دراسة وبحث قانوني قيم عن حكم الاتفاقات المتعلقة بالأموال في حق الخلف بسبب خاص
نظرية الاستخلاف على الحقوق والالتزامات ونظرية نقلها
1 – الخلف من يعقب غيره برضائه أو بحكم القانون في كل حقوقه أو بعضها ليكون له حق مباشرتها بنفسه وباسمه، فمن اكتسب ملكًا بوضع اليد المدة الطويلة لا يعتبر خليفة من تركه، ومن عاد إليه ملكه بحكم الرجوع أو الإبطال أو الفسخ، ومن سقط عن ملكه ما كان مقررًا عليه من التكاليف والحقوق العينية، لا يعتبر خليفة من كان المال في يده أو من كان صاحب تلك التكاليف والحقوق.
2 – وقد يكون الخلف خلفًا من كل وجه كالوارث يخلف مورثه في تركته ويسمونه الخلف بسبب عام، وليس هو مقصودنا من هذا المقال، وقد يكون خلفًا من وجه كالمشتري يخلف بائعه فيما ابتاع، وكالمستأجر يخلف مؤجره فيما استأجر، وكالمحتال يخلف محيله فيما احتال به ويسمونه الخلف بسبب خاص.
3 – والأصل أن الحقوق والالتزامات العينية، أصلية كانت أو تبعية، تنتقل للخلف بسبب خاص وفق الأحكام المعروفة في القانون المدني وقانون التسجيل – وأن الحقوق الشخصية والديون باعتبارها حقوقًا يمكن نقلها – إلا ما استُثني منها – بالطرق والأوضاع المعروفة، سواء أكانت مطلقة من الشرط أو الأجل أم مؤجلة أو معلقة على شرط موقف أو فاسخ: كحق مالك العقار المؤمن عليه فيما يستحقه من التعويض قبل تلفه، وحق المؤلف في عوض ما التزم تأليفه قبل وضعه، وسواء أكان الحق من النقود أم لا: كحق المستأجر في الإجارة وكالنفقة الحاصلة للدائن من التزام مدينه بعملٍ ما أو بعدم عمله، وكحق صاحب المسرح يستأجر ممثلاً يلتزم له عدم العمل في مسرح آخر.
وأما الالتزامات فالأصل فيها أن لا تقبل التحويل في الفقه الإسلامي والفرنسي والمصري، لأن الأشخاص متغايرة، والذمم متفاوتة، ولو سمح للمدين بإرغام دائنه على قبول حميل عنه، لصرف الدين عن نفسه إلى آخر ممن لا ذمة له، وفي ذلك من الضرر بالدائن ما لا يخفى.
4 – والاتفاقات التي أقصد بيان أحكام نفاذها وعدمه في حق الخلف الخاص، هي التي ينشئ بها العاقد حقًا أو التزامًا يتعلق بالمال قبل نقله للخلف. مثال ذلك: تاجران يتجران بالمنسوجات القطنية في بلد، فيلتزم أحدهما للآخر بالكف عن التجارة فيه، ثم يبيع من له الالتزام محل تجارته، فهل يخلفه المشتري في إنفاذ هذا الالتزام أم لا؟
مثال آخر: مالك ممر خاص أذن لجاره أن يفتح عليه بابًا أو منافذ على أن يكون له متى شاء حق مطالبته بسدها بعد التنبيه عليه، ثم باع الجار المنزل بحالته التي هو عليها، فهل للآذن وخلفائه حق إلزام المأذون له ومن يخلفه بسد الباب أو المنافذ، أم لا؟
1 – القانون الفرنسي وفقهه وقضاؤه
5 – النص القانوني وغموضه: جاء بالمادة (1122) من القانون المدني الفرنسي أن الشخص يعتبر عاقدًا لنفسه وورثته وخلفائه ما لم يشترط في العقد أو يستفاد من طبيعته خلاف ذلك
on est censé avoir stipulé pour soi et pour ses heritiers et ayants cause, â moins que le contraire ne soit exprimé ou ne resulte de la nature de la convention
وظاهر هذا النص يقتضي التسوية بين الورثة والخلفاء، في حكم الاستخلاف على الحقوق والواجبات، ولكن الشراح مجمعون على التفرقة بين حكم الوارث والخلف الخاص، وبين حكم الاستخلاف على الحقوق وحكمه في الواجبات، فيرون بصفة عامة استخلاف المورث لوارثه على الحقوق والواجبات، ولا يرونه للخلف الخاص إلا على الحقوق، عدا ما استثني منها، ومع إجماعهم على هذا الأصل اختلفوا في تأويلها: فمنهم من اعتبر لفظ stipuler بمعنى contracter أي (تقبل الدين ملتزمًا به لغيره أو وليه لنفسه ملزمًا به غيره)، وحمل لفظ (الخلفاء) على معنى (الخليفة بسبب عام) لتستقيم له خلافة الوارث والخلف العام في الحقوق والواجبات، وليستبقي حكم الخلف الخاص فيستفيده من القواعد العامة [(1)].
ومنهم من صرف لفظ stipuler إلى معنى devenir créancier par uné convention أي ولي الدين ملزمًا به غيره، واعتبر لفظ الخلفاء بمعناه المطلق فاستقام له حكم التسوية بين الوارث والخلف الخاص في الحقوق واستبقى حكم الاستخلاف على الواجبات ليستفيده من نصوص أخرى ومن القواعد العامة.
وقد بلغ من شأن هذا الخلاف أن بعضهم ذهب إلى القول بعدم فائدة المادة (1122) مستنبطًا حكم الخلافة على الحقوق والواجبات من القواعد العامة [(2)].
حكم الاستخلاف على الحقوق في الفقه الفرنسي
6 – يحسن بنا تسهيلاً لدرس المسألة تقسيم الاتفاقات إلى الأقسام الآتية:
1/ الاتفاقات التي انتقل بها المال إلى المستخلف – كالبائع أو المؤجر… إلخ.
2/ الاتفاقات المنشئة حقًا عينيًا لمنفعة ذلك المال الحاصل فيه التصرف.
3/ الاتفاقات المنشئة حقوقًا شخصية اتصلت بالمال وجرت منه مجرى الأوصاف والتوابع.
4/ الاتفاقات المنشئة حقوقًا شخصية تعلقت بالمال ولكنها منفكة عنه لم تجرِ منه مجرى الأوصاف والملحقات.
7 – والظاهر أن حكم الاستخلاف في الأقسام الثلاثة الأولى لا يحتاج إلى نص، فاتفاقات النوع الأول ترد مثبتة لحقوق المستخلف واتفاقات النوع الثاني والثالث قد ألحق القانون الحقوق فيها بالمال وأجاز نقلها معه فيما وضعه من أحكام التوابع في باب البيع والوصية، ولهذا كان لمشتري العقار الحق فيما كسبه البائع للمبيع من حقوق الارتفاق، ولمشتري الدين الحق في مطالبة من كفله للبائع، وللمشتري من مشترٍ الحق في تضمين بائع البائع له مباشرةً [(3)] وكل هؤلاء لهم هذه الحقوق بحكم القانون، بغير حاجة إلى ذكر نقلها في العقد الناقل للمال.
8 – أما اتفاقات النوع الرابع – الشاملة لكل اتفاق ينشئ حقًا شخصيًا لا ينتفع به إلا من بيده المال، ولم يجرِ العرف مع ذلك باعتباره من ملحقاته الضرورية – فهي محل النظر ومجرى الخلاف. افرض أن رجلاً من رجال الأعمال أراد إقامة مصنع لتوليد الكهرباء في بلد، فابتاع من أحد ملاك أراضيه ما لزم منها لمصنعه، والتزم لبائعه بتقديم ما يحتاجه لباقي أرضه من السيال الكهربائي بنصف ما يقدمه لأهل البلد، وافرض أن شخصية بائع الأرض لم تكن ملحوظة في هذا الاتفاق، بل افرض أن صاحب المصنع قد التزم بذلك لبائعه ولخلفائه، فهل يكون لمن خرج له مالك الأرض عما بقي منها إلزام صاحب المصنع بنفاذ هذا الالتزام؟
9 – يظهر من أقوال الشراح أنه إذا تضمن العقد الناقل للمال في مثل تلك الصورة، نقل هذه الميزة، كان للمنقول له الحق فيها بغير شبهة، أما إذا خلا من ذكر نقلها فالمسألة خلافية عندهم، إذ يرى جمهور الفقهاء إعمال نص المادة (1122) بتقرير الخلافة في جميع الحقوق والدعاوى المتعلقة بالمال ما لم يشمل الاتفاق أو يدل بطبيعته على خلاف ذلك، ويقولون إن الشارع قد لاحظ ضرورة، أن لا مصلحة للعاقد في استبقاء هذه الحقوق معطلة في يده بعد خروج المال عن ملكه والغالب عليه أن ينقلها لخليفته تبعًا للمال الذي نقل ملكيته له.
ولهذا كان حكم الاستخلاف عندهم جاريًا على نية المتعاقدين، يقدرونها دائمًا، إلا إذا اشتمل الاتفاق على خلاف ذلك.
ويقولون حسب من يرى عدم الحاجة إلى نص المادة (1122) إنها تزيل في هذه الصورة، ما ينزل بصدر الفقيه من الحيرة: لا يعرف أينقل الحق إلى خليفة العاقد، وهو لم يلغِ بعد مرتبة ما يجري من المال مجرى الأوصاف والتوابع، أم لا، وإذا انتقل فلا يفقه كيف وقع الحكم، أعلى تنازل ضمني يصطنعه، والشارع وحده هو الذي يضع التقديرات الشرعية، فيقدر بها الموجود معدومًا والمعدوم موجودًا [(4)].
10 – ويسير على القاضي أن يأخذ بهذا المذهب فيحكم بالخلافة ما لم يتبين له من ظروف الاتفاق ونية المتعاقدين أن العاقد الأصلي ما كان يقصد كسب تلك الميزة لخلفائه، أو قصد عدم انتقالها لهم مع المال فيحكم إذن بعدم الخلافة فيها.
11 – ويرى المخالفون عدم خلافة الخلف الخاص في الحقوق والدعاوى التي لم تجرِ من المال مجرى التوابع والأوصاف [(5)].
وحجتهم أن المنقول له المال، لم يباشر بنفسه عقد الاتفاق المنشئ لهذه الحقوق، ولا يصح في النظر أن تنتقل إليه انتقالاً آليًا لمجرد انتقال المال، لأنها لم تجرِ منه مجرى التابع من أصله، ويقول بودري إن مذهب مخالفيه يقوم على مظنة انتحلوها للمادة (1122)، وهي نية المتعاقدين والمادة لا تصلح لتقريرها قانونًا، لأنها غير صريحة في إفادة هذه المظنة ولاضطراب الفقهاء في تأويلها واتفاقهم على عدم استخلاف الخلف الخاص على الواجبات [(6)].
مذهب القضاء الفرنسي
12 – وقد أخذ القضاء الفرنسي بمذهب الجمهور في بيوع محل التجارة، فقضى بأحقية المشتري في الاحتجاج على من باع لبائعه، بما التزم له من الكف عن الاشتغال بالتجارة في نفس البلد وبعين الصنف، ولو لم يرد في عقد شرائه ذكر لهذا الالتزام، مستندًا في كثير من أحكامه على المادة (1122)، وفي القليل منها، على حق المشتري الأخير في تضمين البائع لبائعه، نزولاً على حكم الضمان في البيع [(7)].
13 – وقد قضى بالاستخلاف، إذا كان التزام الكف عن التجارة أو الصناعة لم يجب بحكم الضمان في البيع، في الحادثة الآتية:
التزم مدير مصنع حلوى في بلد لصاحبه، بعدم الاشتغال في غيره ما دام مصنعه قائمًا، ثم بيع المصنع، وتنازع الملتزم مع مشتريه على إنفاذ الالتزام، فحكمت محكمة ليل بحكمها المؤرخ 23 سبتمبر سنة 64 بتنفيذه آخذةً بخلافة المشتري للبائع عملاً بنص المادة (1122)، وحكمت محكمة النقض برفض الطعن المقدم عنه في 5 يوليه سنة 65 [(8)].
14 – وجرى البحث في حكم الاستخلاف على الحقوق المستفادة بعقود التأمين من الحريق، عند طروئه على ملك الخلف، فأجمعوا على أن لا حق للبائع في التعويض، لأن المقصود من العقد ضمان التلف، وقد خرج البائع عن ملكه سليمًا لم ينتقص عليه من ثمنه شيء، أما حق المشتري في التعويض فقد قال به المتقدمون كديمولان وديسيبسيس وفقهاء النصف الأول من القرن الماضي كبردوسو وألوزت وبعض فقهاء هذا القرن [(9)] كما أخذت به بعض القوانين الحديثة كالقانون الإيطالي (المادة 422) والقانون السويسري للتأمين الصادر في سنة 1908 (مادة 54) وجرت عليه أيضًا بعض المحاكم الفرنسية والبلجيكية [(10)] إما على تقدير أن المؤمن قد عقد التأمين لنفسه ولخلفائه كنص المادة (1122)، وإما على اعتبار أن الحق في التأمين نزل من العقار منزلة التابع فانتقل معه عملاً بالمادة (1615)، وإما على حكم التنازل الضمني مستفادًا من استكشاف نية المتعاقدين، والظاهر مع ذلك أن المحاكم الفرنسية قضت كثيرًا منذ النصف الأخير من القرن الماضي بعدم خلافة المشتري في التأمين ولو صرح العقد بنقله إليه، لاعتبارها العقد متعلقًا بشخصية المؤمن وحرصه على سلامة أملاكه من الخطر [(11)].
15 – أما الآن – وشركات التأمين تشترط على المؤمن انفساخ عقده بالبيع، إلا إذا قبل المشتري الالتزام بالمضي فيه قائمًا مقام البائع، بتقرير يقدمه في أجل قصير، وظلت عقود البيع وقائمة شروط المزاد الجبري، تنص على التزام المشتري بالاستمرار على التأمين – فقد أصبح البحث في حكم الاستخلاف على هذه العقود غير مفيد من الوجهة العملية.
16 – هذا ولم نرَ للقضاء الفرنسي أحكامًا في غير الاتفاقات المتعلقة بالمزاحمة التجارية والصناعية وبالتأمين، ولا يغرنك ما يستشهد به بعضهم من الأحكام، كالتي صدرت بأن لا حق للمشتري في التعويض المترتب على غصب الملك أو التعدي على منافعه قبل الشراء، لأن الحق في الضمان مرتب فيها على جنحة أو شبه جنحة، وكلامنا في الاتفاقات التي تزيد أو تنقص من قيمته أو في وجه الانتفاع به، والفرق بين الحالين ظاهر.
17 – وإنك لتشعر الآن بعد إيراد هذين المذهبين في الفقه والقضاء بأن سبب الخلاف هو نص المادة (1122)، فمن حاول أعماله متأولاً اعتبر الاستخلاف على الحقوق أصلاً لا يعدل عنه إلا إذا اشتمل الاتفاق أو دل بطبيعته على الرغبة في عدم الاستخلاف، ومن كره ما في هذه المادة من اضطراب، نزل على حكم القواعد العامة في اعتبار الخلف أجنبيًا عن العقد، وكان الأصل عنده عدم الاستخلاف لا يحيد عنه إلا إذا دل الاتفاق بطبيعته أو اشتمل على ما يخالف ذلك، ومن هذا نشأت نظرية الخلافة في الحقوق Théorie de la succession بجانب نظرية انتقالهاThéorie de la transmission عند من يرون إعمال نص المادة (1122).
18 – وإنك لتجد النظريتين تتمشيان معًا، حتى إذا بلغتا الحقوق الشخصية التي لم تجرِ من المال مجرى الأوصاف والتوابع، وقفت نظرية النقل تتعرف هل أصبحت هذه الحقوق بما ينكشف لها من نية المتعاقدين تجري مجرى التوابع أم لا، فإن كانت كذلك نقلتها نقل نظرية الخلافة وإلا لم تنقلها وانفردت نظرية الخلافة بتقرير الاستخلاف فيها ما لم يدل الاتفاق بطبيعته أو بنية المتعاقدين على خلاف ذلك.
حكم الاستخلاف على الواجبات في الفقه الفرنسي وقضائه
19 – قد خلا القانون الفرنسي من نص صريح في حكم استخلاف الخلف الخاص على الالتزامات، فاستنبطه الفقهاء الآخذون بنص المادة (1122) من إعمال مفهوم المخالفة فيها، فصارت عندهم دالة بمنطوقها على الخلافة في الحقوق، وبهذا المفهوم على عدم الاستخلاف في الواجبات، أما من لم يروا الأخذ بهذه المادة، فقد استنبطوا عدم الاستخلاف على الواجبات من القواعد العامة، فقالوا إن المدين بالالتزام لا يستطيع تفريغ ذمته منه لمجرد تصرفه في العين التي تعلق بها، ولا يمكن أن تشغل به ذمة المشتري من انتقالها له، وإذا اقترن رضاء المشتري في العقد الناقل بالمال، بالرضاء عما التزمه البائع، وقع التزامه على حكم رضائه لا على حكم انتقال العين له، وقد يزيد بعضهم على ذلك فيقول إن الشارع الفرنسي قد أشار إلى عدم الخلافة في الالتزامات بنص المادة (871)، حيث لم يستخلف الموصى له بمال، على التزامات الموصي إلا ما تعلق منها بالوصية.
20 – وهذا ما يكاد الإجماع ينعقد عليه فقهًا وقضاءً: فجرى القضاء الفرنسي بعدم الاستخلاف على التزامات الكف عن العمل، وحكم بأنه إذا اتفق القصابون في بلد، على عدم فتح حوانيتهم بعد ظهر يوم الأحد من كل أسبوع، ثم باع أحدهم حانوته، لا يكون المشتري ملزمًا بما التزمه البائع وينفسخ الاتفاق في حق الكل بزوال سبب التزامهم [(12)]، وقد استشهد بهذا الحكم كابيتان في رسالته التي وضعها لنظرية السبب تأييدًا لما قرره من ضرورة بقاء سبب الالتزام بعد انعقاده، استبقاءً لدوامه – وكذلك حكمت محكمة النقض في 15 يناير سنة 1918 بنقض الحكم المطعون فيه في الحادثة الآتية: تعاقد اتحاد أصحاب المناجم مع اتحاد الفحامين فالتزم الاتحاد الأول بمنح العمال منحًا يومية على أجورهم، وتنازلت إحدى الشركات التابعة له عن امتيازها لأخرى رفضت الجري مع العمال على ما التزمه الاتحاد، فحكمت محكمة اتيان بنفاذ الالتزام على المشتري، وصرحت محكمة النقض عند نقضه بأن الخلف الخاص لا يخلف العاقد له قانونًا في التزاماته الشخصية ولو تعلقت بالمال الذي استخلفه عليه [(13)]، وحكمت محكمة النقض بنقض حكم محكمة روان التجارية، القاضي بإلزام المشتري جزافًا – للذمم المطلوبة لشركة حكم لتصفيتها – وبتسديد ديونها التي عليها، وقالت في حكمها المبرم أن لا نص في القانون ينقل إلى الخلف الخاص ما التزمه العاقد له من الالتزامات وأن الحيازة لمالٍ ما لا تنقل إلى ذمة الحائز ما تعلق به من التزام شخصي [(14)].
21 – وكذلك استمر القضاء الفرنسي على عدم إلزام مشتري محل التجارة بتسديد ديون البائع تجارية أو غير تجارية، حتى بعد صدور قانون 17 مارس سنة 1909 الخاص ببيع المحال التجارية – وهو أيضًا رأي جمهور الفقهاء [(15)].
22 – واستثنى أوبري ورو الالتزامات التي من شأنها أن تنقص أو تغير الحق المنقول أو تكون شرطًا ضروريًا له.
qui ont eu pour effet de restreindre ou de modifier le droit transmis ou qui forment la condition necessaire de son exercice. [(16)]
وكأني بك تشعر شعوري بعدم وضوح المعنى المراد من هذه الجملة، فالمال المنتقل إذا كان حقًا شخصيًا، لا يكون الالتزام، المنقص أو المغير له أو الذي نزل منه منزلة الشرط، إلا وصفًا من أوصافه ينتقل به، فإذا أبرأت ذمة الكفيل أو التزمت لمدينك بعدم المطالبة إلا بعد أجل، كان على المحتال بالدين، أن يفي لهما بما التزمت لانتقال الدين غير مكفول أو مقيدًا بأجل – والظاهر من الأمثلة الخمسة التي ذكرها الأستاذان الجليلان إيضاحًا لهذه القاعدة أنهما لا يقصدان منها إلا الحق العيني، وإن صح ذلك، فعسير أن نتصور تأثيرًا للالتزام الشخصي في حق عيني بنقص أو تغيير.
23 – نعم يجوز أن ينشئ عقد ما التزامًا شخصيًا، وأن يحدث في آنٍ واحد تنقيصًا أو تغييرًا في حقوق الملك الثابتة من قبل، كما إذا بعت جزءًا من ملكك، فلك أن تقول إن هذا العقد قد ألزمك ضمان ما بعت وأنقص ملكك الذي كان لك، ولا تستطيع مع ذلك أن تقول إن هذا الالتزام بالضمان هو الذي أحدث تغييرًا فيما كان لك من ملك قديم.
24 – والذي يتصور إمكانه، أن ينتزع صاحب الملك بعض حقوقه أو بعض منافعه فيقرر عليه حقوقًا عينية لغيره، يتحتم على الخلف الإذعان لها إذا استوفت عقودها شرائط الاحتجاج من ثبوت تاريخها رسميًا أو قيدها أو تسجيلها على ما هو معروف.
وإذا كان هذا المعنى هو مراد الأستاذين فما أحقهما أن يقولا إيضاحًا له (قد يجب على الخلف احترام الاتفاقات المنشئة لالتزامات عينية من شأنها أن تنقص حقوق الملك متى استوفت شرائط الاحتجاج بها من قيد وتسجيل [(17)].
25 – كذلك كان استثناء أوبري ورو الالتزامات التي تكون شرطًا ضروريًا لوجود الحق العيني، غير واضح. نعم قد تشتري عقارًا وتعلق فسخ عقده على تنفيذ التزامٍ ما، فإذا بعته لآخر وتحقق الشرط ونزل الجزاء على المشتري قُضي برد المبيع إلى البائع الأول، ولكن هذا الرد لا يقع على حكم أن المشتري الأخير أخلفك في التزام شخصي، وإنما على حكم أنه اشترى ملكًا معلقًا على شرط وقع، فاستحق المالك الأصلي أصل حقه على ذي اليد.
فإذا كان مقصود أوبري ورو من جملتهما انتقال الملك إلى الخلف مقيدًا بما كان قد قيد به على ملك العاقد، من شرط فاسخ، فقد رأيت أن ليس فيه التزام شخصي يجري فيه الاستخلاف استثناءً، وإن كانا يقصدان الالتزامات التي جرت مجرى الشروط بين المتعاقدين، التزموها على أن تكون ملزمة لخلفائهم من بعدهم (وهو ما لا نظنه)، كان قولهما بعيدًا عن الصواب، إذ يصبح نقل الالتزام إلى الخلف متعلقًا بإرادة المتعاقدين يوصلونه بالعقار ويربطونه به تكليفًا مقررًا عليه، فينشئون بذلك طائفة من التكاليف العينية تنتقل بغير تسجيل، وفي ذلك من الضرر بمصلحة الخلفاء، ومن مخالفة أحكام إنشاء حقوق الارتفاق وانتقالها والاحتجاج بالعقود الناقلة لها، ما سنعود إليه في موضع آخر من هذا المقال.
26 – انظر قبل الفراغ من هذا البحث إلى محكمة النقض الفرنسية تعتمد في حكمها المؤرخ 13 ديسمبر سنة 99 في الحادثة الآتية على نفس العبارة التي أوردناها نقلاً عن أوبري ورو: باعت إحدى شركات التعدين قطعة من أرض لها فوق منجم مشترطة على المشتري أن لا يكون له حق تضمينها ما يصيب سطح الأرض من ضرر أعمال التعدين العادية، ثم باع المشتري ما اشتراه لآخر وأصاب الأرض ضرر من المنجم فطالب الشركة بتعويض عنه فحكمت محكمة ديجون في 30 ديسمبر سنة 96 برفض الدعوى بناءً على أن إعفاء المنجم من تعويض الضرر قد أصبح حقًا عينيًا تابعًا له على الأرض التي أصابها الضرر، وأنه إذا اعتبر الالتزام بعدم المطالبة بالتعويض التزامًا شخصيًا فإن المشتري الأخير يخلف بائعه فيه عملاً بنص المادة (1122) ورفضت محكمة النقض الطعن المرفوع لها عن هذا الحكم آخذةً فيه بأن البيع لا ينقل للمشتري إلا ما كان حقًا للبائع، وأن المشتري يخلفه فيما كان من الالتزامات منقصًا لأصل حقه أو كان شرطًا ضروريًا له، وأن الالتزام بعدم التضمين كان شرطًا ضروريًا في الشراء.
ولعل محكمة النقض اعتبرت الإعفاء من التعويض شرطًا علق المتعاقدان فسخ العقد على مخالفته ولما لم يطلب الفسخ عملاً بالشرط أبرمت الحكم الصادر برفض التعويض [(18)].
27 – حكم الاستخلاف على الحقوق والواجبات المتقابلة: أتينا بحكم الاستخلاف على الحقوق وحكمه على الواجبات منفردين، لأن أبسط الصور ما يراد منه معرفة أحقية الخلف لحق ناله المستخلف باتفاق ملزم من جانب واحد، أو معرفة نفاذ الالتزام على خليفة الملتزم بعقد ملزم من جانب واحد كذلك أو بعقد من عقود المعاوضة أوفى أحد المتعاقدين بالتزاماته وبقي التزام الآخر متنازعًا في نفاذه بين الأول وخليفة الثاني.
ولما كان الغالب أن يقع الاتفاق منشئًا لحقوق والتزامات متقابلة تتعلق بالمال على صورة عقد من عقود المعاوضة، وأن يقوم النزاع على نفاذها بين أحد المتعاقدين وخليفة الثاني، تعين علينا أن نذكر حكم الاستخلاف فيهما مجتمعين.
28 – وعجيب أن يغفل كثير من المؤلفين الآخذين بنظرية الاستخلاف الكلام على هذه الصورة المركبة منهما مع كثرة وقوعها، وأن يكتفي من فطن إليها بوجيز القول. ها هو دومولمب وهو من أنصار هذه النظرية يكتفي في المسألة بتقرير عدم الاستخلاف على الحقوق لارتباطها في هذه الصورة بالتزامات لا يمكن إنفاذها جبرًا على الخلف الخاص [(19)].
29 – وإنك لتشعر معي بنتائج هذا الرأي القاسية إذا كان الاتفاق قد أنال المال المنتقل مزية كبيرة الفائدة بعوض تافه يرغب الخلف في وفائه برضائه اكتسابًا لها، وترى صواب الخلافة في الحقوق على أن لا يكون العاقد مع السلف ملزمًا لخلفه بالوفاء إلا إذا قام له الخلف بما التزمه سلفه من مقابل لهذه الحقوق، وأن يكون لمن طالبه الخلف بوفاء حق له، الامتناع عن الوفاء امتناعه عنه للسلف، فما على الخلف إذا أراد الاستمساك بالحق الذي كسبه سلفه متعلقًا بالمال إلا أن يفي بما التزمه السلف عوضًا لهذا الحق، ومتى وفاه صحت منه المطالبة ووجب على غريمه الوفاء، وما رأينا هذا لنلزم الخلف بالتزامات سلفه وإنما رأيناه لنمكن من التزم له السلف التزامًا بمقابل من دفع طلب خلفه الوفاء بحقه إلا أن يفي بمقابله ليكون الوفاء من الجانبين – وما أعدل ما ذكرته محكمة النقض الفرنسية في حكمها المؤرخ 16 نوفمبر سنة 1856 [(20)] حيث قالت (على من دخل في اتفاق مع غيره بنية الاستفادة منه أن يفي بما وجب عليه من شروطه وعلى من يخلفه في حقوقه أن يخضع إلى ما تعلق بأصل وجودها من التزامات).
30 – وعلى هذا لا يكون مشتري محل التجارة ملزمًا باحترام ما عقده البائع من عقود الإجارة مع مستخدميه إذا خلا عقد الشراء من ذكرها وإيجابها عليه، فإذا شاء المضي فيها فلا وجه لإنفاذها عليهم إذا ثبت أن شخصية البائع كانت ملحوظة في عقدها، وإلا كان له أن يلزمهم بالبقاء في خدمته حتى تنتهي مدة الإجارة ما أدى لهم بأجورهم وقام بالتزامات بائعه [(21)].
وإذن فسواء نص في عقد البيع على وجوب احترام عقود الاستخدام أو لم ينص فللمشتري متى قام لهم بتنفيذها أن يلزمهم بالاستمرار عليها ولهؤلاء أن يلزموه باحترامها عند النص عليه في عقد شرائه ولهم أن يفسخوها إذا كانت شخصية البائع ملحوظة عند التعاقد [(22)].
31 – ولقد جرى القضاء الفرنسي في بيع محلات التمثيل على أن للمشتري الحق في إلزام الممثلين بالاستمرار في عقود الإجارة، إما على اعتبارهم ملزمين بها لمحال التمثيل نفسها وللمشتري بوصف كونه وليًا عليها له الحق في اقتضاء حقوقها منهم، وإما على اعتباره خليفة البائع فيها بتنازل ضمني [(23)] وجرى في بيع الجرائد وبيع المحال الصناعية على عدم أحقية الخدمة والموظفين في إلزام المشتري بالمضي فيما عقده البائعون من عقود الإجارة ما داموا لم يلتزموا بنفاذها في عقود الشراء [(24)]. وهي كما ترى أحكامه مضطربة في تطبيق نظرية الخلافة.
2 – في القانون المصري
32 – لعل الشارع المصري لاحظ أن حكم استخلاف الوارث على الحقوق من أحكام المواريث التي تركها جملةً لقانون الأحوال الشخصية الخاص بالملة التابع لها المتوفى [(25)] ، ورأى ما في نص المادة (1122) من اضطراب، وعلم بما قام بشأنها من خلاف في التأويل والتفسير، وفقه أن أحكام انتقال الحقوق والالتزامات أو عدم انتقالها منفردة أو مجتمعة يغني عن وضع أحكام جديدة للاستخلاف أو عدم الاستخلاف عليها – فلم ينقل عن الشارع الفرنسي نص المادة (1122).
وإذن فما حكم القانون المصري في الاتفاقات المنشئة للحقوق والالتزامات المتعلقة بالأموال في حق الخلف الخاص؟
33 – قد أوجب القانون على البائع في المواد 285/ 387 وما بعدها تسليم المبيع شاملاً لجميع ما يعد من ملحقاته الضرورية حسب جنس المبيع وقصد المتعاقدين، وأمر في المادة 348/ 434 في بيع الديون والحوالة باتباع الأصول العامة المقررة في باب البيع والقواعد الخاصة المبينة في المواد 349/ 435 وما بعدها، وبين أحكام انتقال الحقوق العينية في حق المتعاقدين وفي حق غيرهم بقانون التسجيل.
34 – وإذن فالمال الحاصل فيه التصرف إما أن يكون دينًا أو عينًا، والاتفاق المعقود بشأنه إما أن يكون منشئًا حقًا شخصيًا أو عينيًا أو التزامًا كذلك.
35 – فإن كان الحق دينًا نقل بنحو بيع أو حوالة انتقل بما كان له على ملك البائع أو المحيل من وصف، إذ الغالب أن يكون المراد مما يعقده الدائن مع مدينه من الاتفاقات متعلقًا بالدين، زيادةً أو نقصًا في حقوقه ومزاياه أو تقيدًا بنحو شرط أو أجل، وكل ذلك مما يصبح وصفًا للدين لا ينفك عنه أو ملحقًا من ملحقاته الضرورية ينتقل به ضرورة انتقال الموصوف بأوصافه، وإذن فما يكتسبه الدائن لدينه من تأمين وكفالة، وما يتقيد فيه من أجل أو شرط أو قبض أو حط أو إسقاط يكون لخلفه، وما كان للمحيل من دعوى تتعلق بهذا الدين وله منها ميزة تفيده في ثبوته أو الوفاء به ينتقل كذلك لخلفه [(26)] ويكون للمدين على المحتال كل ما اكتسبه من الدائن من قيد أو شرط أو عدم مطالبة أو دفع أو إسقاط لجريانه مجرى الأوصاف السلبية للدين.
36 – أما إذا كان المال عينًا فكذلك ينتقل للخلف بجميع حقوقه ومزاياه التي تجري منه مجرى الأوصاف والملحقات حسب طبيعة وغرض المتعاقدين، مع مراعاة قواعد التسجيل والقيد فيما وجب حفظه بهما للاحتجاج به على المتعاقدين وغيرهم، وإذن:
1/ فللخلف الحق فيما اكتسبه سلفه للمال من الحقوق العينية بالاتفاقات المنشئة لها.
2/ وفيما اكتسبه له من الحقوق الشخصية التي تعد ملحقة به حسب طبيعة أو غرض المتعاقدين.
3/ وعليه احترام ما رتبه القانون من التكاليف العينية وما أوجبه سلفه منها بالطرق والأوضاع والقيود المعروفة لإنشائها وحفظها والاحتجاج بها.
4/ وليس له الحق فيما اكتسبه سلفه من الحقوق الشخصية المتعلقة بالمال ولم تبلغ منه مبلغ التابع من المتبوع.
5/ وليس عليه احترام ما التزم به سلفه من الالتزامات الشخصية المتعلقة بالمال ما دام لا يصح اعتبارها حقوق ارتفاق عينية.
أما الاحتجاج من الخلف أو عليه بالاتفاقات المنشئة حقوقًا أو التزامات عينية متعلقة بالعقار، فلأنها اتفاقات ألحقت بالملك زيادةً أو نقصًا أو تعديلاً فحددته في انتقاله له من السلف، ولهذا ينقل القانون الحقوق والالتزامات العينية إلى الخلفاء عن أسلافهم ما توالى النقل إيجابًا أو سلبًا.
وأما احتجاجه بالاتفاقات المنشئة حقوقًا شخصية يمكن اعتبارها توابع للمال حسب جنسه ونية المتعاقدين، فلأن القانون نقل له المال بتوابعه وملحقاته.
وأما ما لم يكن كذلك من الاتفاقات مما كان محله حقًا شخصيًا لا يتعلق بالمال أو يتعلق به ولكنه لم يجرِ منه مجرى التوابع أو كان محله التزامًا فلا وجه للاحتجاج منه أو عليه.
37 – وعلى هذا:
( أ ) يكون للمشتري الحق في مباشرة واستعمال جميع حقوق الارتفاق المقررة للعقار المبيع.
(ب) وينتقل له العقار بما وجب عليه من التكاليف المقررة في القانون العام أو في القوانين الخاصة كقانون التنظيم وقانون الترع والجسور كمنع الملاك المجاورين للقلاع وللسكك الحديد من البناء على مسافة معينة وكترك ما يلزم من الملك للمنفعة العامة بغير تعويض – وكذلك ينتقل مقيدًا بما استبقاه البائع لنفسه من حقوق الملك كحقه في الانتفاع به مدة حياته أو مدةٍ ما، وبما قرره لغيره من حق انتفاع أو ارتفاق مرتب على الأفعال أو العقود، وبما رتبه من رهن أو اختصاص أو امتياز وبالجملة ينتقل العقار للمشتري على نحو ما كان يملكه البائع زائدًا عليه حقوق الارتفاق الإيجابية وناقصًا منه ما استبقاه لنفسه أو تصرف فيه للغير من حقوق الملك وما رتبه من حق انتفاع أو ارتفاق أو حق آخر من الحقوق العينية.
(جـ) وينتقل للمشتري كل حق شخصي جرى العرف أو دلت نية المتعاقدين على اعتباره تابعًا من توابع المبيع فللمشتري حق تضمين البائع لبائعه عند الاستحقاق، ولمشتري محل التجارة حق منع بائعه من الاستمرار على تجارته في محل آخر يفتحه قريبًا من المحل المبيع، ولمشتري امتياز الطبع تضمين البائع إذا طبع المؤلف قبل نفاذ نسخ الطبعة الأولى، ولمشتري المصنع أن يلزم من التزم لبائعه الكف عن التجارة أو الصناعة مدةٍ ما أو في بلدٍ ما – إذا دلت نية المتعاقدين على انعقاد الرغبة في توفير سبب من أسباب التقدم للمصنع ومنع المزاحمة عنه واعتبار ذلك ميزة له تلحق به وتكون من توابعه وأوصافه كما ذهبت إلى ذلك بعض المحاكم الفرنسية في بعض الحوادث.
(د) ولا ينتقل للمشتري كل حق شخصي اكتسبه البائع ولا يمكن اعتباره من توابع المبيع أو ملحقاته بحسب طبيعته ونية المتعاقدين كما ذهبت إليه محكمة ديوي في الحادثة الآتية: باع أحد ملاك أراضي البناء قطعة منها لآخر مشترطًا عليه أن يترك بغير بناء أربعة أمتار على طول أحد جوانبها وملتزمًا له إذا باع القطع الأخرى أن يلزم مشتريها بمثل ذلك فيما يشترون، ثم باع هذا المشتري لثانٍ مجهلاً عليه هذا الالتزام: لم يخبره به ولم يعلنه له في عقد البيع، وباع مالك الأرض ما بقي له من أجزاء بغير أن يلزم المشترين بترك البناء على المسافة المذكورة فحكمت محكمة ديوي برفض دعوى التعويض التي رفعها المشتري الأخير للقطعة الأولى على مالك الأرض يضمنه فيها ما أصابه من الضرر بسبب عدم وفائه بما التزمه للمشتري الأول من إلزام من يشتري منه بترك بعض الملك بغير بناء، آخذةً في ذلك بأن هذا الالتزام شخصي لم يلتحق بالمبيع فينتقل معه [(27)].
(هـ) ولا ينتقل للمشتري ما التزمه بائعه من الالتزامات الشخصية ولو تعلقت بالمبيع، فليس لمن وعده البائع ببيع عقاره بثمن معين بالأفضلية على غيره أن يلزم مشتريه بالوفاء له بهذا الالتزام [(28)] وليس لمن رفع دعوى إبطال التصرفات أن يوجهها على المشتري الثاني باعتباره خليفة المشتري الأول مكتفيًا بما توافر له من شروط نجاحها على المشتري الأول بل يجب عليه أن يستكمل شروط نجاحها في حق المشتري الثاني لأنه لا يخلف بائعه فيما وجب عليه من رد المال إلى ملك المدين [(29)].
وليس على من اشترى العقار بمنافذه المفتوحة على ملك الجار أن يدفع الأجرة التي التزمها بائعه لهذا الجار، وليس على من اشترى حانوتًا لقصاب التزم مع المحترفين بالقصابة معه في بلد على عدم فتح محلاتهم يوم الأحد من كل أسبوع، أن يفي لهم كبائعه بعدم فتح حانوته بحكم خلافته على المبيع، وليس على من اشترى عقارًا وهب لبائعه على أن يقوم بنفقة الواهب أو خدمته قضاء شيء من ذلك، ومن اشترى عقارًا مرتبًا له حق ارتفاق عيني متبوع بتعويض جزائي على صاحب العقار المرتفق عليه فله حق المطالبة بالتعويض، أما مشتري العقار المرتفق عليه فلا يكون ملزمًا بهذا التعويض، لأنه حق تابع في الصورة الأولى والتزام شخصي في الصورة الثانية.
38 – ولا يفوتك أن تلاحظ أن المشتري قد يضطر إلى الوفاء بما التزمه البائع استبقاءً للمبيع على ملكه: فالحائز لعقار مرهون مضطر إلى دفع دين المرتهن إذا لم يتبع قواعد افتكاك الرهن أو التخلية، والمشتري من مشترٍ مدين لبائعه بالثمن أو بعضه مضطر إلى سداد ما بقي من ثمن اتقاءً لدعوى الفسخ واستبقاءً للملك، وهما في الحالين لا يصح اعتبارهما ملزمين بالتزام انتقل مع الملك بالتصرف الناقل له، وإنما حيازتهما هي التي اضطرتهما إلى الوفاء.
39 – حكم انتقال الحقوق والالتزامات المتقابلة: فرضنا فيما تقدم الحقوق المستحدثة والالتزامات المنشأة كلاً على انفراده، وذكرنا حكم انتقال كل منها، فما حكم انتقالها مجتمعة في عقد من عقود المعاوضة يكون فيها كل من المتعاقدين له حق وعليه واجب؟ فإذا جاز للبائع أن يحيل بالثمن وللمؤجر أن يتنازل عن الأجرة، فهل يمكن للبائع أو للمؤجر أن ينقل جميع حقوقه والتزاماته جملةً؟ وبعبارة أخرى هل يمكن اعتبار الحقوق والالتزامات المتعلقة بالمال مالاً بمعنى كلي ينتقل بالطرق والأوضاع المعروفة؟
القانون لا يبيح انتقال الالتزامات وإن كان المرغوب فيه أن يكون ميسورًا ما لم يكن ضارًا بالدائن فمن آل إليه الحق يستطيع المطالبة به إذا أوفى لغريمه بما يقابله من التزام.
فمشتري المصنع أو محل التجارة لا يكون ملزمًا بما عقده بائعه من عقود الاستخدام إلا إذا التزم نفاذها حين شرائه فإن لم يلتزمه فلا تلزمه ولا سبيل لإنفاذها على مستخدميه حينئذٍ إلا أن يفي لهم بالتزامات بائعه.
3 – تطبيق نظرية الاستخلاف ونظرية النقل على عقد الإجارة عند بيع العين المستأجرة
40 – في القانون الفرنسي: إذا كان العمل بالأصول السابقة ميسورًا فيما يشبه البيع من عقود المعاوضة التي يمكن أن يطالب فيها كل من المتعاقدين بجميع حقوقه جملةً، فمن الصعب تخريج نفاذ عقد الإجارة في حق مشتري العين المستأجرة على تلك الأصول، لأن المستحق للمستأجر بالعقد هو المنافع المتجددة التي تحدث على ملك المؤجر، والمستحق للمؤجر هو الأجرة الواجبة على ملك المستأجر، فإذا قلت إن للمشتري الخيار بين أن يأبى الخلافة في الواجبات فلا يكون له حق مطالبة المستأجر بما له من حقوق الإجارة، وبين أن يرى المضي في العقد فيقوم للمستأجر بما على بائعه من التزامات ويطالب بما له من حقوق، وجب أن يعطي للمستأجر هذا الخيار في نفاذ العقد له وعليه وإذن يكون اختلافهما في الخيار موضع خصام في كل آنٍ يتجدد فيه العقد بتجدد منافعه.
41 – لهذا كان البيع فاسخًا للإجارة في الفقه الإسلامي على مذهب أبي حنيفة إذ قالوا: إن المستحق بالعقد هو المنافع المتجددة على ملك المؤجر والأجرة المتجددة على ملك المستأجر، وما دامت الرقبة تنتقل بالبيع إلى المشتري، وبالإرث إلى الوارث فليس للمستأجر أن يلزمهما بتمكينه من الانتفاع بما تجدد على ملكهما من المنافع.
وكذلك كان البيع يفسخ الإجارة في الفقه الروماني ولكن فقهاءه على ما يظهر من المأثور عنهم تحايلوا في إنفاذها على المشتري والمستأجر بتنازلين من البائع أحدهما للمشتري حين الشراء عن دعوى الإجارة action (locati) ليلزم المستأجر بنفاذ الإجارة، والثاني للمستأجر عن دعوى البيع action (venditi) ليلزم المشتري باحترام عقد الإجارة وتنفيذه، ثم دخل هذا الاشتراط في العرف حتى استقر وأصبح عرفًا فعليًا له قوة المشروط شرطًا، وكانوا يعللون نفاذ حكم الإجارة على المشتري فيقولون إن المستأجر بقبوله الاستئجار قد وكل المؤجر في اشتراط نفاذ الإجارة على المشتري حين الشراء [(30)] وبهذا جرى العرف قديمًا في فرنسا.
42 – ولعل الشارع الفرنسي أدرك شيوع استغلال الأملاك بالتأجير ولاحظ ما يعتري مصالح الملاك والمستأجرين من الضرر إذا أجرى على عقود الإجارة أصله في جواز الاستخلاف على الحقوق دون الواجبات فقال في نص المادة (1743) من القانون المدني (إذا بيع الشيء المستأجر فليس للمشتري أن يخرج من استأجره بعقد مسجل أو ثابت التاريخ رسميًا إلا إذا احتفظ المؤجر في عقد الإجارة بحقه في إخراجه).
43 – والفقهاء الفرنسيون في هذا النص يتفقون ويختلفون: يتفقون في أنه جاء على خلاف القياس إذ القياس – وحق المستأجر شخصي والواجبات التي التزمها البائع له شخصية – أن يكون للمشتري الخيار بين أن يأبى الخلافة في الواجبات فلا يكون له حق مطالبة المستأجر بما له من حقوق في الإجارة، وبين أن يرى المضي في عقد الإجارة فيقوم بما على بائعه من التزامات ويطالب بما له من حقوق.
44 – ويختلفون فيرى أوبري ورو – قياسًا على أصلهما وهو عدم الاستخلاف على الواجبات إلا إذا كان الاتفاق المنشئ لها ينقص أو يعدل حق العاقد في المال المستخلف – أن عقد الإجارة لا يصح اعتباره قد أنقص ملك البائع حيث لم ينتزع به للمستأجر شيئًا من حقوقه العينية وإنما هو في الواقع قد قيد به استعمال حقه المطلق بالتنازل له عن بعض منافع الملك مدةٍ ما ولهذا يحتمان الوقوف في تفسير المادة (1743) عند نصها، فكانت لا تفيد عندهما إلا إلزام المشتري بعدم إخراج المستأجر من العين المستأجرة إذا كان عقد الإجارة مسجلاً أو ثابت التاريخ [(31)] وإذن فلا يكون ملزمًا بما عدا ذلك من التزامات الإجارة كالتسليم والترميمات التأجيرية ونحوهما، وليس له بغير نص خاص في عقد شرائه يوجب عليه نفاذ الإجارة، أن يلزم المستأجر بنفاذها ولو كانت مسجلة أو ثابتة التاريخ، وليس له أن يخرج المستأجر إلا إذا احتفظ بشرط الإخراج في عقد الإجارة [(32)].
45 – ويحسب الذين رأوا بنص المادة (1122) مظنة قانونية مفيدة لحكم الاستخلاف على الحقوق، أن الشارع جريًا مع العرف الفعلي قدر وقوع الشراء على حكم بقاء الإجارة إذا كان عقدها مسجلاً أو ثابت التاريخ، فالإجارة عندهم نافذة بين المستأجر والمشتري نفاذها بينه وبين البائع، وبهذا يكون المستأجر دائنًا لهما في جميع التزاماتها إلا أن يصدر منه ما يدل على رغبته في قصر المعاملة على المشتري دون البائع.
46 – ويرى بودري – وهو من أنصار نظرية النقل – أن الشارع قصد من المادة (1743) أن يكون للمستأجر حق الاحتجاج على المشتري بعقده المسجل أو الثابت التاريخ، فأوجب بقاءه في العين المستأجرة بمنع المشتري عن إخراجه منها وأن ليس من المعقول أن يكون هذا الواجب قاصرًا على ترك المستأجر منتفعًا بالعين بعد استلامها بل يجب عليه أن يسلمها إليه، ومتى وجب عليه التسليم وجب عليه الترميمات التأجيرية الواجبة على كل مؤجر قبل البدء في تنفيذ الإجارة وهكذا يستنتج، من طريق دلالة النص أو اقتضائه، إلزام المشتري بجميع التزامات المؤجر [(33)]، وإذا حفظ المؤجر لنفسه في عقد الإجارة حق فسخها بالبيع كان الخيار في الفسخ وعدمه للمشتري بغير حاجة إلى النص على ذلك في عقد البيع وليس للمستأجر إجباره على الفسخ لوقوع الشرط في مصلحته أما إذا شرط الفسخ في عقد البيع أو في ورقة لاحقة به فلا ينفذ على المستأجر [(34)] وربما يكون الأجدر ببودري، وهو ممن رأوا في نظرية نقل الحقوق غنى عن نظرية الاستخلاف أن يقف عند ظاهر نص المادة (1743) التي جاءت على خلاف أصله بتجويز نقل الالتزامات من ذمة إلى ذمة وألا يسترسل في الأخذ بدلالة الإشارة فيجعل للمستأجر حقًا على المشتري في إلزامه بترميم العين المستأجرة حتى عند آبائه قبض الأجرة منه.
47 – في القانون المصري: ولقد جاء نص المادة 389/ 474 مدني أوفى بالغرض وأقطع في الدلالة فصرح بأن بيع العين المستأجرة يفسخ إجارتها مستثنيًا حكم الإجارة التي لها تاريخ ثابت رسمي سابق على تاريخ البيع، فجعل لها بالاستثناء حكمًا مخالفًا لحكم المستثنى فكان حكمها النفاذ على المشتري والمستأجر على السواء.
ولعل الشارع المصري لاحظ أهمية استغلال الأملاك بالتأجير وما يكون بين الملاك والمستأجرين من التزامات متقابلة تتعلق بالعين المستأجرة، وخشي على هذه الالتزامات، وهي شخصية، أن تسقط وتزول عند انتقال العين بالعقود الناقلة لملكيتها فقرر تبعيتها لها إذا كان الإجارة ثابتة التاريخ وأجاز نقلها معها على أنها من أوصافها مخالفًا بذلك أصله المانع لنقل الالتزامات الشخصية من ذمة إلى ذمة، أو لعله لاحظ أن عقد الإجارة ليس من قبيل التصرفات الواردة على ذوات الأعيان بل هو من التصرفات الواردة على المنافع والمعتبرة من أعمال الإدارة فاعتبر البائع وهو يؤجر ما يملكه مأذونًا من جهة الشارع في تأجيره إجارة بعيدة عن الغش لمصلحته وخلفائه، وبهذا المعنى أوجب على البائع وفائيًا عند استرداده العين المبيعة خالية من كل حق عيني احترام ما عقده المشتري من عقود الإجارة وكان القياس فسخها [(35)].
4 – كيف يستطيع المتعاقدان جعل الالتزامات قابلة للنقل إلى الخلف بسبب خاص
48 – لعلك عند شرحنا نظرية الاستخلاف ونظرية النقل، قد خطر ببالك أن المتعاقدين قد يتذرعان ببعض الوسائل القانونية لإيجاب ما التزمه العاقد من الالتزامات الشخصية على خلفه، ولعلك عند إيرادنا ما استثناه أوبري ورو من حكم عدم الاستخلاف على الواجبات وما ذكرناه شرحًا لغامضه قد لاحظت أن من يلتزم التزامًا في عقد يستطيع تعليق فسخ العقد على عدم الوفاء بالالتزام فيكون الخلف بين أن يفي به أو يفسخ العقد نزولاً على حكم الشرط الفاسخ – ولعلك عند ذكر الاستخلاف على الالتزامات العينية وعند الكلام على نقلها باعتبارها أوصافًا للعقار رأيت أن المتعاقدين يستطيعان إفراغ الالتزام في قالب حق ارتفاق عيني ينتقل مع العقار تبعًا باعتباره من ملحقاته الضرورية.
49 – لكن لا يخفى عليك أن التذرع بالطريقة الأولى غير ميسور إلا عند إنشاء العقد الناقل للملك حيث يمكن تعليق فسخه على عدم الوفاء بالالتزام، والوفاء لا يقع عندئذٍ مقصودًا لذاته بل اتقاءً للفسخ المحتوم وقد يهون فسخ العقد على الملتزم بل ربما تعجله بعدم الوفاء.
50 – وكذلك التذرع بجعل الالتزام تكليفًا ارتفاقيًا غير ميسور دائمًا: إما لأن المال من المنقولات فلا سبيل إلى جعل الالتزام المتعلق به ارتفاقًا، وإما لأن الالتزام بطبيعته لا يمكن اعتباره تكليفًا مقررًا على عقار لمنفعة عقار آخر: فحق الاصطياد والاحتطاب والاحتشاش من الحقوق التي يقع الالتزام بها في الغالب لمنفعة شخصية ويندر أن يقع مقصودًا به تقرير صلة ارتفاق بين عقارين [(36)].
51 – أما حق الاحتطاب في أرض بقدر ما يحتاجه منزل ما من الوقود فقد جرى العرف في فرنسا على اعتباره حق ارتفاق عقاري إذا تبين أن مقصود المتعاقدين رفع قيمته الاقتصادية بتدبير حاجته من الوقود على الدوام والاستمرار.
وأما حق الطحن فقد اعتبره القضاء الفرنسي تكليفًا بارتفاق عقاري في قضية احتفظ فيها بائع الطاحون بحقه في طحن ما يلزم لمنزله على الدوام والاستمرار بغير أجر [(37)] واعتبره التزامًا شخصيًا في قضية التزم فيها مالك الطاحون أن يطحن لآخر الحبوب اللازمة لمنزله على الدوام والاستمرار [(38)].
52 – وأما الالتزام بالكف عن العمل منعًا للمزاحمة التجارية أو الصناعية فلا يمكن اعتباره تكليفًا بارتفاق عقاري، ذلك لأن بيع محل التجارة ينقل إلى المشتري ميزة ما التزم به الغير للبائع من عدم المزاحمة إما على اعتباره خليفة له فيما ناله من حق كما يقول أصحاب نظرية الاستخلاف وإما على اعتبارها من ملحقاته وتوابعه كما يقول أنصار نظرية النقل، وهذا الالتزام من جانب الملتزم شخصي لا ينتقل إلى خلفائه في النظريتين.
وإذن فلا يمكن التفكير في اعتباره تكليفًا بارتفاق عقاري إلا إذا كان للمعقود له الالتزام مصنعان يستبقي لنفسه أحدهما ويبيع الآخر مشترطًا على المشتري الكف عن العمل مدة ما كيلا يزاحمه وفي هذه الصورة تكون المنفعة عائدة على البائع لا على مصنعه [(39)].
وكذلك رأت محكمة نانت الابتدائية في قضية قامت بشأن شركة باعت أرضًا لبناء نزل (أوتيل) والتزمت لمشتريها أن تلزم من تبيعه ما جاورها من القطع الأخرى، الامتناع عن إقامة نزل آخر ولكنها باعتها لمن خالف وبنى النزل، فحكمت في 11 ديسمبر سنة 1902 بأن الالتزام شخصي وقع لمصلحة صاحب النزل الأول وبنية حمايته من المزاحمة وأيدتها في هذا النظر محكمة باريس ثم محكمة النقض في 17 نوفمبر سنة 1908 [(40)].
53 – وقد أمكن للقضاء الفرنسي في بعض الحوادث أن يعتبر الالتزام تكليفًا مقررًا على عقار لمنفعة عقار آخر فقضت محكمة استئناف ديبوي في 12 مارس سنة 1900 بأن التزام مالك المنزل المجاور للكنيسة بعدم إقامته هو وخلفاؤه على الدوام والاستمرار حفلات أو ليالٍ راقصة فيه هو تقرير حق ارتفاق للكنيسة عليه [(41)].
وقضت محكمة النقض بأن الالتزام الوارد في شروط بيع بعض الأراضي متضمنًا تحريم استخراج الجبس والجير منها وعمل الطوب فيها وإقامة ما يلزم لذلك من الأفران والأدوات فيها لمنفعة قطع أخرى أعدت لذلك هو تقرير لحق ارتفاق على عقار لمنفعة عقار آخر [(42)].
وحكمت محكمة استئناف باريس في 27 مارس سنة 1924 بهدم عمارة عظيمة بناها صاحبها للاستغلال، على قطعة من أرض أُعدت لبناء مساكن ريف ونزهة بشروط وقيود خاصة، مخالفًا في بنائها ما التزمه المشترون من عدم إقامة محلات للتجارة أو الصناعة أو محلات عمومية تقلق الراحة وتحدث الضوضاء، وأخذت المحكمة في ذلك بما اتضح لها من صيغة الالتزام الواردة في عقود البيع الدالة بنصها على تقرير هذا التكليف العقاري لمصلحة باقي القطع على القطعة المبيعة [(43)].
ولكن محكمة بروكسل في أول مارس سنة 1909 قضت على الضد من ذلك في قضية مشابهة ورد فيها الالتزام بصيغة النهي عن إقامة محلات مقلقة للراحة أو مضرة بالصحة [(44)].
54 – ولا تحسبن ما تراه من تناقض هذه الأحكام يرجع إلى خلاف فقهي وإنما هو راجع إلى ظروف كل قضية وطبيعة الالتزام فيها وصيغته التي ورد بها، وعلى اختلافها اختلف القضاء، إذ الفقه والقضاء مجمعان على أن الالتزام الشخصي لا ينتقل للخلف وأن التكليف الارتفاقي هو الذي ينتقل تبعًا للعقارين المرتفق والمرتفق به وأن الارتفاق لا يظهر إلا إذا كان التكليف مقررًا على عقار لمصلحة عقار آخر، وقد يكون الفرق بينهما من الدقة في بعض الصور بحيث يشتبه الأمر على الناظر فيعتبر الالتزام ارتفاقًا والارتفاق التزامًا.
55 – اعتبر ذلك في القضيتين الآتيتين أقيمت إحداهما أمام المحاكم الفرنسية والثانية أمام المحاكم المختلطة.
تتلخص وقائع الأولى في أن شركة مونت فرماي قسمت أرضًا للبناء واستبقت على ملكها ما أنشأت لها من طرق وميادين ثم عرضتها للبيع معلنة أنها تحتفظ بهذه الطرق والميادين وعليها تمهيدها ورصفها وكنسها ورشها وإنارتها مقابل أجر يتناسب مع مقدار كل بيع من الأرض وثمنه، فباعت الكثير منها واستمرت على القيام بهذه المهمة إلى أن رفع بعض المشترين دعوى فسخ هذا الالتزام باعتباره التزامًا شخصيًا ولغير مدة فقضت محكمة استئناف باريس بحكم أيدته محكمة النقض بتاريخ 5 مايو سنة 1919 برفض الدعوى، آخذةً بأن التزام الشركة بتخطيط الشوارع والميادين وكنسها ورشها وإنارتها مع استبقاء ملكيتها لها هو تقرير تكليف عقاري عليها لعموم الأرض، ولا يقدح في اعتباره كذلك أن يلتزم ملاك العقارات المرتفقة دفع أجر يتناسب مع مقادير أرضها وثمنها لأن القانون لا يمنع الاتفاق مع صاحب العقار المرتفق على التزامه بدفع مصاريف ارتفاق في هذه الصورة [(45)].
وربما أدى هذا القضاء إلى ترك الشركة ملك الشوارع والميادين لأصحاب هذه الأجزاء المبيعة إذا زادت نفقاتها عما تتقاضاه منهم كما يتخلى صاحب العقار المرتفق به إذا ثقل عليه ما التزمه من المصاريف [(46)].
56 – وتتلخص وقائع القضية الثانية في أن شركة أراضي الجزيرة أعدت أرضًا لإنشاء حي صحي فقسمتها أجزاء وعرضتها للبيع وكانت تلزم كل مشترٍ لجزء منها ألا يقيم عليها إلا بناءً واحدًا وأن يترك فضاء لا يقل عن خمسة عشر مترًا بين ما يقيمه من البناء والجزء المجاور له إلى غير ذلك من الالتزامات وتنص في كل عقد على أنها تعتبر هذه القيود أساسية للبيع وأن لها الحق في إلزام المشترين وخلفائهم باحترامها ومطالبة من يخالفها منهم بهدم ما يبنى على مصاريفه وتضمينهم في مخالفتها.
فخالف أحد المشترين هذه الشروط بإقامة بناءين في جزء واحد فطلب جاره هدم البناء بدعوى رفعها إلى محكمة مصر المختلطة فدفع المدعى عليه بأن لا صفة لمدعيها فحكمت محكمة مصر في 22 مايو سنة 1924 برفض الدفع وحكمت محكمة الاستئناف بإلغاء هذا الحكم وقبول الدفع في أول إبريل سنة 1926 [(47)].
57 – لاحظت محكمة مصر أن الشركة في اشتراطها هذه الشروط في كل عقد من عقود البيع ما كانت تعمل لمصلحتها فحسب بل كانت تعمل لمصلحة كل مشترٍ يشتري منها، وأن جميع المشترين بالتزامهم لها قد أراد كل منهم أن يكون ملزمًا لغيره على التقابل، وأنهم ما كانوا يقبلون على الشراء لو علموا بالتزامها لمصلحة الشركة دون مصلحتهم فتنتهي بانتهائها.
لاحظت المحكمة ذلك فترجح لديها أنها حقوق ارتفاق مقررة على كل جزء لباقي الأجزاء فكان لكل مشترٍ أن يلزم الآخر باحترامها ولهذا حكمت برفض الدفع.
لكن محكمة الاستئناف المختلطة لم يفتها أن تعطي هذه الالتزامات وصفها الحق، نظرت إليها فرأت أنها تتعلق بما يجب أن يكون عليه البناء من حيث إقامته وارتفاعه وبعده عما جاوره فلا يمكن أن تكون حقوق ارتفاق ظاهرة يرتبها المالك بالإعداد إذ المعروف فقهًا أنه لا يستطيع إلا ترتيب حقوق الارتفاق الظاهرة المستمرة، ثم أعادت النظر فيما إذا كان يمكن اعتبارها حقوق ارتفاق رتبها العقد بالاتفاق فلاحظت أن كلمة (حق ارتفاق) لم ترد في عقود البيع الصادرة من الشركة، وأنها كما اشترطت هذه الالتزامات لها خاصة بنص صريح جعلت لنفسها الحق في إلزامهم بمراعاتها وبطلب هدم ما يقع من البناء مخالفًا لها فدل ذلك على أنها لم تقصد من اشتراطها إلا أن تأخذ عهدًا على المشترين بجميع ما التزموه، ثم أكدت المحكمة نظرها هذا بقولها إن الشركة لم تتعاقد مع جماعة المشترين بشروط عامة بل باعت لكل منهم بعقد منفصل ولم تلتزم له فيه بالتزامٍ ما فكانت صاحب هذا الحق دون غيرها إن شاءت طالبت به وإلا فلا، واستنتجت المحكمة من ذلك كله أن هذه الالتزامات شخصية لا تنتقل إلى خلفاء الشركة فحكمت بقبول الدفع وعدم قبول الدعوى.
58 – فانظر إلى القضاء الفرنسي كيف اعتبر شركة مونت فرماي – بإذاعتها شروط البيع على جماعة المشترين وباستبقاء ملكيتها لما خططته من الطرق والميادين والتزامها بتمهيدها ورصفها وكنسها ورشها وإنارتها – أنها قررت على ملكيتها حقوق ارتفاق لمنفعة ما اشتروه منها مجتمعين ومنفردين، وانظر إلى قضاء محكمة الاستئناف المختلطة كيف اعتبر شركة الجزيرة – لعدم تعاقدها مع جماعة المشترين والاكتفاء بأخذها لنفسها خاصة عهدًا من كل مشترٍ باتباع ما ألزمته به من قيود وشروط تتعلق بكيفية إقامة البناء وارتفاعه وبُعده عما جاوره – أنها لم تقرر حقوق ارتفاق عينية على كل جزء من أجزاء أرضها لمصلحة الأجزاء الأخرى.
59 – الآن وقد علمت أنك لا تستطيع جعل الالتزام ارتفاقًا عقاريًا إلا إذا أمكن قانونًا اعتباره حقًا عينيًا لعقار على آخر فهل من المستطاع نقل الالتزامات الشخصية التابعة للأموال بالاتفاق انتقال التكليف المقررة على العقار؟
لا شك في أن الناس أحرار فيما يتراضون عليه متعلقًا بأموالهم ما داموا غير مخالفين للنظام العام، ولا مانع من أن يقبل الدائن التزامًا متعلقًا بمال على أن يكون مدينه فيه من التزمه ثم من ينتقل له المال بعقد من العقود الناقلة للملك فيكون المدين بالالتزام في الواقع غير معين بذاته عند إنشاء المداينة وإنما هي المطالبة بالوفاء التي تعينه فيما بعد – وإذن فمتى باع الملتزم المال وألزم مشتريه بالوفاء في عقد الشراء انعقد الالتزام للدائن مباشرةً وكذلك إذا باع ولم يوجب الوفاء في عقد الشراء وعلم المشتري بالالتزام وأمكن إثبات رضائه الضمني به صح اعتباره مدينًا ووجب عليه الوفاء ولكنك لا تستطيع إلزام المشتري بهذا الالتزام، إذا لم يلتزمه حين الشراء أو لم يكن قد علم به وارتضاه صراحةً أو دلالةً.
ومع هذا فلا تزال بعض شركات التأمين في فرنسا توجب نفاذ شروطها على ورثة المؤمن ومن يهب له أو يوصي مضمنة هؤلاء جميعًا فيما استحق ويستحق دفعه من أقساط التأمين وهي تعلم أنها إذا استطاعت إلزام الورثة بالمضي في عقود التأمين فلن تستطيع إلزام من له الهبة أو الوصية بهذا الالتزام.
وقد ينظم أصحاب الطبقات في عمارة علائقهم الحيوية في الانتفاع بالسلم والبئر والسطح فيلتزمون الإنفاق عليها ويلزمون به من يخلفهم ولكنهم لا يستطيعون إنفاذه عليهم.
60 – وإذا التزم من تقبل الالتزام على نفسه وخلفائه في الحال أن يلزم به من يشتريه منه فإما أن يهمل أو لا يقبل مشتريه سعيه فيبقى الالتزام غير نافذ عليه (على المشتري) مضمونًا على الملتزم [(48)] إذ كان ينبغي ألا يهمل أو أن يمتنع عن البيع إلا لمن يرضى بنفاذ الالتزام، وأما أن يعلم المشتري بما التزمه البائع فيصعب اعتباره في القانونين الفرنسي والمصري راضيًا بالالتزام وإن كان القانون الألماني يعتبر الخلف ملزمًا بما على المال من التكاليف الشخصية إذا أُخبر بها عند نقله إليه [(49)]. وإذا قبل المشتري الالتزام صراحةً أو دلالةً أصبح ملزمًا به في القانونين الفرنسي والمصري إذا وقع قبوله لمصلحة صاحب الالتزام stipulation pour autrui وقد رضي هذا عند إنشائه أن يلزم به من التزمه له وخلفاءه.
وهكذا يتصل كل مشترٍ بصاحب الالتزام ويكون الاتفاق عليه بمثابة ضم ذمة مدين جديد إلى ذمة المدين الأصلي.
61 – ولا تنقطع الصلة بين صاحب الالتزام والملتزم إلا إذا كان المقصود أن يكون أي مشترٍ ملزمًا به وحده بالنص على ذلك في عقد الاتفاق الأصلي أو بعد نقل المال وإذن يكون مدينًا بذاته بدلاً من الملتزم (par novation) أو متنازلاً عن الدين(par cession de dette) عند من يجيزه من أمثال ساليه [(50)] وجودميت [(51)].
خاتمة
62 – ومن الحق أن نعترف بعد الذي قدمناه بأن القانونين الفرنسي والمصري لا يسمحان بانتقال الالتزامات الشخصية المتعلقة بالأموال انتقالاً آليًا بحكم القانون كما تنتقل الحقوق التي نزلت منها منزلة الملحقات والتوابع الضرورية، وأن المصلحة تحتم تدخل الشارع بتشريع جديد يوفق فيه بين مصلحة الخلف التي تستوجب ألا يلزم بما يجهله من التزامات شخصية تتعلق بالمال الذي نقل إليه ومصلحة ذوي الحقوق فيها المستوجبة لبقائها وانتقالها فيوجب انتقال الالتزامات بانتقال المال الذي تعلقت به على أن يضع لإعلانها وإذاعتها نظامًا من القيد أو التسجيل يكفل العلم بها – ولعل شارعنا يبادر بوضع هذا النظام فيما اتضحت المصلحة منه كالاتفاقات المنظمة للمعاملات الجوارية بين مالكي الطبقات المختلفة لبناء واحد أو مالكي المرافق المشتركة بين عقارات متعددة أو بين مالكي أراضي البناء تقسم أجزاء ويشترط لشرائها والبناء فيها شروط خاصة، ولعل حكم محكمة الاستئناف المختلطة السابق ذكره في هذا المقال على وجاهة ومتانة أسبابه يكون سببًا لوضع هذا النظام في القريب العاجل إن شاء الله.
حامد فهمي
المحامي
الزقازيق 17 يناير سنة 1928.
[(1)] راجع لارومبير جزء أول فقرة (4) على المادة (1122) ودمولومب جزء (24) فقرة (259) وهوك جزء (7) فقرة (55) وكولمت دي سانتير جزء (5) فقرة (34) مكررة.
[(2)] راجع بودري التزامات جزء أول ن 223 طبعة ثانية.
[(3)] راجع أوبري ورو جزء (2) طبعة خامسة صـ 98.
[(4)] هذا هو رأي تولييه ودلنكور ودورانتون وماركاديه وكولمت دوسانتير جزء خاص صـ 46 ولوران طبعة ثالثة جزء 16 صـ 12 وبوفنوار في كتابه propriété et contrat صـ 756 وهو رأي جمهور الفقهاء في بلجيكا أيضًا. راجع الباندكت البلجيكية جزء 11 صـ 1334 وجمهور الفقهاء الإيطاليين. راجع كتاب الأستاذ جورجي في نظرية الالتزامات جزء سادس صـ 410 طبعة سابعة، مع ملاحظة أن المادة (1127) مدني إيطالي المقابلة للمادة (1122) جاء بها لفظ contracter بدلاً من لفظ stipuler الذي كان محلاً للخلاف في فرنسا.
[(5)] أوبري ورو جزء (2) طبعة خامسة صـ 55 وكابيتان جزء (2) صـ 328 وبلانيول طبعة سابعة جزء (2) صـ 385.
[(6)] بودري جزء أول التزامات فقرة (225) وما بعدها طبعة 1906.
[(7)] د. د 900 – 2 – 476 وسيريه 84 – 2 – 40.
[(8)] د. د 65 – 1 – 425 وراجع أيضًا حكم محكمة ديجون وحكم النقض المنشورين في داللوز 69 – 1 – 366.
[(9)] راجع قاموس القانون التجاري لواضعه Roben de Couder لريبان دي كودير تحت كلمة التأمين ن (365).
[(10)] راجع الباسيكر يزي 37 – 2 – 131 و38 – 1 – 266 و66 – 2 – 61.
[(11)] راجع دالوز الدورية 1906 – 2 – 2 29 وسيريه 908 – 1 – 337 والمراجع الأخرى المذكورة في تعليق الأستاذ هيمار على هذا الحكم الأخير.
[(12)] د/ 1911 – 2 – 128.
[(13)] د – 1918 – 1 – 17.
[(14)] راجع داللوز الدورية 45 – 1 – 15 و913 – 2 – 57 و98 – 2 – 148.
[(15)] راجع بودري (أموال فقرة (583) الهامش نمرة (1)) وأوبري ورو جزء (2) المسألة (263) الهامش نمرة (5) وتالر فقرة (89) من وجيزة في القانون التجاري وليون كان فقرة (245) جزء ثالث وقارن لاكور فقرة (408) هامش نمرة (2).
[(16)] راجع الجزء الثاني الطبعة الخامسة صـ 103.
[(17)] راجع بلانيول جزء (2) طبعة سابعة صـ 385 فقرة (1179).
[(18)] داللوز 900 – 1 – 761.
[(19)] دمولولمب جزء (24) صـ 267.
[(20)] – د – 58 – 1 – 104.
[(21)] راجع بلانيول تعليقًا على الحكم المنشور في دالوز الدورية 97 – 3 – 476 وقارن بودري جزء (2) مجلد أول في الإجارة فقرة (2905) و(2906).
[(22)] وربما كان القياس على قول ليون كان ورينو وهما ممن يأخذون بلفظ Stipuler بمعنى دخل في المداينة دائنًا أو مدينًا أن يكون للمستخدمين حق إلزام المشتري بالمضي في عقود الاستخدام تطبيقًا للمادة (1122) (راجع جزء (3) فقرة (541) التي جاء فيها أنهما لا يظنان أن عقود الإجارة تنتهي ببيع محال التجارة).
[(23)] داللوز 83 – 2 – 93.
[(24)] داللوز 905 – 2 – 13.
[(25)] 54 – 77 مدني.
[(26)] راجع مقالنا في الشرائع السنة الرابعة صـ 283 وما بعدها.
[(27)] داللوز 89 – 1 – 307.
[(28)] راجع أوبري ورو صـ 103 من الجزء الثاني الطبعة الخامسة.
[(29)] راجع أوبري ورو صـ 103 و104 من الجزء الثاني الطبعة الخامسة.
[(30)] راجع صحيفة 287 جزء أول من كتاب الأستاذ هوك المسمى:
Traité théorique et pratique de la cession et de la transmission des créances.
[(31)] جزء خامس صـ 360 الهامش (32).
[(32)] راجع صـ 362 من الجزء المذكور الهامش (34).
[(33)] تراجع الفقرة (1312) و(1313) من كتاب الإجارة جزء أول الطبعة الثالثة، وجيوار فقرة (369) جزء أول ولوران الجزء (25) فقرة (392) وكولمت دي ساتير جزء (8) المسألة (189) مكررة نمرة (2)، وراجع الأحكام الكثيرة والمراجع المذكورة بصحيفة (361) من الجزء الخامس من أوبري ورو بالهامش.
[(34)] راجع بلانيول جزء (2) صـ 1347.
[(35)] المادة (345) مدني أهلي و(431) مدني مختلط و(1673) مدني فرنسي.
[(36)] راجع دالوز الدورية 91 – 1 – 891 وسيريه 1912 – 1 – 419 وكابيتان جزء أول طبعة رابعة سنة 1921 صـ 481.
[(37)] راجع حكم محكمة استئناف ريوم المؤرخ 2 أغسطس سنة 1873 وحكم محكمة النقض وتقرير المستشار برافورت في دالوز الدورية 75 – 1 – 372.
[(38)] راجع حكم محكمة استئناف بو في 16 يونيه سنة 1890 وتعليق الأستاذ ديبويسن (دالوز الدورية 91 – 2 – 185).
[(39)] راجع حكم محكمة استئناف أميان المؤرخ 19 فبراير سنة 1851 دالوز الدورية 51 – 2 – (109).
[(40)] راجع دالوز الدورية 908 – 1 – 460 وراجع في مثلها حكم محكمة ليل المؤرخ 31 يناير سنة 1896 المؤيد بحكم محكمة استئناف ديويه المؤرخ 10 أغسطس سنة 96 وبحكم النقض المؤرخ 17 نوفمبر سنة 98 دالوز الدورية 98 – 1 – 324.
[(41)] سيريه 904 – 2 – 130.
[(42)] راجع الجازيت عدد 13 يوليه سنة 1919.
[(43)] راجع مجلة دالوز الدورية الأسبوعية سنة 24 نمرة (21) صـ 398.
[(44)] راجع سيريه 909 – 4 – 15.
[(45)] دالوز الدورية 1919 – 1 – 124.
[(46)] راجع مجلة القانون المدني سنة 1920 صـ 360.
[(47)] راجع مجلة البلتان سنة 38 صـ 319 وجازيت المحاكم المختلطة المجلد (16) صـ 213 واقرأ بمعناه حكم محكمة مصر الابتدائية المؤرخ 31 مايو 1927 المنشور بمجلة كلية الحقوق بالعدد الأول من السنة الثانية صـ 85.
[(48)] راجع دالوز الدورية سنة 99 – 2 – 477.
[(49)] راجع كتاب الأستاذ جوديميت في التنازل عن الديون صـ 384.
[(50)] راجع ann. Du com 189 صـ 38 وما بعدها.
[(51)] راجع etude sur le transport des dettes صـ 538.
اترك تعليقاً