سلطة فرض العقوبات على المتعاقد وفسخ الصفقة
نظام الصفقات العمومية يسمح للمصلحة المتعاقدة بأن تفرض على المتعاقد معها عقوبات كلما أخل بالتزاماته التعاقدية، لإهمال أو تقصير في تنفيذها أو لعدم احترام للآجال.
ومن خصائص هذه السلطة أن للمصلحة المتعاقدة إنزالها بالمتعاقد من دون اللجوء إلى القضاء، ومن دون أن يتضمنها بند صريح في الصفقة، ذلك ان عدم نص العقد عليها لا يعني عدم امكانية استعمالها ويمكن تصنيف هذه الجزاءات إلى:
جزاءات مالية: من خلال الزام المتعاقد بدفع مبالغ مالية كلما ارتكب إخلالا بالتزاماته التعاقدية، ومثالها:
– دفع تعويضات: تقدر بناء على الضرر الذي لحق المصلحة المتعاقدة وبالتناسب معه، الملاحظ أن المرسوم الرئاسي 02-250 لم ينص صراحة على هذه التعويضات، لكن يمكن أن نستشفها من قراءة المادة 99 فقرة 3 من المرسوم الرئاسي 02-250 التي تنص: ” لا يمكن الإعتراض على قرار المصلحة المتعاقدة بفسخ الصفقة عند تطبيقها البنود التعاقدية في الضمان والملاحقات الرامية إلى إصلاح الضرر الذي لحقها بسبب سوء تصرف المتعاقد معها”.
– فرض الغرامات التأخيرية: والتي تستأثر المصلحة المتعاقدة تحديد كيفية حسابها وهو ما تقره المادة 50 فقرة 17 من المرسوم الرئاسي [1] وتبين كيفيات اقتطاعه المادة 78 منه [2]، التي تسمح للمصلحة المتعاقدة أن تفرض عقوبات مالية وأن تعفي المتعاقد منها كلما رأت ذلك أو إذا لم يكن هو المتسبب في التـأخير كأن يكون بسبب أوامر المصلحة المتعاقدة بوقف الأشغال أو بسبب القوة القاهرة حسب المادة 78 فقرة 3 من ذات المرسوم [3]، وحسب المادة 36 من دفتر الشروط الإدارية العامة، فإذنها تفرض وتطبق بمجرد ملاحظة تأخر في التسليم، ومن دون توجيه إعذار مسبق.
وتبقى المصلحة المتعاقدة في كل الحالات خاضعة لرقابة القضاء عند استعمالها هذا السلطة، فقد يقضى بإلزام المصلحة المتعاقدة برد الغرامات التأخيرية أو تخفيضها أو الإعفاء منها.
استعمال وسائل للضغط والإكراه: هي جزاءات تهدف إلى إجبار المتعاقد على الوفاء بالتزاماته التعاقدية أو احترام أوامر التنفيذ [4]، تتم عن طريق حلول المصلحة المتعاقدة محل المتعاقد المقصر أو بإحلال الغير محله في تنفيذ الصفقة.
وهي في الأصل جزاءات مؤقتة لا تنهي العقد وإنما تكفل تنفيذه لغير المتعاقد [5]، كحلول المصلحة المتعاقدة محل المتعاقد في صفقات الأشغال، أو تكليف مقاول آخر بتنفيذ الأشغال المطلوبة وعلى نفقة المقاول الأصلي [6]، أو الشراء على حسابه في عقود التوريد.
عادة ما يتم النص على هذا العقوبات في الصفقة ذاتها، فإن لم تفعل يمكن الرجوع إلى المادة 35 من دفتر الشروط الإدارية العامة، غير أن قضاء مجلس الدولة الفرنسي يسلم به حتى ولو لم ينص عليه العقد [7].
الفسخ: يقصد به إنهاء الرابطة التعاقدية، مما يفترض معه ارتكاب المتعاقد لخطأ جسيم، فلا يتم اللجوء إليه إلى إذا اضطرت المصلحة المتعاقدة لاستعماله لأنه لا فائدة ترجى من تقويم المتعاقد Ultima ratio، يصدر بموجب قرار من دون اللجوء إلى القضاء، ومن دون تعليله، وإنما يكفي اتباع الإجراءات المقررة كي يكون صحيحا.
إن هذا الجزاء يشمل كل أنواع الصفقات العمومية وقد نصت عليه المادة 99 من المرسوم الرئاسي 02-250، ولاستعمال هذه السلطة يشترط مجلس الدولة الفرنسي مجموعة من الشروط هي:
– أن يكون الخطأ جسيما، كأن يتوقف المقاول عن التوريد، أو يتنازل عن العقد، أو يستعمل الغش، أو يسلم بضائع رديئة.
بينما جاء نص المادة 99 المذكورة بصيغة العموم إذ جمعت كل هذه الحالات في ” عدم تنفيذ المتعاقد التزاماته”
– أن يتم إعذار المتعاقد قبل توقيع هذا الجزاء عليه وهو ما نصت عليه المادة 99 المذكورة.
– كما يمكن للمصلحة المتعاقدة اللجوء إليه من دون أن يرتكب المتعاقد معها أي خطأ، غير أنها ترتب مسؤوليتها العقدية في هذه الحالة.
إن ممارسة المصلحة المتعاقدة لهذه السلطة لا يعفيها من رقابة القاضي الواسعة التي تشمل مشروعية العقوبة وملاءمتها للخطأ.
[1] حسب المادة 50 من المرسوم الرئاسي 02-.250.
[2] حسب المادة 78 فقرة 1 من المرسوم الرئاسي 02-250.
[3] تنص المادة 78 فقرة 3 من المرسوم الرئاسي 02-250.
[4] حسب المادة 35 من دفتر الشروط الإدارية العامة
[5] ذلك د/ سليمان محمد الطماوي، المرجع السابق، ص 525.
[6] إن هذه القاعدة مقررة حتى في القانون المدني بنص المادة 553 فقرة 1 المعدلة، لكن لا يمكن أن يتم ذلك إلا بحكم قضائي.
[7] C.E, 23 juillet 1944, Affaire “Ville de Toulon”, Revue du droit Public, P 101, 1945.
د/ سليمان محمد الطماوي، المرجع السابق، ص 526.
اترك تعليقاً