الإشكاليات الجوهرية
ما هي المسائل الجوهرية التي تندرج ضمن عنوان فلسفة القانون. ثمة تياران: يُدرج البعض مسائل كثيرة ضمن فلسفة القانون من مثل تاريخ القانون، والسوسيولوجيا القانونية، المنطق القانوني، المعايير القاعدية، الفينومينولوجيا القانونية، الخ.. أما البعض الآخر (برونو أوبتي) فهو يفضل حصر مجال فلسفة القانون في مسائل جوهرية تشكِّلُ أساس فلسفة القانون ومبرر قيامها. رغبتنا في تعزيز مادة فلسفة القانون تجعلنا بالضرورة متعاطفين مع التيار الأول، بيد أننا نعتقد أن المنطق يفرض علينا اعتماد خيار التيار الثاني.
المبحث الأول: معيار القانون
الفقرة الأولى: صعوبة الخيار
ما هو معيار القانون؟ والمقصود ما هو معيار الشيء القانوني ؟ الصعوبة فائقة لأن القانون ليس بعالم مستقل ومعلَّب، بل هو عالم معقد مليء بالمعاني والقواعد شبه الآمرة (pre–SS–ions) الأخلاقية والدينية والاجتماعية وحتى السياسية. وهذا طبيعي لأن القانون منظِّم اجتماعي. وهو كما قلنا ليس عالماً مستقلاً بل هو ينبثق من مفاهيم عديدة سياسية واجتماعية وأخلاقية.
الفقرة الثانية: القانون كمنظومة
هل يشكل القانون منظومة متناسقة وموحدة. يعترض البعض دافعين بأن القانون ليس أكثر من فن art يشتمل على قواعد غير متجانسة دوماً. والبعض الآخر يعترض حتى على مفهوم “النظام القانوني” فيرى أنه مجرد ابتكار تقني وأكاديمي يُسهِّل فهم القانوني ليس إلا.
المبحث الثاني: غاية القانون
إذا كانت فلسفة القانون تتميز بأمر معين فهو أنها تبحث عن غاية للقانون وكتابات أيهيرينغ Ihéring معروفة في هذا المجال. وهذه الغايات تتغير تبعاً لكل مدرسة: الغاية هي الفرد عند البعض، والجماعة عند البعض الآخر. الخير العام أم المصالح الخاصة؛ قوة الأمة أم تقدم الإنسانية؛ الثبات أم الحركة؛ الأمن أم العدالة. يمكن جمع هذه الغايات في ثلاث جعبات. نستثني من هذا البحث المدرسة الشكلية formaliste التي ينتهي البحث لديها عند القانون ذاته، أي أنها لا تهتم بالبحث على غاية معينة بل تحصر إهتمامها بالنص الذي أمامها وبضرورة تطبيق هذا النص.
الفقرة الأولى: العدل
ولكن ما هو العدل بالضبط وهل من تعريف وضعي يوافق عليه الجميع. يُنظر إلى العدل تبعاً للمفكر، للإيديولوجيا التي ينتمي إليها. يُكوِّنُ الليبرالي نظرة معينة والاشتراكي أخرى.. المتدين له نظرته تختلف بصورة عامة عن نظرة الملحد؛ الاشتراكي الجماعي والاشتراكي الفرداني لهما نظرتان مختلفتان.
الفقرة الثانية: الفرد كغاية
بخاصة منذ القرن الثامن عشر غدت حماية الفرد هدفاً من الأهداف الأساسية لفلسفة القانون. الإنسان هو قبل المجتمع، لا العكس. مهمة القانون الأساسية هي ضمان الحفاظ على الإرادة الحرة للإنسان: يصبح العقد القاعدة الوحيدة المقبولة “كل ما ينبثق عن عقد هو عادل وصحيح” .
الفقرة الثالثة: الجماعة كغاية
الفكر الجماعي له أيضاً جذوره في الماضي الغابر. ألا يتكلم أفلاطون وأرسطو على الفرد في المدينة والانسجام في المدينة. لقد أكد الفلاسفة القانونيون الرومان أولوية مفهوم المنفعة العامة على المصالح الخاصة. وهل نجهل أهمية البعد الجماعي في الفكر المسيحي والإسلامي.
اترك تعليقاً