مخلص بحث و دراسة في ضوء التشريع المغربي حول المركز القانوني للمحكم
جامعة الحسن الثاني عين الشق
كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية
الدارالبيضاء
شعبة القانون الخاص
وحدة التكوين والبحث
في قانون الشغل والتحولات الاقتصادية والاجتماعية
أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في الحقوق
حول موضوع:
المركز القانوني للمحكم
“دراسة في ضوء التشريع المغربي والمقارن”
إعداد الطالب: تحت إشراف الأستاذ:
محمد الحبيب الدكتور محمد الكشبور
لجنة المناقشة
د.محمد الكشبور أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق الدار البيضاء
د. عبد اللطيف هداية الله أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق الدار البيضاء
د. طارق مصدق أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق الدار البيضاء
د.منير ثابت أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق الدار البيضاء
د. رياض فخري أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق سطات
د. عبد الحليم النوري أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق الدار البيضاء
الموسم الجامعي: 2013 – 2014
ملخص الأطروحة التي نوقشت يوم 31 مايو 2014
بسم الله الرحمان الرحيم
لقد حاولت من خلال هذه الأطروحة فحص المركز القانوني للمحكم مقارنة بالمركز القانوني للقاضي من خلال بحث حقيقة العلاقة بين هذا الأخير والمحكم، ومن خلال كذلك الوقوف على حقيقة منهجية تقنية مفادها أن الكشف عن طبيعة المركز القانوني للمحكم يستلزم المرور عبر محك “نظام القاضي”، باعتباره العنصر المحدد الضابط لطبيعة المهمة التحكيمية ومن ورائها طبيعة عمل المحكم ، إذ أن الوظيفة تصنع عضوها و باعتباره المحدد في تبين نظام المحكم القانوني وعلاقته بالدولة و بقضائها.
وكانت البداية بمقدمة عامة أوضحنا فيها علاقة المحكم بأطراف الخصومة والمركز القانوني الذي يحتله المحكم مقارنة مع المركز القانوني للقاضي، كما أشرنا فيها لنطاق ومنهجية البحث والخطة المعتمدة في معالجة الإشكالية المطروحة. وقد آثرنا أن نبدأ هذه الدراسة بفصل تمهيدي تناولنا فيه مختلف التعاريف التي تفرضها طبيعة البحث خاصة أوجه التشابه بين القائمين بمهام وأعمال لفض المنازعات، وكان من الطبيعي أن نعرف بماهية المركز القانوني للمحكم والشروط الواجب توافرها في هذا الأخير للقيام بهمته في احترام تام للمقتضيات القانونية والمهنية
فكما تعلمون المحكم هو حجر الزاوية في أي نظام التحكيم، لذلك تدخلت التشريعات الحديثة من أجل وضع تنظيم تفصيلي يحدد بدقة مركزه القانوني في الدعوى التحكيمية وضوابط ممارسته لمهمته، وقواعد مسؤوليته، ومدى خضوعه لرقابة القضاء الوطني ومن هنا تأتي أهمية هذه الدراسة
وقد نظم المشرع المغربي التحكيم منذ فترة طويلة بشكل يتماشى مع الظرفية الزمنية، وكان أول تنظيم تشريعي للتحكيم بمقتضى ظهير المسطرة المدنية الصادر في 12غشت 1913، وذلك في الفصول من 527 إلى 543، والذي ألغي بظهير المسطرة المدنية الصادر بتاريخ 28 شتنبر1974 الذي كان يخصص للتحكيم الفصول من 306 إلى 327، وهو الظهير الذي عدل بدوره بمقتضى قانون 05-08 لسنة 2007 الذي نسخ وعوض الباب الثامن بالقسم الخامس من قانون المسطرة المدنية، والذي أضاف عددا من الفصول وخاصة ما يتعلق بالتحكيم الدولي. ويكتسي هذا النص التعديلي أهمية بالغة في الظرفية الراهنة بالنظر إلى ما يثيره كخيار استراتيجي من تساؤلات واستفسارات، ومن آراء ومواقف بين من يناصره ويجاريه،ومن يعارضه ويجافيه على مستويات متعددة بين أوساط رجال الفقه والقانون، والحقوقيين، وهيئات الدفاع، والمهن القانونية والقضائية.
وسنلاحظ من خلال هذا البحث، أن فكرة احتكار الدولة للقضاء وإحاطته بسيادتها من جهة، وخصوصية تأهيل المحكم من جهة أخرى، كانا قد أديا إلى خلط بين الطابع الخاص لتأهيل المحكم والطابع القضائي للوظيفة، كما أن إغفال البعض اشتراك القاضي والمحكم في نفس الوظيفة وكون ما يميز التحكيم هو ” أنه منشئ لقضاء”، أدى ببعض الفقه إلى إنكار الطبيعة القضائية للتحكيم[1]، وإلى الحكم عليه بالدونية والقصور أو إلى تأييد فرض ولاية القضاء عليه، فكان ذلك التصور غير المتكافئ بين صيغتي القضاء الرسمي الأصــــــل والقضاء التحكيمي الاستثنــاء والتابع.
ومن خلال الدراسات القانونية ثبت أن هناك تلازم تاريخي بين ضرورة احترام القانون والوظيفة القضائية وبين سلطان الدولة وولاية القضاء، كما ثبت أن هناك تلازم تاريخي بين قضاء الدولة صاحب الولاية العامة وقضاء المحكم صاحب الولاية الخصوصية المستندة أصلا إلى الإرادة الفرديــة[2] .
وأيا كانت الملابسات التاريخية حول تطور مفهوم العدالـــــة وأدوات تحقيقها، فإن الإشكال في الواقع الحالي للقانون لم يعد يتعلق بتواجد قضائين يتقاسمان الوظيفة القضائية، قضاء الدولة الذي يكون “عضوه” ذا طابع عمومـــــــــي وقضاء التحكيم الذي يكون ” عضوه ” شخص من الخواص، بقدر ما أصبح يتعلق بخصوصية كلا القضائين وأثرها على العلاقة بينهما وعلى علاقة كل منهما بالمنظومة القانونية.
الاشكالية:
وتهدف هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على المركز القانوني للمحكم مقارنة بالقاضي من خلال دراسة مقارنة تجمع كل من القانون المغربي وبعض القوانين المقارنة، نستجلي من خلالها النظام القانوني الذي يحكم المحكم وذلك بدراسة الحقوق المخولة له والوجبات وكذا الضمانات المقررة له، فهل يعتبر المحكم قاضيا بمعنى الكلمة؟ أم أنه يشغل مركزا متميزا عن مركز القاضي.
لذلك نرى أنه من الطبيعي أن نتسائل حول مبررات العلاقة غير المتكافئة بين مؤسستي القاضى والمحكم، ومدى وجود ولاية لقضاء الدولة على التحكيم؟، بل إن الجواب عليه سلبا أو إيجابيا سوف يكون المدخل لرسم معالم ما يفترض أن تكون عليه العلاقة بينهما.
فزيادة على اشتراك المحكم مع القاضي في النهوض بنفس الوظيفة وهي الوظيفة القضائية، وبذات الوسائل، فقد أثبت الاستقراء التاريخي أنه تجتمع للتحكيم في التصورين النظري الفلسفـي والوضعــــي القانــــونـــــي مقومات القضاء المكتمل بما يكسبه سلطة حكم كاملة، يمارسها تحت لواء نظام مؤسسة التحكيم في إطار النظام الإجرائي العام بنفس وسائل القاضي، لكن غير مقيد بولاء القاضي للدولة أو لقانونها.
لكن تفاوت درجة تدخل القضاء الرسمي في مجال التحكيم، يتم عموما بحسب مدى انفتاح النظام القانوني لكل دولة، ومدى تحرره من قبضة السيادة من جهة، وبحسب موضوع المهمة التحكيمية، أي طبيعة العلاقة القانونية مثار النزاع التحكيمي من جهة أخرى، فإذا كان التحكيم قد فرض نفسه كقضاء مكتمل الخصوصيات في دول أمريكا الشمالية وفي الدول الأوروبية وخصوصا على مستوى التحكيم الدولي ، فانه على العكس من ذلك لازال يبحث عن موقع مناسب له داخل المنظومة القانونية في دول متعددة منها الدول العربية والإسلامية، التي تعاني من عدم الاطمئنان إلى إجراءات التحكيم وإلى ما سيقضي به المحكم وبالأخص عند تعامل القضاء مع مسألة تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية.
أما فيما يتعلق بتأهيل المحكم لممارسة مهمته، ومقارنة بالمركز القانوني للقاضي، فقد كشف التطور الهائل الذي شهده التحكيم أنه جعل منه مؤسسة محمولة على الاستقرار والدوام بالخصوص على المستوى الدولي، حيث يخضع عضوها لنظام قانوني مكتمل يشترك مع نظام عضو القضاء في القيم والخصائص والمبادئ العامة المكونة للنظام الأفقي متحررة من تحكم الدولة ومن الولاء لقانونها ولقضائها، وهو ما اصطلح عليه الفقه بالتأهيل الذاتي “investiture subjective” أو الجاهزية الذاتية كما يرى البعض الآخر، متميز عن تأهيل القاضي بطابعه المرن المتحرر في تقيده بالسيادة الوطنية، ما جعل من التحكيم قضاء موازيا لقضاء الدولــــة وأعطاه قيمة مضافة جعلته يتوقف عليه كأداة للتصدي لتجاوزات القانون أي لقول الشرعية.
ومن خلال لقانون التحكيم 05-08، القاضي بنسخ وتعويض الباب الثامن بالقسم الخامس من قانون المسطرة المدنية نجد أنه يتضمن 72 فصل عكس النظام القديم الذي لم يكن يشتمل إلا سوى على 22 فصلا، هل تمكن المشرع المغربي من تقديم إجابات ومستجدات تعزز المركز القانوني للمحكم المغربي؟ وهل استطاع بذلك من مواكبة التشريعات الأخرى الأكثر تطورا في هذا الصدد، وبالخصوص القوانين النموذجية الصادرة عن مختلف التنظيمات الدولية ذات الصلة ؟
هذه قضايا من أخرى متعددة حاولنا الإجابة عنها من خلال هذا الأطروحة.
وهكذا ترتسم حدود ومجال هذا البحث، فهو ينصب على التفاعلات التي يفرزها مركز المحكم داخل إطاره القانوني وعلاقاته بالمحيط الذي يشتغل فيه، سواء اتجاه مؤسسة القضاء التي تشترك معه في نفس المهمة أو اتجاه المرافق العمومية للدولة بدرجة أقل. علما أن نطاق البحث يتعلق بالتحكيم القانوني الإجرائي كطريقة تنازعية للنهوض بالوظيفة القضائية في العلاقات الخاصة، ولا يشمل التحكيم القانوني الموضوعي
رغم أن القانون المغربي للتحكيم قد حرص على تنظيم مجموعة من الجوانب تنظيما مفصلا يتسم بالدقة والوضوح خاصة في مجال اختيار المحكمين وتدخل القضاء في هذه المسألة، فإنه لم يجب عن تساؤلات مهمة تتعلق أساسا بطبيعة مهمة المحكم ومدى تقرير مسؤوليته ومركزه القانوني إزاء القضاء ومدى نفاذ القرارات التحكيمية الأجنبية وخصوصا العقبة الكبيرة وهي مسألة القانون الواجب التطبيق ….. وصور وحدود الرقابة القضائية.
وقد حاولنا من خلال هذه الدراسة الإجابة عن هذه التساؤلات مستندين في ذلك إلى الجانب النظري المتمثل في النصوص القانونية، وكذا إلى الجانب العملي المستمد من الأحكام القضائية والأحكام الصادرة في هذا الإطار آملين أن نكون قد وفقنا في تبيان المركز القانوني للمحكم على مستوى النظام القانوني المغربي والمقارن، واستكشاف واقع العلاقة بين القاضي والمحكم عند قيامهما بالوظيفة القضائية؟، وبالخصوص المكانة التي يحتلها شخص المحكم في علاقته بالجهاز القضائي الرسمي، وهل أن ما تم الترويج إليه من أن المستقبل للتحكيم معطى صحيح ؟ أم أن المشرع ما إنفك ينتظر بلوغ التأهيل الحقيقي للتحكيم إلى درجة من النضج خصوصا على المستوى الداخلي يسمح أن تستأنس به مؤسسات الدولة ويسهل بالتالي اندماجه في المحيط المهني والتجاري.
وقد أوقفنا استقراء واقع العلاقة بين القضاء والتحكيم على حقيقة مفادها أن الفقه الحديث وكذلك التشريعات المقارنة تنطلق في بناء العلاقة بين قضاء الدولة والتحكيم من الطابع الخاص للتحكيم من حيث أساسه المباشر الإرادي الذي تجسمه اتفاقية التحكيم، واصفة المحكم كقاض من الخــواص وبالتالي افتقاره إلى سلطة أمرية حقيقية تضمن له سلطانا من جهة، وإلى الطابع العمومي للقضاء المستند إلى سيادة الدولة التي تعطيه امتياز سلطان القضاء من جهة أخرى.
المنهجية المعتمدة
يقوم المنهج الذي نعتمده في التصدي إلى هذه الإشكالية، على اعتماد المنطق التحليلي والقانوني، قصد تقييم مدى تلاؤم العلاقة بين القضاء والتحكيم والنتائج التي رتبت عليهــــــا، وتبين مواطن ضعفها، كما عملنا على دراسة وتفصيل تجليات المركز القانوني للمحكم من خلال بحث مبدأ استقلالية المحكم في ممارسة مهمته، هذا المبدأ الذي أصبح راسخا في الفقه القانوني وشبه متفق عليه، مركزين على السلطات والواجبات التي يتمتع بها وما يترتب عليها من مسؤوليات.
الخطة المعتمدة
حاولنا من خلال هذه الدراسة الإجابة عن مختلف التساؤلات موضوع الإشكالية المطروحة مستندين في ذلك إلى الجانب النظري المتمثل في النصوص القانونية، وكذا إلى الجانب العملي المستمد من الأحكام القضائية والأحكام الصادرة في هذا الإطار آملين تبيان المركز القانوني للمحكم على مستوى النظام القانوني المغربي والمقارن.
وهذا يقتضي منا التعرض لمهمة المحكم في مراحلها المختلفة والمكانة التي يتبوؤها هذا الأخير بالقياس مع دور القاضي، وأيضا إبراز تجليات مركزه القانوني ونطاق سلطاته والضوابط التي تحكمها، ثم تصدينا في مرحلة ثانية إلى مدى استقلالية المحكم في اتخاذ التدابير الإجرائية والموضوعية، وأخيرا تطرقنا إلى المسؤوليات المترتبة عن تدبيره للمهمة التحكيمية المنوطة به.
وهكذا تكون الخطة المعتمدة في هذا البحث، البدء بفصل تمهيدي نعرض فيه لجملة من التعريفات المفاهيمية لمنظومة التحكيم وإتباعه ببابين وفق المنهجية التالية :
الفصل التمهيدي: الإطار المفاهيمي لمنظومة التحكيم ………
الباب الأول:الاتجاهات الفقهية المحددة للمركز القانوني للمحكم.
الباب الثاني تجليات المركز القانوني للمحكم
خاتمة.
وهكذا تطرقنا في الفصل التمهيدي المخصص للإطار المفاهمي لمنظومة التحكيم لمختلف المفاهيم التي تعرضنا لها في هذه الأطروحة.
طبيعة عمل المحكم : لا خلاف في أن التحكيم يضم عملين مجتمعين: الأول منهما هو اتفاق الأطراف على التحكيم، والثاني هو قيام المحكم بالفصل في النزاع بحكم يتمتع بحجية الشيء المقضي به، ونظرا لقيام التحكيم على العملين معا، غلب بعض الفقهاء أحد العملين على الأخر.
ولهذا اختلف الفقه حول الطبيعة القانونية لعمل المحكم إلى عدة اتجاهات:
فقد أخد البعض بالنظرية العقدية لتبرير عنصر الإلزام في التحكيم، بينما برر البعض الآخر ذلك بالقول أن لمهمة المحكم طبيعة قضائية، فحكمه هو حكم قضائي شأنه في ذلك شأن حكم القاضي، بينما توسط البعض الآخر فقال بأن عمل المحكم يجمع الطبيعتين معا العقدية والقضائية فهو إذن من طبيعة مختلطة، وخلافا لذلك فقد أخد البعض بالقول بأن التحكيم إنما هو قضاء التجارة الدولية بصرف النظر عما إذا كان من طبيعة عقدية أو قضائية فهو نظام قائم بذاته.
ولا منازع في أن الأخذ بأي من هذه النظريات يؤثر – بالضرورة- على طبيعة عمل المحكم وعلى مركزه القانوني، حيث إن الأخذ بالنظرية العقدية يترتب عليه اعتبار العلاقة بين المحكم والمحتكم مجرد علاقة عقدية تترتب عليها المسئولية العقدية، بينما الأخذ بالنظرية القضائية يترتب عليه إضفاء الحماية القضائية على عمل المحكم، فلا يسأل إلا كما يسأل القاضي، أما الأخذ بالنظرية المختلطة فيترتب عليها الأخذ بنظام المسئولية المختلطة عقدية و تقصيرية بحسب طبيعة الخطأ المنسوب للمحكم.
تحديد المركز القانوني للمحكم
وعليه يمكن تعريف المركز القانوني للمحكم على أنه تلك المنظومة القانونية التي تشتمل على مجموعة من القواعد القانونية والضوابط السلوكية الموحدة والدائمة التي يخضع إليها شخص المحكم أو مؤسسة التحكيم وتمكن من تكييفه وبالتالي تحديد مركزه ونظامه القانونيين. وبتعبير آخر، فهو بمثابة الإطار القانوني العام الذي يحكم علاقة المحكم بالدولة وبقضائها ويضبط منشأ تأهيله الموضوعي والإجرائي على السواء، وبصفة عامة يضبط الإرادة التحكيمية الثلاثية الأبعاد من إرادة القانون إلى إرادة الأطراف ثم إرادة المحكم.
وعليه، يخضع المركز القانوني للمحكم لنظام قانوني يسعى أن يكون مكتملا وهو يشترك مع نظام القاضي في الخصائص والمبادئ العامة والأهداف. ويعتبر المركز القانوني للمحكم نظاما متطورا في الزمن يختلف حسب درجة تفتح النظام القانوني لكل دولة ومدى تحرره من قبضة القضاء وطبيعة العلاقة القانونية التي تربطه بالأطراف الأخرى.
بعد ذلك تناولنا أوجه التشابه والاختلاف بين المحكم والأشخاص الذين يمارسون وظائف ومهام مشابهة، ويتعلق الأمر بالقاضي، الخبير، الموفق، المصالح والوكيل. حيث أن لهذه المقاربة أهميتها العملية لما يترتب عنها من قرارات ومدى إلزاميتها بالنسبة للأطراف المتنازعة.
وختاما، وأيا كانت طبيعة مهمة المحكم، سواء كانت عقدا أو نظاما قضائيا أو مهمة تجمع بين العنصرين معا، فإن الثابت لدى المدارس الفقهية هو ضرورة وجود اتفاق على اللجوء إلى المحكم من قبل الأطراف، وفي حالة غياب الاتفاق قلا يكون أمام اّلأطراف إلا اللجوء إلى قضاء الدولة المختص بالنزاع.
بعد ذلك انتقلت إلى صلب الموضوع حيث تطرقت في الباب الأول إلى المذاهب الفقهية التي حاولت تحديد المركز القانوني للمحكم والوقوف على حقيقة نظامه القانوني.
المناهج المحددة للمركز القانوني للمحكم
اعتمدت المذاهب الفقهية عدة مناهج لتحديد المركز القانوني للمحكم، محاولة منها للوقوف على حقيقة نظامه القانوني، وسنحاول في هذا الباب استعراض هذه الاتجاهات في مرحلة أولى على أن نعمد بعد ذلك إلى تقييمها وتبني المنهج الذي يقدم إحاطة موضوعية للمركز القانوني للمحكم.
ويبدو أن حقيقة النظام القانوني للتحكيم تحددها علاقة المحكم بالدولة من جهــــة، والتي تبين أنه قاض مفوض منها للنهوض بالوظيفة القضائية في مفهومها العام و الواســــــع والمتمثل في التصدي لخروقات النظام القانوني شأنه في ذلك شأن القاضي العمومي. لكن تحددها كذلك خصوصية أداة التحكيم التي تستند إلى إرادة مركبة ثلاثية الأبعاد، ( إرادة القانون، إرادة المحكم، وإرادة المحتكمين )
وهكذا فالوقوف على حقيقة المركز القانوني للمحكم يستلزم توضيح طبيعة العلاقة بين القاضي والمحكم على اعتبار أن نظام القاضي هو المقياس لضبط نوعية المهمة التحكيمية، وعلى اعتبار كذلك أن المركز القانوني للمحكم هو المدخل الأساسي لتحديد نظامه القانوني وضبط علاقته بالمؤسسات التابعة للدولة وعلى الخصوص بجهازها القضائي.
المناهج المقترحة
لقد كشف استقراء تطور التحكيم وعلاقته بالوظيفة القضائية أن الفقه ذهب في تحديد المركز القانوني للمحكم اتجاهين أساسيين.
1 – يعتمد هذا الاتجاه الفقهي على قراءة استقرائية تاريخية فلسفية كان نتاجها، تصوران مكملان لبعضهما البعض تحت راية المدرسة الذاتية بفرعيها،” الذاتية النفعية “[3] التي اقتنعت بما استقر عليه التطور التاريخي لفكرة التحكيم من كونه ضرورة واقعية “برجماتية نفعية” من ضرورات ” التجارة الدولية الخاصة بمجتمع التجار”، و”الذاتية الحضارية” التي تزعمها الأستاذ أحمد حشيش، لكن سبقه إلى التأصيل لها الأستاذ روني دافيد[4]، والذي انتهى به فيها الاستقراء التاريخي والمقاربة التحليلية مع الوظيفة القضائية إلى إنكار اشتراك المحكم مع القاضي في الطبيعة وفي الوظيفية باعتبار التحكيم غير العقد وغير القضاء، إذ ما هو حسب رأيه إلا تقنية للحياد ذات طبيعة إجرائية فلا التحكيم قضاء ولا القضاء تحكيم، بل اعتبر أن التحكيم ليس شريكا للقضاء في الوظيفة القضائية، بالمعنى الحقيقي للشريك، إنما التحكيم مجرد معاون له، بل هو ليس معاونا لكل قضاء.
2- يعتمد هذا الاتجاه من الفقه – وهو الغالب – منهجا قانونيا تقنيا هو منهج القياس، إذ ينطلق من مسلم الطبيعة القضائية للوظيفة التحكيمية الذي أثبته التصور القانوني على المستويين الداخلي والدولي، ثم يتخذ من القاضي أو من القضاء محكا” لتجربته في المقايسة” بين نظــــــــام وولاية القاضي ونظام وولاية المحكم.
فلقد كتب الفقيه طوماس كلاي الذي يعتبر اول من تطرق إلى إشكالية المركز القانوني للمحكم وعلاقته بالمتدخلين في الوظيفة القضائية، في منطلق دراسته حول طبيعة المهمة التحكيمية و تحت عنوان المنهج .
” كيف نحلل نظام المحكم تجاه نظام القاضي ؟”
منهجان يبدوان مبررين مبدئيا: منهج المماثلة”identification ” والذي يقوم على البحث داخل النظام القانوني للمحكم ما يماثله في نظام القاضي، وهذا المنهج يفترض هرمية بين مؤسسة قدوة وأخرى تابعة، وهو ما لا يستقيم بين القاضي والمحكم.
أما الثاني فهو منهج القياس، أو ” التفكير بالمقايسة” ” raisonnement par analogie ou similitude ” الذي رغم كون البعض يقول أنه لا يعطي سوى رؤية منقوصة لنشاط المحكم، يقدم بهذا الصدد الجواب الحقيقي الوحيد.
تقييم المناهج المقترحة
لقد كشف الاستقراء التاريخي لتطور فكرة التحكيم، أن هذا الأخير كان دائما يعتمد على المستوى العضوي على الغير المحايد (أفراد أتاح لهم القانون استثناء الاضطلاع بوظيفة تعود في الأصل إلى الدولة)، أما على المستوى الموضوعي فقد كان يعمل هذا الغير المحايد على تقرير الحل الذي يعطيه للنزاع المطروح، بمعنى هل أن فظ النزاع ينطلق من إرادة الأطراف فيكون رأي ذلك الغير مكملا لها أو معبرا عنها أو ميسرا لعملها؟ أم هي إرادة قانونية تتمتع بسلطة وطنية أو دولية مستقلة عن إرادة الأطراف ينطق بها الغير المحايد في تقرير الحل القانوني للنزاع المعروض عليه؟ أم هل هي إرادة المحكم فقط؟
وهذه الحقيقة المشتركة هي التي كانت وراء ما أسلفنا بيانه من اجتماع كل المناهج حول قاسم مشترك وهو المقايسة بين “مؤسسة القضاء” كمحك أو مقياس عليه وبين “مؤسسة التحكيم” سواء نظر إليه كتقنية لتحقيق العدالة أو للحياد، و كأداة مزاحمة لقضاء الدولة في إطار من الدونية عند البعض والمماثلة عن البعض الأخر أو من الاستقلالية بل والتفوق عند طرف ثالث، بحسب المذاهب ومنطلقاتها ومسلماتها.
لكن، وكما أسلفنا فإن ذات الفقه يجمع على حقيقة كون “الوظيفة هي التي تخلق عضوها” وتحدد ولايته عامة كانت أم خاصة، ، فكما قال الأستاذPhilippe Fouchard، ينتقل المحكم إلى مركز القاضي بمجرد تعيينه.
المنهج الأنسب
يقوم المنهج الذي نعتمده لتحديد المركز القانوني الحقيقي للمحكم المحدد لعلاقته بالقاضي على مفترض بديل هو المرجعية العامة لولاية المحكم.
يبقى القانون المعبر عن إرادة صاحب السيادة وفي الحالتين هو المنشأ الحقيقي للولاية مباشرة كانت أو غير مباشرة، بمعنى أنه هو المنشأ الحقيقي لتأهيل عضو تلك الولاية، لأن الإرادة الوسيطة ليست منشئة وإنما هي ” كاشفة للإرادة الأصيلة” أي إرادة صاحب السيادة أيا كانت طبيعتها.
بمعنى أن الأطراف في اتفاقية التحكيم شرطا كان أم مشاركة بقبولهم بالتحكيم ينخرطون في إطار قانوني موضوعي سابق الوضع ودائم هو الإطار المؤسسي التحكيمي.
ولعل أصدق دليل على صواب هذا الخيار المنهجي نتيجة اختباره على الإشكالية موضوع هذه الدراسة، من خلال ما اجتمعت عليه مواقف الفقه والقضاء وترجمته التشريعات الحديثة، والتي انتهت إلى اشتراك نظام المحكم مع نظام القاضي في الإجراءات الشكلية والموضوعية للتقاضي، ومدى استناد عضو التحكيم إلى تأهيل سيادي يجمع لديه عناصر الولاية القضائية الكاملة، ومدى استقلالية تلك الولاية حتى نقف على خلاصة مفادها أن ولاية القضاء على التحكيم ليست عامة بل تخضع لضوابط حددها القانون تستبعد كل هرمية بين المحكم والقاضي كما نادى بذلك بعض الفقه.
ونحن لا نشاطر رأي الأستاذ كلاي الذي خلص إلى أن كلا من القاضي العمومي والمحكم يلتقيان من حيث المبادئ العامة القانونية مثل عمومية، استمرارية، وإلزامية مؤسسة القاضي، وذلك لسبب بسيط أن لكل منهما نظامه القانوني الخاص به يجعل منهما مؤسستين تختلفان عن بعضها البعض على الرغم من التقارب الظاهر بينهما.
يعزي فريق من الفقه (الأستاذ التحيوي) في تجاوز الازدواجية الفنية بين الاختصاص والتأهيل إلى خصوصية التحكيم كأداة متميزة للنهوض بالوظيفة القضائية في إطار بناء قانوني مركب تشارك في تشييده و تتداخل فيه إرادات ثلاث هي:
إرادة النظام القانوني الوضعي
إرادة المحتكمين
إرادة المحكم أو هيئة التحكيم
في نظر هذا الفقه إذا افتقر نظام التحكيم إلى إحدى هذه الإرادات، فإننا لا نكون بصدد نظام للتحكيم
يتبين من استقراء تطور التحكيمية فقها وتشريعا، أن ولاية المحكم أصبحت تكتسح كل الوضعيات والمعامـــلات والعلاقات القانونية وما ينشأ حولها من نزاعات.
وقد تبنى ظهير المسطرة المدنية المعدل الصادر بتاريخ 28 شتنبر1974 مسارا متحررا في إطار التحكيمية الموضوعية[5]، فقد فتح هذا القانون ولاية المحكم على كل النزاعات ذات الصبغة المالية مهما كانت طبيعتها داخلية أو دولية، ومهما كان منشؤها عقديا أو غير عقدي، ومهما كان مجالها سواء كانت علاقات اقتصادية أو تجارية، أو في الحقوق التي يملك الأشخاص حق التصرف فيها” الفصل 308، ومنها التحكيم في علاقات الشغل الجماعية رغم أن المشرع المغربي لم يشر مبدئيا إلى ما يمنع التحكيم في نزاعات الشغل الفردية، أصبح بالإمكان التحكيم في نزاعات العقود الإدارية، حيث نص صراحة كذلك في الفقرة 3 من الفصل 310 على ما يلي:”… يمكن أن تكون النزاعات المتعلقة بالعقود التي تبرمها الدولة أو الجماعات المحلية محل اتفاق تحكيم…”.
التأهيل التحكيمي واستقلالية المحكم في تدبير مسطرة التحكيم:
كرست جل القوانين الحديثة استقلالية المحكم، نظرا لأثرها المزدوج على ممارسة سلطة المحكم، سواء على مستوى اختصاصه أو تأهيله، وقد كان الأثر المباشر الأول لاستقلالية اتفاقية التحكيم وهو إقرار اختصاص المحكم أو الهيئة التحكيمية بالنظر في تأهيلها واختصاصها على السواء، وبالتالي إقرار رقابة ذاتية للتحكيم في مستوى انعقاد ولايته، أما الأثر الثاني فكان تأكيد تحرر المحكم خصوصا على المستوى الدولي، من الولاء للدولة بإقرار حريته في تدبير مسطرة التحكيم .
استقلال المحكم عن الغير يفرضه مركزه القانوني في الدعوى التحكيمية سواء تجاه السلطة القضائية في الدولة، أو مؤسسات التحكيم التي تتولى الإشراف والرقابة على سير الإجراءات، ولا يوجد تعارض بين استقلال المحكم و بين خضوعه لرقابة المحاكم الوطنية، فهذه الرقابة اللاحقة تكفل صحة الحكـم.
ويقصد بهذا المبدأ أن المحكم يمتلك دون غيره سلطة فحص صحة ونطاق اختصاصه[6] أي التصدي لكافة الاعتراضات المثارة بمناسبة التحكيم، بما في ذلك الناشئة عن مدى التأثير المتبادل بين العقد الأصلي، واتفاق التحكيم دون حاجة إلى وقف إجراءات التحكيم وطرح تلك القضايا على قضاء الدولة ليفصل فيها.
وقد تأثر المشرع المغربي إلى حد بعيد بالتوجه الذي سار عليه المشرع الفرنسي[7] وكذا بالمادة السادسة عشرة من اتفاقية نيويورك لسنة 1958 ، كما اتخذ الاجتهاد القضائي المغربي إسوة بنظيره الفرنسي مجموعة من القرارات التي كرست مبدأ الاختصاص بالاختصاص قبل أن يحسم المشرع المغربي في هذا الموقف حيث أناط الفصل 9-327 من قانون التحكيم الجديد المحكم بالأسبقية سلطة الاختصاص في النظر والبت في النزاعات المتعلقة باختصاصه، لكن تحت الرقابة اللاحقة لمحاكم الدولة.
ومما لا شك فيه أن مفهوم الاستقلال بالنسبة للمحكم يختلف عن مفهومه بالنسبة للقاضي[8] نظرا لما تتمتع به خصومة التحكيم من مرونة تستقل بها عن الدعوى القضائية ، فالاستقلال بالنسبة للقاضي يعني الاستقلال الإداري والفني سواء في مواجهة الخصوم، أو الدولة وهو لا بد أن يكون استقلالا تاما ومطلقا على الأقل من حيث الاستقلال الفني، إلا أن العلاقة الشخصية التي تربط بين المحكمين والمحتكمين تضع هذا الاستقلال بناء على معايير أكثر مرونة.
ويملك المحكم في هذا الصدد سلطات أوسع بل وغير معترف بها لقضاء الدولة ويستطيع بالتالي أن يحدد الإجراءات الواجب إتباعها أيا كان المصدر الذي يستمد منه هذه الإجراءات، بشرط ألا يكون في هذا الإجراء الذي اختاره المحكم إخلال بالضمانات الأساسية لحقوق الدفاع أو إخلال بالمساواة والعدالة بين الخصوم.
وعليه ننتقل إلى الباب الثاني والأخير من هذه الدراسة والذي تعرضنا فيه لسلطات المحكم أثناء قيامه بإدارة العملية التحكيمية وحدود ما يتمتع به من صلاحيات من جهة وما يتقيد به من التزامات ومسؤوليات في ممارسة مهمته من جهة أخرى.
تجليات المركز القانوني للمحكم
إن الطبيعة القضائية لمهمة المحكم تجعله يقترب من مركز القاضي، فهي تخوله كافة الصلاحيات والسلطات التي يتمتع بها القاضي، إذ يقوم المحكم بالفصل في النزاعات المعروضة عليه بإصدار حكم بشأنها، وبالتالي كما سبق ذكره، فمهمة المحكم لا تقوم على مجرد التشابه بينه وبين عمل القاضي ولكنه تماثل في طبيعة عملهما، بينما يرى البعض الآخر أن النشأة الاتفاقية لسلطة المحكم تقيد سلطاته في الدعوى التحكيمية، إذ ترك المشرع في أمور كثيرة تخويل بعض السلطات للمحكم وفق إرادة الأطراف إذ يملكون منحها للمحكم أو سلبها إياه حسبما يتراءى لهم في اتفاق التحكيم.
ويتدخل القضاء في مراحل مختلفة من التحكيم سواء قبل الشروع في إجراءات التحكيم أو أثنائها لتدليل الصعوبات وحل المشاكل التي قد تعرقل سير التحكيم فضلا عن الدور الرقابي للقضاء سواء عن طريق الطعن في أحكام التحكيم أو عن طريق بطلان الحكم التحكيمي إذا توافرت الشروط التي ينص عليها القانون.
وقد تناولنا في هذا الباب السلطات المخولة للمحكم وكذا الواجبات المفروضة عليه والمسؤوليات المترتبة عن الإخلال بهذه الواجبات.
وقد منح قانون التحكيم المغربي الجديد، المحكم صلاحيات مختلفة تبدأ من لحظة ترشيحه للمهمة التحكمية فله البت في وجود اتفاق التحكيم ومدى صحته وله صلاحية تحديد مكان التحكيم ولغته وذلك عندما لا يتفق الأطراف على ذلك، ثم خوله المشرع التأكد من ثبوت اختصاصه من عدمه، و إمكانية تحديد مدة إضافية لإصدار الحكم وإصدار تدابير مؤقتة أو تحفظية أثناء نظره للنـزاع و ذلك حسب اتفاق الأطراف، كذلك للمحكم- في حال عدم تحديد الأطراف القواعد التي تحكم النزاع أو عدم تحديد القانون واجب التطبيق على موضوع النــــزاع و إجراءاته – إمكانية اختيار قانون مناسب يحكم النزاع
كما رأينا أن ثمة التزامات تقع على عاتق المحكم يترتب على مخالفتها التأثير على ما قد يصدر من قرارات أو أحكام من هيئة التحكيم. وتحرص قواعد وقوانين التحكيم على النص على الالتزامات التي يتعين على المحكم احترامها، بحكم ارتباطها بأركان التحكيم القانونية، ومن الواضح أنه لا يمكن وضع قائمة حصرية بمثل هذه الالتزامات، إذ أنها تتعدد وتختلف من قانون لآخر ومن مجال للتحكيم إلى مجال آخر، ولذلك يتعين على المحكم حتى قبل قبوله القيام بمهمة التحكيم الاطلاع على المصادر المحتملة لهذه الالتزامات ومن ثم التقيد بها.
مسؤولية المحكم بين الرفض والقبول
يحظى موضوع مسؤولية المحكم بأهمية بالغة على المستوى العملي النظري، فعلى المستوى النظري لم تحظ مسؤولية المحكم باهتمام الأنظمة القانونية القديمة والحديثة[9]، ولم تنل ما تستحقه من دراسة أو بحث على نحو ما حدث بالنسبة لموضوعات التحكيم بصفة عامة.
فإبطال الحكم أو رفض الاعتراف به أو تنفيذه، هو جزاء يوجه للأطراف وليس للمحكم، ولا يعوض الضرر الذي يلحق بالأطراف والمتمثل في إعادة الإجراءات من جديد لتظل فكرة المسؤولية هي الجزاء المناسب الذي يتجاوز نطاق الجدل الفقهي.
فإذا كان المحكم يخضع بالفعل لبعض الجزاءات التي تنطوي على معنى تأديبي منها الإقالة والتجريح، إلا أن إعمال هذه الجزاءات يتوقف على بروز أسبابها أثناء سير الإجراءات، فإذا استمر ذلك إلى ما بعد صدور الحكم، فلا يملك الأطراف إلا طلب إبطال الحكم إذا ما توافرت حالاته، فيتكبد الأطراف مشقة الطعن في الحكم ثم بدأ الإجراءات من جديد، ومن ناحية أخرى فهذا الإجراء لا يمس المحكم رغم تسببه في إبطال الحكم.
وهذا يستدعي البحث في مسؤولية المحكم عن هذه الأضرار، استقلالا عن دعوى إبطال الحكم، كما ينبغي تقرير مسؤولية المحكم عن الضرر الذي يلحق بالأطراف عندما يرفض القضاء الاعتراف بحكم التحكيم أو تنفيذه.
وقد قمنا بمقاربة مسألة مسؤولية المحكم من خلال منهج تحليلي، عبر التساؤل عن أساس مسؤولية المحكم ومؤسسات التحكيم قبل أن نتحدث عن موقف المشرع المغربي والمقارن، كما حاولنا الإجابة عن الخلاف الذي يثار حول نطاق مسؤولية المحكم؟ متى تبدأ مسؤوليته ومتى تنتهي؟ وهل يمكن الاتفاق على تعديل أحكام هذه المسؤولية؟ ثم ما هي الأحكام المنظمة لدعوى مسؤولية المحكم أم يمكن الاستئناس بالمبادئ العامة للمسؤولية؟.
ويلاحظ أن القانون الجديد للتحكيم سار نحو وضع أسس مسؤولية المحكم حيث نص الفصل 6-327 على أنه: “يجب على كل محكم أن يستمر في القيام بمهمته إلى نهايتها، ولا يجوز له تحت طائلة دفع تعويضات أن يتخلى عنها دون سبب مشروع بعد قبولها وذلك بعد إرسال إشعار يذكر فيه أسباب تخليه”
كما ثم التنصيص صراحة على إدانة المحكم الذي يصدر حكما تحكيمي لصالح أحد الأطراف بناءا على مقابل مادي، وهو ما نص عليه الفصل 248 من القانون الجنائي.
وهناك عددا من الأنظمة القانونية غير الحديثة التي أقرت مبدأ مسؤولية المحكم ونظمت أحكام قواعد مسؤوليته كالمادة 113 من القانون الإيطالي، وأيضا المادة 25 من القانون الإسباني الصادر سنة 1953, والمادة 942 من قانون الإجراءات المدنية الصيني، والمادة 30 من قانون التحكيم الإسرائيلي والتي أقرت المسؤولية كجزاء مستقل بغض النظر عن إبطال الحكم أو عدم إبطاله، غير أنها جعلت المسؤولية عن التعويض نابعة من مخالفة المحكم لاتفاقه مع الأطراف، أي أنها أخذت بالتكييف العقدي لعلاقة المحكم بالأطراف.
إلا أن المبدأ الذي استقر عليه غالبية القضاء هو عدم جواز استجواب المحكم والاكتفاء بما أورده في حكمه، مؤكدا أن السماح باستجواب المحكم من قبل محامي الأطراف سيفقد التحكيم قيمته كوسيلة سريعة لتسوية المنازعات.
ونحن لا نؤيد هذا الاتجاه، فالمحكم يمارس مهمة قضائية حقيقية، وليست شبه قضائية وهذه الطبيعة القضائية لا تثبت لمهمة المحكمين على سبيل التجاوز أو التشبيه وإنما على سبيل القطع واليقين، ورغم ذلك فإن هذه الطبيعة القضائية الخالصة لمهمة المحكم لا تبرر إعفاءه من المسؤولية عن أية أخطاء يرتكبها، كما لا تبرر من حيث المبدأ حضر إخضاعه للاستجواب والرقابة، فالقاضي الوطني قد يخضع مع ذلك لذات الاستجواب عند مخاصمته.
ويلاحظ أن المشرع المغربي لم يتبن نظاما متكاملا لتقرير مسؤولية المحكم، فهو لا يخضع لنظام مخاصمة القضاة أو دعوى الرجوع كما هو معمول في القانون الفرنسي وإنما تتم مسائلته وفق القواعد العامة للمسؤولية. وبمجرد انتهاء المحكم من القيام بمهمته تنتهي صفته كمحكم وقد تنقضي لسبب قد يتعلق بالمحكم أو بالأطراف المحتكمة، إذ تتميز ولاية المحكم بأنها ولاية خاصة ومؤقتة بالنزاع محل التحكيم ومن ثم فإنه عقب انتهاء ولايته سواء كان انتهاء طبيعيا أو مبتسرا تنقضي صفته كمحكم فمصدر ولايته اتفاق المحتكمين.
وفي تقديرنا أن غياب النصوص لا يجب أن يكون حائلا دون مسائلة المحكم، ولو اقتضى الأمر الرجوع إلى القواعد العامة للمسؤولية مع مراعاة الخصوصية التي تتسم بها مهمة المحكم.
حصانة المحكم بمناسبة ممارسة مهمته
فمبدأ الحصانة كضمانة ممنوحة للجهاز المنوط به تسوية المنازعات لا يمكن التمتع به إلا إذا كان له سند قانوني، سواء في ظل القوانين الوطنية أو الاتفاقيات الدولية، إذ لا يمكن الحديث عن الحصانة – من حيث المبدأ – استنادا إلى اتفاق تعاقدي أو إلى نظام مركز تحكيمي مادام أنه لا يوجد تنظيم خاص لمسائلة المحكم.
وقد أجمع الاجتهاد الفقهي المقارن والباحثين المهتمين بحصانة المحكم على أنه يتم استحضار مسؤولية المحكم كلما تعلق الأمر بالخطأ المقصود، أو سلوك يتسم بالغش أو التدليس من طرف المحكمين. ففي هذه الحالات يكون المحكم قد أخل بمهمته كقاض، ولا يحظ بأية حماية قانونية.
وإذا كانت القوانين الأنجلوأمريكية( مثل القوانين الأمريكية، الأنجليزية، الإرلندية، الكندية، الهندية، الجنوب الإفريقية..) تخول حصانة شبه مطلقة للمحكم أسوة بالحصانة التي يتمتع بها القاضي، فان الفقه والاجتهاد القضائي وخصوصا الفرنسيين أخد يتوجه نحو اعتبار العلاقة بين المحكم والأطراف علاقة تعاقدية، وبالتالي فهي خاضعة لمبدأ المسؤولية التعاقدية، أيا كانت الحصانة والحماية التي يعطيها القانون والاجتهاد لمهمة المحكم.
الرقابة القضائية
ويوحي مبدأ استقلالية إجراءات التحكيم بأنه يتعين رفع يد القضاء الرسمي بصفة كلية عن النزاع الذي تم إبرام اتفاق التحكيم بشأنه، “إلا أنه وباعتبار أن القيود الواردة على حق التقاضي يجب تفسيرها تفسيرا ضيقا لتسهيل الولوج إلى القضاء،”
وإذا كانت الطعون التي يمكن أن يرفعها المحتكمون أمام المحاكم الرسمية تشكل آلية فعالة لرقابة هذه المحاكم على أعمال المحكمين، فهناك آليات مساعدة يتوفر عليها رئيس المحكمة للتدخل في الدعوى التحكيمية تبدأ من تشكيل هيئة التحكيم وتنفيذ قرارتها عن طريق منح الصيغة التنفيذية والتي ينفرد بها القضاء الرسمي.
ويبدو من خلال قراءة سريعة لقانون التحكيم الجديد أن المشرع المغربي قد سار في اتجاه جعل قضاء الدولة يلعب دورا مزدوجا لا يقف عند حد الرقابة اللاحقة على التحكيم من خلال دعوى إبطال الحكم، وإنما يمتد إلى المساعدة في تسيير إجراءات التحكيم عندما أناط بالقضاء مهمة المساعدة[10] في تعيين المحكمين ابتداء واستكمال تشكيل هيئة التحكيم أثناء سير الإجراءات, وعزل المحكم وإنهاء الإجراءات والفصل في الطعن على القرار الصادر برفض طلب تجريح المحكم. كما منح المشرع للمحكمة دورا إيجابيا في الرقابة على التحكيم بمناسبة طلب تنفيذ الحكم, فلها أن ترفض التنفيذ من تلقاء نفسها إذا كان الحكم صادرا في مسألة لا يجوز التحكيم فيها أو تضمن ما يخالف النظام العام في المغرب.
على انه، لا ينبغي الاعتقاد أن الرقابة القضائية تحد من نطاق المسؤولية، فرغم تشابه حالات المسؤولية مع حالات إبطال حكم التحكيم، وبالرغم من استخلاصنا لحالات المسؤولية من النظرية العامة للتحكيم، إلا انه لكل طريق محدداتها والياتها وأهدافها وأثارها ونتائجها. فيمكن للأطراف سلوك إما دعوى إبطال الحكم التحكيمي إذا توافرت أسبابه أو دعوى المسؤولية التحكيمية، أو هما معا. وهذا لا يعني أن نتائجهما ستكون واحد بالنسبة للأطراف، بل أكثر من ذلك قد يقبل القضاء ويبث في إحداهما ويرفض الأخرى لعدم توافر شروطها.
خاتمة:
³التوصيات والنتائج
خلصت هذه الدراسة إلى مجموعة من النتائج نذكر منها ما يلي:
رغم المجهودات التي بذلها المشرع المغربي للارتقاء بمستوى التحكيم على المستوى الوطني بإصداره القانون الجديد 05-08، يلاحظ أن هناك بعض المقتضيات التي يجب الإسراع في تعديلها لكي تتماشى مع روح وأهداف التحكيم نذكر على سبيل المثال لا الحصر:
– توسيع نطاق تطبيق مسطرة التحكيم من حيث الأشخاص ذلك
أن مجموعة من المقتضيات القانونية توحي بان التحكيم لا يمكن أن يكون إلا بين التجار بحيث “لا يصح شرط التحكيم إلا فيما بين التجار”، وهي بذلك تقصي فئة كبيرة من المجتمع المدني والتي يمكن أن تستفيد من مقتضيات قانون التحكيم ونخص منها بالذكر نزاعات الشغل الفردية التي لم يتم التنصيص عليها صراحة كنزاعات قابلة للتحكيم رغم أن الاجتهاد القضائي المغربي اعتبرها من قبيل النزعات التي يمكن الفصل فيها عن طريق التحكيم، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على الاتجاه الخاطئ والغير البناء الذي سلكه المشرع، فعوض تشجيع أفراد المجتمع المدني على فض نزاعاتهم عن طريق القانون التفاوضي الإرادي، سلك القانون اتجاه تشجيع الأفراد الذين ليست لهم صفة تاجر ولوج المحاكم، وهذا يتناقض مع فلسفة التفاوض والحوار المبتغين من جراء سن هذا القانون.
-توسيع كذلك النطاق الموضوعي لمسطرة التحكيم ليشمل بعض النزاعات المشكلة لموضوع اختصاص المحاكم التجارية مثل مساطر صعوبة المقاولات والتي وإن كانت تتعلق كلها بالنظام العام بما تتطلبه من إجراءات وأجهزة وآجال محددة، يدعو بعض الفقه إلى إمكانية اللجوء إلى التحكيم بشأن هذه النزاعات في مختلف المراحل سواء قبل صدور الحكم الفاتح لمسطرة التسوية القضائية أو التصفية القضائية أو بعد صدور هذا الحكم.[11]
-إحداث آليات قانونية من شأنها جعل القضاء الرسمي يساعد المحكم أو الهيئة التحكيمية على الوصول إلى حل النزاعات التي تعرض عليهم، وهذا يقتضي بالضرورة منح المحكم المزيد من الصلاحيات لتسيير الدعوى التحكيمية، مع تخفيف التدخل القضائي على مستوى الإجراءات.
-إذا كان التحكيم يمتاز بخاصية التخصص في موضوع النزاع، فإنه يتعين على القوانين المقارنة أن تذهب في اتجاه تخصص القضاء في مادة التحكيم، أي أن تضع الإطار القانوني لتعيين قاض متخصص على مستوى كل محكمة تكون مهمته التدخل في القضايا والإجراءات التحكيمية عوض رئيس المحكمة[12]، وذلك على غرار قاضي التنفيذ في الميدان المدني والتجاري أو قاضي تطبيق العقوبة في الميدان الجنائي، ويكون دوره هو تذليل الصعاب، علما أننا طالبنا غير مرة في هذه الأطروحة أن المحكم ينبغي أن يتمتع بسلطة قانونية تسمح له بمباشرة مهمته بكل استقلالية، لأن ذلك سيساهم في تحقيق فعالية التحكيم.
-وإذا كان التحكيم يساعد في التخفيف من أعباء القضاء من خلال حل النزاعات، فإنه يلاحظ أن هذه الوسيلة غير معروفة لدى العديد من رؤساء المقاولات خصوص منها المتوسطة والصغرى، خصوصا إذا أيقنا أن هذه المقاولات تمثل أكثر من 90 في المائة من النسيج الاقتصادي المغربي، وبالتالي سنستنتج أن هذه الآلية لحل النزاعات لا تستعملها إلا نخبة من الشركات بسبب غياب حملات التحسيس اللجوء إلى التحكيم[13].
-لا شك أن تدخل الفقه المغربي في تفسير النصوص القانونية الخاصة بالتحكيم، وتعليقه على التطبيقات القضائية واقتراحه كل ما من شأنه أن يساهم في تطوير آليات حل النزاعات، والبحوث التي أنجزت ولا زالت تنجز في هذا الموضوع، سيمكن التحكيم من النهوض بالوظيفة القضائية إلى جانب القضاء الرسمي[14].
-تقييد سلطة الرقابة المتعلقة بمسطرة التصريح بالمحكمين،
فقد أرسى المشرع قاعدة غريبة مفادها انه يطلب من المحكمين أن يصرحوا بمهمتهم للوكيل العام للملك، ويعطيهم هذا الأخير وصلا بالتصريح ويقيد المعنيين بالأمر في قائمة المحكمين لدى محكمة الاستئناف المعنية وذلك بعد دراسة وضعيتهم. حيث نص الفصل 321 من قانون الجديد للتحكيم رقم 08/05 على انه “يجب على الأشخاص الطبيعيين الذين يقومون اعتياديا أو في إطار المهنة بمهام المحكم إما بصورة منفردة أو في حظيرة شخص معنوي يعتبر التحكيم أحد أغراضه الاجتماعية ، أن يصرحوا بذلك إلى الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف الواقع في دائرة نفوذها محل إقامة الأشخاص الطبيعيين المذكورين أو المقر الاجتماعي للشخص المعنوي . يسلم الوكيل العام وصلا بالتصريح ويقيد المعنيين بالأمر في قائمة المحكمين لدى محكمة الاستئناف المعنية وذلك بعد دراسة وضعيتهم “. فهذا الفصل يتناقض تماما مع مفهوم التحكيم الذي ينبني أساسا على الإرادة والاختيار.
كما أن أنه في ظل التطورات الاقتصادية العالمية[15] وظهور بعض الوسائل التكنولوجية الحديثة مثل الانترنت ساهمت في تطوير آلية التحكيم حتى أصبح هناك ما يسمى بالتحكيم الافتراضي و هو ما لم يسايره المشرع المغربي بحيث سكت عن هذه النقطة و لم يتطرق إليها في هذا القانون الجديد.
ومن خلال قراءة قانون التحكيم المغربي، يلاحظ أن المشرع لم يعط أهمية كبيرة لتنفيذها أحكام التحكيم الأجنبية ، وهو الأمر الذي يعتبر قصورا من شأنه أن يؤثر على الاستثمار واللجوء إلى التحكيم بدل القضاء[16].
ومما لا ريب فيه أن اختلاف المركز القانوني للمحكم عن المركز القانوني للقاضي ناتج عن اختلاف طبيعة التحكيم عن القضاء إذ يعتر التحكيم وسيلة خاصة للفصل في النزاع تشكل في كل حالة على حدة حسب طبيعة النزاع ومتطلباته، بينما القضاء هو أداة عامة لحماية الحقوق والمراكز القانونية تحكمه قواعد عامة جاهزة للتطبيق على نوعية القضية.
ورغم أن أحكام ظهير المسطرة المدنية الصادر بتاريخ 28 شتنبر1974 المنظمة للتحكيم خلت من تنظيم لأحكام مسؤولية المحكم أو الإشارة إليها، فإنها تسمح بصعوبة للمحكم التنصل من مسؤوليته أو الحد منها[17]، وهو ما يمكن الوقوف عليه من خلال الفصل 6-327 منه الذي ينص على أنه: “يجب على كل محكم أن يستمر في القيام بمهمته إلى نهايتها، ولا يجوز له تحت طائلة دفع تعويضات أن يتخلى عنها دون سبب مشروع بعد قبولها وذلك بعد إرسال إشعار يذكر فيه أسباب تخليه”.
الهوامش
[1] د.أحمد محمد حشيش: ” طبيعة المهمة التحكيمية “،دار النهضة العربية ، 2000، رقم 109، ص من 296. إلى ص 354، حيث يؤكد هذا الفقيه أن ” التحكيم ظاهرة حضارية تلقائية، ذاتية تمثل نظاما أصيلا متحررا من العناصر التعاقدية والقضائية”، منتهيا إلى القول إن التحكيم ” غير العقد وغير القضاء منفردين أو مجتمعين، فكما ليس العقد تحكيما ليس التحكيم عقدا وكما ليس القضاء تحكيما، ليس التحكيم قضاء، ومن باب أولى ليس التحكيم عقدا وقضاء معا…بل مجرد تقنية للحياد.”
[2] محمد العشماوي وعبد الوهاب العشماوي:”قواعد المرافعات”، الجزء الأول، 1957، بند 236، ص 289.
[3] د.الحسين السالمي:”التحكيم وقضاء الدولة”، دراسة علمية تأصيلية مقارنة، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، 2008 ، ص.
[4] كلا الفقيهين يناصران الإتجاه الذي ينزع الصبغة القضائية على التحكيم حيث قال الأستاذ دفيد أن : « l’arbitrage est dans son essence un phénomène distinct dudroit, antagoniste au droit »
[6] T.Clay : « L’arbitre », op.cit, n°114, p105.
[7] حيث يؤكد الفصل 9-327 من قانون التحكيم المغربي على أنه:”على الهيئة التحكيمية قبل النظر في الموضوع أن تبت إما تلقائيا أو بطلب من أحد الأطراف في صحة أو حدود اختصاصاتها أو في صحة اتفاق التحكيم وذلك بأمر غير قابل للطعن إلا وفق نفس شروط النظر في الموضوع وفي نفس الوقت.”
[8] د.على بركات: “خصومة التحكيم في القانون المصري والقانون المقارن”، مرجع سابق، ص 215.
[9] د.ناريمان عبد القادر:” اتفاق التحكيم”، دار النهضة العربية، 1996، القاهرة، ص 40 وما يليها.
[10] يسمى أحد الفقه هذه المساعدة التي يقدمها القضاء للتحكيم بالإسعاف، ذ.عبد الله درميش: “الرقابة القضائية على الأحكام التحكيمية الأجنبية والدولية في الدول العربية”، مقال منشور بالمجلة المغربية للوساطة والتحكيم، العدد 4، السنة 2009، ص 6 وما بعدها.
[11] للمزيد من التفصيل يراجع في هذا الصدد مداخلة تحت عنوان ” التحكيم ومساطر صعوبة المقاولة أية علاقة ؟ ” للأستاذ رياض فخري، أستاذ جامعي بكلية الحقوق بسطات، وردت بمجلة المحاكم المغربية عدد 117 نونبر- دجنبر 2008 ص 17.
[12] للإشارة فرئيس المحكمة التجارية يضطلع بمهام متعددة وواسعة، وبالتالي فتكليف قاضي مختص بقضايا التحكيم على مستوى كل محكمة له من المبررات العملية ما من شأنه أن يساعد على النهوض بآلية التحكيم.
[13] كلمة ألقاها حسن الشامي، رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب بمناسبة ندوة ” التحكيم التجاري الداخلي والدولي” المنظمة من طرف وزارة العدل والاتحاد العام لمقاولات المغرب يومي 3و4 مارس 2004، سلسلة دفاتر المجلس الأعلى العدد 6/2005 ص 18.
[14] د.عبد الكبير العلوي الصوصي:”رقابة القضاء على التحكيم دراسة في القانون المغربي والمقارن”، مرجع سابق، الطبعة الأولى، يونيو 2012 ص 428.
[15] المتمثلة في تنوع وتعقد العلاقات الدولية، وعولمة الاقتصاد، ورفع الحدود الجمركية، وتحرر الأسواق، وسرعة تداول الأموال والقيم المنقولة…
[16] ذ محمد فاضل الليلي محام بهيئة المحامين بأكادير، مقال تحت عنوان “الحكم التحكيمي” قدمه في الندوة الجهوية التي نظمت بمدينة العيون سنة 2007 احتفاء بالذكرى 50 لتأسيس المجلس الأعلى.
[17]A.Boudahrain : «L’arbitragecommercial interne etinternational au regard du Maroc » op.cit, n°53, p82.
اترك تعليقاً