مكاتب التشغيل والتخديم
مكاتب التوظيف والتخديم employment agencies هي المكاتب المخصصة لمساعدة المتعطلين عن العمل في إيجاد فرص العمل بشرطين: الأول أن يكونوا قادرين على العمل، والثاني أن يكونوا متعطلين فعلاً.
ومعنى ذلك أن أي عامل مرتبط بعقد عمل لا يحق له أن يسجل نفسه في هذه المكاتب لأنها مخصصة للذين يعانون حالة البطالة [ر]، ولا تقبل هذه المكاتب العجزة وغير القادرين على العمل، لأن استخدام مثل هؤلاء يتم عن طريق مكاتب أخرى خاصة بالمعاقين والعجزة، فهي تعاون المتعطلين على الالتحاق بالأعمال والوظائف التي تناسب سنهم وكفاءتهم ووضعهم العائلي.
ولا يكون لقيد العامل اسمه في هذه المكاتب أي مفعول تعاقدي معها، لأنها ليست صاحبة عمل ولا تدفع أجراً ولا تعويضات، فمهمتها تنظيمية تقتصر على تجميع رغبات الشركات والدوائر والمؤسسات وغيرها من أصحاب العمل ومعرفة حاجاتها المهنية، وإرسال المتعطلين إليها، وذلك كله من دون تقاضي أي أجر أو رسم من أي جهة. وهذه المكاتب قد تكون حكومية، أو خاصة تتولاها الجمعيات والمؤسسات الخاصة.
وقد أفرد المشرّع في الجمهورية العربية السورية فصلاً خاصاً في قانون العمل الموحد لعام 1959 لمعالجة أوضاع المتعطلين عن العمل، ونصّ على إنشاء مكاتب التوظيف والتخديم التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل. ولكن هذه النصوص لم تنفذ حتى اليوم. وتنحصر مهمة هذه المكاتب في تسجيل أسماء المتعطلين عن العمل لديها وإرسالها إلى أي جهة تطلب استخدامهم. ولا تزيد نسبة الذين يتم استخدامهم عن طريق هذه المكاتب على 1% من عدد المتعطلين، أي إن الإدارة الحكومية لا تمارس مسؤوليتها في تنظيم البطالة وتوجيهها. وعندما صدر القانون الأساسي للعاملين في الدولة لعام 1959 جاء خلواً من أي نص حول هذه المكاتب نافياً بذلك أي وجود لها في قطاع الدولة، وبقيت نصوص قانون العمل الموحد المتعلقة بمكاتب التخديم سارية بشأن القطاع الخاص وحده، فالإدارة الحكومية تستخدم العمال وفق النصوص القانونية عن طريق المسابقة وليست ملزمة باستخدام المهنيين وغيرهم عن طريق مكاتب التخديم والتوظيف.
أما في بعض الدول العربية كجمهورية مصر العربية فيتم تعيين الخرجين من الجامعات عن طريق إدارة القوى العاملة التي تقوم بمهمة مكاتب التوظيف والتخديم في مساعدة الخريجين على إيجاد عمل لهم.
والنظام الخاص بمكاتب التوظيف والتخديم المنصوص عنها في قانون العمل الموحد يقضي بوجود لجان استشارية لهذه المكاتب تؤلفها الوزارة المختصة من ممثلين عن الإدارة ونقابات العمال ومنظمات أصحاب العمل، مهمتها رسم سياسة الاستخدام في البلاد وجمع المعلومات عن حاجة سوق الاستخدام إلى مهن معينة بحسب الخطط الاقتصادية المستقبلية وتوجيه التعليم المهني نحوها، كما تبحث إمكانية توجيه اليد العاملة المتوافرة في منطقة ما إلى منطقة أخرى تحتاج إليها وتتكفل المكاتب بأجور نقل المتعطلين وعائلاتهم.
وإذا ما قُدّر لهذه اللجان أن تنهض بمسؤولياتها فإنه سيكون بمقدورها أن تقدم إحصاء لعدد العاملين وأنواع مهنهم ومكان وجودهم، كما يمكنها معرفة حاجة سوق الاستخدام إذا قدم لها أصحاب العمل والشركات والدوائر الحكومية طلبات استخدام للمشروعات القائمة ومشروعات المستقبل؛ تزودها بمعلومات وافية عن قوة العمل في البلاد وتنوعها حتى يمكن توزيعها واستخدامها بسرعة.
وعملاً بالنصوص الناظمة لهذه المكاتب التي ما زالت بانتظار تطبيقها، لا يجوز توظيف أي متعطل أو تخديمه إلا إذا كان حاصلاً على شهادة قيد من أحد مكاتب التخديم، أي إن العامل المتعطل الراغب في العمل ملزم قيد اسمه في المكتب والحصول على شهادة متعطل عن العمل تُحدّد فيها كل المعلومات عن ثقافته ومهنته ووضعه العائلي.
كما يلتزم رب العمل بموجبها إبلاغ مكتب التخديم عن الأعمال التي خلت في مؤسسته مع بيان أنواعها وعددها وذلك في مدة سبعة أيام من تاريخ خلوها. وعليه أيضاً استخدام العمال المتعطلين الذين ترسلهم مكاتب التخديم لأشغال العمال الخالية، وإعادة شهادة المتعطل إلى مكتب التخديم بعد أن يتم استخدام العامل لديه، ورب العمل ملزم أيضاً أن يرسل، بصورة دورية إلى مكاتب التخديم في أول كل عام وفي منتصفه، بياناً مفصلاً بعدد عماله وأنواع مهنهم وسنهم وجنسيتهم، وكذلك بياناً بالشواغر وبما يتوقع الحاجة إليه في ضوء خطط المستقبل.
وإلى جانب مكاتب التوظيف والتخديم الحكومية سمح القانون بإنشاء مكاتب تخديم خاصة تقوم بها الجمعيات والمؤسسات الخاصة للمساعدة في تشغيل المتعطلين عن العمل بشرطين: الأول: أن تبلغ الجهة الإدارية المختصة بإنشائها وأماكن وجودها، والثاني: أن ترسل إلى هذه الجهة الإدارية المسؤولة تقارير شهرية بأعمالها. وهذه المكاتب لا تحتاج إلى ترخيص مسبق، ولها أن تتقاضى أجوراً من تخديم المتعطلين من صاحب العمل فقط.
وعملاً بأحكام الاتفاقية الدولية الخاصة بمكاتب الاستخدام المأجورة، النافذة في سورية بموجب القانون رقم 370 لعام 1957. يمكن إنشاء مكاتب تخديم خاصة مأجورة بشرط الحصول على ترخيص الحكومة لتوفير عمل لعامل أو توفير عامل لصاحب عمل ويكون من أهدافها الربح، ولكن مثل هذه المكاتب لم تظهر بعد إلى حيز الوجود في الجمهورية العربية السورية.
ولابد من الإشارة إلى أن مهام مكاتب التوظيف والتخديم تختلف تماماً عن مهام متعهدي توريد العمال، المحددة في قانون العمل الموحد، والذين يقدمون لصاحب العمل جماعة من العمال للقيام بالأعمال العرضية فقط. فلا يحق لهؤلاء المتعهدين مزاولة عملهم من دون ترخيص من الإدارة، كما لايحق لصاحب العمل التعاقد معهم على توريد العمال من دون أن يتأكد من وجود هذا الترخيص. ولايحق لمتعهد توريد العمال تقاضي أي أجر من العامل لقاء تشغيله ويبقى حقه في ذلك محصوراً بصاحب العمل وحده.
كما لابد من التنويه بأهمية مكاتب التوظيف والتخديم في تنظيم الاستخدام وحصر قوة العمل وتوزيعها مما يساعده على استخدام طاقات العمل على نحو أفضل ويسهم في الحد من مشكلة البطالة.
اترك تعليقاً