التعريف بالشركة والفلسفة التي تقوم عليها
1- مفهوم الشركة
يستخدم لفظ الشركة في اكثر من مفهوم :
فوفقا للمفهوم الاقتصادي تعني الشركة اشتراك اكثر من شخص في مشروع اقتصادي جماعي بقصد تحقيق غرض مشترك يتمثل بالحصول على مردود ايجابي قد لا يستطيع الشخص ان يحققه بمفرده , لان المشاريع الاقتصادية تتطلب في الغالب ضم قدرات متنوعة مالية وفنية وادارية.
اما وفقا للمفهوم القانوني فللشركة معنيان:
المعنى الاول يركز على التكييف القانوني للشركة فيعرفها بانها عقد . أي ان الشركة هي عبارة عن تصرف قانوني ارادي بين شخصين او اكثر يرتب التزامات معينة على كل منهم اهمها تقديم الحصص والمساهمة في رأس المال من اجل تحقيق اهداف معينة كما ان لكل منهم حقوقا معينة .
اما المعنى القانوني الثاني فينصرف الى الشخص المعنوي الذي يتكون نتيجة لابرام العقد . فالشركة هي شخص معنوي قائم بذاته يتمتع بالشخصية القانونية المستقلة عن شخصية الشركاء المكونين له .
2- تعريف المشرع للشركة:
يعرف المشرع الاماراتي الشركة التجارية في المادة الرابعة من قانون الشركات التجارية الاتحادي رقم 8 لسنة 1984 بانها :
” عقد يلتزم بمقتضاه شخصان او اكثر بأن يسهم كل منهم في مشروع اقتصادي يستهدف الربح وذلك بتقديم حصة من مال او عمل واقتسام ما ينشأ عن المشروع من ربح او خسارة . ويشمل المشروع الاقتصادي في حكم الفقرة السابقة كل نشاط تجاري او مالي او صناعي او زراعي او عقاري او غير ذلك من اوجه النشاط الاقتصادي. ”
يتضح من هذا التعريف ان المشرع رجح المعنى القانوني الاول للشركة فركز على كونها عقدا . ويترتب على اعتبار الشركة عقدا وجوب ان تتوافر من اجل قيامها كل الاركان العامة اللازمة لابرام أي عقد وهي الرضا والمحل والسبب. كما ينبغي ان تتوافر فيها اركان خاصة تستلزمها الطبيعة الخاصة لعقد الشركة وتتمثل هذه الاركان الخاصة بتعدد الشركاء, ومساهمة كل منهم في رأس المال بتقديم حصة من مال او عمل , واقتسام الشركاء الربح والخسارة , وتوافر نية المشاركة.
ويتميز عقد الشركة بالخصائص الاتية:
1- انه من العقود المسماة , اذ ان المشرع نظم احكام هذا العقد بنصوص خاصة في قانون المعاملات المدنية وكذلك في قانون الشركات التجارية.
2- انه من العقود الشكلية اذ لا يكفي لقيامه توافر الاركان الثلاثة التقليدية اللازمة لابرام العقد الرضائي من رضا ومحل وسبب, وانما لا بد من توافر ركن رابع هو ركن الشكل الذي يتمثل بالكتابة والتوثيق امام الجهة الرسمية المختصة وبخلافه يكون العقد باطلا.
3- انه من عقود المعاوضة لان كل طرف فيه يقدم مقابلا لما يأخذه . فكل شريك يقدم حصة في رأس المال. فلا يمكن ان يكون شريكا في شركة اذا لم يقدم حصة فيها . ويأخذ في مقابل ذلك حقوقا ابرزها نصيب في الربح.
4- انه من العقود الملزمة للجانبين : لان كل شريك تكون له بموجب هذا العقد حقوق وتترتب عليه ديون . فهو يلتزم بتقديم الحصة في رأس المال ويلتزم بتحمل خسائر الشركة مع الشركاء الاخرين في حالة تحققها . وله في مقابل ذلك الحق في ارباح الشركة وفي استرداد ما دفعه في رأسمال الشركة عند تصفيتها اذا كان موجودا .
5- انه عقد مستمر لان عقد الشركة لا يرتب اثاره في الحال وانما يستغرق تنفيذه مدة من الزمن حتى بالنسبة للشركات التي تنشأ لتنفيذ مشروع معين.
6- ان الغاية من هذا العقد هي مساهمة الشركاء في مشروع اقتصادي . ويلاحظ ان المشرع حدد المشروع الاقتصادي الذي تهدف اليه الشركة التجارية تحديدا واسعا . اذ تبين المادة الرابعة من قانون الشركات ان مصطلح المشروع الاقتصادي يشمل كل نشاط تجاري او مالي او صناعي او زراعي او عقاري وغير ذلك من اوجه النشاط الاقتصادي.
بناء على ذلك فان غرض الشركة التجارية قد يتمثل بالقيام بمشروع زراعي او عقاري وهذه المشاريع بحسب الاصل هي اعمال مدنية وليست تجارية . الا ان هذا لا يتناقض مع فكرة الشركة التجارية في القانون الاماراتي , لان المشرع الاماراتي اخذ بالمعيار الشكلي لاعتبار الشركة تجارية فأسبغ الصفة التجارية على الشركة التي تؤسس في احد الاشكال التي نص عليها قانون الشركات حتى ولو كان الغرض الذي اسست من اجله مباشرة نشاط مدني كأن يكون مشروعا زراعيا او عقاريا ( المادة 11 من قانون المعاملات التجارية الاماراتي رقم 18 لسنة 1993).
واذا كان المشرع الاماراتي في تعريفه للشركة يركز على كونها عقدا , فانه لم يهمل المعنى القانوني الثاني للشركة وهو كونها شخصا معنويا مستقلا قائما بذاته. اذ يعترف المشرع الاماراتي في المادة ( 92 / ف 5 ) من قانون المعاملات المدنية للشركة المدنية والتجارية بالشخصية المعنوية الا ما استثني منها بنص خاص.ويترتب على ذلك ان تكون للشركة شخصية قانونية مستقلة عن شخصية الشركاء المكونين لها . وتتمتع بالخصائص التي يتمتع بها الشخص القانوني كالاسم والاهلية والموطن والذمة المالية المستقلة عن ذمة الشركاء المكونين لها.
الفلسفة التي تقوم عليها فكرة الشركة
بينا فيما سبق ان الشركة تقوم على فكرة التعاون بين مجموعة من الاشخاص فيسهم كل منهم بالمال او الجهد في مشروع معين , ويتحمل الجميع النتائج التي يؤول اليها هذا المشروع من ربح او خسارة.
واذا كانت فكرة الشركة تقوم على التعاون فأن التساؤل يثار عن السبب في الحاجة الى التعاون . وبعبارة اخرى ما هي الفلسفة التي تقوم عليها فكرة الشركة؟
تقوم فلسفة فكرة الشركة ( لماذا الحاجة الى التعاون) على الاعتبارات الاتية :
1- ان الفرد وحده قد يعجز عن القيام بمشروع معين لان قدراته المالية او خبرته الفنية محدودة , فاذا اراد القيام بهذا المشروع فلا بد من الاستعانة باموال وجهود افراد اخرين.
2- ان الفرد وان توافرت لديه القدرة المالية او الخبرة اللازمة للقيام بمشروع معين قد لا يرغب في تحمل مخاطر المشروع لوحده فيسعى الى من يشاركه في القيام بهذا المشروع حى يتم توزيع مخاطره على اكثر من شخص.
3- ان الفرد قد يرغب في دخول ميدان التجارة الا انه قد لا يرغب بالزج في كل امواله في هذا الميدان كونه غير مأمون العواقب. فاذا دخل هذا الميدان بمفرده فلا يستطيع تحديد المخاطر او الخسائر التي يتعرض لها بجزء من ذمته فقط لان اغلب التشريعات ومن ضمنها قانون المعاملات المدنية الاماراتي يأخذ بمبدأ وحدة الذمة المالية ( أي ان اموال المدين جميعها ضامنة للوفاء بديونه ) . لذا لا يكون امامه من اجل تحديد المخاطر والمسؤولية في جزء من امواله الا ان يدخل في شركة من شركات الاموال التي تتحدد فيها مسؤولية الشريك عن الخسائر بحدود الجزء الذي قدمه في رأسمالها ولا تتعدى ذلك الى امواله الاخرى.
4- ان الفرد قد يرغب في مزاولة التجارة الا انه لا يريد ان يكتسب صفة التاجر او يظهر بمظهر التاجر لاعتبارات متعددة اهمها تفادي الخضوع الى احكام القانون التجاري الخاصة بالتاجر مثل شهر الافلاس عند التوقف عن اداء ديونه التجارية او الالتزام بواجبات التاجر المهنية مثل القيد في السجل التجاري او مسك الدفاتر التجارية , ولتحقيق ذلك يمكنه ان يشترك في احدى الشركات بصفة شريك غير متضامن.
اترك تعليقاً