بحث عن جريمة اصدار شيك بدون رصيد وفقا للقانون الجزائري
أظهـرتالأهميـة البالغـة للشيكـات فـي الحيـاة الاقتصاديـة و الـدور الذي تؤديـهفـي المعامـلات ، لاسيمـا فـي مجـال الأعمـال التجاريـة ، ضـرورة توفيـرحمايـة فعالـة لهـا ، ضمانـا لقيامهـا بأداء وظائفهـا الاقتصاديـة ، وبصفـة خاصـة وظيفتهـا كـأداة وفـاء فـي المعامـلات تقـوم مقـام النقـود ،فمـن الملاحـظ أن اعتبـار الشيـك أداة وفـاء مثـل النقـود دفـع بعـضالأفـراد إلـى إسـاءة استعمـال الشيكـات بغيـة التوصـل عـن طريقهـا إلـىالاستيـلاء علـى أمـوال الغيـر ، ودلك بتحريـر شيكـات ليـس لهـا مقابـلوفـاء لـدى المسحـوب عليـه ، ولا شـك فـي أن إسـاءة استعمـال الشـك علـىهـدا النحـو يـؤدي إلـى فقـدان الأفـراد للثقـة فيـه كـأداة وفـاء وتجعلـه بالتالـي غيـر قـادر علـى أداء وظائفـه الاقتصاديـة و التـي وجـدمـن اجلهـا . وحمايـة لذلـك اتجـه المشـرع إلـى تجريـم فعـل إصـدار شيـكدون رصيـد و تدعيـم هـذا التشريـع بالجـزاء الجنائـي، و بهـذا جعلـهجريمـة قائمـة بذاتهـا لهـا أركانهـا الخاصـة بهـا و هـذا مـا سنعالجـهفـي هـذا الفصـل بالتطـرق لجريمـة إصـدار شيـك دون رصيـد مـن حيـثالأركـان التـي بهـا تقـوم الجريمـة . و مـن الملاحـظ أن هـذه الأخيـرةيمكـن هدمهـا عـن طريـق مـا يقدمـه المتهـم مـن دفـوع قـد تـؤدي إلـىنفيهـا ، كمـا قـد لا تؤثـر فيهـا فتبقـى الجريمـة قائمـة علـى الرغـم مـنإثارتهـا .
و هـذا مـا سنتطـرق إليـه فـي المبحثيـن الموالييـن حيـثسنتنـاول فـي المبحـث الأول أركـان الجريمـة بالدراسـة فـي حيـن المخصـصالمبحـث الثانـي للدفـوع التـي مـن شأنهـا أن تعتـرض قيـام هـذه الأركـان.
المبحـث الأول :أركـان جريمـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد.
باستقـراء نـص المادتيـنSad374و 375) مـن قانـون العقوبـات نجـد أن المشـرع لـم يحصـر جرائـم الشيـكفـي صـورة وحيـدة ، بحيـث جعلهـا تتخـذ عـدة مظاهـر يمكـن إيجازهـا فيمـايلـي :
أ – تسليـم أو قبـول شيـك كضمـان أو تظهيـرمثـل هـذا الشيـك ، وهـي الصـورة المشـار إليهـا بنـص المـادة( 374) فـيفقرتهـا الثالثـة ، فالأصـل فـي الشيـك أنـه أداة وفـاء ولا أداة قـرض وائتمـان ، و لأنـه كـذلك فـإن القانـون يجـرم تسليـم الشيك أو قبولـه علـىسبيـل الضمـان ، وكـذا فعـل تظهيـر المستفيـد للشيـك المسلـم لـه كضمـان.
وجديـر بالذكـر أن المشـرع لـم يشتـرط فـي تظهيـر شيـك سلـم أو قبـل كضمـانسـوء النيـة ، فتقـوم الجريمـة بمجـرد توافـر القصـد الجنائـي العـامالمستخلـص مـن الوقائـع.
ب- تزويـر أو تزييـف الشيـك،وأشـارت إلـى هـذه الصـورة المـادة 375 مـن قانـون العقوبـات و تأخـذمظهريـن أساسييـن و همـا : تزويـر أو تزييـف الشيـك بوضـع توقيـع مـزور )سـواء كـان التزويـر ماديـا أو معنويـا ( ، وقبـول استـلام شيـك مـزور أومزيـف.
ومـع تعـدد صـور جرائـم الشيـك فإننـا ارتأينـا حصـر نطـاقدراستنـا فـي صـورة واحـدة وهـي : جريمـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد كونهـاالصـورة الأكثـر انتشـارا والتـي سنتطـرق إليهـا بنـوع مـن التفصيـل مـنخـلال تجسيـد أركانهـا كمـا يأتـي:
المطلب الأول: الركن الشرعي للجريمة .
تتحقـقالجريمـة بالفعـل الصـادر عـن الشخـص ، فتتخـذ صـورة ماديـة معينـة ،وتختلـف الأفعـال الماديـة باختـلاف نشاطـات الأشخـاص وهـذا مـا يجعـلالمشـرع يتدخـل لتحديـد فئـة الأفعـال الضـارة أو الخطـرة علـى سلامـةأفـراد المجتمـع ، فينهـي عنهـا بموجـب نـص قانونـي جزائـي يجـرم هـذهالأفعال ويحـدد عقوبـة مـن يأتـي علـى ارتكابهـا ، وبالتالـي فـإن قانـونالعقوبـات هـو الـذي يحـدد الجرائـم ويضـع لهـا عقابـا فـلا وجـودللجريمـة بـدون نـص تشريعـي.
ويقصـد بالركـن الشرعـي للجريمـة الصفـةغيـر المشروعـة للفعـل هـذه الصفـة التـي خلقهـا نـص التجريـم الـواجبالتطبيـق علـى الفعـل بشـرط أن لا يكـون هنـاك سبـب مـن أسبـاب الإباحـة :
وقـد نصـت المـادة الأولـى مـن قانـون العقوبـات علـى أنـه : *لا جريمـة ولا عقوبـة أو تدبيـر أمـن بغيـر قانـون *
فالركـنالشرعـي هـو الـذي يحـدد الماديـات التـي يصبـغ عليهـا المشـرع الصفـةالغيـر مشروعـة ، هـذه الماديـات التـي تكـون جوهـر الركـن المـاديللجريمـة .
ويعنـي مبـدأ الشرعيـة حصر الجرائـم والعقوبـات فـي نصـوصالقانـون فيختـص بتحديـد الأفعـال التـي تعتبـر جرائـم وبيـان أركانهـا ،وفـرض العقوبـات علـى هـذه الأفعـال .وعلـى القـاضي تطبيـق مـا يضعـهالمشـرع مـن قواعـد فـي هـذا الشـأن .فـلا يستطيـع القاضـي تجريـم فعـلمعيـن إلا إذا وجـد نـص يعتبـر هـذا الفعـل جريمـة .
وعنـد تطبيـق مـاسبـق ذكـره علـى جريمـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد نجـد المشـرع قـد نـص فـيالمـادة 374 مـن قانـون العقوبـات علـى أنـه :
*يعـاقب بالحبـس مـن سنـة إلـى خمـس سنـوات وبغرامـة لا تقـل عـن قيمـة الشيـــك أو عـن قيمـة النقـص فـي الرصيـد :
1.كـل مـن أصـدر بسـوء نيـة شيكـا لا يقابلـه رصيـد قائـم ، وقابـل للصـرفأو كـان الرصيـد أقـل مـن قيمـة الشيـك أو قـام بسحـب الرصيـد كلـه أوبعضـه بعـد إصـدار الشيـك أو منـع المسحـوب عليـه مـن صرفـه.
2.كـل مـن قبـل أو ظهـر شيكـا صـادرا فـي الظـروف المشـار إليهـا فـي الفقـرة السابقـة مـع علمـه بذلـك.
3.كـل مـن أصـدر أو قبـل أو ظهـر شيكـا واشتـرط عـدم صرفـه فـورا بـل جعلـه كضمـان*.
وقـدوردت هـذه المـادة المتعلقـة بجريمـة إصـدار شيـك دون رصيـد حسـب موقعهـافـي قانـون العقوبـات بالقـسـم الثانـي الـذي ورد بعنـوان: * النصـبوإصـدار شيـك دون رصيـد * مـن الفصـل الثالـث المتعلـق بالجنايـات والجنـحضـد الأمـوال مـن البـاب الثانـي الـذي يحتـوي على الجنايـات والجنـح ضـدالأفـراد مـن الكتـاب الثالـث الـوارد بعنـوان الجنايـات والجنـحوعقوباتهـا مـن الجـزء الثانـي المتعلـق بالتجريـم ، مـن قانـون العقوبـاتوالـذي صـدر بموجـب الأمـر رقـم 66-156 المـؤرخ فـي 18 صفـر عـام 1386المـوافق لـ 8 يونيـو سنـة 1966 المتضمـن قانـون العقوبـات.
كمـا تجـدرالإشـارة إلـى أن تجريـم فعـل إصـدار شيـك بـدون رصيـد قـد ورد أيضـا فـيالقانـون التجـاري وذلـك فـي نـص المـادة 538 منـه ، والتـي جـاء فيهـا :
*يعاقـب بالسجـن مـن سنـة إلـى خمـس سنـوات وبغرامـة لا تقـل عـن مبلـغ الشيـك أو عـن باقـي قيمتـه:
1.كـل مـن أصـدر عـن سـوء نيـة شيكـا ليـس لـه مقابـل وفـاء سابـق وقابـلللتصـرف فيـه ، أو كـان مقابـل الوفـاء أقـل مـن مبلـغ الشيـك أو تراجـعبعـد استصـدار الشيـك كامـل مقابـل الوفـاء أو بعضـه أو منـع المسحـوبعليـه مـن الوفـاء.
2.مـن قبـل عمـدا تسلـم الشيـك أو ظهـره وكـانهـذا الشيـك صـادرا فـي الأحـوال المشـار إليهـا فـي الفقـرة السابقـة مـععلمـه بـذلك.
3.كـل مـن أصـدر وقبـل وظهـر شيكـا علـى شـرط ألا يقبـض مبلغـه فـورا وإنمـا علـى وجـه الضمـان *.
وقـدوردت هـذه المـادة ، حسـب موقعهـا مـن القانـون التجـاري بالفصـل التاسـعالمتعلـق بالتقـادم مـن البـاب الثانـي و الـذي عنوانـه الشيـك مـنالكتـاب الرابـع المتضمـن السنـدات التجاريـة ، مـن القانـون التجـاري والـذي صـدر بموجـب الأمـر رقـم 75-59 المـؤرخ فـي 20 رمضـان عـام 1395المـوافق لـ 26 سبتمبـر سنـة 1975 المتضمـن القانـون التجـاري المعـدل والمتمـم.
و الملاحـظ علـى هـذه المـادة هـو أن المشـرع قـد استعملعبـارة * يعاقب بالسجن …* في النص العربي بينما في النص الفرنسي ذكر* * EST PUNI D’UN EMPRISONNEMENTو هـذا لا يمكـن أن يفسـر علـى أنـه تناقـضبيـن النصيـن العربـي و الفرنسـي ، بـل إن قصـد المشـرع هنـا واضـح خـالمـن أي غمـوض و هـو يعنـي بهـا الحبـس و ليـس السجـن و هو مـا يؤكـده نـصالمـادة 374 مـن قانـون العقوبـات.
كمـا تجـدر الإشـارة إلـى أنالمشـرع قـد نـص علـى تجريـم فعـل إصـدار الشيـك بـدون رصيـد فـي كـل مـنالقانونيـن التجـاري والعقوبـات ، و بالعقوبـة نفسهـا مضيفـا فـي القانـونالتجـاري حسـب نـص المـادة 540 بـأن مرتكـب جنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـدلا يستفيـد مـن الظـروف المخففـة المقـررة بالمـادة 53 مـن قانـونالعقوبـات . عـدا حالتـي إصـدار أو قبـول شيـك دون مقابـل وفـاء. كمـاأضـاف القانـون نفسـه عقوبـات تبعيـة تتمثـل فـي الحرمـان مـن الحقـوقالوطنيـة المبينـة فـي نـص المـادة الثامنـة مـن قانـون العقوبـات سـواءبصفـة كليـة أو جزئيـة ، كمـا استوجبـت ذلـك المـادة 541 مـن القانـونالتجـاري ، و قـد أجـازت الحكـم علـى المتهـم المـدان بعقوبـة حظـرالإقامـة كعقوبـة تكميليـة.
و لعـل هـذا التكـرار الـذي قصـده المشـرعمـن خـلال النـص علـى التجريـم فعـل إصــدار شيـك دون رصيـد و العقـابعليـه، فـي القانـون التجـاري بعـد أن تناولهـا فـي قانـون العقوبـات ،هـو فـيحقيقـة الأمـر تأكيـد مـن قبلـه علـى
الحمايـة الجنائيـة التـي أراد أن يقـررهـا حمايـة للشيـك فـي حـد ذاتـه باعتبـاره أداة وفـاء تجـري مجـرى النقـود فـي المعامـلات .
المطلــــب الثـانـي : الركــن المــادي للجريمــة.
يتمثـل الركن المـادي فـي جريمـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد فـي فعـل الإعطـاء مـععـدم إمكـان السحـب ، والتعـرض للركـن المـادي بالشـرح والتفصيـل يقتضـيمنـا التعـرض لمفهـوم الشيـك ومفهـوم مقابـل الوفـاء فـي الشيـك وهـو مـاعبـر عنـه المشـرع بلفـظ الرصيـد ، باعتبارهمـا العنصريـن الأساسييـن فـيالجريمـة.
ونتنـاول فيمـا يلـي الركـن المـادي بالتطـرق إلـى إصـدارالشيـك بتحريـره وطرحـه للتـداول فـي فـرع أول ، ثـم فـي فـرع ثـان نـدرسعـدم امكـان السحـب.
الفـــرع الأول : إصـــدار الشيـــك.
يفتـرض أن نقـوم بتحديـد مفهـوم الشيـك فـي مرحلـة أولـى ، ثـم نتطـرق إلـى فعـل إصـداره.
أولا: تعريـــف الشيـــك.
الشيـكهـو محـرر يقـوم مقـام النقـود فـي الوفـاء ، وبمعنـى آخـر هـو ورقـةتجاريـة تحـرر وفـق شـروط معينـة ، تتضمـن أمـرا مـن موقعهـا) الساحـب(موجهـا إلـى المسحـوب عليـه بـأن يدفـع إلـى المستفيـد أو لحاملـه مبلغـامعينـا مـن النقـود ، فالساحـب هـو الـذي يصـدر الشيـك و يوقـع عليـه،أمـا المسحـوب عليـه فهـو البنـك أو أيـة مؤسسـة ماليـة يـودع السـاحبرصيـده لديهـا ، والمستفيـد هـو صاحـب الحـق أو الدائـن الـذي يصـدرالشيـك باسمـه وأحيانـا يحـرر الشيـك لحاملـه أي دون تعييـن اسـم الساحـبوهـذا جائـز.
وبالرجـوع إلـى قانـون العقوبـات ، لا يوجـد نـص يعـرفالشيـك ، لكـن باستقـراء نـص المـادة 472 مـن القانـون التجـاري نجدهـاقـد عرفـت الشيـك علـى أنـه أمـر
مكتـوب مـن الساحـب إلـى المسحـوبعليـه بـأن يدفـع بمجـرد الإطـلاع عليـه مبلغـا مـن النقـود لمصلحـة مـنيحـدده الأمـر ، كمـا حـددت نفـس المـادة البيانـات التي يجـب أن يحتـويعليهـا الشيـك .
وقـد استقـرت المحكمـة العليـا علـى اعتبـار الشيـكأداة وفـاء ودفـع ، وليـس أداة قـرض وائتمـان ، وعليـه فـان الأمـربالدفـع لا يجـب أن يكـون بـأي حـال مـن الأحـوال معلقـا علـى شـرط سـواءكـان واقفـا أو فاسخـا .
لكـن حتـى يـؤدي الشيـك الوظيفـة التـي وجـدلأجلهـا و حتـى يكـون ورقـة تجاريـة يعتـد بهـا كسنـد بمفهـوم القانـونالتجـاري فـان المشـرع استوجـب أن تتوافـر فيـه جملـة مـن الشـروطالشكليـة و الموضـوعية وهـذا مـا سنتناولـه فيمـا يلـي:
1-الشروط الشكلية:
مـنأهـم البيانـات الواجـب توفرهـا فـي الصـك استوجـب المشـرع أن يكـونمكتوبـا ، فلا يعـرف الشيـك الشفهـي لأنـه ورقـة تجاريـة ويحـرر بأيـةلغـة متعـارف عليهـا ، لكـن الـدارج أن يكتـب باللغـة السائـدة فـيالمجتمـع .
كمـا يجـب أن يتضمـن الشيـك توقيـع الساحـب ذلـك أن هـذاالأخيـر يفيـد صـدور الشيـك مـن الساحـب ، وبـدونه لا يكـون للشيـك أيـةقيمـة .هـذا و يجـب أن يكـون التوقيـع بيـد الساحـب لا بالآلـة الكاتبـةأو بأيـة وسيلـة أخـرى.
ويضيـف المشـرع فـي القانـون التجـاري وجـوباحتـواء الشيـك علـى اسـم المسحـوب عليـه وهـو الـذي يصـدر إليـه أمـرالسـاحب بدفـع قيمـة الشيـك، فـإذا لـم يحـدد المسحـوب عليـه فـي الشيـك ،يفقـد الصـك صفتـه هـذه ويصلـح فقـط لتحديـد علاقـة المديونيـة بيـنالساحـب والمستفيـد ، لكـن عمليـا تحـرر الشيكـات علـى نمـاذج مطبوعـةتتضمـن اسـم المسحـوب عليـه الـذي هـو مؤسسـة ماليـة أو مصرفيـة ، كمـايجـب أن يكـون الساحـب غيـر المسحـوب عليـه.
ولا يلـزم قبـول المسحـوبعليـه الشيـك قبـل الوفـاء بقيمتـه ، إذ يفتـرض أن يكـون للشيـك بطبيعتـهمقابـل الوفـاء وقـت إعطائـه مـن الساحـب لـدى المسحـوب عليـه فالشيـكيقـدم إليـه للوفـاء لا للقبـول .
فضـلا عـن البيانـات السابـق ذكرهـاأعـلاه يستوجـب القانـون أن يذكـر اسـم المستفيـد وهـو الشخـص الـذي يحـررالشيـك لمصلحتـه ( سـواء كـان شخصـا طبيعيـا أو معنويـا ) وقـد يتعـددالمستفيـدون ، ففـي هـذه الحالـة يجـب الوفـاء لهـم مجتمعيـن أو لأحدهـمإذا تقـدم عـن نفسـه وبالوكالـة عـن الباقيـن لصـرف قيمـة الشيـك.
ومتـىكـان الشيـك أداة وفـاء و دفـع فـان المشـرع يشتـرط أن يتضمـن وجوبـاأمـرا بالدفـع يوجهـه الساحـب إلـى المسحـوب عليـه ، علـى أن يكـون الأمـربالدفـع غيـر معلـق علـى شـرط واقـف أو فاسـخ ، وأن ينصـب الأمـر علـىمبلـغ معيـن مـن النقـود.
و مـن قبيـل البيانـات التـي ينبغـي تواجدهـابالشيـك هـو مكـان سحـب الشيـك و الوفـاء بـه وان كـان لا يعتبـر مـنالبيانـات الجوهريـة ، إذ أن إغفالـه لا أثـر لـه علـى طبيعـة الورقـةكشيـك ويكـون محـل الدفـع هـو محـل سحـب الشيـك غيـر أنـه لا مانـع مـناختلافهمـا. بالإضافـة إلـى وجـوب ذكـر تاريـخ سحـب الشيـك علـى الرغـممـن كونـه مستحـق الدفـع دائمـا بمجـرد الإطـلاع عليـه ويترتـب علـى ذلـكضـرورة أن يثبـت بالشيـك تاريـخ واحـد فقـط الـذي هـو تاريـخ الاستحقـاقولا يضيـره إذا كـان خاليـا منـه لأنـه أصـلا قابـل للوفـاء بمجـردالإطـلاع.
-2الشروط الموضوعية :
طالمـاكـان تحريـر الشيـك والتوقيـع عليـه مـن الساحـب تصرفـا قانونيـا فإنـهيشتـرط لصحتـه وجـوب توافـر جملـة مـن الشـروط الموضـوعية التـي تتعلـقبالأهليـة والرضـا والمحـل والسبـب .
إذ تكتمـل أهليـة الشخـص المدنيـةبتمـام بلوغـه 19 سنة كاملـة ، كمـا هـو مقـرر بنـص المـادة 40 مـنالفانـون المدنـي ، أمـا الأهليـة الجزائيـة فإنهـا تعتبـر متوافـرةومكتملـة متـى بلـغ الشخـص 18 سنـة كاملـة عمـلا بنـص المـادة 442 مـنفانـون الإجـراءات الجزائيـة ، وهـذا مـا يهمنـا فـي موضـوع بحثنـا هـذا ،والـذي نحـن بصـدد دراستـه ذلـك أن المسؤوليـة الجزائيـة للساحـب الـذيأصـدر شيكـا بـدون رصيـد تكـون قائمـة متـى بلـغ سن الرشـد الجزائـي لاالمدنـي .
و لا يكفـي أن يكـون الشيـك صـادرا عـن ذي أهليـة بـل يقتضـيالأمـر أن يكـون إصـدار الشيـك مبنيـا علـى رضـا صحيـح خـال مـن العيـوبالمنصـوص عليـه فـي القانـون المدنـي مـن غلـط أو تدليـس أو إكـراه والتـيمـن شأنهـا أن تعـدم التصـرف مـن أساسـه أو تجعلـه معيبـا و ناقصـا.
كمـايستوجـب الأمـر أن يكـون محـل الالتـزام فـي الشيـك مبلغـا محـددا مـنالنقـود وليـس شيئـا آخـر حتـى يستحـق وصفـه كشيـك بمفهـوم القانـونالتجـاري.
بالإضافـة إلـى السبـب الـذي يـراد بـه أسـاس الالتـزامبالشيـك علـى أن يكـون مشروعـا ، وإذا كـان عـدم مشروعيـة السبـب يؤثـرعلـى مصيـر الدعـوى المدنيـة بالرفـض فإنـه يبقـى عديـم الأثـر علـىالدعـوى الجزائيـة طالمـا توافـرت أركـان إحـدى جرائـم الشيـك ،فالمسؤوليـة الجزائيـة لا تتأثـر بالسبـب أو البـاعث الـذي أعطـي مـنأجلـه الشيـك كمـا استقـرت علـى ذلـك المحكمـة العليـا فـي اجتهادهـا.
وعمومـا، فـإن تطلـب بعـض البيانـات فـي الشيـك لا يعنـي ضـرورة وجـود شيـكماديـا لإمكـان الحكـم بالعقوبـة فـي إحـدى جـرائم الشيكـات ، فـلا ينفـيوقـوع الجريمـة عـدم وجـود أصل الشيـك لـدى المحكمـة سـواء كـان ذلكلإتلافـه أو فقـده أو سرقته أو لغير ذلـك مـن الأسبـاب ، فيكفـي أن يثبـتلـدى المحكمـة أن ثمـة شيكـا قـد أصـدره الساحـب لا يقابلـه رصيـد ، ولهـاأن تكـون عقيدتـها فـي هـذا الموضوع بكافـة طـرق الإثبات .
وممـا ذهبتإليـه المحكمة العـليا فـي هـذا الصدد فـي اجتهادها مـا جـاء فـي قـرارهاالصادر بتـاريخ 27.مارس 2000 : *……أن عـدم وجـود الشـيك عنـد المحاكمةلا ينفـي بتاتـا وقوع الجريمة متـى قـام الدليل عـلى سبـق وجـوده مستوفياشرائطـه القانـونية وللمحكمة أن تكـون عقيدتـها بكافـة طرق الإثبات ……
أنالقضاة غيـر مقيدين بقواعد الإثبات المقررة فـي القـانون المدني والقـانونالتجاري وأنـه يحق لهـم الأخـذ بالصورة الشمسيـة كدليـل فـي الدعوى أوبشهادة عـدم الدفع أو اعتراف المتهـم أو أي وثيقـة أخـرى*
ومـناجتهاداتهـا أيضـا مـا استقـرت عليه مـن خـلال قرارها الصادر بتـاريخ 27فيفـري 2000 والـذي جـاء فيـه : * مـن المستقـر فقـها وقضـاء أن عـدموجـود أصـل الشيـك بالملـف لا ينفـي وقـوع الجريمة المنـصوص عـليها فـيالـمادة 374 مـن فانــون العقوبـات .
وأنـه يحـق لجهـة الحكـم أن تأخـذبالصـورة الشمسيـة للشيـك محـل المتابعـة كدليـل للإثبـات ، وأنهـا غيـرمقيـدة بالقواعـد المقـررة فـي القانـون المدنـي أو التجـاري.
وعليـه فـإن القضـاء ببـراءة المتهـم علـى أسـاس عـدم وجـود أصـل الشيـك عـرض القـرار المطعـون فيـه للبطـلان*
ثانيـــا:لشيــك وطرحـه للتـــداول :
وقبـلتنـاول إنشـاء الشيـك وطرحـه للتـداول ، يجـب أن نميـز بيـن إصـدار الشيـكوإنشـاءه ، فإنشـاء الشيـك يكمـن فـي كتابتـه و هـو سابـق علـى الإصدارالـذي هـو مـن قبيـل الأعمـال التحضيريـة التـي لا يعاقـب عليهـا القانـونتحريـر الشيـك دون طرحـه للتـداول طالمـا لـم يسلـم إلـى المستفيـد ، ومـنثمـة فـإن جنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد هـي جنحـة مركبـة مـن عنصريـن :إنشـاء الشيـك بكتابتـه وتحريـره ، ثـم طرحـه فـي التـداول بتسليمـه إلـىالمستفيـد.
إذا فـإن الركـن المـادي للجريمـة لا يقـوم علـى مجـردتحريـر الشيـك وإنمـا يتعـدى ذلـك إلـى إعطائـه للمستفيـد ، أمـا تقديـمالشيـك إلـى المسحـوب عليـه ( البنـك مثـلا ) فـلا شـأن لـه فـي توافـرأركـان الجريمـة فهـو إجـراء مـادي متجـه إلـى استيفـاء مقابـل الشيـك وإفـادة البنـك بعـدم وجـود الرصيـد ليسـت إلا إجـراء كاشـف للجريمـة.
ثالثــا : شـروط التخلـي لقيـام النشـاط الإجـــرامي :
إنالتخلـي الواجـب لقيـام النشـاط الإجرامـي ينبغـي أن يكـون نهائيـا :فـإذا كـان فعـل الإعطـاء يستلـزم خـروج الشيـك مـن حيـازة الساحـب إلا أنهـذا الخـروج متوقـف علـى أن يكـون نهائيـا ، ويتـم ذلـك بانتقـال الشيـكمـن حـوزة الساحـب إلـى المستفيـد نهائيـا ولمـا كـان مـن الجائـز للساحـباستـرداد الشيـك مـن المـودع لديـه إذا قدمـه علـى وجـه الوديعـة ، فـإنالتخلـي هنـا لا يكـون نهائيـا .
كمـا يقتضـي الأمـر أن يكـون التخلـيإراديـا ؛ ففعـل الإعطـاء لا يقتصـر علـى كـون التخلـي نهائيـا وإنمـايتعـداه بانصـراف إرادة الساحـب إلـى التخلـي عـن حيـازة الشيـك ،فبانتفـاء هـذه الإرادة ينتفـي الركـن المـادي للجريمـة ، ومـن ذلـك فـإذافقـد الشيـك أو سـرق وبـادر الساحـب بإصـدار أمـر بعـدم الدفـع فإنـهيكـون بامكـان الساحـب إثبـات أن لا دخل لإرادتـه فـي التخلـي عـن حيـازةالشيـك وبذلـك يكـون الركـن المـادي للجريمـة غيـر قائـم .
ومـناجتهـاد القضـاء الجزائـري فـي ذلـك ما جـاءت به المحكمـة العليـا فـيقرارهـا الصـادر فـي 24 جويليـة 1994 : * إذا كـان مـن الجائـز المعارضـةفـي دفـع قيمـة الشيـك فـي حالـة السرقـة فـإن هـذا موقـوف على تقديـمالدليـل القاطـع ، ذلـك أن الادعـاء المدنـي وحـده لا يكفـي فـي غيـابحكـم أو قـرار قضـائي نهائـي يؤكـد الادعـاء .*
الفــرع الثانــي : عــدم إمكــان السحــب
ينبغـيلاكتمـال قيـام الركـن المـادي للجريمـة ألا يتمكـن المستفيـد مـن سحـبالرصيـد أو أن يكـون هـذا الأخيـر غيـر كـاف و قبـل أن نتنـاول هـذاالعنصـر بالشــرح و التفصيـل ينبغـي أولا إعطـاء مفهـوم للرصيـد، ،وتحديـدشروطـه فيمـا يلـي :
أولا: تعريـف مقابـل الوفـاء فـي الشيـك(الرصيـد ) .
إنالرصيـد هـو عبـارة عـن ديـن نقـدي للساحـب فـي ذمـة المسحـوب عليـه مسـاوعلـى الأقـل لقيمـة الشيـك ويجـب أن تتوافـر فـي المقابـل النقـدي (الرصيـد) جملـة مـن الشـروط كـأن يكـون مبلغـا مـن النقـود ذلـك أنالشيـك يتضمـن أمـرا بدفـع مبلـغ مـن النقـود صـادر مـن الساحـب إلـىالمسحـوب عليـه ممـا يقتضـي بالضـرورة أن يكـون الرصيـد مبلغـا مـنالنقـود وبمفهـوم المخالفـة أنـه إذا كـان مقابـل الوفـاء مـالا آخـر غيـرالنقـود كـان الشيـك بغيـر رصيـد واستحـق لذلـك العقـاب ، علـى أن يكـونالرصيـد معيـن المقـدار وخاليـا مـن النـزاع ، ولا يهـم مصـدر الديـنالنقـدي الـذي فـي ذمـة المسحـوب عليـه طالمـا ثبـت وجـوده .
وتثـار إشكاليـة تسليـم الساحـب للأوراق التجاريـة للمسحـوب عليـه قصـد تحصيـل قيمتهـا ، فهـل تصلـح هـذه الأوراق مقابـلا للوفـاء؟
إذاكـان صحيحـا أن الأوراق التجاريـة تمثـل قـدرا مـن المـال إلا أنهـا لاتصلـح رصيـدا قبـل تحصيـل قيمتهـا و يكـون بذلـك الشيـك بغيـر رصيـد ،أمـا إذا تـم تحصيـل قيمـة هـذه الأوراق فـإن نقديـة مقابـل الوفـاء تكـونقـد تحققـت وفـي هـذا الصـدد قضـي فـي فرنسـا بأن تسلـم البنـك سفاتـجلخصمهـا ووضعهـا فـي الرصيـد الدائـن للعميـل ليـس احتمـال للدائنيـة لايعـد إيجـادا للرصيـد القابـل للسحـب المستحـق الأداء .
كمـا يستوجـبالأمـر أن يكـون الرصيـد قائمـا وقـت إصـدار الشيـك بمـا أن هـذا الأخيـرهـو أداة وفـاء مستحـق الأداء لـدى الإطـلاع ، أي بمجـرد إنشـاءه فـإنذلـك يعنـي أن يكـون رصيـد الشيـك قائمـا منـذ إصـداره .
كمـا يجـب أنيكـون مقابـل الوفـاء موجـودا عنـد سحب الشيـك ، فـلا يكفـي فـي جريمـةإصـدار شيـك بـدون رصيـد أن يكـون الرصيـد قائمـا وقـت إصـدار شيـك ولكـنيتعيـن أن يظـل كذلـك حتـى يقـدم الشيـك بالصـرف .ويتـم الوفـاء بقيمتـه ،وفـي هـذا السيـاق نجـد الاجتهـاد المصـري يؤكـد علـى : * وجـوب توافـرالرصيـد القائـم والقابـل للسحـب وقـت إصـدار الشيـك ولأن يظـل كذلـك حتـىيقـدم الشيـك إلـى المصـرف ويتـم الوفـاء بقيمتـه ، تخلـف ذلـك الرصيـدفـي أي وقـت خـلال تلـك الفتـرة ، أثـره ، توافـر جريمـة إصـدار شيـكبـدون رصيـد فـي حـق مصـدره……..تقديـم الشيـك للصـرف إجـراء مـادييتجـه إلـى استيفـاء مقابلـه ولا شـأن لـه فـي توافـر أركـان الجريمـة *
كمـاأن مـن بيـن الشـروط الواجـب توافرهـا فـي الرصيـد هـوان يكـون قابـلاللتصـرف بموجـب الشيـك، فكمـا سبـق ذكـره أعـلاه فـإن كـون الشيـك مستحـقالوفـاء لـدى الإطـلاع يستوجـب أن يكـون مقابـل الوفـاء بـه دينـا نقديـافي ذمـة المسحـوب عليـه، محقـق الوجـود ، معيـن المقـدار ، مستحـق الأداءوأن يكـون قابـلا للسحـب بموجـب شيـك .
فيشتـرط أن يكـون الرصيـد دينـامحقـق الوجـود ونميـز فـي هـذا الصـدد بيـن حالتيـن ، فـإذا كـان مقابـلالوفـاء بشيـك محتمـلا أو معلقـا علـى شـرط واقـف ولـم يتحقـق هـذا الشـرطحتـى وقـت الإصـدار فـإن الرصيـد يعتبـر غيـر قائـم ،أمـا إذا كـان الديـنمعلقـا علـى شـرط فاسـخ فإنـه يصلـح أن يكـون مقابـلا للوفـاء بالشيـكطالمـا أن الشـرط لم يتحقـق حتـى إصـدار الشيـك ، فـي حيـن أنـه إذا تحقـقالشـرط الفاسـخ قبـل التقديـم الشيـك للوفـاء فـإن أثـره ينسحـب إلـىالماضـي ويعتبـر الرصيـد كـأن لـم يوجـد أصـلا منـذ إصـدار الشيـك وتقـومبذلـك جريمـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد .
ويقصـد بـأن يكـون الرصيـدديـن مستحـق الأداء وقـت إصـدار الشيـك أن يتـم الوفـاء بقيمتـه بمجـردالإطـلاع عليـه، فـإذا كـان الديـن مرتبطـا بأجـل لـم يحـل وقـت إصـدارالشيـك يكـون الرصيـد غيـر قائـم ، علـى أن يكـون ديـن مقابـل الوفـاءمعيـن المقـدار وخاليـا مـن النـزاع وقـت إصـدار الشيـك بحيـث يتـمالوفـاء بقيمتـه بمجـرد الإطـلاع عليـه وبمفهـوم المخالفـة أنـه إذا كـانديـن مقابل الوفـاء موضـوع نـزاع لم يفصـل فيـه فـإن الشيـك يعـد فـي هـذهالحالـة بـلا رصيـد كـأن يكـون مثـلا ديـن مقابـل الوفـاء حسـاب جـاريموضـوع تصفيـة فيصبـح الديـن محتمـلا وغيـر محـدد المقـدار إلـى غايـةتصفيـة الحسـاب.
كمـا يجـب أن يكـون الرصيـد قابـلا للتصـرف فيـهبموجـب شيـك وهـو مـا تؤكـده المـادة 374 مـن قانـون العقوبـات والتـيتعاقـب علـى إصـدار شيـك لا يقابلـه رصيـد قائـم وقابـل للسحـب .
أمـاأن يكـون مقابـل الوفـاء مساويـا علـى الأقـل بقيمـة الشيـك يعنـيإمكانيـة استيفـاء كـل المبلـغ ، فـإذا كـان أقـل مـن قيمـة الشيـك فـلايعـد مقابـل الوفـاء قائمـا وبالتالـي تقـوم جريمـة إصـدار شيـك بـدونرصيـد .
وعمومـا ، فإنـه يجـب توافـر الرصيـد القائـم والقابـل للسحـبوقـت إصـدار الشيـك و أن يظـل كذلـك حتـى يقـدم الشيـك للصـرف ويتـمالوفـاء بقيمتـه ، لأن تقديـم الشيـك للصـرف لا شـأن لـه فـي توافـرأركـان الجريمـة بـل هـو إجـراء مـادي يتجـه إلـى استيفـاء مقابـل الشيـكومـا إفـادة البنـك بعـدم وجـود الرصيـد إلا إجـراء كـاشف للجريمـة التـيتحققـت بإصـدار الشيـك.
ثـانيا : عـدم إمكـان السحـب(عـدم وجـود رصيـد كـاف )
بالرجـوعإلـى نـص المـادة 374 مـن قانـون العقـوبات ، نجـد أن عـدم وجـود رصيـدكـاف يمكـن أن يكـون علـى أربـع أشكـال ، ثـلاثة منهـا منصـوص عليهـا فـيالفقـرة الأولـى مـن المـادة المذكـورة ، أمـا الشكـل الرابـع فنستخلصـهمـن خـلال الفقـرة الثـانية وهـو مـا نعـالجه فـي الأوضـاع الآتيـة:
1-عـدم وجـود رصيـد كـاف وقابـل للسحـب:
تتخـذهـذه الصـورة بـدورها ثـلاث حـالات ، فقـد يكـون الرصيـد غيـر موجـودإطلاقـا أو موجـود لكـن غيـر كـاف أو أن يكـون موجـودا وكـافيا إلا انـهغيـر قابـل للسحـب .
-الحـالة الأولـى: عـدم وجـود الرصيـد إطـلاقا .
يقـومالركـن المـادي للجريمـة إذا لـم يكـن للساحـب رصيـد مـودع لـدى المسحـوبعليـه ولـو كـان المستفيـد يعلـم وقـت إعطـائه الشيـك بأنـه لا يقابـلهرصيـد ، ولعـل العبـرة مـن ذلـك ليـس مجـرد حمـاية المستفيـد فحسـب وإنمـايعـدو ذلـك بحمـاية الثقـة فـي الشيـك باعتبـاره أداة وفـاء تجـري مجـرىالنقـود فـي المعـاملات، بـل أن المستفيـد ذاتـه يعـاقب بقبـوله الشيـكبـدون رصيـد مـع علمـه بذلـك .
والعبـرة فـي وجـود الرصيـد مـن عدمـهتكـون بتـاريخ إصـدار الشيـك ) بإنشـائه وطـرحه للتـداول ( ويفتـرض أنيكـون هـذا التـاريخ مطـابقا للتـاريخ المـدون علـى الشيـك يعنـي تـاريخالاستحقـاق ولا يهـم إن ملـئ الرصيـد بعـد الإصـدار أو تصـدير قيمـةالشيـك لاحقـا علـى إصـداره سـواء قبـل المتـابعة أو بعـدها ، وقـداستقـرت المحكمـة العليـا فـي العـديد مـن قـراراتها علـى أن : * ……تسـديد قيمـة الشيـك للمستفيـد لاحقـا علـى إصـداره وهـو بـدونرصيـد لا يـؤثر فـي قيـام الجنحـة التـي تبقـى قـائمة بمجـرد أن يسلـمالجـاني الشيـك إلـى المستفيـد مـع علمـه بأنـه بـدون رصيـد بصـرف النظـرعـن تسـوية وضعيتـه بعـد ذلـك * .
وكذلـك : *إن تسـديد قيمـة الشيـكقبـل المتـابعة أو بعـدها لا يـؤثر في شـيء فـي قيـام جنحـة إصـدار شيـكبـدون رصيـد التـي تلتئـم عناصـرها بتسليـم شيـك للمستفيـد لا يقابـلهارصيـد أو يقابـله رصيـد غيـر كـاف *
وبمفهـوم آخـر ، يجـب أن يكـونالرصيـد قائمـا قبـل وضـع الشيـك للتـداول ، أي قبـل الإصـدار أو علـىالأقـل أن يكـون موجـودا عنـد تقـديم الشيـك للدفـع .
وفـي نفـسالسيـاق ، نجـد أن المحكمـة العليـا فـي قرارهـا الصـادر بتـاريخ 08أكتـوبر 1985 اعتبـرت أنـه : *مـادام الرصيـد غيـر كـاف عنـد تقـديمالشيـك للدفـع تقـوم الجريمـة بصـرف النظـر عمـا إذا كـان الرصيـد كافيـاعنـد تحريـر الشيـك لأن انعـدام الرصيـد عنـد تقـديم شيـك للدفـع يعـدجريمـة وكـذا سحـب الرصيـد قبـل تسـديد مبلـغ الشيـك * .
وفـي قـرارآخـر لهـا صـادر فـي 23 مـارس 1998 جـاء فيـه : * تتحقـق جنحـة إصـدارشيـك بـدون رصيـد بمجـرد أن يصـدر المتهـم شيكـا دون التـأكد مـن أنرصيـده قائـم وموجـود عنـد إصـداره والحـرص علـى أن يبـق كذلـك إلـى غـايةسحـب المستفيـد مبلـغ الشيـك * .
-الحـالة الثـانية :أن يكـون الرصيـد موجـودا لكنـه غيـر كـاف.
قـديكـون للساحـب رصيـد لـدى المسحـوب عليـه لكنـه غيـر كـاف لدفـع قيمـةالشيـك فتقـوم فـي هـذه الحـالة الجريمـة ولـو حصـل المستفيـد علـىالرصيـد الغيـر كـاف الموجـود ولا يهـم قيمـة النقـص فـي الرصيـد عـنقيمـة الشيـك مـن حيـث تفاهتهـا أو جسامتهـا لقيـام الجريمـة ، فالعبـرةبعـدم كفايـة مقابـل الوفـاء لتسـديد مبلـغ الشيـك.
-الحـالة الثـالثة : أن يكـون الرصيـد موجـودا وكـاف ولكنـه غيـر قابـل للسحـب .
وتتحقـقهـذه الحـالة بتـوافر الرصيـد الكـافي لـدى المسحـوب عليـه مـع عـدمإمكـانية السحـب بسبـب الحجـز القضـائي مثـلا ، أوفـي حـالة مـا إذا كـانالسـاحب تـاجرا أشهـر إفـلاسه .
والعبـرة لوقـوع الجريمـة أن يكـونالرصيـد غيـر قابـل للسحـب وقـت إعطـاء الشيـك أمـا إذا حـدث وأن تحققـتعـدم قابليـة للسحـب بعـد إعطـاء الشيـك
فـإن الجريمـة تنتفـي فـي هـذهالحـالة كـأن يصـدر الساحـب الشيـك ثـم يحجـز علـى مـاله لـدى المسحـوبعلـيه أو يشهـر إفـلاسه وبالتـالي فـإنه يشتـرط فـي هـذه الحـالة أن يكـونالسـاحب علـى علـم بعـدم قابليـة السحـب و إلا انتفـت مسؤوليتـه .
2-سحـب الرصيـد كلـه أو بعضـه بعـد إصـدار الشيـك :
لايكفـي أن يكـون الرصيـد كافيـا وقابـلا للسحـب وقـت إصـدار الشيـك ،وإنمـا يجـب أن يظـل الرصيـد تحـت تصـرف المستفيـد إلـى حيـن الحصـول علـىمقابـل الشيـك وبالتالـي فـإن الركـن المـادي لجنحـة إصـدار الشيـك بـدونرصيـد يكـون قائمـا متـى قـام السـاحب بأخـذ جـزء أو كـل الرصيـد بحيـثيصـبح البـاقي غيـر كـاف للوفـاء بقيمـة الشيـك . وبمعنـى آخـر يجـب أنيكـون الرصيـد قائمـا وقـت إصـدار الشيـك وأن يبقـى كذلـك إلـى حيـنالوفـاء بقيمتـه فتقـوم الجريمـة حتـى وإن تـأخر المستفيـد فـي صـرفهالشيـك علـى المواعيـد التـي قـررتها المـادة 501 مـن القانـون التجـاريوهـو مـا خلـص إليـه القضـاء الجـزائري ، بحيـث اعتبـرت المحكمـة العليـاأن تقـديم الشيـك بعـد تـاريخ الاستحقـاق أي بعـد المـدة التـي يقـدمفيهـا للوفـاء المحـددة فـي المـادة 501 مـن القـانون التجـاري ب 20 يـوميعتبـر كافيـا لقيـام الجريمـة .
وعلـة ذلـك مـن خـلال قـراراتالمحكمـة العليـا تكمـن فتي أنـه بإصـدار الشيـك تنتقـل ملكيـة الرصيـدإلـى ذمـة المستفيـد ، وكذلـك بالرجـوع إلـى نـص المـادة 503 مـن القـانونالتجـاري فـي فقـرتها الأولـى نجـد أنـه فـي حالـة توافـر الرصيـد يجـبعلـى المسحـوب عليـه استيفـاء قيمـة الشيـك حتـى بعـد انقضـاء الأجـلالمحـدد لتقـديمه .
*إن تقـديم الشيـك خـارج ميعـاد الدفـع المحـددفـي نـص المـادة 501 مـن القـانون التجـاري لا ينفـي قيـام جنحـة إصـدارشيـك بـدون رصيـد ذلـك أنـه مـا أن يصـدر الساحـب الشيـك تنتقـل ملكيـةالرصيـد لذمـة المستفـيد والساحـب لا يتمتـع بـأي حـق علـى الرصيـدالمقابـل للمبـلغ المسحـوب بـواسطة الشيـك * .
وفـي قـرار آخـر صـادرفـي 24 .01. 2000 اعتبـرت المحكمـة العليـا :* أن تقـديم الشيـك للمخـالصةخـارج أجـل 20 يـوم مـن تـاريخ تحريـره لا يـؤثر فـي قيـام الجريمـة فـإذاكـانت المـادة 501 الفقـرة الأولـى مـن القانـون التجـاري قـد حـددت أجـلتقـديم الشيـك للمخـالصة ب 20 يـوما مـن تـاريخ الإصـدار ، فـإن المـادة 503الفقـرة الأولـى مـن القانـون نفسـه تنـص علـى انـه فـي حالـة توافـرالرصيـد يجـب علـى المسحـوب عليـه أن يستـوفي قيمـة الشيـك حتـى بعـدانقضـاء الأجـل المحـدد لتقـديمه *
ومـن قـراراتها أيضـا : * يجـوز تقـديم الشيـك للمخـالصة قبـل اليـوم المعيـن فيـه كتـاريخ لإصـداره*
3-إصدار أمر للمسحوب عليه لعدم الدفع :
ويقـومالركـن المـادي فـي هـذه الحـالة بأمـر الساحـب المسحـوب عليـه – وذلـكبعـد إصـدار الشيـك – بعـدم دفـع قيمتـه ، فتقـع الجريمـة بمجـرد صـدورالأمـر بعـدم الدفـع ، إلا أن المشـرع الجـزائري أبـاح المعـارضة فـي دفـعقيمـة الشيـك فـي حالـة ضـياعه أو تفليـس حامـله وهـو مـا استقـرت عليـهالمحكمـة العليـا مـن خـلال قـرارها الصـادر فـي 10. 12. 1981 بحيـثاعتبـرت أنـه : * لا يمكـن للسـاحب المعـارضة فـي دفـع الشيـك إلا فـيالحـالات المنصـوص عليهـا فـي المـادة 503 مـن القـانون التجـاري وهـيحـالات فقـدان الشيـك أو إفـلاس حاملـه *
كمـا أن القانـون المصـرييبيـح المعـارضة فـي دفـع قيمـة الشيـك فـي حالـة سرقتـه وقـد أخـذالقضـاء الجـزائري بهـذه الحـالة إلا أنـه متشـدد فـي قبـولها ،
بحيـثيكـون ذلـك متوقفـا علـى تقديـم الدليـل القـاطع علـى قيـام السـرقة ،وفـي هـذا الصـدد قضـت المحكمـة العليـا فـي قـرارها الصـادر فـي 24. 07 .1994بأنه : * إذا كـان مـن الجـائز المعـارضة فـي دفـع قيمـة الشيـك فـيحالـة السـرقة فـإن هـذا متـوقف علـى تقديـم الدليـل القـاطع ذلـك أنالادعـاء المـدني وحـده لا يكفـي فـي غيـاب حكـم أو قـرار قضـائي نهـائييـؤكد الادعـاء *
وفـي قـرار آخـر قضـت انـه : * إذا كـانت سـرقةالشيـك مـن صـاحبه مـن الأسبـاب التـي تعفيـه مـن المسـؤولية الجـزائيةفـي حالـة إصـداره دون رصيـد فـإن الأخـذ بهـذا الدفـع يقتضـي بالضـرورةإثبـات واقعـة السـرقة بوثيقـة صـادرة عـن الجهـات المختصـة وهـذا غـيروارد فـي القـرار المطعـون فيـه * .
4-قبول أو تظهير شيك صادر في الظروف المذكورة سابقا مع العلم بذلك:
وهـيالحـالة التـي أشـارت إليهـا المـادة 374 فـي فقـرتها الثـانية ، ففضـلاعـن معاقبـة السـاحب الـذي يصـدر شيكـا دون رصيـد أو كـان رصيـده أقـل مـنقيمـة الشيـك أو قـام بسحـب الرصيـد كلـه أو بعضـه بعـد إصـدار الشيـك أومنـع المسحـوب عليـه مـن صـرفه ، فـإن القانـون يجـرم كذلـك قبـولالمستفيـد لشـيك دون رصيـد أو تظهيـره لـه مـع علمـه بذلـك ، وبمعنـى آخـرفـإذا كـان المستفيـد يعلـم أن السـاحب أصـدر لـه شيـكا دون رصيـد أو أنمقابـل الوفـاء أقـل مـن قيمـة الشيـك أو أن السـاحب قـام بسحـب جـزء مـنالرصيـد أو كلـه بعـد إصـدار الشيـك أو أصـدر أمـرا للمسحـوب عليـه بعـدمالصـرف ، ورغـم ذلـك قـام بقـبول أو تظهيـر هـذا الشيـك ، فإنـه لا يفـلتمـن العقـاب شأنـه فـي ذلـك شـأن السـاحب الـذي أصـدر شيـكا بـدون رصيـد ،وإن كـان الهـدف مـن عقـاب هـذا الأخيـر هـو حمـاية الثقـة فـي المعـاملاتبالشيـك لاسيمـا أنـه أداة وفـاء تجـري مجـرى النقـود فـي المعـاملات بيـنالأفـراد . ………..
المطلــب الثـالـث : الركـن المعـنـوي .
بعـدأن تطرقنـا فـي المطلبيـن الأول والثـاني مـن هـذا المبـحث إلـى الركنيـنالشرعـي و المـادي الـلازمين لقيـام الجريمـة نتطـرق الآن إلـى الركـنالمعنـوي الـواجب توافـره لاكتمـال جسـم جريمـة إصـدار شيـك بـدون رصيـدوسنعـالج هـذا الركـن مـن حيـث طبيعتـه و نـوع القصـد الجنـائي المتطلـبفـي الجريمـة بالإضـافة إلـى وقـت توافـر العلـم بعـدم وجـود الرصـيدوأخيـرا عـبء إثبـات توافـر القصـد الجنـائي، وسنعـالج هـذه العنـاصر فـيضـوء القانـون والاجتهـاد القضـائي الجـزائري وكـذا الاجتهـاد القضـائيالمصـري والفرنسـي فيمـا يلـي:
الفـرع الأول : طبيـعة القصـد الجنـائي المتطـلب فـي جريمـة إصـدار شيـك دون رصيـد.
تعتبـرجريمـة إصـدار شيـك دون رصيـد مـن الجـرائم العمـدية ، وهـذا مـا يستفـادمـن نـص المـادة 374 مـن قانـون العقـوبات ، حيـث يشتـرط لقيـام الجريمـةتوافـر القصـد الجنـائي العـام ، هـذا الأخيـر الـذي يتوافـر بوجـودعنصـري العلـم والإرادة ، ذلـك أتـه يجـب أن تتجـه إرادة الجـاني صـوبتحقيـق الفعـل المكـون للركـن المـادي فـي الجريمـة ، وأن تكـون هـذهالإرادة مسئـولة جنـائيا ، أي يتـوفر لـها التمييـز والإدراك والاختيـار ،كمـا يلـزم أن يحيـط الجـاني علمـا بعناصـر الجريمـة ، وبالتـالي يتحقـقالقصـد الجنـائي بمجـرد علـم الساحـب بأنـه وقـت إصـدار الشيـك لـم يكـنلـه مقابـل الوفـاء ، أو أن مقابـل الوفـاء أقـل مـن قيمـة الشيـك ، كمـايتحقـق بـأن يستـرد الساحـب مقابـل الوفـاء كلـه أو بعضـه ، وهـو يعلـمبـان قيمـة الشيـك لـم تدفـع بعـد للحامـل ، كمـا أن مجـرد إصـدار الأمـربعـدم الدفـع يتوافـر بـه القصـد الجنـائي بمعنـاه العـام ، الـذي يكـفيفيـه علـم مـن أصـدره بأنـه يعطـل دفـع الشيـك الـذي سحبـه مـن قبـل ولاعبـرة بعـد ذلـك بالأسبـاب التـي دفعتـه إلـى إصـداره لأنهـا مـن قبيـلالبـواعث
التـي لا تأثيـر لهـا فـي قيـام المسـؤولية الجنـائية ، وفـيهـذه الحـالة الأخيـرة نجـد قـرار للمحكمـة العليـا الصـادر بتـاريخ 22. 10. 1995مـلف رقـم 125029 جـاء فيـه * إن إقـدام الساحـب علـى منـعالمسحـوب عليـه مـن صـرف الشيـك بعـد إصـداره يكفـي لقيـام الركـنالمعنـوي * – غيـر منشـور-
كمـا أن هنـاك قـرار آخـر للمحكمـة العليـاالصـادر بتـاريخ 24. 07. 1997 جـاء فيـه * إن تسليـم شيكـات علـى بيـاضمـع اشتـراط عـدم صـرفها فـي الحيـن ، يكفـي وحـده مبـررا لقـيام عنصـرسـوء النيـة * .
كمـا جـاء فـي قـرار صـادر بتـاريخ 23 .10 .2000 ملـفرقـم 222485 : * مـن الثـابت قانـونا أن جريمـة إصـدار شيـك دون رصيـدتعـد قائمـة بمجـرد تسليـم شيـك لا يقابلـه رصيـد قائـم وقابـل للصـرفبغـض النظـر عـن الأسبـاب والبـواعث التـي قـد يتمسـك بهـا السـاحب …*
أمـافـي القضـاء المصـري فهنـاك قـرار لمحكمـة النـقض مـؤرخ فـي 10. 03. 1997جـاء فيـه : * سـوء النيـة فـي جريمـة إصـدار شيـك دون رصيـد تتوفـربمجـرد علـم مصـدره بعـدم وجـود مقابـل الوفـاء لـه …*
الفرع الثاني : نوع القصد الجنائي في جريمة إصدار شيك دون رصيد .
أثـارتعبـارة *سـوء النيـة* التـي اشتـرط المشـرع الفـرنسي ونظيـره الجـزائريتوافـرها لـدى الجـاني عنـد ارتكـاب جريمـة إعطـاء شيـك دون رصيـد خلافـافـي الفقـه والقضـاء ، فدعـت إلـى التسـاؤل عمـا إذا كـان المشـرع قـدتطلـب وجـود قصـد خـاص فـي هـذه الجريمـة أم يكتفـي بتوافـر القصـد العـام؟
فـإذا كـان القصـد الجنـائي العـام تتحقـق فيـه سـوء النيـة بمجـردالعلـم كمـا سبـق ذكـره أعـلاه فـان القصـد الجنـائي الخـاص لا يتوفـر إلاإذا اشتـرط المشـرع وجـود نيـة أخـرى بالإضـافة إلـى القصـد العـامبعنصريـه ، ويترتـب علـى انتفـاء هـذه النيـة عـدم قيـام الجريمـة ،وتطلـب وجـود قصـد خـاص فـي جريمـة إعطـاء شيـك دون رصيـد يعنـي أنالجريمـة لا تقـوم إلا إذا ثبـت توافـر نيـة الإضـرار
بالمستفيـدبحرمانـه مـن الحصـول علـى قيمـة الشيـك وقـد خـاض الفقـه فـي هـذاالمجـال واختلفـت آراءه ، فهنـاك مـن اتجـه إلـى ضـرورة انصـراف إرادةالجـاني إلـى التدليـس وبالتالـي عـدم وجـود رصيـد قائـم وقابـل للسحـبفـي تاريـخ استحقـاق الدفـع .
بينمـا ذهـب الـرأي الـراجح فـي الفقـهوالمستقـر عليـه فـي القضـاء إلـى أن القصـد الجنـائي المطلـوب توافـرهفـي جرائـم الشيـك هـو القصـد الجنـائي العـام ،ويستنـد هـذا الـرأي إلـى الأسانيـد الآتيـة :
1-أن القضـاء الفـرنسي جـرى علـى أن سـوء النيـة يعنـي مجـرد العلـم ،فيكفـي لتوافـر القصـد الجنـائي أن يكـون الساحـب عالمـا وقـت إعطـاءالشيـك أنـه لا يقابـله رصيـد كافـي وقابـل للسحـب ، وفـي حالـة سحـبالرصيـد يكفـي أن يكـون الجـاني عالمـا وقـت ذلـك أن الشيـك لـم يصـرف ومجـرد الأمـر بعـدم الدفـع يتضمـن فـي حـد ذاتـه سـوء القصـد وهـذا مـايـؤيده قـرار محكمـة النقـض المصـرية الصـادر فـي 11. 03. 1952الـذي جـاءفيـه :
*إن الجريمـة المنصـوص عليهـا فـي المـادة 337 مـن قانـونالعقـوبات ، تتحقـق بمجـرد صـدور الأمـر مـن الساحـب إلـى المسحـوب عليـهبعـدم الدفـع حتـى ولـو كـان هنـاك سبـب مشـروع*.
2-أنـه لا محـل لاستلـزام نيـة الإضـرار لان الضـرر عنصـر مفتـرض منـدمج فـيالفعـل المـادي ومتصـف بـه بحيـث لا يتصـور وقـوع هـذا الفعـل دون تحقـقالضـرر ، كمـا أنـه لا محـل لتطلـب نيـة التملـك أو الإثـراء لان هـذهالجريمـة لا تقـع علـى مـال الغيـر ، بـل هـي جريمـة ملتـزم بالوفـاءيرغـب فـي التحلـل مـن التـزامه.
3-أن تطلـب القصـد الخـاص فـي هـذه الجريمـة لا يتفـق مـع علـة التجريـموالتـي ليسـت هـي حمـاية للمستفيـد حتـى تنتفـي بانتفـاء نيـة الأضـراربـه ، وإنمـا هـي حمـاية الثقـة العـامة فـي الشيـك ، ويتحقـق الإخـلالبهـذه الثقـة بإرادة طـرح الشيـك فـي التـداول مـع العلـم بأنـه لايقابـله رصيـد متـى توافـرت لـه الشـروط التـي يتطلبـها القانـون .
والحديـثعـن القصـد الجنـائي فـي القانـون الجـزائري لا يختـلف عـن نظيـره فـيفرنسـا ومصـر ، ذلـك أن سـوء النيـة فـي جريمـة إصـدار شيـك دون رصيـد ،تتوفـر بمجـرد علـم مصـدره بعـدم وجـود مقابـل الوفـاء لـه فـي تـاريخإصـداره ، وهـو علـم مفتـرض فـي حـق الساحـب لأن عليـه متابعـة حركـاترصيـده لـدى المسحـوب عليـه ليستوثـق مـن قدرتـه علـى الوفـاء حتـى يتـمصـرف الشيـك .
وقـد جـاء فـي قـرار للمحكمـة العليـا الصـادر بتـاريخ 26. 07 . 1999ملـف رقـم 219390 فـي إحـدى حيثيـاته :* …أن الركـنالمعنـوي للجريمـة المنصـوص والمعاقـب عليهـا فـي المـادة 374 مـن قانـونالعقـوبات هـو مفتـرض إذ يمكـن استخـلاص سـوء النيـة والعلـم بمجـردإصـدار شيـك لا يقابـله رصيـد قائـم وقابـل للصـرف ولا عبـرة بعـد ذلـكبضآلـة أو تفـاهة النقـص الملحـوظ فـي الرصيـد أو بسبـب آخـر يعـد مـنقبيـل البـواعث التـي لا تأثيـر لهـا فـي قيـام المسـؤولية الجنـائية ،ويعتـد بـه فقـط عنـد توقيـع العقـوبة ….*
كمـا أن المحكمـة العليـافـي جميـع إجتهـاداتها تـرى أن سـوء النيـة مفتـرض فـإن قضـاة الموضـوعغيـر ملـزمين بتبيـانها صـراحة بـل يكفـي لإثبـات القصـد الجنـائيالإجـرامي مجـرد معـاينة الرصيـد أو عـدم كفايتـه أو عـدم قيـامه وقـتإصـدار الشـيك .
ومـن ابـرز الإجتهـادات التـي تبـرر مـا سبـق ذكـره مـا يأتـي :
*إن سـوء النيـة مفتـرض بمجـرد علـم السـاحب بعـدم وجـود رصيـد كـافي فـي حسـابه * – 20 .01. 1970 – نشـرة القضـاة-.
*إن سـوء نيـة المتهـم فـي جريمـة إصـدار شيـك دون رصيـد تستنتـج مـن واقـعأن مصـدر الشيـك لا يـوجد لديـه أي رصيـد سابـق عنـد إصـدار الشيـك * .
وتجـدرالإشـارة إلـى أن الركـن المعنـوي فـي جريمـة إصـدار شيـك دون رصيـد لايتمثـل فـي قصـد إلحـاق الأذى والضـرر بالمستفـيد ، ذلـك أن غـرض المشـرعاتجـه إلـى حمـاية الثقـة فـي التعامـل بالشيـك أكثـر مـن حماية المستفيـد، ولهـذا فإنـه ينبغـي الأخـذ بعيـن الاعتبـار فقـط بوجـود الرصيـد يـومإصـدار الشيـك ، أي رصيـد كـاف وقـائم لان مـا يهـم أصـلا فـي متـابعةالجريمـة ليـس نيـة الإضـرار أي إرادة اقتـراف الجريمـة ، ولكـن المهـمهـو مجـرد علـم الساحـب وقـت إصـداره الشيـك بانعـدام الرصيـد ، أو عـدمكفايتـه ، أو عـدم قيـامه .وبهـذا قـد استقـر القضـاء علـى أن هـذا العلـممفتـرض ، وانـه يقـوم بمجـرد إصـدار شيـك دون رصيـد أو برصيـد غيـر كافـيأو غيـر قـائم .
كمـا تجـدر الإشـارة إلـى أن دفـع قيمـة الشيـك بعـدإصـداره لا يغنـي عـن قيـام الجريمـة كمـا انـه لا يـدل عـن حسـن نيـةمصـدره ، وفـي هـذا جـاء قـرار للمحكمـة العليـا كمـا يلـي : * إنالمبـادرة إلـى تسـديد قيمـة الشيـك كـان دون رصيـد وقـت إصـداره لا تشكـلدليـلا علـى حسـن النيـة * .
كمـا أن الحكـم بالبـراءة فـي جريمـةإصـدار شيـك دون رصيـد علـى أسـاس أن سـوء النيـة غيـر ثـابتة فـي حـقالمتهـم عنـد إصـداره الشيـك هـو تطبيـق خـاطئ للقانـون وهـو مـا جـاء فـيقـرار للمحكمـة العليـا صـادر بتــــاريخ 27. 03. 2000:
*إن سـوءالنيـة مفتـرض بمجـرد إصـدار شيـك لا يقـابله رصيـد وأن المتـابعة تبنـىعلـى الإشعـار بعـدم الدفـع الصـادر مـن البنـك المسحـوب عليـه ، إذيتعيـن وجـوبا علـى الساحـب متـابعة حركـات رصيـده قبـل وبعـد إصـدارالشيـك ، ولا دخـل لأي اعتبـارات أخـرى لإبعـاد سـوء النيـة المفتـرض ،وإن الحكـم لمـا قضـى بالبـراءة لانتفـاء سـوء النيـة المفتـرض يكـون قـدعـرض نفـسه للنقـض والبطـلان …* .
إضـافة إلـى مـا سبـق ذكـره يجـدربنـا القـول أن القـاضي لا يجـب عليـه فـي أي حـال مـن الأحـوال الأخـذبالبـواعث أو الأسبـاب التـي أدت بالساحـب إلـى تحـرير شيـك دون رصيـد ،أو إلـى سحـب الرصيـد بعـد تحـريره ، وهـو مـا أكـدت عليـه المحكمـةالعليـا فـي قـرار لهـا جـاء فيـه : * مـن الثـابت قانونـا أن جريمـةإصـدار شيـك دون رصـيد تعـد قائمـة بمجـرد تسليـم شيـك لا يقـابله رصيـدقائـم وقابـل للصـرف بغـض النظـر عـن الأسبـاب والبـواعث التـي قـد يتمسـكبهـا السـاحب لان سـوء النيـة مفتـرض فـي حقـه ، وبالتـالي فـإن الحكـمبالبـراءة علـى أسـاس حسـن النيـة هـو قضـاء خـاطئ ومخـالف للقانـون * .
وقـدجـاء فـي إحـدى حيثيـات هـذا القـرار : * … حيـث بالـرجوع إلـى القـرارالمطعـون فيـه فإنـه يتبيـن فعـلا أن التصـريح بالبـراءة جـاء مبنيـا علـىتعليـل مخـالف لأحكـام المـادة 374مـن قانـون العقـوبات ، إذ أن المجـلساعتبـر خطـأ أن المتهـم كـان حسـن النيـة لمـا دفـع ثمـن جهـاز التلفـزةالـذي اشتـراه بمـوجب الصـك محتل المتابعـة ، معتقـدا بـان راتبـه الشهـريوصـل الحسـاب كالعـادة مـن كـل شهـر والحـال أن الجريمـة المنسوبـة تعـدقائمـة بمجـرد تسليـم شيكـا لا يقابلـه رصيـد قائـم وقابـل للصـرف ،و ذلـكبغـض النظـر عـن الأسبـاب والبواعـث التـي قـد يتمسـك بهـا الساحـب لانسـوء النيـة دائمـا مفتـرض فـي حقـه… *
وبالتالـي يتبيـن لنـا مـنهـذا القـرار أن المحكمـة العليـا لـم تأخـذ بالبواعـث وفـي قضيـة الحـاللـم تأخـذ باعتقـاد المتهـم أن رصيـده كـاف لان راتبـه الشهـري قـد وصـلحسابـه ، فهـذا لا يـدل أبـدا علـى حسـن نيتـه ، ومنـه نخلـص إلـى القـولأن الباعـث فـي جريمـة إصـدار شيـك دون رصيـد لا يحـول دون قيـام القصـدالجنائـي ولا يؤخـذ بـه للتصريـح بالبـراءة.
الفـرع الثالـث : وقـت توافـر العلـم بعـدم وجـود الرصيـد.
تعتبـرجريمـة إصـدار الشيـك دون رصيـد مـن الجرائـم الوقتيـة ، لذلـك فـإنالـوقت الـذي يجـب أن يتوافـر فيـه علـم الساحـب بعـدم وجـود رصيـد لـه ،أو عـدم كفايـة المقابـل ، أو عـدم قابليـة الرصيـد للسحـب ، هـو وقـتإعطـاء الشيـك للمستفيــد أو لوكيلـه ، ويعتـر القصـد متوافـرا ولـو كـانالساحـب يأمـل فـي أربحيـة للبنـك وأنـه يقـوم بصـرف الشيـك رغـم عـدموجـود رصيـد كافـي لهـم ، ثـم يسـوى حسابـه معـه بعـد ذلـك .
وفـي هـذا المجـال نجـد عـدة قـرارات للمحكمـة العليـا ، والتـي تؤكـد هـذا الاتجـاه منها :
*إن سـوء النيـة مفتـرض بمجـرد علـم الساحـب بعـدم وجـود رصيـد كافـي فـي حسابه * – قـرار بتاريـخ 20 جانفــي 1970.
*لقـد فـرض القضـاء علـى كـل شخـص يصـدر شيكـا أن يتحقـق مـن وجـود الرصيـدوقـت إصـداره ، وعليـه فـإن كـل إهمـال أو تغافـل مـن طـرف الساحـب معاقـبعليه*- -قـرار بتاريـخ 12 جانفــي 1971 .
بيـد أنـه إذا كـان الشيـكيحمـل تاريـخ لاحـق علـى التاريـخ الفعلـي لإصـداره وذلـك نتيجـة لاتفـاقبيـن الساحـب والمستفيـد علـى عـدم تقديمـه إلـى المسحـوب عليـه إلا فـيالتاريـخ اللاحـق سـواء كـان هذا الاتفـاق شفاهـة أو كتابـة ، فـإن العلـممتوافـر ومـن ثمـة القصـد الجنائـي فـي حـق الساحـب ، يبـدأ مـن وقـتإصـداره الفعلـي وليـس مـن التاريـخ اللاحـق المثبـت فـي الشيـك ، إذ أنالعبـرة فـي هـذه الحالـة هـي بحقيقـة الحـال ، وليـس بمـا يضيفـهالمتعاملـون بالشيـك مـن مظاهـر غيـر مطابقـة للحقيقـة .
وفـي هـذا أيضـا عـدة إجتهـادات للمحكمـة العليـا نذكـر منهـا :
*إن اعتـراف المتهـم بإصـداره شيـك بينمـا لـم يمكـن حسابـه الجـاري ممـولا، يكفـي لإثبـات سـوء النيـة *- قـرار بتاريـخ 19 فيفـري 1981.
*إنسـوء النيـة فـي جريمـة إصـدار شيـك دون رصيـد تتوفـر بمجـرد عـدم وجـودرصيـد قائـم وكـاف وقابـل للصـرف بغـض النظـر عـن مـدة تقديـم الشيـكللوفـاء لان ملكيـة الوفـاء تنتقـل بمجـرد إصـدار شيـك وتسليمـه إليـه .
الفـرع الرابــع : إثـبات القصـد
إنالعلـم بعـدم توافـر الرصيـد المطلـوب أو بوجـود مانـع يحـول دون صرفـهد.علـم مفتـرض لـدى الساحـب أو بعبـارة أخـرى أن عـدم وجـود رصيـد كـافوقابـل للسحـب يعـد قرينـة علـى سـوء القصـد ، إذ أن الساحـب يعلـم عـادةالظـروف المحيطـة برصيـده ولكنهـا بداهـة قرينـة غيـر قاطعـة ، بمعنـى أنله أن يثبـت انتفـاء العلـم بهـذه الظـروف واعتقـاده لأسبـاب جديـةبتوافـر الرصيـد المطلـوب ، وهـذا أمـر تستخلصـه المحكمـة من كافـةالقرائـن .
والقاعـدة العامـة هـي أن عـبء الإثبـات يقـع علـى عاتـقالنيابـة العامـة وطبقـا لاجتهـادات المحكمـة العليـا فـإن سـوء النيـةمفتـرض فـي جريمـة إصـدار شيـك دون رصيـد وهـي قرينـة قابلـة لإثبـاتالعكـس ، ذلـك أنـه مـادام القصـد الجنائـي فـي جرائـم الشيـك يقـومبمجـرد توافـر العلـم لدى الجاني إلا أن هذا لا ينفي أنه بمقدور الساحب أنيقيم الدليل على انتفاء القصد الجنائي لديه أي على حسـن النيـة إعمـالاللقواعـد العامـة فـي الإثبـات متبعـا فـي ذلـك أي دليـل يـراه موصـلاإلـى تلك الغايـة دون التقيـد بقاعـدة معينـة ويترتـب علـى إثبـات حسـنالنيـة انتفـاء المسؤوليـة الجزائيـة .
وخلاصـة القـول ، تجـدر بنـاالملاحظـة أن اجتهـاد المحكمـة العليـا جـاء مجانـب للصـواب مقارنـة بنـصالمـادة 374 مـن قانـون العقوبـات ، ذلك أن المشـرع وفـي هـذه المـادةاشتـرط صراحـة سـوء نيـة الساحـب دون أي إشكـال أو جهالـة فيهـا ، ورغـمذلك استقـرت إجتهـادات المحكمـة العليـا علـى أن هـذا العلـم مفتـرضوبتـرت النـص بـأن جعلتـه كذلـك ، ومـا هـذا التشديـد إلا مـن أجـل ضـرورةإقامـة حمايـة ناجعـة للشيـك كـأداة وفـاء ومـن ثمـة بعـث الطمأنينـة فـيحاملـه ممـا يجعـل كـل إفـراط أو إهمـال أو لا مبـالاة مـن طـرف الساحـبفـي استعمـال حسابـه يعـد جريمـة فـي حقـه لا لشـيء إلا لمحاربـة وردعالنصابيـن والمحتاليـن فـي معاملاتهـم مـن خـلال استعمـال الشيـك كـأداةضمـان وائتمـان.
المبحـث الثانـي : الدفـوع التـي تثـار بشـأن جريمـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد .
بعـدأن تطرقنـا فـي المبحـث الأول مـن هـذا الفصـل إلـى الأركـان الواجـبتوافرهـا لقيـام جنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد علـى ضـوء قانـونالعقوبـات والاجتهـاد القضائـي نتنـاول فـي هـذا المبحـث الدفـوع التـييمكـن إثارتهـا بشـأن أركـان هـذه الجريمـة والتـي متـى كانـت مؤسسـةقانونـا تـؤدي إلـى انتفـاء جنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد وذلـك بغـضالنظـر عـن مختلـف الدفـوع العامـة التـي تعتـرض كافـة الجرائـم مـن دونتحديـد كالدفـع بـعدم الاختصـاص والدفـع بانقضـاء الدعـوى العموميـةلوفـاة المتهـم أو التقـادم ومـا إلـى ذلـك مـن الدفـوع.
ونظـرا لتعـددوكثـرة الدفـوع التـي تستأثـر بهـا جنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد دونغيرهـا مـن الجرائـم فإننـا ارتأينـا تناولهـا فـي ثلاثـة مطالـب مستقلـةنخصـص الأول منهـا للدفـوع التـي تثـار بشـأن الركـن المـادي للجريمـةونفـرد المطلـب الثانـي للدفـوع التـي تعتـرض قيـام الركـن المعنـوي لهـافـي حيـن نتطـرق فـي المطلـب الثالـث مـن هـذا المبحـث إلـى الدفـوع التـيلا تأثيـر لهـا فـي قيـام أركـان جنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد.
وقبـلالتطـرق لهـذه الدفـوع التـي تنفـرد بهـا جنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـدلابـأس مـن تعريـف الدفـع بصفـة عامـة : * فلقـد جـرى العمـل فـي المسائـلالجنائيـة علـى إطـلاق كلمـة الدفـع علـى مختلـف أوجـه الدفـاع موضوعيـةكانـت أو قانونيـة التـي قـد يثيرهـا الخصـم لتحقيـق غايتـه مـن الخصومـةفـي الدعـوى المنشـورة أمـام المحكمـة إثباتـا لادعائـه أو نفيـا لادعـاءخصمـه* وعـادة مـا يكـون المتهـم هـو مـن يقـوم بإثـارة الـدفع للتنصـلمـن المسؤوليـة الجنائيـة الواقعـة علـى عاتقـه مـن خـلال تهديـم أركـانالجريمـة أو أحدهـــا.
المطلـ ب الأول : الدفـوع التـي تعتـرض قيـام الركـن المـادي للجريمـة:
لقـد جـاء فـي نـص المـادة 374 مـن قانـون العقوبـات ما يلـي :
*يعاقـب بالحبـس مـن سنـة إلـى خمس سنـوات وبغرامـة لا تقـل عـن قيمـة الشيــك أو عـن قيمـة النقـص فـي الرصيـد :
1.كـل مـن أصـدر بسـوء نيـة شيكـا لا يقابلـه رصيـد قائـم وقابـل للصــرف أوكـان الرصيـد أقـل مـنقيمـة الشيـك أو قـام بسحـب الرصيـد كلـه أو بعضـهبعـد إصـدار الشيـك أو منـع المسحوب عليـه مـن صرفـه.
2.كـل مـن قبـل أو ظهـر شيكـا صـادرا فـي الظـروف المشـار إليهـا فـي الفقـرة السابقـة مـع علمـه بذلـك.
3.كـل مـن أصـدر أو قبـل أو ظهـر شيكـا وأشتـرط عـدم صرفـه فـورا بـل جعلـه كضمـان*.
ومـاأعـرب عنـه المشـرع حسـب نـص المـادة المذكـورة أعـلاه أنـه يشتـرط لقيـامجنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد توافـر ثلاثـة عناصـر أساسيـة لقيـامالركـن المـادي لهـا و تتمثـل فـي إصـدار الشيـك موضـوع الجريمـة وتسليمـهللمستفيـد وعـدم كفايـة أو النقـص فـي الرصيـد.
وانطلاقـا مـن ذلـكفإنـه يمكـن القـول بـان الدفـوع التـي يمكن أن تثـار بشـأن الركـنالمـادي فتحـول دون قيامـه هـي مجموعـة الدفـوع التـي تنصـب علـى الشـروطالشكليـة المستوجبـة قانونـا لقيـام الشيـك كورقـة تجاريـة تستحـقالحمايـة الجنائيـة المقـررة بموجـب المـادة 374 السابـق ذكرهـا أعـلاه ،ذلـك أن المشـرع الجزائـري استوجـب توافـر عناصـر يلـزم وجودهـا فـي الصـكذاتـه حتـى يثبـت لـه وصـف الشيـك الـذي يعنيـه القانـون التجـاريباعتبـاره أداة وفـاء تقـوم مقـام النقـود فـي المعامـلات.
الفــرع الأول : الدفع بأن الشيك يحمل تاريخين .
قـديحـدث و أن يحـرر الساحـب الشيـك بتاريخيـن أحدهمـا للسحـب و الآخـرللاستحقـاق فنتسـاءل حينئـذ عـن مـدى صحـة هـذا الشيـك و مـدى خضوعـه
للحمايـةالجنائيـة المقـررة قانونـا متـى انعـدم الرصيـد أو كـان غيـر كافيـا .ولـذا فيعتبـر الدفـع بـأن الشيـك يحمـل تاريخيـن مـن أهـم الدفـوع التـيتثـار فـي مجـال جرائـم الشيـك و قـد استقـرت محكمـة النقـض المصريـة فـيالعديـد مـن أحكامهـا علـى اعتبـار الشيـك الـذي يحمـل تاريخيـن باطـلا وفاقـدا لمقوماتـه كـأداة وفـاء و خارجـا بذلـك عـن نطـاق تطبيـق أحكـام قانـون العقوبـات فـي هـذا الشـأن .
و ممـا جـاء فـي اجتهـاد قضـاء محكمـة النقـض المصريـة بأنـه :
* .لمـا كـان الحكـم المطعـون فيـه إذ سـاءل الطاعـن هـذه الجريمـة قـدشابـه غمـوض و تناقـض فـي تحديـد تاريـخ الشيـك بحيـث لا يفهـم منـه مـاإذا كـان يحمـل تاريخـا واحـدا أو أكثـر مـع مـا لذلـك مـن أثـر فـيالوقـوف علـى توافـر و عـدم توافـر هـذه التهمـة ذلـك فإنـه بعـد أن أشـارإلـى تاريـخ الواقعـة الـواردة فـي وصـف النيابـة العامـة علـى أنهـا فـي 01سبتمبـر 1971 عـادة أنـه يستحـق فـي 25 نوفمبـر 1971 ثـم عـاد فذكـرأنـه فـي تاريـخ 09 أكتوبـر 1971 الأمـر الـذي يشـوب الحكـم بالإبهـام والتناقـض فـي بيـان توافـر أركـان التهمـة بمـا يعيـب الحكـم بالقصـورالـذي يتسـع لـه وجـه الطعـن و يعجـز محكمـة النقـض عـن مراقبـة صحـةتطبيـق القانـون علـى الواقعـة*.
لكـن الـرأي الغالـب فـي الفقـهينتقـد هـذا الاجتهـاد القضائـي ذلـك أنـه مـن شأنـه أن يفتـح المجـاللإضعـاف الثقـة فـي التعامـل بالشيكـات و التقليـل كذلـك مـن الحمايـةالجنائيـة لهـا ليـس لسبـب إلا لكـون المستفيـد قـد يجهـل وجـوب احتـواءالشيـك علـى تاريـخ واحـد فيقـع ضحيـة الساحـب السيـئ النيـة الـذي هـوعلـى
درايـة بهـذا الحكـم فيضـع علـى الشيـك تاريخيـن متعمـدا إفقـادهوصفـه كشيـك لمنـع المستفيـد مـن سحبـه مـع إفلاتـه مـن العقـاب لأن فقـدالورقـة لوصفهـا كشيـك يفقدهـا تبعـا لذلـك الحمايـة الجنائيـة المقـررةللشيـك فـي مثـل هـذه الأحـوال و عليـه فقـد اتجـه الـرأي الغالـب فـيالفقـه إلـى القـول بـأن الشيـك
الـذي يشتمـل علـى التاريخيـن يبقـىمحافظـا مـع ذلـك علـى وصفـه و لا يغيـر مـن طبيعتـه بـل يبقـى أهـلاللحمايـة الجنائيـة المقـررة قانونـا بموجـب قانـون العقوبـات.
ويعتبـر هـذا الدفـع من الدفـوع الجوهريـة التـي متـى تمـت إثارتهـا تعيـنعلـى المحكمـة الـرد عليهـا سـواء بالقبـول أو الرفـض و إلا تعـرض قضاؤهـاللنقـض لكونـه مشوبـا بالقصـور ، لكنـه لا يعتبـر مـن الدفـوع المتعلقـةبالنظـام العـام و لا يتمتـع تبعـا لذلـك لخصائـص هـذه الأخيـرة فـلايجـوز إثارتـه أمـام المحكمـة العليـا.
الفـرع الثانـي: الـدفـع بخلـو الشيـك مـن توقيـع الساحـب .
يحـبأن يشتمـل الشيـك علـى توقيـع الساحـب و إلا فقـد وصفـه كشيـك، ذلـك أنالصـك الـذي يخلـو مـن توقيـع مـن أنشـأه يعـد ورقـة عاديـة لا قيمـة لهـامـن الناحيـة القانونيـة فـلا تثبـت بذاتهـا حقـا و لا يؤبـه بهـا فـيالتعامـل.
ولمـا كـان التوقيـع مـن البيانـات الإجباريـة الواجـبتوافرهـا فـي الشيـك عمـلا بنـص المـادة 472 مـن القانـون التجـاري فـإنخلـوه منـه يفقـده صفتـه كشيـك طبقـا لنـص المـادة 473 مـن القانـونالتجـاري علـى أن يكـون التوقيـع بخـط يـد الساحـب لا بالآلـة الحاسبـة أوبـأي وسيلـة أخـرى ليفيـد كونـه صـادر مـن الساحـب نفسـه.
و لقـداستقـر القضـاء المصـري علـى اعتبـار الالتـزام المتضمـن بالشيـك الخالـيمـن التوقيـع باطـلا لانعـدام الرضـا و إن كـان يمكـن اعتبـاره كمـا ذهـبإلـى ذلـك بعـض الفقـه مبـدأ ثبـوت بالكتابـة يمكـن اسكتمالـه بوسائـلالإثبـات المتممـة كالبنيـة و القرائـن .
و يعتبـر هـذا الدفـع كذلـكمـن الدفـوع الجوهريـة التـي تستوجـب نظـرا لصفتهـا هـذه مـن المحكمـةالجالسـة للفصـل فـي القضيـة التـي تثـار أمامهـا هـذه
الدفـوع أنتتصـدى لهـا بمـا يكفـي مـن الأسبـاب لتتجنـب أن يشـوب قضائهـا أي قصـوريرتـب النقـض و الإبطـال، لكنـه مـن جهـة أخـرى لا يعتبـر مـن الدفـوعالتـي تتعلـق بالنظـام العـام بمعنـى أنـه يمنـع إثارتـه لأول مـرة أمـامالمحكمـة العليـا التـي تبقـى محكمـة قانـون فقـط و لا يسـوغ لهـا بـأيحـال مـن الأحـوال التعقيـب على الوقائـع بأي شكل كان.
الفـرع الثـالـث : الـدفـع بخلـو الشيـك مـن الأمـر بالدفـع .
تستوجـبالمـادة 472 مـن القانـون التجـاري أن يتضمـن الشيـك أمـرا غيـر معلـقعلـى شـرط مـن الساحـب صاحـب الرصيد إلى المسحـوب عليـه المؤسسـة المـودعلديهـا بأدائـه لشخـص ثالـث يسمـى المستفيـد مبلغـا معينـا مـن النقـود ،و لـذا فيعتبـر باطـلا كـل أمـر يصـدره الساحـب و يتضمـن فـي طياتـه شرطـافاسخـا أو واقفـا يحـول دون الدفـع ذلـك أن الشيـك هـو أداة وفـاء حالـةالدفـع بمجـرد تقديمـا لكونهـا تجـري مجـرى النقـود فـي المعامـلات .
لكـنو لمـا كـان الأمـر بالدفـع هـو جوهـر الالتـزام المتضمـن بالشيـك فـإنخلـوه منـه يفقـد صفتـه هـذه و يفقـده تبعـا لذلـك الحمايـة الجنائيـةالمقـررة قانونـا.
و يعتبـر هـذا الدفـع بـدوره مـن الدفـوع الجوهريـةالتـي تلقـى علـى عاتـق المحكمـة التـي يثـار أمامهـا التـزام التصـدي لـهقبـولا أو رفضـا لتتجنـب أن يشـوب حكمهـا قصـورا يعرضـه للنقـض و الإبطـال، و مـع ذلـك فـإن الدفـع بخلو
الشيـك مـن الأمـر بالدفـع ليـس مـنالدفـوع المتعلقـة مـن النظـام العـام لـذا يتعيـن تبعـا لذلـك إثارتـهأمـام محكمـة الموضـوع و يمنـع إثارتـه أمـام المحكمـة العليـا لأول مـرة .
لكـنالسـؤال الـذي يطـرح نفسـه ،هـل أن خلـو الشيـك مـن الأمـر بالدفـع إذامـا أفقـده وصفـه كشيـك أي أداة وفـاء تقـوم مقـام النقـود فـي المعامـلات، فهـل مـن شأنـه أن يفقـده الحمايـة الجنائيـة المقـررة بنـص المـادة 374مـن قانـون
العقوبـات الجزائريـة خاصـة إذا تعمـد الساحـب الـذي هـوعلى درايـة و علـم بأحكـام القانـون فـي هـذا الشـأن الإضـرار بالمستفيـد، وإجحافـه فـي حقوقـه؟.
هـذا عـن الدفـوع التـي تثـار بشـأن الشيـككسنـد بمفهـوم المـادة 472 مـن القانـون التجـاري والتـي تفقـده وصفـههـذا وقـد تهـدم تبعـا لذلـك الركـن المـادي لجنحـة إصـدار بشيـك بـدونرصيـد . وليسـت هـذه الدفـوع لوحدهـا التـي مـن الممكـن أن تثـار بشـأنجرائـم الشيـك فقـد يحـدث وأن يتمسـك المتهـم المتابـع بشـأن الجنحـةبدفـوع مـن شأنهـا اعتـراض قيـام الركـن المعنـوي كالدفـع بالتزويـر خاصـةفـي التوقيع ، والدفـع بكـون الشيـك موضـوع المتابعـة قـد حـرر تحـتتأثيـر الإكـراه المادي أو المعنوي والدفـع بكـون الشيـك متحصـل مـنجريمـة ومـا إلـى ذلـك مـن الدفـوع التـي تعـدم ركـن الرضـا فـي تحريـرالشيـك وتعـدم بذلـك الركـن المعنـوي للجريمـة وهـذا مـا سـوف تتطـرقإليـه فـي المطلـب الثانـي.
المطـلب الثانـي: الـدفـوع التـي تعتـرض قيـام الركـن المعنـوي للجريمـة :
كمـاسبـق ذكـره أعـلاه فـي المبحـث الأول مـن هـذا الفصـل تعتبـر جريمـةإصـدار شيـك بـدون رصيـد مـن الجرائـم العمديـة التـي تقتضـي توافـرالقصـد الجنائـي لقيامهـا و مقتضـى القصـد الجنائـي هنـا هـو إصـدارالشيـك مـع علـم الساحـب بعـدم وجـود أو كفايـة الرصيـد أي وجـوب توافـرسـوء النيـة لـدى المتهـم ، هـذا الأخيـر الـذي يمكنـه أن يحتـج بجملـةمـن الدفـوع التـي متـى كانـت مبـررة و مؤسسـة قانونـا فإنهـا تثبـت حسـننيتـه و تدحـض بذلـك قرينـة سوء النيـة المفترضـة فـي حقـه، الأمـر الـذيسنتنـاوله فـي الفـروع التاليـة:
الفـرع الأول: الدفـع بالتزويـر.
يعتبـرالدفـع بالتزويـر لاسيمـا فـي التوقيـع مـن الدفـوع التـي تهـدم الركـنالمعنـوي فـي جنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد لا لشـيء إلا لكـون التوقيـعالـذي يعتبـر أهـم بيـان فـي الشيـك و مـن دونـه يفقـد السنـد وصفـه هـذاهـو فـي حقيقـة الأمـر تعبيـر عـن إرادة الساحـب فـي إتيـان العمـلالمـادي اللازم لاكتمـال
جسـم الجريمـة و قيامهـا بركنهـا المـادي والمعنـوي و متـى ادعـى المتهـم بالتزويـر و ثبـت لـه ذلـك فإنـه يتعـذرنسـب المحـرر لـه و تنتفـي بذلـك الجريمـة فـي حقـه.
لكـن مـا تجـدرالإشـارة إليـه فـي هـذا المقـام أنـه علـى القاضـي حـال التصـدي للدفـعبالتزويـر أن يتمحـص الدفـع بالعنايـة اللازمـة التـي يقتضيهـا عملـه وهدفـه فـي البحـث عـن الحقيقـة و يأمـر بالمضاهـاة المطلوبـة قصـدالتحقيـق مـن ثبـوت التزويـر مـن عدمـه لسـد البـاب علـى كـل مـن يريـدإطالـة أمـد النـزاع مـن خـلال إثارتـه هـذا الدفـع مـع عملـه بـأنالتوقيـع توقيعـه .
و الدفـع بالتزويـر هـو مـن الدفـوع الجوهريـةالتـي تستوجـب علـى المحكمـة التـي تثـار أمامهـا التصـدي لهـا بالرفـض أوالقبـول لتتفـادى أن يشـوب حكمهـا قصـور يترتـب عليـه النقـض و الإبطـال،كمـا أنـه يعـد مـن قبيـل الدفـوع الموضوعيـة التـي يتعيـن وجوبـاإثارتهـا أمـام محكمـة الموضـوع و لا يمكـن بـأي حـال مـن الأحـوالإثارتهـا لأولمـرة أمـام المحكمـة العليـا.
و عنـد إثـارة الدفـعبالتزويـر فـإن المحكمـة تفصـل فيـه عمـلا بنـص المـادة 325 مـن قانـونالإجـراءات الجزائيـة التـي جـاء فـي فقرتهـا الثالثـة: * و المحكمـةملزمـة بالإجابـة عـن المذكـرات المودعـة علـى هـذا الوجـه إيداعـاقانونيـا يتعيـن عليهـا ضـم المسائـل الفرعيـة و الدفـوع المبـداة أمامهـاللموضـوع و الفصـل فيهـا بحكـم واحـد يبـث فيـه أولا فـي الدفـع ثـم بعـدذلـك فـي الموضـوع*.
و قـد تـم تنظيـم الإجـراءات التـي يتخذهـا كـلمـن قضـاة النيابـة أو الحكـم كلمـا أثيـر أمامهـم دفـع بالتزويـر بموجـبأحكـام المـواد مـن 532 إلى 537 مـن قانـون الإجـراءات الجزائيـة.
فـإذاوصـل إلـى علـم وكيـل الجمهوريـة أن الشيـك الـذي أمامـه مـزور استوجـبعليـه أخـذ إجـراءات الفحـص و التحقيـق اللازمـة للتأكـد مـن ذلـك قبـلاتخـاذ أي إجـراء آخـر و كذلـك الحـال إذا مـا تـم إثـارة الدفـعبالتزويـر أمـام قاضـي التحقيـق.
أمـا إذا تـم الطعـن بالتزويـر أمـامالمحكمـة فإنـه ينبغـي علـى الجهـة الجالسـة للفصـل فـي جنحـة إصـدار شيـكبـدون رصيـد أن توقـف الفصـل فـي الدعـوى إلـى حيـن البـت فـي دعـوىالتزويـر شريطـة ألا تكـون الدعـوى العموميـة بشـأن هـذه الأخيـرة قـدانقضـت و أن يمكـن تحريكهـا بعنـوان جريمـة التزويـر و أن يثبـت مـن خـلالتفحـص الدعـوى أن التزويـر كـان متعمـدا ، و فـي غيـاب هـذه الشـروط فـإنالدفـع بالتزويـر يفصـل فيـه بصفـة فرعيـة .
و لا يتوقـف الدفـعبالتزويـر عنـد التوقيـع فحسـب بـل قـد يتعـداه إلـى باقـي البيانـاتالمتضمنـة بالشيـك كالتاريـخ أو القيمـة أو اسـم المستفيـد، و كـل هـذهالدفـوع غيـر ذات قيمـة و لا تأثيـر لهـا علـى قيـام أركـان جنحـة إصـدارشيـك بـدون رصيـد ذلـك أنـه متـى ثبـت أن التوقيـع يصـح نسبتـه إلـىالساحـب فـإن ذلـك يعـد مـن قبلـه رضـا صريـح علـى كـل مـا هـو مـدونبالشيـك سـواء وقعـه علـى بيـاض أو دون فيـه البيانـات الأخـرى، غيـر أنالدفـع بالتزويـر فـي القيمـة كـأن يوقـع الساحـب علـى شيـك بمبلـغ معيـنثـم يضيـف المستفيـد صفـرا علـى اليميـن يغيـر بـه قيمـة المبلـغ و يجعـلالشيـك الـذي بحوزتـه بـدون رصيـد فـإن مثـل هـذا الدفـع تتخـذ بشأنـهإجـراءات الدفـع التـي تـم التطـرق إليهـا عنـد الحديـث عن الدفـعبالتزويـر فـي التوقيـع.
هـذا واستقـرت محكمـة النقـض المصريـة علـىاعتبـار الطعـن بالتزويـر مـن وسائـل الدفـاع التـي يخضـع لتقديـر محكمـةالموضـوع مـن دون تعقيـب عليهـا مـن جهـة النقـض .
الفـرع الثـانـي : الـدفـع بتحريـر الشيـك تحـت الإكــراه.
يشتـرطلصحـة الالتـزام الناشـئ عـن علاقـة قانونيـة مـا أن يكـون مبنيـا علـىرضـا صحيـح ، وهـذا الأخيـر لا يكـون كذلـك إذا شابـه أي عيـب مـن عيـوبالإرادة المعروفـة مـن غلـط أو إكـراه أو تدليـس وأهـم أثـر يرتبـه المشـرع
الجزائـريفـي القانـون المدنـي عنـد توافـر أحـد هـذه العيـوب هـو جعـل الالتـزامباطـلا بطلانـا مطلقـا أو نسبيـا وفقـا للقواعـد العامـة التـي يقررهـاالقانـون المدنـي فـي هـذا الشـأن .
ونظـرا لكـون إصـدار الشيـك تحـتتأثيـر غلـط أو تدليـس لا يقـع إلا نـادرا لاسيمـا أمـام قرينـة سـوءالنيـة المفترضـة فـي حـق المتهـم فـإن تحـرر الشيـك تحـت الإكـراهالمـادي أو المعنـوي أمـر متصـور جـدا والدليـل علـى ذلـك هـو الدفـوعالتـي تثـار فـي هـذا المجـال.
والمشكلـة التـي يمكـن أن تثـور فـيمجـال جرائـم الشيـك بصفـة عامـة وجنحـة إصـدار الشيـك بـدون رصيـد بصفـةخاصـة هـو مـدى تأثيـر بطـلان الالتـزام الـذي أنشـئ الشيـك للوفـاء بـهبسبـب عيـوب الإرادة لاسيمـا منهـا الإكـراه علـى المسؤوليـة الجنائيـةللساحـب ومـدى تأثيـر بطـلان الشيـك نفسـه متـى ثبـت أنـه حـرر تحـتتأثيـر الإكـراه علـى المسؤوليـة الجنائيـة دائمـا .
فـإذا كـان بطـلانالالتـزام الـذي تـم تحريـر الشيـك للوفـاء بـه لا يؤثـر علـى قيـامالجريمـة كمـا هـو مستقـر عليـه فـي اجتهـاد المحكمـة العليـا فـإن تحريـرالشيـك تحـت تأثيـر الإكـراه أو أي عيـب مـن عيـوب الإرادة يقتضـي مـن
القاضـي تمحـص وقائـع كـل قضيـة علـى حـدة لتحديـد توافـر القصـد الجنائـي مـن عدمـه.
فـإذاكـان الإكـراه قـد شـاب عمليـة إصـدار الشيـك ذاتهـا بـأن حـرر الساحـبالشيـك تحـت وطـأة تهديـد مـادي أو معنـوي أعـدم حريتـه فـي إتيـانالتصـرف انتفـت مسؤوليتـه الجنائيـة والسبـب فـي ذلـك هـو انعـدام الإرادةالحـرة فـي تحريـر الشيـك الـذي تبيـن فيمـا بعـد أنـه مـن دون رصيـد ،ذلـك أن القصـد الجنائـي وفقـا للقواعـد العامـة يقتضـي توافـر عنصـريالعلـم والإرادة الحـرة لإتيـان الفعـل المـادي المكـون للجريمـة .
فمـن أكـره علـى تحريـر الشيـك تحـت وطـأة التهديـد بالسـلاح مثـلا لا يمكـن مساءلتـه جنائيـا عـن جريمـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد .
ويبقـىتقديـر توافـر حريـة الاختيـار مـن عدمـه مسألـة موضوعيـة يفصـل فيهـاقاضـي الموضـوع تبعـا لظـروف كـل قضيـة ولا يمكـن إثارتهـا لأول مـرةأمـام المحكمـة العليـا .كمـا أنـه لا يعتبـر مـن الدفـوع المتعلقـةبالنظـام العـام ولا يخضـع تبعـا لذلـك لمـا تخضـع هـذه الأخيـرة مـنمميـزات وخصائـص ، ونظـرا لكونـه مـن الدفـوع الجوهريـة فإنـه يتطلـب مـنالمحكمـة الـرد عليـه قبـولا أو رفضـا لتجنـب أن يشـوب حكمهـا قصـورا أويعتريـه نقـص يستوجـب النقـض والإبطـال ومتـى أجابـت المحكمـة بالقبـولعلـى هـذا الدفـع إذا مـا كـان مؤسسـا فـإن ركـن الرضـا ينتفـي بذلـكوينتفـي معـه الركـن المعنـوي للجريمـة فـلا تقـوم فـي حـق الساحـب الـذيينبغـي والحـال كذلـك التصريـح ببراءتـه.
الفـرع الثـالـث : الـدفـع المتعلـق بالـوكيـل فـي الشيـك.
إذاكـان الأصـل يقتضـي أن يوقـع الساحـب علـى الشيـك بنفسـه فـإن القواعـدالعامـة للالتـزام تجيـز للساحـب التوكيـل فـي التوقيـع سـواء كـانالتوكيـل عامـا أو خاصـا ، وإذا كـان الأصـل يقتضـي كذلـك أن يلتـزمالوكيـل الحـدود المسطـرة لـه بموجـب الوكالـة التـي تجيـز لـه التوقيـعقانونيـة كانـت أو قضائيـة أو اتفاقيـة فإنـه قـد يحـدث وأن يخـرج عنهـاومتـى تـم ذلـك فإنـه ينبغـي البحـث فـي حـدود المسؤوليـة الجنائيـة عـنجرائـم الشيـك لكـل مـن الموكـل والوكيـل. فطبقـا للقواعـد العامـة يعتبـرالوكيـل ممثـلا للموكـل يتصـرف باسمـه ويعمـل لحسابـه فتنصـرف بذلـك آثـارالتصرفـات التـي يبرمهـا الوكيـل للموكـل الـذي فوضـه والـذي يمكنـه أنيوجـه لـه الأوامـر عمـلا بالوكالـة التـي تربطهمـا .
لكنـه إذا حـدثوأن خـرج الوكيـل عـن الحـدود المسطـرة لـه بموجـب الوكالـة فأعطـى شيكـالـم يكـن لـه وقـت تقديمـه للوفـاء الرصيـد الكافـي وذلـك دون موافقـةالموكـل فـلا يمكـن بـأي حـال مـن الأحـوال مساءلـة هـذا الأخيـر جنائيـاعـن جنحـة إصـدار شيـك دون رصيـد نظـرا لانتفـاء القصـد الجنائـي فـي حقـهلان إرادتـه لـم تتجـه إطلاقـا إلـى القيـام بالتصـرف المـادي الـذي يكـونجسـم الجريمـة .
أمـا الوكيـل فإنـه يسـأل فـي هـذه الحالـة عـن جريمـةإصـدار شيـك بـدون رصيـد بوصفـه فاعـلا للجريمـة وقـد قضـى تطبيقـا لذلـكبـأن :
*متى كان من الثابـت أن الطاعـن هـو الـذي أصـدر الشيـك بوصفـهوكيـلا عـن زوجتـه –صاحبـة الحسـاب – دون أن يكـون لـه رصيـد قائـم وقابـلللصـرف فانـه يكـون مسـؤولا ويحـق عقابـه بوصفـه فاعـلا أصليـا للجريمـة ،لأن وكالتـه عـن زوجتـه صاحبـة الحسـاب لا تنفـي أنـه هـو الـذي اقتـرفالجريمـة التـي أديـن مـن أجلهـا .*
وإذا التـزم الوكيـل حـدود وكالتـهفإنـه يسـأل كذلـك عـن الجريمـة بوصفـه فاعـلا أصليـا ولو كـان تحريـرهللشيـك بموافقـة الموكـل متـى توافـر القصـد الجنائـي لديـه ،أمـا الموكـلفإنـه يسـأل عـن الجريمـة كذلـك علـى حـد مـا ذهـب إليـه الـرأي السائـدفـي الفقـه ليـس باعتبـاره فاعـلا أصليـا وإنمـا بوصفـه شريكـا أو محرضـامتـى توافـرت أركـان الاشتـراك أو التحريـض المنصـوص عليهـا مـن قانـونالعقوبـات .
ويعتبـر هـذا الدفـع مـن الدفـوع الموضوعيـة التـي لايمكـن إثارتهـا لأول مـرة أمـام المحكمـة العليـا كمـا أنـه يعـد مـنقبيـل الدفـوع المقـررة أساسـا لمصلحـة الخصـوم وعليـه فـلا يمكـنللمحكمـة إثارتهـا مـن تلقـاء نفسهـا .
الـفـرع الـرابـع : الـدفـع بكـون الشيـك متحصـل مـن سرقـة .
حتـىيكتمـل جسـم جنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد ينبغـي أن تنصـرف إرادةالجانـي إلـى ذلـك بتحريـر شيـك مـع علمـه بـأن ليـس لديـه رصيـد قائـموقابـل للصـرف ، لكـن قـد يحـدث وأن يحـرر الساحـب الشيـك أو لا يحـررهأصـلا
لكنـه يخـرج مـن حوزتـه مـن دون أن تنصـرف إرادتـه لذلـك كـأنيسـرق منـه مثـلا فيستعملـه الشخـص الـذي سرقـه رغبـة منـه فـي الإضـراربصاحـب الشيـك هـذا الأخيـر الـذي يمكنـه حينئـذ أن يحتـج أمـام المحكمـةبكـون الشيـك الـذي توبـع بشأنـه قـد سـرق منـه فينتفـي بذلـك القصـدالجنائـي فـي حقـه وتنتفـي معـه مسؤوليتـه الجنائيـة.
إن الـذي يقـدمدفعـا بكـون الشيـك المحتـج بـه فـي مواجهتـه بموجـب دعـوى عموميـة عـنجنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد هـو فـي حقيقـة الأمـر قـد سـرق منـهيعتبـر ذلـك الخـروج للشيـك مـن سلطـة حائـزه الشرعـي خارجـا عـن نطـاقإرادتـه الصحيحـة التـي لـم تتجـه أصـلا إلـى نقـل حيازتـه وعليـه فـإنالركـن المعنـوي لهـذه الجريمـةلا يقـوم فـي هـذه الحالـة متـى ثبـت أن
الشيـك قـد سـرق فعـلا ومـن ذلـك مـا جـاء فـي قـرارات المحكمـة العليـا حيـث قضـت :
*إذا كـان قضـاء المحكمـة العليـا قـد استقـر علـى أنـه مـن السائـغاستخـلاص توافـر عنصـر سـوء النيـة مـن الوقائـع فإنـه استقـر أيضـا علـىأن السرقـة الشيـك مـن أسبـاب نفـي سـوء النيـة وإذا كـان الحكـم والقـراراللـذان دفـع بهمـا الطاعـن أمـام المجلـس لإثبـات حسـن نيتـه لا يحتويـانفعـلا علـى البيانـات التـي تسمـح بالتأكـد مـن تطابـق الشيـك محـلالمتابعـة مـن أجـل جريمـة إصـدار بـدون رصيـد مـع الشيـك محـل المتابعـةمـن أجـل السرقـة فإنـه لا يجـوز تحميـل الطاعـن نتائـج عيـوب الحكـموالقـرار المذكوريـن ومـن ثـم كـان علـى المجلـس أن يستعمـل الصلاحيـاتالتـي خولهـا لـه القانـون للتأكـد بنفسـه مـن سـداد الدليـل الـذي قدمـهلـه المتهـم فـي معـرض المرافعـات* )غرفـة الجنـح و المخالفـات القسـمالثالـث ملـف 162130 قـرار29 جـوان 1998، غيـر منشـور( .
لكـن ما تجدرالإشـارة إليـه فـي هـذا المقـام أنـه إذا كـان مـن الممكـن علـى المتهـمإثـارة هـذا الدفـع لنفـي المسؤوليـة الجنائيـة فـي حقـه فـإن هـذا الأمـر
يبقـىمتوقفـا علـى تقديـم دليـل قاطـع يثبـت هـذا الادعـاء وهـذا مـا كرستـهالمحكمـة العليـا فـي اجتهادهـا المستقـر الـذي جـاء فيـه :
*إذا كـانمـن الجائـز المعارضـة فـي دفـع قيمـة الشيـك فـي حالـة السرقـة فـإن هـذاموقـوف علـى تقديـم الدليـل القاطـع ، ذلـك أن الادعـاء المدنـي وحـده لايكفـي فـي غيـاب حكـم أو قـرار قضائـي نهائـي يؤكـد الادعـاء * )غرفـةالجنـح و المخالفـات القسـم الثالـث الملـف 374 قـرار24 جويليـة 1994،غيـر منشـور( .
وكـذا القـرار الصـادر بتاريـخ 14/12/1998 تحـت رقـم 181427 غرفـة الجنـح و المخالفـات القسـم الثالـث الـذي جـاء فيـه :
إذاكانـت سرقـة الشيـك مـن صاحبـه مـن الأسبـاب التـي تعفيـه مـن المسؤوليـةالجزائيـة فـي حالـة إصـداره بـدون رصيـد فـإن الأخـذ بهـذا الدفـع يقتضـي
بالضـرورة إثبـات واقعـة السرقـة بوثيقـة صـادرة عـن الجهـات المختصـة وهـذا غيـر وارد فـي القـرار المطعـون فيـه* .
وقياسـاعلـى السرقـة فقـد ذهبـت محكمـة النقـض المصريـة إلـى اعتبـار الضيـاع أوالحصـول علـى الشيـك عـن طريـق التهديـد أو النصـب أو عـن طريـق أيـةجريمـة مـن جرائـم سلـب المـال دفوعـا مـن نفـس القبيـل يمكـن إثارتهـابشـأن جنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد ومـن شأنهـا تهديـم الركـن المعنـويلهـا وتهديـم الجريمـة برمتهـا فتنتفـي بذلـك المسؤوليـة الجنائيـةللمتهـم .
ويتعيـن علـى الساحـب فـي جميـع هـذه الأحـوال ولنفـي قرينـةسـوء النيـة المفترضـة فـي حقـه أن يثبـت الدفـع الـذي أثـاره ولا يكتفـيبإثارتـه كمـا أن مجـرد المعارضـة المقدمـة للبنـك أو مركـز البريـدلمنعـه مـن صـرف الشيـك كمـا هـو جائـز بموجـب المرسـوم التنفيـذي رقـم 04 -175المـؤرخ فـي 12 يونيـو 2004 و المحـدد لحـالات عـدم تنفيـذ صـكبريـدي يقدمـه للدفـع المستفيـد منـه لا تعتبـر دليـلا كافيـا لإثبـاتالضيــاع أو السرقـة وهـذا مـا ذهبـت إليـه المحكمـة العليـا حيـن قضـتفـي أحـد قراراتهـا بمـا يلـي :
*إذا كـان ضيـاع الشيـك مـن صاحبـهسببـا مـن أسبـاب عـدم قيـام جنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد فـي حـق صاحـبالشيـك فـإن الاعتـداد بذلـك والأخـذ بـه موقـوف علـى قيـام الدليـلالقاطـع الـذي يخضـع لتقديـر قضـاة الموضـوع ، وطالمـا أن المدعـي لـميطعـن فـي صحـة التوقيـع علـى الشيـك بالتزويـر طبقـا للمـادة 536 مـنقانـون الإجـراءات الجزائيـة فـإن مجـرد المعارضـة فـي صـرف الشيـكالمقدمـة للبنـك لا تكفـي دليـلا لنفـي جنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد * )غرفـة الجنـح و المخالفـات القسـم الثالـث ملـف5 12480 قـرار صـادربتاريـخ 21 /04 /1996، غيـر منشـور(.
ويعتبـر الدفـع بكـون الشيـكمتحصـل مـن جريمـة مـن جرائـم سلـب المـال كالسرقـة ، والدفـع بضياعـه مـنالدفـوع الجوهريـة التـي تتطلـب مـن المحكمـة الجالسـة للفصـل فـي القضيـةالإجابـة عليهـا حتـى لا يتعـرض حكمهـا للنقـض
والإبطـال بسبـب القصـورفـي التسبيـب أو انعدامـه ، لكنـه لا يعـد مـن قبيـل الدفـوع المتعلقـةبالنظـام العـام إنمـا هـو مقـرر لمحـض مصلحـة الساحـب.
المطلـب الثـالـث : الدفـوع التـي لا تـؤثـر فـي قيـام الجـريمـة.
لقـدتناولنـا فـي المطلبيـن الأول والثانـي مـن هـذا المبحـث الدفـوع التـييمكـن إثارتهـا بشـأن الركنيـن المـادي والمعنـوي لجنحـة إصـدار شيـكبـدون رصيـد والتـي إذا مـا توافـرت وكانـت قائمـة ومؤسسـة قـد تهـدمأحدهمـا فتنتفـي بذلـك الجريمـة فـي حـق المتهـم . لكـن لا تعتبـر هـذهالدفـوع لوحدهـا التـي قـد تثـار بشـأن جنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد وإنمـا توجـد دفـوع أخـرى يمكـن للمتهـم الاحتجـاج بهـا وإثارتهـا وإن كـانذلـك لا يؤثـر علـى قيـام الجريمـة فـي شـيء وتتعلـق الأولـى بالدفـوعالتـي يمكـن إثارتهـا بشـأن الشـروط الشكليـة اللازمـة لقيـام الشيـككسنـد تجـاري بمفهـوم المـادة 472 مـن القانـون التجـاري ليصبـح أهـلاللحمايـة الجنائيـة المقـررة بمـوجـب المـادة 374 مـن قانـون العقوبـات
وتتعلـقالأخـرى بالدفـوع المتنوعـة التـي لا تنصـب علـى الشـروطالشكليـة للشيـكوالتـي يحتـج بهـا المتهـم للتهـرب مـن المسؤوليـة الجنائيـة الواقعـةعلـى عاتقـه ، وهـذا مـا سنتنـاولـه فـي الفرعيـن التالييـن:
الـفـرع الأول : الـدفـوع المتعلقـة بالشـروط الشكليـة فـي الشيـك .
تتلخـصهـذه الدفـوع فـي الدفـع بصوريـة التاريـخ فـي الشيـك والدفـع بخلـوالشيـك مـن بيـان مكـان سحبـه أو مـن اسـم المستفيـد أو مـن مبلـغ الشيـكوكـذا الدفـع بالتوقيـع علـى بيـاض والدفـع بانتفـاء مسؤوليـة الساحـبلكـون عـدم الصـرف مـرده اختـلاف نمـوذج التوقيـع و أخيـرا الدفـع بعـدمتحريـر الشيـك علـى نمـوذج مطبـوع.
فقـد يتـم تحريـر الشيـك فـي تاريـخمعيـن ثـم يوضـع تاريـخ لاحـق للاستحقـاق يختلـف عنـه ثـم يدفـع الساحـببصوريـة تاريـخ الاستحقـاق وقـد ذهبـت محكمـة النقـض المصريـة إلـى أنمثـل هـذا الشيـك يعتبـر صـادرا فـي
تاريـخ واحـد ويكـون لحاملـه الحـقفـي استيفـاء قيمتـه وقـد أيـد الفقـه هـذا القضـاء وذهـب إلـى جعـل هـذاالدفـع لا يؤثـر فـي قيـام الجريمـة لا لشـيء إلا لحمايـة الشيـكباعتبـاره أداة وفـاء تقـوم مقـام النقـود فـي المعامـلات وسـد البـابلمـن يريـد الطعـن فيـه وينفـي عنـه صفتـه هـذه وسـد بـاب الغـش والتلاعـبالـذي مـن شأنـه إضعـاف الثقـة فـي التعامـل بالشيـك كـأداة وفـاء كمـاسبـق ذكـره أعـلاه.
وقـد يثـور التسـاؤل عـن أثـر صوريـة التاريـخ علـىالمسؤوليـة الجنائيـة للساحـب فقـد قضـت محكمـة النقـض المصريـة بـأنالشيـك متـى كـان مستوفيـا لجميـع الشـروط الشكليـة التـي يتطلـب القانـونتوافرهـا فهـو يعـد شيكـا بمفهـوم القانـون التجـاري و لا يجـدي فـيالمتهـم أن يثبـت أن تحريـره إنمـا كـان فـي تاريـخ سابـق عـن التاريـخالثابـت فـي الشيـك.لـذا فقـد استقـرت محكمـة النقـض المصريـة علـى أنالصوريـة فـي تاريـخ تحريـر الشيـك و أن الشيـك مؤخـر التاريـخ هـــو
شيـك صحيـح و متـى كـان بـدون رصيـد فهـو يستوجـب حينئـذ المسؤوليـة الجنائيـة .
كمـاقـد يدفـع المتهـم بخلـو الشيـك مـن مكـان سحبـه الأمـر الـذي قـد يفعلـهالساحـب متعمـدا أو دون قصـد فهـل مـن شـأن تخلـف هـذا البيـان التأثيـرفـي قيـام جنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد؟.
للإجابـة عـن هـذا السـؤالينبغـي الإشـارة إلـى أن محكمـة النقـض المصريـة استقـرت علـى أن مكـانالسحـب ليـس مـن البيانـات الجوهريـة التـي يرتـب القانـون علـى تخلفهـافقـدان الشيـك لصفتـه فـي القانـون التجـاري .
هـذا الحكـم الـذي كرسـه المشـرع الجزائـري بموجـب المـادة 473 مـن القانـون التجـاري التـي جـاء فيهـا :
*إذا خـلا السنـد مـن أحـد البيانـات المذكـورة فـي المـادة السابقـة، فـلايعتبـر شيكـا إلا فـي الأحـوال المنصـوص عليهـا فـي الفقـرات التاليـة :
-إذا خـلا الشيـك مـن بيـان مكـان الوفـاء فـإن المكـان المبيـن بجانـباسـم المسحـوب عليـه يعتبـر مكـان الوفـاء، فـإذا ذكـرت عـدة أمكنـةبجانـب اسـم المسحـوب عليـه فيكـون الشيـك واجـب الدفـع فـي المكـانالمذكـور أولا.
-إذا لـم تذكـر هـذه البيانـات أو غيرهـا يكـون الشيـك واجـب الدفـع فـي المكـان الـذي بـه المحـل الأصلـي للمسحـوب عليـه.
-إن الشيـك الـذي لـم يذكـر فيـه مكـان إنشائـه يعتبـر إنشـاؤه قـد تـم فـي المكـان المبيـن بجانـب اسـم الساحـب*.
وقـديثيـر المتهـم دفعـا بخلـو الشيـك مـن اسـم المستفيـد ونتسـاءل حينئـذعمـا إذا كـان مـن الممكـن تقديـم شيـك خاليـا مـن هـذا البيـان إذ يحـررالساحـب الشيـك تاركـا بيـان اسـم المستفيـد علـى بيـاض ليتسنـى لهـذاالأخيـر فيمـا بعـد وضـع اسمـه أو اسـم أي شخـص آخـر يرغـب فـي أن يمنـحلـه الشيـك لاستيفـاء المبلـغ المـدون بـه ، ولكـن مثـل هـذا التحريـر لايؤثـر فـي الشيـك باعتبـــاره
سنـد تجـاري شيئـا وإنمـا يبقـى محافظـاعلـى صفتـه هـذه بـل ويبقـى أهـلا للحمايـة الجنائيـة المقـررة بمـوجبالمـادة 374 مـن قانـون العقوبـات ولا يمكـن حينئـذ للساحـب التـذرع بعـدمتحريـره لاسـم المستفيـد لنفـي المسؤوليـة الجنائيـة عنـه.
كمـا قـديدفـع المتهـم كذلـك بخلـو الشيـك مـن المبلـغ كـان يصـرح بكونـه قـد حـررالشيـك دون تحديـد المبلـغ تاركـا للمستفيـد القيـام بذلـك ، هـذا الأخيـرالـذي قـد يضـع مبلغـا مجـاوزا لقيمـة التعامـل الـذي يربطـه بالساحـبومـع ذلـك فلا يمكـن للمتهـم بأي حـال مـن الأحـوال بـأن يدفـع بأنـه قـامبالتوقيـع علـى شيـك خالـي مـن المبلـغ ذلـك أنـه عندمـا فعـل فقـد فـوضللمستفيـد أمـر وضـع المبلـغ الـذي يريـده.
وفـي الحيـاة العمليـةأمثلـة كثيـرة لقضايـا تـم الدفـع فيهـا مـن قبـل المتهـم بتوقيعـه علـىالشيـك موضـوع المتابعـة علـى بيـاض علـى سبيـل الضمـان لا الوفـاء لكناجتهـاد محكمـة النقـض المصريـة استقـر علـى كـون توقيـع الساحـب
علـىبيـاض لا يؤثـر علـى سلامـة الشيـك متـى كـان مستوفيـا بياناتـه قبـلتقديمـه للصـرف وهـذا هـو الـرأي الـذي استقـرت عليـه المحكمـة العليـاحيـث ذهبـت إلـى اعتبـار إصـدار شيـك علـى بيـاض علـى سبيـل الضمـان لايحـول دون متابعـة الساحـب ومعاقبتـه وفقـا لمـا يقضـي بـه القانـون ومـنأمثلـة ذلـك القـرار الصـادر بتاريـخ 20/03/1990 تحـت رقـم 67418 عـنغرفـة الجنـح والمخالفـات العـدد الأول صفحـة 261 الـذي جـاء فيـه :
*إن اعتـراف المتهميـن الأول بإصـدار شيـك علـى بيـاض والثانـي بقبولـه لجعلـه كضمـان لا يحـول دون متابعتهمـا * .
وكـذا القـرار الصـادر بتاريـخ 14/12/1998 ، ملـف رقـم 193602 والـذي جـاء فيـه :
*أن تسليـم شيكـات للمستفيـد موقعـة علـى بيـاض لا تعفـى صاحبهـا مـنالمسؤوليـة الجزائيـة فـي حالـة مـا إذا قدمـت للمخالصـة وتبيـن بأنهـابـدون رصيـد كمـا فـي قضيـة الحـال* – قـرار غيـر منشـور- .
وقـد يكـونسبـب عـدم دفـع مبلـغ الشيـك هـو عـدم مطابقـة الإمضـاء المـدون بـه مـعالتوقيـع النموذجـي المـودع لـدى المسحـوب عليـه فيدفـع المتهـم حينئـذبانتفـاء مسؤوليتـه لهـذا السبـب ، ويتعيـن علـى للمحكمـة إذا ما حـدثذلـك أن تتفحـص فيمـا إذا كـان الساحـب قـد تعمـد تغييـر التوقيـعللإضـرار بالمستفيـد مـن خـلال منعـه مـن صـرف الشيـك ويدخـل الفعـل بذلـكفـي نطـاق تطبيـق المـادة 374 مـن قانـون العقوبـات ويكـون محـلاللمساءلـة الجنائيـة لأنـه يكـون بعملـه هـذا قـد أعطـى شيكـا ليـس لـهمقابـل وفـاء قائـم وقابـل للصـرف ، أمـا إذا أثبـت حسـن نيتـه و دحـضبذلـك سـوء النيـة المفترضـة فـي حقـه كـأن يكـون عـدم المطابقـة فـيالإمضـاء لإهمـال منـه أو خطـأ مـن قبلـه فـإن الركـن المعنـوي لجنحـةإصـدار شيـك بـدون رصيـد ينتفـي وتنتفـي معـه المسؤوليـة
الجنائيـةللمتهـم وإن كـان ذلـك لا يمنـع مـن قيـام المسؤوليـة المدنيـة فـي ذمتـهلتعويـض المستفيـد وفقـا للقواعـد العامـة المقـررة فـي القانـون المدنـي.
وقـديثيـر المتهـم دفعـا بعـدم تحريـر الشيـك علـى النمـوذج المطبـوع ، هـذاالأخيـر الـذي لا يعتبـر مـن البيانـات الجوهريـة اللازمـة لقيـام الشيـككسنـد تجـاري بمفهـوم المـادة 472 مـن القانـون التجـاري كمـا أن القانـونلا يرتـب علـى تخلفهـا فقـدان الشيـك لصفتـه هـذه عمـلا بنـص المـادة 473مـن القانـون التجـاري.
وقد ذهبـت محكمـة النقـض المصريـة فـي أحـدقراراتهـا إلـى أنـه : * لا يشتـرط أن يكـون الشيـك محـررا علـى نمـوذجمطبـوع ومأخـوذ مـن دفتـر الشيكـات الخاصـة بالساحـب* ، وهـذا هـو الـرأيالراجـح الـذي ذهـب إليـه غالـب الفقـه .
هـذه هـي جملـة الدفـوع التـيتنصـب علـى الشـروط الشكليـة للشيـك لكنهـا لا تؤثـر علـى صفتـه هـذه كمـاأنـه لا تؤثـر علـى قيـام الجريمـة .
الـفـرع الثـانـي : الـدفـوع المتنوعـة الأخـرى التـي لا تؤثـر فـي قيـام الجريمـة .
تتمثـلأغلـب هـذه الدفـوع فـي الدفـع بانتفـاء القصـد الجنائـي والدفـع بعلـمالمستفيـد بعـدم وجـود الرصيـد والدفـع بالمصالحـة والدفـع بانعـدام أصـلالشيـك والدفـع بكـون الشيـك قـد حـرر لسبـب غيـر مشـروع وكـذا الدفـعبعـدم تقديـم الشيـك فـي الآجـال المقـررة قانونـا.
فالقصـد الجنائـيالمتمثـل فـي سـوء النيـة الجانـي يقتضـي أن تنصـرف إرادة الساحـب إلـىتحقيـق وقائـع الجريمـة مـع علمـه بأركانهـا المختلفـة كمـا يستوجبهـاالقانـون ولقـد استقـرت المحكمـة العليـا علـى أنـه لا عبـرة بالأسبـابالتـي حملـت المتهـم علـى إتيـان فعلـه فهـي مـن قبيـل البواعـث التـيليـس مـن شأنهـا نفـي القصـد الجنائـي ، فقـد يحـدث وأن يدفـع الساحـببكونـه يجهـل عـدم وجـود الرصيـد الكافـي والقابـل للصـرف وقـت تحريـرهللشيـك لينفـي عنـه الركـن المعنـوي للجريمـة ويبقـى دفعـه هـذا عديـمالأثـر إذ أن مـن الأجـدر بـه أن يكـون
عالمـا بحركـة رصيـده تكريسـاللثقـة التـي ينبغـي أن تصبـغ التعامـل بالشيـك وعليـه فتكـون الجريمـةثابتـة فـي حقــه و مـا يؤكـد ذلـك مـا استقـرت عليـه المحكمـة العليـافـي اجتهادهـا بكـون سـوء النيـة فـي جنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـدمفترضـا لا حاجـة إلـى إثباتـه ومـن ذلـك جـاء فـي أحـد اجتهاداتهـا :
*إن الركـن المعنـوي للجريمـة المنصـوص والمعاقـب عليهـا بنـص المـادة 374مـن قانـون العقوبـات هـو مفتـرض إذ يمكـن استخـلاص سـوء النيـة والعلـمبمجـرد إصـدار شيـك لا يقابلـه رصيـد قائـم وقابـل للصـرف لا عبـرة بعـدذلـك بضآلـة أو تفاهـة النقـص الملحـوظ فـي الرصيـد أو بسبـب آخـر يعـدمـن قبيـل البواعـث التـي لا تأثيـر لهـا فـي قيـام المسؤوليـة الجنائيـةويعتـد بـه فقـط عنـد توقيـع العقوبـة*.
غرفـة الجنـح والمخالفـات ملتف رقـم : (219390 قـرار بتاريـخ 26/07/1999 المجلـة القضائيـة 1999 العـدد 2 صفحـة 74 ) .
كمـاقـد يثيـر المتهـم دفعـا بعلـم المستفيـد بعـدم وجـود الرصيـد فـي حالـةمـا إذا قـدم لـه الشيـك كضمـان إلـى حيـن حلـول أجـل ثـم يتقـدمالمستفيـد لسحـب الشيـك بنيـة الإضـرار بالساحـب ، فهـل مـن شـأن هـذاالدفـع التأثيـر فـي قيـام الجريمـة ؟
لقـد أجابـت محكمـة النقـضالمصريـة علـى هـذا التسـاؤل بالنفـي حيـث قـررت أن علـم المستفيـد بعـدموجـود الرصيـد لا تأثيـر لـه علـى قيـام الجريمـة معللـة رأيهـا بـــأن: *لا عبـرة فـي قيـام جريمـة إعطـاء شيـك بـدون رصيـد قائـم وقابـل للصـرفلسبـب تحريـر الشيـك والغـرض مـن تحريـره ولا لعلـم المستفيـد وقـتاستـلام الشيـك بعـدم وجـود رصيـد للساحـب فـي البنـك المسحـوب لـه* .
وبالرجـوعإلـى أحكـام القانـون التجـاري فـي هـذا الشـأن وكـذا قانـون العقوبـاتفإنـه لا تأثيـر لهـذا الدفـع علـى قيـام الجريمـة ذلـك أن الشيـك هـوأداة وفـاء تقـوم مقـام النقـود فـي المعامـلات ولا يمكـن بـأي حـال مـنالأحـوال تحويـل غرضهـا
هـذا بجعلهـا أداة ائتمـان وضمـان وعليـه فمتـىسلـم الساحـب شيكـا مـع علمـه بعـدم وجـود الرصيـد و أن كـان المستفيـديعلـم بذلـك فقـد جعـل أركـان الجريمـة قائمـة فـي حقـه وكـان محـلاللمساءلـة الجنائيـة.
ومـن أمثلـة الدفـوع التـي يثيرهـا المتهـم لنفـيالمسؤوليـة الجنائيـة فـي حقـه والتـي كثـر الدفـع بهـا أمـام المحاكـمهـي إبـرام المصالحـة بيـن الطرفيـن مـن خـلال تسديـد الساحـب المبلـغللمستفيـد ، لكـن يتعيـن القـول هنـا أن هـذا الدفـع ليـس مـن شأنـهالتأثيـر علـى قيـام الجريمـة فـي شـيء ذلـك أن أي إجـراء يبرمـه المتهـمبعـد اكتمـال أركـان الجريمـة لا يمكـن أن يمحـو أثـر هـذه الأخيـرة التـيتبقـى قائمـة ويبقـى المتهـم تبعـا لذلـك محـلا للمساءلـة الجنائيـة كمـاهـو مستقـر عليـه فـي اجتهـاد القضـاء المحكمـة العليـا الـذي جـاء فيـه:
*إن تسديـد قيمـة الشيـك قبـل المتابعـة أو بعدهـا لا يؤثـر فـي شـيء فـيقيـام جنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد التـي تلتئـم عناصرهـا بتسليـم شيـكللمستفيـد لا يقابلـه رصيـد غيـر كـاف* ) غرفـة الجنـح والمخالفـات ملـفرقـم 192908 قـرار 24/01/2000 –غيـر منشـور- ( ، وكـذا القـرار الصـادربتاريـخ 14/04/1997 والـذي جـاء فـي إحـدى حيثياتـه :
*إن تسديـد قيمـة الشيـك للمستفيـد لاحقـا علـى إصـداره وهـو بـدون رصيـدلا يؤثـر فـي قيـام الجنحـة التـي تبقـى قائمـة بمجـرد أن يسلـم الجانـيللشيـك إلـى المستفيـد مـع علمـه بأنـه بـدون رصيـد بصـرف النظـر عـنتسويـة وضعيتـه بعـد ذلـك * (غرفـة الجنـح والمخالفـات : القسـم الثالـثملـف رقـم 144244 غيـر منشـور ) .
أمـا إذا دفـع المتهـم بانعـدام أصـلالشيـك بالملـف فإنـه يتعيـن أن نجيـب عليـه بـأن أصـل الشيـك غيـر لازملتحريـك ومتابعـة الدعـوى العموميـة وتكفـي الصـور التـي تؤخـذ عنـه لذلـكوقـد استقـرت المحكمـة العليـا علـى أن عـدم وجـود أصـل الشيـك بالملـفعنـد المحاكمـة لا ينفـي بتاتـا وقـوع الجريمـة
المنصـوص عليهـا فـي المـادة 374 مـن قانـون العقوبـات وممـا جـاء فـي أحـد قراراتهـا:
*حيـث أن مـا ينعـى هنـا علـى القـرار المطعـون فيـه هـو وجيـه لأنـه مـنالمستقـر فقهـا وقضـاء أن عـدم وجـود أصـل الشيـك بالملـف عنـد المحاكمـةلا ينفـي بتاتـا وقـوع الجريمـة المنصـوص عليهـا فـي المـادة 374 مـنقانـون العقوبـات ، وذلـك متـى قـام الدليـل علـى سبـق وجـوده مستوفيـاشرائطـه القانونيـة كمـا هـو الشـأن فـي قضيـة الحـال إذ أنـه مـن الثابـتأن المتهـم المطعـون ضـده )ش.م( حـرر صكـا يحمـل رقـم 0109430بتاريـخ17/03/1997 وبقيمـة 1376000.00 دينـار جزائـري وسلمـه باعترافـهإلـى الطـرف المدنـي مؤسسـة *كادمـاس *لصرفـه ولكـن دون جـدوى لانعـدامالرصيـد حسـب الإشعـار بعـدم الدفـع الصـادر عـن البنـك المسحـوب عليـه* .
وكثيـرامـا يقـدم المتهـم المتابـع بشـأن جريمـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد دفعـايتعلـق بالتـزام الـذي حـرر الشيـك لأجلـه كـأن يكـون الالتـزام باطـلالكونـه مبنـي علـى سبـب غيـر مشـروع كالديـن الناتـج عـن القمـار أو أنيكـون مقابـل رشـوة أو لتسويـة معاملـة معيبـة لنقـص أهليـة أحـد أطرافهـاو مهمـا كـان سبـب الالتـزام الـوارد بالشيـك باطـلا فـإن ذلـك لا يؤثـرعلـى قيـام الجريمـة و المسؤوليـة الجنائيـة فـي حـق المتهـم فمتـى كـانالمحـرر قـد استوفـى فـي الظاهـر كافـة الشـروط و البيانـات التـييستوجبهـا القانـون استحـق الحمايـة الجنائيـة المقـررة قانونـا تدعيمـاللثقـة فـي التعامـل بـه كـأداة وفـاء إذا مـا حـدث و أن أصـدر مـن دونهنـاك رصيـد قائـم و قابـل للصـرف وقـت تحريـره .
و قـد قضـت محكمـةالنقـض المصريـة فـي ذلـك أنـه إذا كـان الشيـك قـد استوفـى شروطـه وبياناتـه كـأداة وفـاء فـإن مـا يدفـع بـه المتهـم حـول سبـب تحريـرالشيـك كـأن يكـون غيـر مشـروع لا أثـر لـه علـى طبيعتـه ذلـك أنالمسؤوليـة الجنائيـة هنـا لا تتأثـر بالسبـب أو الباعـث الـذي أعطـىالشيـك مـن أجلـه ، و نفـس الحكـم تـم تطبيقـه علـى مستـوى محاكمنـالكـون المشـرع الجزائـري فـي قانـون العقوبـات صريـح مـن حيـث الأركـانالواجـب توافرهـا لقيـام الجريمـة و لـم يضـف إليهـا كـون الالتـزام الـذيحـرر الشيـك لأجلـه مشروعـا أو غيـر مشـروع.
كمـا أن مـن بيـن الدفـوعالتـي لاحظنـا إثارتهـا بكثـرة أمـام المحاكـم هـو عـدم تقديـم المستفيـدللشيـك للدفـع فـي الآجـال المقـررة قانونـا بموجـب المـادة 501 مـنالقانـون التجـاري ، و فـي هـذا يمكننـا القـول أنـه ليـس مـن قبيـلالدفـوع المؤثـرة فـي قيـام الجريمـة بـل أن الجريمـة تبقـى قائمـة علـىالرغـم مـن ذلـك مـا دام الشيـك قـد استوفـى الشكـل الـذي يتطلبـهالقانـون لكـي يصـدق عليـه وصـف أداة وفـاء تقـوم مقـام النقـود فـيالمعامـلات و هـذا مـا استقـرت عليـه المحكمـة العليـا فـي اجتهادهـا حيـثجـاء فـي أحـد قراراتهـا:
*إن تقديـم الشيـكخـارج ميعـاد الدفـع المحـدد فـي نـص المـادة 501 مـن القانـون التجـاريلا ينفـي قيـام جنحـة إصـدار الشيـك بـدون رصيـد ذلـك أنـه مـا أن يصـدرالساحـب الشيـك تنتقـل ملكيـة الرصيـد لذمـة المستفيـد ، و الساحـب لايتمتـع بـأي حـق علـى الرصيـد المقابـل للمبلـغ المسحـوب بواسطـة الشيـك * (جنائـي 11 جـوان 1981 مجموعـة قـرارات غ.ج صفحـة 127، جنائـي 20/12/1982صفحـة 243) ، و هـذا مـا ذهبـت إليـه محكمـة النقـض الفـرنسيـة التـيأكـدت علـى أن الساحـب ملـزم بالحفـاظ علـى الرصيـد المـدون بالشيـك إلـىحيـن انقضـاء أجـل تقـادم العقوبـة و أن لـم يقـدم الشيـك للدفـع فـيآجـال الدفـع المبينـة بالمـادة 29 مـن المرسـوم القانـون الصـادر فـي 30/10/1935.
إن الاستعمـالات السيئـة للشيـك زعـزعت الثقـة التـي كـانينبغـي أن يتسـم بهـا التعامـل بـه ممـا جعـل المشـرع يتدخـل مـن خـلالوضـع حمايـة جزائيـة للشيـك بموجـب أحكـام القانـون التجـاري وقانـونالعقوبـات وعلـى الرغـم مـن ذلـك فقــد لـوحظ علـى مستـوى محاكمنـاالتطبيـق الخاطـئ للنصـوص والناجـم عـن سـوء فهمهـا لاسيمـا فيمـا يتعلـقبتطبيـق أحكـام وقـف التنفيـذ علـى الغرامـة التـي استوجـب القانـونصراحـة أن تكـون نافـذة ولا يمكـن بـأي حـال مـن الأحـوال أن تكـونموقوفـة النفـاذ بالإضافـة إلـى استبـدال عقوبـة الحبـس بالغرامـة رغـمكـون العقوبتيـن واجبتـي التطبيـق معـا ، الأمر الـذي أدى إلى تدخـلالمحكمـة العليـا مـن خـلال وضـع اجتهـاد قضـائي مستقـر مـن شأنـه تفسيـرالنصـوص التفسيـر الصحيـح والمقصـود مـن المشـرع و ذلك بتكريسها لجملـةمـن المبـادئ ارتأينـا أن نوردهـا فـي خاتمـة بحثنـا هـذا وذلـك فيمـايلـي:
*مـن المستقـر عليـه قضاء أن الركـنالمعنوي لجريـمة إصدار شـيك بـدون رصيـد لا يتـمثل فـي قـصد الأذى وإلـحاقالـضرر ولـكن يستخـلص مـن انعـدام الرصيـد أوعـدم كفايتـه وأن تسليـمالشيـك كضمـان يعـد صـورة مـن صـور جنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد.
*مـن الثابـت قانونـا أن جريمـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد تعـد قائـمةبمـجرد تسليـم شيـك لا يقابلـه رصيـد قائـم وقابـل للصـرف بغـض النظـر عـنالأسبـاب والبـواعث التـي قـد يتمسـك بهـا الساحـب ، لأن سـوء النيـةمفتـرض فـي حقـه وبالتـالي فـإن الحكـم بالبـراءة علـى أسـاس حسـن النيـةهـو قضـاء خاطـئ ومخالـف للقانـون.
*إن سـوءالنيـة مفتـرض بمجـرد إصـدار شيـك لا يقابلـه رصيـد وأن المتابعـة تبنـىعلـى أسـاس الإشعـار بعـدم الدفـع الصـادر مـن البنـك المسحـوب عليـه إذيتعيـن وجـوبا علـى الساحـب متابعـة حركـات رصيـده قبـل وبعـد إصـدارالشيـك ولا دخـل لأيـة اعتبـارات أخـرى لإبعـاد سـوء النيـة المفتـرض وأنالقـرار لمـا قضـى بالبـراءة لانتفـاء سـوء النيـة يكـون قـد عـرض نفسـهللنقـض والبطـلان.
*إن الحكـم بالبـراءة مـنجريـمة إصـدار شيـك بـدون رصيـد بحجـة أن سـوء النيـة غيـر ثابتـة فـي حـقالمـتهم عنـد إصـداره الشيـك هـو تعليـل خاطـئ لأن الأصـل فـي جريمـةإصـدار شيـك بـدون رصيـد أنهـا تتحقـق متـى أعطـى الساحـب شيكـا لايقابلـه رصيـد ولا عبـرة لذلـك بالأسبـاب التـي دعـت إلـى مصـدر الصـكبعـدم وجـود مقابـل وفـاء لـه فـي تاريـخ إصـداره وهـو علـم مفتـرض فـيحقـه .
ومتـى كـان كذلـك يتعيـن نقـض القـرار المطعـون فيـه .
*مـن المقـرر قانونـا انـه: » يعاقـب بالحبـس وبغرامـة لا تقـل عـن قيمـة الشيـك أو عـن النقـص فـي الرصيـد ….. « .
المستفـادمـن القـرار المطعـون فيـه أن قضـاة المجلـس قضـوا ببـراءة المتهـمبإصـدار شيـك بـدون رصيـد علـى أسـاس أن النقـص فـي الرصيـد لا يتجـاوزمبلـغ 368.68 دينـار جزائـري تـم تسديـده بمجـرد الإشعـار بـه . إن هـذاالتعليـل لا يستجيـب لأحكـام القانـون ذلـك أن الركـن المعنـوي للجريمـةالمنصـوص والمعاقـب عليهـا بنـص المـادة 374 مـن قانـون العقـوبات هـومفتـرض إذ يمكـن استخـلاص سـوء النيـة والعـلم بمجـرد إصـدار شيـك لايقابلـه رصيـد قائـم وقابـل للصـرف ولا عبـرة بعـد ذلـك بضآلـة أو تفاهـةالنقـص الملحـوظ فـي الرصيـد أو بسبـب آخـر يعـد مـن قبيـل البواعـث الـتيلا تأثيـر لهـا بقيـام المسؤوليـة الجنائيـة ويعتـد بـه فقـط عنـد توقيـعالعقـوبة .
ومتـى كـان ذلـك يتعيـن نقـض القـرار المطعـون فيـه .
*مـن المستقـر فـي قضـاء المحكـمة العليـا أن اعتراف المتهـم بإصـدار شيـكلا يقابلـه رصيـد قائـم أو قابـل للصـرف يكـفي فـي حـد ذاتـه لقيـامالجريمـة وأن القضـاء بالبـراءة علـى أسـاس تسويـة الوضعيـة الماليـة أولعـدم وجـود أصـل الشيـك أو نسخـة منـه هـو قضـاء غيـر مـؤسس يعـرضللبطـلان.
*إن الشيـك هـو أداة دفـع فـيالحـال وليـس أداة قـرض فـإن إصـداره مـع إشتـراط عـدم صرفـه فـورا يعـدجريمـة يعاقـب عليهـا قانونـا بنفـس عقوبـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد.
وأنالمجلـس لمـا صـرح ببـراءة المتهـم رغـم اعترافـه صراحـة بتسليـم الصـكمحـل المتابعـة كضمـان للمبلـغ الـذي أقترضـه يعـد مخالفـة للقانـونوينجـر عنـه البطـلان.
*مـن المستقـر عليـهفـي قضـاء هـذه المحكمـة أن عـدم وجـود الشيـك عنـد المحاكمـة لا ينفـيبتاتـا وقـوع الجريمـة متـى قـام الدليـل علـى سبـق وجـوده مستوفيـاشرائطـه القانونيـة وللمحكمـة أن تكـون عقيدتهـا بكافـة طـرق الإثبـات .
إنالقضـاة غيـر مقيديـن بقواعـد الإثبـات المقـررة فـي القانـون المدنـيوالقانـون التجـاري وأنـه يحـق لهـم الأخـذ بالصـورة الشمسيـة كدليـل فـيالدعـوى أو بشهـادة عـدم الدفـع أو اعتـراف المتهـم أو أيـة وثيقـة أخـرى.
*مـن المستقـر فقهـا وقضـاء أن عـدم وجـود أصـل الشيـك بالملـف لا ينـفيوقـوع الجريمـة المنصـوص عليهـا فـي المـادة 374 مـن قانـون العقوبـاتوأنـه يحـق لجهـات الحكـم أن تأخـذ بالصـورة الشمسيـة للشيـك محـلالمتابعـة كدليـل للإثبـات وأنهـا غيـر مقيـدة بالقواعـد المقـررة فـيالقانـون المدنـي والتجـاري .
وعليـه فـإن القضـاء ببـراءة المتهـم علـى أسـاس عـدم وجـود أصـل الشيـك عـرض القـرار المطعـون فيـه للبطـلان .
*مـن المستقـر عليـه قضـاء أن المسؤوليـة الجنائيـة عـن جريمـة إصـدار شيـكبـدون رصيـد تقـع أيضـا علـى الوكيـل فـي السحـب عندمـا يسحـب رصيـدموكلـه لأنـه بفعـله هـذا يطـرح الشيـك للتـداول ويتعيـن تحمـل مسؤوليتـهعـن ذلـك وعليـه فـإن القضـاة لمـا قضـوا ببـراءة الساحـب قـد طبقـواالقانـون تطبيقـا صحيحـا.
*إن جريمـة إصـدارشيـك بـدون رصيـد تبقـى مستوفيـة لشرائطهـا القانونيـة رغـم تسديـدالمبلـغ وينجـر عنهـا بقـاء المسؤوليـة الجزائيـة قائمـة لمـن أعطـى صكـالا يقابلـه رصيـد قائـم وقابـل للصـرف بـل كـل مـا هنالـك هـو مراعـاةهـذا الأمـر ضمـن ظـروف التخفيـف دون المسـاس بالإدانـة .
*مـن المقـرر قانونـا أنـه : » لا تقبـل معارضـة الساحـب علـى وفـاء الشيـك إلا فـي حالـة ضياعـه أو تفليـس حاملـه « .
ومـنالمقـرر أيضـا أنـه يعاقـب بجريمـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد كـل مـن منـعالمسحـوب عليـه مـن صـرف الشيـك . المستفـاد مـن القـرار المطعـون فيـهالـذي قضـى بالبـراءة علـى أسـاس أن المتهـم وجـه برقيـة إلـى البنـكبمعارضـة الشيـك الـذي أصـدره لفائـدة الضحيـة بعـد أن لاحـظ أن المـوادالغذائيـة التـي اشتـراها غيـر صالحـة للاستهـلاك فإنـه خالـف أحكـامالمـادة 374 مـن قانـون العقوبـات بتعليلـه بـأن القضيـة مدنيـة أوتجاريـة لأن الأمـر بعـدم الدفـع غيـر جائـز ولـو اكتشـف المعنـي أنالبضاعـة التـي دفـع الشيـك ثمنـا لهـا فاسـدة ، إذ أن جنحـة المـادة 374مـن قانـون العقوبـات تتحقـق عندمـا يصبـح الرصيـد غيـر قابـل للسحـبنتيجـة معارضـة صرفـه مـن قبـل الساحـب لأن غايـة المشـرع مـن العقـاب هـيحمايـة الشيـك وقبـوله فـي المعامـلات ومتـى كـان كـذلك فـإن
جهتـي الحكـم علـى مستـوى الدرجتيـن قـد أساءتـا تطبيـق القانـون ممـا يتعيـن نقـض وإبطـال قضائهمـا.
*مـن المقـرر قانونـا أنـه : يعاقـب بالحبـس مـن سنـة إلـى خمـس سنـواتوبغرامـة لا تقـل عـن قيمـة الشيـك أو عـن النقـص فـي الرصيـد :
-كـل مـن أصـدر بسـوء نيـة أو قبـل أو ظهـر شيكـا أو اشتـرط عـدم صـرفه فـورا بـل جعلـه كضمـان…. « .
المستفـادمـن القـرار المطعـون فيـه أن قضـاة المجلـس قضـوا بإلغـاء الحكـمالابتدائـي الـذي أدان المتهـم بتهمـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد بحجـة أنالوقائـع تشكـل فـي حـد ذاتهـا تسليـم شيـك كضمـان والحـال أن الجريمـةالمنصـوص عليهـا بالمـادة المطبقـة تعتبـر جريمـة واحـدة مرتبطـة أساسـابقيمـة الشيـك ومـدى قابليـة صرفـه لـدى الإطـلاع كمـا جـاء فـي المـادة 500الفقـرة الأولـى مـن القانـون التجـاري وبالتالـي فإنـه متـى أصـدرالساحـب الصـك مستوفيـا لشروطـه الشكليـة التـي تجعـل منـه أداة وفـاءوليـس أداة ائتمـان تقـوم مقـام النقـود تعيـن البحـث بعدئـذ فـي أمـرالرصيـد فـي حـد ذاتـه مـن حيـث الوجـود والكفايـة والقابليـة للصـرف بغـضالـنظر عـن قصـد الساحـب واعتراضـه بعـدم صـرف قيمتـه لأسبـاب وبواعـث تظهـر لـه مشروعـة وقتهـا .
وبمـا أن القـرار المطعـون فيـه لـم يبحـث فـي أمـر الرصيـد بـل أغفلـه وألغـى الحكـم الـذي أدانـه بجـرم إصـدارشيـك بـدون رصيـد فإنـه يكـون قـد أخطـأ فـي تأويـل القانـون .
*مـن المقـرر قانونـا أن المـادة 374 مـن قانـون العقوبـات لا تلـزمالمستفيـد من الشيـك فـي جنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد مـن إعـلامالساحـب وإخطـاره بنقـص الرصيـد كمـا أنهـا لا تشتـرط تقديـم الاحتجـاج عنعـدم الدفـع مسبقـا قبـل تقديـم الشكـوى ومباشـرة المتابعـة .
ولمـاثبـت فـي قضيـة الحـال أن قضـاة المجلـس الذيـن أدانـوا المدعـي فـيالطعـن بجنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد المنصـوص والمعاقـب عليهـابالمـادة 374 مـن قانـون العقوبـات بنـاءا علـى شكـوى تقـدم بهـاالمستفيـد مـن الشيـك مباشـرة للنيابـة العامـة بعدمـا قـدم الشيـك للبنـكالمسحـوب عليـه ورجـع إليـه مـن غيـر دفـع لكـون الرصيـد غيـر كافـي لـميخالفـوا أيـة قاعـدة جوهريـة فـي الإجـراءات ممـا يجعـل الوجـه المثارغيـر مؤسـس ومتـى كـان كذلـك استوجـب رفـض الطعـن.
*مـن المقـرر قانونـا أن المـادة 374 مـن قانـون العقوبـات لا تلـزمالمستفيـد مـن الشيـك فـي جنحـة إصـدار شيـك بـدون رصيـد إعـلام الساحـبوإخطـاره بنقـص الرصيـد كمـا أنهـا لا تشتـرط تقديـم الاحتجـاج بعـدمالدفـع مسبقـا قبـل تقديـم الشكـوى مباشـرة المتابعـة.
*مـن الثابـت قانونـا أنـه فـي جرائـم إصـدار شيـك بـدون رصيـد لا تعـدشكـوى الطـرف المدنـي إجـراء سابـق لمباشـرة المتابعـات الجزائيـةباعتبـار أن النيابـة العامـة تتمتـع بكامـل الحريـة فـي مباشـرة الدعـوىالعموميـة بمجـرد علمهـا بارتكـاب الجريمـة وبالتالـي فـإن تحريـرالاحتجـاج وتقديـم أصـل الشيـك غيـر ضرورييـن للمتابعـة القضائيـة .
*مـن المقـرر قانونـا أنـه تخصـص محليـا بالنظـر فـي الجنحـة محكمـة محـلالجريمـة أو محـل إقامـة أحـد المتهميـن أو شركائهـم أو محـل القبـضعليهـم ولـو كـان هـذا القبـض وقـع لسبـب آخـر .
ولمـا ثبـت فـي قضيـةالحـال أن المتهـم يقطـن بالجزائـر وتحريـر الشيـك محـل النـزاع تـم فـيالجزائـر وبالتالـي فالتمسـك بالاختصـاص المحلـي مـن قبـل محكمـةالمحمديـة ومجلـس قضـاء معسكـر يعـد خرقـا لأحكـام المـادة المذكـورةأعـلاه .
*مفـاد نـص المـادة 329 مـن قانـونالإجـراءات الجزائيـة أنـه يختـص محليـا بالنظـر فـي الجنحـة محكمـة محـلالجريمـة أو محـل إقامـة المتهـم أو محـل القبـض عليـه .
والواضـح مـنالقـرار المطعـون فيـه أن مكـان الجريمـة هـو مكـان إصـدار الشيـك فـإنمحكمـة أفلـو هـي المختصـة محليـا وأن تمسـك قضـاة مجلـس وهـرانباختصاصهـم المحلـي يعـد مخالفـة للقانـون.
*مـن الثابـت قانونـا أن العبـرة فـي قيـام جريمـة إصـدار شيـك بـدون رصيـدهـي بإصـداره أي وضعـه فـي التـداول مـن خـلال التسليـم المـادي والنهائـيللشيـك الحامـل للبيانـات الضروريـة وليـس عنـد تقديمـه للصـرف . وبمـا أنالإصدـار تـم فـي مدينـة مسيلـة فتكـون محكمـة مسيلـة هـي المختصـة محليـاللفصـل فـي القضيـة.
*إن القضـاء بحـذفعقوبـة الحبـس كعقوبـة أصليـة والإبقـاء علـى عقوبـة الغرامـة وحدهـا فقـطدونأي تبريـر يعـد خطـأ فـي تطبيـق القانـون لأن العقوبتيـن المقررتيـنقانونـا واجبتـي التطبيـق ولا مجـال لتطبيـق إحداهمـا دون الأخـرى .
*مفـاد نـص المـادة 374 مـن قانـون العقوبـات أنـه يعاقـب بالحبـسوبالغرامـة لا تقـل عـن قيمـة الشيـك أو قيمـة النقـص فـي الرصيـد .
وإنالقضـاء بإلغـاء عقوبـة الحبـس )العقوبـة الأصليـة( وتخفيـض الغرامـةالماليـة بمبلـغ لا علاقـة لـه بالصـك ودون تعليـل يعـد خرقـا للقانـون .
*يعاقـب بالحبـس وبغرامـة لا تقـل عـن قيمـة الشيـك أو عـن قيمـة النقـصفـي الرصيـد كـل مـن أصـدر بسـوء نيـة شيكـا لا يقابلـه رصيـد قائـموقابـل للصـرف أو كـان الرصيـد أقـل مـن قيمـة الشيـك . فـإن القضـاءبغرامـة
تسـاوي قيمـة الشيـك بـدل تقديـر قيمـة النقـص فـي الرصيـد الموجـود والحكـم بـه يعـد خرقـا للقانـون .
*إن القضـاء بغرامـة ماليـة قدرهـا ألفيـن دينـار جزائـري فقـط فـي جريمـةإصـدار شيـك بـدون رصيـد يعـد خرقـا للقانـون لأن المـادة 374 مـن قانـونالعقوبـات تنـص صراحـة علـى وجـوب أن لا تقـل العقوبـة الماليـة عـن قيمـةالشيـك أو عـن قيمـة النقـص فـي الرصيـد كونهـا تشكـل عقوبـة تكميليـةإجباريـة لا تخضـع لعامـل الظـروف المخففـة ممـا يستوجـب نقـض القـرارالمطعـون فيـه.
*مـن المستقـر عليـه قانونـا وقضـاء فـي مـادة إصـدار شيـك بـدون رصيـد أنـه فـي حالـة الإدانـة تشكـلالغرامـة الماليـة المقـررة فـي حـد ذاتهـا عقوبـة تكميليـة إجباريـة لاتخضـع لعامـل الظـروف المخففـة والترتيبـات المنصـوص عليهـا فـي المـادة 53مـن قانـون العقوبـات.
*إن القضـاءبالغرامـة الجزائيـة دون تبيـان إن كـان المبلـغ المحكـوم بـه يسـاويقيمـة النقـص فـي الرصيـد كمـا تقتضيـه المـادة 374 مـن قانـون العقوبـاتودون إعطـاء الأسـاس القانونـي لذلـك يعـد خرقـا للقانـون ويستوجـب النقـض .
*مـن الثابـت قانونـا أن العقوبـةالأصليـة التـي تخضـع لعامـل المـادة 53 مـن قانـون العقوبـات هـي عقوبـةالحبـس وحدهـا وأن الغرامـة المقـررة بجانبهـا غيـر قابلـة للحـذف أوالتخفيـض باعتبارهـا فـي حـد ذاتهـا عقوبـة تكميليـة إجباريـة والقضـاءبهـا وحدهـا غيـر جائـز ومخالفـة للمفهـوم الصحيـح للمـادة 374 مـن قانـونالعقوبـات .
*مـن المقـرر قانونـا أنالمـادة 374 مـن قانـون العقوبـات تنـص علـى عقوبـة الحبـس والتـي تخضـعلظـروف التخفيـف وعقوبـة الغرامـة التـي لا تقـل عـن قيمـة الشيـك أوقيمـة النقـص فـي الرصيـد ومعنـى هـذا أنـه لا يجـوز للقاضـي إعمـالأحكـام المـادة 53 مـن قانـون العقوبـات ولا يصـوغ لـه إخضـاع هـذهالعقوبـة الماليـة لظـروف التخفيـف .
*مـنالمستقـر عليـه قضـاء فـي مـادة إصـدار شيـك بـدون رصيـد أن العقوبـةالأصليـة التـي تخضـع لعامـل المــادة 355 مـن قانـون العقوبـات هـيعقوبـة الحبـس وأن عقوبـة الغرامـة المقـررة بجانبهـا لقمـع هـذه الجريمـةهـي غيـر قابلـة للحـذف أو التخفيـض باعتبارهـا عقوبـة مكملـة لهـا طابـعأمنـي أساسـا وهـي إجباريـة فـي آن واحـد ومـن ثـم فـإن قضـاة الموضـوعلمـا قضـوا بالعقوبـة التكميليـة المتمثلـة فـي الغرامـة بقيمـة الشيـكوأغفلـوا الفصـل فـي العقوبـة الأصليـة المتمثلـة فـي الحبـس حتـى تكـون سنـدا للعقوبـة التكميليـة ، قـد عرضـوا قرارهـم للقصـور فـي التسبيـب .
*مـن المقـرر قانونـا أنـه :« يعاقـب بالحبـس مـن سنـة إلـى خمـس سنـوات وبغرامـة لا تقـل عـن قيمـة الشيـك أو عـن قيمـة النقـص فـي الرصيـــد ………. »
ومـن الثابـت قانونـا أن القاضـي فـي جرائـم إصـدار شيـكبـدون رصيـد ملـزم عنـد الحكـم بالإدانـة مـع الغرامـة أن لا يقـل مبلـغالغرامـة عـن قيمـة الشيــك أو قيمـة النقـص فـي الرصيـد مـع بقـاء حريـةالتقديـر للقاضـي فيمـا يتعلـق بالعقوبـة الأصليـة المتمثلـة فـي الحبـس تطبيقـا لأحكـام المادتيـن 53 مـن قانـون العقوبـات و 592 مـن قانـونالإجـراءات الجزائيـة ولمـا قضـى قضـاة المجلـس بخـلاف ذلـك وقـررواتخفيـض مبلـغ الغرامـة المحكـوم بـه فـإن قرارهـم يعـرض للنقـَض .
*تتقـادم الدعـوى العموميـة فـي مـواد الجنـح لمهـور ثـلاث سنـوات كاملة .
والواضـحمـن القـرار المطعـون فيـه أن الشيـك محـل النـزاع أصـدر فـي 22/04/1992وأن تحـريك الدعـوى العموميـة تجـاه الساحـب لـم يتـم إلا بعـد مضـي ثـلاثسنـوات مـن هـذا التاريـخ.
ومتـى كـان كذلـك فـإن الدعـوى العموميـةتكـون قـد تقادمـت ويتعيـن التصريـح بهـا لأول مـرة أمـام المحكمـةالعليـا باعتبـارها مـن النظـام العـام .
اترك تعليقاً