الطبيعة القانونية للمحل التجاري وصفاته المميزة
بعد أن رأينا أن المحل التجاري يتكون من عناصر معنوية وأخرى مادية، وقد لا تجتمع كافة هذه العناصر في المحلات التجارية حيث يختلف تكوينها حسب نوع النشاط التجاري الذي يمارسه التاجر، غير أنه يجب توفر عنصر الإتصال بالعملاء في جميع المحلات التجارية نظراً لطابعه الإلزامي فهو إذا القاسم المشترك للمحلات التجارية على اختلاف انواعها وتباين نشاطها .
ولقد اختلف الفقهاء في تحديد الطبيعة القانونية للمحل التجاري وهذا من أجل تحديد خصائصه الجوهرية لهذا ظهرت عدة نظريات في هذا الشأن لابأس أن نراها بإختصار حتى نصل في النهاية إلى تحديد الصفات المميزة للمحل .
المطلب الأول : الطبيعة القانونية للمحل التجاري :
الفرع الأول : نظرية المجموع القانوني : Thèse de l’ universalité juridique
فهناك من يرى أن المحل التجاري هو مجموعة قانونية، أي عناصره مرتبطة ببعضها البعض برباط وثيق لتكوين مال خاص، فهو ذمة تخصيص ويصطلح عليه Patrimoine d’affectation فإذاً المحل التجاري هنا يكون مجموعة من الأموال تشتمل على حقوق وديون ناتجة عن الاستثمار التجاري والتي تتميز عن حقوق والتزامات التاجر، ولقد اتبع هذه النظرية بعض التشريعات مثل التشريع الألماني، حيث اصبح المحل التجاري شخص اعتباري له حياة خاصة مستقلة عن حياة التاجر، وله نفس الحقوق والإلتزامات الموجودة عند أي شخص معنوي .
ولكن هذه النظرية انتقدت ولا يمكن أن تكون ضمن التشريع الجزائري وهذا لأن المشرع الجزائري يعرف مبدأ وحدة الذمة Principe de l’unité du patrimoine أي أن التاجر لا تكون له إلا ذمة مالية واحدة،(1) وهذا موقف القانون الفرنسي كذلك .
زيادة على ذلك فإنه لا يمكن إعتبار المحل التجاري شخص معنوي حيث لم تذكر في القائمة الواردة في المادة 49 من القانون المدني التي تحدد الأشخاص الإعتبارية .
الفرع الثاني :
نظرية المجموع الواقعي : Thèse de l’universalité de fait
هنا المحل التجاري هو مجموعة واقعية، وهو مجموعة عناصر مرتبطة برباط فعلي واقعي ومخصص لنفس التجاري أ ي لغرض واحد، وتصبح هذه العناصر كيان واقعي وليس كيان قانوني، وإن هذه النظرية كذلك لم تسلم من النقد وعبارة المجموع الواقعي تبين لنا الوضعية القانونية ولكن لم تعطي لنا مدلول قانوني دقيق .
الفرع الثالث : نظرية الملكية المعنوية (حق استغلال عنصر الإتصال بالعملاء) Thèse de la propriété incorporelle
إن أساس هذه النظرية يرتكز حول عنصر الإتصال بالعملاء، وبصورة تبعية على عناصر أخرى الغرض منها هو الإحتفاظ بالزبائن، فالأولوية هي دائماً لعنصر الإتصال العملاء، ولكن رأينا سابقاً إن هذا العنصر مهم ولكنه لا يكفي لوحده فلا بد أن يستند إلى عناصر أخرى أو عنصر واحد يسمى العنصر السند وإن كل الفقه يرجح هذه النظرية وهذا لتقاربها مع حقيقة المحل التجاري.
و الخلاصة : التي يمكن لنا أن نستنتجها هو أن المتجر هو مجموعة من الأموال يجمعها التاجر لتحقيق غرض مشترك ويشكل ملكية معنوية والحق الممنوح لصاحبها يعتبر شبيه بالحقوق الممنوحة لسائر الملكيات المعنوية الأخرى حيث يستطيع التاجر إستثمار متجره وحماية عنصر العملاء الذي يعد الركيزة الأساسية فيه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر المادة 188 من القانون المدني(( جميع اموال المدين ضامنة للوفاء بديونه))
المطلب الثاني : الصفات المميزة للمحل التجاري
بعد أن درسنا تعريف المحل التجاري والنظريات التي قيلت فيه، اتضح لنا صفات وخصائص تميز المحل التجاري لذا يجب أن ندرسها لأنها صفات, لا يتميز بها إلا المحل التجاري وحده .
ورغم أن تحديد الطبيعة القانونية للمحل التجاري اختلف فيها، ولكن صفاته المميزة لم تكن موضوع خلاف، فالمتجر هو مال منقول معنوي لأنه يتألف من عناصر منقولة غالبيتها عناصر معنوية.
الفرع الأول: المحل التجاري مال منقول: nature mobiles
إن العقار هو كل شيء ثابت بحيزه وثابت فيه ولا يمكن نقله منه دون تلف وكل ما عدا ذلك منشئ فهو منقول .
فلا يعد المحل التجاري عقارا فهو مال منقول لأنه لايحتوي إلا على أموال منقولة وهذه الأخيرة تمثل مجموعة عناصر مادية مثل: المعدات والبضائع، أو عناصر معنوية مثل الحق في الإيجار.
فلا يمكن أن يكون المحل التجاري موضوع رهن رسمي(رهن عقاري) Hypothèque لكنه يجوز أن يكون موضوع رهن حيازي nantissement ولا يجوز التمسك بالأحكام المتعلقة بالغبن lésion .
لكن: يبقى المحل التجاري مال منقول متميز بنوع من الإستقرار حيث يتم استغلاله في عقار هذا ما يجعله أن يكون ضمان كافيا في المعاملات التجارية، فغالبا ما يستعمله التاجر للحصول على قروض.
كما أخضع المشرع الدائنين المرتهنين لقاعدة الأسبقية في القيد وتعتبر هذه القاعدة شبيهة بتلك المعمول بها بالنسبة للرهن الوارد على العقار.
الفرع الثاني: المحل التجاري مال معنوي: le fonds de commerce bien incorporel
المحل التجاري مال منقول معنوي وإن كانت تدخل في تكوينه عناصر مادية كالمعدات والبضائع لكن وجود هذه العناصر المادية لايؤثر في طبيعة المحل التجاري الذي يتميز بعدم ماديته، ولكن أهم عناصره هي عناصر معنوية.
مثل عنصر الاتصال بالعملاء فهو عنصر إجباري وكذا عنصر الحق في الإيجار ورغم أنه مال منقول معنوي فهو ذو طبيعة خاصة فلا يخضع لجميع أحكام الأموال المنقولة العادية فلا يخضع لقاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية (en fait de meuble possession vaut titre )
ولهذا فأنه من هذا المبدأ تترب عدة نتائج:
01 – يقع على الشخص الذي اشترى محلا تجاريا من شخص ليس المالك الحقيقي لدعوى استحقاق المبيع من المالك الأصلي ولو كانت نيته حسنة action en revendication.
وكذلك لا يمكن تسليم المحل التجاري يدويا فلا بد من وجود عقد رسمي يتوافر فيه كافة الشروط القانونية لإثبات انتقال الملكية ولهذا يجب أن يتأكد المشتري من كافة البيانات الإجبارية.
02- لايمكن افتراض أن حائز المحل هو المالك الحقيقي، وإن اشتراه شخصان في نفــس الوقت فإن الأفضلية تعود لمن سبق في عقد البيع أي تاريخ العقد ولا يهم تسليم المحل التجاري.
الفرع الثالث: المحل التجاري مال أحادي ذو طابع تجاري
إن المحل التجاري مال منقول أحادي (Bien unitaire) لهذا يجوز بيعه أو رهنه أو تأجير تسييره أو تقديمه كإسهام في شركة.
وتختلف الأحكام التي تطبق على المحل التجاري وحده مع أي عنصر من عناصره فإذا تم رهن المحل فيرهن دون نزع الحيازة، بينما يختلف الأمر في حالة رهن البضائع، وبما أنه مال أحادي فهو لا يؤثر على النظام القانوني الخاص بالعناصر المكونة له، فكل عنصر يخضع لأحكام خاصة به.
فحق الإيجار يخضع للمادة 169 وما بعدها من القانون التجاري، وعلامة المصنع تخضع لأحكام الأمر رقم 66ـ57 المؤرخ في 19 مارس 1966.
والمحل التجاري كذلك هو مال منقول معنوي ذو طابع تجاري caractère commercial فيجب أن يرتبط بممارسة نشاط تجاري، وإذا كان لمزاولة مهمة حرة كالطبيب، أو المحامي فهنا لايعتبر محل تجاري، وكذا يجب أن يكون النشاط التجاري مشروع.(1)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر فرحة زراوي صالح , المرجع السابق, ص:199,194
وانظر كذلك في هذا الصدد ذ: نادية فوضيل , المرجع السابق , ص173,172
verge…… Droit commercial, DALLOZ, P.273 . 274. 275
اترك تعليقاً