المعايير الدولية المتعلقة بالاحتجاز السابق للمحاكمة
عمدت الأمم المتحدة، بعد تأسيسها بأمد قصير، إلى سن معايير دولية لحقوق الأشخاص المتهمين بارتكاب جرائم و/أو الذين حرمتهم حكوماتهم من حريتهم. وهناك صكان دوليان أساسيان اثنان بشأن حقوق الإنسان، هما الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، يضمنان للأشخاص عدم التعرض للتعذيب وللاعتقال التعسفي والحق في محاكمة منصفة وافتراض البراءة من أي تُهم جنائية توجه إليهم. وقد سنت الجمعية العامة وأجهزة أخرى تابعة للأمم المتحدة ما يزيد على ثلاثين صكاً بشأن منع الجريمة ومكافحتها تُفسر وتُحدد وتضمن حماية حقوق الإنسان. إلا أنه لم تتوفر حتى الآن مجموعة شاملة من المعايير لحماية الأشخاص رهن الاحتجاز السابق للمحاكمة أو الاحتجاز الإداري.
2- وحقيقة عدم وجود أي مجموعة من المعايير لا يعني أن ليس هناك معايير لحماية الأشخاص الذين هم رهن الاحتجاز السابق للمحاكمة والاحتجاز الإداري. بل هناك، على العكس من ذلك، العديد من الصكوك التي سنتها أجهزة الأمم المتحدة خلال السنوات الخمس والأربعين الماضية تتضمن أحكاماً تتصل بمثل هذا الاحتجاز. بعض هذه الأحكام يتسم بطابع عام وينطبق على الاحتجاز السابق للمحاكمة والاحتجاز الإداري والسجن التالي للإدانة، في حين تُعنى أحكام أخرى بالاحتجاز السابق للمحاكمة تحديداً. وبما أن هذه المعايير مشتتة عبر مختلف الصكوك التي تتصدى للاحتجاز السابق للمحاكمة، يتضمن هذا الدليل استعراضاً للمعايير المتصلة بالاحتجاز السابق للمحاكمة وتفسيرها والتعليق على تنفيذها فعلاً.
3- والهدف من هذا الدليل هو اقتراح خطوات عملية لتنفيذ المعايير القائمة بشأن معاملة المجرمين كما تنطبق على حالة المحتجزين رهن المحاكمة والمحتجزين إدارياً. والمقصود منه أن يساعد الدول في الاستجابة للقرار 17 المتعلق بالاحتجاز السابق للمحاكمة الذي اعتمده مؤتمر الأمم المتحدة الثامن المعني بمنع الجريمة ومعاملين المجرمين الذي أنشأ المبادئ التالي ذكرها (الفقرة 2):
(أ) يجب أن يمثل فوراً الأشخاص المشتبه في ارتكابهم جرائم أو المحرومون من حريتهم أمام قاض أو مسؤول آخر مخوّل قانوناً بممارسة مهام القضاء فيتولى الاستماع إليهم ويبت دون إبطاء في شأن الاحتجاز السابق للمحاكمة؛
(ب) لا يصدر الأمر بالاحتجاز السابق للمحاكمة إلا إذا كانت هناك أُسس معقولة تحمل على الاعتقاد أن الأشخاص المعنيين شاركوا في ارتكاب الجرائم المدعاة وهناك خطر هروبهم من العدالة أو ارتكابهم من جديد جرائم خطيرة، أو خطر التدخل الجدي في سير العدالة إذا بقي هؤلاء الأشخاص طُلقاء؛
(ج) ينبغي أن تُراعى، عند النظر فيما إذا كان يتوجب إصدار أمر الاحتجاز السابق للمحاكمة، الظروف التي تكتنف الحالة، وبخاصة طبيعة ومدى خطورة الجريمة المدعاة، وصحة الشواهد، والعقوبة المحتمل إنزالها بالشخص المعني وسيرته وظروفه الشخصية والاجتماعية، بما في ذلك روابطه بمجتمعه المحلي؛
(د) لا ينبغي الأمر بالاحتجاز السابق للمحاكمة إذا كان الحرمان من الحرية يتناسب والجريمة المدعاة والحكم المتوقع؛
(ه) ينبغي، حيثما أمكن ذلك، تفادي استخدام الاحتجاز السابق للمحاكمة باتخاذ إجراءات بديلة كالإفراج عن الشخص بكفالة أو تعهده بحسن السلوك أو أيضاً الرقابة عن كثب في حالة الأحداث ورعايتهم المكثفة أو إيداعهم في أُسر أو في مؤسسة إصلاحية أو مأوى وفي حالة عدم القيام بتطبيق هذه البدائل يلزم تسبيب ذلك؛
(و) إذا لم يكن هناك بُدّ من اللجوء إلى الاحتجاز السابق للمحاكمة بالنسبة للأحداث، يتعين أن يُحاط هؤلاء بالرعاية والحماية وأن تقدم إليهم المساعدة الفردية التي ربما يحتاجون إليها بالنظر إلى سنهم؛
(ز) يجب أن يُخطر الأشخاص الذين يصدر بحقهم أمر بالاحتجاز السابق للمحاكمة بكل ما لهم من حقوق وبخاصة ما يلي:
‘1‘ حقهم في الحصول فوراً على محام؛
‘2‘ الحق في طلب المساعدة القضائية؛
‘3‘ الحق في البت في صحة الاحتجاز عن طريق توخي أمر إحضار (الشخص) أمام المحكمة وإنفاذ الحقوق الدستورية (الأمبارو) أو بوسائل أخرى، والحق في الإفراج عنه في حالة عدم قانونية الاحتجاز؛
‘4‘ الحق في أن يزورهم أفراد أُسرهم وفي مراسلتهم رهناً بشروط وقيود معقولة على نحو ما هو منصوص عليه قانوناً وفي اللوائح التشريعية؛
(ح) ينبغي أن يخضع الاحتجاز السابق للمحاكمة لإعادة النظر القضائي فيه في غضون فترات زمنية متباعدة تباعداً قصير الأمد ولا ينبغي استمراره إلى ما بعد ما هو مطلوب في ضوء المبادئ المدرجة أعلاه؛
(ط) يجب أن يتم النظر في الدعوى المتعلقة بالأشخاص الموقوفين بأسرع ما يمكن من أجل الحد إلى أدنى ما هو ممكن في مدة الاحتجاز السابق للمحاكمة؛
(ي) عندما يتحدد الحكم الواجب إصداره ينبغي أن تُطرح من مدته المدة المقضاة في الاحتجاز السابق للمحاكمة أو أن تؤخذ هذه المدة بعين الاعتبار توخياً لتقليص المدة التي يقضي بها الحكم.
اترك تعليقاً