بحث قانوني رائع عن حماية الأطفال في ضوء قواعد و مبادئ القانون الدولي الإنساني
لقد أثبتت أحداث القرن العشرين أن الحروب المعاصرة تستهدف المدنيين بصورة متعمدة، وأصبح الإعتداء عليهم في كثير من الأحيان يشكل عنصراً من عناصر الحرب واستراتجياتها حيث تؤدي أشكال العنف التي تتخذها النزاعات المسلحة حالياً، وكذلك إستعمال الأسلحة المتطورة في القتال، إلى الزيادة في عدد الضحايا بين السكان المدنيين، وخاصة الأطفال
إن قواعد القانون الدولي الإنساني تحرّم الإعتداء على المدنيين، فتلزم الأطراف المتعاقدة بضرورة إتخاذ التدابير المناسبة التي تجعل المدنيين بمعزل عن التأثر بالعمليات الحربية.
ويلاحظ ذلك في إتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية المدنيين وقت الحرب عام 1949، والتي تعترف بحماية عامة للأطفال بإعتبارهم أشخاصاً مدنيين لا يشاركون في الأعمال العدائية. وتعترف لهم أيضاً بحماية خاصة وردت في سبع عشرة مادة على الأقل. ولما كان البروتوكولان المؤرخان في عام 1977، والإضافيان لإتفاقيات جنيف لعام 1949، يمثلان تعبيراً عن التقدم الهام الحاصل للقانون الدولي الإنساني، فإنهما يمنحان الأطفال حماية خاصة ومتزايدة ضد آثار الأعمال العدائية.
وقد تأكد هذا الأمر مع تبني الإتفاقية الدولية الخاصة بحقوق الطفل في عام 1989، والتي شكلت منعطفاً حاسماً في اريخ الطفولة، حيث أصبح ينظر إلى حقوق الطفل على أساس أنها حقوق إنسانية وعالمية لا يمكن التغاضي عنها.
والحماية هي مجموعة من الضمانات والحصانات الكفيلة بإحترام حقوق الإنسان في الحرب ومنها حقوق الطفل، وهي ترسّخ الحصانة القانونية والضمانة الفعلية للتمتع بالحقوق.
إن تأثير الحرب على الأطفال قد يكون مباشراً عند اندلاع القتال، ومن ثم يجب إعمال كافة القواعد التي تحميهم من خطر العمليات الحربية وقد يكون للحرب آثار محتملة، كما في بقاء أسلحة من مخلفات الحرب كالألغام الأرضية التي تتصيد ضحاياها لسنوات طويلة.
وللحرب تأثير غير مباشر على الأطفال، فالحرب تقلل إلى حد كبير من النمو الطبيعي للأطفال، نتيجةً لإغلاق المدارس والمستشفيات وإتلاف المحاصيل وتدمير الطرق وضياع الموارد وتحطيم القدرات الإقتصادية للأطراف المتحاربة، وفقدان الأمان والإطمئنان والثقة بالنفس، نتيجة للخوف والرعب الذي يتعرضون له في زمن الحرب
إن مشاركة الأطفال في النزاعات المسلحة هي أشد ظواهرها، والتي تثير القلق في الوقت الحالي، فهي تلك الظاهرة التي إنتشرت في كثير من النزاعات حول العالم، وذلك في مخالفة واضحة وصريحة لقواعد ومبادئ القانون الدولي الإنساني. وتبرز حالة أخرى يحتاج فيها الطفل للحماية بشكل خاص، وهي حالة الإحتلال الحربي، بوصفه وضعاً ناجماً عن النزاع المسلح، وقد يتحول إلى نزاع مستمر تتمثل خطورته الكبرى في وجود قوات الإحتلال بين السكان المدنيين،كما هو الشأن بالنسبة للإحتلال الإسرائيلي لفلسطين، والإحتلال الأنجلو- أمريكي للعراق. وما يحدث من إعتداءات من جانب قوات الإحتلال على المدنيين، فإن ذلك يجعل وضع الأطفال في الأراضي المحتلة، بالغ الخطورة ليس على حياتهم فقط، بل على حقوقهم كاملة.
المبحث الأول
حماية الأطفال من آثار الأعمال العدائية.
يعد إعتماد قواعد حماية السكان من آثار الحرب من أضخم الإنجازات في القانون الدولي الإنساني. ولقد خصص باب كامل في البروتوكول الأول عام 1977 لحماية السكان المدنيين،[6]ويخضع الأطفال في حمايتهم لتلك القواعد، بإعتبارهم أشخاصاً مدنيين لا يشاركون فى الأعمال العدائية.
أيضاً توجد تدابير خاصة لحماية الأطفال ضد أخطار العمليات العسكرية،وقد يكون للحرب آثار محتملة على الأطفال عند الزيادة في مخاطر تعرضهم للألغام الأرضية، والتي تستمر في القتل والتشويه طوال عدة أجيال. وفي جميع الحالات يلزم حماية الأطفال من الآثار المباشرة أو المحتملة الناجمة عن العمليات الحربية.
وحتى يمكن بيان ذلك، سوف نقسم هذا المبحث إلى المطالب الثلاثة الآتية:
المطلب الأول: الحماية العامة للأطفال من آثار القتال.
المطلب الثاني: الحماية الخاصة للأطفال من آثار القتال.
المطلب الثالث: حماية الأطفال من خطر الألغام الأرضية.
المطلب الأول
الحماية العامة للأطفال من آثار القتال.
الفرع الأول
الحماية العامة للأطفال من آثار الأعمال العدائية في النزاعات الدولية.
مما لا شك فيه أن القانون الدولي الإنساني يولي أهمية خاصة لحماية المدنيين من أخطار العمليات الحربية. ويؤكد دائماً على أن حق أطراف النزاع في إختيار أساليب ووسائل القتال ليس حقاًمطلقاً، بل هو مقيد بإحترام حياة الأشخاص المدنيين.
لهذا نجد أن البروتوكول الأول لعام 1977، يحتوي على قاعدة تعدّ ضمانة أساسية للحماية العامة من آثار القتال والتي تنص على ما يلي: (تعمل أطراف النزاع على التمييز بين السكان المدنيين والمقاتلين، وبين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية، ومن ثم توجه عملياتها ضد الأهداف العسكرية دون غيرها. وذلك من أجل تأمين إحترام وحماية السكان المدنيين والأعيان المدنية).
وإنطلاقاً من هذه القاعدة تم تقرير عدداً من المبادئ الإنسانية والتي تحكم سلوك المحاربين، لأجل حماية السكان المدنيين من الأخطار الناجمة عن العمليات العسكرية. وغني عن البيان أن الإلتزام بهذه المبادئ شأنه أن يحقق الحماية العامة للأطفال من أخطار القتال، بوصفهم أكثر تعرضاً للإصابة، لذلك فإن المقام يستدعي التذكير والتأكيد على أهم هذه المبادئ على النحو التالي:
1.التمييز بين المقاتلين وغير المقاتلين:
على المقاتل ألا يوجه سلاحه إلى غير المقاتلين، فهم لا يملكون سلاحاً يدافعون به عن أنفسهم، لذلك يتجافى مع الإنسانية إصابتهم وترويعهم، خاصة أن المدنيين أساساً هم النساء والأطفال وكبار السن، ولا بد من حمايتهم من أهوال الحرب، ولا شك أن هذا التمييز يؤمن في النهاية حماية فاعلة للسكان المدنيين.
2.حظر مهاجمة السكان المدنيين والأعيان المدنية.
حدد البروتوكول الأول مجموعة من القيود، والتي تقيّد أطراف النزاع في سبيل حماية المدنيين من آثار القتال، فأقر بأنه يتمتع السكان المدنيون والأشخاص المدنيون بحماية عامة ضد الأخطار الناجمة عن العمليات العسكرية، ويجب لإضفاء فاعلية على هذه الحماية مراعاة القواعد التالية دوماً، بالإضافة إلى القواعد الدولية الأخرى القابلة للتطبيق:
-لا يجوز أن يكون السكان المدنيون محلاً للهجوم، وتحظر أعمال العنف أو التهديد، الرامية أساساً إلى بث الذعر بين السكان المدنيين.
-يتمتع الأشخاص المدنيون بالحماية التي يوفرها هذا البروتوكول، ما لم يقوموا بدور مباشر في الأعمال العدائية.
-حظر الهجمات العشوائية، وهي تلك التي لا توجه إلى هدف عسكري محدد، والتي تستخدم طريقة أو وسيلة للقتال لا يمكن حصر آثارها، ومن ثم فإن من شأنها أن تصيب الأهداف العسكرية أو الأشخاص المدنيين أو الأعيان المدنية دون تمييز.
وقد عدّ البروتوكول الأول من قبيل الهجمات العشوائية:
1.الهجوم قصفاً بالقنابل، أياً كانت الطرق والوسائل التي تعالج عدداً من الأهداف العسكرية الواضحة والمتباعدة والمميزة عن بعضها البعض الآخر، والواقعة في مدينة أو بلدة أو قرية أو منطقة أخرى تضم تركّزاً من المدنيين أو الأعيان المدنية على أنها هدف عسكري واحد.
2.الهجوم الذي يمكن أن يتوقع منه أن يسبب خسارة في أرواح المدنيين، أو إصابة بهم، أو إضراراً بالأعيان المدنية. أو أن يحدث خلطاً من هذه الخسائر والأضرار يفرط في تجاوز ما ينتظر أن يسفر عنه ذلك الهجوم من ميزة عسكرية ملموسة ومباشرة.
-تحظر هجمات الردع ضد السكان المدنيين.
-يمنع التذرع بوجود السكان أو تحركاتهم في حماية نقاط أو مناطق معينة ضد العمليات العسكرية، ولا سيما في محاولة درء الهجوم عن الأهداف العسكرية، أو تغطية أو إعاقة العمليات العسكرية.
3إتخاذ الإحتياطات اللازمة لتفادي السكان المدنيين أثناء الهجوم.
فرض البروتوكول الأول على كافة الأطراف إتخاذ التدابير الوقائية لعدم إصابة السكان المدنيين، فيجب أن تبذل رعاية متواصلة في إدارة العمليات العسكرية من أجل تفادي السكان المدنيين والأعيان المدنية. ويجب تجنب إقامة أهداف عسكرية داخل المناطق المكتظة بالسكان بالقرب منها.
أيضاً يجب إتخاذ تدابير محددة لحماية المدنيين عند التخطيط للهجوم، أو إتخاذ قرار بشأنه من قبل كل قائد نجملها في الآتي:
أ.يجب على القائد أن يبذل ما في طاقته عملياً للتحقق من أن الأهداف المقرر مهاجمتها ليست أشخاصاً مدنيين أو أعياناً مدنية، وأنها غير مشمولة بعناية خاصة، ولكنها أهداف عسكرية.
ب.يجب عليه أن يتخذ جميع الإحتياطات المستطاعة عند تخير وسائل وأساليب الهجوم، من أجل تجنب إحداث خسائر في أرواح المدنيين أو إلحاق إصابة بهم أو الإضرار بالأعيان المدنية بصفة عرضية وحصر ذلك في أضيق نطاق.
ج.أن يمتنع عن إتخاذ قرار بشن أي هجوم قد يتوقع منه بصفة عرضية أن يحدث خسائر في أرواح المدنيين أو إلحاق إصابة بهم، أو الإضرار بالأعيان المدنية، أو أن يحدث خلطاً من هذه الخسائر والأضرار، مما يفرط في تجاوز ما ينتظر أن يسفر عنه ذلك الهجوم من ميزة عسكرية ملموسة ومباشرة. كذلك يجب إلغاء أي هجوم يتوافر فيه هذا الحكم.
د.وإذا كان من شأن أي هجوم أن يمس السكان المدنيين، فيجب توجية إنذار مسبق وبوسائل مجدية.
وورد في البروتوكول الأول قائمة مطولة من القواعد التي تؤكد على ضرورة حماية الأعيان المدنية. والأعيان الثقافية وأماكن العبادة. وحماية الأماكن والمواد التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين، وبصفة خاصة حظر تجويع السكان المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب.
يعتقد الباحث أن الإلتزام بهذه المبادئ سالفة الذكر، يحقق أفضل حماية للأطفال من عواقب الحرب، ويحميهم من النزوح والتشرد، ويمكنهم من الحصول على حقوقهم، ويجعلهم بمنأى عن الأخطار التي تهدد حياتهم.
الفرع الثاني
الحماية العامة للأطفال من آثار الأعمال العدائية في النزاعات غير الدولية.
مع إنهيار العديد من الدول ورواج تجارة السلاح مطلقة العنان، أصبحت الحروب الداخلية في أواخر القرن العشرين ساحات لفقدان الأمان والطمأنينة الإنسانية. ففي قارة إفريقيا وحدها وقعت أكثر من ثلاثين حرباً، لتعصف بتلك القارة منذ عام 1970، كانت أكثرها داخلية. وكانت هذه الحروب مسؤولة عن مقتل ما يزيد عن نصف الوفيات في العالم عام 1996. وفي واحدة من أكثر المآسي الإنسانية هولاً، قدّر عدد الأطفال الذين ذبحوا في رواندا عام 1994 بربع مليون طفل، وذلك في عمليات الإبادة الجماعية التي قضت على حياة ما يقرب مليون إنسان خلال أسابيع. ويبدو كأننا في عصر الجنون نشاهد فيه التطهير العرقي في يوغسلافيا السابقة، أو تقطيع الأطراف العشوائي في سيراليون أو المليشيات الثائرة في تيمور الشرقية.
ومع هذه الأوضاع الصعبة ولمواجهة هذه الأخطار فإن الحماية العامة للطفل تكمن في الإلتزام بتطبيق نص المادة الثالثة المشتركة بين إتفاقيات جنيف الأربع. وكذلك إعمال أحكام البروتوكول الثاني لعام 1977 والخاص بالنزاعات المسلحة غير الدولية، لأن ذلك هو السبيل والضمان الوحيد لحماية المدنيين من آثار القتال وعواقبه الوخيمة في مثل هذه النزاعات.
إن المادة الثالثة المشتركة بين اتفاقيات جنيف، تعدّ بمثابة اتفاقية مصغرة، وتمثل الأحكام التي تتضمنها هذه المادة، الحد الأدنى الذي لا يجوز للأطراف المتحاربة الإخلال به
. وتعدّ مرجعاً أساسياً لحماية ضحايا النزاعات المسلحة غير الدولية. وتنص على قواعد تصفها محكمة العدل الدولية بأنها “مبادئ إنسانية عامة للقانون الدولي الإنساني”، وتسمح بلا شك بتوفير حماية أفضل للإنسان الذي يقع في دوامة التوترات الداخلية.
ما تقدم هو أهم القواعد العامة الواردة بشأن حماية الإنسان بصفة عامة، والطفل بصفة خاصة من أخطار العمليات العسكرية. سواءاً في النزاعات المسلحة الدولية، أو غير الدولية.
يرى الباحث أن الهدف من التأكيد على هذه القواعد تكمن في أنه لا مجال للحديث عن حقوق للطفل في النزاعات المسلحة، دون إيجاد الوسائل الفاعلة والكفيلة بتنفيذ الإتفاقيات على المستوى المطلوب.
المطلب الثاني
الحماية الخاصة للأطفال من آثار القتال
يحتاج الطفل لحمايته بشكل خاص أثناء النزاعات المسلحة، وهو ما اعترفت به إتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949،[ بل أن البروتوكول الأول لعام 1977 قد أضفى حماية خاصة لصالح الأطفال في حالات النزاع المسلح.[21] فنص على أنه: “يجب أن يكون للأطفال موضع إحترام خاص، وأن تكفل لهم الحماية ضد أية صورة من صور خدش الحياء، ويجب أن تهيئ لهم أطراف النزاع العناية والعون الذين يحتاجون إليهما، سواء بسبب صغر سنهم، أو لأي سبب آخر”.
كما أن البروتوكول الثاني كفل بالمادة 4/3 والتي تنص على أنه “يجب توفير الرعاية والمعونة للأطفال بالقدر الذي يحتاجون إليه لحماية للأطفال خلال النزاعات غير الدولية.
وينص البروتوكول الأول في المادة 8/1 على أن حالات الولادة والأطفال حديثي الولادة يصنفون مع الجرحى والمرضى بإعتبارهم فئة تحتاج إلى الحماية.
وتؤكد الإتفاقية الرابعة في المادة 24 بأن الأطفال يحتاجون إلى رعاية خاصة، حيث تنص على أنه “لا يجوز أن يترك الأطفال دون الخامسة عشرة الذين تيتموا أو فصلوا عن عائلاتهم بسبب الحرب لأنفسهم، وأنه ينبغي تسهيل إعاشتهم وممارسة عقائدهم الدينية وتعليمهم في جميع الأحوال”.
وإذ يأخذ القانون الدولي الإنساني الأطفال في إعتباره، فقد أقر بوجوب إتخاذ إجراءات خاصة لأجل إغاثة الأطفال، وجمع شمل الأسر التي شتتت بسبب الحرب، وكذلك إجلاء الأطفال من المناطق المحاصرة أو المطوقة، وهو ما سنورد تفصيلاً على النحو التالي:
الفرع الأول
إغاثة الأطفال.
وهي من أهم الواجبات التي تقع على عاتق أطراف النزاع في ظل أوضاع النزاع الصعبة. وتقرر إتفاقية جنيف الرابعة على ضرورة السماح بحرية المرور لجميع إرسالات الإمدادات الطبية ومهمات المستشفيات المرسلة للمدنيين، حتى ولو كانوا من الأعداء، وكذلك حرية مرور جميع الإرسالات الضرورية من المواد الغذائية والملابس والمقويات المخصصة للأطفال دون الخامسة عشرة والنساء الحوامل وحالات الولادة. وتنص الإتفاقية الرابعة أيضاً على أن: “تصرف للحوامل والمرضعات والأطفال دون الخامسة عشرة، أغذية إضافية تتناسب مع إحتياجات أجسامهم”.
وينص البروتوكول الأول على إعطاء الأولوية للأطفال وحالات الوضع لدى توزيع إرساليات الغوث.
وتقوم اللجنة الدولية للصليب الأحمر بدور هام للغاية، في مجال إيصال مواد الإغاثة للأطفال في حالة النزاع المسلح، والتدخل النشط في ميادين الصحة العامة والتغذية والتأهيل، فهي تستجيب لمقتضيات القانون الدولي الإنساني، وخاصة المادة 23 من الإتفاقية الرابعة، ووفقاً لنص المادة 70 من البروتوكول الأول، والمادة 18 من البروتوكول الثاني، وبوصفها هيئة إنسانية ومحايدة.
الفرع الثاني
جمع شمل الأسر المشتتة.
تبدأ أشد أنواع المعاناة التي تخلفها الحروب والتي يعيشها الإنسان في أعماق قلبه، عندما يتعرض أفراد العائلة الواحدة للإنفصال، والتي تثير الشكوك حول مصير أفراد العائلة والتي فرقتهم الحرب، وبالأخص الأطفال الذين انفصلوا عن ذويهم. والقانون الدولي الإنساني يعترف بأهمية الأسرة، ويسعى جاهداً لصيانة الوحدة العائلية خلال النزاعات، ومصداقاً لذلك فإن البروتوكول الأول عام 1977، ينص على أن: “حق كل أسرة في معرفة مصير أفرادها هو الحافز الأساسي لنشاط كل من الأطراف السامية المتعاقدة وأطراف النزاع، والمنظمات الإنسانية الدولية، والوارد ذكرها في الإتفاقيات وفي هذا البروتوكول”.
وتقضي الإتفاقية الرابعة بأن على أطراف النزاع أن تسهل أعمال البحث التي يقوم بها أفراد العائلات المشتتة بسبب الحرب، من أجل تجديد الإتصال، وإن أمكن جمع شملهم.
وتنص الإتفاقية الرابعة في المادة 49 على أنه في حالة قيام دولة الإحتلال بإخلاء جزئي لمنطقة معينة، فعليها أن تضمن عدم التفريق بين أفراد العائلة الواحدة. ويضيف البروتوكول الأول إلى هذه الفكرة مزيداً من التطوير، فتنص المادة 75/5 على أنه في حالة القبض على الأسر وإعتقالها أو إحتجازها يجب- قدر الإمكان- أن يوفر لها كوحدات عائلية مأوى واحد. ويقضي البروتوكول الأول كذلك بضرورة بذل الجهود بكل طريقة ممكنة، لتيسير جمع شمل الأسر التي شتتتها المنازعات الدولية.
وفيما يتعلق بالنزاعات المسلحة غير الدولية، ينص البروتوكول الثاني في المادة 4/3 (ب) على ضرورة إتخاذ جميع الخطوات المناسبة لتسهيل جمع شمل الأسر التي تشتت لفترة مؤقتة.
وإذا ما تفرق الأطفال وأفراد عائلاتهم نتيجة لنزاع مسلح، فإن جمع شملهم سيتوقف إلى حد بعيد على مداومة الإتصال بينهم، أو جمع معلومات دقيقة عن تحركاتهم. وتؤكد الإتفاقية الرابعة على أهمية الرسائل العائلية عن طريق السماح لجميع الأشخاص المحميين المقيمين في أراضي أحد أطراف النزاع، أو في أراضي محتلة بإعطاء الأنباء ذات الصبغة الشخصية البحتة إلى أفراد عائلاتهم أينما كانوا، وأن يتسلموا أخبارهم. وتسلم هذه المكاتبات بسرعة وبدون تأخير،
كما تلزم الإتفاقية أطراف النزاع عند نشوب أي نزاع، وفي جميع حالات الإحتلال بأن تنشأ مكتباً رسمياً للإستعلامات يكون مسؤولاً عن تلقي ونقل المعلومات الخاصة بالأشخاص المحميين الذين تحت سلطتها.وتنص الإتفاقية الرابعة كذلك على إنشاء مركز إستعلامات رئيس للأشخاص المحميين في دولة محايدة، ليجمع كافة المعلومات المذكورة فيما يتعلق بمكتب الإستعلامات الرسمي.
وبهدف صون وحدة العائلة وإعادة الأطفال إلى أهلهم، تقوم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بعملية إحصاء ومتابعة جميع الأطفال الذين افترقوا عن آبائهم عن طريق المساعدة في تسجيل هوية كل واحد منهم، وجمع المعلومات عن الآباء وتوجية نداءات إلى الآباء الذين يبحثون عن أطفالهم، وتوصيل رسائل الصليب الأحمر التي كتبها الأطفال إلى العناوين القديمة للوالدين.
الفرع الثالث
إجلاء الأطفال من المناطق المحاصرة أو المطوقة.
تناولت إتفاقية جنيف الرابعة موضوع إجلاء الأطفال أثناء النزاعات المسلحة كضمانة أساسية لحماية الأطفال من أخطار الحرب، فنصت على أن: “يعمل أطراف النزاع على إقرار ترتيبات محلية لنقل الجرحى والمرضى والعجزة والمسنين والأطفال والنساء النفاس، من المناطق المحاصرة أو المطوقة، ولمرور رجال جميع الأديان، وأفراد الخدمات الطبية والمهمات الطبية إلى هذه المناطق”.
وأضاف البروتوكول الأول مزيداً من التفصيل على موضوع إجلاء الأطفال، حيث قرر أن قيام أحد أطراف النزاع بإجلاء الأطفال من غير رعاياها إلى بلد أجنبي لا يجوز أن يكون دائماً، ولكن يمكن أن يتم بصورة مؤقتة. إذا إقتضت ذلك أسباب قهرية تتعلق بصحة الطفل أو علاجه الطبي، أو سلامته مما قد يصيبه من أذى لوجوده في إقليم محتل. ويشترط الحصول على موافقة كتابية على هذا الإجلاء من آباء الأطفال أو أوليائهم الشرعيين إذا كانون موجودين، وفي حالة تعذر العثور على الآباء أو الأولياء الشرعيين يلزم الحصول على موافقة كتابية على هذا الإجلاء من الأشخاص المسؤولين بصفة أساسية بحكم القانون أو العرف عن رعاية هؤلاء الأطفال.
وتقوم الدولة الحامية بالإشراف على هذا الإجراء بالإتفاق مع كافة الأطراف المعنية وهي الطرف الذي ينظّم الإجلاء، والطرف الذي يستضيف الأطفال، والأطراف الذين يجري إجلاء رعاياهم. ويجب على كافة أطراف النزاع أن يتخذوا- في كل حالة على حدة- جميع الإحتياطيات الممكنة حتى لا يتعرض الأطفال أثناء عملية الإجلاء لأي خطر. وفي حالة حدوث الإجلاء، وفقا للشروط سالفة الذكر، يجب تزويد الطفل خلال فترة وجوده خارج البلاد- بقدر الإمكان- بالتعليم بما ذلك تعليمه الديني والأخلاقي وفق رغبة والديه.
وقد تحدث ممثل اللجنة الدولية في إجتماع لجنة الصياغة عند وضع هذه المادة شارحاً وجهة نظرة بقوله “… إن المبدأ المرشد هو أن الإجلاء يجب أن يكون الإستثناء، ولهذا الإجراء شرطان أساسيان؛ أولهما أن تكون الحالة الصحية للطفل هي التي تبرر إجلاءه، ويعنى ذلك أن العناية الطبية اللازمة لشفاء الطفل أو التسهيل نقاهته لا يمكن توفيرها في بلده الأصلي، وينبغي بقدر الإمكان ألا ينتقل الأطفال بدون ضرورة من بيئتهم الطبيعية، نظراً لأن مثل هذا النقل ربما يكون مفيداً من الناحية الطبية، ولكنه غالباً ما يخلّف آثاراً نفسيةً غير مرغوبة.
أما الشرط الثاني فهو موافقة الوالدين أو ولي الأمر. وإن كان إخفاء الوالدين أو ولي الأمر أو عدم العثور عليهم سيلغي هذا الشرط، ولن يحول دون إجلاء يبرره الشرط الأول.
وبهدف تسهيل عودة الأطفال الذين تم إجلاؤهم – وفقاً للأحكام سالفة الذكر- إلى أسرهم وأوطانهم، فقد ألزم القانون الدولي الإنساني الطرف الذي نظم إجلاءهم (وكذلك الطرف المضيف إذا كان ذلك مناسباً)، بإعداد بطاقة لكل طفل، مصحوبة بصورة شمسية، ويقوم بإرسالها إلى الوكالة المركزية للبحث عن المفقودين التابعة للجنة الدولية للصليب الأحمر.
وتشتمل هذه البطاقة على كافة المعلومات المتيسرة عن الطفل من حيث هويته وأحواله الصحية والأسرية، عناوينه في البلد الذي أجلي منها، والتي أجلي إليها، ولغته وديانته، وما إلى ذلك، مع مراعاة ألا يكون في ذكر أي معلومات بالبطاقة مجازفة بإيذاء الطفل. وقد أورد البروتوكول الأول المعلومات التي يجب أن تحتوي عليها بطاقة كل طفل.
يرى الباحث أن الحماية التي يمنحها القانون الدولي الإنساني للأطفال أثناء النزاعات المسلحة بالإضافة أنها واجب قانوني ملزم وتندرج في إطار حماية المدنيين، فإنها وقبل كل شيء هي إلتزام أخلاقي في أن يتم أخذ الأطفال بعين الإعتبار وأن يكون لهم موضع إحترام خاص، في ظل أوضاع النزاع الصعبة.
المطلب الثالث
حماية الأطفال من خطر الألغام الأرضية.
تبرز الألغام الأرضيةكواحدة من بين الأسلحة التي تلحق الأذى بالسكان المدنيين. وذلك لسنوات طويلة بعد نهاية النزاع، وكثيراً ما يقع الأطفال ضحايا لتلك الألغام فتتركهم قتلى أو جرحى أو مشوهين. حيث إن إستخدام الأطراف المتحاربة لأسلحة تقليدية معينة في الحروب يترتب عليها إستمرار القتل والإصابة حتى بعد إنتهاء العمليات العسكرية، ويعدّ أحد عواقب الحرب وأضرارها، والتي تتسبب في مزيد من الضحايا بين الأشخاص المدنيين الأبرياء
الفرع الأول
طبيعة الألغام الأرضية وخطورتها على الطفل بشكل خاص.
هناك نوعان أساسيان من الألغام الأرضية: ألغام مضادة للمركبات والسيارات والعربات المجنزرة وغيرها. وألغام مضادة للأفراد، والأولى كبيرة نسبياً، أما الثانية فهي صغيرة نسبياً.وأن الخاصية التي تتميز بها هذه الأسلحة أنها موقوتة التفجير، فالألغام الأرضية ليست مبتكرة، لإحداث آثار فورية، بل تظل في حالة تربص إنتظاراً للضحية التي تشعل الإنفجار. والسبب في إنتشار إستعمال الألغام، أنها بخسة الثمن، ومن السهل الحصول عليها، كما أن طريقة زرعها سهلة، في حين أن عملية نزعها صعبة وبطيئة وخطيرة ومكلفة. لأن تقنيات الكشف عن الألغام لم تتطور بالسرعة ذاتها التي تطورت فيها تقنية الألغام نفسها، التي جعلت منها سلاحاً فتاكاً بدرجة أكبر، ولم يزل حتى اليوم يستخدم معدات الكشف المبتكرة في الأربعينات لتحديد موقع الألغام التي يعود تاريخ إنتاجها إلى الثمانينات، بل إلى التسعينات.
وكانت الألغام تصنع في السابق من المعادن ويسهل الكشف عنها. أما اليوم غالباً ما تصنع بصورة متزايدة من مادة البلاستيك. بل أن التقدم المحرز في تقنية الألغام لم يقتصر على تزويدها بعلبة بلاستيكية. فقد أصبحت الألغام أٍسلحة معقدة الصنع ومجّهزة بنظام إلكتروني للإشعال، وكذلك بأجهزة إلتقاط من شأنها أن تجعل هذه الأسلحة أكثر فتكاً. وهي في مقدورها اليوم أن تشعر بخطى الأقدام، أو حرارة الجسد أو الصوت، وكل هذه العناصر أو بعضها تتسبب في تفجيرها
يقع الآلاف من الضحايا في كل عام نظراً للطبيعة الخطرة للألغام الأرضية، فالألغام التي وضعت أثناء الحرب العالمية الثانية لا تزال تتسبب في وقوع الضحايا حتى يومنا هذا، وأغلب من تم قتلهم من الأطفال. ولقد قدر بأن الألغام تقتل حوالي عشرة آلاف مدني كل عام. وتصيب بالعمى وتبتر أطراف آلاف المدنيين الآخرين وقد زرعت الألغام في بعض البلدان بشكل عشوائي، وذلك في الحقول وحول المستشفيات والمدارس، وراحت هذه الأسلحة الغادرة تتصيد ضحاياها بعد إنتهاء النزاعات.
ويمكن القول أن حق الطفل في الحماية الخاصة في حالات النزاع المسلح بات ينتهك كل يوم، نتيجةً لوجود 100 مليون لغم أرضي على الأقل، زرعها الكبار تحت أقدام الصغار في 62 دولة على مستوى العالم، حيث يتعرض الأطفال بشكل خاص إلى مخاطر الألغام التي ينفجر معظمها نتيجة الضغط، حتى عندما تطأها قدم طفل صغير خفيف الوزن.
فالألغام التي تزرع لفترة طويلة، تتسبب بلا مبرر في بتر أطراف الأطفال، أو إزهاق أرواحهم. كما تتسبب في ترك الأراضي الخصبة بدون زراعة، وفي هجر الطرق، وتعرض مصادر المياه للخطر.
الفرع الثاني
حظر الألغام الأرضية في ضوء قواعد القانون الدولي الإنساني.
بالرغم من أن الألغام تعدّ سلاحاً لازماً للدفاع بالنسبة للأطراف المتحاربة، إلا أن آثارها ضارة جداً بخصوص الأطفال غير المتورطين في النزاع المسلح. لذلك يجب إزالة الخطر الكامن في وجود الألغام
ويستند حظر الألغام على عدد من المبادئ الهامة في القانون الدولي الإنساني. كالمبدأ الذي يرى أن حق الأطراف في النزاع المسلح في إختيار أساليب ووسائل القتال ليس بالحق المطلق. وإلى المبدأ الذي يحرم اللجوء في النزاعات المسلحة إلى استخدام أسلحة وقذائف ومعدات وأساليب حربية يكون من شأنها أو من طبيعتها، أن تسبب أضراراً مفرطةً أو آلاماً لا داعي لها بالسكان المدنيين. وإلى المبدأ الذي يوجب التمييز بين المدنيين والمقاتلين.
ويسعى القانون الدولي الإنساني، إلى الحد قدر الإمكان من جسامة أعمال التدمير والمعاناة التي تلحق بالسكان المدنيين، وتنص المبادئ الأساسية المنطبقة على الألغام الأرضية على أنه لا يجوز للجنود إستخدام أي وسيلة لبلوغ هدفهم، ولكن هناك حدود لذلك. ويجب الحفاظ على التوازن أو التناسب بين الضرورة العسكرية وبين العواقب التي يتحملها السكان المدنيون. وقد بذلت جهوداً لفرض قيود على إستعمال الألغام الأرضية.
وبدعوة لمؤتمر هيئة الأمم المتحدة لمنع أو تحديد الأسلحة التقليدية ذات التأثير المؤذي والعشوائي في 10 أيلول 1979، أدى هذا المؤتمر إلى التوقيع في 10 نيسان 1981 على معاهدة عامة مضافاً إليها البرتوكول الثاني والذي ينظم إستخدام الألغام البرية والمصائد.
عملت الحركة الدولية للصليب والهلال الأحمر جنباً إلى جنب مع المنظمات الدولية،والمنظمات غير الحكومية، طوال عقد التسعينات من القرن العشرين، من أجل التوصل إلى المنع الشامل للألغام الأرضية المضادة للأفراد، ومن أجل إيصال المساعدة إلى ضحايا تلك الألغام وإلى المجتمعات التي أصيبت بأَضرارها.
كما أن الجمعية العامة للأمم المتحدة ناشدت جميع الدول بالسعي إلى إبرام إتفاق دولي فاعل وملزم قانوناً، يحظر إستعمال وتخزين ونقل الألغام البرية المضادة للأفرد.
ولقد أسفرت تلك الجهود عن التوقيع على اتفاقية حظر إستخدام وتخزين وإنتاج ونقل الألغام المضادة للأفراد ” أوتاوا 1997″.
وقد احتوت الإتفاقية على تعهد من الدول الأطراف مفاده
1.عدم القيام تحت أي ظرف بما يلي:
أ.إستعمال الألغام المضادة للأفراد.
ب.إستحداث أو إنتاج الألغام للأفراد أو حيازتها بأي طريقة أخرى، أو تخزينها أو الإحتفاظ بها أو نقلها إلى أي مكان.
ج.المساعدة أو التشجيع أو الحث بأي طريقة على القيام بأنشطة محظورة على دولة طرف بموجب هذه الإتفاقية.
2.أن تدمر جميع الألغام المضادة للأفراد أو تكفل تدميرها وفقاً لأحكام هذه الإتفاقية.
وتلتزم الدول بتدمير المخزون لديها من الألغام المضادة للأفراد، وكذلك تدمير تلك الألغام في المناطق الملغومة وبالتعاون والمساعدة الدوليين في عمليات إزالة الألغام، وعلى وجه الخصوص القيام بمساعدة ضحايا الألغام، وتأهيلهم وإعادة إدماجهم الإجتماعي والإقتصادي، ووضع برامج للتوعية بمخاطر الألغام.
يرى الباحث أن اتفاقية حظر الألغام الأرضية والمعروفة بإسم “معاهدة أوتاوا” تعدّ إضافة عظيمة للقانون الدولي الإنساني، بما اشتملت عليه من قواعد مفصلة تعالج هذه الموضوع، وكانت مثالاً للنجاح الذي يمكن أن تحققه التعبئة الإنسانية لصالح ضحايا الحرب، عن طريق وضع معيار قانوني دولي يحظر الألغام الأرضية. والآمال الكبيرة معقودة الآن على سلوك الدول في الإلتزام بأحكام تلك الإتفاقية لأجل حماية المدنيين وبالأخص الأطفال، من المعاناة والآلام التي تخلفها الحروب.
المبحث الثاني
حظر إشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة.
ترتبط مشاركة الأطفال في الأعمال العدائية كظاهرة متزايدة الشيوع، بظهور أنماط جديدة من النزاعات، التي تواجه الجيوش النظامية حرب العصابات.
وبالرغم من وجود هذه الظاهرة منذ الحرب العالمية الثانية، إلا أن الجهود الدولية لمواجهة قضية الجنود الأطفال لم تتحدد ملامحها إلا مع بداية السبعينيات من القرن الماضي بعدما غفلت إتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 عن معالجة هذه المسألة، وأصبح من الضروري إستحداث نوع جديد من الحماية لصالح أولئك الأطفال الذين يتورطون في أعمال القتال.
لذلك فإن البرتوكولان الإضافيين لإتفاقيات جنيف، قد إنطويا على قواعد تحظر اشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية، قبل بلوغهم سن الخامسة عشر.
إلا أنه خلال العقود الأخيرة ونتيجة لإستعمال الأسلحة نصف الأوتوماتيكية على نطاق واسع لم يحدث من قبل، أصبح من السهل على الأطفال أن يحملوا السلاح، وتزايد عدد الأطفال الذين يتم تجنيدهم بشكل غير قانوني، وفي غالب الأحيان بالقوة لكي يستخدموا كجنود، حتى وصل عددهم الآن إلى مئات الآلاففي مخالفة واضحة وصريحة لقواعد القانون الدولي
المطلب الأول
الجهود الدولية لحظر إشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة.
إن فكرة حظر إشتراك الأطفال في الأعمال العدائية ليست جديدة، ولا يرجع الفضل فيها لمفكري الغرب وحدهم . فلهذا المبدأ أساس من التقاليد المستقرة في القانون الإنساني العرفي في أفريقيا، وفي العرف الإسلامي الإنساني، المعمول به فى الحروب.
ومع شيوع ظاهرة إستخدام الأطفال في الحروب، فقد أصبح لهم دور في أعمال القتال أو في الجاسوسية أو المقاومة أو أعمال التخريب،وجد المجتمع الدولي نفسه ملزماً بالتدخل لوضع حد لهذه الظاهرة لأنه يتجافى مع الإنسانية أن يتم السماح للأطفال بالمشاركة في الحروب وتعريض حياتهم للخطر، بدلاً من حمايتهم من ويلات الحروب، وظهر أنه من المؤكد أن هناك ضرورة ملحّة لتحريم إشتراك الأطفال في أي نزاع مسلح بأي شكل من الأشكال. لذلك فإن القانون الدولي الإنساني قد تناول هذا الموضوع، بيد أنه من الملاحظ أن الحظر التام لمشاركة الأطفال في الأعمال العدائية لم يتقرر إلا بموجب بروتوكولي جنيف لعام 1977. وحتى نتتبع الجهود الدولية بشأن حظر استخدام الأطفال فى الحروب يجدر بنا أن نقسم هذا المطلب إلى الفروع الثلاثة التالية:
الفرع الأول: التناول الدولي لقضية الطفل المحارب حتى توقيع بروتوكولي جنيف لعام 1977.
الفرع الثاني: حظر تجنيد الأطفال في ضوء بروتوكولي جنيف1977.
القرع الثالث: الموقف الدولي من تزايد مشاركة الأطفال في الحروب بعد توقيع بروتوكولي جنيف 1977.
الفرع الرابع: البرتوكول الإختياري لاتفاقية حقق الطفل، بشأن إشتراك الأطفال في النزعات المسلحة 2000.
الفرع الأول
التناول الدولي لقضية الطفل المحارب حتى توقيع بروتوكولي جنيف لعام 1977.
بالرغم من أن الطفل – بإعتباره يمثل مستقبل الإنسانية- جدير بالحماية الدولية الكافية، نجد أنه لم يحظ بنص صريح في معاهدات جنيف لسنة 1949 يحّرم إستغلاله وتعريض حياته للخطر في زمن الحرب، رغم ثبوت تجنيد الأطفال في جيوش ألمانيا النازية خاصة في نهاية الحرب العالمية الثانية. بل قد ثبت ثبوتاً قاطعاً تجنيد الأطفال أيضاً ضمن قوات المقاومة ضد الإحتلال النازي في كثير من بلاد أوروبا التي تعرضت لهذا الإحتلال وعانت منه. الأمر الذي عرّض حياة الكثيرين منهم للخطر بل وللموت.
ولم تع الأوساط القانونية أهمية التفرقة بين الطفل المدني غير المحارب والطفل المحارب. ولهذا فإن إتفاقية جنيف الرابعة والمتعلقة بحماية المدنيين في وقت الحرب، تحدثت فقط عن وضع الأطفال كمدنيين الذين ليس لهم أي دور في أعمال القتال.
وبالمثل فإن مواثيق حقوق الإنسان والصادرة عن الأمم المتحدة لم تتعرض لهذا الموضوع، فإعلان حقوق الطفل الصادر عن الجمعية العامة في عام 1959 تضمن عشرة مبادئ خاصة بحماية الطفل دون أية إشارة إلى تجنيده في الحروب.
وفي نهاية الستينيات من القرن الماضي، إندلعت سلسلة من المنازعات ثبت فيها تجنيد الأطفال وإستخدامهم في الحروب، فقد تناول المؤتمر الدولي لحقوق الإنسان الذي عقد في طهران عام 1968 مسألة إحترام حقوق الإنسان أثناء النزاعات المسلحة. وبناءً عليه، أجرت الأمم المتحدة دراسة شاملة حول هذا الموضوع، وكان من نتائجها أن صدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1974، الإعلان الخاص بحماية المرأة والطفل في حالة الطوارئ وأثناء النزاع المسلح.
وقد طالب الإعلان المذكور جميع الدول الأعضاء بالمراعاة الضرورية لبعض مبادئ القانون الدولي الإنساني، مثل حظر الهجمات وعمليات القصف بالقنابل ضد المدنيين، وحظر إستخدام الأسلحة الكيماوية والبكترولوجية، كما طالب بتقديم الضمانات الكافية لحماية النساء والأطفال وتجنيبهم الآثار المدمرة للحرب، وحظر الإعلان أيضاً كافة أشكال القمع والمعاملة غير الإنسانية، وأوجب ضرورة إيواء النساء والأطفال ومساعدتهم طبياً.
وبالرغم من صدور هذا الإعلان خلال تلك الفترة الحاسمة، إلا أن نصوصه قد خلت من أي إشارة لحماية الطفل من إجباره على الإنخراط في سلك القوات المسلحة أو قوى المقاومة أثناء الحرب. ويرجع ذلك إلى الفكرة القائلة حينذاك بأن الأمم المتحدة لا تحاول بنفسها معالجة قوانين الحرب، وأنها تراعي الحذر التام في تناول هذا الموضوع.
ولكن بدأ الإهتمام الجدّي بهذا الموضوع من جانب اللجنة الدولية للصليب الأحمر في عام 1971، بعد ما بدأ لها قصور معاهدات جنيف لسنة 1949، عن معالجة مشكلة الطفل المحارب. وقد وضعت اللجنة تقريراً هاماً ضمنته ملاحظاتها في شأن إضطراد تجنيد الأطفال في المنازعات المسلحة، أو استخدامهم كمدنيين في الحرب، وأنه ترتب على ذلك موت ما لا يقل عن نصف مليون طفل في سن دون الخامسة عشر في ميدان القتال خلال العقدين الماضيين. وقد أثير هذا الموضوع في أول مؤتمر للخبراء الحكوميين بشأن إعادة تأكيد وتطوير قواعد القانون الدولي المطبقة أثناء النزاعات المسلحة والذي عقدته اللجنة الدولية للصليب الأحمر في عام 1971، وأيضاً في المؤتمر الدبلوماسي حول إعادة تأكيد وتطوير القوانين الإنسانية المطبقة أثناء النزاعات المسلحة الذي عقده المجلس الإتحادي السويسري في الفترة من 1974-1977.
وقد إتخذ المؤتمر مشروعاً البروتوكولين الإضافيين لإتفاقيات جنيف، واللذين تقدمت بهما اللجنة الدولية للصليب الأحمر كأساس للنقاش فيه. وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر قد أعدت هذين المشروعين في صياغتهما النهائية واضعة في إعتبارها حصيلة المناقشات التي جرت في مؤتمر الخبراء الحكوميين في دورتيه بجنيف عامي 1971، 1972.ولدى تقديم مسودة البروتوكول الأول تحدث السيد “سوربيك” بالنيابة عن اللجنة الدولية للصليب الأحمر قائلاً: “في كثير جداً من الأحيان كان الأطفال يستخدمون بوساطة طرف من أطراف النزاع في فصائل مقاتلة أو معاونة، ولم يكن الأطفال يتطلعون إلى خير من ذلك، فهم يشعرون بالسعادة الغامرة لأنهم جعلوا من أنفسهم شيئاً مفيداً، كما أنهم بهذا العمل يحسون بأنهم أصبحوا يتصرفون تصرفات الكبار. إن استغلال مثل هذا الإحساس شيء مخزٍ بصورة خاصة. فالأطفال الذين يؤدون هذه الأعمال مع أنهم يتعرضون للمخاطر نفسها، التي يتعرض لها المقاتلون الكبار، فإنهم يختلفون عنهم في أنهم لا يعرفون حق المعرفة دائماً ما ينتظرهم نتيجة المشاركة المباشرة أو غير المباشرة في الأعمال العدائية”.
وإزاء هذه الملاحظات والمناقشات المستفيضة والتي بذلت خلال مؤتمر جنيف الدبلوماسي في دوراته الأربع، نجحت تلك الجهود ولأول مرة في قيام البروتوكولين الصادرين عن المؤتمر في 10 يونيو 1977، بالحظر التام والقاطع لمشاركة الأطفال وإستخدامهم فى الحروب.
الفرع الثاني
حظر تجنيد الأطفال في ضوء بروتوكولي جنيف لعام 1977.
لقد تحدد السن التي لا يجوز للأطفال دونها أن يشاركوا في الأعمال العدائية في بروتوكولي جنيف لعام 1977، وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر قد قدمت للمؤتمر الدبلوماسي مشروعاً لمادة تدرج في البروتوكول الأول مفادها: “أن يفرض على أطراف النزاع بإتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بمنع الأطفال دون الخامسة عشرة من القيام بأي دور في الأعمال العدائية، وبالتحديد حظر تجنيدهم فى قواتهم المسلحة أو قبول تطوعهم بذلك”.
وكانت اللجنة تهدف من اقتراحاتها أن تكون شاملةً لجميع الأعمال التي يكلّف بها الأطفال مثل نقل المعلومات أو الأسلحة، والعتاد الحربي وأعمال التخريب … الخ. ولكن اقتراحها لم يمر دون تعديل. ومع ذلك فقد إستقر الرأي على اختيار سن الخامسة عشر بعد أن رفعت منظمة العمل الدولية سن تشغيل الصغار في الأعمال الشاقة من 14 إلى 15 سنة عقب الحرب العالمية الثانية.
وقد تم تحويل مشروع المادة التي إقترحتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى مجموعة عمل إنتهت إلى تعديله: “بأن ألزمت أطراف النزاع بإتخاذ كافة التدابير المستطاعة، التي تكفل عدم إشتراك الأطفال الذين لم يبلغوا بعد سن الخامسة عشر في الأعمال العدائية بصورة مباشرة. وعلى هذه الأطراف بالتحديد أن تمتنع عن تجنيد هؤلاء الصغار في قواتها المسلحة. ويجب على أطراف النزاع في حالة تجنيد هؤلاء، ممن بلغوا سن الخامسة عشر ولم يبلغوا بعد الثامنة عشر أن تسعى لإعطاء الأولوية لمن هم أكبر سناًً”،وكان هذا التعديل هو الذي صدر به النص الرسمي لهذه المادة.
من الملاحظ أن صيغة النص “على أطراف النزاع إتخاذ كافة التدابير المستطاعة”، أقل إلزاماً من الصيغة التي اقترحتها اللجنة الدولية، والقائلة:”بأن على أطراف النزاع أن تتخذ كافة الإجراءات الكفيلة”.
وإذا كانت الحكومات التي ناقشت هذه المادة قد إختارت الصيغة الحالية فذلك لأنها لم ترغب في الإرتباط بواجبات مطلقة فيما يخص المشاركة التلقائية للأطفال في الأعمال العدائية.
ويهدف نص الفقرة الثانية من المادة 77 من البروتوكول الأول التشجيع على الرفع من مستوى السن الذي يجوز إنطلاقاً منه تجنيد الأطفال. لأنه عند مناقشة هذا النص اقترح أحد الوفود عدم تجنيد الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين الخامسة عشرة والثامنة عشرة. واعترضت الأغلبية على تجنيد الأطفال الذين يفوق سنهم الخامسة عشرة. ولكن حتى يراعى هذه الإقتراح، أتفق على أنه في حالة تجنيد أشخاص يترواح عمرهم بين الخامسة عشرة والثامنة عشرة، يجب البدء بتجنيد الأشخاص الأكبر سناً.
وفي حالة قيام نزاع مسلح غير دولي فقد أشار البروتوكول الثاني إلى السن الذي لا يحق للأطفال دونه أن يشاركوا في الأعمال العدائية فنص على ما يلي: “لا يجوز تجنيد الأطفال دون الخامسة عشرة في القوات أو الجماعات المسلحة، ولا يجوز السماح بإشتراكهم في الأعمال العدائية”،
من الملاحظ أن الأمر هنا يتعلق بحظر قاطع سواء تعلق الأمر بالمشاركة في الأعمال العدائية بصفة مباشرة أم غير مباشرة كالعمل مثلاً على تجميع المعلومات ونقل الأوامر والذخيرة والمؤن والقيام بأعمال تخريبية.
وبالتالي فإن على الدول الأطراف أن تكون أكثر صرامة في النزاعات المسلحة غير الدولية مما هو عليه أثناء النزاعات المسلحة الدولية. كما أن هذا النص ينطبق على جماعات الثوار أيضاً الذين هم أكثر استفادة من الأطفال في النزاعات غير الدولية.
يرى الباحث أن تحديد السن التي لا يجوز دونها للأطفال المشاركة في الأعمال العدائية بموجب بروتوكول جنيف لعام 1977، يعدّ في حد ذاته إضافة واضحة للقانون الدولي الإنساني، وتدعيماً للجهود الدولية التي بذلت فى هذه الشأن
الفرع الثالث
الموقف الدولي من تزايد إشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة بعد توقيع بروتوكولي1977.
لم تتوقف ظاهرة الزج بالأطفال في الحروب والنزاعات، بعد توقيع بروتوكولي جنيف لعام 1977، وبدت هذه الظاهرة واضحة في أماكن متفرقة من العالم، وهذا ما أكدته اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بإعتبارها الجهة مصدر الوصاية الأصلية في الرقابة على تطبيق القانون الدولي الإنساني والمبادئ التي يحميها.
فقد أوردت في نشرتها سنة 1984، ملاحظاتها بشأن إشتراك أطفال لا تزيد أعمارهم عن إحدى عشرة أو إثنى عشرة سنة في القتال في أماكن كثيرة من العالم بما في ذلك حرب الخليج الأولى وأمريكا الوسطى وآسيا وإفريقيا. بالمخالفة الصريحة لكافة المبادئ المستقرة في القانون الدولي الإنساني.وقد أيدها في ذلك تقرير لليونيسيف صادر في عام 1986، فقد جاء في هذا التقرير أن الدراسة التي أجرتها اليونيسيف أسفرت عن إكتشاف أكثر من عشرين دولة تسمح بإشتراك الأطفال فيما بين سن العاشرة والثامنة عشرة، وربما في سن أقل من ذلك، في التدريب العسكري، والأنشطة غير الرسمية المتصلة بالحروب الأهلية، وفي جيوش التحرير، بل وفي الحروب الدولية. وإن هذه الظاهرة تتفاقم فى مناطق النزاع فى أفريقيا واسيا وأمريكا اللاتينية.
وبناءً على هذه التقارير وفي أثناء إعداد مشروع إتفاقية حقوق الطفل، بذلت جهود دولية حثيثة لأجل تحديد السن التي لا يجوز دونها للأطفال أن يشاركوا في الأعمال العدائية من الخامسة عشرة إلى الثامنة عشرة، إلا أن المادة 38 من إتفاقية حقوق الطفل عام 1989، لم تسجل أي تقدم، فقد جاءت إعادة لنص الفقرة 2 من المادة 77 من البرتوكول الأول. وذلك لأن بعض
الدول أثناء المناقشات حول المادة 38 قد أثارت نفس الحجج التي أثيرت أثناء المؤتمر الدبلوماسي حول تطوير القانون الدولي الإنساني السابق على توقيع بروتوكولي جنيف، فيما يختص بمسألة السن والتدابير الممكنة وليست الضرورية، الواجب إتخاذها في حالة المشاركة في الأعمال العدائية.
من الملاحظ أن التناقض واضح وصريح في هذه الإتفاقية بحيث أن مادتها الأولى عرفت الطفل بأنه “كل إنسان حتى الثامنة عشرة ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه”، ثم طلبت من الدول عدم تجنيد الأطفال دون الخامسة عشرة في قواتها المسلحة، ومعنى ذلك أن الطفل ما بين سن الخامسة عشرة والثامنة عشرة، مسموح بتجنيده في القوات المسلحة للدول الأطراف وهو مازال طفلاً، طبقاً لتعريف المادة الأولى لسن الطفولة.
كذلك فإنه من نتائج هذا التردد في رفع سن تجنيد الأطفال إلى الثامنة عشرة، وفوات فرصة إنعقاد إتفاقية دولية خاصة بحقوق الطفل، سيكون أوسع قبولاً وإنتشاراً في قبول هذا الهدف أنه وفي خلال العقد الأخير من القرن العشرين، إزدادت ظاهرة إشتراك الأطفال في الحروب والنزاعات التي وقعت بشكل لم يسبق له مثيل، لدرجة أنه قتل أكثر من مليوني طفل، وجرح أكثر من ستة ملايين آخرين بسبب النزاعات المسلحة،ومن الأمور التي ساهمت بشكل رئيسي في زيادة إستغلال الأطفال، وإشتراكهم في الأعمال العدائية.هي ازدهار تجارة السلاح بسبب توافر أكوام المخزون منه نتيجة لإنتهاء الحرب الباردة، فساهم انتشار الأسلحة الرخيصة وخفيفة العمل في زيادة استغلال الأطفال وتجنيدهم.
وثمة سبباً آخر يرجع إلى إنتشار مجموعة كبيرة من النزاعات غير الدولية والتي قامت على أساس قومي أو ديني أو قبلي، حيث يسهل فيها التأثير على الأطفال وإجبارهم على الإنخراط في أعمال القتال والتخريب والتجسس، بل إن الأطفال الذين نشأوا في ظل العنف سينظرون إليه على أنه نمط حياة دائم.
ومن الأمثلة على ذلك الحرب الأهلية في ليبيريا والتي استمرت من عام 1989 إلى عام 1997، والتي راح ضحيتها مائة وخمسن ألف شخص، وأجبر بسببها مليون نسمة على النزوح والهجرة، غير أن الأشد هولاً هو أن 15 ألف طفل بعضهم لم يتجاوز سن السادسة عشرة من عمره، جرى تدريبهم كجنود.وليبيريا ليست المثال الوحيد لذلك، فقد أوضح تقرير الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة بمناسبة إجراء دراسة حول وضع الأطفال فى النزاعات المسلحة أن أكثر من 300 ألف طفل متورطون في الإنخراط في النزاعات المسلحة حالياً.وكشفت التقارير أيضاً أن أكبر نسبة من هؤلاء الأطفال في الصراع الدائر في جنوب السودان
اترك تعليقاً