خصائص قاعدة الإسناد
لقاعدة الإسناد خصائص معينة تميزها عن أى قاعدة قانونية أخرى، اذ انها قاعدة ليس لها مضمون موضوعى وهى أيضا قاعدة مزدوجة الجانب.
1ء قاعدة الإسناد ليس لها ـ فى الأصل العام ـ مضمون موضوعى:
لما كانت وظيفة قاعدة الإسناد تنحصر فى تركيز العلاقة القانونية وتحديد القانون الواجب التطبيق تبعا لذلك عليها فان قاعدة الإسناد ـ فى الاصل العام ـ ليس لها مضمون موضوعى چونتينو سوبستانتييل بمعنى أنها تقوم بتحديد القانون الواجب التطبيق على العلاقة فقط وتنتهى وظيفتها عند هذا الحد فهى لا تتكفل مباشرة باعطاء الحل النهائى للنزاع.
كذلك فهى لاتهتم بمضمون هذا الحل الذى يتكفل بتقديمة القانون الذى عقدت له الاختصاص، فقاعدة الإسناد على سبيل المثال قد تعقد الاختصاص لحكم مسائل المسئولية التقصيرية، لقانون محل وقوع الفعل الضار، ولكنها تستند فى ذلك عندئذ لاعتبارات التركيز فقط دون ادنى اعتداد بالحلول الموضوعية التى يتضمنها هذا القانون.
ويتفق هذا الطابع لقاعده الإسناد مع مفهوم العدالة الذى تسعى هذه القاعدة لتحقيقه لاجوستيچي چونفليچتويللي اذ ان هذا المفهوم يتحقق باخضاع العلاقة لاكثر القوانين ارتباطا بها وليس لافضل القوانين من ناحية حلوله الموضوعية.
ويعبر الفقه عن هذه الخصيصة لقواعد الإسناد بالقول بان هذه الأخيرة تتسم بالحيدة الموضوعية ماتيريالليمينت نيوتري او بانها قواعد غير مباشرة ينديريچتي بمعنى انهالاتتكفل مباشرة بتقديم الحل النهائى للنزاع وانما تقوم فقط بتعيين القانون الذى تتكفل قواعده الموضوعية بتقديم هذا الحل، وفى هذا تختلف قواعد الإسناد عن معظم القواعد المنظمة للعلاقات ذات الطابع الدولى وهى قواعد مباشرة اوذات مضمون موضوعى، فقواعد الجنسية تقوم مباشرة بتحديد من هم رعايآلدولة ولاتقوم بمجرد الاشارة الى القانون الذى يتكفل بتحديد هذا الأمر كذلك تقوم قواعد مركز الأجانب ـ وفيما عدا الأحوال التى تشترط فيها القواعد المعاملة بالمثل ـ بتحديد الحقوق التى يتمتع بها الأجانب داخل اقليم الدولة ولا تقتصر على مجرد تعيين القانون الذى يحدد هذه الحقوق.
وتتفق قواعد الإسناد بصدد هذه الخصيصة مع غالبية القواعد المتعلقة بالاختصاص القضائى الدولى فهذه القواعد الأخيرة ليست قواعد موضوعية لانهالاتتكفل بحسم النزاع وانما تحدد اختصاص المحاكم الوطنية منظر المنازعات ذات العنصر الأجنبى سواء كان هذا الاختصاص عام ومباشرة او الاختصاص غير مباشر.
2ء قاعدة الإسناد ـ فى الاصل العام ـ قاعدة مزدوجة.
ويقصد بذلك أنها تبين حالات تطبيق القانون الوطنى وحالات تطبيق القانون الأجنبى، فالقاعدة التى تقضى بخضوع اهلية الشخص لقانون جنسيته تؤدى الى تطبيق القانون المصرى إذا كان الشخص الذى يثور النزاع بصدد اهليته مصريا، ونفس هذه القاعدة تؤدى الى تطبيق القانون الفرنسى إذا كان الشخص الذى ثار النزاع بشأن اهليته فرنسيا، وبعبارة أخرى فإن قاعدة الإسناد تحمل فى طياتها مضمونا مزدوجا من شأنه امكان تطبيق القانون الوطنى والقانون الأجنبى على حد سواء.
لذلك فإنه بالرغم من أن قاعدة الإسناد تقوم بتحديد القانون الواجب التطبيق على علاقة، إلا أن هذا التحديد يتم بشكل مجرد إذ لا تقوم قاعدة الإسناد بتحديد قانون دولة معينة بالذات لحكم العلاقة ففى المثال الخاص بالأهلية تحدد الإسناد القانون الواجب التطبيق عليها بأنه قانون الجنسية، ولكن معرفة ما إذا كان قانون الجنسية هو القانون المصرى أو الفرنسى أو الانجليزى…الخ يتوقف بحسب ما إذا كان الشخص الذى اثير النزاع تحول اهليته مصريا او فرنسيا او انجليزيا…. الخ، اى يتوقف على العناصر الواقعية للنزاع، بعبارة أخرى فإن القانون الذى تقضى هذه القاعدة بتطبيقه لا يتم معرفته إلا إذا كان بصدد علاقة معينة محددة المعالم.
والواقع أن هذا المضمون المزدوج كما يقرراستاذنا الدكتور فؤاد رياض تتطلبه وظيفة قاعدة الإسناد الوطنية بوصفها الوسيلة الفنية لفض تنازع القوانين الذى يثور بشأن نزاع مطروح امام القاضى الوطنى.
فقاعدة الإسناد لاتكون قد ادت وظيفتها كاملة وهى تمكين القاضى الوطنى من فض المنازعات ذات الطابع الدولى، إذا هى اقتصرت على ايجاد حل للنزاع التى يكون فيها القانون الوطنى هو الواجب التطبيق، اذ سيترتب على ذلك أن تكون قاعدة الإسناد عديمة الجدوى فى الحالات التى لا يكون فيها القانون الوطنى للقاضى هو الواجب التطبيق “.
كذلك ـ وإذا غضضنا الطرف عما اصطلح الفقه على تسميته بصراع النظم والناجم عن اختلاف قواعد الإسناد من دولة لأخرى ـ فان الطبيعة المزدوجة تعد شرطا اساسيا للتوصل لوحده الحلول فى مجال تنازع القوانين.
وتختلف قواعد الإسناد بالنظر لطبيعتها المزدوجة عن بقية قواعد القانون الدولى الخاص، فإذا نظرنا الى قواعد الجنسية وجدنا ها مفرده الجانب، إذ تقوم بتحديد الشروط اللازمة لاكتساب جنسية الدول وفقدها دون أن تتعرض لبيان شروط اكتساب جنسية الدول الأخرى، فإذا قام المشرع بتنظيم جنسية دولة اجنبية افتقد هذا التنظيم لأى قيمة فى مواجهة الدول الأخرى لأنه ينطوى على المساس بسيادة الدولة الأجنبية التى تملك دون غيرها سلطة تحديد من يعتبر من رعاياها.
كذلك الأمر بالنسبة لقواعد الاختصاص القضائى الدولى التى تحدد الاختصاص العام المباشر للمحاكم الوطنية، أى بيان ما يدخل فى اختصاص هذه المحاكم من المنازعات ذات الطابع الدولى وما لايدخل، إذا ما عرضت عليها هذه المنازعات للفصل فيها بصورة مبتدأه، فإذا تبين ان النزاع لا يدخل ضمن اختصاص المحاكم الوطنية، فإن قواعد الاختصاص الوطنية لاتقوم بتعيين المحكمة الأجنبية التى يجب رفع النزاع اليها، إذ أن ذلك يعد تدخلا غير مقبول فى تحديد اختصاص مرفق القضاء فى الدولة الأجنبية وبالتالى ينطوى على المساس بسيادة هذه الدولة.
ولا تختلف القواعد المتعلقة بآثار الاحكام الأجنبية عن قواعد الاختصاص القضائى فى هذا الصدد، إذ يقتصر المشرع على تحديد آثار الحكم الأجنبى داخل اقليم دولته دون تحديد الاثار التى يمكن أن ترتبها الاحكام الوطنية خارج هذا الاقليم ولكن يجدر التنويه بأن بعض القواعد المتعلقة بتنفيذ الأحكام الأجنبية قد تكون بصفة استثنائية ذات طبيعة مزدوجة.
وأخيرا فإن قواعد مركز الأجانب هى أيضا قواعد مفرده، فهى تقوم بتحديد الحقوق التى يتمتع بها الأجانب فى اقليم الدولة ولا تعنى ببيان ما يتمع به الوطنيون من حقوق فى اقليم دولة اجنبية ” إذ أن ذلك امر ينفرد به مشرع كل دولة بالنسبة لاقليم دولة ولو قام المشرع بتحديد ما يتمتع به رعايا دولته لدى الدول الأجنبية من حقوق لكان عمله لغوا لا قيمة له وتجاوز لحدود اختصاصه.”
اترك تعليقاً