المسؤولية القانونية بوجه عام (جنائية و مدنية
المسؤولية القانونية بوجه عام (جنائية و مدنية )
المسؤولية القانونية :
أمّا أن تكون جنائية ، و أما أن تكون مدنية ، بعبارة أخرى :
ـ إذا كانت المسؤولية القانونية : ( عموما ) ( على خلاف المسؤولية الخلقية ) هي أن يحاسب شخص على ضرر أحدثه بغيره ، فإنها تنقسم ( بحسب ما إذا كان هذا الضرر يقتصر على الأفراد ، أم يصيب الجماعة ) ـ إلى مسؤولية جنائية ـ و مسؤولية مدنية .
ـ المسؤولية المدنية : هي الإلتزام بتعويض الضرر الناشئ عن الإخلال بالإلتزام عقدي أو قانوني .
ـ و تنقسم المسؤولية المدنية تقليديا إلى :
1 ) ـ المسؤولية العقدية : تقوم إذا كنا بصدد إخلال بإلتزام عقدي .
أو بعبارة أخرى : هي المسؤولية التي تترتب على عدم تنفيذ الإلتزام الناشئ عن العقد على الوجه المتفق عليه فيه ( في العقد)
2) ـ أمّ المسؤولية التقصيرية : تقوم إذا كنا بصدد إخلال ب إلتزام قانوني .
أو بعبارة أخرى : هي المسؤولية التي تقوم على إلزام القانون بتعويض الضرر الذي ينشأ دون علاقة عقدية بين المسؤول عنه و الذي كان ضحيته.
مــلاحــظة : من بين مصادر الإلتزام نجد :
1ـ ” الجريمة ” و ” شبه الجريمة ” 🙁 هما مصدر واحد ( غير منفصلين )) ذلك هو العمل غير المشروع.
أ) ـ ( الجريمة أو الجنحة ) المدنية : هي الفعل الصادر عن عمد.
و شبه ( الجريمة أو الجنحة ) هي الفعل الصادر عن إهمال.
1 ـ الفارق بين المسؤلية المدنية و المسؤولية الجنائية :
ـ المسؤولية الجنائية : فهي جزاء الأضرار بالجماعة التي يتعين لحمايتها توقيع عقوبة على المسؤول فيها ، بناء على طلب النيابة العامة بإعتبارها ممثلة للجماعة .
ـ أمذا المسؤولية المدنية : فتقوم جزاء الأضرار بالمصالح الخاصة أو الفردية .
و يترتب على أخلاف أساس المسؤوليتين عدة نتائج ، من بينهما :
1) ـ أنّ العقوبة عن الجريمة الجنائية تتناسب مع جسامة خطأ المتهم ( حين أن التعويض عن الفعل الضار، في المسؤولية المدنية لا علاقة له بجسامة خطأ المسؤول .
2 ) ـ في المسؤولية المدنية الجزاء هو : التعويض .
ـ أمّا في المسؤولية الجنائية الجزاء هو : الع قوبة .
3 ) ـ في المسؤولية الجنائية : يباشر الدعوى الجنائية ( أو العمومية ) المجتمع ممثلا من طرف النيابة العامة و بصفة عامة ـ لا يجوز فيها الصلح و التنازل
ـ أمّا الدعوى المدنية فيباشرها الشخص المضرر و يجوز فيها الصلح و التنازل .
4 ) ـ في المسؤوليةالجنائية : الأعمال الموجبة لهذه المسؤولية محددة بنص قانوني .
ـ أمّا في المسؤولية المدنية : الأعمال غير محددة بنص هي كل عمل غير مشروع يسبب ضرر للغير.
5) ـ بعض الأفعال تترتب عليها مسؤولية جنائية
ـ دون المسؤولية المدنية
ـ و العكس : بعض الأفعال تترتب عليها مسؤولية مدنية ، دون المسؤولية الجنائية
ـ و لكن توجد دائرة مشتركة بين المسؤوليتين ، مثلا في جرائم الأشخاص ( كالقتل العمدي أو الخطأ) و ( جرائم الأموال ) ( كالسرقة و خيانة الأمانة ……. )
6) ـ فيها يتعلق بالإختصاص : يجوز رفع دعوى المسؤولية المدنية عن الفعل الضار و إلى المحكمة الجنائية التي رفعت إليها الدعوى العمومية ( الجنائية ) . فتفصل هذه المحكمة في الأولى مع الثانية .( المادة 3 من قانون الإجراءات الجزائية ).
7) ـ فيما يتعلق بوقف الدعوى المدنية :إذا رفعت دعوى المدنية أمام المحكمة المدن ية ، و الدعوى العمومية أمام المحكمة الجنائية ، تعيين على المحكمة المدنية أن تقف الدعوى المدنية إلى أن تفصل المحكمة الجنائية في الدعوى الجنائية.
و يعبر عن ذلك بأنّ ” الجنائي يوقف المدني ”
8) ـ من حيث التقادم ( تسقط ) دعوى ( التعويض ) المسؤولية المدنية عن الفعل الضار إلاّ بتقادم الدعوى العمومية عن الجريمة.
( غير أنّ دعوى التعويض تتقادم طبقا لأحكام القانون المدني ( المادة 10 من قانون الإجراءات الجزائية))
9) ـ قوة الأمر ( الشئ ) المحكوم فيه : و إذا قضت المحكمة الجنائية في الدعوى العمومية بحكم حاز قوة الشيء المحكوم فيه : قيدت المحكمة المدنية عقد الفصل في الدعوى المدنية ـ بالوقائع التي أثبتها القاضي الجنائي في حكمه .
و لكنها لا تتقيد بالتكييف القانوني لهذه الوقائع ، و تستطيع أن تكيف الوقائع ( كما أثبتها الحكم الجنائي)، تكييفا آخر ، أي غير الذي أخذت به المحكمة الجنائية.
2)ـ الفارق بين المسؤوليتين :
العقدية و التقصيرية ، ظلت سائدة طيلة القرن التاسع عشر .
و لكنها تعرضت للنقد في الفقه الحديث الذي رأى في أساس المسؤولية المدنية إخلال بإلتزام ـ فتكون ـ في الحالتين ( بنوعيها ) ، ذات طبيعة واحدة ـ سواء نشأ هذا الإلتزام عن عقد أن عن القانون.
فأركان المسؤولية المدنية واحدة ـ سواء كانت عقدية أم تقصيرية : تقوم ( في الحالتين ) على الخطأ ـ و يترتب عليها في الحالتين تعويض الضرر.
و مع ذلك إذا كانت العناصر الأساسية للمسؤولية المدنية ( في نوعيها ) واحدة ، فإنّ فروقها هامة تقوم من الناحية الفنية بينهما ، لإختلاف التنظيم التشريعي للمسؤولية العقدية من بعض الوجوه عن المسؤولية التقصيرية . و أهم هذه الفروق هي :
الاعذار ، فالاعذار الذي تستلزمه المادة 119 الفقرة لاستحقاق التعويض ـ يقتصر على المسؤولية العقدية ( و يعفى منه الدائن في المسؤولية التقصيرية ).
الأهلية : كما أشرنا سابقا ، فالأهلية شرط للإلتزام بمقتضى العقد ـ (أي المسؤولية العقدية تستلزم الأهلية الكاملة ، ناقص الأهلية لا يلتزم بعقده ) و لكن يلتزم الشخص ـ بعمله غير المشروع ، متى كان مميزا ( أي : في المسؤولية التقصيرية يكفي توافر التمييز لدى المسؤول ).
ـ ( لكن البعض ( أنصار وحدة المسؤولية ) يقولون : أن:
ـ سبب المسؤولية العقدية ليس العقد ـ و لكن مخالفة الإلتزام الناشئ عن العقد.
ـ سبب المسؤولية التقصيرية ليس القانون ـ و لكن مخالفة الإلتزام ا لناشئ عن القانون
ـ و في الحالتين لا يتطلب توافر الأهلية لدى المسؤول.
التعويض : لا يلتزم المدين ( الذي يخل بإلتزامه الناشئ عن العقد ) إلا بتعويض الضرر ” الذي كان يمكن توقعه عادة وقت التعاقد ” ، مالم يكن قد ارتكب غشا أو خطأ جسيما ـ و في ذلك تنص المادة 182 الفقرة 2 من القانون المدني : ” غير أنه إذا كان اللإلتزام مصدره العقد ، فلا يلتزم المدين الذي لم يرتكب غشا أو خطأ جسيما إلا بتعويض الضرر الذي كان يمكن توقعه عادة وقت التعاقد”.
و لكن المدين ( في إلتزام عن فعل غير مشروع ) يلتزم بتعويض كل الضرر المباشر متوقعا أو غير متوقع.
التضامن :
لا تضامن بين المدينين في الإلتزام الناشء عن العقد (ـ إلاّ إذا اتفق أو نص عليه القانون.
و لكن التضامن بين المسؤولين عن الفعل الضار مفروض بحكم القانون المادة 126 من القانون المدني : ” إذا تعدد المسؤولين عن عمل ضار كانوا متضامنين في إلتزامهم بتعويض الضرر، و تكون المسؤولية فيما بينهم بالتساوي إلاّ إذا عين القاضي نصيب كل منهم في الإلتزام بالتعويض”.
الإتفاق على الإعفاء من المسؤولية :
يجوز الإتفاق ( في حدود معينة ) على الإعفاء من المسؤولية العقدية ( المادة 178 الفقرة 2 من القانون المدني ) : ” و كذلك يجوز الإتفاق على إعفاء المدين من أية مسؤولية تترتب على تنفيذ إلتزامه التعاقدي ، إلاّ ما ينشأ عن غشه ، أو عن خطئه الجسيم غير أنه يجوز للمدين أن يشترط إعفاءه من المسؤولية الناجمة عن الغش ، أو الخطأ الجسيم الذي يقع من أشخاص يستخدمهم في تنفيذ إلتزامه “.
و لكن يقع ( في جميع الأحوال ” باطلا كل إتفاق على الإعفاء من المسؤولية التقصيرية ، المادة 178 الفقرة 3 من القانون المدني :” و يبطل كل شرط يقضي بالإعفاء من المسؤولية الناجمة عن العمل الإجرامي “.
التقـــادم : دعوى المسؤولية العقدية تتقادم بـ 15 سنة ، حسب المادة 308 من القانون المدني : ” يتقادم الإلتزام بإنقضاء خمسة عشرة سنة عدا الحالات التي ورد فيها نص خاص في القانون و فيما عدا الإستثناءات الأتية ”
ـ أمّا دعوى المسؤولية التقصيرية فتتقادم بـ 15 سنة من يوم وقوع العمل الضار ، المادة 133 من القانون المدني : ” تسقط دعوى التعويض بإنقضاء خمسة عشرة سنة من يوم وقوع العمل الضار “.
درجة الخطأ : البعض ( أنصار الإزدواجية المسؤولية ) يشترط أن يكون ( الخطأ العقدي على درجة معينة من الجسامة ).
ـ بينما يكفي أن يكون الخطأ تافها ف ي المسؤولية التقصيرية .
ـ لكن القضاء يأخذ بمعيار واحد في مقياس الخطأ : هو الرجل المعتاد.
عبء الإثبات : في المسؤولية العقدية : عبء الإثبات يقع على عاتق المدين .
في المسؤولية التقصيرية : عبء الإثبات يقع على عاتق الدائن
3 ) ـ نطاق المسؤولية العقدية :
ـ بتحديد نطاق المسؤولية العقدية بالعلاقات الناشئة عن عقد صحيح بين المسؤول و المضرور.
ـ فيجب ـ لقيام المسؤولية العقدية :
من ناحية : 1) ـ أن يوجد عقد صحيح بين المسؤول عن الضرر من كان صحبته.
و من ناحية أخرى : 2) ـ أن ينشأ الضرر عن عدم تنفيذ العقد القائم بينهما .
أولا : يجب أن يوجد عقد بين المسؤول و المضرور :
ـ فبدون هذا العقد ، لا يمكن أن تقوم مسؤولية عقدية ، و قد أثر تكييف النقل المجاني خلافا في القضاء الفرنسي.
ـ استقر بعده على عقد قيام مسؤولية عقدية عنه ، لعدم اعتباره عقدا ، فهو لا يعتبر عقد نقل إذا لا أجرة فيه ( و لا عقد غير مسمى ) ، لعدم إتجاه نية طرفيه إلى انشاء رابطة قانونية بينهما به ، فإذا دعي صديق ( على وجه المجاملة ) للركوب في سيارة صديقه ، و أصيب في أثناء نقله ـ لا تكون مسؤولية هذا الأخير عن هذه الإصابة إلى تقصي رية . و كذلك ، لا تقوم مسؤولية عقدية في المرحلة السابقة على التعاقد ـ و لا في المرحلة اللاحقة لانحلال العقد.
أولا : يجب أن يوجد عقد بين المسؤول و المضرور :
ـ فبدون هذا العقد ، لا يمكن أن تقوم مسؤولية عقدية ، و قد أثار تكييف النقل المجاني خلافا في القضاء الفرنسي .
ـ استقر بعده على عقد قيام مسؤولية عقدية عنه ، لعدم اعتباره عقدا . فهو لا يعتبر عقد نقل إذا لا أجرة فيه ( و لا عقد غير مسمى ) ، لعدم اتجاه نية طرفية إلى انشاء رابطة قانونية بينهما به ، فإذا دعي صديق ( على وجه المجاملة ) للركوب في سيارة صديقه ، و أصيب في أثناء نقله ـ لا تكون مسؤولية هذا الأخير عن هذه الإصابة إلى تقصيرية . و كذلك ، لا تقوم مسؤولية عقدية في المرحلة السابقة على التعاقد ـ و لا في المرحلة اللاحقة لإنحلال العقد.
إذا : فالمسؤولية العقدية تظهر بإبرام العقد ، و تختفي بإنقضائه.
ـ من جهة أخرى ، يجب أن يقوم العقد صحيحا . فلا تقوم المسؤولية العقدية إلاّ بوجود عقد صحيح . أمّا إذا كان العقد باطلا ، أو تقرر ابطاله ، فلا يمكن أن ينشأ بين طرفيه سوى مسؤولية تقصيرية.
ـ و يتعين ، كذلك ، أن يكون العقد الصحيح قائما بين المسؤول عن الضرر ومن كان ضحيته فيخضع تدخل الغير في العلاقات العقدية لقواعد المسؤولية التقصيرية.
ثانيا : يجب أن ينشأ الضرر عن عدم تنفيذ العقد : ( القائم بينهما ):
ـ لا يكفي ـ لقيام المسؤولية العقدية ـ وجود عقد صحيح بين المسؤول عن الضرر من كان ضحيته .
ـ بل يجب كذلك أن يكون الضرر نتيجة الإخلال بإلتزام ناشئ عنه ـ بدون تمييز بين إلتزام رئيسي و إلتزام ناشئ ثانوي ـ أو تفرقة بين إلتزام أو حدته بنود العقد ـ و إلتزام فرضته نصوص مقرر.
ـ و يتعين على القاضي تفسير إرادة العاقدين ـ لتعيين مضمون العقد ـ و تحديد الإلتزامات الناشئة عنه ـ و التي تقوم المسؤولية العقدية جزاء الإخلال بها.
هل يجوز الجمع أو الإخيرة بين المسؤوليتين : العقدية أو التقصيرية ؟
ـ إذا كان نطاق المسؤولية العقدية تحدد على الوجه الذي درسناه سابقا ـ فإنه قد تعبر ( ووفقا ) له نطاق المسؤولية التقصيرية . لأنّ نطاق هذه الأخيرة يتحدد خارج نطاق الأولى .
ـ ففي كل مرة لا تتوافر شروط المسؤولية العقدية ، يكون للدائن أن يتمسك بمبادئ المسؤولية التقصيرية ـ التي يحدد نطاقها خارج العلاقات العقدية و يخضع لها من لا تقوم بينهم هذه العلاقات.
ـ و لكن هل يقتصع تطب يق المسؤولية التقصيرية على هؤولاء الآخرين ( خارج العلاقات العقدية ) ـ بحيث لا يستطيع العاقد تطبيق الذي أصابه ضرر من إخلال العاقد الآخر بإلتزامه الناشئ . عن العقد إلاّ التمسك بقواعد المسؤولية العقدية ـ أو يمتد نطاقها ( المسؤولية التقصيرية ) إلى العلاقات العقدية و يخضع لقواعدها أطراف العقود كما يخضع الأجانب عنهما ـ بحيث يكون للعاقد أن يختار بين المسؤوليتين وفقا لمصلحته : فيترك دعوى المسؤولية العقدية لرفع دعوى المسؤولية التقصيرية.
ـ لا شك أنّ الدائن لا يستطيع التمسك بالمسؤوليتين ، لأنّ الضرر لا يمكن تعويضه مرتين ، و لا بمعنى رفع دعوى واحدة يجمع فيها بين قواعد المسؤوليتين : لأنّ الدائن لا يستطيع أن يرفع إلى أحد الدعوتين : أمام التي يخلط فيها بين خصائص الدعوتين فهي : ليست بالدعوى العقدية . و لا بالدعوى التقصيرية : بل هي دعوى ثالثة لا يعرفها القانون الوضعي .
ـ لذلك إذا نقش الفقه مسألة ” الجمع ” بين المسؤوليتين ، فإنما يناقش ـ في الحقيقة ـ إمكان إجتماعهما معا في نطاق العلاقات العقدية ـ ليختار الدائن بينهما : و يرفع ( ووفقا لمصلحته ) :
ـ دعوى المسؤولية العقدية.
ـ أو دعوى المسؤولية التقصي رية .
ـ أو عدم إمكانه ، بحيث لا يكون أمام العاقد سوى دعوى المسؤولية العقدية .
و تعطي الفروق القائمة ـ في التشريع ـ بين المسؤوليتين ( و التي أشرنا إليها ـ و على الخصوص ما تعلق منهما بإمكان الإتفاق على الإعفاء من المسؤولية ـ و تضامن تالمسؤولين ـ و مدى التعويض عن الضرر ) لهذه المسألة أهمية المسألة أهمية كبيرة.
و ظفرت هذه المسألة بعناية الفقه الفرنسي و كثرت فيهما بحوثه . و نادي الفقهاء بعدم جواز ” الجمع” إستنادا إلى إستقلال كل من المسؤوليتين يؤدي إلى إستبعاد أحدهما من نطاق الأخرى.
ـ فكل مسؤولية ( ) مكانا في التقنين تتفرد فيه لنظام خاص ، و لا يمكن ـ من ناحية الفنية ـ تطبيق المبادئ التي وضعت لأحداهما على الأخرى.
ـ أمّا البعض من الفقهاء يقبل ” الخبرة ” على أساس أنّ المسؤولية التقصيرية من النظام العام .
ـ يميل القضاء ( في أغلبيته ) إلى رفض أخد العاقدين بمبادئ المسؤولية التقصيرية :
و هكذا لا يستطيع الدائن ( إذا أراد إثبات خطأ المدين ) إغفال العقد الذي يقوم بينهما ليعامل هذا الأخير كأجنبي عنه ـ إذا لولا قيام هكذا العقد لما أمكن تحقق للضرر.
5) ـ أساس المسؤولية التقصيرية و تطورها :
و إذا كانت المسؤولية التقصيرية هي الإلتزام بتعويض الضرر الذي يحيق يالغير ، فإنّ البحث في أساسها معناه تحديد د الأسباب التي دعت ( في القانون الوضعي ) إلى قيام هكذا الإلتزام .
ـ ليست المسؤولية ـ في الحقيقة ـ سوى توزيع للأضرار التي تقع في الجماعة على بعض الأفراد فيها. ففي كل جماعة تقع أضرار متنوعة ( نتيجة حتمية لتزاحم أفرادها في إشباع حاجاتهم ـ و لتشابك مصالحهم.
ـ و تزداد هذه الأضرار ( على مر الزمن ) بزيادة كثافة السكان ـ و اتساع نشاطهم و تشعبعبه .
ـ و يتعين على الجماعة ( بداهة ) أن تحاول ما أمكنها ـ منع وقوعها ـ أو الإقلال من فرض تحققها و إلاّ تفاقمها إلى تهديد كيان كل فرد فيها و إعاقة نشاطه على نحو يعرقل تقدم المجموع و يعبث بأمنه.
ـ و إذا كان الحل المثالي يكمن في تشريع وقائي يؤدي إلى تجنب وقوع الأضرار و يمنع قيام أسبابها ـ (كتنظيم المرور في الطرقات تفاديا للحوادث ـ و اقتضاء ” مواصفة ” معينة في الأبنية منعا لانهيارها) فإنّ نجاح هذا التشريع لن يكون إلاّ نسبيا ـ كما أنّ وقوع الأضرار ( في الحياة الإجتماعية) لا يمكن منعه بالكلية ـ لأنها في الحقيقة ـ تلازم نشاط الأفراد فيها ـ و تعتبر له ـ ( من ثم ) نتيجة حتمية . فلم يبقى سوى توزيعها : هل يبقى الضرر على عاتق ضحيته ؟ أم يلقى على كاهل من أحدثه ؟ أم تتحمله الجماعة بأسرها بدلا من هذا الشخص أو ذلك ؟: يتوقف على الإجابة على هذا السؤال تحديد أساس المسؤولية .
المسؤولية :
نظرية الخطأ أو النظرية الشخصية :
يمكن القول بأن يتحمل كل فرد في الجماعة ما يلحقه من ضرر . فكما يفيد من الحياة المشتركة ـ يجب أن يستكين إلى ما يصيبه نتيجة لها ـ و يحمل( من ثم ) عبء الضرر من يختاره القدر لحمله ، إلاّ إذا نشأ هذا الضرر نتيجة انحراف في سلوك من أحدثه ـ اهمالا أو عدم احتياط منه ـ حين يصبح هذا الأخير وحده مسؤولا عنه : تلك هي النظرية التقليدية التي تؤسس المسؤولية على فكرة الخطأ.
و تتفق بهذا الأساس مع فقه المذاهب الفردية التي نادت باستقلال كل فرد ( في الجماعة ) عن الآخر . و لا يمكن ( من ثم ) لأخذ منهم أن يسأل غيره ـ عن ضرر لحقه ، إلاّ إذا استطاع اقامة الدليل على خطأ منه كان سببا في حدوثه.
ـ و تعتبر النظرية على هذا الوجه ـ في دائرة العلاقات ، غير عقدية ـ مقابل لمبدأ سلطان الإرادة في نطاق الروابط العقدية . فكما أنّ حرية فرد هي الأصل.
ـ( و العقد استثناء ع ليها) فإنّ عدم المسؤولية ( كذلك ) هو الأصل . و المسؤولية استثناء عليه : لا تقوم المسؤولية إلاّ بتوافر الخطأ ( ).
ـ نظرية تحمل التبعة ( أو النظرية الموضوعية أو المادية ).
ـ و يمكن القول في هذه النظرية بأنّ من ” يباشر نشاطا يتحمل نتيجته ” أو يستفيد من شيء يتحمل مخاطره “.
ـ و عليه أن يعوض الغير الذي يلحقه ضرر منه ـ و لو كان سلوكه غير مشوب بخطأ ما : هذه عي نظرية ” تحمل التبعة ” التي تعني بالضرر فقط و يلقى عبء الضرر ـ و فقا لها ـ لا على عاتق ضحيته ـ بل على كاهل من أحدثه أو ـ في عبارة أخرى ـ من كان بنشاطه سببا فيه ( بغير حاجة إلى تقدير سلوكه أو إقامة الدليل على خطأه ) .
ـ و تسند هذه النظرية في رأي أنصارها ـ إلى فكرة العدل : على من يبدى نشاطا أن يتحمل جميع نتائجه : حسنة أو سيئة ـ ( لأنه لو ركن إلى السكون لما لحق الضرر غيره ) فإذا وقع ضرر ـ دون خطأ من أحد ـ فمن يجب ـ عدلا ـ أن يتحمله ؟
ـ أم الشخص الذي كان بعمله سببا فيه ؟
كما أنّ هذا الأخير ـ في العادة ـ يفيد من مغانم نشاطه : فيتعين عليه ( من ثم ) أن يتحمل مغارمه.
ـ و يضيفون أن الخطأ يجب أن يفقد مكانه في المسؤولية المدنية التي ـ (بعد انفصالها عن المسؤولية الجنائية التي تتأسس على فكرة العقوبة ) ـ لا تحفل إلاّ بالتعويض ـ بحيث لا يبقى ركنا لها ـ سوى علاقة السببية : كل من يحدث ضررا بالغير يلتزم بتعويضه : و هكذا تتأكد فكرة التضامن الإجتماعي متغلبة على روح الأنانية الفردية التي تدفع إلى العمل دون اكثرات بمصالح الآخرين.
و من هنا تتفق هذه النظرية مع الإتجاه إلى المادية في القانون ، التي تقوم العلاقات القانونية وفقا لها ـ لا مع شخصين و لكن بين ذمتين . و لامكان فيها لتقدير السلوك الفردي .
ـ و يمكن القول ـ أخيرا ـ بأنّ الجماعة ممثلة في الدولة تتحمل تلك الأضرار ( بدلا من الذين تضعهم المقادير تحت أثقالها ) لتلقيها ـ بدورها ـ على جميع المواطنين عن طريق الضريبة ( و تلجأ الدول في العادة إلى هذه الفكرة للتعويض عن أخطار الحرب ـ و عن كوارث الجوية … ).
و يمكن القول أنّ النظرية التقليدية ( التي تؤسس المسؤولية على فكرة الخطأ ) قد سادت في القوانين الوضعية القديمة حتى أواخر القرن التاسع عشر .
ـ و لكن ظهر قصورها بعد النهظة الصناعية ، التي قامت على استخدام القوى المحركة في الإنتاج و في النقل بما تبعها من زيادة الأضرار الناجمة عن حوادث العمل و المواصلات زيادة ب الغة ، ـ و عجزت عن إقامة توازن معقول بين :
ـ ضحايا الألات ، الذين يتحملون أخطارها.
ـ و بين أصحابها الذين يجنون ثمارها .
ـ تعذر على الأولين اثبات الخطأ و الكشف عن سبب الحادث.
ـ و أفلت الأخيرون ـ بالتالي ـ من المسؤولية ( عما يصيبهم ).
قرائن الخطأ :
لما كان الإلتزام بالتعويض يتأسس على الخطأ ـ الذي يعتبر ، في النظرية التقليدية ركنا في المسؤولية لا تقوم إلاّ بتوافره . فإنه يقع على المضرورة ( وفقا للقواعد العامة ) إقامة الدليل على الخطأ الذي أدى إلى الضرر الذي لحقه ، ليحصل على التعويض عنه.
ـ و لكن هذا الإثبات يكون ( في بعض الظروف ) عسيرا .
ـ لذلك أقام المشرع ( في حالات معينة ـ كحالة ( المتبوع ) و حارس الحيوان ) قرائن قانونية على رجوع الضرر إلى خطأ من أحدثه ـ تعفى المظرور من عبء اثباته .
ـ و يجوز مبدئيا و لكن لم تقوم ضده القرينة ، ليتخلص من المسؤولية ، أن يثبت انعدام الخطأ في جانبه.
ـ و لكن مبدئيا ، لم يقبل دائما هذا الإثبات ، و اعتبر هذه القرينة ـ قرينة قاطعة ـ لا يستطيع المسؤول أن ينفيها ـ و يتعين عليه ـ ليتخلص من المسؤولية ـ أن يقطع علاقة السببية ( بين الضرر و خطئه المفترض ).
ـ ك ذلك اعتبر البعض في قطيعة القرينة قناعا لمسؤولية مادية لا تتأسس على الخطأ .
ـ و في بعض الحالات ، ألقي على عاتق أحد العاقدين ، إلتزاما بالضمان أو إلتزام بالسلامة لمصلحة العاقد الآخر ، بدلا من الإكتفاء بقواعد المسؤولية التقصيرية ـ ليحصل الدائن على تعويض عن الضرر الذي يصيبه ـ دون ( حاجة إلى إثبات خطا المدين ).
تنظيم المسؤولية التقصيرية :
ـ تضمنت المادة 124 القاعدة العامة في المسؤولية التقصيرية لنصها على أنّ ” كل عمل أيا كان يرتكبه المرء و يسبب ضررا للغير يلزم من كان سببا في حدوثه بالتعويض “.
ـ و عرض ـ في بعض النصوص ، للمسؤولية المبنية على خطأ مفترض ـ أو على قرينة الخطأ .
و هي كما أشرنا :
ـ مسؤولية متولي الرقابة :
ـ و مسؤولية المتبرع :
ـ و مسؤولية حارس الحيوان :
ـ و مسؤولية حارس البناء ( عن تهدمه ) ( تقوم في الجزائر ) على أساس الخطأ المفترض الذي يقبل اثبات العكس ).
ـ و حالة حارس الأشياء غير الحية .
اترك تعليقاً