بحث قانوني و دراسة حول تجريم نقل و زرع الاعضاء البشرية
… جريمة نقل وزرع أعضاء بشرية …
________________________________________
اعداد الباحثان /
مصطفي درويش
احمد الفرا
مقدمة :
شهد النصف الثاني من القرن العشرين ، تطورا مذهلا وسريعا في العلوم الطبية والعديد من الانجازات العلمية في هذا المجال، ولعل أهم هذه الانجازات ما تحقق بالنسبة لحياة الإنسان وصحته، ففي السنوات الأخيرة ظهرت عمليات نقل وزرع الأعضاء البشرية ، وغير ذلك من الانجازات، ولا عجب في ذلك فما زال الباحثون من رجال الطب لا يدخرون وقتا في سبيل إنقاذ البشرية، وقد ثارت هذه الموضوعات الطبية وما زالت تثير الكثير من النقاش والجدل لدي رجال الفقه والطب والقانون حول مدي مشروعيتها ، ذلك أنه وبظهور هذه الموضوعات يتجاوز الطب الحديث الحدود التقليدية المتعارف عليها ، بحيث أصبح أكثر فاعلية في علاج الأمراض المستعصية وإنقاذ البشرية من خطر الموت، وفي نفس الوقت أكثر خطورة وتأثيرا علي حياة الإنسان ،ذلك أنها تعد أيضا خروجا علي القواعد القانونية والفقهية التي تحمي حق الإنسان في الحياة وفي سلامة وتكامل جسمه.
وعلي الرغم من أن تطور فن الطب يطالعنا بمظاهر جديدة قد تبدو للوهلة الأولي دخيلة علي النظام القانوني القائم،إذ أن التشريع يكفل الحماية للكيان الإنساني المادي وحياته ضد أي اعتداء يمس به، إلا أن طبيعة هذا الفن الطبي قد أثارت جدلا لدي العاملين بالقانون والطب وفقهاء الشريعة ، وذلك عندما تصطدم هذه القواعد القانونية المجردة بالاعتبارات الإنسانية ، لا سيما عندما تمس هذه الاعتبارات والعلاقات حياة الإنسان أو عضو من أعضاء جسده.
من هنا ثار النقاش حول ، ما يعرف بعمليات نقل وزرع الأعضاء البشرية التي مرت بمراحل من التطور، بدأت بنقل جزء من جسم الإنسان إلي جزء آخر من جسمه وتطورت إلي أن أصبحت تنقل من إنسان حي إلي آخر ، ومن متوفى إلي إنسان حي، وبدأت بعضو لتشمل سائر الأعضاء ويقصد بزرع الأعضاء أو كما يسميه البعض(غرس الأعضاء) نقل عضو أو مجموعة من الأنسجة أو الخلايا من متبرع إلي مستقبل ليقوم مقام العضو أو النسيج التالف.
وإن موضوع نقل وزرع الأعضاء البشرية ليس بالحديث ولكنه قديم قدم الإنسان ولكنه لم يكن بهذا الشكل المتطور ، حيث عرف المصريين القدامى عمليات زرع الأسنان ونقلها عنهم اليونانيين والرومانيين والأطباء المسلمون عرفوها كذلك وقد ساد عمليات نقل وزرع الأعضاء الكثير من المفاهيم الخاطئة التي كانت ترافق العبيد حيث يستخدمونهم كقطع غيار لسادتهم البيض.
وفي السنوات الأخيرة أجريت العديد من العمليات الجراحية الناجحة خاصة بعد اكتشاف عقار” السيكلوسبورين” توصل إليه العلماء حيث يساعد العضو الغريب المزروع علي البقاء في جسم المريض ، ويثبت الجهاز المناعي لجسمه ، وبفضل استخدام هذا العقار الجديد ارتفعت نسبة نجاح عمليات زرع الأعضاء إلي حوالي 80% فكان ذلك إشراقا جديدا في حياة البشرية ، محققا آمال آلاف البشر في إنقاذ حياتهم عن طريق عمليات زرع الأعضاء لهم.
وبسب الكم الهائل من عمليات نقل الأعضاء ، يستحق من رجال القانون إظهار التعاون مع العاملين بالطب ، حتي توضع هذه العمليات في إطارها القانوني السليم مما يحقق فعلا سعادة البشرية.
وفي مجال زرع الأعضاء أيضا ، فقد قام الطب بدوره علي أكمل وجه أوضح إمكانية إجراء مثل هذه العمليات وبهذا فقد ألقي الكرة إلي رجال القانون فمن حق الطبيب أن يعرف النظام القانوني لإجراء هذه العمليات حتي لا يقع تحت طائلة المسؤولية القانونية.
كما يجب علي القانون أن يضع الحدود اللازمة للتصرف في الجسم ، فمن يريد أن يعاون غيره بتقديم جزء من جسمه لإنقاذه ، يجب أن يعرف شروط تصرفه ومدي مشروعيته ونفقات العلاج بازدياد لدرجة أصبح من المستحيل علي غالبية المرضي تحملها ولهذا كان لا بد من أن يتدخل القانون لإنشاء أنظمة قانونية تسمح بتخفيض هذه الأعباء وذلك عن طريق نظم التأمين.
أهمية البحث:
تعد عمليات نقل وزرع الأعضاء البشرية من الموضوعات المهمة جدا ويرجع ذلك إلي طبيعة هذه العمليات التي تتمثل في نقل عضو بشري من جسم بشري إلي جسم بشري آخر وسواء كان من إنسان حي أو متوفى .
ويثير هذا الموضوع جدل كبير علي الصعيد الشرعي والقانوني من حيث مدي صحة هذه العمليات من الناحية الشرعية ومدي توافقها مع نصوص القانون.
وبسبب أهمية هذا الموضوع فقد تم إعداد مسودة القانون العربي الموحد لعمليات زراعة الأعضاء البشرية وانتهت توصياتهم بشأن أطفال الأنابيب وموقف الشريعة من أجهزة الإنعاش الصناعي وتحديد زمان الموت من الناحيتين الشرعية والطبية وقضية انتفاع الإنسان بأعضائه أو أعضاء إنسان آخر حيا كان أو ميتا ، ومسألة تأجير الأرحام.
وعلي الصعيد الدولي تبدو أهمية هذا الموضوع واضحة ، ففي لاهاي عقدت جمعية زراعة الأعضاء مؤتمرها الثالث عام 1970 ولم تغفل منظمة الصحة العالمية ذلك فقد ورد تقريرها المقدم في الدورة التاسعة والسبعين توضيح الأعضاء البشرية القابلة للنقل طبيا ولبعض الأسس الأخلاقية المتعلقة بنقل الأعضاء لدراسة مدي مشروعية عمليات زرع الأعضاء.
إشكاليات البحث:
سبب تناولنا لهذا الموضوع كان نتيجة تساؤلات تثور بأذهاننا أردنا البحث فيها والتوصل إلى إجابات لتلك التساؤلات وتكمن إشكاليات موضوعنا في :
1- تثير عمليات نقل وزرع الأعضاء مشكلة من نوع جديد وهي وجود شخص ثالث غير المريض في العلاقة وهو المتنازل عن جزء من جسمه إذا كان التنازل من شخص هي نتيجة لذلك فما هو الوضع القانوني لحماية هذا الشخص.
2- هل يستطيع الإنسان التصرف في جزء من جسمه لغاية زرعه في جسم شخص آخر دون أن يقيدها أي قيد.
3- ما هو موقف المشرع الفلسطيني من عمليات نقل وزرع الأعضاء البشرية.
4- هل الشريعة الإسلامية أجازت عمليات نقل وزرع الأعضاء البشرية.
5- هل توجد قواعد معينة تحكم هذه العمليات أم أنها غير محكمة بقواعد معينة.
خطة البحث:
المبحث الأول: مفهوم زراعة الأعضاء البشرية ومصادر الحصول عليها
المطلب الأول : تعريف الأعضاء البشرية وتصنيفها
المطلب الثاني:الأعضاء البشرية القابلة للنقل أو الغرس
المطلب الثالث: مصادر الحصول علي الأعضاء البشرية
المبحث الثاني: موقف الشريعة الإسلامية من عمليات نقل وزرع الأعضاء البشرية
المطلب الأول: أدلة المانعين لنقل وزرع الأعضاء والموقف الشرعي من الاستنساخ البشري
الفرع الأول: أدلة المانعين لنقل وزرع الأعضاء بين الأحياء
الفرع الثاني: الموقف الشرعي من الاستنساخ البشري
المطلب الثاني: أدلة المجيزين لنقل وزرع الأعضاء وشروط إباحتها
الفرع الأول: أدلة المجيزين لنقل وزرع الأعضاء بين الأحياء
الفرع الثاني: شروط إباحة نقل وزرع الأعضاء البشرية بين الأحياء
المبحث الأول
مفهوم زراعة الأعضاء البشرية ومصادر الحصول عليها
تمهيد وتقسيم :
يتضمن هذا المبحث مدخلاً للبحث حيث يتضمن تعريف الأعضاء البشرية وتصنيفاتها، والتعرف علي الأعضاء البشرة القابلة للنقل أو الغرس، ومعرفة مصادر الحصول علي الأعضاء البشرية.
ولقد قمنا بتقسيم هذا المبحث إلي ثلاث مطالب:
المطلب الأول : تعريف الأعضاء البشرية وتصنيفها.
المطلب الثاني : الأعضاء البشرية القابلة للنقل أو الغرس .
المطلب الثالث : مصادر الحصول على الأعضاء البشرية .
المطلب الأول
تعريف الأعضاء البشرية وتصنيفها
زراعة الأعضاء : هو عملية من خلالها ينقل عضو سليم أو مجموعة من الأنسجة من متبرع ليقوم مقام العضو أو النسيج التالف ويمكن أن تتم الزرع بواسطة أعضاء صناعية مثل عدسات العين أو صمامات القلب أو الأطراف الصناعية وغالبا ما يتم نقل الأعضاء من إنسان لآخر وبشكل اقل من حيوان لإنسان وفي بعض حالات علاج الحروق أو بعض العمليات التجميلية حيث يتم اخذ الجلد من المريض نفسه وحتى تتم عملية الزرع لا بد من توافر ثلاثة عناصر أساسية وهي : المأخوذ منه ، المتلقي ، والعضو المراد زرعه والمسمى بالغريسة المأخوذ منه غالبا ما يكون إنسانا أو بشكل اقل حيوانا وقد يكون المأخوذ منه حيا أو ميتا وفي الحالتين يجب أن تكون الأعضاء المأخوذة سليمة وغير تالفة وفي حالة كون المأخوذ منه ميتا يشترط لاستمرار سلامة أعضائه أن يستمر تدفق الدم إليها ولا يتحقق هذا إلا من خلال موت الدماغ لا موت القلب لأنه في حالة موت القلب فإن الأعضاء تموت بشكل سريع ولا يمكن الاستفادة منها وإما في حالة موت الدماغ فإن الأعضاء تبقى سليمة والمسألة خلافية بين العلماء .( )
أما المتلقي فهو الشخص الذي يستفيد من العضو المنقول إليه ويكون مضطرا إليه لإنقاذ حياته إما العضو المراد نقله وزراعته أو ما يعرف بالغريسة فقد يكون عضوا كاملا مثل القلب والكلية والرئة والكبد أو تكون جزءا من عضو كالقرنية حيث أن القرنية هي الجزء الشفاف الخارجي من العين أو أن تكون نسيجا أو خلايا كما هو الحال في نقل الدم ونقل العظام وجزر لانجر هانس في البنكرياس . ( )
وقد عرف مشروع القانون الموحد لزراعة الأعضاء البشرية في الولايات المتحدة عام 1968 ، بأن زراعة الأعضاء البشرية هي نقل عضو أو أعضاء من جسم إلى جسم آخر ويشمل كل الأعضاء الموجودة سواء داخل الجسم أو خارجه مثل البشرة ، القرنية ، أو داخل الجسم مثل القلب ، الرئة ، البنكرياس . وهي تشمل الأعضاء القابلة للتكاثر والأعضاء الزوجية والأعضاء الضرورية للحياة من المتبرع ويعتبر الدم عضوا وفقا للقانون الموحد .( )
وتقسم الغرائس المزروعة إلى عدة أقسام أهمها : ( )
1. الغرائس الذاتية وهي منقولة من مكان سليم إلى مكان مصاب بحرق أو لسد فجوة في العظام بسبب نزع ورم تحدث عملية النقل من مكان لأخر في نفس جسم الشخص وهي من الأمور المتفق على إباحتها.
2. غرائس متماثلة وتكون عملية النقل من الأخ وأخيه التوأم المتماثل، ويتميز هذا النوع من الغرائس بأنها أقل للتلف من غيرها بالإضافة إلى فائدتها العظيمة وطول مدة بقائها والجسم يتقبلها بدون صعوبة ولا تحتاج إلى عقاقير طبية مثبطة للمناعة.
3. الغرائس المتباينة أو المتجانسة ويكون من شخص لآخر وهو الأكثر انتشارا في عالم زرع الأعضاء البشرية.
4. الغرائس الغريبة أو الدخيلة ومن ذلك نقل عضو من حيوان لإنسان أو لإدخال أجهزة صناعية في جسمه.
5. وعلى ذلك إذا أردنا تعريف كلمة زرع أو نقل فيمكن القول أنها عملية نقل الأنسجة أو خلايا حية من شخص لآخر مع وجود هدف وراء ذلك النقل، وهو الحفاظ على استمرار عمل النسيج وأدائه لوظيفته بعد نقله إلى بيئته الجديدة في جسم المريض الذي أجريت له العملية. وان كان البعض يرى النظر لتعريف العضو من الناحية الوظيفية باعتباره جزء محدد من الجسم يقوم بأداء وظيفة معينة أو أكثر وقد عرف قانون العاصمة الاسترالية لعام 1977م زراعة الأعضاء والأنسجة على أنها. إلا إن التطور العلمي والطبي قد أعطى مفهوما واسعا لكلمة العضو البشري فلم يقتصر على القلب والرئة أو الكبد والبنكرياس بل تعداه إلى كل ما يتم إفرازه من نتاج الجسم البشري مما حد بالمشرع الانجليزي إلى تعريف العضو على انه (أي جزء من الجسم البشري يتكون من الأنسجة).
ومما سبق يتضح مدى أهمية تحديد المقصود بالعضو البشري وضرورة تمييزه عن غيره من مكونات الجسم البشري وذلك للتفاوت الكبير في الآثار القانونية على هذا التمييز، ويبدو أن التعريف الذي جاء به المشرع الانجليزي لاصطلاح العضو هو الأجدر والأكثر ملائمة وانطباقا، ويجدر تبنيه في قوانين العقوبات أو التشريعات الخاصة بعمليات نقل وزراعة الأعضاء البشرية. هذا ولما كانت عمليات النقل هذه مدار بحث وتحليل للفقهاء والعلماء المعاصرين حيث تحدثوا عن الزراعة الذاتية ونقل الأعضاء من حيوان إلى إنسان آخر ومن ميت إلى حي ، ووضعوا أحكاماً وتشريعات للحالات السابقة، وحالات موت الدماغ وغيرها من الأمور التي تتعلق بهذه المواضيع. ( )
المطلب الثاني
الأعضاء البشرية القابلة للنقل أو الغرس
إن الأعضاء القابلة للنقل أو الزرع في الأجساد: إما طبيعة و إما صناعية فأعضاء الطبيعية القابلة للنقل أو الزرع إما من الأحياء أو من الحيوان أو من الأموات وقد قسم بعض علمائنا الأعضاء البشرية إلى ثلاثة أقسام وحتى نبين حكم كل عضو لابد من تحديد المقصود بالعضو البشري . فقد عرف بعض الأطباء العضو بأنه جزء محدد من الجسم يقوم بأداء وظيفة معينة أو أكثر وقيل إن العضو عبارة عن مجموعة من الخلايا المتميزة في أداء وظيفة ما . فالعضو البشري أي جزء من الإنسان من أنسجة وخلايا ودماء ونحوها سواء كان متصلا به أو منفصلا عنه، وان الدم يعتبر من الأجزاء المتجددة القابلة لنقل أو الغرس .( )
وقد أجازت الشريعة الإسلامية الاستفادة ببعض الأعضاء التي تقتضيها ضرورة التداوي وخاصة ما كان يترتب عليها إنقاذ حياة الإنسان من الهلاك كما هو الحال في قلب الإنسان ومن الأعضاء القابلة للنقل أو الزرع الكبد والبنكرياس بالنسبة للمصابين بمرض السكر . وحالات الفشل الكلوي وأمراض الكبد المزمنة والكلية ونخاع العظم والمزدوجة كالرئتين والأذن وزرع الجلد لأغراض عمليات التقويم أو التجميل، وكذلك قرنيات العيون التي تجد مصدرها الأساسي في عيون الموتى والتي توضع في بنوك العيون لاستعمالها لأغراض طبية كما يجري الحديث عن زرع الشعر والرقبة . أما الأعضاء الأخرى ، كالعمود الفقري والمخ والمثانة والمعدة والرحم وغيرها فهي أما مستحيلة أو شبه مستحيلة على مدى السنوات القادمة أو لم يثبت نجاحها طبيا لأعلى الحيوان ولا على البشر بصورة مضمونة غير أن هناك بعض المعلومات الحديثة تفيد إمكانية استئصال نصف أدمغة الأطفال وهي عملية تعرف باستئصال نصف الدماغ وهذه العملية نادرة ، لمرض نادر عصبي يعرف باسم : الموثق العصبي” كما حصل للطفلة مارندا عام 1985 على يد الدكتور بن كارسون في مستشفى جون هوبكتر في مدينة بالتيمور كما يجري الحديث عم زراعة الجلد في أنابيب الاختبار بالمعامل لمعالجة الحروق والتشوهات، كما توصل الباحثون إلى زراعة طبقات البشرة العليا والسفلى. وتعد الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا من اسبق الدول في هذا المجال بينما لا تزال بريطانيا في مرحلة التجارب الطبية بالنسبة للجلد البشري الصناعي ، كما يجري الحديث عن صور أخرى كزرع الشرائح الجلدية والعضلية إصلاح التشوهات في الرأس والرقبة والمثانة ، وفي حالة التشوهات الخلقية بعد استئصال الأورام.( )
أما بالنسبة للإنسان الحي فمن الطبيعي القول بأنه لا يجوز اقتطاع إلا الأنسجة المتجددة والأعضاء المزدوجة عند تحقيق كافة الشروط القانونية والصحية اللازمة ومن ثم لا يجوز نقل القلب والكبد من الأعضاء المفردة التي يؤدي اقتطاعها إلى هلاك الإنسان. وقد أكد بذلك قانون الانتفاع بالأعضاء ، الأردني رقم 23 – 1977 في المادة الرابعة التي تنص على : (أن لا يقع النقل على عضو أساسي للحياة إذا كان هذا النقل يؤدي إلى وفاء المتبرع ولو كان ذلك بموافقته). ( )
المطلب الثالث
مصادر الحصول على الأعضاء البشرية
هناك مصادر عديدة للحصول علي الأعضاء البشرية لغرض غرسها في جسم الإنسان سواء كانت طبيعية أو صناعية . ولكل من الحالتين مشاكل كثيرة منها المشكلات القانونية والفنية من الناحية الطبية إذ أن أهم العقبات في ميدان نقل الأعضاء هو كيفية الحصول عليها إلي جانب المشكلات الطبية الدقيقة اللازمة لنجاح عملية الزرع. كما توجد صعوبة كبيرة في الحصول علي الأعضاء من أجساد الموتى إذ لم يتم الاتفاق علي معيار ثابت للموت من الناحيتين الفقهية والطبية لا سيما بعد انتشار وتطور وسائل الطب الحديثة ويعتبر جسم الإنسان ميت مصادرا عظيما للحصول علي الأعضاء البشرية حيث يجوز للأطباء الاختصاصين نقل العضو من جسم إنسان ميت إلي جسم إنسان حي بحاجة إلي ذلك العضو حينما يوصي المتوفى بذلك أو يوافق أحد أبويه في حالة وجودهما أو يوافق عليه الولي الشرعي في حالة عدم وجود الأبوين.( )
أما إذا كان المتوفى مجهول الهوية ولم يطلب أحد جثته خلال أربع وعشرين ساعة بعد الوفاة فيجوز نقل عضو منه بعد أخذ موافقة النيابة العامة، كما أن الحصول علي هذه الأعضاء من جسم الإنسان الحي أثناء الحياة من المسائل التي تحتاج إلي التثبيت من صحة ورضاء الشخص والوقوف علي تحديد نوع العضو المراد نقله من الجسد. كما يمكن الاستفادة من الأعضاء البشرية المترتبة علي حوادث السيارات والإصابات الجسدية المميتة وغير المميتة مما دفع برج القانون والطب إلي التساؤل عن مدي إمكانية الاستفادة من بعض الأعضاء ، أعضاء الأحياء المصابين بمثل هذه الحوادث مثلا أو من الأموات أو من جرحي الحرب أو الجثث المدفونة، وإمكانية نزع الأعضاء من الأشخاص المحكوم عليهم بالإعدام بعد تنفيذ الحكم ، وذلك لصالح الأحياء المحتاجين لإطالة الحياة ورفع الآلام أو الحد منها .( )
هذا وقد أجاز الفقه الإسلامي نقل عضو من جسم ميت إلي جسم حي بقرار من هيئة كبار العلماء- بالرياض بقرار رقم 99 في 16/11 / 1402هجري، كما يري بعض الفقهاء من إمكانية نزع الأعضاء من المحكوم عليهم بالإعدام بعد تنفيذ الحكم ، إن المصلحة الإنسانية تقتضي وتتطلب الاستفادة من الأعضاء المزروعة من جسد المحكوم عليهم بالإعدام لزرعها في أجساد أشخاص آخرين لإنقاذ حياتهم كما أن هذا النزع يعتبر تعويض للمجتمع عن الضرر الذي أصابه جراء ارتكاب المحكوم عليهم جريمة قتل إنسان حي فلا أقل من أن يعوض المجتمع بإنسان سليم بدلا من الإنسان الذي أزهق المحكوم عليه روحه، وإن التطورات العلمية في نطاق علم الطب والجراحة والتكنولوجيا أوجد ما يسمي بقطع غيار جسد الإنسان من الأعضاء الطبيعية والأعضاء الصناعية إلا أن النوع الأخير أخذ يتميز بارتفاع تكاليف زراعته الباهظة من الناحية الاقتصادية .وغير الممكنة من الجانب البيولوجي
لأنها عاجزة عن أداء وظيفة الأعضاء نفسها الطبيعية ، فضلا عن أمر تنفيذها كبديل كلي عن الأعضاء الطبيعية أمر مشكوك فيه في المستقبل القريب.( )
ففي مصر نظم القانون رقم 178 لسنة 1960م عمليات جمع وتخزين وتوزيع الدم وأجاز لبنوك الدم الحصول على الدم عن طريق التبرع أو عن طريق الشراء بمقابل رمزي كما تقوم البنوك ببيع الدم للجمهور ويوجد في مصر قانون الاحتفاظ بالعيون والاستفادة منها برقم 103 لسنة 1962 الذي العي القانون رقم 274 لينة 1959 وهذا أول تشريع تنظيمي لمسألة الاحتفاظ بالعيون والاستفادة منها.( )
وفي سوريا أجاز القانون رقم 31 لسنة 1972م والمعدل بالقانون رقم 43 لينة 1987 – حيث سمح للمستشفيات والمؤسسات الطبية بنقل أي عضو من جثة المتوفى وزرعه وتصنيعه لمريض آخر يحتاج إليه إذا كان المتوفى قد تبرع بذلك أثناء حياته أو أوصى به أو إذا سمحت عائلته بذلك بعد الوفاة . ولكن القانون سمح بتبرع عضو بدون شرط الموافقة من احد في حالات الإعدام أو حينما لا يوجد من يطالب بالجثة.( )
وفي الأردن – صدر قانون الانتفاع بعيون المرضى لإغراض طبية رقم 33 لسنة 1977 الذي أجاز لمن كان حائزا لجنة بطريقة مشروعة أن يأذن بالتبرع بقرنيتي العين منها خلال ثلاث ساعات من وقت الوفاة في حالة وجود بنك للعيون وذلك لاستعمالها لإغراض طبية .( )
وفي فلسطين نص مشروع قانون زراعة الأعضاء البشرية لعام 2003 في المادة الأولى (تنقل الأعضاء البشرية الكاملة أو جزء منها والأنسجة والخلايا…) وفي المادة الثانية (لا يجوز نقل أعضاء من جسم إنسان حي لآخر إلا لضرورة تقتضيها المحافظة على حياة المنقول منه).( )
المبحث الثاني
موقف الشريعة الإسلامية من عمليات نقل وزرع الأعضاء البشرية
تمهيد وتقسيم:
تعتبر قضية نقل وزرع الأعضاء البشرية من القضايا التي شدت انتباه العلماء المسلمين في مختلف تخصصاتهم ومجالاتهم والتي تثار من وقت لآخر في المحافل العلمية والمؤتمرات المجامع الفقهية ودارت حولها مناقشات طويلة وتناولها العلماء في الدراسة والتحليل والذي يهمنا ومن خلال هذه الدراسة والتعرف علي الحكم الشرعي من خلال الفتاوى والبحوث ومقالات علماء المسلمين وفقهائهم مع الوقوف علي الحياد فمثل هذه المسائل محل اجتهاد للعلماء فيصح أن تختلف فيه الآراء والأنظار وإذا رجحنا رأيا دون آخر فإنه نرجح الرأي المتماشي مع الحق وتوجد فيه مصلحة للمجتمع عامة وللفرد وصحته خاصة ، وللعلماء المعاصرين والمجامع الفقهية في هذه المسألة رأي فمنهم من منع نقل وزرع الأعضاء ومنهم من أباحها ولكل منه أدلته وحججه التي يسند إليها وقبل أن نتعرض لتلك الأدلة والحجج ينبغي أن نؤكد أن جميع الفقهاء اتفقوا علي عدم نقل الخصية والمبيض منعا مطلقا لاختلاط الأنساب وكذلك عدم جواز نقل الأعضاء المفردة كالكبد أو القلب من متنازل حي إلي آخر مريض لأن في ذلك هلاكا للأول المتنازل وكذلك عدم جواز أخذ مقابل سواء مادي أو عيني ولا ينظر إلي من يخالف تلك المسألة لذلك سنتناول بالشرح والتوضيح في مطلبين:
المطلب الأول: أدلة المانعين لنقل وزرع الأعضاء والموقف الشرعي من الاستنساخ البشري
المطلب الثاني: أدلة المجيزين لنقل وزرع الأعضاء وشروط إباحتها
المطلب الأول
أدلة المانعين لنقل وزرع الأعضاء والموقف الشرعي من الاستنساخ البشري
تمهيد وتقسيم:
لقد كرم الله سبحانه وتعالي ابن آدم بنعمة لم يكرم في المعمور بنعم مثله ولكن مع تطور العلم والانجازات التي حققها الأطباء من نقل وزرع الأعضاء البشرية وكذلك القيام بعملية استنساخ النعجة دولي وأهم مشكلة تثيرها الثورة البيولوجية هي الآثار المترتبة عللي عملية الاستنساخ البشري ونقل الأعضاء من إنسان إلي آخر كل ذلك خلق مشاكل عديدة ومن أجل توضيح ذلك وبيان العلاقة بين ذلك سنقوم بشرح ذلك في فرعين:
الفرع الأول: أدلة المانعين لنقل وزرع الأعضاء بين الأحياء
الفرع الثاني: الموقف الشرعي من الاستنساخ البشري
الفرع الأول
أدلة المانعين لنقل وزرع الأعضاء بين الأحياء
أورد المانعون لنقل جزء من إنسان لزرعه في آخر مجموعة من الأدلة وتتلخص في الآتي: ( )
1- قوله تعالي في سورة النساء عن إبليس الذي لعنه ” ولأمرنهم فليغيرن خلق الله “.( ) وقد نزلت هذه الآية في نقل عين أو قلب أو كلية من شخص لآخر وتشمل أيضا خصاء العبيد الذي كان يفعله الخلفاء بعبيدهم ليدخلوا علي نسائهم وكل هذا تغيير لخلق الله تشمله الآية الكريمة
2- قوله تعالي في سورة البقرة ” ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءتهم فإن الله شديد العقاب”.( )
3- إن التبرع بالأعضاء استبدال الأدنى بالذي هو خير واختيار لما هو دون الأكمل والأنفع لقد غير الله سبحانه وتعالي بني اسرائيل علي ذلك فقال جل شأنه في حقهم” أتستبدلون الذي هو أدني بالذي هو خير” ( )مع أن التبديل وقع منهم في أمرين مباحين فكيف إذا اختار المتبرع بأحد أعضائه النقص علي الكمال مع احتمال وجود الحرمة في ذلك عند من لا يبيح نقل الأعضاء
4- قوله تعالي في سورة التكاثر ” ثم لتسألن يوم إذا عن النعيم” ( )وقيل أن النعيم هو الأمن والصحة والعافية وهذه النعم مما يسأل الإنسان عن شكرها يوم القيامة لقوله صلي الله عليه وسلم ” إن أول ما يحاسب الإنسان العبد عنه يوم القيامة من النعيم فيقول له : ” أنا نصح لك جسدك ؟ ” فصحة الإنسان وعافيته من نعم الله التي تستوجب الشكر لا الكفر والمحافظة لا التضييع بالتبرع أو البيع .
5- إن الأصل عصمة دم المسلم وجميع أجزاء بدنه الثابتة فيه فلا يجوز للإنسان أن يجني علي نفسه أو علي عضو من أعضائه أو بشرته أو علي غيره إلا بحق ثابت شرعا ، أما لو ارتكب جريمة توجب حدا كالقتل أو القطع أو الجرح ،فيقيم الحاكم الشرعي عليه ما يستحقه من عقاب.
6- إن الأصل المساواة بين المسلمين في عصمة الدم والأعضاء ، لحديث النبي صلي الله عليه وسلم ” المسلمون تتكافأ دماؤهم” فيجب المحافظة علي حرماتهم الثابتة لها بالقرآن والسنة وإجماع الأمة.
7- قوله تعالي في سورة البقرة ” ولا تلقوا بأيديكم إلي التهلكة “( ) وهذه الآية تدل علي تحريم إلقاء النفس في مظان التهلكة بتلف، أو إضعاف من غير مصلحة مقصودة شرعا غير مرجوة، ونزع جزء من بدن الحي لزرعه في غيره قد يؤدي إلي إتلاف المتبرع ،أو إضعافه لا محالة ولو في المستقبل البعيد.
8- قوله تعالي في سورة النساء ” ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما” ( )ووجه الدلالة أن الله قد نهي عن قتل النفس وبتر العضو منها لغير مصلحتها، وقد يؤول إلي قتلها.
9- قوله تعالي في سورة المائدة ” وكتبنا عليهم أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص” ( )ودلالتها أن الآية الكريمة أعطت لجوارح الإنسان من الحرمة ما أعطته لنفسه.
10- قوله تعالي في سورة الإسراء “ولقد كرمنا بني آدم ” ( )وسورة الانفطار “يأيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ركبك” . ( )
وسورة المؤمنون ” فتبارك الله أحسن الخالقين” .( ) وغيرها من الآيات التي دلت علي بديع صنع الخالق والتي تقتضي منهم المحافظة علي أبدانهم علي نحو ما أمر به المشرع ، “فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان”.
11- قوله صلي الله عليه وسلم ” ومن قتل نفسه بحديده فحديدته في يده يجيء بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ” وعن عبد الله بن عمر قال :” رأيت رسول الله (ص) يطوف بالكعبة ويقول : ما أطيبك وأطيب ريحك ما أعظمك وأعظم حرمتك والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك ، ماله ودمه وإن نظن به إلا خيرا ” وهذا يعني أن نفس الإنسان ليست ملكا له ، وإنما هي أمانة من الله خلقها ، وأوجد فيها من دقيق الخلق وجليلة ما يتمكن به من عبادته سبحانه ، وعمارة الأرض التي استخلفه فيها.
12- إن رسول الله (ص) قد حث المسلمين علي زكاة الأبدان والأعضاء لقوله ” إنه قد خلق آدم علي ستين وثلاثمائة مفصل فمن ذكر إليه وحمد الله وهلل الله وسبح الله وعزل حجرا عن طريق المسلمين أو عزل شوكة أو عزل شوكة أو عزل عظما أو أمر بالمعروف أو نهي عن منكر عدد تلك الستين والثلاثمائة السلامي ،أمسي من يومه وقد زحزح نفسه عن النار ” وهذه الصدقات لم يوجبها الشرع كما أوجب زكاة المال وزكاة الفطر لأجل المشقة فيها ولكنه مع ذلك مضي عليها ورغب فيها.
13- وقد نهي رسول الله صلي الله عليه وسلم عن وصل شعر الآدمي من أجل التداوي ، فعن عائشة رضي الله عنها ” إن جارية من الأنصار تزوجت فمرضت فتمرط شعرها ، وأراد أن يصلوه فسئل النبي عن ذلك فلعن الواصلة والموصولة “.
وعليه فإن من أصيب بداء فقد بسببه عضوا من أعضائه أو جزءا من أجزاء بدنه ليس له أن يكمل هذا النقص بعضو أو جزء من شخص آخر ، وأن هذا النوع من التداوي غير جائز وملعون فاعله. وعلة ذلك أنه تغيير لخلق الله وفيه مثله وهي محرمة بالاتفاق وتصرف للإنسان فيما لا يملك ، فضلا عن منافاته كرامة الآدمي.( )
وكذلك يري أصحاب هذا الرأي أن بيع الأعضاء ونقلها باطلا وذلك لأن جسم الإنسان وأعضاؤه ليس مالا حتي يصلح للتعامل فقد كرم الله الإنسان وزينه بكرامته الإنسانية وقد أضاف أصحاب هذا الرأي لبن الآدمية ليس مالا منقولا لأن لحم الإنسان حرام ، واللبن تابع للحم وإذا أجاز الشرع الانتفاع بها لتغذية الطفل فهذا استثناء لا يقاس عليه والمسألة التي تستحق النظر هي مسألة الترجيح بين المصالح المتزاحمة في موضوع الانتفاع بلبن الآدميات بصفة خاصة وبأجزاء الآدمي بصفة عامة.( )
الفرع الثاني
الموقف الشرعي من الاستنساخ البشري
مما لاشك فيه أن التطورات العلمية الهائلة التي حققتها البشرية خلال العقود الماضية في كافة الميادين ، خاصة في مجال البيولوجيا قد فاقت كل التوقعات ، ولما كانت هذه التطورات ذات علاقة مباشرة بالإنسان وبمفهوم الحياة والكرامة الإنسانية وانعكاساتها علي الأسرة ، والمجتمع وأن طبيعة هذه التطورات وأبعادها الأخلاقية والدينية والاجتماعية قد عملت علي إحداث هزة عنيفة أصابت الجميع من مفكرين ورجال دين وقانونيين وأناس عاديين بالصدمة أو فقدان التوازن الفكري والنفس تجاه ما يجري وما قد يحدث في المستقبل.( )
وأهم مشكلة تثيرها الثورة البيولوجية هي الآثار المترتبة علي عملية الاستنساخ البشري ، كون الإنسان وبفضل التحكم (بالجينات) سيصبح في وسعه أن ينتج بيولوجيا صورا مشابهة تماما لنفسه ، فمن خلال عملية الاستنساخ سيكون في المستطاع أن ننشئ من نواة مأخوذة من خلية إنسان كائنا جديدا له نفس الصفات الوراثية للشخص الذي أخذت منه نواة الخلية وهذه العملية لها انعكاسات علي المجتمع عامة وعلي أخلاقياته وسلوكه وقيمة لأن ذلك يساهم دون وجود رادع تنظيمي في هدم قوانين الطبيعة خصوصا إذا اقتصر الاستنساخ علي أشخاص ذوي ميول إجرامية أو أشخاص من صنف واحد وما يهمنا الآن هو قضية الاستنساخ من الناحية الشرعية.( )
فقد قدر الله العلم والعلماء حتي جعلهم في مكانة جليلة وفي مرتبة الملائكة تماما وهم الذين شهدوا لله سبحانه وتعالي بالوجدانية كما في قوله تعالي ” شهد الله أن لا إله هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم”.( )
وفي حديث الرسول صلي الله عليه وسلم ” فضل العالم علي العابد كفضلي علي أدناكم”، والعلم المقصود هنا هو العلم الذي يقوم لصالح البشرية لأن الله سبحانه وتعالي أراد للإنسان فقط أن يكون هو المستخلف في هذه الأرض لعمارتها وإسعاد البشر جميعا وهذا لا يتحقق إلا من خلال العلم وهذا العلم هو وحده الذي يقدر عظمة الله سبحانه وتعالي .
وقد أراد الخالق جل وجلاله أن يأتي هذا المستخلف بطريق التناسل وهو الطريق الطبيعي لقوله ” ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون”.( )
والبشرية عندما ابتعدت عن المودة والرحمة اختل هذا الجانب الإنساني فيها وكثر القتل والسفاح وانتشرت الأمراض والأوبئة الفتاكة.
وبناء علي ذلك فإن قضية الاستنساخ محرمة من الناحية الشرعية ولكن إذا ما كان من الممكن أن تتجه الدراسات لنفع البشرية وحل مشكلاتها في قضية استنساخ العضو المطلوب فهذا جائز.( )
وقد تخوف علماء الدين المسلمين والمسيحيين من خطورة الاستنتاج وشرح الفرق بين الخلق والتخليق أو التكوين للإنسان بواسطة ما خلق الله وأكد أن الإسلام يفتح ذراعيه للتقدم العلمي وهو فريضة يوجبها الدين وضرورة يحتمها الواقع ويرحب بالعلم الذي يخدم الإيمان والأخلاق والقيم والإنسان ويحرم العلم الذي ينطلق سائبا بلا معالم تهديه أو ضوابط تنظمه فهنا يكون الخطر وللاستنساخ في هذا المجال اعتبارات عدة أهمها : ( )
1- أن الله سبحانه وتعالي خلق الناس متميزين وخلق الكون علي أساس التنوع واختلاف الألوان لقوله تعالي ” ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك إنما يخشي الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور.
2- أن الله خلق الكون أزواجا والاستنساخ يبطل هذه القاعدة ( قاعدة الزوجية في الكون وفي الحياة ) ويعتبر ذلك تدميرا للحياة ومخالفة لفطرة الله.
3- إن الله سبحانه جعل الأسرة هي الأساس لحياة المجتمع الإنساني ولا بد أن يتربي الطفل في ظل أسرة، ويعيش في بيت يحذو عليه ويرعاه، فالأمومة معاناة فهي معايشة لهذا الجنين تسعة أشهر. ( )
فمن كل ما تقدم يمكن تعريف الاستنساخ بأنه توليد كائن حي أو أكثر ، إما بنقل النواة من خلية جسدية إلي بويضة منزوعة النواة ، وإما بتشطير بويضة مخصبة في مرحلة تسبق تمايز الأنسجة والأعضاء .
هذا وإن مجلس الفقه الإسلامي في دورته العاشرة قد بحث موضوع الاستنساخ وذلك بعد قيامه بدراسة ومناقشة مستفيضة فقد قرر تحريم الاستنساخ البشري وناشد مجمع الدول الإسلامية إصدار القوانين والأنظمة اللازمة لغلق الأبواب المباشرة وغير المباشرة أمام الجهات المحلية أو الأجنبية والمؤسسات البحتية والخبراء الأجانب للحيلولة دون اتخاذ البلاد الإسلامية ميدانا لتجارب الاستنساخ البشري والترويج لها.( )
وقد جاء رأي الكنيسة متطابقا مع رأي علماء الشريعة الإسلامية ، ودعا رجال الدين المسيحي والعلماء إلي استخدام العلم لخير البشرية وإسعاد الناس ودعم الإيمان وقد جعل الدين المسيحي الزواج أساس الأسرة وسرا من الأسرار المقدسة وفكرة الاستنساخ تلغي هذا المفهوم المقدس من حياة الناس وفي هذا إفساد وتدمير للحياة التي لا بد من أسرة وزوجين وأبوين.( )
ويؤكد العلماء الذين قاموا بالتجربة و علي رأسهم العالم (إيان) أن استنساخ البشر غير إنساني كما أدان المدير العام لمنظمة الصحة العالمية الدكتور ( هيروشي ناكاجيما) استنساخ البشر قائلا : ( أن المنظمة تعتبر استخدام الاستنساخ لإنتاج نسخ متشابهة من البشر أمرا غير مقبول أخلاقيا ،لأنه سيؤدي إلي انتهاك بعض المبادئ الأساسية التي تحكم الإنجاب والتي تتضمن احترام كرامة الإنسان وحماية سلامة الموروثات الإنسانية . وكذلك حظرت ايطاليا علي لسان وزير صحتها الذي أوضح أن الحكومة قررت منع إجراء أي تجارب بشأن استنساخ الإنسان أو الحيوان اعتمادا علي خصائص الموروثات الجينية .( )
وقالت شركة (بي بي ثيرابيوتكس البريطانية التي نجحت في استنساخ أول نعجة في التاريخ دوللي) ،أنها تنوي استنساخ عدد كبير من الخنازير بقلوب صالحة لزراعتها في جسم الإنسان ” وهذا ما حصل فعلا باستنساخ خمسة خنازير بتاريخ 2/1/2002م وأضافت الشركة في بيان لها بهذا الصدد أنها تهدف من وراء هذا الإجراء إلي توفير قلوب لزراعتها في أجساد مرضي بالقلب خصوصا أن هناك عجزا كبيرا في القلوب السليمة التي تعتمد بالأساس علي ضحايا حوادث السير في سد العجز.( )
وأعرب علماء بريطانيون عن مخاوفهم من انتقال جراثيم جديدة إلي الإنسان من خلال هذه الطريقة لا سيما وأن العلم كشف عن جراثيم غير ضارة تعيش في أجساد الحيوانات ولكنها تصبح قاتلة إذا ما انتقلت إلي أجساد البشر.( )
المطلب الثاني
أدلة المجيزين لنقل وزرع الأعضاء وشروط إباحتها
تمهيد وتقسيم:
بعد أن انتهينا من استعراض أدلة المانعين لنقل وزرع الأعضاء والموقف الشرعي من الاستنساخ البشري ، لا بد من أن نتعرف علي أدلة المجيزين لنقل وزرع الأعضاء بين
الفرع الأول: أدلة المجيزين لنقل وزرع الأعضاء بين الأحياء
الفرع الثاني: شروط إباحة نقل وزرع الأعضاء البشرية بين الأحياء
الفرع الأول
أدلة المجيزين لنقل وزرع الأعضاء بين الأحياء
أما أدلة المجيزين لنقل وزراعة الأعضاء البشرية وخاصة بين الأحياء فتتلخص فيما يلي: ( )
1- إن الأصل في الأشياء الإباحة ، وهو أمر مباح لم يرد في الشرع ما يحرمه.
2- إن هذا من قبيل الصدقة والتبرع للمحتاجين كبذل المال لأصحاب الضرورات وفيه أجر وثواب.
3- كذلك أورد المبيحون لنقل الأعضاء أيضا بالنصوص الدالة على الإيثار كقوله تعالى ” ويؤثرون علي أنفسهم ولو كان بهم خصاصة” ( )
4- استدل المجيزون لنقل الأعضاء بما فهموه من عموم قواعد الشريعة مثل الضرورات تبيح المحظورات ، الضرر يزال ، المشقة تجلب التيسير ، تحقيق أعلي المصلحتين، ارتكاب أخف الضررين، وإذا تعارضت مفسدتان تدرأ أعظمهما ضررا بارتكاب أخفها ضررا.
5-الاستدلال بآيات الاضطرار وهي:
أ- ” فمن اضطر غير باع ولا عاد فلا إثم عليه إن غفور رحيم” ( )
ب- ” فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم”( )
ت- ” فمن اضطر غير باع ولا عاد فإن ربك غفور رحيم”( )
ث- ” وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه( )
ج- الاستدلال بأن المشقة تجلب التيسير وبالأدلة الرافضة للحرج لقوله تعالي” يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ( ) ” وقوله تعالي” وما جعل عليكم في الدين من حرج”( )
ح- كذلك قال أصحاب هذا الرأي أن الشريعة جاءت لمصلحة العباد ثم بنوا علي هذه المقدمة نتيجة مفادها ،أن كل ما فيه مصلحة للعباد ،فهو جائز.
وهذا يعني أن المجيزين قد استدلوا بأنه حيثما وجدت المصلحة فثمة شرع الله ومن هنا نتبين أن كلمة الفقهاء قد اتفقت علي بطلان بيع أي جزء من أجزاء الإنسان عدا لبن المرأة ، إما لكرامة الآدمي لجميع أعضائه وإما لعدم تصور الانتفاع بها في حالة انفصالها.
من كل ما ظهر فإن حاجة الإنسان والانتفاع بالأعضاء لم يعد أي جدل في ذلك خاصة بعد أن نجحت في الواقع العملي عمليات نقل الأعضاء وزرعها وإنقاذ كثير من الناس من هلاك محقق، أما شرعية هذا الانتفاع فالظاهر أن الاجتهاد الفقهي الإسلامي المعاصر قد حكم بذلك ، عندما أجاز التبر ع بكثير من الأعضاء لغرض زرعها في جسم من يحتاج إليها ، لأن الحكم بجواز التبرع بشيء لغرض معين هو حكم بمشروعية الانتفاع بهذا الشيء في هذا الغرض.
وقد أجاز الإمام الأكبر الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر عمليات نقل الأعضاء البشرية وزراعتها حيث يقول” إن التبرع بالعضو البشري سواء من إنسان حي أو ميت يعتبر صدقة جارية للمتبرع، وردا علي مقولة أن جسم الإنسان ملك لله بأن الكون كله ملك لله ورغم ذلك أباح لنا التصرف في كثير من الموجودات بما يخدم حياتنا علي الأرض. ( )وقال الدكتور نصر فريد واصل مفتي الديار المصرية ” أن دار الإفتاء قد انتهت إلي جواز إجراء عمليات نقل الأعضاء البشرية وزراعتها ما دامت هناك ضرورة وحاجة لذلك ودون ضرر للمتبرع.
أما عن مدي التعارض بالنسبة لبيع الأعضاء الآدمية ، مع ما جعل الله للإنسان من الكرامة والاحترام ، فإن بيع الأعضاء هو ما يتنافي مع الكرامة والاحترام ، أما التبرع بالأعضاء لغرض إنقاذ المرضي من الهلاك ، واستعمالها في مثل ما استعملت له في أصل خلقها،أي بوضعها في موضع تقوم من خلاله بالوظيفة نفسها التي أوجدها ربها جل جلاله عندما خلقها ،فهو يتفق مع الكرامة والاحترام. هذا وقد أفتي الدكتور الشيخ يوسف عبد الله القرضاوي بأن التبرع بكلية يعتبر عملا مشروعا بل محمود ويؤجر عليه من فعله، لأن رحم من في الأرض فاستحقت رحمة من ف السماء لأنه يعتبر أزال ضرر يعانيه مسلم من فشل الكلية.( )
والإسلام لم يقصر الصدقة علي المال ، بل جعل كل معروف صدقة ، فيدخل فيه التبرع ببعض البدن لنفع الغير بل هو لا ريب من أعلي أنواع الصدقة وأفضلها، لأن البدن أفضل من المال والمرء يجود بماله كله لإنقاذ جزء من بدنه ،فبذله لله تعالي من أفضل القربات وأعظم الصدقات . هذا وقد جاء البعض برأي مغاير ، مفاده أن بيع أعضاء الإنسان لغرض الربح والتجارة علي سبيل التداول ولمجرد الكسب المادي ، هو الذي يشعر بالإهانة ويتعارض مع الكرامة الإنسانية وكذلك بيعها لغرض استعمالها في غير الغرض الذي خلقت من أجله.( )
أما إذا بيعت لغرض إنقاذ المرضي من الهلاك واستعمالها في مثل ما استعملت له من أصل خلقها ، أي بوضعها في موضع تقوم من خلاله بالوظيفة نفسها، التي وظفها ربها فيه عندما خلقها ، ولم يكن بيعها بغرض التجارة والكسب المادي، إذا كان البيع في هذه الحدود وبهذه القيود فلا إهانة فيه ولا تعارض مع كرامة البشر. فهل هناك أي معني من معاني الاحتقار والإذلال في نقل كلية إنسان أو بعض دمه إلي إنسان آخر تتوقف حياته علي هذا النقل ، حتي ولو أخذ صاحب العضو المنقول بدلا ماليا؟ كذلك فإن بيع الآدمي لعضو من أعضائه لا يتنامي مع حريته فمن باع جزءا من دمه أو باع كليته لا يفقد شيئا من حريته.( )
خلاصة ذلك يتضح لنا أنه من الناحية الشرعية فإن عدد كبير من علماء الأمة الإسلامية علي اختلاف مذاهبهم أجازوا التبرع بالأعضاء لإنقاذ حياة الآخرين ويعتبرون ذلك صدقة جارية بل ذهب بعضهم إلي وجوب ذلك لما فيه من إحياء الأنفس، وفي هذا الشأن أكد رئيس اللجنة الاستشارية العليا للعمل علي استكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية وعلي جواز التبرع بالأعضاء في حياة الفرد شريطة ألا يقع ضرر عليه ويكون لديه دليل عن أعضائه كالكلية وليس سواها حتي لا تؤثر علي حياته.
الفرع الثاني
شروط إباحة نقل وزرع الأعضاء البشرية بين الأحياء
تنظر الشريعة الإسلامية إلي عمليات نقل الأعضاء علي أنها مركب يجمع بين مصالح متعددة في إطار واحد ، يتعلق بحقوق الفرد وحقوق الله تعالي وقد تطلبت مراعاة لهذه الحقوق ، توافر عدة ضمانات ترجع في مجملها إلي الرضاء والباعث عليه ومدي تضحية المرضي عنها وقد قيدت إباحة استقطاع العضو من المعطي بعدة شروط ، يرجع بعضها إلي حق الله تعالي وبعضها إلي المعطي وتتركز حقوق المعطي بالرضاء الحر، الصادر فمن هو أهل له والبالغ العاقل وأن يصدر وهو بينه من أمره.( )
وبري البعض أنه لا يحق للأولياء إبداء الرضا بالاستقطاع من جسم القاصر أو من حكمة ممن هم تحت ولايتهم إلا إذا تعلق الأمر باستقطاع عضو من أحدهم لزرعه في جسم أحد أشقائه أو شقيقاته.
هذا ويجب أن يكون الرضاء حرا وبدون مقابل إذ أنه لا يجوز للمعطي أن يلق تبرعه علي قبض ثمن العضو المستقطع ، فلا مانع شرعا أن يوضع نظام عدم يمكن بمقتضاه مساعدة المعطي ماليا ، عما يفوته من منافع بسبب الاستقطاع. ولكن هذه المساعدة المالية التي تصدر أيضا عن اعتبارات إنسانية لا تعادل أبدا قيمة العضو المستقطع ، والقول بغير ذلك معناه إجازة الاتجار في أجزاء بني البشر، الأمر الذي يمس بالكرامة الإنسانية في الصميم هذا ومن الضروري أن يكون الواجب زيادة علي الرضا أن يكون ذو أهلية كاملة حتي تكون تصرفاته صحيحة . ( )
كذلك من المستقر عليه فقها ، أنه لا يجوز إجبار مريض علي العلاج أو أي عمل من شأنه إلحاق مساس بتكامله الجسدي، إلا في حالات استثنائية ، كحالات الضرورة أو حالات تقتضيها ضرورة المحافظة علي الصحة العامة كالتطعيم الإجباري أو العلاج الإجباري والأصل هو صدور الرضاء من المريض نفسه ما دام قادر علي التعبير عن إرادته والعبرة في ذلك بحالة المريض الفعلية بغير حاجة إلي توافر أهلية مباشرة التصرفات القانونية وإذا أهمل الطبيب في الحصول علي رضاء المريض أو من يمثله اعتبر مسئولا عن نتائج فعله حتي ولو لم ينسب إليه خطأ طبي بالمعني الفني.( )
هذا وقد استقر الفقه علي ضرورة قبول المريض لما يخضع له من وسائل علاجية بعد تبصيره بحاجته وما هو علي وشك الإقدام عليه إلي أن ظهر الاختلاف بعد ذلك في كم المعلومات التي يلتزم الطبيب بتبصير المريض بها .
كذلك ويجب أن يكون المريض يتمتع بأهلية كاملة قي حالة المريض القاصر فقد قرر فقهاء الشريعة الإسلامية أنه يشترط أن يكون تدخل الطبيب بناء علي إذن المريض أو وليه إن كان قاصرا أو من في حكمه وإن كان البعض منهم قد ذهب إلي اشتراط صدور إذن العلاج من حر بالغ عاقل . هذا ويعتبر شرط توافق عمليات نقل وزرع الأعضاء مع النظام العام والآداب العامة من أهم شروط إباحة نقل الأعضاء البشرية لأن هناك آدابا عامة استقرت المجتمعات علي ضرورة المحافظة عليها ،وهي تشكل مجموعة من القيم والمبادئ والمثل والأخلاق التي أرستها الإنسانية ابتداء ،وأكدتها الشرائع السماوية فأصبحت جزء لا يتجزأ من تراث وحضارة أي شعب من الشعوب. ( )
وقد بدأت أيضا صور التقدم العلمي والطبي تخطو بتسارع كبير متجاوزة حدود الآداب العامة كالتلقيح الصناعي والاستنساخ وما نجم عن استخدام هذه التقنية الحديثة لتلبية ميول الانحراف المتفشي في بعض المجتمعات ، حيث بدأت فكرة بنوك الأجنة وبيعها مجمدة تظهر إلي العالم وتغيير الجنس والتلاعب بكل ما استقرت عليه الآداب العامة والقيم الأخلاقية ، فيتحول الذكور إناثا والإناث ذكورا وكل ما يترتب عليه من قلب لمفاهيم الأسرة فيصبح الأب أما والأم أبا بين عشية وضحاها أو يستنسخ أحدهما ليتكرر في أجيال ذات مواصفات محددة.
وهذا كله يثير العديد من التساؤلات حينا والاستنكار حينا آخر ، سيما وأن التطور الطبي أصبح يسخر لغير حاجات علاجية ، وبالتالي أفتقد الفرد قدرته علي أداء وظيفته الاجتماعية.( )
وفي الواقع يطالعنا ثلاث صور علي سبيل المثال، من صور مخالفة بعض عمليات نقل وزرع الأعضاء لما قد استقرت عليه قواعد النظام العام والآداب العامة وهي بيع الأعضاء البشرية وتجاوزات التلقيح الصناعي والاستنساخ البشري.
اترك تعليقاً