بحث و دراسة مقارنة حول مفهوم الإرهاب في القانون الدولي و الداخلي
رسالة ماجستير الطالب هاتف محسن الركابي/1 مفهوم الإرهاب في القانون الدولي والداخلي… دراسه مقارنه
رسالة تقدم بها الطالب هاتف محسن الركابي الى مجلس كلية القانون والسياسه – بالاكاديميه العربيه في الدانمارك وهي جزء من متطلبات نيله شهادة الماجستير في القانون العام
بإشراف الأستاذ
الدكتور مازن ليلو راضي
الدنمارك – كوبنهاغن
2007
اشهد ان اعداد هذه الرساله قد جرى تحت اشرافي في كلية القانون والسياسه بالاكاديميه العربيه في الدانمارك وهي جزء من متطلبات الحصول على شهادة الماجستير في القانون العام.
التوقيع :
المشرف : الاستاذ الدكتور مازن ليلو راضي
التاريخ :
بناء على التوصيات المتوافره ارشح هذه الرساله للمناقشه
التوقيع :
الدكتور سمير جميل حسين
رئيس قسم القانون
التاريخ :
نشهد باننا اعضاء هيئة المناقشه اطلعنا على هذه الرساله وقد ناقشنا الطالب في محتوياتها وفيما له علاقه بها ونعتقد انها جديره بالقبول لنيل شهادة الماجستير في القانون العام وبتقدير ( )
التوقيع التوقيع
الاسم الاسم
المشرف عضو
التوقيع التوقيع
الاسم الاسم
عضو رئيس لجنة المناقشه
صدقت من مجلس كلية القانون والسياسه
التاريخ
التوقيع
الاستاذ لطفي حاتم
عميد كلية القانون والسياسه
الاهداء
*الى من انار لي الطريق منذ نعومة اظافري .. الى روح والدي وفاءا
لذكراه
* الى الذين قاسموني شدة الحياة ورخائها .. امي العزيزه.. اخوتي .. اخواتي..زوجتي ..احبائي .. باقر وزينب
* الى الدماء الزكيه التي روت ارض الرافدين ..
شكر وتقدير
وانا انجز هذه الرساله بحمد الله ومنه اتقدم بالشكر والامتنان الى استاذي المشرف الدكتور مازن ليلو راضي الذي لم يبخل بجهده ووقته متابعا مراحل انجاز هذه الاطروحه المتواضعه.
كما لايفوتني ان اتوجه بالشكر الجزيل الى الاستاذ الدكتور وليد الحيالي رئيس الاكاديميه العربيه في الدنمارك لما بذله لي من مساعده ساهمت في تذليل المصاعب التي واجهتني في الاعداد والكتابه.
وفي الختام لايمكنني ان اغفل الدور الكبير لللاستاذ لطفي حاتم في ابداء التوجيهات القيمه التي كان لها الفضل في ظهور الرساله بهذه الصوره .
هاتف محسن الركابي
كوبنهاغن
المحتويات
المقدمة
الفصل التمهيدي: التعريف بالإرهاب ودوافعه
المبحث الاول: تعريف ظاهرة الإرهاب وتاريخه
المطلب الاول : تعريف الارهاب
اولا:الاتجاه المادي في تعريف الإرهاب
ثانيا :الاتجاه المعنوي في تعريف الإرهاب
المطلب الثاني: تاريخ ارهاب
المبحث الثاني: اسباب الارهاب ودوافعه
المطلب الاول دوافع الارهاب على المستوى الفردي
اولا: الدوافع الشخصية للارهاب
ثانيا :دوافع مادية ” الارهاب والجوانب المادية
ثالثا :الارهاب والجوانب الوجدانية ” تاثير وسائل الاعلام ”
رابعا: اثر البيئة المحيطة بالفرد
المطلب الثاني دوافع الإرهاب على المستوى الوطني
اولا الدور المباشر للدولة في الارهاب على المستوى الوطني
ثانيا الدور غير المباشر للدوله في دغم الارهاب على المستوى الوطني
المطلب الثالث: دوافع الارهاب على المستوى الدولي
اولا دور الاوضاع الدولية في الارهاب
ثانيا رعاية بعض الدول والانظمة السياسية لـ الإرهاب
الفصل الاول
الإرهاب والشريعة الإسلامية
المبحث الاول الجرائم الارهابيه في الشريعه الاسلاميه
المبحث الثاني موقف الشريعه الاسلاميه من الارهاب
المطلب الاول : التطرف والشريعه الاسلاميه
المطلب الثاني : العنف والشريعه الاسلاميه
الفصل الثاني
الإرهاب في القانون الوطني
المبحث الاول اشكال وصور الارهاب
المبحث الثاني الإرهاب في التشريعات المقارنه
المبحث الثالث تجريم الارهاب في التشريعات الجنائية
المطلب الاول الارهاب جريمة مستقلة
المطلب الثاني الارهاب عنصر في الجريمة
المطلب الثالث الارهاب ظرف مشدد
المبحث الرابع موقف المشرع العراقي من تجريم الارهاب
المطلب الاول الارهاب في قانون العقوبات العراقي
المطلب الثاني الارهاب في قانون مكافحه الارهاب العراقي
المطلب الثالث نماذج من الجرائم الوارده في قانون مكافحة الارهاب العراقي
الفصل الثالث
الإرهاب في القانون الدولي
المبحث الاول موقف القانون الدولي من تعريف الارهاب .
المطلب الأول/ الاتفاقية العربية لمكافحة الارهاب
المطلب الثاني/ الاتفاقات الدولية
المطلب الثالث/ القرارات الدولية
المبحث الثاني مضمون الارهاب كجريمة دولية
المطلب الاول: الارهاب كجزء من الجريمه الدولية
المطلب الثاني :الافعال التي تؤلف الارهاب الدولي
المبحـــــث الثالث مواجهة الارهاب بوصفه جريمة
الفصل الرابع
تمييز الإرهاب من نشاط الكفاح المسلح واعمال المقاومة
المبحث الأول مفهوم حركات التحرر الوطني
المبحث الثاني الاعتراف الدولي بشرعية أنشطة حركات التحرير
المبحث الثالث انواع الكفاح المسلح
الخاتمه
المقدمة
شغل موضوع الارهاب حيزأ كبيرأ من اهتمام فقهاء القانون الدولي والقانون الجنائي لما تشكله هذه الظاهرة من خطر عظيم على المجتمع بما يخلفه من ضياع للامن وتدمير للمتلكات وانتهاك للحرمات وتدنيس للمقدسات وقتل وخطف للمدنيين الآمنيين وتهديد لحياة الكثير منهم .
وفي العراق يأخذ هذا الموضوع بعدأ اكثر اهمية بحكم معاناته من مختلف صور الجرائم الارهابية وتحت مسميات وذرائع مختلفة .
ولا شك ان البحث في المفهوم الارهاب يتطلب دراسته من جوانبه المختلفه غير ان دراسته هذه تقتصر على تحديد مفهومه باعتبارها ظاهرة قانونية على الصعيدين الدولي والداخلي .
وفي هذه الرساله المتواضعه سنسعى الى بحث مفهوم الارهاب في الشريعة الاسلاميه والقانون الوضعي الدولي والداخلي ونحاول تمييز الارهاب من غيره من اعمال العنف المشروعه كأعمال المقاومه والكفاح المسلح .
ظهر موضوع الارهاب جليا بعد الحرب العالمية الثانية وجاء ذلك بعد ان ذاق العالم ويلات الحرب الطاحنة مما حدى ببعض الدول الى تحقيق اهدافها بطرق اخرى منها ترويج الارهاب كون هذا الاخير يحقق الاهداف المنشودة باقل كلفة حيث تقوم به جماعات تقوض البُنيه الاجتماعيه والاقتصاديه والسياسيه للطرف الاخر دون ان يكون معروفا ومن غير حاجة الى اعلان الحرب التي تتطلب نفقات ماديه عاليه وخسائر بشريه كبيرة , وخلال هذه الفترة تنوع الارهاب واختلفت اساليبه فهناك الارهاب الداخلي الذي جرمتة القوانين الداخليه الوضعيه وهناك ارهاب الدولة الذي تباشره الدول وهناك ارهاب الجماعات الاجراميه المنظمه , الا ان مفهوم الارهاب بمعناه الحديث ظل غامضاً وغير محدد حتى ضرب مركز التجارة العالمية ووزارة الدفاع الامريكيه في الحادي عشر من ايلول عام 2001 حيث ازداد ظهور هذا المفهوم والقي الضوء عليه وتنوعت الدراسات بشأنه لكن من الزاويه التي تراها الدوله الكبرى والمهيمنه على العالم مما جعله يصطبغ بالصبغة السياسيه لتحقيق الاهداف المرسومه من تلك الدول مما ادى الى اختلاط مفهوم الارهاب وفق وجهة النظر السابقه بالمفاهيم المشروعه في دول العالم خاصة الضعيفه منها او المغلوب على امرها او المحتله فاختلط الارهاب مع حق الدفاع الشرعي ضد العدوان الذي يقع على الدولة كذلك اختلط مع المقاومه المسلحه المشروعه للدول المحتله اراضيها كفلسطين ولبنان والعراق وغيرها.
ويبدو من خلال تتبع الاحداث ان الدول الكبرى خاصة المهيمنه على العالم لا تشجع وضع تعريف واضح ومحدد للارهاب لانه يصطدم مع طروحاتها ومصالحها الاقتصاديه والسياسيه ويضطرها لان تقيس الامور بمكيالين كما يحصل في ارض الواقع فتجنبت بل تهربت من تعريف الارهاب , فمن الملاحظ رواج مفهوم الارهاب بالمعنى العام ودون تحديد وتعريف بعد الهجمات التي تعرضت لها الولايات المتحده الامريكيه مما قاد الى توجيه اصابع الاتهام الى الاسلام والمسلمين عموما وبالنتيجة لحقت الاساءه بالدين الاسلامي الحنيف وبكل من يعتنق الاسلام كعقيدة دينيه , وصور الاسلام بافكاره الداعية الى السلام والتسامح والتعاون والتعايش والمحبة بين الناس عكس ما هو عليه في الحقيقه واساءة الظن بالمسلمين ,ومن خلال متابعة البحوث القانونيه والعلميه التي تحدثت عن الارهاب نلاحظ انها درسته من جوانبه المتعددة, لكن الملاحظ انها لم تلقي الضوء عليه بما يكفي وبشكل موضوعي ومنصف من زاوية الفقه الاسلامي الذي جرم الارهاب والارهابين بالنص على ذلك في القران الكريم وبالذات في اية الحرابه بالاضافه الى نبذ الشريعه الاسلاميه لكل المفاهيم الداعيه للبغضاء بين البشر وكان للفقه الاسلامي فضل السبق في وضع شروط المحاربين وعقوباتهم من خلال الشروحات والتفصيلات التي بينها الفقه لآية الحرابه والتي اعتبرها جريمه عاديه وقرر لها العقوبات الشرعيه , لهذا رأينا بحث هذا الموضوعفي هذه الرساله محققا للغايه وعلى هذا الاساس خصصناه جزء من البحث لجريمة الحرابه كجريمه ارهابيه في الشريعه الاسلاميه اما الجزء آخر فافردناه لبراءة الشريعه الاسلاميه من المفاهيم ذات الصله بالارهاب كالتطرف والعنف ومن خلال البحث ركزنا على كون جريمة الحرابه جريمه عاديه وليست سياسيه كما هو الحال في جريمة البغي لنؤكد حرص الاسلام على مجابهة الارهاب قبل قرون من معرفته في عصرنا الراهن ولنفرق بينه وبين المقاومة المشروعة .
مما لاريب فيه ان الارهاب ، على اختلاف اهدافه ووسائله ، هو نتيجة لاسباب مختلفة متعددة منها اسباب سياسية واخرى اقتصادية واجتماعية ونفسية .. الخ ، ومن المتفق عليه ان دراسة هذه الاسباب مهمة صعبة لانها تستلزم الغور في معظم المشكلات المعقدة التي تواجه الافراد والمجتمع الدولي على حد سواء ، والتي تكمن فيها اسباب الارهاب . وقد تذرع البعض بهذه الصعوبة ورأى من الاصوب التركيز اولا على اتخاذ تدابير عملية عاجلة لمكافحة الارهاب دون الانغمار في محاولة تحديد اسبابه المتعددة والمعقدة ولكن هناك من رأى ان تحديد اسباب الارهاب وازالتها يجب ان يسبقا العمل على اتخاذ اية تدابير لمنع الارهاب.
ونحن نرى ان تشخيص اسباب الارهاب ولا سيما بعد توسعه في الفترة الاخيرة ، لابد منه قبل الاقدام على اية اجراءات فعالة لاستئصاله في المدى البعيد . ولكن هذا لايعني بان العمل على اتخاذ تدابير لمنع الارهاب يجب ان ينتظر ، بالضرورة ، تحديد اسباب الارهاب وازالته وذلك ان مقاومة حالة من حالات الارهاب يمكن ان تتزامن والمساعي المبذولة لاستئصال جذورها ، ونرى كذلك ان الاصرار على اولوية ما في معالجة مشكلة الارهاب قد يؤدي إلى تجزئة لا تفيد هذه المعالجة في شيء ، وبصورة عامة ، يمكننا القول بان تشخيص اسباب الارهاب يساعد على ايضاح مفهوم الارهاب الدولي ذاته واثارة مزيدٍ من الاهتمام بمكافحته.
إن الارهاب باعتباره ظاهرة اجرامية او سلوك منحرف عن قواعد السـلوك الاجتماعي السائدة في المجتمع ، وذلك تاسيسا على ان السلوك الاجرامي ليس محض واقعة يجرمها القانون ، ولكنه سلوك يصدر من انسان يعيش في بيئة معينة ووسط مجتمع معين ، ومن ثم فهو سلوك اجتماعي منحرف ، لذلك فان دراسة اسباب ودوافع الارهاب يعطي التفسير لهذه الظاهرة وبالتالي فان تفسير هذه الظاهرة ينطبق عليه ما يقال عن تفسير الظاهرة الاجرامية بصفة عامة حيث يقرر علماء الجريمة انها لا ترجع الى مصدر واحد او مصدرين بل تنبع عن مصادر عديدة متنوعة ومتشابكة ومعقدة ، وبالمثل فالإرهاب ، كظاهرة إجرامية لها خصوصيتها بين غيرها من الظواهر الاجرامية الاخرى ، ليس فعلا منعزلا او عرضيا ولكنه ثمرة تضافر عوامل عديدة تحركه وتحدد تكوينه وهيئته وظهوره .
وبالنظر إلى هذا التعدد ( تعدد دوافع الإرهاب وميزاته ) ، فقد تعددت اراء الباحثين فيما يتعلق بالاسس التي عليها يتم التحليل ودراسة دوافع الارهاب ، الا اننا سنتناول تحليل الموضوع ، وكما اخذ بهذا معظم الباحثين في الظاهرة لتكون الدراسة اكثر اكتمالا وشمولا.
وسنقسم الدراسه الىاربعة فصول يتقدمها فصل تمهيدي يتعلق بتعريف الارهاب ودوافعه وكرسنا الفصل الاول لموضوع الارهاب في الشريعه الاسلاميه اما الفصل الثاني فتناولنا فيه موضوع الارهاب في القانون الوطني في حين خصصنا الفصل الثالث لموضوع الارهاب في القانون الدولي اما الفصل الرابع والاخير فقد ميزنا فيه بين الارهاب ونشاط الكفاح المسلح واعمال المقاومه .
الفصل التمهيدي
التعريف بالارهاب ودوافعه
من المهم قبل الولوج في دراسة الارهاب في القانون الدولي والداخلي ان نبحث بشيء من التفصيل تعريف الارهاب ودوافعه وهو ما سنتناوله في مبحثين متتابعين.
المبحث الاول
تعريف الإرهاب وتاريخه
اختلف الباحثين في تعريف الإرهاب وتاريخ ظهوره ,ومنهم من أهمل مسالة التعريف تلافيا”لصعوبته مكتفيا”ببحث ظاهرة الإرهاب وسرد خصائصها وصورها,بينما سعى البعض الى وضع تعريف محدد وجامع ,فكان إن برزت العديد من التعاريف التي تحوي على بعض عناصر الإرهاب والتي من الممكن أن تكون أساسا” في تحديد مفهوم هذه الظاهره
المطلب الاول
تعريف ظاهرة الإرهاب
يأتي الإرهاب في اللغة العربية من الفعل (رهب ,يرهب,رهبة”)أي خاف ,ورهبه أي خافه والرهبه هي الخوف والفزع وهو راهب من الله أي خائف من عقابه ,وترهبه أي توعده سأما في القران الكريم فينصرف معنى الإرهاب إلى ما ورد في الآيات القرآنية التي تأتي بمعنى الفزع والخوف والخشية والرهبة من عقاب الله تعالى ,فقد ورد في قوله تعالى(واوفوا بعهدي أوف بعهدكم واياي فارهبون ). وجاء (إنما هو اله واحد فإياي فارهبون) وورد (انهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا” ورهبا”)
كما يأتي الإرهاب في القران الكريم بمعنى الردع العسكري فقد ورد (ترهبون به عدوا الله وعدوكم واخرين من دونهم) وجاء أيضا” (واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم). أما في اللغات الأخرى فان الإرهاب يأتي بمعنى رعبterror وتعني خوفا”أو قلقا”متناهيا”أو تهديد غير مألوف وغير متوقع ,وقد اصبح هذا المصطلح يأخذ معنى جديد في الثلاثين عاما” الأخيرة ويعني استخدام العنف والقاء الرعب بين الناس.
والإرهابي هو من يلجا إلى العنف غير القانوني أو التهديد به لتحقيق أهداف سياسية سواء من الحكومة أو الأفراد والجماعات الثورية المعارضة
وقد بلغت أهمية تعريف ظاهرة الإرهاب حدا” كبيرا”دفع الدول إلى إقامة المؤتمرات والندوات لتحديد مفهومه وعناصره ومسبباته وعموما” ظهر في هذا السبيل اتجاهان الأول الاتجاه المادي والثاني هو الاتجاه المعنوي أو الغائي :
اولا :الاتجاه المادي في تعريف الإرهاب
يقوم الأساس المادي في تعريف الإرهاب على السلوك المكون للجريمة أو الأفعال المكونة لها وطبقا” لذلك يعرف الإرهاب بأنه عمل أو مجموعة من الأفعال المعينة التي تهدف إلى تحقيق هدف معين وقد قاد هذا لمفهوم إلى تعريف الإرهاب بالاستناد إلى تعداد الجرائم التي تعد إرهابية دون البحث في الغرض أو الهدف من العمل الإرهابي
وفي هذا الاتجاه يذهب (بروس بالمر )إلى أن الإرهاب قابل للتعريف فيما إذا كانت الأعمال التي يضمها معناه ,يجري تعدادها وتعريفها بصورة دقيقة وبطريقة موضوعية دون تمييز فيما يتعلق بالفاعل مثل الأفراد وأعضاء الجماعات السياسية وعملاء دوله من الدول .
ومن ثم ذهب أنصار هذا الأسلوب إلى الاكتفاء بتعداد الأعمال أو الأفعال التي تعد أر هابيه كالقتل والاغتيال والاختطاف واحتجاز الرهائن و أعمال القرصنة .
ولا يخفى ما يكتنف هذا التحديد من قصور من حيث انه تجاوز عن أهم عنصر من عناصر الجريمة الإرهابية وهو الغرض أو الهدف السياسي كما إن التحديد الحصري لجرائم معينة على إنها إرهابية يؤدي الى خروج الكثير من الجرائم من دائرة الإرهاب لالشيء سوى إنها لم تذكر في ضمن هذا النوع من الجرائم متجاوزين عما قد يجلبه التطور العلمي والتكنولوجي من صور جديدة للجرائم الإرهابية .
إزاء ذلك اتجه جانب من الفقه إلى تحديد صفات معينة للجرائم الإرهابية لتمييزها من غيرها وعدم الاكتفاء بالتعداد الحصري ومن تلك الصفات على سبيل المثال:
1-إن الأعمال الارهابيه تتصف بأنها أعمال عنف أو تهديد به و أضاف البعض إلى هذه الصفة ,إن يكون العنف غير مشروع وفي ذلك يقول ((يورام دينستن))((أنا اعتبر الإرهاب على انه عمل عنف غير قانوني ))
2-أن يتضمن هذا العنف أحداث الرعب أو التخويف ,وتقوم بهذا الدور الإداة أو الوسيلة المستخدمة في العمل الإرهابي .
3-إن يكون هذا العنف منسقا”أو منضما”ومستمرا”وعلى ذلك فعمل الاغتيال الذي لا يكون جزء” من نشاط منظم لايعد إرهابيا”.
وأيا”كانت محاولات هذا الاتجاه في تطوير مذهبة فقد ظل بعيدا”عن المحتوى الأساسي للإرهاب والذي يتجلى في الطابع السياسي للجريمة الارهابية رغم محاولات بعض الدول لاسيما الولايات المتحدة الأمريكية القبول بهذا التعريف .
فقد ذهب وفد الولايات المتحدة في الدورة الثامنة والعشرين للجمعية العامة للأمم المتحدة المتعلق بالإرهاب وطرق معالجته إلى اقتراح تعريف ظاهرة الإرهاب على إنها ((كل شخص يقتل شخصا” أو يسبب له ظررا” جسديا” بالغا”أو يخطفه أو يحاول القيام بفعل كهذا أو يشارك شخصا” قام أو حاول القيام بذلك )).
ثانيا :الاتجاه المعنوي في تعريف الإرهاب
يركز هذا الاتجاه في تعرف الإرهاب على أساس الغاية أو الهدف الذي يسعى إليه الإرهابي من خلال عمله. غير إن أنصار هذا الاتجاه يختلفون في طبيعة هذه الأهداف فهناك أهداف سياسية وأخرى دينية وثالثة فكرية وهكذا فهل يتعلق الإرهاب بهدف من هذه الأهداف بالتحديد باعتباره الركن المعنوي للجريمة الإرهابية ؟
استقر الرأي الغالب على القول بان الركن المعنوي في الجريمة الإرهابية يتجلى في غاية الإرهاب ذاته وهو توظيف الرعب والفزع الشديد لتحقيق مآرب سياسية أيا” كان نوعها . وفي ذلك يعرف الدكتور شفيق المصري الإرهاب بشكل عام باعتباره ((استخدام غير شرعي للقوة او العنف أو التهديد باستخدامها بقصد تحقيق أهداف سياسية)).
غير إن هذا التعريف يشكل نوع من التطابق بين الجريمة السياسية والأعمال الإرهابية وهو أمر غير مقبول لما يقود إليه ذلك من تخفيف للعقوبة وعدم إمكان تسليم المجرمين فإذا كان الغرض السياسي عنصرا”مهما”في الجريمة الإرهابية فهو ليس المعيار الوحيد في تميزها.
إزاء ذلك ذهب البعض إلى التركيز على عناصر أخرى في التعريف منها استخدام الوسائل القادرة على أحداث حاله من الرعب والفزع بقصد تحقيق الهدف أيا” كانت صورته سياسيا”أو دينيا”أو عقائديا”أو عنصريا”,وفي هذا إخراج للجريمة السياسية والتي يمكن أن تحصل دون اللجوء إلى العنف.
وفي ذلك يكتب الدكتور إمام حسانين عطا لله ((إننا نشايع الرأي الذي يرى إن الإرهاب هو طريقة أو أسلوب فهو سلوك خاص وليس طريقة للتفكير أو وسيله للوصول إلى هدف معين ويؤيد ذلك إن المقطع الأخير من كلمة Terrorisme بالفرنسية Isme تعني النظام أو الأسلوب – فالإرهاب على ذلك هو الأسلوب أو الطريقة المستخدمة والتي من طبيعتها إثارة الرعب والفزع بقصد الوصول إلى الهدف النهائي. ونرى إن هذا التعريف مقبول إلى حد كبير فهو يتضمن العناصر الواجب مراعاتها في تحديد مضمون الأعمال الإرهابية وتمييزها عما قد يختلط بها من أفعال أخرى.
على انه من المهم التأكيد على أن تكون أعمال العنف تلك ، أعمالا”غير مشروعه لتميز الفعل الإرهابي عن أعمال العنف المشروعة كأعمال المقاومة والكفاح المسلح.
ومن ثم يمكن تحديد عناصر تعريف الجريمة الإرهابية فيما يلي:
1-العنف غير المشروع
2-التنسيق والتنظيم
3-أن يؤدي العنف إلى خلق حالة الرعب والفزع
4-أن يهدف العمل إلى تحقيق أهداف سياسية أو دينية أو عقائدية أو عنصرية بعيدة عن الغايات الفردية
ويستوي أخيرا”أن يمارس هذا العنف المنسق وغير المشروع من الأفراد أوالمؤسسات أو الدولة مادامت قد اجتمعت فيه العناصر المذكورة الأخرى
المطلب الثاني
تاريخ الإرهاب
بدا الإرهاب مع بداية البشر توارثوه جيلا” بعد جيل فمنذ الخليقة والإنسان يعيث في الأرض فسادا” وسفكا” للدماء ولعل ذلك ما دفع الملائكة إلى القول ((أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك))
الخطاب والإمام علي بن أبي طالب(ع)والحسن بن علي(ع)على يد الخوارج وهي جماعة إرهابية منظمة كانت تهدف إلى تحقيق غايات سياسية .
كما انتشر في بعض مراحل التاريخ العربي ما يمكن أن نطلق عليه بإرهاب الدولة والذي تجلى بأعمال القتل والسبي أبان الحكم الأموي ,كما عرف عن الحجاج بن يوسف الثقفي انه كان يعرض جثث المقاتلات من الخوارج عارية في الأسواق لردع النساء من الانضمام اليهم .
اما الإرهاب بمعناه الحديث فلم يظهر إلا في المجازر التي أعقبت الثورة الفرنسية والتي أدت إلى قتل اكثر من أربعين ألف انسان والأعمال الإرهابية التي قامت بها العصابات الصهيونية في فلسطين ومجازر الصرب في كوسوفو والبوسنة والتي ذهب ضحيتها آلاف المسلمين وتنتشر في الوقت الحاضر العديد من التنظيمات الممولة بشكل جيد والقادرة على التخطيط والتنسيق فيما بينها لتكون خصما” للدول الكبرى والتي تستخدم الخطاب الديني في حشر المؤيدين لها.
وظهر موضوع الارهاب المعاصر جليا بعد الحرب العالمية الثانية وجاء ذلك بعد ان ذاق العالم ويلات تلك الحرب الطاحنة مما حدى ببعض الدول الى تحقيق اهدافها بطرق اخرى منها ترويج الارهاب كون هذا الاخير يحقق الاهداف المنشودة باقل كلفة حيث تقوم به جماعات تقوض البُنيه الاجتماعيه والاقتصاديه والسياسيه للطرف الاخر دون ان يكون معروفا ومن غير حاجة الى اعلان الحرب التي تتطلب نفقات ماديه عاليه وخسائر بشريه كبيرة , وخلال هذه الفترة تنوع الارهاب واختلفت اساليبه فهناك الارهاب الداخلي الذي جرمتة القوانين الداخليه الوضعيه وهناك ارهاب الدولة الذي تباشره الدول وهناك ارهاب الجماعات الاجراميه المنظمه , الا ان مفهوم الارهاب بمعناه الحديث ظل غامضاً وغير محدد حتى ضرب مركز التجارة العالمية ووزارة الدفاع الامريكيه في الحادي عشر من ايلول عام 2001 حيث ازداد ظهور هذا المفهوم والقي الضوء عليه وتنوعت الدراسات بشأنه لكن من الزاويه التي تراها الدوله الكبرى والمهيمنه على العالم مما جعله يصطبغ بالصبغة السياسيه لتحقيق الاهداف المرسومه من قبل تلك الدول مما ادى الى اختلاط مفهوم الارهاب وفق وجهة النظر السابقه بالمفاهيم المشروعه في دول العالم خاصة الضعيفه منها او المغلوب على امرها او المحتله فاختلط الارهاب مع حق الدفاع الشرعي ضد العدوان الذي يقع على الدولة كذلك اختلط مع المقاومه المسلحه المشروعه للدول المحتله اراضيها كفلسطين ولبنان والعراق وغيرها .
المبحث الثاني
اسباب الارهاب ودوافعه
مما لاريب فيه ان الارهاب ، على اختلاف اهدافه ووسائله ، هو نتيجة لاسباب مختلفة متعددة منها اسباب سياسية واخرى اقتصادية واجتماعية ونفسية .. الخ ، ومن المتفق عليه ان دراسة هذه الاسباب مهمة صعبة لانها تستلزم الغور في معظم المشكلات المعقدة التي تواجه الافراد والمجتمع الدولي على حد سواء ، والتي تكمن فيها اسباب الارهاب . وقد تذرع البعض بهذه الصعوبة ورأى من الاصوب التركيز اولا على اتخاذ تدابير عملية عاجلة لمكافحة الارهاب دون الانغمار في محاولة تحديد اسبابه المتعددة والمعقدة ولكن هناك من رأى ان تحديد اسباب الارهاب وازالتها يجب ان يسبقا العمل على اتخاذ اية تدابير لمنع الارهاب
ونحن نرى ان تشخيص اسباب الارهاب ولا سيما بعد توسعه في الفترة الاخيرة ، لابد منه قبل الاقدام على اية اجراءات فعالة لاستئصاله في المدى البعيد . ولكن هذا لايعني بان العمل على اتخاذ تدابير لمنع الارهاب يجب ان ينتظر ، بالضرورة ، تحديد اسباب الارهاب وازالته وذلك ان مقاومة حالة من حالات الارهاب يمكن ان تتزامن والمساعي المبذولة لاستئصال جذورها ، ونرى كذلك ان الاصرار على اولوية ما في معالجة مشكلة الارهاب قد يؤدي إلى تجزيئية لا تفيد هذه المعالجة في شيء ، وبصورة عامة ، يمكننا القول بان تشخيص اسباب الارهاب يساعد على ايضاح مفهوم الارهاب الدولي ذاته واثارة مزيدٍ من الاهتمام بمكافحته.
إن الارهاب باعتباره ظاهرة اجرامية او سلوك منحرف عن قواعد السـلوك الاجتماعي السائدة في المجتمع ، وذلك تاسيسا على ان السلوك الاجرامي ليس محض واقعة يجرمها القانون ، ولكنه سلوك يصدر من انسان يعيش في بيئة معينة ووسط مجتمع معين ، ومن ثم فهو سلوك اجتماعي منحرف ، لذلك فان دراسة اسباب ودوافع الارهاب يعطي التفسير لهذه الظاهرة وبالتالي فان تفسير هذه الظاهرة ينطبق عليه ما يقال عن تفسير الظاهرة الاجرامية بصفة عامة حيث يقرر علماء الجريمة انها لا ترجع الى مصدر واحد او مصدرين بل تنبع عن مصادر عديدة متنوعة ومتشابكة ومعقدة ، وبالمثل فالإرهاب ، كظاهرة إجرامية لها خصوصيتها بين غيرها من الظواهر الاجرامية الاخرى ، ليس فعلا منعزلا او عرضيا ولكنه ثمرة تضافر عوامل عديدة تحركه وتحدد تكوينه وهيئته وظهوره
وبالنظر إلى هذا التعدد ( تعدد دوافع الإرهاب وميزاته ) ، فقد تعددت اراء الباحثين فيما يتعلق بالاسس التي عليها يتم التحليل ودراسة دوافع الارهاب ، الا اننا سنتناول تحليل الموضوع على ثلاث مستويات :-
– المستوى الفردي ، أي الدوافع التي تجعل الفرد يتجه الى الارهاب ويختار النشاط الارهابي كسبيل اساسي في حياته .
– المستوى الوطني ، أي الدوافع والميزات التي تدفع الى الارهاب على المستوى الداخلي في الدولة الواحدة .
– المستوى الدولي ، ويقصد بالدوافع على هذا المستوى مجموعة الأوضاع الدولية التي تشجع على الارهاب كنظام تقسيم العمل الدولي الراهن وما يحمله في طياته من ضغوط ومظالم على بعض الدول .
المطلب الاول: دوافع الارهاب على المستوى الفردي
تتعدد الدوافع التي تقود الفرد إلى الإرهاب ، وقد عرض كثير من الباحثين العديد من النظريات التي تفسر لماذا يندفع الفرد الى الارهاب فمنهم من يرى بوجود دوافع شخصية بذات الشخص ، ومنهم من ركز على الجوانب السيكولوجية ومنهم من ركز على الاعتبارات المادية، في حين ذهب فريق اخر الى القول بان ذلك يعود إلى الجوانب الوجدانية .
اولا: الدوافع الشخصية للارهاب
باعتبار السلوك المنحرف يصدر عن انسان ، فان علماء الجريمة عند بحثهم لدوافع هذا السلوك قد استرعى انتباههم مرتكب هذا السلوك وهو الانسان . فبدأوا في محاولة تفسير السلوك الاجرامي بارجاعه الى شخصية الانسان ذاته سواء في تكوينه العضوي الخارجي ، او في تكوينه النفسي واصابته ببعض مظاهر الخلل والاضطراب النفسي ، وقد حاولوا ايجاد العلاقة بين الجريمة وبعض الصفات الشخصية في الانسان مثل الوراثة والسن والجنس والعنصر ( السلالة ) والذكاء وبعض الامراض المختلفة ، ونظرا لخصوصية الارهاب ، فان بعضا من هذه العوامل قد تمثل دوافع بالنسبة له ، وليس جميعها ، ومنها على سبيل المثال الذكاء ، والعنصر والتكوين النفسي المرتبط ببعض الاختلالات العقلية ، وسوف نقسم الدوافع الشخصية على النحو التالي :
أ.الارهاب والذكاء:
ارتبط الارهاب بالذكاء ، نظراً لما يتطلبه من تخطيط دقيق وتنفيذ ادق لعملياته لاحداث اكبر قدر ممكن من التأثير في الرأي العام ،بما يخدم القضية التي يعلنها الارهابيون ،ولا شك ان عملية التمويل هي الاخرى تستلزم قدر كبير من الذكاء من اجل تأمين مصادر التمويل ، وعلى الرغم من ان الكثير من علماء الاجرام يربطون بين ضعف الذكاء والجريمة بصفة عامة ،فأنهم يعترفون-مع ذلك – بأن هناك انواعاً معينة من الجرائم تستلزم قدراً من الذكاء ويذكرون منها النصب ،واحتجاز الرهائن .
فذكاء الفرد اذا لم يحسن استغلاله فيما هو مفيد قد ينجح البعض من تسخير هذا الذكاء لخدمة اغراض اجرامية او ارهابية ،ومن ثم يصبح عاملاً مهماً لارتكاب جرائم الإرهاب .
ب. الارهاب والعنصر والسلالة
السلالة هي انتقال مجموعة من الخصائص و الصفات داخل مجموعة عرقية من الافراد ،فهي وراثة عامة يكتسب فيها الشخص صفات الجماعة العرقية التي ينتمي اليها ،ولقد شهد التاريخ الإنساني دعوات لسيادة سلالة او جنس على اخر ،مما نتج عنه حروب عالمية أكلت الاخضر واليابس وراح ضحيتها ملايين البشر .
ج.الإرهاب والجوانب السيكولوجية
تلعب الجوانب النفسية وما يعتريها من متغيرات دوراً هاماً في هذا الخصوص ولا سيما عندما تتعرض تلك الجوانب لبعض الاضطرابات التي تأخذ صورة امراض او تقلبات نفسية حادة ،هذه الاضطرابات النفسية قد تعود الى اسباب وعوامل وراثية،كما تعود الى ضغوط عصبية مفاجئة نتيجةً لمواقف معينة يتعرض لها الفرد ،ومثل هذه الجوانب النفسية قد تكون الدافع الحقيقي للجوء العديد من الافراد الى الانشطة الارهابية .
الا ان التحليل الصحيح لتأثير الجانب السيكولوجي او التكوين النفسي في الارهاب ،يجب ان يتناول العناصر الرئيسية لهذا التكوين والتي قد تدفع بدورها –وبشكل مؤثر -الى الارهاب.
فالتكوين العضوي للفرد يشمل جانبين :الجانب الاول هو الجانب الظاهري او الخارجي ،والذي يمثل الملامح الخارجية لجسم الانسان ،وقد حاول البعض ايجاد علاقة بين هذه الملامح وارتكاب الجرائم ،ولكن هذه النظريات لم تصل الى نتائج ذات أهمية في هذا الاطار ،والجانب الثاني هو التكوين الداخلي ،ومن اهم عناصره التكوين النفسي للفرد ،وقد تمكن علماء التحليل النفسي من الربط بين مظاهر الخلل النفسي وبين الاندفاع نحو طريق الاجرام ،ولوحظ ان اهم العقد النفسية عند المجرمين هما عقدتا الشعور بالظلم والشعور بالنقص ،فالى أي مدى تدفع هاتان العقدتان إلى الإرهاب ؟
(1) عقدة الشعور بالظلم :
تأكد دور الشعور بالظلم واليأس والاحباط الذي يحمل بعض الناس على التضحية بأنفسهم او بأرواح بشرية اخرى لإحداث تغييرات جذرية ، في الدراسة التي اعدتها الامم المتحدة عن الارهاب في عام 1979،من خلال اللجنة الخاصة التي شكلتها لدراسة هذه الظاهرة وما تفرع عنها من ثلاث لجان فرعية ،تبحث الاولى في تعريفه ،والثانية في اسبابه ،والثالثه في طرق مكافحته ،فقد اعدت الامانة العامة دراسة بعنوان “الاسباب الكامنة وراء اشكال الارهاب واعمال العنف التي تنشأ عن البؤس وخيبة الامل والشعور بالظلم واليأس والتي تحمل بعض الناس على التضحية بأرواح بشرية. بما فيها ارواحهم محاولين بذلك “إحداث تغييرات جذرية”، فهذه العقدة تعني الاحساس بالظلم من جانب المجتمع ،والجريمة في هذه الحالة ستكون هي الرد الطبيعي على هذا الظلم ،وبذلك لا يتوانى الشخص عن الاقدام على الجريمة تحت تأثير ردع القواعد الاجتماعية او القانونية حتى العقابية منها ،فهل يمكن تفسير الارهاب على انه نوع من انواع السخط على المجتمع نتيجةً للظلم الواقع على الارهابي؟الواقع ان الارهابي يتذرع دائماً بأن الارهاب هو الوسيلة الوحيدة والاخيرة المتاحة للرد على المظالم التي يتعرض لها ولا يجد منها فكاكا سوى الخروج على قواعد التنظيم الاجتماعي، والرد بعنف على المجتمع الذي لم يمنحه سبل العيش او الحرية المنشودة او غيرها،وهذا المجتمع لا فرق فيه بين رجل السلطة والرجل العادي،فالكل مدان ،والجميع مسؤول عن هذا الظلم الواقع عليه ،ومن ثم فالمجتمع يستحق العقاب ،فالشباب الذي يعيش في مجتمع مختل القيم يعاني فراغا ًروحياً، وتمزقاً فكرياً،وقلقاً اجتماعياً على مستقبله ،مما يؤدي الى الاحباط وفقد الامل ويولد الشعور بالعداوة والكراهية والرغبة في الانتقام ،وهذا الشباب بميله الى الاستقلال الذاتي والثقة بالنفس والاعتماد عليها ،وعدم استطاعته تحقيق ذلك في ظل مجتمع تتزايد فيه الفوارق الاجتماعية ويتسم بعدم العدالة، وعدم تكافؤ الفرص ، مما يدفعه للاحساس بالظلم والمهانة ،فيتحرك لرد هذا الظلم الواقع عليه او على غيره ،في صورة عنيفة ، لعل اهمال هذا الدافع ينتج عنه قصور في وسائل مكافحة الارهاب ،حيث لن يتم التعرف على هذا الدافع الحقيقي للارهاب .
(2) عقدة الشعور بالنقص :
الشعور بالنقص قد يشمل جانبا ماديا،وقد يشمل جانباً معنوياً،ويتمثل الجانب المادي في الشعور بالنقص جسمانياً كمن يصاب بعاهة دائمة تجعله عاجزا عن القيام باعماله ، مما يؤدي الى الاستهانة به في الوسط الاجتماعي ، وقد يكون الشعور بالنقص اجتماعيا أي عجز الفرد عن تحقيق ما سعى اليه ” ومنها قصور بعض الامكانيات المادية عن تلبية بعض متطلبات الافراد وحاجياتهم ” ، وفي الحالتين يحاول الفرد تعويض هذا النقص عن طريق ارتكاب بعض الجرائم خاصة جرائم العنف التي يحقق من ورائها الشهرة والظهور.
د. الارهاب والمرض العقلي :
قد يظهر للخلل العقلي – في بعض الأحيان – دور في تقديم تفسير بعض صور الارهاب مثل جرائم الاغتيال السياسي وجرائم خطف الطائرات التي يثبت فيها ان القائم بالفعل – رجل او امراة – مختل عقليا . ومع ذلك فدور الخلل العقلي في مجال الارهاب يظل محدودا ولا يصلح الا لتفسير بعض الحوادث الفردية . ولكن الفرد قد يدعي الجنون بعد ارتكاب الجريمة للهروب من المسؤولية الجنائية عنها ، كما ان العمليات الارهابية وما تنطوي عليه من تنظيم دقيق في تنفيذها ، تجعل من النادر الاقدام عليها من جانب شخص يعاني خللا عقليا ، واذا وقع حادث اغتيال لاحد الشخصيات العامة من مجنون ، فان هذا الحـادث لا يدخل في نطاق عمليات الارهاب .
ثانيا : دوافع مادية ” الارهاب والجوانب المادية
تمثل الجوانب المادية نسبة لا باس بها من الدوافع الكامنة وراء لجوء بعض الافراد الى الانشطة الارهابية فحين يثور التعارض بين الحاجة واشباعها ، وحين تقصر الامكانيات المادية المتاحة عن تلبية متطلبات بعض الافراد وحاجياتهم ، وحين توفر المنظمات الارهابية الفرص الملائمة لهؤلاء الاشخاص في اشباع الحاجات العديدة المثارة لديهم يتجه ذوي النفوس الضعيفة الى ممارسة الانشطة الارهابية من خلال منظمات الاجرام الارهابي .
ولنا في تأثير الجوانب المادية حديث اوسع نتطرق اليه عند الحديث عن دوافع الارهاب على المستوى الوطني.
لا يخفى دور وسائل الاعلام المقروءة والمسموعة والمرئية في الجريمة ، حيث ان طريقة نشر انباء الجرائم وتفصيلاتها ، وعرض افلام العنف والجريمة ، واظهار المجرم في معظم الاحيان بدور البطل والتركيز على الجانب الانساني فيه ، وتضخيم المؤثرات النفسية المرتبطة بالحوادث الارهابية ، والعرض الهزلي للمحاكمات القضائية للمجرمين ، لا شك ان كل ذلك يهيء الظروف لارتكاب الجرائم واذكاء نار العنف والارهاب ، وتحفز وتشجع الافراد ذوي النفوس الضعيفة والضمائر الميتة على القيام باعمال مشابهة للاعمال التي تتم في بلدان اخرى عبر الانخراط في مجموعات ارهابية ، وبذلك فان الاعلام يلعب دورا في الارهاب باعتباره دافعا ومحركا له ، نظرا لما تتركه هذه الوسائل من تقليل لاثر الردع العام في النفوس – التي هي بالاصل مليئة بالاحباط واليأس ، فتستسهل الجريمة وترى ان ذلك امرا اعتياديا ، فتكون الاستهانة بالقانون والعقوبات التي يتضمنها ،.. الا ان دور الاعلام في الارهاب لا يقتصر فقط باعتباره دافعا ومحركا له ، بل يلعب الاعلام دور اخر لا يقل اهمية عن دوره الاول يتمثل بوصفه وسيلة يستهدف الارهابي نشر قضيته من خلالها .
وقد اشار الامين العام السابق للامم المتحدة بطرس غالي الى اهمية وسائل الاعلام ، لكونها تشكل احد الدوافع المهمة لفعل الارهاب ، ولا سيما انها تمنح الارهابيين الدعاية التي يسعون إليها .
ثالثا: اثر البيئة المحيطة بالفرد
ان عدم التطرق الى اثر البيئة المحيطة بالفرد على الظاهرة يجعل من دراسة الاسباب والدوافع للظاهرة مبتورة ، نظرا لما لهذا الجانب من اهمية في صياغة شخصية الانسان ، وما نقصده بأثر البيئة هو البحث في دوافع الارهاب الخارجية على المستوى الشخصي ، أي تقصي حقيقة العوامل المحيطة بالفرد والتي قد تدفعه – هو بالذات – دون غيره من افراد المجتمع الى ممارسة الارهاب .
واذا كان الفرد يعيش في ظل مجتمع معين فهذا المجتمع – بالنسبة له – يتدرج وفقا للمراحل العلمية له، فالأسرة هي المجتمع الاول للشخص ، ثم المدرسة او الجامعة ، ثم بيئة العمل – ان وجد – او الفراغ ، وكل هذه البيئات تؤثر في تكوين الفرد وصقله كانسان يحترم قواعد السلوك الاجتماعي ، او انسان متمرد على هذه القواعد وكافر بها . وتاثير هذه العوامل يكون مباشرا على الشخص ، حيث قد تدفعه دفعا الى طريق الاجرام اذا نشا في بيئة تتسم بالعنف والاجرام ، وقد تكون – على العكس – هي السياج الذي يحميه من الانزلاق في مهاوي الجريمة.
وسوف نتناول دور كل من الاسرة والمدرسة او الجامعة باعتبارها عوامل خارجية يختلف تاثيرها من شخص لاخر ، ودورها في تهيئة المناخ الملائم للارهاب ، وذلك على النحو التالي :-
أ- دور الأسرة
الأسرة هي نواة المجتمع ولبنته الأولى التي يقوم عليها بنيان المجتمع والحياة الاجتماعية فإذا ما كانت تلك اللبنة سليمة كان البنيان قويا متماسكا اما اذا كانت ضعيفة كانت تعاني الجهل والتخلف وتعيش في تفكك فان ذلك يؤدي بالتاكيد الى نشأة اشخاص غير اسوياء من السهولة اغوائهم واستهوائهم ، ويتوفر في داخلهم الحقد على المجتمع ككل .
فالأسرة يمكن ان تجعل من الطفل مشروعا لمواطن صالح ، في حين انه اذا فقد داخلها مقومات التنشئة التربوية السليمة فانه يكون مهيأ” لارتكاب الجريمة .
ب- دور المؤسسة التعليمية
تبحث المنظمات الإرهابية عادة”عن أنصارها ومؤيدها بين صفوف الشباب المثقف والمتعلم ، وذلك في المدارس والجامعات ، حيث انها مكان مفتوح لتبادل الرأي والحوار وصقل الفكر بعد تكوينه ، الأمر الذي يفرض مزيدا من المسؤولية على المؤسسة التعليمية- في أي دولة – في الوقوف ضد حركات الاستقطاب للطلاب بها ، خاصة وان التيارات الفكرية والسياسية – من واقع التاريخ تنشا أولا – وتتنامى- بين صفوف الشباب ، خاصة في المدارس والجامعات والمعاهد التي تشكل أماكن تجمع الشباب فترات طويلة من العام .
المطلب الثاني :دوافع الإرهاب على المستوى الوطني
تتنوع دوافع الإرهاب ومثيراته على المستوى الوطني – أي على مستوى الدولة الواحدة – وتختلف هذه الدوافع باختلاف الظروف التاريخية والجغرافية والديموجرافية للمجتمع ، وهناك اهمية كبيرة لتقصي دوافع الإرهاب على المستوى الوطني نظرا لما ينتج عن عملياته من خسائر فادحة في الارواح والممتلكات ، بالاضافة الى ما تتكلفه عمليات مكافحته من مبالغ طائلة، الامر الذي يدعو الى تحديد الدوافع الكامنة والعوامل المساعدة على نمو الارهاب ايا كانت صوره واشكاله او نوعية ممارسيه ، وذلك لامكان التغلب عليها واصلاحها ، لان الوقاية خير من العلاج ، وهذا التحديد ليس بالامر الصعب ، فالدوافع يمكن تحديدها بدوافع مباشرة للارهاب على مستوى الدولة تظهر كنتيجة مباشرة لممارسة السلطة ، في حين هناك دوافع اخرى تكمن في السياسة العامة التي تنتهجها الدولة على مختلف الاصعدة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا … الخ وعلى ذلك يمكن تقسيم دوافع الارهاب على مستوى الدولة الى قسمين ، الاول يشمل الدوافع الناشئة عن ممارسات الدولة بصورة مباشرة ، والثاني : يتناول الدوافع الكامنة في سياسات الدولة والتي تشجع على الارهاب بصورة غير مباشرة .
اولا: الدور المباشر للدولة في الارهاب على المستوى الوطني
قد تضطلع الدولة بدور مباشر في ميلاد بعض حركات ومنظمات العنف والارهاب. وتتعدد الاشكال التي يتخذها هذا الدور المباشر للدولة ، فقد تسهم في نشأة هذه المنظمات من خلال سياساتها القمعية والتعسفية ، وقد تخلق او تنشيء هذه الجماعات والمنظمات لممارسة سياسة منظمة وحملة مطردة من العنف ضد السكان ، وقد تنشأ انواع اخرى من الارهاب على مستوى الدول وبدعم مباشر منها ، ومن امثلة ذلك ما يلي
أ. ارهاب القمع والقهر ، وارهاب التمرد والخلاص
ان المبالغة في استخدام العنف من جانب الدولة – فيما يعرف بارهاب القمع او القهر – يعطي المبرر للافراد والجماعات – كدافع اساسي – لممارسة نوع من العنف المضاد في الامدين الطويل والمتوسط في صورة ارهاب التمرد والخلاص من هذا القهر
وقد ينتشر هذا النمط المولد للارهاب المضاد نتيجة لممارسات الدولة التعسفية في الانظمة الشمولية ، حيث خروج الحكام عن حدود الصلاحيات الدستورية المخولة لهم واستبدادهم وطغيانهم يعتبر امراً هيناً، وحيث لا تمتلك الغالبية من سكانها وسيلة سلمية لابداء ارائهم والدفاع عن مصالحهم ،كما انه يصاحب الانظمة الشمولية عادةً حالة من التبعية لأحد القوى الخارجية لحماية مصالحها،بالاضافة لبعض مظاهر القهروالظلم الاجتماعي والاقتصادي ،الامر الذي يعزز بعض الجماعات التي تسعى للتخلص من هذه التبعية او القضاء على مظاهر القهر من خلال ممارسة العنف ،فالارهاب قد يكون مضاداً لارهاب الحكومة ، بحيث يكون الاخير هو المحرك او الدافع له.
وقد اشير في مناسبات عديدة الى ارهاب الدولة بوصفه دافعاً الى ممارسة الارهاب من جانب الافراد ،كما ركزت عليه اللجنة الخاصة بالارهاب التابعة للامم المتحدة ،مشيرةً الى ان سياسات الترهيب التي تمارسها بعض الدول ضد شعوبها بأكملها والهجمات المسلحة على الدول ،هي من العوامل التي تسبب عنف الافراد ،وركزت على الاستعمار كاحدى صور هذه السياسات ،بوصفه سلوكاً غير مبرر اذا كان علنياً او مستتراً ،بالاضافة الى الانظمة السياسية القائمة على الدكتاتورية بجميع وجوهها ،خاصةً تلك التي تتخذ موقفاً عدائياً من جميع اشكال الحرية الفردية ،وعلى جميع مستوياتها ،مما يولد نوعاً من ردة الفعل العدائية لدى الجماهير تتخذ غالباً شكل الارهاب.
وقد لا يقف دور الدولة على الممارسات القمعية التي تتولد عنها اعمال الارهاب،بل انها قد تشجع بصورة مباشرة قيام بعض الجماعات الراديكالية بهدف القضاء على بعض التغييرات التي لا ترغب في ظهورها .
ب.الارهاب العنصري “العرقي” (دوافع عنصرية)
قد تمارس الدولة سياسة الفصل العنصري بهدف القضاء علىجنس معين ، فتشن حملة واسعة من الابادة الجماعية تتخذ من مختلف صنوف التعذيب ادوات لها ،بهدف القضاء على مجموعة معينة او جماعة عرقية تمثل ـ عادة ـ اقلية بين السكان ،الامر الذي يولد ارهاباً مقابلاً،فعندما لا تستطيع القومية المضطهدة من تحقيق مطالبها ـالتي تتمثل بازالة الفوارق والمساواة ـومن على الحفاظ على نفسها بالطرق السلمية وعبر الوسائل الديمقراطيةـ ان وجدت ـ فانها تنتقل الى اسلوب العنف والارهاب على امل ان تحصل على بعض المكاسب ، وليس ادل على ذلك من السياسات الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني.
ج .الارهاب الانفصالي”دوافع انفصالية “
قد ينشأ الارهاب داخل الدولة من قبل بعض الجماعات العنصرية او العرقية التي ترغب في الانفصال عن الدولة الاصلية والاستقلال او جزء منها، فقد مثلت الدوافع الانفصالية ذات الطابع القومي نسبة كبيرة من دوافع الارهاب المعاصر فحيث توجد بعض الاقليات ذات الطابع القومي والتي تنادي بتحقيق وبلورة الشخصية المستقلة في اطار كيان سياسي مستقل عن الدولة الام التي تعيش في اطارها تلك الاقليات ،وحيث تتدعم تلك الاتجاهات الانفصالية بالمزيد من الوعي بضرورة الاستقلال وتحقيق الانفصال ، وحيث يزداد تعنت السلطات المركزية وصلفها وقمعها لتلك الاتجاهات الانفصالية تتدعم النزعات الرامية الى استخدام العنف و خاصة السبل الارهابية لتحقيق تلك الاهداف والتخلص من تلك الاوضاع السيئة التي تعيشها تلك المجموعات.
ثانيا :الدور غير المباشر للدوله في دغم الارهاب على المستوى الوطني.
ونقصد بهذا الدور تلك الدوافع الكامنة في السياسات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية …والخ، مما تنتهجها الدولة ،لان هذه السياسات قد تؤدي في بعض الاحيان الى توفير المناخ الملائم لعمليات العنف والارهاب على مستوى الدولة ،..وسوف نتناول فيما يلي دور هذه العوامل على مستوى الدولة :-
أ.العوامل السياسية تتعدد العوامل السياسية التي تهيء المناخ للعمليات الارهابية او ممارسة الارهاب على مستوى الدولة ويمكن تلخيصها فيما يلي:-
(1) افتقاد الشباب للتربية السياسية السليمة ،وعزوفهم عن المشاركة السياسية الواعية نتيجةًً لعدم اقتناعهم بجدوى صوتهم في التغيير ،اضافةً الى افتقادهم الثقة في نتائج الانتخابات فشاعت مظاهر السلبية واللا مبالاة وعدم الانتماء بين قطاعات الشباب.
(2) غياب دور الأحزاب السياسية وانشغالها بالصراع على السلطة وزعامة الحزب ،بل وتحالف بعضها مع بعض المؤسسات التي تدعم الإرهاب،وعدم تمثيل الشباب فيها.
(3) غياب الحرية السياسية وعدم السماح لبعض الجماعات قانوناً بالتعبير عن نفسها من خلال القنوات الشرعية ووجود جماعات لا ترضى عن الاوضاع السياسية والاقتصادية في المجتمع دون وجود البديل لديها لهذه الاوضاع فترتكب جرائم العنف السياسي ضد رموز النظام وقد يكون ذلك بسبب عدم ملاقاة افكارهم صدى شعبياً لدى الجماهير.
(4) الدعوة الى السلام ومناوءة الاحلاف العسكرية وهذا كنتيجة لانتشار القواعد العسكرية وتكديس اسلحة الدمار الشامل في بعض الدول مما شجع ظهور جماعات رافضة لذلك، خاصة في المانيا الغربية على ايدي حركات السلام وما قامت به من عملياتٍ ارهابية ضد حلف شمال الاطلنطي وقواته ،بما في ذلك افراد القوات الامريكية.
(5) سعي بعض الشعوب للحصول على حق تقرير المصير ،والتخلص من ربقة الاستعمار الاجنبي،مما يدفع بعض الجماعات للقيام بعمليات ارهابية ضد المدنيين من افراد الاحتلال للضغط عليه للجلاء من اراضيها، كما قد تتم بعض العمليات الارهابية بهدف لفت نظر العالم الى قضية معينة ،او بقصد اجبار السلطات على اتخاذ موقف سياسي معين .
(6) توجد بعض مراكز القوى المستترة داخل هياكل بعض الدول ،خصوصاًفي اجهزة الخدمة السرية التي تتورط في مذابح الارهاب الذي يكشف عن نفسه في فترات عدم الاستقرار.
وعلى ذلك فالعامل السياسي في الارهاب يشمل كافة الظروف والمتغييرات المتعلقة في التركيبة السياسية في مجتمع ما ،فقد يعبر الارهاب عن رفض بعض الجماعات القيم الرأسمالية السياسية،كما حدث في اوربا الغربية خلال العقدين الاخيرين،على ان يتم هذا الرفض بالعنف الدموي ،كما قد يعبر الارهاب عن رفض بعض الافراد والجماعات لرفض السلطة لهم فهو اذن رفض الرفض.
ب: العوامل الاقتصادية
يؤثر العامل الاقتصادي غالباً على كم الاجرام او نوعية الجرائم المرتكبة ،وتتعدد مظاهر العامل الاقتصادي ذات الصلة بحركة الاجرام في المجتمع ،كالتوزيع الطبقي للمجتمع الصناعي ،ودور التقلبات الاقتصادية ،كتقلبات: الاسعار والدخول والفقر والكساد والبطالة ،وقد بلغ من اهمية هذا العامل ظهور بعض النظريات في التحليل الوصفي للجريمة مرجعها الى النظام الاقتصادي السائد في دولة معينة ،وقد سلك هذا التحليل منهجين :اولهما يربط بين الجريمة ونظام اقتصادي معين هو النظام الرأسمالي ،فيعتبر الجريمة منتجاً رأسمالياً،وثانيهما يربط بين بعض الظروف والظواهر الاقتصادية ـ دون ربطها بمذهب اقتصادي معين ـ وبين حركة الاجرام بصفة عامة، بحيث تتظافر هذه الظروف مع غيرها من العوامل لوقوع الجريمة.
ومن جانبنا نؤيد المنهج الثاني على اساس انه لا يمكن القطع بأن نظاماً اقتصادياً معيناً،رأسمالياً او اشتراكياًُ او مختلطاً ينتج عنه بذاته الجريمة ، وذلك لأن القول لا يؤيده الواقع العملي الذي يثبت وجود الجريمة في جميع المجتمعات والانظمة ،فالجريمة ظاهرة اجتماعية مرتبطة بوجود الانسان،بالأضافة الى انه لم ينجح ـ بعد ـ أي نظام اقتصادي في القضاء على جميع اشكال الاجرام،ومن ثم فأن العوامل الاقتصادية هي عوامل مساعدة على ارتكاب الجريمة ،ولقد ركز الباحثون في مجال ظاهرة الارهاب على العامل الاقتصادي باعتباره محركاً ودافعاً الى الجريمة الارهابية، ويربط بعضهم بين الحالة الاقتصادية للمجتمع وبين ظهور بؤر اجرامية في بعض المناطق العشوائية .
ج: العوامل الاجتماعية
نال العامل الاجتماعي اهتماماً كبيراً من جانب علماء الجريمة ومنظري السياسة الجنائية عموما” ،والباحثين في ظاهرة الارهاب على وجه خاص ،فيرجع الارهاب ـ في نظرهم ـ الى الكفر بالقيم الاجتماعية الحاكمة للبيئة ،او وصف المتمسكين بالتقاليد بالتخلف والقصور في مجاراة العصر ،وبذلك يفتقد الجسد الاجتماعي المناعة ،فيكون عرضة للهزات الاجتماعية العنيفة التي قد تدفع بعض فئاته الى سلوك العنف والارهاب ،هذا بالاضافة الى العزلة التي يعيشها بعض الشباب في مجتمعهم ،واختفاء القدوة والمثل الاعلى بالنسبة ِ لغالبيتهم ،وعدم الترابط والتناسق بين اساليب الضبط الاجتماعي بمفهومه الشامل ،سواء داخل الاسرة او خارجها ،في المدرسة او الجامعة ،او كافة مؤسسات المجتمع الرسمية والشعبية . كما لا يخفى الاثر المترتب على اهمال مشاكل الشباب وعدم الاهتمام الصادق بها ، والسلبية الضاربة على عقول اغلب افراد المجتمع ـ ومنهم المسؤولون ـ والتي تعوق عن تفهم مشاكل واحتياجات الاجيال الجديدة من الشباب والتجاوب معهم في ظل الفراغ الذي يعانونه وعدم وضوح الانتماء لهدف معين ،والمعاناة من مشاكل الحياة اليومية مما يجعل منهم فريسة سهلة للارهاب.
كما انه قد تعاني فئات كثيرة من المجتمع الحرمان الاجتماعي بدرجة او باخرى ،ولسبب او لاخر ـ حيث قد يكون ذلك لاسباب عرقية او لغوية او دينية او مذهبية ـ لهذا الحرمان الاجتماعي والذي يعني عدم قدرة المجتمع على استيعاب تلك الفئات استيعاباً كاملاً قد يؤدي إلى نوع من العزلة التي يفرضها المجتمع على تلك الفئات حيث تتقوقع هذه الفئات في اماكن محددة ويسودها الشعور بالاغتراب ، وحين يحدث هذا فانه يسود الوعي بهذا الوضع المتردي من قبل افراد من تلك الفئات فيلجأ بعض منهم إلى تلك المجموعات الارهابية التي تمارس انشطتها سعياً نحو تغيير تلك الاوضاع المتردية والتخلص منها نهائياً.
المطلب الثالث :دوافع الارهاب على المستوى الدولي
لاشك في ان الاوضاع الدولية والسياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية ..الخ تؤثر على الارهاب سلباً او ايجاباً ، زيادةً او نقصاناً ، وذلك يرجع بصفة خاصة الى اكتساب الارهاب –بعداً دولياً ظاهراً- بعد ان انقضت وتوارت طرق الصراع التقليدية، وانتهت فترة الحرب الباردة ،فلم تعد هناك غير قوة واحدة تسيطر على العالم بما ينتج عن ذلك اثار عديدة على مختلف جوانب الحياة في الدول ،ولهذا اثرنا ان نخصص فرعاً خاصاً عن دوافع الارهاب على المستوى الدولي ، قاصدين من وراء ذلك ان نحدد مدى اسهام الاوضاع الدولية الراهنة في تدعيم النزاعات الارهابية لدى الافراد والجماعات والدول، اضافة الى دور بعض الدول في دعم ومساندة الحركات الارهابية في دول اخرى، او قيام الدولة ذاتها بممارسة الارهاب ضد دولة اخرى
المبحث الثالث
دور الاوضاع الدولية في الارهاب
اشارت دراسة تحليلية اعدتها سكرتارية الامم المتحدة عن الارهاب عام 1979 الى ان هناك العديد من الاسباب الكامنة وراء قيام وممارسة الانشطة الارهابية ،فهناك الاسباب السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
اولاً. الأسباب السياسية ان الحال التي آلت اليها الاوضاع الدولية على المستوى السياسي لا شك توفر البيئة المواتية لممارســة الارهاب ،ويمكن ايراد بعض هذه الدوافع على النحو التالي :-
(1) سقوط الشيوعية و انفراد الولايات المتحدة بسلطة الامر والنهي في المجتمع الدولي .
(2) عجز مجلس الامن عن اتخاذ موقف قانوني جاد ازاء ما يحدث من انتهاكات لبعض الفئات للدفاع عن وجودها ازاء حملات الابادة التي تتعرض لها وكتعبير عن رفضها للاوضاع الدولية غير العادلة ،.. ويكمن الخلل في تحكم النظام الدولي ومواثيقه، فهذا النظام الذي وقعته احدى وخمسون دولة عام 1945،لم يعد يمثل ارادة المجتمع الدولي ، الذي تمثله مائة وواحد وتسعون دولة عضواً في الامم المتحدة ، ويضاف الى ذلك تركيبة مجلس الامن الدولي،وتحكم خمس دول دائمة العضوية فيه، بحيث باتت دولة واحدة منها تفرض ارادتها على المجتمع الدولي، كما حصل في قضايا فلسطين والعراق والسودان.
(3) عجز بعض الشعوب حتى- الان –عن الحصول على استقلالها وحقها في تقرير مصيرها ، رغم القرارات الدولية التي تجمع على حقها في التمتع بالاستقلال والحرية ، الامر الذي يدفع حركات التحرر الى القيام ببعض العمليات خارج حدود دولتها ضد مصالح الدولة المستعمرة او تلك الدول التي تؤيدها، لاضعافها وللفت نظر المجتمع الدولي الى قضيتها من خلال استخدام نفس اللغة التي تستخدمها تلك القوى الاستعمارية.
(4) نجاح بعض حركات المقاومة باتباع اساليب الارهاب في صد اعتداءات بعض الدول الكبرى ، ولقد قدمت حرب فيتنام للثوريين الزاد الفكري والنموذج الذي يحتذى به في المقاومة من خلال استخدام سبل غير تقليدية من العنف .
(5) وجود بؤر التوتر في معظم دول العالم سواء في الشرق الأوسط او امريكا اللاتينية او اوربا فضلا عن الرواسب الاستعمارية ، الامر الذي يسهم في القيام بالانشطة الارهابية
(6) عدم قدرة المجتمع الدولي في شكله المنظم ( الامم المتحدة ) على تقديم حل عادل لمتطلبات العدالة الدولية المتزايدة ، او نشر الايديولوجيات ” اليطوبية المدينة الفاضلة– UTOPIA ” وفي افكار تدعو الى المثالية الاجتماعية مما اعطى للجماعات التي تدافع عنها القوة والشرعية ، ولذلك فان المجتمع الدولي نفسه يقود او يصادق – واحيانا يعطي الشرعية – لبعض الحركات التي تمارس الارهاب .
(7) التوسع الامبريالي الذي يحمل في طياته النزعه العدوانية لانه لا يحترم حدود الغير القومية والدينية والسياسية ، فيؤدي الى تدمير حضارات وفناء كيانات او نشوء صراعات ، بما يشجع حركات العنف والارهاب.
ثانياً. الاسباب الاقتصادية والاجتماعية الدولية
لاشك ان الاوضاع الاقتصادية على المستوى الدولي تؤثر- بشكل او باخر- على اتجاه بعض الجماعات والدول الى الارهاب ، حيث ان معظم الجماعات والدول المنخرطة في اعمال الارهاب هي من الجماعات والدول الفقيرة نتيجة تدهور اقتصادها ،بل ان هناك اقتصادات بعض الدول تقوم على انشطة اجرامية ، ومن ثم فان هذه الدول تكون بيئة صالحة للارهاب ، من اجل الحصول على الدور الذي تبتغيه على المستوى الدولي . وقد تتم ممارسة الارهاب على مستوى الدولة بقصد التخلص من الاستغلال الاجنبي لمقدرات الشعوب ومواردها، او للاضرار باقتصادات دولة معينة، بتدمير منشأتها الصناعية والتجارية مما يشكل وسيلة ضغط عليها لتغيير مواقفها السياسية والاقتصادية ،كما قد تستخدم المساعدات الاقتصادية لبعض الدول كذريعة للتدخل في شؤونها الداخلية او المحافظة على الاستقرار الدولي و حماية الاقليات ،الامر الذي يقابل بالرفض من جانب البعض ويدفعه الى الوقوف ضده من خلال اعمال العنف والإرهاب . وبالنظر الى ما يشكله الجانب الاقتصادي من اهمية وتأثير مباشر سلباً او ايجاباً – على الجانب الاجتماعي ، فأنه بالأمكان القول بأن العلاقة ما بين الجانبين،سواء على المستوى الوطني او الدولي،علاقة طردية تبرز من خلال تأثر الاوضاع الاجتماعية الدولية وما ينتج عن هذا التأثير من نتائج سلبية قد تدفع الى الارهاب للتخلص من الاوضاع الأنفة باعتبارها ظالمة..
ثالثا :رعاية بعض الدول والانظمة السياسية لـ الإرهاب
ساهمت رعاية ومساندة بل وممارسة بعض الدول للارهاب في اتساع نطاق الممارسات الارهابية على المستوى العالمي ، حيث لعبت تلك المساندة وهذه الرعاية وذلك التأييد دوراً في نشأة وظهور العديد من المنظمات الارهابية التي تنفذ اهداف الدولة وتحقق مصالحها ، ولا ننسى في هذا دور مخابرات بعض الدول في هذا الشأن وفي ادامة وجود هذه المنظمات وتدريب عناصرها وفي التخطيط الدقيق لعملياتها ،فكانت هذه الدول والانظمة بذلك تحقق اهدافها وضغوطها السياسية تجاه الدول الاخرى عبر تلك الممارسات الارهابية ،متفادية الدخول في حروب دولية غير مأمونة العواقب ،وكان للدول الغربية الباع الطويل في هذا الشأن ولا زالت – وبالتناسق- مع استخدامها القوة او التلويح باستخدامها ،حتى لا توصد في وجهها ابواب دول العالم الثالث وتحتفظ بسيطرتها على مقدراتها وتبقيها تحت السيطرة الاستعمارية والتفرقة وهذا مما يعد بحد ذاته – ارهاباً- لأنه يتضمن الابقاء على اوضاع ظالمة، بل ان هناك من الدول من تتبع الارهاب منهجاً واسلوباً في سياستها
الفصل الاول
الإرهاب والشريعة الإسلامية
عرف التاريخ الإسلامي صور من الجرائم الإرهابية ورصد لها اشد العقوبات ولعل جريمتي البغي والحرابة أقرب صور الجرائم الى الأعمال الإرهابية وسبق الفقه الاسلامي القانون الوضعي باربعة عشر قرنا في تجريم الارهاب ومكافحته وذلك بتحديد جريمة الحرابه وشروطها وعقوباتها كما وردت في القران الكريم, وفي هذا الجزء من الدراسه نبحث في هاتين الجريمتين ثم نتطرق الى موقف الاسلام من الارهاب .
المبحث الاول
الجرائم الارهابيه في الشريعه الاسلاميه
فرق الفقه الجنائي الاسلامي بين جريمة الحرابه الارهابيه وجريمة البغي السياسيه والتي تقع بباعث سياسي او بتأويل سائغ , وتشدد الفقه الاسلامي في جريمة الحرابه لخطورتها وتأثيرها على الحياة الاجتماعيه والسياسيه والاقتصاديه ولكونها ذات طابع ارهابي بينما عاملت الشريعه البغاة بصوره اكثر تساهلا وفرقت بين البغي الحق والبغي الباطل وتطلبت مناصرة الاول ومقاتلة الثاني ومعاملة البغاة بالحسنى اذا القو اسلحتهم ولم تجوز الشريعه الاجهاز على الجرحى او اخذ اموالهم او مطاردتهم اذا أدبرو .
المطلب الاول: جريمة البغي:
جريمة البغي هي جريمة سياسية تقترف ضد السلطة بناء”على التأويل السائغ والتأويل السائغ يقابل في القانون الباعث السياسي فالتأويل قد يكون سائغأ وقد يكون فاسدأ ، وكذلك الباعث قد يكون دنيئا”وقد يكون شريفا”.
وقد فرق الفقهاء بين البغي بحق والبغي بغير حق والذي ينبغي وصفه بالجريمة و أوجبوا الوقوف مع البغاة إذا كانوا على حق وكان الإمام جائرا”.
إما إذا كانوا على باطل وكان تأويلهم غير سائغ فيجب حرب البغاة إذا اجتمعوا في مكان معين ليس لان فعلهم يكون جريمة ولكن لردهم الى رشدهم 0لذلك لايجب قتالهم إلا إذا بدئوا القتال.
مصداقا”لقوله تعالى ((وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما فان بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله ,فان فاءت فاصلحوا بينهما بالعدل واقسطوا أن الله يحب المقسطين ,إنما المؤمنون أخوه فاصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون)).)
وقد اشترط الفقهاء أن يكون الخروج بقصد عزل الإمام غير العادل ، ومن ثم تقترب هذه الجريمة من الجريمة السياسية في القانون الوضعي مما يستدعي تخفيف العقاب فيها والامتناع عن تسليم مرتكبيها .
وهو ما استدعى الفقهاء المسلمين إلى تعريف البغاة بأنهم (( الخارجون على الإمام الحق بغير الحق فلو خرجوا بحق فليسوا بغاة )) بينما ذهب آخرون إلى القول بأنهم (( هم الخارجون على إمام ولو غير عادل بتأويل سائغ ولهم شوكه )) .
ومن ثم لايمكن النظر إلى الجرائم الإرهابية باعتبارها جريمة بغي وان كان لبعض مرتكبيها أرائهم وتأويلاتهم فخطف الطائرات والقرصنة البحرية واحتجاز الرهائن وطلب الفدية وقتل المدنيين وترويعهم لا يهدف إلى عزل الإمام غير العادل خاصه إذا ما اتخذ عملهم بعد دوليا لا يتناسب مع وصف البغي والذي يستدعي أن يكون داخل الدولة بحكم استهدافه عزل الإمام الجائر .
المطلب الثاني: جريمة الحرابة
تعد جريمة الحرابة من ابشع الجرائم التي ورد النص عليها في التشريع الإسلامي ووضعت لها شروط خاصة وأركان خاصة لا تتحقق إلا بوجودها لجسامة العقوبة المترتبة عليها والتي ورد النص عليها في القرآن الكريم (( أنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الاخره عذاب عظيم إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فعلموا أن الله غفور رحيم )) .
والحرابة في اللغة مصدر مشتق من فعل حارب يحارب . ولهذا الفعل عدة معان منها أن الحرب بمعنى القتل وبمعنى المعصية وحارب الله إذ عصوه كما يأتي الحرب معنى سلب .
وفي اصطلاح الفقهاء تعرف بأنها ( خروج جماعه أو فرد ذي شوكه إلى الطريق العام بغية منع المسافرين أو سرقة أموال المسافرين أو الاعتداء على أرواحهم) وعرفها الحنفية بأنها ( الخروج على المارة على سبيل المغالبة على وجه يمنع المارة من المرور وينقطع الطريق ) . في حين عرفها الشافعية بأنها البروز لآخذ المال أو قتل أو إرهاب ويضيف بعضهم أن يكون ذلك مكابرة أو اعتمادا على الشوكة مع البعد عن الغوث.
أما الشيعة الأمامية فأن المحاربة عندهم هي تجريد السلاح برأ وبحرا ليلا ونهارا لإخافة الناس في المصر وغيره وعد السارق محاربا إذا اقترف جريمة السرقة مع استعمال السلاح .
في حين وسع الظاهرية معنى الحرابة ليشمل كل مفسد في الأرض وحجتهم في ذلك أن آية المحاربين جعلت كل مفسد في الأرض محاربا والحكم مطلق يجرى على اطلاقة ما لم يرد حكم يقيده .
ومن مجموع هذه التعريفات يمكن القول بأن فقهاء المسلمين بمختلف مذاهبهم يجمعون على أن الخروج لاخافة الناس في الطريق أو لاخذ أموالهم أو قتلهم أو جرحهم هو من قبيل الحرابة .
وأذا ما آجرينا مقارنه بين هذه الأفعال والصور المعاصرة من الجرائم الإرهابية نجد انهما يتفقان من حيث توافر العنصر النفسي ونشر الرعب أو الخوف وقد تقدم أن الشافعية عرفوا الحرابة بأنها البروز لآخذ المال أو إرهاب . كما اشترط الفقهاء تجريد السلاح والمكابرة بالاعتماد على الشوكة والمغالبة وهو ما ينطبق على اكثر العمليات الإرهابية في الوقت الحاضر لاسيما أعمال القرصنة البحرية وخطف الطائرات حيث يمتنع الغوث ويتم استخدام السلاح أو التهديد به لنشر الرعب بين المسافرين .
وعلى ذلك نجد أن جريمة الحرابة في الشريعة الإسلامية هي الصورة المقابلة للجريمة الإرهابية في التشريع الوضعي وقد حرص الإسلام على ضمان أمن واستقرار المجتمع باعتبار هذه الجريمة من الكبائر ورصد لها أشد العقوبات لما في قطع الطريق وقتل الناس وإرهابهم من إشاعة للفوضى والرعب واخلال خطير للنظام العام .ومن المهم القول ان جريمة الحرابه من الكبائر بسبب ما يشيعه قطاع الطرق من الارهاب والخوف في نفوس الناس ويمنعهم من ممارسة اعمالهم والتنقل في بلاد الاسلام بحريه , والمقصود بالحرابه من الناحيه اللغويه محاربة الله ورسوله أي تحول قاطع الطريق الى محارب لكل القيم السماويه والساميه التي جاءت بها الشريعه الاسلاميه الغراء والتعبير جاء مجازي لانها محاربة غير مباشره لمن يحارب عباد الله تعالى في تنقلهم ويبعث الرعب في نفوسهم انما يحارب الله ورسوله وسميت الحرابه ايضا بالسرقه الكبرى بالرغم من الاختلاف بين الحرابه والسرقه فهذه الاخيره تستوجب اخذ المال خفية بينما الحرابه يؤخذ المال فيها بالقوة عن طريق الترهيب والرعب والبعد عن الاستغاثه ومفاجأة المجني عليه باستعمال السلاح او بدونه ،وقد يقوم بها شخص او مجموعة اشخاص . وحيث لازلنا في المعنى الاصطلاحي فان الفقهاء المسلمين يعرفون الحرابه بتعريفات متعددة ذات مضمون واحد فيقولون بانها قيام شخص او جماعة باخافة الناس او قتلهم واخذ اموالهم او ترهيبهم فقط واخذ اموالهم او ربما قتلهم فقط دون اخذ المال ووردت تعريفات الفقهاء المسلمين كل حسب رؤيته واجتهاده الفقهي مستندين الى آية الحرابه السابق ذكرها فيرى الفقه الشافعي الحرابه بانها خروج لاخذ المال والقتل او الارهاب بالاعتماد على القوة والشوكه والبعد عن الغوث شرط ان لايكون معها باعث سياسي مثل طلب الأماره سواء كان المحارب مسلما ام ذميا , ذكرا او انثى , حرا او عبدا بسلاح او بدون سلاح في الصحاري او في المدن .
اما الفقه المالكي فيرى ان الحرابه هي قطع الطريق لاخذ المال واخافة الناس او قتلهم في اماكن يستحيل معها الغوث ويشترط المالكيه ان يكون الفعل بشكل علني لتحقيق مصالح ماديه غير مشروعه , فالحرابه عندهم الاعتداء والسلب وازالة الامن .
اما الفقه الحنفي فيعرف الحرابه على انها قطع الطريق باسلوب يمنع المارّة من الفائده منه مستخدمين القوة الماديه والقتل والتخويف ,سواء وقع الفعل من شخص واحد او مجموعة اشخاص مستخدمين السلاح او بدونه، لكن الحنفية يتطلبون في المال نصابا معينا لكي يكون محلا لجريمة الحرابه وهو عشر دراهم فالمحارب قد يخرج لاخافة الناس مغالبة او بالقوة مستخدما الشوكه والمنعه في الطريق دون ان يقتل او ياخذ مالا بل مجرد الاخافة واثارة الرعب فقط ففي هذه الحالة تنطبق علية عقوبة الحرابه واذا اخذ المال فقط دون ان يقتل احدا فهو محارب أيضا واذا قتل المحارب الناس دون اخذ المال فتحقق الجريمه وقد يخرج المحارب فيقتل الناس وياخذ اموالهم فهو محارب تنطبق عليه جريمة الحرابه وعقوبتها.اذن هو محارب تنطبق عليه الجريمه والعقوبه في كل الحالات السابقه ولمعرفة تفاصيل اكثر عن جريمة الحرابه باعتبارها الجريمه الارهابيه في الشريعه الاسلاميه سنوضح شروط تحققها والعقوبات المترتبه عليها .
اولا :- شروط تحقق جريمة الحرابه
اتفق الفقهاء المسلمون على الشروط العامه لتحقق هذه الجريمه الا ان الاختلاف بينهم في تفاصيل تلك الشروط فمنهم من تطلب في مقترفي الجريمه ان يكونوا ذكورا وان الحد لا يقام على الاناث , اما الراي الاخر فيرى ان الآية الكريمة التي جرمت الحرابه وردت عامه والعام يجري على اطلاقه مالم يقيد حيث جاء في الاية (( انما جزاء الذين يحاربون )) فهي وردت بصيغة المذكر وتفسير الآية يفيد ان لفظ المذكر الجمع انما ينصرف الى الذكر والانثى , ويرى هذا الراي ايضا ان الوسائل الحديثه المتوفره للمرأة وما تستطيع ان تقوم به لايقل خطورة عن دور الرجل في قيامه بالجريمه , ونرى ان الراي الثاني اقرب للواقع لما نشاهده من تنظيم النساء للعصابات الاجراميه المنظمه واستخدام الاسلحه والتقنيات الحديثه في ارتكاب الجريمه , وبخصوص السلاح ودوره في الجريمه فبعض الفقهاء اشترط لكي تتحقق الجريمه ان يحمل الجناة سلاحا ظاهرا او مخبئا بغض النظر عن نوعه , بينما هناك من الفقهاء من يرى ان الجريمة تعتبر واقعه فعلا ولو لم يكن الجاني او الجناة يحملون سلاحا وذلك لان صفة المغالبه واقعه من قبل الجناة عن طريق الرعب والارهاب الذي يحدثوه في نفوس المجني عليهم وعدم قدرة هؤلاء الاخيرين على طلب الغوث من السلطة العامه او من الناس فالمعيار وفق الراي الاخر هو استحالة الاستغاثة لاسباب متعددة قد تكون بعد المكان عن العمران او حصول الجريمه ليلا او لان المجني عليه لا يستطيع مقاومة عدد من الجناة , والراي الثاني اقرب للصواب فالسلاح ليس ضروريا فقد يحدث مجموعه من قطاع الطرق الرعب والخوف في نفوس الناس المسافرين في الطريق العام الخارجي دون ان يحمل الجناة الاسلحة او يحملون العصي فقط لان المفاجأة التي تحصل للمجني عليهم تجعلهم يتصورون ان الجناة يحملون السلاح وانه ليس من السهولة القيام بهذا الفعل الارهابي بدون سلاح وانه يحتاج الى قدره عاليه لمخالفة الشرع تأباه النفوس الصحيحه والسليمه ومن الشروط التي نتج عنها اكثر من راي بين الفقهاء مسالة مكان وقوع الجريمه او مكان قطع الطريق كما يسميه الفقهاء المسلمون , فمنهم يرى ان الحرابه لا تتحقق كجريمه ارهابيه الا اذا وقعت بعيدا عن المدن وفي الطرق النائيه لانعدام الغوث , اما اذا وقعت في الامصار ( المدن ) فيرى هذا الاتجاه ان الاستغاثة ممكنه ولا يجوز ان نكون امام جريمة حرابه , بل جريمه من نوع اخر , فقد تكيف على انها سرقه , او جريمة قتل او سرقه بظروف مشدده او قتل بظروف مشدده , اما الاتجاه الثاني بخصوص مكان وقوع الجريمة فيعتقد ان الجريمة تعتبر واقعه فعلا سواء وقعت في الطريق العام ام داخل المدن ، في الليل ام في النهار , لان العبرة بمنعة الجاني وقوته وسيطرته على المجني عليه وعدم استطاعة هذا الاخير المقاومه والاستغاثه , والحق ان الراي الثاني هو الارجح في نظرنا لانه يستوعب الحالات المتعددة .
وما يخص ضرورة مباشرة قاطع الطرق او المحارب للجريمة بنفسه او بالاشتراك مع اخرين فهناك رأي ان الجريمة تنطبق فقط على فاعل الجريمة الاصلي الذي باشر الفعل الاجرامي بنفسه اما من حرضه او ساعده بتوفير المواد واللوازم والاسلحه المسهله للجريمه , او من كان يراقب الطريق او من وفر للجاني الحراسه او الحمايه فكل هؤلاء ليسوا محاربين ولا ينطبق عليهم وصف الحرابه كجريمه حديه في الفقه الجنائي الاسلامي بل تنطبق عليهم جرائم وعقوبات كل حسب الفعل الذي اقترفه فاذا شكل الفعل الاجرامي جريمه مستقله قائمه بذاتها فيصار الى تطبيق عقوباتها سواء كانت من جرائم الحدود او القصاص او يصار الى تطبيق العقوبات التعزيريه على حالة الاشتراك في الجريمه ولا تطبق عقوبة جريمة الحرابه الا على الفاعل الاصلي في الجريمه , اما الراي الثاني فيرى ان الحرابه في الغالب تتطلب القوه والمنعه والشوكه واستعمال السلاح واشتراك عدد من الجناة واستخدام وسائل النقل المختلفه وتتطلب معاونة ومساعدة وتهيئة مستلزمات لذلك فيكون هناك فاعلين اصليين وشركاء في الجريمه ويرى هذا الاتجاه تطبيق عقوبة الحرابه واعتبار الجريمه متحققة بالنسبة للفاعلين الاصليين والشركاء على حد سواء دون تفريق بينهم باعتبار ان كل منهم يؤدي دوره في وقوع جريمة الحرابه .ان الراى الثاني يحقق الحكمه التي ارادها الشارع المقدس من فرض عقوبة جريمة الحرابه باعتبارها من جرائم الحدود لانها تمس الامن الداخلي للدوله وسلامه طرقاتها ومن شأن تشديد العقوبه في هذه الجريمه كما جاءت في الشرع الاسلامي يوفر الحماية لتحرك الناس واداء مصالحهم ولكي لا يحصل تعاون ومساعده مع مرتكبي مثل هذه الجريمه , كذلك فان الفقه الإسلامي لا يفرق بالنسبة لفاعل الجريمه ان يكون مسلما او ذميا حيث ان الجريمة تقع في بلاد الاسلام ويفترض ان القانون الجنائي يسري على كل من يعيش على ارض الدوله مسلما او ذميا او مستأمنا , لكن هناك رأي لقليل من الفقهاء يستوجب ان يكون الجناة مسلمين حتى يطبق النص عليهم اما اذا كانوا من الذميين فلا ينطبق عليهم باعتبار ان قطع الطريق والاشتراك في جريمة الحرابه يشكل نقضا للعهد الذي قطعه الذمي على نفسه عندما سكن في بلاد الاسلام ويعامل في حالة قيامه بجريمة الحرابه او اشتراكه فيها بأية طريقه على انه ناقض للعهد فيباح دمه وماله فالملاحظ ان الراي الاول اكثر تحقيقا لاهداف النص القرآني الكريم كما انه يساير المبادئ العامه في الفقه الجنائي الاسلامي والحديث .
ثانيا :- عقوبة جريمة الحرابه
الحرابه من جرائم الحدود التي شرعت عقوباتها , الا ان النص القرآني الكريم في آية الحرابه قرر عدة عقوبات لهذه الجريمه الخطره وهي القتل والصلب وقطع الايدي والارجل من خلاف والنفي , والخلاف في الرأي بين الفقهاء هل ان هذه العقوبات تطبق على مرتكب جريمة الحرابه اذا توفرت شروطها بصورة كيفيه حسب رأي الامام او القاضي ام يحدد لكل فعل اجرامي مكون لجريمة الحرابه نوع العقوبه التي يجب ان تطبق على الجاني ، وفي هذا المجال هناك رأيان الاول يقرر ان الشارع المقدس حدد لكل فعل من الافعال المكونه للجريمه ( الحرابه ) والتي تتحقق بفعل ولو واحد من تلك الافعال الاجراميه عقوبه محدده فحدد الباري عز وجل لجريمة القتل في الحرابه ان يعاقب الجاني بالقتل واذا اخذ الجاني المال فقط تقطع يده اليمنى ورجله اليسرى واذا اخاف الناس وارعبهم وعبث في امن الطريق دون قتل او اخذ مال بل مجرد الارهاب والرعب يعاقب بالنفي واذا اخذ الجاني المال وقتل المجني عليه يعاقب بالقتل والصلب، ويرى بعض الفقهاء ان المقصود بالنفي في هذه الحاله هو السجن المؤقت بينما يرى اخرون ان المقصود بالنفي ان يطرد الجاني الى بلاد بعيده يتعذر عليه العوده دون مساعدة من ولي الامر أي السلطة العامه , فنستنتج ان هذا الرأي يقرر لكل فعل عقوبه كما حددها النص القرآني , اما الرأي الثاني فيرى ان الجريمه اذا وقعت فان القاضي او الامام يملك السلطة التقديريه الكامله لايقاع العقوبه المناسبه بالنظر الى المصلحه العامه أي مصلحة المجتمع بشرط ان تقرر العقوبة من بين العقوبات التي وردت في آية الحرابه والتي لايجوز تغييرها او تعديلها او تبديلها لانها من جرائم الحدود كما اسلفنا وينظر الامام او القاضي في هذه الحاله الثانيه الى خطورة الجاني وليس الى خطورة الجريمة , وجاء هذا الاختلاف في الاراء بسبب الاختلاف في تفسير نص الآية الكريمة (آية الحرابه) وبالذات في تفسير كلمة ( او ) التي وردت في النص فمنهم من يعتبر كلمة ( او ) جاءت على سبيل الترتيب بينما يعتبرها البعض الاخر جاءت على اساس التخيير .
فالفقه الظاهري يرى ان الامام مخير في تحديد العقوبه المناسبه لجريمة الحرابه بغض النظر عن الفعل المكون للجريمه سواء اخاف الجاني السبيل فقط او اخذ المال او قتل فقط او قتل واخذ المال معا.
اما الفقه المالكي فيرى ان الامام يملك سلطه تقديريه في اختيار العقوبه اذا لم يكن الجاني قد قتل فاذا قتل فالامام اوالقاضي مخير بين ان يقتله او يقتله ويصلبه .
ويرى الفقه الحنفي ان المحارب اذا اخاف السبيل فقط فعقوبته النفي ولا يجوز تطبيق العقوبات الاخرى عليه والتي وردت في اية الحرابه , أي لا يجوز قتله او قطع يده ورجله من خلاف .
بينما يعتقد الشافعيه جواز فرض عقوبة تعزيريه عليه اما اذا اخذ المحارب المال دون ان يقتل فالرأي الراجح لدى الشافعيه والحنفيه ان تقطع اليد اليمنى والرجل اليسرى, اما اذا قتل الجاني ولم ياخذ المال فيرى الجعفريه وجوب قتله دون الصلب اما اذا قتل واخذ المال فالواجب قتله وصلبه امام الناس للقضاء عليه اولا، وزجر غيره ثانيا ممن يحمل في نفسه نية ارتكاب مثل هذه الجريمه , وفي حالة الصلب تعددت الاراء هل ان الصلب قبل القتل ام بعده فالبعض يرى ان الجاني يقتل اولا ويعلق في مكان عالي ليشاهده الناس وهناك رأي اخر يقول يصلب على خشبه ويطعن في قلبه حتى يموت اما الرأي الثالث يرى وجوب شده في مكان عالي دون طعام او شراب حتى يموت , ولا يجوز التمثيل بالجاني لان الرسول ( صلى الله عليه واله وسلم ) نهى عن المثله ولو بالكلب العقور ومن كل ماتقدم يتضح لنا ان الشريعه الاسلاميه الغراء سبقت كما هي دائما كل القوانين الوضعية في تحديد الجريمه الارهابيه وتشريع أقسى العقوبات لها ومحاربة الإرهاب والإرهابيين بينما لم تعرف القوانين الوضعيه الإرهاب والجريمه الارهابيه الا في وقت متأخر جدا قياسا على التشريع الذي جاء به الفقه الجنائي الإسلامي مستندا للقران الكريم كما ان هذا الفقه جاء مرنا ومتطورا ليواكب ويعالج كافة حالات الارهاب المتجدده مثل خطف وقتل الاشخاص واستخدام الاسلحه الحديثه وخطف الطائرات واستعمال التقنيات الحديثه في الارهاب ، كما ان الفقه الإسلامي اعتبر الحرابه جريمه عاديه بغض النظر عن الباعث على ارتكابها حتى لو كان الباعث عليها سياسيا وذلك بسبب جسامة الخسائر الماديه والبشريه التي تخلفها الجرائم الارهابيه وبسبب عدم التناسب بين الغايات والبواعث السياسيه التي تدعيها الجماعات الارهابيه وبين الطرق الوحشيه والإجراميه التي تتبعها العصابات او المنظمات الارهابيه لذلك فان الشريعه قررت منذ اربعة عشر قرناً بان هذه الجريمه من الجرائم العاديه وقررت لها اشد العقوبات وسنشير الى الجريمه السياسيه المتمثله بجريمة البغي خلال حديثنا في المطلب الثاني .
المبحث الثاني
مضمون الارهاب كجريمة دولية
عند دراسة الارهاب كجريمة دولية لابد من بيان هذا الوصف اولا” ومن ثم بيان الافعال التي تؤلف الارهاب الدولي ثانيا” وذلك في المبحثين التاليين :
المطلب الاول: الارهاب كجزء من الجريمه الدولية
على الرغم من ان الرهاب نمطا” قديما في علاقات الدول الا انه اصبح منتشرا” في عصر الحرب الباردة , فلقد كان وسيلة خاطءة لحسم النزاعات الدبلوماسية والدولية بين البلدان رغم وجود القوانين التي تتخذ مواقف متشددة ضد هذا الفعل.
وفـي القانون الدولي, فان الارهاب يقع ضمن نطاق الجرائم , كما انه يعد جريمة دولية , فالجريمه التي ترتكب بحق الانسانية في القانون الدولي هـي الجرائم التي تتمثل في انتهاك حقوق البشروالتي تعرف اليوم بحقوق الجيل الاول , وهي في رأي الاستاذ اكـين اويبود , فان تلك الحقوق تتجاوز مسـتوى كونها مجرد حقوق اســاسية يتمتع بها البشـر نتيجة الاتصال الاجتماعـي بين الدولة والفرد , اذ انها تشكل حقوق الافراد التي لايمكن التــنازل عنها والتي وهبتها الطبيعه وبالتالي فانها تؤلف شكل القوانين التي تعرف بالحجج , وحسـب التعريف فان الحجج هي اعراف قاطعه لايسمح بالانتفاض من قدرها .
الا انه وقبل ان نتناول ما تنطوي عليها هذه الحقيقيه المسـلم بها ان الارهاب الدولي جريمه من الجرائم الدوليه , علينا ان نحدد معنى الجريمة الدوليه , فقد كان من المتفق عليه في ظل القانون الدولي بان هناك جرائم يحق لكل دولــة ان تمارس ازاءها اختصاصا” جنائيا” بغض النظر عن جنسية مرتكبها او ضحيتها او مكان ارتكابها , وكان من اشـــهر هذه الجرائم هي القرصنه , ولربا لم يكن من حق الدول فحسب ان تمارس مثل هذا الاختصاص , بل من واجبها ايضا, وبامكاننا ان نستشهد بعدد من الاتفاقات الدوليه التي تلزم اطرافها من الدول بممارسة هذا الاختصاص , ومن امثال هذه الاتفاقيات : اتفاق( طوكيو) في الجرائم والافعال الاخرى التي ترتكب على متن الطائرات لعام 1963 . , واتفاق ( لاهاي ) لقمع الاستيلاء غير المشروع على الطائرات لعام 1970 واتفاق ( مونتريال ) لقمع جرائم الاعتداء على سلامة الطيران المدني لعام 1971والاتفاق الدولي لمناهضة ارتهان الاشخاص لعام 1979
وهكذا فان الفعل يكتسب صفته الجنائيه الدوليه من اعتراف الدول بهــــذه الصفة , ومن الطبيعي ان هذا الاعتراف لاياتي الابعد ان يكون الفعل نفسه مسأله خطيره ذات اهتمام دولي , أي مصدرخطر على امن الدول وسلامتها , واستنادا”الى هذا يمكن القول بان الجريمه الدوليه فعل يعترف به دوليا بانه جنائي , ويعني هذا ان الفعل يعد جريمو في ضوء المبادئ العامـه للقانون الجنائي التي يعترف بها المجتمع الدولي, ومن ثم مناقضا” للقانون الدولي .
فالجرائم الدوليه تتصف بصفين , اولاهما : ان الفعل يخالف القيم الانسانيه المسـتقر عليها لدى المجتمع الدولي , او يسـبب ضررا” لمصلحة مشـتركه للمجتمع الدولـي , ثانيا”: ان ارتكاب هذه الافعال قد يسبب خطرا على المجتمع الدولي او يخل بالامن اوالسلم الدوليين 0
امـا عن مصدر الجرائم الدولية , فهـي تردج في اتفاقيات دولية , كما يتضمنها العرف الدولـي , أي ما استقرت عليه الدول في معاملاتها , ومـــن ثم فان هنالك اتفاقيات دولية تقنن الجرائـم الدوليه , وهي : القرصنة , والــرق وتجارة الرقيق والاعمال الشبيهه , الاتجار بالمخـــدرات , جرائم الحـرب , الجرائم ضد الانسانية , ابادة الجنـس البشري , اخـتطاف الطائرات – القرصنه الجويه – , اعمال العنف ضـد الطيران المدني , اعمال العنف ضد رؤساء الدول والاشـــخاص المحميين دوليا مثل الدبلوماسيين وموظفي المؤســسات والهيئات الدوليه مثل الامـم المتحده , احتجاز الرهائن المدنيين لاغراض ارهابية , قطع الكابلات التليفونية عبر البحار , استخدام البريد الدولي السريع الارسال المتفجرات اومواد مخدره او اية اشــياء مخلة بالاداب العامه , واخيرا” سرقة الاثار القومية والتراث القومي والاتجار الدولي فيها , اما عن العرفالدولي , فهو يتضمن جريمة العدوان , وبعض انماط جرائم الحرب وحظر استخدام بعض الاسلحه المسببه للالام الجسيمه . هذه الانماط من الجرائم مدونه في اكثر من ( 274 ) اتفاقيه دوليه ابرمت خـلال الفترة مابين عـــام 1815 وعـــام 2001 , حيث عينت جميعها بالمســـؤولية الجنائية الفردية , وليـــــس بمسؤولية الدولة, فعلى سبيل المثال هناك اربــــع اتفاقيات معينة بجرائم الحــرب هي اتفاقيات جنيف الاربعه لعام 1949 , اضـــــيف اليها ملحقات اضافية عام 1977 , وفي مجال تجريــم المخدرات هناك ( 13) اتفاقيه دولية ابرمت خلال الفتره ما بين عام 1912 وعــــام 1988 , بينما هـــناك ( 12) اتفاقيه في مجال الارهاب ويجري الان التفاوض حول اتفاقية اخرىخاصه بالعمليات الارهابيه التي قـــد تستخدم اســــلحه نووية , ومن الملاحظ ان لكل من هذه الجرائم عنصرا” دوليا وهو ما يجعلها موضوع اهتمام دولي , بيــد انه يتعين ملاحظة انها نابعة مـــن ارادة الدوله وليس من مشرع دولي لا بل مشروع الاتفاقيه الذي اعدته لجنة الحقوق التابعه لهيئة الامم المتحده حول مسؤولية الــدول , كان قد تم الفصل فيـــــه بين الجريمه الدولية والاخلال بالحقوق الدوليه , فاذا عـرفنا الاخلال بالحقوق الدولية انه : فعل الحكومه الذي يخل بالالتزام الدولي دون عــــــلاقة هذا الفعل بموضوع الالتزام الذي اخلت به , فالفعل المناقض للحقوق الدوليــــه الذي ظهر نتيجـــة اخلال الدوله بالالتزام الدولي الذي يشكل اساسا لتامين المصالح الحيوية الهامه لجميــع الدول يمكن اعتباره جريمة بحق جميع الدول ويشكل جريمة دولية0وينتمي الى مجموع هذه الجرائم الدوليه مايلي :-
1- الاخــــــلال العنيف بالتعهدات الدوليه ذات الاهمية الاســاسيه لتامين السلم والامن الدولي, كالتعهد الذي يمنع العدوان .
2- الاخـــــلال العنيف بالتعهدات الدوليه ذات الاهمية الاساسيه لتامين حق الشعوب في تقرير مصيرها, كالتعهد بمنع اقامة وبقاء قوات السلطات الاستعماريه .
3- الاخــــــلال العنيف بالتعهدات الدوليه ذات الاهمية الاساسيه للدفاع عن الهوية الانسانية كالتعهد بمنع العبودية والتميز العنصري والاباده الجماعية .
4- الاخــلال العنيف بالتعهدات الدوليه ذات الاهميه الاساسيه لحماية الوسط المحيط , كالتعهد منع التلوث الشامل للبحر والجو .
ولقـــد اوضحت لجنة القانــون الدولي في تعليقها على المادة (53) من معاهـــدة فينا قانون المعاهدات1969 بان قانون الميثاق الخاص بحضراستخدام القوه بحد ذاته يشكل مثالا” رائعا وبارزا على اتسام قاعدة من قواعد القانون الدولي صفة الافحام والاقناع بالحجه , ومما لا شــك فيه بان الفعل الارهابي ينطوي على استخدام القوة , وفي تعليق اخر , ذكر البرفيسور د. جي . هاريس في كتابه قضايا وموضوعات حول القانون الدولي بان مفهوم الحجج المقنعه له اوجه تشابه مع مفهوم erg omnes والذي توضح وتجســـــد في مسودة فقرات لجنة القانون الدولي حول مسؤولية الدوله . وقد توضحت قوة مجموعة الاحـــكام هذه بالاضافة الى الطبيعه الملزمه لاحكام قوانين المعاهدات, في المواد(53)و(54) من معاهدة فينا وكما يلـي:-
– الماده (35) : تعتبر المعاهدة لاغية اذا كانت من وقت عقدها تتعارض مع قاعدة قطعية مـن قـــواعد القانون الدولي العام , ومن تطبيق هذه الاتفاقيه يـــراد بالقاعدة القطعيه من قواعــــد القانون الدولي العام اية قاعدة مقبوله ومعترف بها من المجتمع الــــدولي ككل بوصفها قاعدة لايسمح بالانتقاص منها ولا يمكن تغييرها الا بقاعدة لاحقه من قواعد القانون الدولي الــــــعام يكون لها نفس الطابع
– اما المادة (54) : فتنص على انه اذا ماظهر عرف جديد من اعــــراف القانون الدولي , فان أي معاهدة موجوده تتعارض معه تصبح لاغية ومنتهيه .
وهذا يعني بان أي خرق لهذه القوانين ينطوي على عواقب وخيمه . كذلك , كتب هاريـــس بانه في مجموعة الجرائم هذه هنالك افعال منحرفه مثل التعذيب والقتل والاباده الجماعية وهي تحمل امتدادات بين طيات معانيها المختلفه – من ضمنها الارهاب.
كــــذلك , فان أي جريمـــه دوليه هي جريمة تعرف في معاهدة ثنائيه اومتعددة الاطراف ويحق لاطراف المعاهدة فقط ادانتها او يكون لديها الصلاحية القانونيه فــي مقاضاة الجانـــــي المزعوم. وفـــــي ضوء قواعد وتعريفات الاشكال المختلفه للارهاب المضمنه في معاهدات مختلفه – سبق لنا التطرق لها – فانه بلا جدال جناية كبرى تهدد ســــــلام الامم والشعوب وتتسبب في مقتل مجاميع من الناس وتولد معاناة للبشرية. .
– كمــــا يتناقض الارهاب باعتباره عمـــل من اعمال العنف ضد دولة من الدول مع الفقره (3) و(4) من الماده الثانية من ميثاق الامم المتحدة كذلك فانه يتناقض مع معاهدة فض النزاعات لدول الباسفيك والتي ابرمت في هولندا عام 1907 , ومعاهــدة فرساي – لذات الســبب – أي باعتبار الارهاب عمل من اعمال العنف ضد دولة من الدول وبذا فان تجريم الارهاب باتفاق دولي يقع – الان – ضمن حدود (12) معاهدة رئيسيه تـــركز على الارهاب بصيغ مختلفه هي :-
1- الاتفاقيه المتعلقه بالجرائم وبعض الاعمال الاخرى المرتكبه على من الطائرات , الموقعـــه في طوكيو في 14/9/1963 .
2- اتفاقية قمع الاستيلاءغيرالمشروع على الطائرات,الموقعه في لاهاي في16/12/1970 .
3- اتفاقية قمع الاعمال غير المشروعه ضد سلامة الطيران المدني , المـــــوقعه في مونتريال في23/9/1971 .
4- اتفاقية منع ومعاقبة الجرائم المراكبه ضد الاشــــخاص المتمتعين بحماية دولية بــمن فيهم الموظفون الدبلوماسيون, التي اعتمدتها الجمعية العامه للامم المتحده في 14/12/1973.
5- الاتفاقيةالدولية لمناهضة اخـذ الرهائن التـــــي اعتمدتها الجمعية العامه للامم المتحده فــي 17/12/1979 .
6- اتفاقية الحماية المادية من المواد النووية الموقعه في فينا بتاريخ 3/3/1980 .
7- البروتكول التكميلي المتعلق بقمع اعمال العنف غير المشروعه في المطارات التي تخـــــدم الطيران المدني المكمل لاتفاقية قمع الاعمال غير المشروعه الموجهه ضد سـلامة الطيران المدني الموقع في مونتريال في 24/8/1988 .
8- اتفاقية قمــع الاعمال غير المشروعه ضد سـلامة الملاحة البحرية , المحرره في روما في 10/3/1988 .
9- برتوكول قمـــع الاعمال غير المشروعه ضد سـلامة المنصات الثابته الموجوده في الجرف القارئ , المحررة في روما في 10/3/1988 .
10- اتفاقية تمييزالمتفجرات البلاستيكيه بغرض كشــــفها الموقعه فــــــي مونتريال بتاريـــــخ 1/3/1991 .
11- الاتفاقية الدوليه لقمع الهجمات الارهابيه بالقنابل التــــي اعتمدتها الجمعية العامه للامــم المتحده في 15/12/1997 .
12- الاتفاقيه الدوليه لقمع تمويل الارهاب التي اعتمدتها الجمعيه العامه للامم المتحده فــــــي 9/12/1999 .
علما” ان هذا التحديد – أي تجريم الارهاب ضمن الـ ( 12) معاهدة , جاء وفقا للرسائل الموجهه لرؤســاء وزعماء دول العالم من الامين العام للامم المتحده علىاثرصدورقرارمجلس الامن1373في عام 2001, ولايعني بتاتا اهمالنا للتحريم الوارد في قانون النزاعات المسلحه قانون لاهـاي لعام 1907 والقانون الدولي الانساني – قانون جنيف- لعام 1949 , للجوء الى الارهاب كوسيلة من وسائل الاقتتال , وغيرها من اتفاقيات قد تتضمن تحريما للارهاب .
ولا يصـعب علينا ان نلاحظ هنا بان تعليق وصف الفعل بانه جريمة دولية على اتفاق الدول قـــد يعني بان افعالا معينة يمكن ان تبقى خـــارج دائــرة هــــذا الوصف ما لم تتفق الدول على شمولها به , الا ان تزايد الاخطارعلى المجتمع الدولي جراء تزايد هذه الافعال يدفع الدول الى تحديد هذه الافعال بانها جرائم دوليه , ويمكننا ان نلمـس هذه الحقيقيه في البحث المستمر عن تعريف شامل للارهاب بالذات,وذلك بالرغم من توصـل المجتمع الدولي الى تحديد بعض اشكال الارهاب ” التي سبق التعرض لها ” , فالمراد من التـــوصل الى تعريف شامل للارهاب ما هو الا الحيلوله دون بقاء افعال ارهابية خارج التعريف – أي بقاء جـــرائم غير متفق دوليا علــى انها جرائم دوليه – وقد بذلت محاولات مختلفه لتحديد الجرائم الدوليه , ومن هذه المحالاوت مشـروع- بيلاجو وينجسبريد عام 1972- لعقد اتفاق خاص بالجرائم الدوليه . وفي مشروع الاتفاق هذا, حدد عدد الجرائم بانها جرائم بموجب القانون الدولي ويعاقــــب بسببها الافراد , ســـواء أألفت هذه الجرائم ام لم تؤلف جرائم بموجب القوانين الجنائيه الوطنيـــــه . اما الجرائم الدوليه ذاتها فقد حددت بطريقيتي :-
1- الاولى تحديد الاتفاقات الدوليه التي حددت فيها جرائم معينة وهــــذه الجرائم هي : الجرائم المرتكبه ضدالسلم كما يحددها ميثاق المحكمه العسكريه لمحاكمة كبارمجرمي الحرب الذي وضـــــع عام 1945 , وجرائم الحرب والجرائم المرتكبه ضد الانسانية كما يحددها هـــــذا الميثاق ايضا والافعال التي يعاقــــــب مرتكبوها بموجب اتفاقيتي جنيف الصادرتين عـــام 1949, وجريمة ابادة الجنس البشري كما حددها اتفاق1948 الخاص بمنع هذه الجريمـة والمعاقبة عليها , والرق والمتاجرة بالرقيق وغيرها من الممارسات المشابهة كمـــــا نص ليها في اتفاق عام 1926 الخاص بالرقيق وبروتوكول عام 1953 و الاتفاق الاضافـــي الصادر عام 1956 , والقرصنه كما حددها اتفاقي عام 1958 , 1982 الخاص بقانـــون البحار , والاختطاف وما يتعلق به من جرائم كما يعرفها اتفاق قمع الاستيلاء غيرالمشروع على الطائرات الصادرعام 1970, والمتاجرة الدوليه بالمخدرات والافعال الاخرى المعاقـب عليها بموجــــب الاتفاق الخاص بالمخــــــدرات الصادرعام 1961 وبروتوكول تعديلـه عام 1972 .
2- امــــا الطريقه الثانيه التي اخذ بها هذا المشروع لتحديد الجرائم الدوليه فهي تحديد اصناف عامة يعتبر كــــل فعل ينتسب الى واحد منها جريمة دوليه ومن هذه الاصناف : تصميم الحرب العدوانية او اعدادها او المبادره اليها او شنها , او اية حرب تعد خرقا” للمعاهدات او اتفاقات او تاكيدات دوليــــة , وجرائم الحرب التي تؤلف خرقا لقوانين الحرب واعرافها والمرتكبه في مجرى منازعات مســلحه ذات طابع دولي او غير دولي , والجرائم المرتكبه ضد الانســــــــانية والمجسده في ابادة الجنس البشري والقتل الجماعي والابادة الاسترقاق والنفي والاضطهاد العنصري او الســـــياسي او الديني او الثقافي , وشملت هذه الاصناف التي تعرف الجرائم الدوليه او تعالج المسائل المتعلقه بمنعها او المعاقبة عليها , شريطة ان يؤدي تطبيق هذه الاتفاقات الى نتيجة ملائمه , والا طبقا نصوص هذا الاتفاق .
كــذلك : اعمال العنـــف الموجهه الى الاشـخاص الذين يتمتعون بحماية بموجـب القانون الدولي , اعمال الارهـــــــاب الدوليه بصفتها افعالا اجرامية يراد بها خلق حالة من الرعب في اذهان اشخاص معينين او جماعه من الاشخاص اوالجمهوربصورعامه 0واخيرا, عد مشروع الاتفاق تلويث البيئة , الذي يسبب ضررا لصحة الجنـــس البشــري اوامنه اورفاهيته جريمــة دوليه ومــــن الملاحظ , بصورة عامه , ان التحديد التقليدي للجريمه الدوليه لم يعــــــد كافيا” فبموجب هـــذا التحديد , تكون الجريمة دوليه اذا ارتكبت على اقليم دوله اخرى واحدثت نتائج ذات طابع دولي وانطوت عاى تطبيق القانون الدولي بصوره مباشرة او غير مباشره .
الا ان فكرة الجريمه الدوليه شهدت في السنوات الاخيرة تطبيقات او ممارســـــات اوسع مما كانت عليه من قبل . وكـــان من بين هذه التطبيقات تلك الجرائم التي تــرق ما يمكــــن ان نسميه بالنظام الاجتماعي للمجتمع الدولي, ذلك النظام الذي يفرضه القانون الدولي, ويستشهد بعض الكتاب بهذا الشأن بجرائم المتاجره بالنساء والاطفال وتزوير العملات .
ومــــــن التطبيقات الواســــعه والحديثه نسبيا في الجريمه الدوليه استخدام وسائل عنف متطوره في تنفيذها , مما يعرض امن الدول العام للخطر, وهــــكذا فان هذه الجريمه تمــــــس مصالح طـرف ثالث اوعدة اطراف اخرين,أي انها تؤلف فعلايتجاوزالغرض المباشرالذي يبغيه الفاعل والدول الموجه ضــــدها . وامثال هذه الافعال توصف بصوره عامة بانها افعال ارهابيه مرتكبه على مستوى دولي , أي جرائم ارهاب دولي .
والواقع ان الارهاب , برغم الاختلافات الناشئه حول تعريفه , كان يعد جريمة دوليه منذ فترة طويله , وكان من الطبيعي ان تبرز صفته هذه في الوقت الحاضر نتيجة اتســـاع نطاقـــه وتزايـد مخاطـــــره على نطاق دولي , وهو يعد اليوم جريمه دولية بالاجماع تقريبا , ورغــــم الاختلاف على مصدر دولية هذه الجريمه , فالبعض يرى ان الارهاب جريمة دوليه لانـه يؤدي الى تهديد الســـــلم الدولي وتدهور العلاقات الدوليه , ويـــراه بعض اخر فعلا يرتكبه افـــراد او مجموعه افراد او منظمات خاص في اقليم اخرى او أي فعل يؤثر بطريقة ما في مصالح دوله اخرى .
وذهـــب اخرون الى ان بالامكان وصف فعل ارهابي ما بانه دولي ليس فقط عندما يشمل عنصرا خارجيا” , أي الضحيه او الخسائراو مسـرح الحدث , بل كذلك عندما ترتكبه دوله ضد احـــدى حركات التحرير او ضد دوله اخرى , واعتبر هولاء الشعوب المناضله من اجل تحقيق مصيرها من اشـخاص القانون الدولي , ومن ثم فان مايتعرض له من عمل ارهابي يعد جريمة دوليه .
والحقيقه ان الارهاب الدولي , بالحاقه اضرارا مختلفه بمصالح الافراد والدول على حــد ســــواء يتناقض وعدد من المواثيق والاتفاقيات الدوليه , فمثلا” ان ديباجة الميثاق الدولـــــي الخاص بالحقوق المدنية والسياسيه النافذ المفعول منذ عام 1977 , تؤكد حق الفــــرد في ان يتمتع بالتحررمن الخوف أي من الارهاب, وتعلن احدى مواد هذا الميثاق بان لكل شـخص حق
الحياة وبان ما من شخص تسلب حياته اعتباطا” .
ويقررالاعلان العالمي لحقوق الانسان , الصادر عام 1948 , با لكل شخص حق الحياة والحريه والامن الشخصي . ويحرم اعلان مبادئ القانون الدولي المتعلقه بالعلاقات الوديه والتعاون بين الدول وفقا لميثاق الامم المتحده الصادر عام 1970 , تنظيم الانشطه الارهابيــه ضد الدول الو التحريض على ارتكابها .
المطلب الثاني :الافعال التي تؤلف الارهاب الدولي
جاءت اتفاقية جنيف لمنـــع الارهـاب والمعاقبه عليه – اتفاقية العصبة – لعام 1937 , لتمثل اولى المحاولات لتحديد الافعال التــــــــي تؤلف ارهابا دوليا , فقد نص على ان – اعمال الارهاب – تعنـــــي الاعمال الاجراميه الموجهه ضد دولة مت والتي يقصد بها خلق حاله مــن الرعب في اذهان اشخاص معيينن او جماعه من الاشخاص او الجمهور بصور عامه .
ثم نص على انه يعتبر كل طرف من اطراف الاتفاق عددامن الافعال المرتكبه على اقليمه افعـألا اجراميه اذا كانت موجهه ضد طرف متعاقد اخر , اذا كانت تؤلف افعالا ارهابيه بالمعنى المذكور.وهذه الافعال خمسة وهي :-
1- أي فعل متعمد يؤدي الى ان يتوفى او يصاب باذى جســــدي خطير او يفقد حريته أي مــن رؤســـــاء الدول او الاشخاص الذين يتمتعون بامتيازات رؤســــاء الدول , او ورثتهم , او زوجاتهم اوازواجهم , او أي من الاشخاص المكلفين بوظائف عامه اويتولون مراكز عامه عندما يكون الفعل موجها ضدهم بصفتهم العامه .
2- تدمير ملكية عامه او ماكيه مكرسه لغرض عام وعائده لطرف متعاقد اخر وخاضعه لسلطه او الاضرار بها .
3- أي فعل متعمد يقصد به تعريض ارواح المجتمع للخطر .
4- اية محاولة لارتكاب فعل من هذه الافعال .
5- صنع اسلحة اوذخائراومتفجرات او مواد ضارة , اوالحصول عليها او حيازتها اوتزويدها, لغرض ارتكاب جريمة ضمن هذا النص وفي أي قطر .
وبالتالي فقــــد تركزت الجهود الدوليه قبل الحــرب العالميه الثانيه لتحديدافعال الارهاب الدولي على تحديد الافعال الارهابيه الموجهه الى رؤســــاء الدول والحكومــات والدبلوماسيين والرسميين الاخرين 0 ولم يبدأ الاهتمام بمسألة الارهـــاب الذي تتعرض له الشعوب وحركاتها الوطنيه على ايدي الانظمه الاســـــتعماريه والاستيطانيه والعنصريه الابعد انتهاء تلك الحــرب وتصاعد هذه الحركــات,ففي عهد الامم المتحده, قدمــــت عدة مشروعات تتضمن الافعال التي رأى مقدموا هذه المشاريع انها تقع ضمن مفهوم الارهاب الدولي .
كـــان ابرزها في هذا الخصوص ما تقدمت به مجموعه الدول غير المنحازه عام 1973 في اللجنه الخاصه بتعريف الارهاب الدولي مشروعا حددت فيه الافعال بما ياتي . :-
1- اعمال العنف والقمع التي تمارسهاالانظمه الاستعماريه والعنصريه اوالاجنبيه ضد الشعوب التي تناضـل من اجل التحرر والحصول على حقها المشروع في تقرير المصير والاسـتقلال ومن اجل حقوق الانسان وحرياته الاساسيه .
2- قيام الـدول بمـساعدة التنظيمات الفاشـــيه او المرتزقه التي تمارس اعمالها الارهابيه ضد دول اخرى ذات سيادة .
3- اعمـال العنف التـــي يرتكبها افراد او مجموعات التي من شـــــانها ان تعرض للخطر حياة الابــرياء او تنتهك الحريات الاسـاسيه دون الاخلال بالحقوق غير القابله للتنازل كالحق في تقرير المصير والاستقلال لكل الشعوب الخاضعه لسيطرة الانظمه الاســتعماريه والعنصريه اوايـة اشكال اخرى من الســـيطره الاجنبيه او الحــــق المشروع في الكفاح وبصفة خاصه كفاح حركات التحرر الوطني .
كمـــا حددت اليونان , في المشروع الذي قدمته في ذات العام , اولا الافعال التي لاتؤلف ارهابا دوليا , ثم اعتبر ما عداها من قبيل افعال الارهاب الدولي . وهكذا نص المشـروع على الا يمكن ان يعتبر او يفسر كفعل ارهابي الكفاح المســتمر والمعترف بــه والمشــروع الذي يخوضه شعب في ارضه مســـتهدفا تقرير مصيره واسـتقلاله , او تحرره من احتلال اجنبي يستغله ويضطهده ويحرمه من ســيادته, او ازالة جميع اشكال التمييز الاجتماعي او العرفي او غيرهما مما يكون هو ضحيتها الاولى , او الدفاع ضد أي شكل من العدوان او الهــجوم – سواء كان مباشر او غير مباشر – على ارضه , او منع أي نشاط تخريبي اجنبي للنيل مــن سلامة اراضيه وسيادته. ونص المشروع على ان يعد فعلا من افعال الارهاب الدولي أي فعل عنيف اخرله طبيعة اجرميه يرتكبه فرد او مجموعه افراد ضد أي شخص اومجموعة اشخاص ابرياء, بغض النظر عن جنسية الفاعل او الفاعلين , في اقليم دوله ثالثه بقصد ممارسة ضغط في اي نزاع او بقصد الحصول على مكسب شخصي او اشباع عاطفة ما .
وفي عام 1972 , قدمت الولايات المتحده الامريكيه الى الجمعيه العامه للامـــم المتحده مشــــروع اتفاق لمنع افعال الارهاب الدولي المعنيه والمعاقبة عليها , وقصــــر المشروع هذه الافعال على القتل والايذاء الجســـــــدي الشديد والاختطاف , واشترط لاعتبار هذه الافعال ذات اهميه دوليه ان يكون القصـــد منها الاضرار بدوله او منظمه دوليه او الحصول على تنازلات منها .
وعلى المستوى الاقليمي فقد حددت اتفاقية منظمة الدول الامريكيه لعام 1971 , اتفاق منــع ومعاقبة افعال الارهاب التي تاخذ شكل جرائم ذات اهميه دوليه ضد الاشخاص وما يتعلق من ابتزاز , حددت بعض الافعال الاجراميه وعدتها ارهابيه .
كما ان الاتفاقيه الاوربيه لمنع وقمع الارهاب لعام 1977, قد اوردت طائفة من الجرائم التي تعد من قبيل الاعمال الارهابيه .
واخيرا , سبق ان ذكرنا ان بعض القانونيين العـــرب عرف الارهــــــاب الدولي على انه اعتداء على الارواح او الاموال العامه او الخاصه علـــى نحو يخالف القانون الدولي. واتخــذ هؤلاء الارهاب الدولي جريمة دولية اساسها خرق القانون الدولي.
وما يمكن استقراءه من مجمل الموضوع يمكـــن ايجازه باختلاف التحديد للافعال التــي تؤلف ارهابا” دوليا” , ويمكن ايعاز هذا الامر لنفس الاسباب التي ادت الى العجز في وضــــع تعريف شامل لمفهوم موضوع الدراسة التي نجد من اهمها مصالح الدول المختلفه والمتضاده .
المبحـــــث الثالث
مواجهة الارهاب بوصفه جريمة دوليه
ان الارهـاب الذي هــو موضع اهتمام جنائي دولــي يقصد منه خلق حالة من الخوف والرعب في ذهن الجمهور او شريحه منه , وانما هو حصرا” , ذلك العنف الذي يكون الباعث على ارتكابه سياسيا” او عقائديا” ايديولوجيا” , وللتوضيح بمثال سوف نستعمل احد مظاهر الارهاب المعترف به عموما” واعني خطف الطائرات , فاذا اقدم الخاطــف او الخاطفين على اقترافهم جريمتهم لاسـباب شخصيه او خاصه مثل الحصول على فديه او اللجوء السياسي , فان سلوكهم – المؤذي – لايعد فــي التفكير القانوني السـائد ارهابيا” , برغم ان خطف الطائرات ينطوي بطبيعته على العنف , ويخلق حالـة من الرهبه بين طاقم الطائره وركابها سواء بسواء , وان الذي يجعل السلوك نفسه ارهابيا” , هـو الباعـث الســياسي العاقائدي للفاعل , وهكذا فان خطف الطائرات هو عمل من اعمال الارهـاب , فيما اذا كان الخاطف او الخاطفين يعززون قضية سياسيه مثل نشرالمطالم على الملأ او اطلاق سراح رفاق سجناء لهم في الدولة التي تملك الطائره , او دولة حليفة للدوله المستهدفه .
والفقه . , يتسأل : لماذا يجب ان يعتمد التركيز الرئيسي على الحالة الذهنيه الشخصيه للفاعل عوضا” عن السلوك الموضوعي للفعل وبأختصار, لماذا لانصف عمل قتل المدنيين الابرياء كجريمة موضوعيه بغض النظــر عن الهدف النهائي للفاعل ؟ – ويستنتج الدكتور شريف بسيوني – ان هذا سوف يتجنب ايجاد تبرير منطقــي وغيرضروري ومربك لتمييز متدرج للجرائم شبه المبرره او شبه المغتفرة .وعوضا عن ذلك لماذالانستند الى المبادئ الاساسيه للمسؤوليه الجنائيه التي اعترف بها منذوقت طويل وطبقت في كل نظام قانوني في العالم كأساس في المسألة ؟
والمشكله مع الكتاب في التفكير الدارج هــي انهم في الوقت الذي يصرون فيه على تسييس الجرائم الارهابيه في مرحلة التجريم عن طريق تاييد الباعــث السياسـي اوالعقائدي – الايديولوجي – باعتباره العامل الحاســم , فأنهم يناقضون خطابهم بمحاولة نــزع الصفه السياسيه عن الجرائم نفسها خاصة في مرحلة الحزاء , وذلك باعتبار الجريمه نفسها جريمــة عاديه من دون اخـــذ السبيبة بعين الاعتبـار , وهم يناقضونانفسهم ثانية بالدفاع عن الولاية العالميه فيما يتعلق بالجرائم التي حاولوا مجازاة مرتكبيها , باعتبارها جرائم عاديـه على اساس انها ذات اهتمام دولي , اعني , باعادة تسييس الجريمه . وهذا يعجز الافهام .
وقصارى القول في رايهـم :
1- لكي نحدد وصـف جريمة معينه على انها مظهر من مظاهر الارهـاب , فان الباعث الذي يحرك الفاعل يجب ان يكون ساسيا محضا – تسييس الجريمه – .
2- ولكي نحدد الوصف من اجل تحديد الحد الاقصى من الجزاء على الجريمه تحــركها بواعث سـياسية , يجب معاملة الفاعل كمجرم عادي – نزع الصفه السياسيه عن الجريمه نفسها – 3- ولكي نحدد الوصف من اجل اجراء محاكمه اســـرع , وفي الحقيقه اسهل منالا” , من قبل الحكومـه او الحكومات المعنيه للمجرم ذاته , فأنه يجب الاعتراف بولاية شــخصيه او عالميه -الاقليمه – مما يدعو بدوره الى توصيف الجريمـــه نفســها على انها ذات شأن دولي – اعادة تسيس الجريمه .
ان هــــــذا الوصف المتغير المحير,وفي الواقع غيرالمنطقي , للفعل نفســـه الصادر عن الشخص نفسه فقط من اجل ضمان مقاضاة اســــهل منالا” على الجرائم حشرت تعسفيا” تحت عنوان الارهاب قـــد ادى جزئيا” الى اجــــراءات – محاكمه -اثارت الاعتراض والنفــــــور الى ابعد حدود .
لكـل دوله بموجب القوانين المحليه الحق في القبض على أي مجرم – ارهابي – فاعلا” اصليا او شريك ومحاكمته وفرض العقوبه وتنفيذها عن أي فعل من الافعال المكونه – للجريمه الارهابيه- اوالمكمله اوالمتممه اوالمسهله لارتكابهاوفقا للاختصاص -الاقليمي او الشـخصي – للدوله مع مرعاة قواعد تنازع الاختصاص واحكام اتفاقيات تبادل المجرمين لتحديــد المحكمه المختصه والقانون الواجب التطبيق وبروح التعاون الدولي الذي تقضيه متطلبات صيانة الامن في العالم , وهو المتبع فعلا في الوضع الراهن في معظم الحالات التي امكن القبـض فيها على الفاعلين حيث عوملوا معاملة المجرمين العاديين , لكنه لوحظ في التعامل الدولـي في مثل هذه الاحوال تعرض الدوله التي تقبض على الارهابيين او تحاكمهم وسلطاتها .القضائيــــه لمواقف وضغوط متنوعه محرجه مصدرها الدول المسانده للعمليه الارهابيه او ضــــدها والقوى التي تقف خلفها , لاجبارها على فـك اســر الارهابيين او التخلي عــــن محاكمتهم او لتسليمهم الى جهة اخرى او لمجرد الانتقام اذا نفذت العقوبه بحقهم , اضافة الـة صعوبة تحديد طبيعة العمليه وما اذا كانت ( جريمة ) ارهابيه او من عمليات المقاومه لنفـــس الاسباب مما يفقد المحاكمه مبرراتها ونتائجها الموضوعيه ويجعل سـلوك بعض الدول بعيدا” عن مقتضيات التعاون الدولي ومخالفا” لاحكام القانــــــون والاتفاقيات لارضاء هذه الظرف او ذلك وغالياما تنتهي الى الافراج عن الارهابيين بدون قناعة ولمجرد تجنب الحرج .
الا ان مواجهة الارهـــاب كجريمة دوليه تجلت وكما اوضحنا عبر جهود المجتمع الدولي المتمثله في محالولة قمــتع ومنع افعال عديده تقع ضمن مفهوم – الارهاب – مجسدة في عدة اتفاقيات دوليه , الا ان هذه الجهود جاءت لتةجه هذه الجريمه بشكل متدرج وكما حصل مــــع جريمة خطف الطائرات التي تميزت فترة الستينات من القرن المنصرم بكثرتها فتردد في حينه بان خطف الطائرات يعد عملا” من اعمال ( القرصنه ) ويعتبر جريمه دوليه , ولكنه كان تكييفا خاطئا” لعدم توفر اركان جريمة القرصنه التـــــي حددتها اتفاقية جنيف الخاصه باعالي البحار لسنة 1985فيها , فتولت اتفاقية طوكيو لسنة 1963معالجة الاعمال التي ترتكب على متن الطائرات كما ساندت الجمعيه العامه للامم المتحده هذه الجهود باصدارها لقرار , في 18كانون الاول , ناشدت فيه الدول بمعاقبة مرتكبي عمليات خطف الطائرات باعتبارها جريمـه دوليه .
وقد افرز التعامل الدولي ثلاث اتجاهات تمثل مواقف الدول في مجال مجابهة الارهاب
تمثلت بالاتي:-
الاتجــاه الاول : لايرى غير القمــــع والتأديب ومعاقبة الدول التي يشتبه بمساندتها للارهابيين بكل الوسائل العسكريه وغير العسكريه اسلوبا لمجابهة الارهاب , من هذا الراىكل من امريكا وبريطانيا واسرائيل , وقد كشفت سلوكية هذه الدول عن غايتها من هذا التطرف وهي رغبتها في الاعتداء على غيرها ومعالجة منازعاتها مع من تنوى معاقبتهم والتصدي لنضال حـركات التحرير بحجة مكافحة الارهاب خلافا” للقانون.
والاتجاه الثاني : يرى عدم اعتماد القمع فقط في التعامل مع الدول المشتله بدعمها للارهــاب ويستحسن اقناعها عوضا عن تأديبها لحملها علىالتخلي عن الارهابيين او التعامل معهـم للحيلوله دون زعزعة العلاقات الدوليه من هذا الراي كل من فرنسا وايطاليا واليونان
اما الاتجاه الثالث: فيرى ضرورة اللجوء الى القانون الدولي لمعالجة اسباب الارهاب ودوافعه باعتبارها – منازعات – دوليه وتسويتها واتخاذ التدابير لمواجهة العدوان في حالى وقــوع العمليات الاراهبيه الدوليه تتم وفقا” لاحكامه وبجزاءائه وبخاصة الوسائل القانونيه التي تضمنها ميثاق الامم المتحده ومن هذاالراي غالبية الدول والاوساط القانونيه في العالم ويبـدو ان الاتجاه الاخير اكثر انسجاما مع مقتضيات احترام القانون والشرعيه ويقدم وســـائل وحلول قانونيه عمليه وفعـــاله في مواجة ظاهرة الارهاب الدولي , ويحقـــق مقاصد الامم المتحده وغاياتها التي نص عليها الميثاق وقمـع العدوان وحل المنازعات الدوليه بالوسائل السلميه ومنع اسـتعمال القوة او التهديد بها في العلاقات الدوليه او استخدامها ضد سلامة الاراضي او الاسـتقلال السياسي لاية دوله على وجه لايتفق ومقاصد الامم المتحده والعمل على انماء التعاون والعلاقات الوديه بين الامم ومنـــع الدول من التدخل في الشــــؤون الداخليه للـدول الاخرى, ولاشك في ان ممارسة الارهاب الدولي او التهديد به ضد أمن وسـلامة طرف دولي اخر لاي ســبب كان يخالف هذه المبادئ والمقاصد ويعد انتهاكا صارخا” لها فضلا” عن ان اللجوء اليه اساسا مخالف للقانون الدولي ويوجب اتخاذ التدابير المنصوص عليها في الميثاق ضد مرتكبه .
الفصل الرابع
تمييز الإرهاب من نشاط الكفاح المسلح واعمال المقاومة
كثيرا” ما يخلط مفهوم الارهاب بأنشطة حركات التحرر مما يستلزم التمييز بينهما احتراما للانشطة التي تساهم في تقرير مصير الشعوب واستقلالها وعدم السماح للدول والانظمة المستعمرة ان تتذرع بمواجهة الارهاب في القضاء على هذه الحركات وابادتها .
والتاريخ حافل بالمجازر التي نفذتها الدول الاستعمارية وراح ضحيتها الاف المقاومين ونشطاء حركات التحرر . فقد تميزت الفترة التي صاحبت الحرب العالمية الثانية بأنتشار حركات المقامة لمواجهة الاحتلال النازى لاسيما في فرنسا . ففي عام 1939 واستنادأ لاحكام محكمة لاهاي لم يتمتع بصفة المحاربين غير حركات المقاومة المنظمة واستغلت المانيا النازية هذه الثغرة وأعتبرت افراد المقاومة ارهابيين واعدمت كل من وقع في قبضتها . هذا وتبدوا مشكلة التمييز عسيرة في بعض المواقف تجاه حركات التحرر والمقاومة فالذين يؤيدون هذه الحركات يرون أن انشطتها كافة لاسيما تلك التي تتسم بالعنف تعد وسيلة مشروعة لانتزاع حقوق الشعوب ونيل مطالبها . بينما يرى الجانب الاخر ان انشطة هذه الحركات حتى تلك التي لاتتسم بالعنف غير مشروعة واعمالآ ارهابية . ازاء ذلك نجد ان من المناسب البحث في مفهوم حركات التحرر أو المقاومة .
المبحث الاول
مفهوم حركات التحرر الوطني
من الصعب وضع تعريف جامع لمفهوم حركات التحرر الوطني غير ان بعض الفقهاء سعى في هذا المجال فقد ذهب الدكتور صلاح الدين عامر الى القول بأن اعمال المقاومة الشعبية المسلحة (( عمليات القتال التى تقوم بها عناصر وطنية من غير افراد القوات المسلحة النظامية دفاعا عن المصالح الوطنية أو القومية ضد قوى اجنبية سواء كانت تلك العناصر تعمل في اطار تنظيم يخضع لاشراف وتوجيه سلطة قانونية أو واقعية أو كانت تعمل بناء”على مبادرتها الخاصة سواء باشرت هذا النشاط فوق الاقليم الوطني أو من قواعد خارج هذا الاقليم )) .
غير ان من الفقهاء من وضع عناصر معينة مميزة لحركات التحرر الوطني من غيرها من الحركات الانفصالية او الإرهابية ,ومن هذه العناصر:
1-ان الهدف من حركات التحرير الوطني هو تحقيق التحرر .
2- وجود الاراضي الداخلية او الخارجية التي تسمح للحركات ان تباشر عملياتها العسكرية بمعنى ان توجد مناطق محررة تقيم عليها مؤسساتها الادارية والتعليمية والعسكرية .
3- ان يتعاطف الشعب مع حركات التحرير والمقاومة وتلقى دعما وتأيدا واسعا من المواطنين .
4- يجب ان تتسم اهداف حركات التحرير بدافع وطني يتجاوب ويتلائم مع المصلحة الوطنية العليا وهوما يميز حركات التحرير عن الاعمال التي تستهدف مصلحة خاصة لبعض الفئات من المواطنين أو تنافس أو تناحر للسيطرة على السلطة أو فرض فلسفة معينة . أو الحرب من اجل انفصال اقليم معين أو جزء من الدولة ,ومن الجدير بالذكر ان القانون الدولي يبيح لرجال المقاومة اللجوء الى كل الوسائل الممكنه لانهاك قوات الاحتلال ومنها بطبيعة الحال الحق في استخدام العنف كما يمكن ان تكون المقاومة مدنية لاعسكرية .
المبحث الثاني
الاعتراف الدولي بشرعية أنشطة حركات التحرير
أن المقاومة الشعبية للاحتلال ظاهرة حفل بها التاريخ وميزة تتباها بها الشعوب العريقة . وقد احترم المجتمع الدولي هذا الحق في اكثر من مناسبة . فقد اكدت اتفاقية لاهاي وجوب معاملة اعضاء حركات المقاومة المنظمة كأسرى حرب في حال اعتقالهم .
وفي الثلاثين من تشرين الثاني عام 1970 اصدرت الجمعية العامه للامم المتحدة قرارها المرقم 2672 والذي شجب انكار حق تقرير المصير ، ولاسيما على شعبي جنوب افريقيا وفلسطين )).
وقد تضمن هذا القرار لاول مرة احترم شرعية كفاح شعوب الرازحة تحت الهيمنة الكولونيالية والاجنبية ، والمعترف بحقها في تقرير لاسترداد هذا الحق باي وسيلة في حوزتها في التاسع من كانون الاول اكدت الجمعية العامة للامم المتحدة على وجوب معاملة المشاركين في حركات المقاومة كأسرى حرب عند القاء القبض عليهم ، وفقأ لمبادىء اتفاقية لاهاي لعام 1907 واتفاقية جنيف 1949 .
كما اكتسب هذا الاعتراف بعدا جديدا عندما دعت الجمعية العامة في قرارها المرقم 2787عام 1971 جميع الدول المخلصه لمثل الحرية والسلام ان تقدم الى هذه الشعوب جميع مساعداتها السياسية والمعنوية والمادية .
وفي الثامن عشر من كانون الاول عام 1983 اعتبرت الجمعية العامة النزاعات المسلحة التى تنطوي على كفاح تشنه الشعوب على الهيمنه الاستعمارية والانظمة العنصرية (( نزاعات مسلحة دولية )) ضمن الاطار الذي تحدده اتفاقيات جنيف ، وبالتالي ينطبق وصف المتحاربين وفقأ لهذه الاتفاقيات على الافراد المشاركين في النظال المسلح ضد الهيمنه .
ازاء ذلك ايد المجتمع الدولي هذا الاتجاه ولاقى ترحيبأ في مختلف الدول بحكم انه الواجب ومن الدول التي ايدته ببريطانيا واللولايات المتحدة الأمريكية قد نصت الأخيرة في تشريعاتها على ثورات الهروب أو انتفاضات الحروب WarRebellions فقد ورد في المادة العاشرة من قانون الحرب البرية الامريكية (( ليس لمحارب الحق في ان يعلن انه سيعامل كل من يقبض عليه ضمن القوات المسلحة لجماعات الشعب الثائر في وجه العدو معملة الشريك في عصابة لصوص أو معاملة اللص المسلح )) .
المبحث الثالث
انواع الكفاح المسلح
ميز فقهاء القانون الدولي بين ثلاثة انواع من النزاعات المسلحة : النزاعات المسلحة الداخلية والنزاعات المسلحة الدولية والنزاعات المسلحة غير الدولية :
أولا”النزاعات المسلحة الداخلية
يقصد بهذا النوع من النزاعات الحروب الاهلية . وقد نصت المادة الرابعة الفقرة الثانية من البروتكول الثاني لعام 1977 الملحق باتفاقية جنيف لعام 1949 والمتعلق بضحايا النزاعات غير الدولية الواقعة بين القوات المسلحة التابعة لدولة ما وقوات مسلحة منشقه عنها ، أو جماعات نضامية تحت قيادة مسؤولة عن جزء من لاقليم ,على منع اعمال الارهاب ضد الذين لايشركون مباشرة في العمليات العدائية.
وقد عد القانون الدولي المشتركين في مثل هذه النزاعات محاربين ينطبق عليهم وصف اسرى حرب غير انه اعتبر الاعمال التي يمارسها احد الطرفين ضد الاشخاص الذين لايشتركون مباشرة أو الذين يكفون عن الاشتراك في العمليات الحربية اعمالآ ارهابية .
ثانيا”النزاعات الدولية المسلحة
يقصد بالنزاع الدولي المسلح الحرب التي تندلع بين دولتين مستقلتين وجيشيين نظاميين وتخضع الحرب الى قانون أو اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 وهنا تظهر الاعمال الارهابية في ثلاثة صور :
1-جرائم الحرب
2-جرائم ضد الانسانية
3-جريمة ابادة الجنس البشري
ويظهر الارهاب في هذه الجرائم من خلال لجوء العسكريين الى العنف المسلح غير المشروع وخرق قواعد القانون الدولي المتعلقة بحماية المدنيين أو تلك النصوص المتعلقة بحماية المنشأت الثقافية من التدمير والاتلاف والسرقة وحماية المنشأت التي تحوي قوى خطرة كالسدود والجسور والمحطات النووية الوارد النص عليها في المادة 46 من البروتوكول الأول لعام 1977 الملحق باتفاقيات جنيف لعام 1949 والنصوص المتعلقة بمعاملة أسرى الحرب وعدم تعذيبهم الواردة في المادة في المادة 12 من الاتفاقية الاولى والثانية لعام 1949 .
ثالثا”النزاعات المسلحة غير الدولية
يقصد بهذه الفئة من النزاعات تلك التي تقوم عادة بين جيش نظامي أو اكثر في مواجهة حركات التحرر وطني أو حركات ثورية خارج اقليم دولتها أوداخله . وهنا تكون حركات التحرر تحت حماية وسلطات القانون الدولي ويسري عليها ما يسري على النزاعات المسلحة من احكام شريطة التقيد باحكام القانون الدولي والاتفاقيات الدولية 0وهنا لابد من القول بأن القواعد التقليدية لقانون الحرب كانت تميز بين فئتين من الناس المحاربين الذين تتكون منهم القوات المسلحة, وغير المحاربين الذين يمثلون السكان المدنين واثير النقاش حول السكان المدنيين وما اذ1 كان يمكن الاعتراف لهم بصفة المحاربين. عالج القانون الدولي هذه لمسألة من خلال تقسيم هؤلاء الى فئتين :
الأولى / تتعلق بهبة الشعب في وجه العدو بناءا على دعوة حكومتهم وانظمامهم الى التنظيمات العسكرية النظامية التي تنشبها الدولة للدفاع عن الوطن أو انظمامهم طوعأ بناءا على شعوره الوطني وحملهم للسلاح للتصدي للغازي .
والثانية / تتعلق بفصائل المتطوعين أو قوات التحرير وهي التي تتكون من افراد يشتركون طوعأ في العمليات الحربية دون ان يكونوا من وحدات الجيش النظامي وفيما يلي نبين وجة نظرالوثائق والاتفاقيات والمواثيق لهاتين الفئتين المقاومتين .
1-اتفاقيات لاهاي 1970
اعترفت المادة الثانية من اللائحة الملحقة بأتفاقية لاهاي بصفة المحربين للسكان المدنين الذين يندفعون في مقاومة المعتدي دون ان يكون لهم الوقت في تنظيم صفوفهم . وعرفت الشعب القائم أو المنتفض في وجه العدو (( مجموعة المواطنين من سكان الاراضي المحتلة الذين يحملون السلاح ويتقدمون لقتال العدو ، سواء كان ذلك بأمر من حكومتهم أو بدافع من
وطنيتهم أو واجبهم )) . ومن ثم اعترت هذه لاتفاقية هؤلاء المواطنين من قبيل القوات النظامية تنطبق عليهم صفة المحاربين شريطة ان يتوافر فيهم شرطين :
ا. حمل السلاح علنا”
ب. التقيد بقوانين الحرب واعرافها
أما فيما يتعلق بالملشيات والمتطوعين من قوات التحرير فقد عالجت امرهم المادة الاولى من اللائحة الملحقة بالاتفاقية الرابعة للعام 1907 والتى تمنح افراد هذه الملشيات صفة المحارب النظامي ، اذا توافرت فية الشروط الاربعة التالية :
ا.ان يكونوا تحت أمرة شخص مسؤول .
ب.ان يحملوا علامه مميزة ثابتة يمكن تبينها عن بعد .
ج. ان يحملوا السلاح علنأ
د. ان يراعوا في عملياتهم قوانين الحرب واعرافها .
2- اتفاقيات جنيف لعام 1949
اصرت الدول الاستعمارية عند وضع هذه الاتفاقيات على ايراد عبارة حركات المقاومة المنظمة بغية تضييق الخناق على الثورات المسلحة ضد سلطات الاحتلال وقد اكدت المادة 44 من البروتكول الاول لعام 1977 الملحق باتفاقيات جنيف 1949على ضرورة توافرشرطي وضع اشارة مميزة وحمل السلاح علنا”للاستفادة مما يقره القانون الدولي من حماية .
ولا يخفى ما فيى هذه الشروط من اجحاف بحق المقاومة والتي يتسم نشاطها غالبا بالسرية كما ان حمل السلاح علنا” لم يعد امرا”معقولا في عمليات الحروب الحديثة .
لذلك وجد الكثيرون ان الشرطين المتعلقين بالشارة المميز وحمل السلح علنا” لم يعد يشكلان قيدين واجبي الاحترام وقد تفهمت المحاكم المنشأة بعد الحرب العالمية الثانية هذه الصعوبات فأتخذت موقفأ لينأ تجاه حركات المقاومة التي لم تلتزم كليأ بهذه الشروط
الخاتمه
بعد ان تطرقنا في هذه الرسله الى الى مفهوم ظاهرة الارهاب في القانون الدولي والداخلي وتطرقنا الى ما قد يختلط بهذا النشاط من اعمال اخرى لاسيما تلك النشاطات المتعلقة بأعمال الكفاح المسلح والمقاومة نخلص الى النتائج التالية :
اولآ// تجنبت الاتفاقات الدولية وضع تعريف محدد للمقصود للاعمال الارهابية واعتمدت اسلوب تعداد بعض الجرائم وعتبرتها ضمن مفهوم الارهاب ونرى ان هذا الاسلوب يتناقض مع مبدأ اسلوب تعدد الجرائم يبيح التلاعب من حيث خروج الكثير من الجرائم من دائرة الارهاب الا لشئ سواء أنها لم تذكر في ضمن هذا النوع من الجرائم متجاوزين عما قد يفرزه المتطور من جرائم ارهابية جديدة
ان التشريع الجنائي العراقي لم يعلج الجريمة الارهابية بأعتبارها جريمة مستقلة ولم يسعى الى تحديد لمقصود بها حتى صدور قانون مكافحة الارهاب ونرى ان ذلك كان يشكل نقصا جوهريا في التشريع احسن المشرع في تلافيه لما تتطلبه معالجة الارهاب من اخضاعها الى نظام قانوني خاص لمواجهة أثارها الخطيرة على المجتمع وردع مرتكبيها .
ثانيا// من المهم تمييز نشاطات الكفاح المسلح عن الجرائم الارهابية والحق في المقاومة وتقرير لمصير وفقأ لمبادئ القانون الدولي غير أن ذلك لايسمح مطلقأ لتفسير الانتهاكات التي تقوم بها بعض المليشيات والعصابات على اعتبار انها اعمال مقاومة لمخالفتها للمستقر في الاتفاقات والمواثيق الدولية من شروط الاعمال الكفاح المسلح خاصه ما يتعلق بأحترام تقاليد الحروب وأعرافها وعدم الاعتداء على المدنيين ومن لايشاركون مباشرا أو يكفون عن الاشتراك في العمليات الحربية .
فالاعتراف بشريع المقاومة في القانون الدولي لايتضمن حتمأ الاعتراف بشرعية نشاطاتها لاسيما تلك التي تتعلق بقتل المدنيين وخطفهم وتدمير الممتلكات وكل ذلك يعد في ضمن العمليات الارهابية .
ثالثا// :- سبق الفقه الاسلامي القانون الوضعي باربعة عشر قرنا في تجريم الارهاب ومكافحته وذلك بتحديد جريمة الحرابه وشروطها وعقوباتها كما وردت في القران الكريم, وفرق الفقه الجنائي الاسلامي بين جريمة الحرابه الارهابيه وجريمة البغي السياسيه والتي تقع بباعث سياسي او بتأويل سائغ , وتشدد الفقه الاسلامي في جريمة الحرابه لخطورتها وتأثيرها على الحياة الاجتماعيه والسياسيه والاقتصاديه ولكونها ذات طابع ارهابي بينما عاملت الشريعه البغاة بصوره اكثر تساهلا وفرقت بين البغي الحق والبغي الباطل وتطلبت مناصرة الاول ومقاتلة الثاني ومعاملة البغاة بالحسنى اذا القو اسلحتهم ولم تجوز الشريعه الاجهاز على الجرحى او اخذ اموالهم او مطاردتهم اذا أدبرو .
كما اعتبر الفقه الاسلامي جريمة الحرابه جريمه عاديه حتى لو كان الباعث عليها سياسيا وذلك بسبب عدم التناسب بين الاضرار والخسائر التي تسببها سواء كانت هذه الخسائر في الارواح او الاموال وبين الباعث لهذه الجريمه حتى على فرض الادعاء بوجود الباعث السياسي لان هذا الاخير يتحقق بالحوار او العنف الثوري المشروع في اطار البغي الحق الذي اوجب الشرع الاسلامي مناصرته والوقوف معه ضد طغيان الحكام حتى تنحيهم عن امرة المسلمين ويجب على البغاة التقيد بقواعد الحرب التي سنها الفقه الاسلامي والا تحول البغاة الى محاربين اذا قطعوا الطريق ومارسو الاعمال الارهبيه .
رابعا//:- براءة الشريعه الاسلاميه والفقه الاسلامي – حيث ان الفقه اخص من الشريعه – من تهمة الارهاب الذي ظهر بصوره جليه بعد الحرب العالميه الثانيه وتبلور كثيرا بعد ضرب وزارة الدفاع الامريكيه ومركز التجارة العالمي في الحادي عشر من ايلول عام 2001 والتي بعد هذه الاحداث جرت محاولات عده على إلصاق هذه التهمه بالإسلام والمسلمين دون وجه حق وطمس حقيقة ان الدول الكبرى وفي فترة من الفترات غذت الإرهاب واستخدمته بديلا عن الحرب لتحقيق اهداف سياسيه مخالفه لكافة الاديان السماويه وللقيم الانسانيه .
كما لم صله بين بعض المصطلحات مثل التطرف والعنف والتي تختلط احيانا مع الارهاب من جهة والاديان السماويه وخاصة الدين الاسلامي الحنيف من جهة اخرى ، فالتطرف والعنف لا دين لهما , حيث ان الاديان كافة ومنها الاسلام تؤمن بالتسامح والمحبه والتعاون بين الناس وتناهض الحرب والقتال وتدعو كافة الاديان الى السلام ولا يقرر الفقه الاسلامي الحرب الا في حالة الدفاع الشرعي او صد العدوان او الدفاع عن مقاصد الشريعه الضروريه وهي النفس والدين والمال والعرض والنسل ولايجوز الحرب الا بعد مشورة الامام العادل والفقيه المجتهد لكي يكون القتال والدفاع موافقا للشرع .
خامسا //:- بعد ان كان الفقه الجنائي الاسلامي واضحا في تحديد الجريمه الارهابيه وبيان شروطها وما وضعه الفقهاء المسلمين من شرح وتفصيل لهذه الجريمه , نلاحظ ان العالم يتردد في وضع تعريف محدد للارهاب , لان هذا التعريف ان وضع سوف يصطدم مع السياسات غير العادله التي تتبعها الدول الكبرى ومنها الكيل بمكيالين فهذه الدول تخلط بين الارهاب والمقاومه متعمدة معتبرة من يقاتل لتحرير ارضه المغتصبه في فلسطين ولبنان والعراق ارهابي اسوة بمن يفجر السيارات والقطارات ويخطف الطائرات لتحقيق منافع مالية او مصالح غير مشروعه فتخلط هذة الدول بين الارهاب المرفوض شرعا وقانونا وبين المقاومه المشروعه التي تندرج ضمن الدفاع الشرعي كما بينته المواثيق الشرعيه والدوليه , فالارهابي واضح هو من يقتل النساء والاطفال والشيوخ لقاء المال او لتحقيق اهداف غير مشروعه فهولا يعرف شرع الله ويرتكب كل رذيله من اجل تحقيق اهواءه ونزواته وطموحاته الانانيه غير المشروعه متذرعا باغطيه متعدده قد يكون احدها الدين .
سادسا //: أثار الإرهاب ، ولا زال ، جدلا عالميا واسعا لما يمثله من خطورة وتهديد لأمن وحياة البشر وحضارتهم وإنجازاتهم ،هذا التهديد الخطير الغير مقيد بقانون أو أخلاق ، والمتسم بالعنف والاستخدام الغير مشروع للقوة ، يؤدي بين الفينة والأخرى بأعداد كبيرة من الضحايا الأبرياء ويدمر الممتلكات ويخلق حالة من الخوف والذعر واليأس ، ويستهدف تحقيق نتائج اكبر عبر الإضرار بالعلاقات الودية بين الدول أو بين رعاياها وبشكل يهدد السلم والأمن الدوليين في الصميم .
وكون الإرهاب هو مفهوم قانوني ذو بعد سياسي ، فان هذا الأمر انعكس في مسألتين ، كانتا سببا في عدم التوصل إلى نتائج حقيقية بصدد إيجاد معالجة شاملة جامعة للقضاء على الإرهاب ، تمثلت الأولى في عدم تناسق الآراء الدولية بشأن أسباب الإرهاب، والمسألة الثانية في عدم توحد الآراء الدولية بشأن تعريف موحد يعكس حقيقة المفهوم في ظل الوضع الدولي الحالي ، وصولا إلى وضع اتفاقية دولية شاملة لمكافحة الإرهاب .
بالرغم من تعاضم الجهود الدولية المبذولة في سبيل مكافحة هذه الظاهرة ، ألأ أن التباين الواضح في المصالح الدولية والتي اثرت بشكل واضح في مسألة مكافحة الارهاب ، فان الامم المتحدة قد عملت و بشكل جاد ومكثف لاحتواء هذه الظاهرة ومحاولة مكافحتها فقد وضعت و طورت – الامم المتحدة وكالاتها المتخصصة -العديد من الاتفاقيات الدولية لتمكن المجتمع الدولي من اتخاذ الاجراءات اللازمة لقمع الارهاب ومحاكمة المسؤولين عنه ، عاكسة بذلك تصميم المجتمع الدولي على ازالة هذا الخطر ، حيث تقدم هذه الاتفاقيات ، التي يرجع اقدمها إلى عام 1963 ، ادوات قانونية اساسية لمحاربة الارهاب الدولي في كافة اشكاله – من خطف الطائرات إلى حجز الرهائن إلى تمويل الارهاب – وان غالبية بلدان العالم قد صادقت على معظم هذه الاتفاقيات حيث تم وضع هذه الاتفاقيات من قبل الجمعية العامة للامم المتحدة ومنظمة الطيران المدني والمنظمة البحرية الدولية والوكالة الدولية للطاقة الذرية .
لا بل ان الجمعية العامة للامم المتحدة قد وضعت بندا خاصا بهذا الموضوع ومنذ الدورة السابعة والعشرون عام 1972 ، على اثر احداث ميونيخ ، حيث تجري مناقشة الموضوع بشكل دوري مستمر وعبر لجان متخصصة تم انشاؤها بغرض تكثيف الجهود للتوصل إلى نتائج ايجابية بصدد الموضوع ، الا ان هذه الجهود كانت تعترضها دائما مسألة اختلاف الراي بين اعضاء الجمعية العامة والتي اساسها يبقى في اختلاف المصالح الدولية .
واذا كانت معالجة القضايا الارهابية قد استحوذت عليها الجمعية العامة للامم المتحدة ، واعتبرتها تهديدا للسلم والامن الدوليين ، فان مجلس الامن قد اسهم هو الاخر في تعزيز الحملة الدولية القانونية لمكافحة الارهاب ، فقد عالج مجلس الامن مسألة الارهاب الدولي بصورة مركزة منذ نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات ولا زال عبر عدة قرارات وبيانات رئاسية ، أي ان معالجة مجلس الامن للمسألة لم تترافق زمنيا مع معالجة الجمعية العامة التي باشرت النظر فيها منذ عام 1972 ، وتوزعت معالجة مجلس الامن لمسألة الارهاب الدولي في قرارات تناولت حالات واوضاع بلدان محددة وقرارات استهدفت القضاء على الارهاب بصورة شاملة . وان التسلسل التاريخي لقرارات مجلس الامن يوضح طبيعة هذه المعالجة وتطورها الموضوعي واثر البيئة السياسية ومصالح الدول المؤثرة في صنع قرارات مجلس الامن ، خاصة وان المعالجة كانت في مرحلة ما قبل احداث 11 ايلول 2001 مختلفة عن المعالجة القانونية لمرحلة ما بعد احداث 11 ايلول 2001 بتاثير من الظروف السالفة الذكر، حيث تصدى مجلس الامن بعد احداث 11 ايلول وبشكل مباشر لهذه الظاهرة بسلطات الفصل السابع من الميثاق ، لضمان تنفيذ قرارات المجلس ، كما ان القرارات الصادرة في هذه المرحلة قد اتصفت بالشمولية لكل المنافذ التي تحاصر هذه الظاهرة ، وارتفاع هذه القرارات إلى مستوى الالزام القانوني والعملي ، كما انها اصبحت تحضى بحساسية خاصة ، وتنفيذ جبري ، لا بل ان تاثير هذه المرحلة قد وصل إلى حد تغييب أي تمييز بين الارهاب وحركات التحرر بتاثير من سطوة نفوذ الولايات المتحدة الامريكية والحلف الذي تقوده في حربها المعلنة ضد الارهاب .
ولم يتبقى لنا الا ان نقول ، في خضم ما يجري حاليا على الساحة الدولية من احداث ومجريات في ظل انقياد العالم خلف قوة منفردة تحقق ما تريد بالتهديد والوعيد وتؤثر بشكل او باخر في مسار الجهود الدولية القانونية وبالصورة التي تلائمها ، ان العالم لن يسلم من الارهاب الدولي كتهديد خطير ولن يتم القضاء على هذه الظاهرة الخطيرة ، لابل انها محتملة الازدياد والتوسع، إن لم يتفق المجتمع الدولي على :-
1- معالجة اسباب الارهاب والتي هي اساس خروج الظاهرة للوجود ، فالقضاء على الاسباب يعني معالجة الظاهرة والقضاء عليها اما اذا ظل الامر على ما هو عليه باهمال معالجة الاسباب ، فستكون النتائج كارثية وعلى المستقبل البعيد .
2- وضع تعريف شامل وجامع للارهاب لتحديد ما هو ارهاب وما هو غير ارهاب ، أي وضع الحدود والفواصل القانونية لهذا الغرض ، وعدم تجاهل حقوق الشعوب في تقرير مصيرها وحقها في النضال والكفاح المسلح لتحقيق هذا الحق ، وبالتالي الاقرار الكامل بوجوب التمييز بين ما هو ارهاب غير مشروع وبين ما هو كفاح مسلح لحركات التحرر الوطني مشروع ومقر دوليا .
3- وضع اتفاق دولي شامل لمكافحة هذه الظاهرة تشتمل ما ذكرناه انفا (معالجة الاسباب – وضع تعريف مناسب ) وتضع الحدود المعقولة وتبين التزامات الاطراف الدولية ومن كافة النواحي القانونية لتجعل من مهمة مكافحة الارهاب مهمة انسانية تقع على عاتق المجتمع الدولي والانسانية باجمعها .
المصادر
اولا : الكتب والمؤلفات
1 -امام حسانين عطا-الارهاب البنيان القانوني للجريمه –دار المطبوعات الجامعيه 2004
2- د.امام حسانين خليل- الارهاب وحروب التحرير الوطنية ،ط 1،دار المحروسه للطباعه ،القاهره ، 2002
3-د- احمد الكبيسي والدكتور محمد شلال حبيب – المختصر في الفقه الجنائي الاسلامي – بيت الحكمه 1989
4-احمد جمال الدين –القضاء الشرعي – مطبعة الزهراء -1950
5-احمد بن يحيى المرتضى – البحر الزاخر الجامع لمذاهب علماء الامصار ط1 القاهره 1948
6-احمد فهمي البهنسي – المسؤليه الجنائيه في الفقه الاسلامي – مؤسسة الحلبي للنشر والتوزيع القاهره 1969ص 108
7- ابن حزم الظاهري – المحلى ط1 – المكتب التجاري للطباعه والنشر- بيروت1966
8- ابو الوليد بن رشد – البدايه المجتهد ونهاية المقتصد – المكتبه الكبرى – ج2 مصر
9-ابو الحسن على بن محمد الماوردي – الاحكام السلطانيه – المطبعه التجاريه بمصر 1966
10- د. امل اليازجي – الارهاب الدولي الاسباب والمعالجه – مطبوعات دار النشر – دمشق 2003
11-د. اسماعيل الغزال _ الارهاب والقانون الدولي _ المؤسسة الجامعيه للدراسات والنشر والتوزيع 1990
12- د. احمد شوقي عمر ابو خطوه – تعويض المجنى عليهم من الاضرار الناشئه عن جرائم الارهاب – الاسكندريه 2003
13- د. اكرم نشات ابراهيم – القواعد العامه في قانون العقوبات –بغداد ط1 1998
14- د. اكرم نشات ابراهيم – السياسه الجنائيه –شركة آب للطباعه بغداد ط2 1999
15- بريان جنكيز-اشار اليه د-احمدجلال عزالدين-الارهاب والعنف السياسي-كتاب الحريه رقم10 مارس1986
16- تركي ظاهر – الارهـاب العالمي – دار الحسام – بيروت , ط 1 , 1994
17- ثامر ابراهيم الجهماني – مفهوم الارهاب في القانون الدولي- دمشق 1998
18- د. جلال عبد الله معوض : ندوة العنف والسياسة في الوطن العربي، مجلة المستقبل العربي العدد 110، تموز 1987،
19- د. حسن طوالبة ، مجلة الحكمة ، بيت الحكمة ، بغداد ، العدد 21 ، السنة الرابعة ، كانون الاول ، 2001
20- د0حسن عقيل ابو غزاله – الحركات الاصوليه والارهاب في الشرق الاوسط اشكاليه العلاقه – دار الفكر
21- د. سامي جاد عبد الرحمن – ارهاب الدوله في اطار القانون الدولي العام – منشاءة المعارف – الاسكندريه 2003
22- سليمان بن سعيد الفاجي – المنتقى في شرح الموطأ للامام مالك – دار الكتاب العربي – بيروت ط3 1992
23- عبدالله عبد الجليل الحديثــي , الارهاب الدولي في الوقائع والقانون – دار النهضه , 2004
24- عبد الناصر حريز : الإرهاب السياسي – مكتبة مدبولي – القاهرة – ط1 – 1996 .
25- عبد الناصر حريز : النظام السياسي الإرهابي الإسرائيلي – دراسة مقارنة مع النازية والفاشية والنظام العنصري في جنوب أفريقيا ، مكتبة مدبولي ، القاهرة ، ط1 ، 1997
26- د. عبد القادر عوده – التشريع الجنائي الاسلامي مقارنا بالقانون الوضعي – مكتبه دار العروبه – القاهره 1960
27- د. عبد الرحيم صدقي – الجريمه والعقوبه في الشريعه الاسلاميه – ط2- مكتبة النهظه المصريه القاهره 1987
28-د.عبد العزيز مخيم _ الارهاب الدولي مع دراسة للاتفاقيات الدوليه والقرارات الصادرة عن المنضمات الدوليه _القاهره 1986
30- د.عدنان سليمان الاحمد و أ.عدنان المجالي _ قضايا معاصره _ دار وائل للنشر والتوزيع عمان الاردن
31- د. عصام د عبد الحميد متولي – نظام الحكم في الاسلام ط3 –دار المطبوعات الجامعيه ط3 – الاسكندريه 1978
32- صادق رمضان : الابعاد القانونية للارهاب الدولي، مجلة السياسة الدولية ، العدد 85 يوليو 1986.
33- د. علي حسن عبد الله – الباعث واثره في المسؤو ليه الجنائيه – الزهراء للاعلام 1986
34- د. فكري عطا الله عبد المهدي – الارهاب الدولي – المتفجرات – دار الكتب الحديث 2000
35- ل . امود جوريان : الارهاب اكاذيب وحقائق, ترجمة عن الروسية : المهندس عبد الرحيم مقداد – المهندس ماجد بطح , دار دمشق للطباعة , ط 1
36-محمد شفيق : الجريمة والمجتمع ” محاضرات في الاجتماع الجنائي والدفاع الاجتماعي ” ، المكتب الجامعي الحديث ، الإسكندرية ، 1993.
37- محمد حسين فضل الله –كتاب الاجتهاد – دار الملاك للطباعه والنشر –بيروت 1998
38- د. مصطفى عامر حسين – الحرابه – دراسه فقهيه مقارنه ط1 القاهره 1987
39- د. محمد عزيز شكري – الارهاب الدولي والنظام العالمي الراهن – مطبوعات دار النشر – دمشق 2002
40- الشيخ محمد مهدي شمس الدين – فقه العنف المسلح في الاسلام – مركزدراسات فلسفة الدين –بغداد 2004
41- نجم الدين جعفر بن الحسن الحلي – شرائع الاسلام – منشورات دار مكتبة الحياة1966
42- نعمه علي حسين , مشكلة الارهاب الدولي – مركز البحوث والمعلومات , بغداد ,1984
43- هيثم احمد حسن الناصري : خطف الطائرات ” دراسة في القانون الدولي والعلاقات الدولية ، المؤسسة العربية للدراسات والنشر – بيروت – ط1 ، 1976.
44- د. هيثم موسى حسن _التفرقه بين الارهاب الدولي ومقاومة الاحتلال في العلاقات الدوليه جامعة عين شمس 1999
45- يسر انور علي وامال عثمان ، الوجيز في علم الاجرام وعلم العقاب ، القاهرة 1987،
ثانيا : الابحاث والمقالات:
1- د. احمد بن علي المباركي – دور مؤسسات المجتمع المدني في مقاومة جرائم الارهاب – ورقة عمل مقدمه الى ندوة المجتمع والامن المنعقده بكلية الملك فهد الامنيه بالرياض – intrnet explorer
2- د. بطرس غالي ، كلمة في افتتاح مؤتمر شرم الشيخ حول ما يسمى بالإرهاب في 13 آذار ، مجلة السياسة الدولية ، العدد 127 – كانون الثاني 1997.
3- د 0 سمعــان بطرس فرج الله , تغيير مسار الطائرات بالقوه , المجله المصريه للقانون , السنه السادسه – 1979 .
4- شريف بسيوني : محاكمة الطغاة بين عدالة القانون واعتبارات السياسة , مجلة وجهات نظر , القاهره , العدد الثاني والثلا ثون , السنه الثالثه , سبتمبر 2001
5- صالح عبد القادر صالح –قراءه في كتاب الارهاب السياسي – بحث في اصول الظاهره وابعادها الانسانيه للدكتور ادونيس العكره – صحيفة الراي العام [email protected]
6-عبدالله عبد الجليل الحديثي : الارهاب الدولي في الواقع والقانون , مجلة القضاء , بغداد , مطبعة الشعب , العددان 3و4, لسنه الرابعة والاربعون , 1989 ,
7-عدنان عاجل عبيد – الارهاب الاجرامي في التشريع الجنائي الداخلي – المجلد الثاني عشر العدد السادس مجلة جامعة بابل2006
8-علي نجيب الحسيني- الارهاب في الفقه الجنائي الاسلامي –مجلة جامعة كربلاء المجلد الرابع العدد الثالث 2006
9- د. مؤنس محب الدين – الارهاب والعنف السياسي – مجلة الامن العام عدد 94 السنه 24 1981
10-د. محمد مجذوب – المقاومه الشعبيه المسلحه في القانون الدولي العام – intrnet explorer
11-د مازن ليلو راضي- الارهاب والمقاومه في القانون الدولي والداخلي- موقع المنشاوي للدراسات والبحوث intrnet explorer
12-ميشيل ليان – الارهاب والمقاومه والقانون الدولي – intrnet explorer
13- د. نبيل دجاني – اجهزة الاعلام الغربيه وموضوع الارهاب – مجلة المستقبل العربي – السنه السادسه والعشرون – العدد مئتان وواحد وتسعون – ايار
14- نعمه علي حسين – مشكلة الارهاب الدولي – مركز البحوث والمعلومات – بغداد 1984
15- د. هيثم عبد السلام محمد – الارهاب والشريعة الاسلامية ، مجلة الحكمة – بيت الحكمة – بغداد، العدد 21 ، السنة الرابعة ، كانون الاول 2001
16-د. هيثم المناع – الارهاب وحقوق الانسان – دراسه مقدمه الى مجلة التضامن المغربيه . intrnet explorer
17- وداد جابر غازي-الارهاب واثره على العرب- مجلة العرب والمستقبل –تصدرها الجامعه المستنصريه –السنه الثانيه ايار 2004
ثالثا : الرسائل الجامعيه:
1-حسن محمد طوالبة : العنف والارهاب في المنظور السياسي الديني” مصر والجزائر “- رسالة ماجستير مقدمة الى الجامعة المستنصرية،1998،
2- فؤاد قسطنطين نيسان :الارهاب الدولي ـ دراسة تحليلية في طبيعة الظاهرة ومكانتها في التقاليد والممارسات الصهيونية . رسالة ماجستير غير منشورة مقدمة الى جامعة بغداد ـ كلية العلوم السياسية حزيران 1999 ص
رابعا : المصادر باللغه الانجليزيه
1-Leonard B. Wenberg and B. Davis terrorism –new york mc craw –I lill-publishing –company – introduction to political 1989. –
2-Noemi Gal or ,international cooperation to suppree terrorisu ,london,groom helm,1985 ,
خامسا: القوانين
1-قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل
2- قانون العقوبات المصري لسنة1937
3- قانون العقوبات المصري
4-قانون مكافحة الارهاب العراقي رقم 13 لسنة 2005
اترك تعليقاً