمحكمة في اختيار الطريقة التي تُدير بها الدّعوى، وكذلك اختيار القرارات والأوامر التي تتناسب مع حجم وأهمية ومدى تعقيد الدّعوى.
ثانياً: بعد أن يتم تحويل ملف الدّعوى من قسم التسجيل إلى قسم إدارة الدّعوى ضمن المُدد المُشار إليها سابقاً، يتولى القاضي الذي تُحال إليه الدّعوى حسب قائمة الدور في المحكمة إصدار الأوامر والتوجيهات اللازمة لإدارة الدّعوى وتحديد الإجراءات الواجب اتخاذها في إدارة الدّعوى، ويضع جدولاً يتضمن مواعيد القيام بهذه الإجراءات، وذلك بشكل تلقائي بما له من صلاحيات في إدارة الدّعوى وبدون الاستماع لأطراف النزاع لأنه يكون قد اطّلع على آرائهم الواردة ضمن أوراق الدّعوى التي تتضمن نماذج التصنيف وما تحتويه من اقتراحات لأطراف الدّعوى حول عدد من الإجراءات والمواعيد الخاصة بها، كما أن للقاضي أيضاً حق تحديد الموعد الذي سوف تبدأ به إجراءات المحاكمة (تاريخ الجلسة الافتتاحية للدعوى)، أو على الأقل الفترة الزمنية التي سوف تبدأ بها هذه الإجراءات، كما أن له صلاحيات تحديد موعد اجتماع إدارة الدّعوى وتبليغ الأطراف بموعده قبل حلول ذلك الموعد بسبعة أيام، أو تحديد موعد جلسة خاصة لإجراء مراجعة شاملة للإجراءات المتخذه قبل تحويل الملف لإدارة الدّعوى والموافقة على الإجراءات المتخذة من قبل إدارة الدّعوى تمهيداً للنظر بموضوع الدّعوى على أن يتم تبليغ الأطراف بموعدها قبل حلول ذلك الموعد بسبعة أيام أيضاً ، وتقوم المحكمة بإبلاغ أطراف النزاع عن جدول أعمال أي اجتماع سواء اجتماع إدارة الدّعوى أو جلسة المراجعة مع التبليغ بالموعد ليتسنى للأطراف الاطلاع على سبب الاجتماع وتحديد مواقفهم وبالتالي إعطائهم الحق في تقديم أي طلب للقاضي لتعديل أي أمر من الأمور المدرجة في الجدول أو طلب إضافة أي أمر آخر لمناقشته مع باقي الأطراف والقاضي، على أن يتم تقديم أي طلب لهذه الغايات قبل حلول موعد الاجتماع بوقت كافٍ لإضافة هذا الأمر على جدول الاجتماع وتبليغ الطرف الآخر به ، وفي أي من اجتماع إدارة الدّعوى أو جلسة مراجعة الإجراءات يجوز للمحكمة الرجوع عن أي من توجيهاتها أو قراراتها المتخذة سابقاً سواء بطلب من أحد الأطراف أو بناءً على اجتهادها الخاص ، ويجوز للمحكمة أن تحدد موعد جلسة استماع بهدف تحديد أي من المواعيد السابقة أو لإصدار أي قرار تراه مناسباً على أن تبلغ الأطراف بموعد جلسة الاستماع قبل حلول موعدها بثلاثة أيام على الأقل وتطلب منهم تحضير المعلومات التي ترغب منهم تقديمها للمحكمة للمساعدة في تحديد هذه الأمور .
ثالثاً: يختلف من يتولى مهمة إدارة الدّعوى ذات الإجراءات المتعددة بحسب المحكمة التي أقيمت أو أُحيلت إليها الدّعوى وعلى النحو التالي :
1) الدعاوى المُقامة أو المُحالة إلى إحدى محاكم العدل الملكية تتم إدارتها من قبل موظف مختص بذلك من موظفي المحكمة .
2) الدعاوى المُقامة أو المُحالة إلى إحدى المحاكم العليا خارج لندن – بطبيعة الحال يتم تحويلها إلى قسم التسجيل التابع للمحكمة العليا في أحد الأقاليم الستة المشار إليها سابقاً حسب الاختصاص-، تتم إدارتها من قبل قاضي المقاطعة الذي يتبع له قسم تسجيل المحكمة العليا.
3) الدعاوى المُقامة أو المُحالة إلى إحدى محاكم المقاطعات تتم إدارتها من قبل قاضي المقاطعة الذي أُحيلت الدّعوى إلى محكمته.
ويجب على موظف المحكمة استشارة قاضي المحكمة الذي يتبع له في أي قرار يصدره أو في أي أمر من أمور إدارة الدّعوى يصعب عليه اتخاذ قرار بشأنه.
رابعاً: في الدعاوى متعددة الإجراءات يتضمن جدول أعمال اجتماع إدارة الدّعوى مناقشة الأمور التالية :
1) مراجعة الإجراءات والخطوات المتخذة في الدّعوى من قبل الأطراف في تحضير الدّعوى والدفاع.
2) التأكد من التزام الأطراف بإجراءات ما قبل المحاكمة.
3) مناقشة وقائع الدّعوى والدفاع بهدف حصر نقاط الخلاف والاتفاق بشكل واضح مما يساعد على تقريب وجهات النظر وبالتالي يساعد في محاولة حل الخلاف في هذه المرحلة.
4) التأكد من أن المدّعي قد وضّّح دعواه بشكل يُمكّن المحكمة من إصدار الأوامر والقرارات التي تساعدها في إدارة الدّعوى، وكذلك بشكل مفهوم من قبل المدّعى عليه مما يساعده في الدفاع عن نفسه بشكل عادل، وفي هذا المجال تأخذ المحكمة بعين الاعتبار فيما إذا تقدم المدّعي بملف إدارة الدّعوى في الوقت المحدد له، وكذلك تقدم بكافة محتويات هذا الملف أو أنه كان ناقصاً ويحتاج إلى وثائق أو معلومات إضافية.
5) التأكد من مدى التزام أطراف الدّعوى بتنفيذ القرارات الصادرة عن إدارة الدّعوى المدنيّة.
6) التأكد من قانونية وجدوى أية تعديلات مقدمه من أطراف النزاع على وقائع الدّعوى أو الدفاع، وكذلك التأكد من قانونية أية طلبات تتعلق بالدّعوى، وبالنتيجة البت في هذه الطلبات مهما كان نوعها ما دامت لا تؤدي إلى فصل النزاع والبت في موضوعه، ومن الطلبات التي يتم البت فيها في إدارة الدّعوى الطلبات الوقتية والمستعجلة، وكذلك طلب تعديل أو تغيير أي موعد تم تحديده سابقاً.
7) مناقشة البيّنات الخطية المقدمة من أطراف الدّعوى، سواء من حيث التأكد من تقديم كامل هذه البيّنات لإدارة الدّعوى أو جلبها من الغير أو التأكد من مدى قانونية أو جدوى هذه البيّنات، وكذلك التأكد من تبادل هذه البيّنات بين الأطراف.
8) مناقشة شهادات الشهود وشهادات الخبراء الخطية إن وجدت والكشف عنها وعن محتواها وتبادلها بين الأطراف، ومناقشة الجدوى منها وإضافة أية استفسارات لهؤلاء الشهود والخبراء وتكليف الطرف الذي تقدم بها بإحضار الإجابة عن أية استفسارات جديدة.
9) مناقشة شهادات الشهود والخبراء الشفهية وتحديد الأمور والوقائع المراد سؤالهم عنها والاتفاق على حدود هذه الشهادات (أي تحديد الوقائع الممكن إثباتها بوساطتهم والاتفاق على عدم تجاوزها) وتحديد أوقات إحضارهم (ضمن المواعيد المحددة على جدول المحاكمة) والاتفاق على طريقة إحضار هؤلاء الشهود والخبراء وتكاليفهم والطرف الملزم بدفعها، وفي هذا المجال قد يتم الاتفاق على أن يتم استبدال الشهادة الشفهية للشاهد أو الخبير بشهادة خطية بعد تحديد الأسئلة التي يتوجب عليه الإجابة عنها وتقديم هذه الشهادة من قبل الطرف الذي طلبها في موعد تُحدده المحكمة.
10) التوصل إلى قرار بشأن تجزئة الدّعوى الواحدة إلى عدة دعاوى حسب تعقيد الوقائع المتنازع عليها ومدى الاعتراف بها أو مدى إمكانية إثباتها، والتأكد من أن هذا الإجراء سوف يساعد الأطراف على حل النزاع متعدد الجوانب والذي ينطوي على عدة نقاط مختلف عليها بشكل عادل وسريع وقليل التكلفة.
11) بعد حصر الوقائع المُتفق عليها وتلك محل الخلاف يتم مناقشة مسألة حل النزاع ودياً، كما يعرض القاضي على أطراف النزاع إحالته إلى إحدى الوسائل البديلة عن التقاضي التقليدي، كما يشرح لهم ميّزات وحسنات اللجوء إلى هذه الوسائل.
12) تحديد الخطوات الواجب على أطراف النزاع اتخاذها في المرحلة القادمة وهي مرحلة المحاكمة، ومن ضمنها الاتفاق على موعد المحاكمة ومواعيد الإجراءات الواجب اتخاذها في مرحلة المحاكمة والاتفاق على الالتزام بمواعيد هذه الخطوات لضمان الوصول إلى أهداف الدّعوى وهي تحقيق العدالة بين أطرافها بأقصر وقت وأقل تكلفة.
13) أخيراً يتم مناقشة مسألة على قدرٍ عالٍ من الأهمية وهي مقدرة القاضي الذي يدير الدّعوى على الفصل بموضوعها، أو أن الدّعوى وبحكم تعقيد أو جدة موضوعها تحتاج إلى قاضٍ من درجةٍ أعلى من درجة القاضي الذي يُشرف على إدارة الدّعوى، أو تحتاج إلى قاض متخصص بنوع معين من الدعاوى. وهنا قد يتم نقل الدّعوى وإحالتها إلى محكمة أخرى غير المحكمة التي تمت فيها إدارة إجراءاتها الأولية، وذلك كله بهدف تقديم أفضّل الخدمات لأطراف الدّعوى من أجل ضمان تحقيق أعلى درجات العدالة.
ويجب على وكلاء أو ممثلي أطراف النزاع الحضور في اجتماع إدارة الدّعوى، وعند التغيُب عن الحضور يجوز للطرف الآخر أن يطلب من المحكمة إتمام الإجراءات السابقة بغياب الطرف الآخر ، وعند إصدار قرار من المحكمة بإلزام الطرف الغائب بالقيام بأمر معين في الدّعوى يتم تبليغه به ويتم الطلب منه أن يقوم بإتمام هذا الأمر في وقت محدد تحت طائلة الحكم بإسقاط دعواه إن كان مدّعياً أو دفاعه إن كان مدعىً عليه مع الحكم عليه بأية غرامات أو مصاريف تقدرها المحكمة .
وفي حال صدر قرار أثناء اجتماع إدارة الدّعوى الذي حضره جميع الأطراف يُلزم أحد الأطراف على القيام بأمر معين، وتمنّع هذا الطرف عن القيام به خلال المدة المحددة له، يجوز للطرف الآخر بعد إخطاره بوساطة المحكمة أنه سوف يُنفذ هذا الأمر ويطلب من المحكمة إلزام الطرف المُمتنع بدفع التكلفة المناسبة مع الحكم على الطرف المُمتنع بأية غرامات تتوازن مع جسامة المخالفة، وكذلك تأخذ المحكمة في حُسبانها امتناع هذا الطرف عن التقيُّد بأوامرها عند إصدارها لأية قرارات مستقبلية في الدّعوى وتُمارس صلاحياتها في الحكم بالغرامات أو شطب الدّعوى أو الدفاع أو أي جزء منهما، وذلك كله في محاولة من المحكمة لمنع أطراف النزاع من استخدام الامتناع عن تنفيذ قرارات المحكمة كوسيلة للتسويف والمماطلة وبالتالي التأخير في إجراءات الدّعوى، لذلك مُنحت إدارة الدّعوى المدنيّة في النظام البريطاني صلاحيات واسعة وصارمة في الحكم على الطرف الذي يَظهر من تصرفاته أنه يهدف إلى المساهمه في تأخير البت في النزاع بأشد العقوبات بهدف ردعه عن اتخاذ هذا المسلك الذي يؤدي إلى الإضرار بالطرف الآخر وبسمعة القضاء بشكل عام .
على أنه يجب التنبيه إلى أن قواعد الإجراءات المدنيّة لم تُجبر المحكمة على عقد اجتماع إدارة الدّعوى بل ترك الأمر لاختيار المحكمة في الحالات التي ترى فيها ضرورة لعقد هذا الاجتماع، وعندها يكون البديل عن الاجتماع هو تحديد موعد لما يسمى بجلسة مراجعة الإجراءات السابقة للمحاكمة وهي جلسة أقصر من اجتماع إدارة الدّعوى ولا يتم فيها مناقشة كافة الأمور التي يتم مناقشتها في اجتماع إدارة الدّعوى، مع أن هناك بعض الأمور المشتركة بينهما ومن أهمها توفير فرص إضافية لأطراف النزاع لعقد جلسة مشاورات تهدف إلى حل النزاع ودياً قبل البدء بإجراءات المحاكمة .
خامساً: في سبيل تحقيق إدارة أفضل للدعوى المدنيّة وبهدف ضمان تحضير الدّعوى بشكل كامل وسليم قد تقرر المحكمة إلزام أطراف النزاع بتقديم ما يُسمى بنموذج التحقُق من أو التحقيق في إجراءات ما قبل المحاكمة، وهو نموذج يُوزع على الأطراف من قِبل المحكمة قبل موعد المحاكمة المحددة سابقاً بأحد عشر أسبوعاً على الأقل، وعلى الأطراف الإجابة عن الأسئلة الواردة فيه وإعادته إلى المحكمة قبل موعد المحاكمة بثمانية أسابيع، ويهدف هذا النموذج إلى تفحص مدى قبول أطراف النزاع بالإجراءات المقررة سابقاً والخطوات المقرر اتخاذها مستقبلاً في الدّعوى وكذلك التأكد من إكتمال تجهيز وتحضير محتويات ملف الدّعوى للمحاكمة، ومع أن قواعد الإجراءات لم تُجبر الأطراف على تبادل هذا النموذج مع بعضهم البعض قبل تقديمه للمحكمة إلا أن المحاكم الإنجليزية تُشجع الأطراف على التبادل بهدف تقديم معلومات كاملة ومتناسقة عن رأي الأطراف بالإجراءات المُتخذه، وقد تصرف المحكمة النظر عن هذا الإجراء إذا رأت مبرراً لذلك من إجل اختصار الوقت، سيما إذا كانت سابقاً قد عقدت اجتماعاً لإدارة الدّعوى وحضره جميع أطراف النزاع وتم فيه الاتفاق على مواعيد المحاكمة والإجراءات التي سوف تُتخذ فيها كما تم فيه التأكُد من إكتمال محتويات ملف الدّعوى وتجهيزه للمحاكمة، علماً بأن للمحكمة الحق في عدم دعوة الأطراف لاجتماع إدارة الدّعوى ودعوتهم لتقديم هذا النموذج وبعد تقديمه دعوتهم لجلسة استماع تهدف إلى مراجعة إجراءات ما قبل المحاكمة على أن يتم تبليغهم بموعد الجلسة قبل هذا الموعد بسبعة أيام على الأقل إن كانت جلسة مراجعة ولم يسبقها اجتماع لإدارة الدّعوى وثلاثة أيام إن كانت جلسة استماع عادية للتدقيق في قائمة الإجراءات وكانت مسبوقة باجتماع إدارة الدّعوى أو جلسة مراجعة للإجراءات. وعند إنعقاد جلسة الاستماع قد تُصدر المحكمة قراراً بتغيير بعض من قراراتها السابقة سواء بإلغاء أو إضافة إجراءات جديدة على أن لا يُسبب التغيير في زيادة المدة الكُلية لإدارة الدّعوى في هذا المسار والمحددة بثلاثين إسبوعاً، كما يتم تثبيت موعد المحاكمة المحدد سابقاً والتأكيد عليه. ويتم أيضاً تقدير المدة الزمنية التي تحتاجها المحكمة للفصل بالدّعوى، وهي غالباً ما تكون أكثر من جلسة وفي عدة أيام متعاقبة، وقد تستمر أسبوعاً أو أكثر أو أقل حسب عدد الشهود. وفي حالة إصدار المحكمة قراراً بضرورة تقديم هذا النموذج فعلى الأطراف التقيُّد بالأمر ضمن المدد المحددة لذلك، مع التأكيد دائماً على الحق الممنوح للمحكمة في اتخاذ أية عقوبات كالغرامة أو الحكم بالمصاريف أو الشطب الكلي أو الجزئي ضد الطرف الذي لم يلتزم بموعد تقديم النموذج ضمن الموعد المحدد في القواعد أو أي موعد تحدده المحكمة .
وبعد أن تنتهي أعمال إدارة الدّعوى أو أثناء العمل فيها أوجبت قواعد الإجراءات المدنيّة على وكيل المدّعي العمل على متابعة إدخال التحديثات والتعديلات التي يتم الاتفاق عليها في اجتماعات إدارة الدّعوى إلى الملف قبل أن تبدأ المحكمة بنظر موضوع النزاع، وذلك لضمان سلامة الإجراءات اللاحقة لإدارة الدّعوى. ويتم تحديث الملف بإدخال أية أمور أو معلومات أو قرارات حصلت بعد تقديم الملف لإدارة الدّعوى. وهذا التحديث يتم ضمن المدد والضوابط التالية :
أ. يجب إضافة الجدول الزمني المتفق عليه والمحدد على الوجه السابق بيانه إلى الملف خلال عشرة أيام من اجتماع إدارة الدّعوى المدنيّة، وضمن المدة نفسها يجب إضافة أية أوامر أو قرارات صدرت وكانت تتعلق بالدّعوى كقرار جلب بيّنات لدى الغير أو إلزام أحد الأطراف بإحضار أية بيّنه لديه وضمها للملف أو دعوة شاهد، وهذا الأمر يضمن حصر المدة الزمنية وعدم المماطلة في تقديم محتويات الملف.
ب. يجب إضافة أية نسخة من أي قرار تمهيدي يصدر في الدّعوى خلال مدة لا تتجاوز عشرة أيام أيضاً من صدور أي من هذه القرارات أو الأوامر. ويتطلب هذا الأمر تعديل المذكرة الإيضاحية بشكل يضمن إظهار كامل هذه المحتويات.
ج. وحيث أن أي تعديل في ملف الدّعوى سيؤثر في الوقائع الواردة في ملف إدارة الدّعوى المدنيّة، فإنه لابد من تقديم تعديل على هذه الوقائع بشكل يضمن تبديل الوقائع الأولى الأصلية بتلك المعدلة وذلك خلال مدة زمنية لا تتجاوز في حدها الأعلى أربعة عشر يوماً من التعديل على وقائع هذه الدّعوى.
من كل ما سبق يتبين لنا أن الدّعوى في الواقع الإنجليزي تخضع لرقابة وإدارة مبكرتين، لأن الكثير من الدعاوى يتم إنهاؤها في مراحلها الأولى بعد تبادل اللوائح، وما يتم الاستمرار في إجراءاتها هي الدّعوى التي تتضمن إنكار المدّعى عليه كلياً أو جزئياً لطلبات المدّعي، وبعد هذا الإنكار تبدأ المرحلة الثانية من إدارة الدّعوى والتي تتمثل في التصنيف وتحديد المسار، وبعدها تبدأ مرحلة تجهيز ملف إدارة الدّعوى لغايات تقديمه لأحد القضاة حسب القائمة (الدور) ليمارس صلاحيات إدارة الدّعوى.
وبعد انتهاء مرحلة إدارة الدّعوى يتم تحويل ملفها إلى قاضي الموضوع الذي يبدأ بدراسة الملف بكافة محتوياته، ويتقيد بما تم اتخاذه من إجراءات أمام إدارة الدّعوى بما فيها مواعيد المحاكمات ومواعيد الإجراءات المطلوب اتخاذها وبحسب ما إذا كان مسار الدّعوى يُحتم الفصل فيها في جلسة واحدة أو عدة جلسات وجميع هذه الأمور تكون موضحة في الجدول المُعد مُسبقاً من قبل إدارة الدّعوى.
5 سبتمبر، 2017 at 1:56 ص
مرحبا
لماذا لم يتم الإشارة الى الباحث ومكان النشر وتاريخه
علماً بان هذه المعلومات تهم الباحثين وتتعلق بحقوق الملكية الفكرية
كا اود ان اشير الى هذه العجالة المنشورة اعلاه تمثل جزء يسير من اطروحتي لمرحلة الدكتوراه التي نوقشت واجيزت في اكتوبر 2007 كما قمت بنشر بحث مستل منها بعنوان الطبيعة القانونية لاعمال ادارة الدعوى المدنية في مجلة حقوق جامعة المنوفية في عام 2011 وكذلك اصدرت كتاباً بعنوان ادارة الدعوى المدنية في عام 2011 ايضا وهو من منشورات دار الثقافة في عمان
مع تحياتي وامنياتي للقائمين على الموقع بالتوفيق في خدمة العلم وطالبي العلم
الباحث المحامي الدكتور
محمد الرواشدة
عمان – الأردن