بحث قانوني و دراسة عن الدفع بقوة القضية المقضية
الدفع بقوة القضية المقضية —– بقلم قاضي محكمة بداية عمان ايناس الخالدي
الدفع بقوة القضية المقضية
الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها
معالجة قضائية
اعداد قاضي محكمة بداية عمان ايناس الخالدي
تمهيد وتقسيم:-
للدفوع أهمية رئيسية بالدعوى فكما يكفل القانون للمدعي حقه بإقامة الدعوى كذلك يكفل للمدعى عليه حقه بتقديم دفوعه لرد الدعوى والدفوع هي الحجج أو الذرائع التي يتمسك بها المدعى عليه لرد الدعوى.
ويمكن تقسيم الدفوع إلى دفوع ابتدائية و دفوع مطلقة والابتدائية هي الدفوع التي يجب تقديمها أولا وقبل أي دفع أخر و إلا سقط الحق في التمسك بها كالدفوع الواردة في المادة 110/1 من الأصول المدنية حيث نصت ” الدفع بالبطلان غير المتصل بالنظام العام وسائر الدفوع المتعلقة بالإجراءات غير المتصلة بالنظام العام والدفع بعدم الاختصاص المكاني أو بوجود شرط التحكيم يجب إبداؤها معا قبل إبداء أي دفع إجرائي أخر أو طلب دفاع في الدعوى و إلا سقط الحق فيها كما يسقط حق الطاعن في هذه الدفوع إذا لم يبدها في لائحة الطعن.”
أما الدفع المطلق فهو الدفع الذي يتمسك به الخصم في أي مرحلة من مراحل الدعوى ويجوز تقديمه طالما كان النزاع قائما ولم تحسم الدعوى وأمثلة هذا الدفع ما نصت عليه المادة 111/1 من الأصول المدنية ” الدفع بعدم اختصاص المحكمة لانتفاء ولايتها أو بسبب نوع الدعوى أو قيمتها أو بعدم جواز نظرها لسبق الفصل فيها أو بأي دفع أخر متصل بالنظام العام تحكم به المحكمة من تلقاء نفسها ويجور الدفع به في أي حالة تكون عليها الدعوى”
ومدار البحث الذي نتناوله هنا هو أحد الدفوع المطلقة وهو الدفع بقوة القضية المقضية أو ما يعرف بالدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها . ويتفق الكثيرون على أن موضوع البحث الذي نتناوله من الموضوعات التي تكتسب أهمية خاصة في مجال دارسة وتطبيق القانون ذلك أن غاية صاحب الحق أن يحظى بحقه وغاية المحامي أن يحصل على حكم لصاحب الحق بإقرار حقه ومن هنا كانت دراسة الحكم. ومن أولى جزئيات دراسة الحكم تناول حجيته لأنه لا قيمة لحكم لا يستطيع صاحبه أن يحسم به حقه لذلك استقرت التشريعات على إضفاء مبدأ الحجية على الحكم إذا توافرت فيه شروط معينه بحيث لا يجوز نقض هذه الحجية بإعادة طرح النزاع مره أخرى على القضاء . ومن البديهي انه لا يمكن دراسة الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها بدون دراسة حجية الحكم فالموضوع واحد بل أن الدفع بعدم الجواز يعني الدفع بحجية الحكم أو ما يسميه الفقه بحجية الأمر المقضي و لأهمية هذا الدفع فقد قرر المشرع للمتقاضين حق التمسك به في أية حالة كانت عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة التمييز باعتباره من النظام العام كما يجوز للمحكمة أن تحكم به من تلقاء نفسها .
ولإعطاء هذا الموضوع حقه من التمحيص والدارسة نقسم هذا البحث إلى أربع مباحث على النحو التالي :
المبحث الأول : ماهية الحجية و آثارها.
المبحث الثاني : الشروط اللازم توافرها في الأحكام التي تحوز حجية الأمر المقضي.
المبحث الثالث : حجية الأحكام الجزائية أمام القضاء المدني.
المبحث الرابع : شروط الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها.
خاتمة .
وننوه بهذا المقام إلى أن هذه الدراسة تقوم على دمج ابرز الاجتهادات القضائية في الدفع بقوة القضية المقضية من خلال المعالجة النظرية التي نقوم بها.
والله الموفق
المبحث الأول ماهية الحجية و آثارها
1. النصوص التشريعية
نصت المادة 41/1 من قانون البينات على أن ” الأحكام التي حازت الدرجة القطعية تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق فلا يجوز قبول دليل ينقض هذه القرينة ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه القوة إلا في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم وتعلق النزاع بالحق ذاته محلا وسببا “.
ونصت المادة 112 من قانون أصول المحاكمات المدنية على أن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها ” ويلاحظ على هذه النصوص أن المشرع اعتبر حجية الأمر المقضي قرينة قانونية قاطعه مؤداها أن الحقيقة القضائية مطابقة للحقيقة الواقعة ورتب على ذلك اعتبار الأحكام التي يصدرها القضاء حجة بما فصلت فيه فلا يجوز نقضها بأي دليل عكسي كما اعتبر المشرع قوة الحجية من النظام العام تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها. ويرى الفقه أن حجية الأمر المقضي ليست قرينة قانونية لأنها لا تنطوي على معنى الدليل وإنما هي قاعدة موضوعية قصد بها وضع حد للمنازعات التي يفصل فيها القضاء فلا يجوز أن ترفع دعوى جديدة بأمر فصل فيه القضاء لكن هذا البحث نظري صرف لأنه لما كان المشرع يملك بزمام القواعد الموضوعية و القرائن القانونية قد اعتبر هذه الحجية مجرد قرينة قانونية و أوردها في قانون البينات في الباب الخاص بالقرائن فانه يجب أن نتقيد بهذا التكييف مع ملاحظة أن المحكمة لا يجوز ان تأخذ بهذه القرينة من تلقاء نفسها .
2. حجية الشيء المحكوم فيه وقوة الأمر المقضي
هنالك فرق بين حجية الشيء المحكوم فيه أي حجية الأمر المقضي به وبين قوة الأمر المقضي فحجية الأمر المقضي تثبت لكل حكم قضائي ابتدائي وجاهي أو بمثابة الوجاهي يكون قابلا للطعن فيه بطريق التمييز أو الاستئناف وتظل له هذه الحجية إلى أن يقضى بإلغائه في التمييز أو الاستئناف فتزول عنه هذه الحجية أما قوة الأمر المقضي فلا تثبت إلا للأحكام النهائية كما لو كان الحكم صادرا في حدود اختصاص المحكمة النهائي أو كان قابلا للطعن فيه بأحد طرق الطعن العادية وانقضت مواعيده أو تنازل المحكوم ضده عن الطعن.
3. تعلق الحجية بالنظام العام
الدفع بحجية الحكم السابق يجوز إثارته ولو لأول مرة أمام محكمة التمييز لان حجية الأمر المقضي تعتبر من النظام العام ومبررات ذلك استقرار الحقوق لأصحابها ومنعا لتضارب الأحكام . وإذا كان تعلق حجية الحكم المقضي بالنظام العام مسلما به بالنسبة للأحكام الجزائية بسبب ما للعقوبات وقواعد الإجراءات من صلة به فان هذه الحجية تقوم في المسائل المدنية على ما يفرضه القانون من صحة مطلقة في حكم القضاء رعاية لحسن سير العدالة واتقاء لتأييد المنازعات وضمانا للاستقرار الاقتصادي والاجتماعي وهي أغراض تتصل اتصالا وثيقا بالنظام العام وغني عن البيان أن إقرار الخصوم على حق التنازل عن هذه الحجية ومنع القاضي من إثارتها من تلقاء نفسه يمكن الاحتمال تعارض الأحكام وتجديد المنازعات وهو احتمال قصد قانون البينات إلى اتقائه.
4. جواز إثارة الدفع بعدم الجواز ولو لأول مرة أمام محكمة التمييز
أن المشرع رتب نتائج هامة على الدفع بحجية الأمر المقضي أو الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها أولا لأنه يجوز إثارة هذا الدفع في أي مرحلة من مراحل التقاضي ولو لأول مرة أمام محكمة التمييز كما أن المحكمة تقضي به من تلقاء نفسها عملا بالمادة 112 أصول مدنية ولا يجوز للخصم أن يتنازل عن التمسك بهذا الدفع أي لا يجوز له أن يتنازل عن التمسك بحجية الأمر المقضي.
5. تفسير الحكم لا يمس حجيته
لا يجوز للقاضي وهو يقوم بالتفسير أن يعدل من أسباب الحكم الذي يفسره أو يصحح خطا وقع فيه سواء كان الخطأ في فهم الواقع في الدعوى أو في تطبيق القانون كما لا يجوز له أن يضيف أسبابا جديدة تعزز المنطوق الذي يتولى تفسيره لأنه حينئذ يكون قد أهدر حجية الحكم وهو ما نهى عنه المشرع.
6. تصحيح الخطأ المادي في الحكم لا يمس حجيته
أجازت المادة 168 أصول مدينة للمحكمة التي أصدرت الحكم أن تتولى تصحيح ما يقع فيه من أخطاء مادية أو بحته كتابية أو حسابية وذلك بقرار تصدره من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم من غير مرافعة ويجري كاتب المحكمة هذا التصحيح على نسخة الحكم الأصلية ويوقعه هو ورئيس الجلسة.
فالتصحيح طبقا لهذا النص قاصر على الأخطاء المادية البحته دون المساس بالمنطوق .
7. الحجية لا ترد على الطلب الموضوعي الذي أغفلته المحكمة
إذا كان الحكم قد أغفل الفصل في طلب موضوعي جازم كان قد تمسك به الخصم في دعواه وطلب من المحكمة صراحة الفصل فيه فهل يمتنع على المحكمة التي أغفلت الفصل في الطلب الموضوعي أن تعاود طرحه ومناقشته . للإجابة على ذلك فانه يتعين أن يكون الخصم قد تقدم في الدعوى الأصلية بهذا الطلب الموضوعي بصورة واضحة لا غموض فيها ويكون قد طلب من المحكمة الفصل فيه فلا يكفي أن يكون قد أثار في دفاعه كما يشترط أن يكون الحكم قد أغفل الفصل في هذا الطلب إغفالا كليا بحيث لم يقض فيه صراحة أو ضمنا فإذا كان الحكم قد تعرض لهذا الطلب وناقشه فانه لا يكون قد اغفل الفصل فيه إذ القاعدة أن حجية الأحكام قاصرة على ما فصلت فيه من طلبات فلا تمتد هذه الحجية لما لم يكن قد تعرض له الحكم.
8. حجية الحكم الباطل والحكم المعدوم
إن القاعدة المستقرة إن الحكم الباطل له حجية رغم بطلانه وهو الحكم الذي يكون قد أصابه بعض العوار الذي لا يفقده وجوده كحكم صادر من جهة قضائية تملك إصداره في نزاع مطروح روعي فيه كافة أوجه القانون من ضوابط وشروط وذلك بعكس الحكم المعدوم الذي يعتبر عديم الأثر قانونا ولا يكتسب أية حجية كالحكم الذي لا يوقع عليه القاضي أو الذي يصدر من قاضي زالت عنه ولاية القضاء .
وقد عرف الفقه الحكم المعدوم بأنه ذلك الذي يشوبه عيب يكون من الجسامة بحيث يفقده كيانه أو وجوده القانوني فهو لا يكتسب أية حجية لان المعدوم يعتبر كأن لم يكن.
9. حجية الأحكام المدنية نسبية
القاعدة أن الأحكام كالعقود لا يحتج بها إلا على أطرافها فلا يحوز الحكم الصادر في دعوى ما حجية على من لم يختصم في هذه الدعوى أو يكون طرفا فيها وهو يعتبر من الغير لا يجوز لمن صدر الحكم لصالحه أن يتمسك به في مواجهته.
10. الأحكام التي حازت قوة القضية المقضية – شروط قبولها للطعن بإعادة المحاكمة
تجيز المادة 213/6 من قانون أصول المحاكمات المدنية للخصوم طلب إعادة المحاكمة في الأحكام التي حازت قوة القضية المقضية إذا كان منطوق الحكم مناقضا بعضه لبعض فإذا كان الخطأ أو التناقض ( بفرض وقوعه ) في الأسباب والحيثيات وهي ليست جزءا من المنطوق فلا يصح ذلك سببا لإعادة المحاكمة ولا يغير من الأمر شيئا أن بعض الأسباب التي يبنى عليها منطوق الحكم و التي ترتبط به تحوز حجية الأمر المقضي به لأن التناقض في منطوق الحكم كسبب لإعادة المحاكمة لا علاقة له بموضوع حجية السبب.
قرار رقم 1205/91 صفحة 909 سنة 1993
11. الادعاء ضد حكم حاز قوة القضية المقضية – عدم سماعه
لا يؤثر على توافر شروط القضية المقضية اختلاف تسمية الدعويين اللفظي طالما أن الدعويين متكونتين بين الخصوم أنفسهم وتتعلقان بالحق ذاته محلا وسببا. عملا بالمادة 41/1 من قانون البينات .وأن تسمية الدعوى الثانية بأنها دعوى إبطال قيود الحساب الجاري مدين لا يجعل الدعوى مختلفة عن دعوى المطالبة برصيد الحساب الجاري .
وعليه فلا يجوز الادعاء ضد حكم حاز قوة القضية المقضية بالنسبة لأصل الحق.
قرار رقم 630/91 صفحة 796 سنة 1993
12. الأسباب الجوهرية التي استند إليها الحكم – حجيتها
تحوز الأسباب الجوهرية التي استند إليها الحكم المكتسب الدرجة القطعية قوة الشيء المحكوم به.
قرار رقم 630/91 صفحة 796 سنة 1993
13. إسقاط الدعوى لا يحوز قوة الشيء المحكوم فيه
إن إسقاط الدعوى لا يسقط الحق ولا الادعاء به ولا يحول دون تجديد الدعوى عملا بالمادة 125 من قانون أصول المحاكمات المدنية وهذا يعني أن إسقاط الدعوى لا يسقط الحق . ذلك لأن إسقاط الحق هو الذي ينهي النزاع فلا يحق لمن أسقط حقه أن يطالب به أمام القضاء أما وقف الدعوى أو إسقاطها أو تأجيلها دون إسقاط الحق موضوع الدعوى فلا يحول بين صاحب الحق ومتابعة دعواه . وتجديدها أو المطالبة به بدعوى أخرى ما لم يسقط حق الادعاء لأي سبب قانوني من أسباب انتهاء الدعوى أو تقادمها.
لقد اشترطت المادة 126 من قانون أصول المحاكمات المدنية موافقة المدعى عليه ( المستأنف عليه ) على إسقاط المدعي أو المستأنف لدعواه أو استئنافه حيث أن موافقته اشترطت لأنه معرض لمداعاته مستقبلا إما بتجديد الاستئناف الذي اسقط أو بدعوى جديدة . ولو كان إسقاط الدعوى يسقط الحق لما كان للمدعى عليه أو المستأنف عليه أية مصلحة في المعارضة أو عدم الموافقة على الإسقاط . وعليه فان ادعاء المميزين بان إسقاط المميز ضدها ( البنك العربي) لاستئنافها يعني إسقاط حقها نهائيا في طلب الحكم بعدم نفاذ العقود التي كانت موضوع استئنافها معتبرين انه باسقاط الاستئنافين يكتسب قرار محكمة البداية قوة القضية المقضية هو ادعاء لا يقوم على أساس قانوني سليم ويكون التمييز حقيقا بالرد.
قرار رقم 1321/94 صفحة 2532 سنة 1995
14. إسقاط الدعوى لعدم الاختصاص لا يشكل قضية مقضية .
إسقاط الدعوى وهي الوسيلة القانونية لحماية الحق والمطالبة به لا يعني إسقاط الحق أو التنازل عنه ، وللمميز رغم إسقاط الدعوى أمام محكمة البداية كونها غير مختصة كامل الحق بإقامة الدعوى مجددا أمام محكمة الصلح للمطالبة بنفس الحق ، لان إسقاط الدعوى دون إسقاط الحق لا يشكل قضية مقضية تمنع من المطالبة بالحق بدعوى جديدة لذا فقد كان على محكمة الاستئناف استحضار ملف القضية المسقطة للتثبت مما إذا كان الإسقاط مقصورا على الدعوى ام شاملا للدعوى والحق معا.
قرار رقم 674/96 صفحة 1103 سنة 1997
15. التوسع في تفسير القواعد الخاصة بقوة الشيء المحكوم فيه – عدم جوازه
استقر الاجتهاد على أن القواعد الخاصة بقوة الشيء المحكوم فيه هي من القواعد الضيقة التفسير التي يجب الاحتراس من التوسع في شمولها منعا للأضرار التي قد تترتب على ذلك وانه كلما اختل أي شرط من شروط تلك القاعدة في السبب أو الموضوع أو الخصومة باختلاف أي منها في الدعوى الثانية مما كان عليه في الدعوى الأولى وجب التقرير بان لا قوة للحكم الأول بمنع الدعوى الثانية . وعليه فان اقتصار الخصومة في القضية الأولى على المدعيين وشركة التامين فقط بينما أضيف إلى الخصوم في القضية الثانية سائق الباص العمومي المتسبب في الحادث يخل بأحد شروط القضية المقضية مما يوجب سماع الدعوى.
قرار رقم 499/94 صفحة 2080 سنة 1995
16. الحكم الاستئنافي غير المطعون فيه يحوز قوة القضية المقضية
إن عدم الطعن بالحكم الصادر عن محكمة الاستئناف والقاضي بعدم بطلان عقد التامين الذي أبرمته المميز ضدها مع المؤمن له الذي ابرم قبل وصول البضاعة إلى ميناء العقبة ، يكسبه الدرجة القطعية ويحوز قوة الشيء المقضي به .
قرار رقم 122/93 صفحة 2108 سنة 1993
17. الحكم برد الدعوى لسبق الفصل فيها _ شروط صحته
تختلف دعوى إخلاء المأجور المقامة على أساس أن المستأجر اجر أجزاء من المأجور لآخرين في سببها عن الدعوى المقامة على أساس أن المستأجر أحدث تغييرات في المأجور خلافا لشروط العقد ، وعليه فان ما ذهبت إليه محكمة الاستئناف في قرارها المميز أن النزاع بين فريقي الدعوى كان موضوع قضية سابقة اكتسب الحكم بها الدرجة القطعية وأصبحت قضية مقضية هو تعليل غير كاف ، لانتقاء شروط القضية المقضية ولاختلاف سبب الدعويين وكان على محكمة الاستئناف بحث ومعالجة التغييرات ومدى مخالفتها لشروط العقد .
قرار رقم 580/96 صفحة 298 سنة 1997
18. الحكم برد الدعوى لعدم صحة الخصومة لا يجوز حجية القضية المقضية .
يحق للمدعي الذي ردت دعواه لعدم الخصومة بسبب الجهالة في الوكالة التي قدمت بموجبها الدعوى رفعها من جديد بموجب وكالة صحيحة ذلك أن رد الدعوى في مثل هذه الحالة لا يعني ردها من الناحية الموضوعية ولا يحوز الحكم بها حجية القضية المقضية .
قرار رقم 997/96 صفحة 2697 سنة 1997
19.الحكم الصادر بحق المتوفى أثناء المحاكمة لا يحوز قوة الشيء المحكوم به
تنتهي الوكالة بوفاة الموكل عملا بالمادة 861/3 من القانون المدني وعليه فإذا كان الموكل في القضية المفصولة قد توفي بعد تنظيم الوكالة بمدة أسبوعين فيتوجب تبلغ الورثة لحضور المحاكمة والسير في الدعوى من النقطة التي وقفت عندها قبل الوفاة عملا بالمادة 181 من أصول المحاكمات الحقوقية . فإذا لم يتم ذلك فلا يعتبر المورث والورثة ممثلين في الخصومة الجارية في الدعوى من تاريخ الوفاة وحتى صدور الحكم فيها وبالتالي فان الحكم الصادر في تلك القضية لا يحوز قوة الشيء المحكوم فيه لا بالنسبة للمورث ولا بالنسبة للورثة.
قرار رقم 829/91 صفحة 779 سنة 1993
20. الدفع بالقضية المقضية – جواز اثارته من المحكمة – من تلقاء نفسها
إن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها ومن الجائز إثارة هذا الدفع في أي مرحلة من مراحل الدعوى . وعليه فلا يرد القول بان الدعوى الثانية أقيمت قبل الفصل بالدعوى الأولى طالما أن المحكمة قد فصلت الدعوى الأولى بحكم قطعي وان موضوع الدعوى الثانية هو ذات موضوع الدعوى الأولى .
قرار رقم 630 /91 صفحة 796 سنة 1993
21. الدفع بالقضية المقضية – جواز اثارته من المحكمة من تلقاء نفسها
أن القواعد المتعلقة بالاحتجاج بالقضية المقضية هي من قواعد الأصول والإجراءات وان هذه القواعد والأحكام هي أحكام أصولية خاصة ومن مرتبة تشريعية واحدة سواء وردت في قانون البينات أو في قانون أصول المحاكمات المدنية يعدل فيها حكم النص اللاحق حكم النص السابق . وعليه يطبق نص المادة 112 من قانون أصول المحاكمات المدنية الذي يعتبر أن الدفع بالقضية المقضية من حق المحكمة تقضي به من تلقاء نفسها لأنه نص لاحق على نص المادة 41 من قانون البينات بصرف النظر عن أي اجتهاد سابق .
قرار رقم 1630/93 صفحة 835 سنة 1994
22. الدفع بالقضية المقضية – شروط قبوله
لا يوجد بالأصول القانونية ما يمنع المدعي من إقامة عدة دعاوى في موضوع واحد لكن للخصم أن يحتج على المدعى بعدم المصلحة من إقامة أكثر من دعوى أو يضم أية دعوى من هذا القبيل إلى الدعوى الأخرى أو إذا فصلت إحدى هذه الدعاوى قبل الأخرى أن يحتج بالقضية المقضية لرد الدعوى التي لم تفصل وعليه وبما أن القضية المحتج بها لم تفصل بعد وبالتالي لا تعتبر قضية فلا يجوز الاستناد إليها لرد هذه الدعوى.
قرار رقم 571/94 صفحة 889 سنة 1995
23. الدفع بالقضية المقضية – شروط قبوله
تقضي المادة 41 من قانون البينات بان الأحكام التي حازت الدرجة القطعية تكون حجة بما فصلت فيه إذا كانت في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم وتعلق النزاع بالحق ذاته محلا وسببا وعليه فان إقامة المدعي دعوى لأجل مطالبة المدعى عليه يجعل من إقامته للدعوى جديدة ضد نفس المدعى عليه للمطالبة بنفس المبلغ الذي أعطى الشيك من اجله غير مسموعة لسبق الفصل فيها بحكم حاز قوة الشيء المحكوم فيه ذلك أن النزاع قائم في الدعويين بين نفس الخصوم دون أن تتغير صفاتهم وان النزاع القائم بينهما وهو على قيمة الشيك يتعلق بالحق ذاته محلا وسببا ولا يرد القول بان الدعوى الأولى تتعلق بعدم الوفاء بقيمة الشيك والدعوى الجديدة تتعلق بإعادة نفس المبلغ الذي أعطي الشيك من اجله .
قرار رقم 1564/94 صفحة 2616 سنة 1997
24. الدفع بالقضية المقضية لسبق الفصل في موضوعها بحكم أجنبي – عدم قبوله
لا يوجد في قانون أصول المحاكمات المدنية ما يمنع صاحب الحق من إقامة الدعوى للمطالبة به لدى اكثر من محكمة ولكن لذي العلاقة أن يطلب تعيين المرجع سندا للمادة (35) من ذات القانون إذا كانت الدعاوى لا تزال قائمة أو أن يطلب رد الدعوى بالاستناد للقضية المقضية طبقا لنص المادة (109) وعليه لا يكون الحكم الأجنبي قابلا للتنفيذ في المملكة إلا إذا أقيمت دعوى أمام محكمة البداية بطلب تنفيذه وصدر حكم باكسائه صيغة التنفيذ . ولا يرد بالتالي رد الدعوى استنادا إلى أن حكما أجنبيا صدر في موضوعها وبين نفس الخصوم دون أن تتغير صفاتهم.
قرار رقم 1520/ 93 صفحة 1327 سنة 1995
25. صلاحية المحكمة من تلقاء نفسها برد الدعوى لسبق الفصل فيها
الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها عملا بالمادة (112) من قانون أصول المحاكمات المدنية.
قرار رقم 548/94 صفحة 120 سنة 1997
26. اسقاط الدعوى نهائيا يشكل قضية مقضية
“يكتسب الحكم قوة القضية المقضية إذا أسقط المدعي الدعوى إسقاطا نهائيا ولا يجوز إثارة النزاع من جديد.”
قرار رقم 936/88 صفحة 1875 سنة 1990
المبحث الثاني الشروط اللازم توافرها في الأحكام التي تحوز حجية الأمر المقضي
يشترط لاعتبار الحكم حائزا حجية الأمر المقضي أن تتوافر فيه ثلاث شروط هي
أولا : أن يكون صادرا من جهة قضائية
ثانيا : أن يكون لهذه الجهة ولاية في إصدار الحكم
ثالثا : أن يكون الحكم قطعيا
المطلب الأول صدور الحكم من جهة قضائية
لا يقصد بالجهة القضائية المحاكم فحسب وإنما يدخل في مدلول الجهة القضائية في حكم توافر هذا الشرط أي جهة لها ولاية القضاء بمقتضى القانون سواء كانت من جهات القضاء العادي بفرعيه المدني والجزائي أو كانت من الجهات القضائية الاستثنائية أو الجهات الإدارية ذات الاختصاص القضائي كالمحاكم العسكرية وأحكام المحكمين ومجالس النقابات المهنية كنقابة المحامين وكل ما يشترط أن يكون الحكم أو القرار صادرا في حدود اختصاصات هذه الجهات وفقا للقانون.
المطلب الثاني أن يكون لجهة الحكم ولاية في إصداره
من المعروف انه لما كان الاختصاص الولائي يتعلق بالنظام العام فان صدور حكم حائز لقوة الأمر المقضي من جهة قضائية غير مختصة ولائيا لا يحوز الحجية أمام محاكم الجهة المختصة إلا أن الحكم يظل محتفظا بحجيته أمام جميع محاكم الجهة القضائية التي أصدرته إحدى محاكمها فلا تجوز المجادلة فيه أمامها بل يجب عليها أن تتقيد به لان قوة الأمر المقضي تسمو على النظام العام.
المطلب الثالث أن يكون الحكم قطعيا
يعتبر الحكم قطعيا الذي يفصل في موضوع النزاع برمته أو في شق منه كالحكم من المدعي بطلباته كلها أو بعضها أو الحكم برفض الدعوى كما يعتبر كذلك الحكم الذي يفصل في دفع من الدفوع الشكلية أو الموضوعية في مسالة من المسائل الفرعية سواء تعلقت هذه المسالة بالقانون أو بالوقائع كالحكم الذي يصدر في الدفع بعدم الاختصاص أو بعدم قبول الدعاوى
وتثبت حجية الأمر المقضي بكل حكم قطعي ابتدائي وجاهيا كان أم بمثابة الوجاهي فيجوز التمسك بهذه الحجية رغم عدم صيرورة الحكم نهائيا فإذا اصبح كذلك اكتسب قوة الأمر المقضي حتى ولو كان قابلا للطعن فيه بطرق الطعن العادية أو غير العادية فالنهائية لا تتصل بالحجية ولكنها تتصل بقابلية الحكم للتنفيذ فإذا استنفذت مواعيد الطعن أو صدر الحكم برفض الطعن فيه قد اصبح الحكم باتا اجتمع في شانه قوة الأمر المقضي وحجية الشيء المحكوم فيه ( حجية الأمر المقضي ).
أما الأحكام غير القطعية فلا تكون لها حجية الأمر المقضي ذلك أن الغرض منها اتخاذ إجراءات معينة تمكن من الوصول للفصل في النزاع أو المحافظة على الحقوق المتنازع عليها بغير أن تقطع في موضوع النزاع أو في مسالة من المسائل الفرعية المتعلقة به وهذه الأحكام غير القطعية هي الأحكام المتعلقة بسير الدعوى كالحكم بضم دعويين للارتباط وكذلك الأحكام الصادرة في إجراءات الإثبات كالحكم بندب خبير وكذلك الأحكام الوقتية كالأحكام المستعجلة وأحكام النفقات والأحكام الصادرة في الأوامر على العرائض وقرارات هيئات التحكيم التي تصدر وفقا لأحكام قانون العمل.
المبحث الثالث حجية الأحكام الجزائية أمام القضاء المدني
تنص المادة 332 من الأصول الجزائية ” يكون للحكم الجزائي الصادر من المحكمة الجزائية في موضوع الدعوى الجزائية بالبراءة أو عدم المسؤولية أو بالإسقاط أو بالإدانة قوة الشيء المحكوم به أمام المحاكم المدنية في الدعاوى التي لم يكن قد فصل فيها نهائيا وذلك فيما يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانوني ونسبتها إلى فاعلها , ويكون للحكم بالبراءة هذه القوة سواء بني على انتفاء التهمة أو على عدم كفاية الأدلة , ولا تكون له هذه القوة إذا كان مبنيا على أن الفعل لا يعاقب عليه القانون” .
والمادة 333 ” لا تكون للأحكام الصادرة عن المحاكم المدنية قوة الشيء المحكوم به أمام المحاكم الجزائية فيما يتعلق بوقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها”.
والمستفاد من هذه النصوص أن القاضي المدني يتقيد بما في الحكم الجزائي في شان تكييف الفعل المنسوب صدوره من المتهم باعتباره جريمة من عدمه وكذلك الفصل في الوقائع التي تكون لازمة في الدعوى الجزائية المطروحة فالقاضي المدني يتعين عليه أن يلتزم بالوصف الذي انتهى إليه الحكم الجزائي بالنسبة للواقعة وهو بصدد بحث الحقوق المدنية المطروحة أمامه.
وإذا كيفت المحكمة الجزائية الواقعة بأنها لا تشكل جريمة ورتبت على ذلك الحكم بالبراءة التزم القاضي المدني بهذا التكييف الجزائي.
ولا يتقيد القاضي المدني إلا بالوقائع التي فصل بها الحكم الجزائي وكان فصله فيها لازما لإقامة قضائه أما الوقائع التي يعرض لها الحكم الجزائي ولا يستلزمها الفصل في الدعوى الجزائية بالبراءة أو الإدانة فلا يتقيد بها القاضي المدني حتى ولو قطع الحكم الجزائي بثبوتها فتكون قرائن يستأنس بها في حكمه .
1. الحكم الجزائي ليس له حجية القضية المقضية في واقعة لم يفصل بها.
إعلان براءة المميز ضده من جناية الاختلاس لا ينفي مسؤوليته المدنية عن المبالغ المدعى بها , ذلك أن حكم المادة (332) من قانون أصول المحكمات الجزائية أوضح أن للحكم الجزائي قوة القضية المقضية أمام القضاء المدني فيما يتعلق بوقوع الجريمة ووصفها القانوني ونسبتها إلى فاعلها , وطالما أن الحكم الجزائي لم يفصل في مشروعية قبض المميز ضده للمبلغ المدعى به فلا يرد الاحتجاج بالقضية المقضية المتمثلة في حكم محكمة أمن الدولة المتضمن براءة المميز ضده من جناية الاختلاس ويكون ما ذهبت إليه محكمة الاستئناف في تفسيرها لأحكام المادة (332) المشار إليها تفسيرا غير صحيح وتأويلها تأويلا خاطئا يجعل من حكمها مخالفا للقانون.
قرار رقم 660/97 3602 سنة 1997
2. شروط القضية المقضية – أثار توافرها.
إقامة صاحب الشيك دعوى لاسترداد قيمة الشيك الذي سدده أثناء إجراءات الدعوى الجزائية وبعد أن اسقط المشتكي حقه الشخصي في تلك الدعوى هو اتفاق على مبدأ القضية المقضية طالما أن الخصوم في دعوى الحق الشخصي التي أقيمت تبعا لدعوى الحق العام هم نفس الخصوم وكذلك فان محل الدعوى الجزائية هو نفس محل الدعوى الحقوقية وهو المطالبة بقيمة الشيك وطالما أن محكمة الجزاء حكمت في الدعوى الجزائية بتحقق سبب الدين وفي سداده أيضا فيكون الحكم الصادر بموضوع الشيك قد اكتسب الدرجة القطعية وتكون شروط القضية المقضية متوافرة بالدعوى البدائية.
3. حجية الحكم الجزائي في الدعوى المدنية.
“للحكم الجزائي بالإدانة قوة الشيء المحكوم به أمام المحاكم المدنية فيما يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانوني ونسبتها إلى فاعلها”. و ” يرتبط القاضي المدني بالحكم الجزائي إذا فصل بواقعة ضرورية للبت في الدعوى “.
قرار رقم 235/86 صفحة 1290 سنة 1988 وقرار رقم 93/87 صفحة 962 سنة 1990
المبحث الرابع شروط الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها
نصت المادة 112 من قانون الأصول على أن يتم الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها .
ونصت المادة 41 من قانون البينات على أن الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي لا تكون لها تلك الحجية إلا في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم وتعلق بذات الحق محلا وسببا وتقضي المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها.
من استقراء النصوص يلاحظ انه يشترط في التمسك بهذا الدفع اتحاد النزاع في الدعويين خصوما ومحلا وسببا.
وسوف نتناول هذه الشروط في ثلاثة مطالب:
المطلب الأول : اتحاد الخصوم
المطلب الثاني : اتحاد المحل
المطلب الثالث: اتحاد السبب
المطلب الأول : اتحاد الخصوم
المراد باتحاد الخصوم اتحادهم بصفاتهم وليس بأشخاصهم فلا يشترط لاعتبار الحكم حجة على الخصم – مع توافر شرطي اتحاد المحل والسبب – أن يكون قد حضر الخصومة بنفسه في مراحل الدعوى بل يكفي أن يكون قد حضر بوكيل عنه يمثله قانونا . ولما كانت الأحكام كالعقود لا تلزم سوى أطرافها فان حجية الحكم تنصرف إلى الخلف العام في مواجهة سلفه والدائن العادي والخلف الخاص وهو الذي يتلقى الحق عن سلفه وتسري عليه تصرفات هذا السلف إذا كانت سابقة على تاريخ انتقال الحق إليه فإذا كان الحكم الصادر ضد السلف متعلقا بالمال الذي انتقل إلى الخلف الخاص وكان هذا الحكم سابقا على انتقال الحق إليه فانه يكون حجة على الخلف الخاص وبديهي أن حجية الحكم لا تسري في مواجهة الغير كالكفيل والمدين المتضامن والشريك في المال الشائع.
المطلب الثاني : اتحاد المحل
المقصود بمحل الدعوى أو موضوعها هو الحق الذي يطلبه الخصم أو المصلحة التي يبتغي تحقيقها من رفع دعواه ويشترط لقبول الدفع بعدم جواز نظر الدعوى للفصل فيها أن يكون موضوع الدعوى الأولى التي فصل فيها الحكم السابق وهو نفسه موضوع الدعوى الثانية المطروح هذا إلى جانب توافر الشرطين الآخرين وهما وحدة الخصوم ووحدة السبب .
وتتحقق وحدة المحل في كلتا الدعويين إذا كان الأساس الذي تقومان عليه واحدا حتى ولو كانت الطلبات متغايرة فيهما إذ العبرة في تحقيق هذا الشرط هو بموضوع الدعوى وأساسها لا بنوع هذه الطلبات.
المطلب الثالث : اتحاد السبب
المقصود بسبب الدعوى هو الواقعة القانونية التي يتولد عنها الحق المدعى به فهو المنفعة التي يبتغي الخصم تحقيقها برفع دعواه.
وقد يكون السبب تصرفا قانونيا كالعقد وقد يكون واقعة مادية كالفعل الضار وقد يكون الفعل الضار مثلا للالتزام وسببا للدعوى أيضا.
ويشترط لقبول الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها فضلا عن اتحاد الخصوم واتحاد المحل كما رأينا في المطلبين السابقين اتحاد السبب أيضا بمعنى أن يكون سبب رفع الدعوى الثانية هو نفسه سبب رفع الدعوى الأولى التي فصل فيها الحكم الذي يتمسك الخصم بحجيته . فالدعوى التي يقيمها شخص بفسخ العقد لعدم تنفيذ العقد لا تمنع من إقامة دعوى فسخ أخرى ضد ذات الشخص لسبب أخر من أسباب الفسخ كالإخلال بالتنفيذ , والدعوى التي يقيمها صاحب العمل ضد العامل بسبب إخلاله بالالتزام وعدم المنافسة بخلاف الدعوى التي يقيمها ضد نفس العامل لإخلاله بالتزام جوهري أخر والدعوى التي يقيمها المؤجر ضد مستأجر بطلب إخلائه بسبب الجمع بين سكنين في البلد الواحد دون مقتضى لا يمنع من إقامة دعوى إخلاء أخرى ضد ذات المستأجر بسبب امتلاكه اكثر من ثلاث وحدات سكنية حتى لو كان الحكم الأول قد أشار إلى هذا السبب ولكنه لم يقم عليه قضاءه ولم يعتبره من الأسباب المرتبطة بالمنطوق.
الخاتمة :
من الاستعراض السابق لنصوص قانون أصول المحاكمات المدنية وقانون البينات واجتهادات محكمة التمييز يلاحظ أن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها من ابرز الدفوع التي تدور حولها إجراءات التقاضي والتي يعول عليها الخصم لرد دعوى المدعي.
ومن الملاحظ أن التطبيق القضائي وقرارات محكمة التمييز جاءت داعمة لمفهوم النص القانوني في تحديد ماهية هذا الدفع ونطاقه وأثاره حماية لمفهوم الحكم في النظام القضائي الأردني.
اترك تعليقاً