زكاة العقار
يضطر الكاتب أحيانا إلى إعادة نشر بعض المقالات, التي سبق أن نشرها نظرا لطبيعة المناسبة ومنها هذه المقالة, فقد اعتاد الكثير إخراج زكاة أموالهم في هذا الشهر المبارك، التماساً للأوقات الفاضلة وضبطاً لوقت إخراجها، وأشير في هذا المقال لبعض أحكام زكاة العقار، متجاوزاً ما يتعلق بوجوبها وفضلها لضيق المساحة، وقد يكون القارئ سمع الكثير من هذا.
فيمكن ـ إجمالاً ـ القول: إن الزكاة تجب في نوعين من العقار، الأول: ما تجب الزكاة في أصله، وهو العقار المعدّ للبيع بنية جازمة، فتجب فيه الزكاة بعد مضي سنة من تاريخ نية مالكه بيعه، ولا يلزم أن يكون معروضاً في مكتب عقاري، بل تكفي مجرد نية البيع، ويعتبر العقار هنا من عروض التجارة، فُيقوّم (يثمن) وقت أداء الزكاة بسعر السوق، فإذا بلغ نصاباً أخرج مالكه ربع العشر من القيمة لأهل الزكاة.
والنوع الثاني: ما تجب الزكاة في غلته دون أصله، وهذا يشمل: الأراضي الزراعية، وتجب الزكاة في الخارج منها إذا بلغ نصاباً، وشروط ومقدار الزكاة فيها مفصل في كتب الفقهاء، وكذلك : العقار المعدّ للإيجار، وتجب الزكاة في الأجرة إذا بلغت نصاباً، ولا تجب في أصل العقار، ويتم احتساب الزكاة بالطريقة نفسها المذكورة في النوع الأول، وذلك بعد مضي الحول، ومن الأدلة على ما سبق قوله تعالى: “خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها”، وقوله : “وفي أموالهم حق للسائل والمحروم”، وحديث سمرة بن جندب قال: “أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخُرج الصدقة ممّا نعدّه للبيع ” أخرجه أبو داود.
وما كان خارجاً من هذين النوعين فلا زكاة فيه من العقارات، ومن ذلك: العقار المعدّ للانتفاع، كأرض، أو دار للسكن، أو استراحة ونحو ذلك، والعقار الموقوف على جهات بر عامة كالفقراء، والعقار المعدّ لتشغيل مصنع مثلاً، فإن كان المشغل هو صاحب العقار فلا زكاة عليه، أما إن أجره فتجب الزكاة في أجرته ـ غلته ـ كما سبق، وكذلك لا زكاة في العقار الذي تردد فيه المالك، هل يبيعه أم لا, كذلك لا زكاة في العقار في حالة ما إذا كان هناك مانع قهري يمنع مالكه من التصرف فيه كغصب له، أو دعوى فيه، لأن الملك في هذه الصورة غير تام.
وهناك تفاصيل في الشروط والموانع محلها كتب الفقهاء، واستندت فيما ذكرته في هذه المقالة إلى كتاب: “فتوى جامعة في زكاة العقار” للدكتور بكر أبو زيد عضو هيئة كبار العلماء في المملكة.
ولا يخفى أن هناك تفاوتا في الفتاوى في بعض المسائل الفقهية المتعلقة بالزكاة بعامة، وزكاة العقار بصفة خاصة، وسبب ذلك: التفاوت والاختلاف في تصور المسألة، ومن ثم تنزيل الحكم عليها، ومن المناسب أن تصدر الجهة المختصة بالفتوى قرارا جامعا يبين ما تجب فيه الزكاة وما لا تجب. تقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام والزكاة، وكل عام أنت بخير.
اترك تعليقاً