بحث قانوني و دراسة عن الاختصاصِ القضائي في الأنظمة
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد للهِ القاهرِ فوقَ عبادِهِ، قالَ فصدَق، وحكَمَ فعَدَل، وهو القويُّ العزِيز، القائِلِ في محكمِ كتابِه: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} والقائل { وتمت كلمة ربك صدقاً وعدلاً}([1]). وأُصلِّي وأُسلِّمُ علَى رسول الله ، محمدِ بن عبدِ الله، وعلى آله وصحبِه، ومن سارَ على دربِهِم في إِحْقاقِ الحقِّ وإِقْصاءِ البَاطِل، وسلَّمَ تَسْلِيماً مزيداً. أما بعد:
فَـ{لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ}([2]). وهذه المِنَنُ لا تزالُ تَتَوالَى علينا تَتْرَى مِن لَدُن بِعْثَتِه e. وإنَّ مِن أعْظَمِ المِنَنِ بعد الإيمان توفيق اللهُ العبدَ إلى الحُكْمِ بكتابِه وسنَّةِ نبِيِّهِ والتَّحاكُمِ إليهِما ؛ لِأَنَّ في ذلك سعادتَهُ وزكاتَهُ، ونجاتَهُ وفَلاحَهُ.
وإن من تمام هذه النعمة أن تكفل الله سبحانه بحفظ هذا الدين المنزل؛ وحياً مَتْلُواً، ألا وهو القرآن الكريم، وغير متلو ، وهو السنة النبوية المطهرة، فحفظ الله بحفظهما الشريعة الغراء التي جاءت منظمة لأمور حياة البشر قاطبة. لأن وظيفة الشريعة – كما قال الإمام الشاطبي رحمه الله : أن “تَحُدَّ للمكلفين حدوداً في أفعالهم، وأقوالهم، واعتقاداتهم”([3]). “فهي لم تغادر ناحية من نواحي الحياة إلا وقد نظمتها أروع تنظيم وأعدله بما يكفل مصالح الناس في دنياهم وأخراهم، وبما يشمل الأولين والآخرين، نظمت العلاقة بين الفرد وخالقه، وبين الفرد وأخيه، وبين الفرد والمجتمع والدولة، وبين الأمة المسلمة وسائر الأمم الأخرى في نطاق الحياة الدينية، والاجتماعية، والسياسية، وفي حال السلم والحرب، مما يعرفه الناس اليوم باسم القانون الدولي العام”([4]).
ودعائم الشريعة إنما تحفظ في الأرض، وتطبق تعاليمها، وتنفذ أحكامها على ما أراده الله ورسوله إذا وجد سلطان قائم لله بالقسط. “والقضاء عند الأمم رمز لسيادتها واستقلالها، والأمة التي لا قضاء فيها لا حق ولا عدل فيها، وتاريخ القضاء في كل أمة عنوان على مجدها، ودلالة على تطور العقل فيها، ونضوج التفكير، وتحديد مستواه الذي وصلت إليه”([5]) . يقول الإمام الثعالبي رحمه الله: “بالرأي تصلح الرعية، وبالعدل تملك البرية، مَنْ عَدَلَ في سلطانه استغنى عن أعوانه، مَنْ مال إلى الحق مال إليه الخلق، إذا رَعَيْتَ فاعْدِل، فالعدل يُصلِحُ الرعية”([6]).
ولقد حرص ولاة الأمر وفقّهم الله على ترسيخ وحدة هذه الدولة بتحكيم كتاب الله وسنة نبيه e وجعله الدستور لنظام الحياة إذ بذلك تتحقق مصالح العباد والبلاد. فأوجدت القوانين المنظمة لكيفية السير في القضايا وطرق العمل بها تحت مظلة الدين الحنيف لتصل به الأمة إلى حفظ الحقوق وإقامة العدل وصيانة العقود والعهود. وما هذا البحثُ المعنون له بـ “الاختصاصُ القضائِيّ في الأنظمة” إلا محاولةٌ لإبرازِ امتدادِ تِلكَ الجُهُودِ المُتَضَافِرَةِ، والمَسَاعِي الحَثِيثَةِ المُتَتَالِيَةِ المُتَوَالِيَّةِ المتسقة.
وموضوعُ “الاختصاص القضائي”من أهمِّ موضوعاتِ هذه الأنظمةِ وأرفعِهَا، عَرَفَهُ المُتَقَدِّمُونَ وعَمِلُوا به. وهذا الموضوعُ يُمْكِنُ طَرْقُهُ مِنْ عِدَّةِ جَوَانِب، لَكِنْ تَقْدِيراً لِلْحُدُودِ المَضْرُوبَةِ للبحثِ ، ووفاءً – قدرَ الإمكانِ – بالمُوَاصفَاتِ الْعِلْمِيَّةِ المَنْشُودةِ فيهِ، وقد سلكت فيه طريق الاِخْتصارِ غيرِ المُخِلّ مع مراعاةِ المَنْهَجِيَّةِ والمَوْضُوعِيَّة.
خطة البحث
إنَّ مِمَا تَقْتَضِيهِ المَنْهجيةُ في البحثِ بهذا الحَجْمِ أنْ يُقَسَّمَ إلى فصولٍ، ومباحثَ، ومطالبَ؛ لذا عَمِدتُّ إلى ذلك، فجعَلْتُه في مقدمةٍ، وفصلينِ، وخاتمةٍٍٍٍ.
وفيما يلي تفصيلُ ذلك :-
أما المقدمةُ فتشتمل على التوطِئَة، وخطةِ البحث.
وأما الفصلان، فهما:
الفصل الأول: ماهية الاختصاصِ القضائي في الأنظمة، ومشروعيته،ونشأته،
وفيه خمسةُ مباحث:
المبحث الأول: تعريف “الاختصاص القضائي في الأنظمة” باعتبارِ مفرداتِه، وفيه ثلاثة مطالب:-
المطلب الأول: في تعريفِ الاختصاص
أ – الاختصاص في اللغة.
ب – الاختصاص في الاصطلاح.
المطلب الثاني: في تعريفِ القضاء.
أ – القضاء في اللغة.
ب – القضاء في الاصطلاح.
المطلب الثالث: في تعريفِ النظام.
أ – النظام في اللغة.
ب – النظام في الاصطلاح.
المبحث الثاني: تعريفُ “الاختصاص القضائي في الأنظمة” باعتباره عَلَماً.
المبحث الثالث: مشروعيةُ الاختصاصِ في القضاء.
المبحث الرابع: نشأةُ الاختصاصِ القضائِي .
المبحث الخامس: نبذةٌ عن الاختصاص القضائي في النظام .
الفصل الثاني: في الكلام عن أنواع الاختصاص القضائي في الأنظمة
وفيه ستة مباحث :-
المبحث الأول: الاختصاص الولائي في النظام.
المبحث الثاني: الاختصاص الدولي
المبحث الثالث : الاختصاص النوعي، والقيمي في النظام.
المبحث الرابع : الاختصاص المحلي أو المكاني في النظام.
المبحث الخامس: الاختصاص الزماني في النظام.
المبحث السادس : تنازع الاختصاص
الخاتمة : وفيها ذكر نتائج البحث التي توصلت إليها .
الفصل الأول
التصور العام عن الاختصاص القضائي في الأنظمة
وفيه خمسة مباحث
المبحث الأول
تعريف “الاختصاص القضائي في الأنظمة” باعتبار مفرداته
، وفيه ثلاثة مطالب :-
المطلب الأول :- تعريف الاختصاص
أ- الاختصاص في اللغة :
مأخوذ من مادة خَصَّ، تقول: اختصَّ فلان بكذا، إذا انفرد به دون غيره، واختصّه بالشيء، إذا خصه به وفضله واختاره واصطفاه، والتخصيص ضد التعميم([7]).
ب- الاختصاص في اصطلاح النظام القضائي:
“السلطة التي خولها القانون لمحكمة ما في الفصل في نزاع ما”([8]).
ت- مما سبق تتضح العلاقة الوثيقة بين المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي . فالاختصاص كما سلف يأتي بمعنى الانفراد والاصطفاء ونقيض التعميم. وهذا المعنى واضح وجلي في المعنى الاصطلاحي؛ حيث فيه انفراد هذه الجهة القضائية عن غيرها بهذه القضية لصفة وجدت فيها مما جعلها تختص بها دون سواها، لذا اختيرت لهذه المهمة والنوع، إذ الخصوصية كما جاء في معجم لغة الفقهاء([9]) لا تكون إلا لصفة توجد في شيء ولا توجد في غيره.
المطلب الثاني : في تعريف القضاء.
أ- القضاء في اللغة :
من مادة “قَضَيَ”، ويأتي في اللغة بمعان، منها: الحُكْمُ والفصل، تقول: قضيت بين الخصمين، وبمعنى: الأَمْر، قال الله سبحانه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانا}([10])، وبمعنى: الفراغ، تقول: قضى حاجته، وبمعنى: البيان، قال تعالى: {وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُه}([11])، وبمعنى: القَتْل، تقول ضربه فقضى عليه، وبمعنى: الأداء والانتهاء، تقول قضى دينه، وبمعنى: مات، تقول قضى فلان أي : مات حَتْفَ أَنْفِهِ من غير ضَرْبٍ ولا قَتْلٍ، وبمعنى: قدَّر وصَنَع([12]).
ب- وأما القضاء في الاصطلاح :
فقد تفاوتت عبارات المعرفين لذلك قرباً وبعدا ، وإن كانت كلها تدور حول معنى واحد ، وهو أن القضاء في الحقيقة هو فصل الخصومات، وقطع المنازعات بطرق مخصوصة، وإن قُيدت ذلك بقيود أو وضحت بإيضاحات لإخراجه عن معناه اللغوي، ومن هذه القيود: أن يكون هذا الفصل على سبيل الإلزام بواسطة الإخبار عن حكم الشارع في الوقائع المعروضة ([13]).
والتعريفات في غالبها لا تخلو من مأخذ وانتقاد، ويكفي أنها تقرب صورة المعرَّف به إلى الذِّهن.
ولعل أقرب هذه التعريفات وأجمعها: “مَنْصِبُ الفَصْلِ بين الناس في الخصومات حَسْماً لِلتَّداعِي، وقطعاً للتَّنَازُعِ، بالأحكام الشرعية المُتَلَقَّاةِ من الكتابِ والسنةِ”([14]).
وقد تميز هذا التعريف بذكر الغايةِ من القضاءِ، وأَداتِه، والجِهَةِ التي تقومُ به ([15]).
ث – والعلاقة بين المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي، هو أن لفظ القضاء وإن كان يأتي بمعان عدة في اللغة إلا أن المعنى المناسب للمعنى الاصطلاحي هو: الحكم والفصل، مع الأخذ في الاعتبار بعدم خلوه عن أكثر تلك المعاني؛ لأن القضاء فيه: معنى الانتهاء، والأمر، والبيان، ونحو ذلك.
المطلب الثالث : تعريف النظام .
أ- النظام في اللغة :
التأليف، وضم الشيء إلى الشيء، وكل شيء قرنته بآخر أو ضممت بعضه إلى بعض فقد نَظَمْتَه، ونظام كل أمر: مِلاَكُه، وقِوامُه، وعِمادُه، وجمعه: أنْظِمَة، وأَناظِيم، ونُظم([16]).
ب- أما النظام في الاصطلاح فيمكن أن يعرف من ناحيتين:-
أولاً = باعتبار موضوعه؛ ” هو عبارة عن مجموعة من الأحكام التي تتعلق بموضوع محدّد، وتعرض في صورة مواد متتالية”([17]).
ثانياً = باعتبار الشكل؛ ” وهو عبارة عن وثيقة مكتوبة تصدر ممن يملك حق إصدارها – وهو في الغالب رئيس الدولة – تهدف إلى تنظيم سلوك الأفراد في مجتمعهم، وإدراك مصالحهم”([18]).
وعرفه بعضهم بأنه: “مجموعة من القواعد المنظمة لهيئات السلطة القضائية في الدولة ولولايتها”([19]).
ونحن نجد في دولة واحدة أنظمة كثيرة تحكمها، وتسوس رعيتها بما يعود عليهم بالمصالح، ويدفع عنها القبائح. فهناك نظام الحكم، ونظام القضاء، ونظام الاقتصاد، ونظام التعليم، ونظام الشورى، وغيرها من الأنظمة، غير أن جميع هذه الأنظمة تابعة لنظام حكم الدولة الذي يحكم الجميع ([20]).
ت- وتتضح العلاقة بين المعنيين بالنظر إلى التعريف اللغوي حيث جاء فيه: “التأليف، وضم الشيء إلى الشيء…”، وبالنظر إلى التعريف الثاني في المعنى الاصطلاحي حيث قال: إنه: “مجموعة من القواعد…”، تجد أن العلاقة وثيقة، حيث وجد في كليهما معنى الجمع والتأليف.
المبحث الثاني
تعريف “الاختصاص القضائي في الأنظمة” باعتباره عَلَماً
لقد سبق أن عرَّفنا مفردات هذا الموضوع؛ “الاختصاص”، “القضاء”، “النظام”، وفيما يلي نعرفه باعتباره عَلَماً على هذا الفرع من فروع القضاء، فنقول : الاختصاص القضائي في الأنظمة هو “تخويل ولي الأمر، أو نائبه لجهة قضائية سلطة قضاء الحكم في قضايا عامة، أو خاصة أو معينة ، وفي حدود زمان ومكان معينين . أو هو: قدر ما لجهة قضائية ، أو محكمة من ولاية في فصل نزاع من المنازعات”([21]).
وبالتالي فتحديد اختصاص محكمة معيّنة يقصد به تحديد القضايا التي تباشر المحكمة بصفتها سلطة القضاء ، والقواعد المنظمة للاختصاص التي تهدف إلى بيان حدود ونصيب كل محكمة من القضايا التي تدخل في ولاية الجهة التي تتبعها هذه المحكمة ؛ إذ لا يتصور أن تقوم في الدولة محكمة واحدة تعرض أمامها جميع المنازعات([22]).
فالصلاحيات تتحدد وفقاً لمعايير محددة ، وقواعد منضبطة على أساس الزمان، والمكان، والنوعية، والقيمة التي تباشر فيه الجهة المخولة ولايتها فيه دون أن تتجاوز حدودها ([23]).
والمتتبع لنظام القضاء السعودي في تولية القضاة يجد أن الأصل فيها الاختصاص، إذ ليس هناك قاض له مطلق السلطة زماناً، ومكاناً، ونوعا.
تجدر الإشارة هنا إلى أن اختصاصات المحاكم الشرعية قد جاءت موضحة في نظام القضاء الصادر بمرسوم ملكي (م/648) في (14/7/1395ﻫ) .
المبحث الثالث
مشروعية الاختصاص القضائي
لقد أشرنا فيما سبق أن المستند إليه في أحكام القضاء هو ما كان وفقاً لدين الله الحنيف، ووفقاً للأنظمة الإجرائية التي لا بد منها. والنُّظُم بشكل عام إنما هي عبارة عن ما “يضعه البشر أو الدول من نصوص لمواد، وأحكام لشؤونهم الحياتية في الداخل والخارج لمزيد من التنظيم والضبط”([24]). فالأنظمة – بهذا المعنى – ما هي إلا عبارة عن السياسة الشرعية التي هي في الأصل مستقاة من الأدلة الخاصة أو العامة. والسياسة الشرعية “اسم للأحكام، والتصرفات التي تدبّر بها شؤون الأمة في حكومتها، وتشريعاتها، وقضائها، وفي جميع سلطاتها التنفيذية، والإدارية، وفي علاقاتها الخارجية التي تربطها بغيرها من الأمم”([25])، لذا قال الشيخ عبد الوهاب خلاف: “إن الإسلام أبان بكثير من أحكامه، وحكمه، وآياته، أن غايته هي: تحقيق مصالح الناس، ودفع الضرر عنهم. ومقصوده: إقامة العدل بينهم، ومنع عدوان بعضهم على بعض؛ يتبين هذا من حِكَم التشريع التي نص عليها مع الأحكام…. وإذا كان الإسلامُ غايته ومقصدُه: إصلاحَ حالِ الناس وإقامةَ العدل فيهم، وخطته وطريقته: اليسر بهم، ورفع الحرج عنهم، فهو بلا ريب كفيل بكل سياسة عادلة، ويجد كل مصلح في أصوله وكلياته متسعا لكل ما يريد من إصلاح ولا يقصر عن تدبير شأن من شؤون الدولة “([26]). هذا فيما يتعلق بالتنظيم بشكل عام.
يبقى النظر في توزيع مهام القضاء بين عدة قضاة، وهو ما يعرف في اصطلاح المعاصر بالاختصاص القضائي؛ فكما سبقت الإشارة في المقدمة إلى أن الاختصاص القضائي بأنواعه قد عرفه المتقدمون وعملوا به؛ فهذا عمر بن الخطاب أمير المؤمنين t يقول ليزيد بن أخت يمن: ((اكفني بعض الأمور – يعني صغارها)) ([27]). وعن السائب بن يزيد رضي الله عنه، أن عمر t قـال له: ((رد عني الناس في الدرهم والدرهمين))([28]). كما جاء عنه t أنه نهى الولاة عن القتل إلا بإذنه([29]). وعلى هذا جرى الأمر بعده حسب الحاجة؛ زمانا ومكانا، وهذا ليس له حد في الشرع – كما ذكر ابن فرحون نقلا عن ابن القيم رحمهما الله – وأنه قد يدخل في ولاية القضاء في بعض الأمكنة، والأزمنة دون بعض ([30]). فهذا دليل على أنه “ليس في الإسلام ما يمنع وضع نظام للسلطة القضائية يحدّ اختصاصها ويكفل تنفيذ أحكامها، ويضمن لرجالها حريتهم في إقامة العدل بين الناس”([31]). قال ابن نجيم رحمه الله: “القضاء يجوز تخصيصه وتقييده بالزمان، والمكان، واستثناء بعض الخصومات”([32]).
مما تقدم يتضح بجلاء أن اختصاص القضاء معروف؛ عمل به الخلفاء ومن بعدهم، وذكره الفقهاء في كتبهم، وأن ذلك من السياسة الشرعية التي لولي الأمر فيها النظر إلى مدى حاجة البلاد إليها. ولقد جاء في المادة (55) من النظام الأساسي للحكم، الصادر عام 1412ﻫ ما نصه: “يقوم الملك بسياسة الأمة؛ سياسةً شرعيةً طبقاً لأحكام الإسلام، ويشرف على تطبيق الشريعة الإسلامية، والسياسة العامة للدولة، وحماية البلاد، والدفاع عنها”.
تجدر الإشارة هنا إلى أن الاختصاص القضائي فيها مصالح كثيرة؛ منها : أنه يجعل القاضي يكون أقدر على معرفة حقائق المسائل ودقائقها في مجال اختصاصه، فتكسبه خبرةً إلى خبرته، وقوةً إلى قوتِّه، أضف إلى ذلك، أن فيه تيسيراً على المتقاضين؛ لأن عدد القضاة سيكثر، وبالتالي يخف العمل مما يعطي القاضي مزيدا من التفرغ والتركيز في القضايا الموكلة إليه.
المبحث الرابع
نشأة الاختصاص القضائي وتطوره
الأصل في القضاء العموم ؛ حيث يتولى الخليفة أو من ينوب عنه الحكم في كل ما يعرض عليه من القضايا والمنازعات بلا استثناء. ومن الأدلة على ذلك: ((أن النبي e أُتي له برجل قد شرب الخمر فجلده بجريدتين نحو أربعين، قال: وفعله أبو بكر، فلما كان عمر استشار الناس، فقال عبد الرحمن بن عوف: أخف الحدود ثمانون ، فأمر به عمر ))([33]).
وعن ابن عمر رضي الله عنهما: ((أن النبي e ضَرب وغَرّب، وأن أبا بكر ضَرب وغَرّب، وأن عمر ضَرب وغرَّب)) ([34]).
والأدلة في ذلك كثيرة، وإنما المقصود الإشارة إلى شيء منها.
قال أبو الوليد ابن رشد رحمه الله: “اتفقوا أن القاضي يحكم في كل شيء من الحقوق؛ كان حقا لله أو حقا للآدميين، وأنه نائب عن الإمام الأعظم في هذا المعنى، وأنه يعقد الأنكحة، ويقدم الأوصياء”([35]).
لكن لما أخذت الدولة الإسلامية في التوسع والازدياد، فمن طبيعة الحال أن تزداد المشكلات، وتتعقد أمور الحياة، وتكثر أعباء ولي الأمر؛ مما يجعله في حاجة إلى من يعينه ويكفيه النظر في بعض الأمور([36]).
فمن الأمثلة على ذلك: ما جاء عن النبي e أنه أرسل عليا t إلى اليمن، فقال: ((علمهم الشرائع، واقض بينهم، فقال: لا عِلْمَ لي بالقضاء! فدفع في صدره، فقال: اللهم اهده للقضاء))([37]).
كما بعث أيضاً e أبا عبيدة عامر بن الجراح t إلى أهل نجران([38]).
ومن الأمثلة على ذلك أيضا: أنه ((لما استُخلف أبو بكر t قال لعمر وأبي عبيدة: إنه لا بد لي من أعوان: فقال عمر: أنا أكفيك القضاء، وقال أبو عبيدة: وأنا أكفيك بيت المال، قال: فمكث عمر t لا يأتيه رجلان))([39]).
وفي هذا دليل على فصل أبي بكر الصديق t القضاء عن الولاية العامة ، مع أنه كان يباشره في بعض الأحايين.
ومن الأمثلة أيضاً على تخصيص القضاء ما تقدم عن عمر بن الخطاب أنه أمر يزيداً أن يكفيه في صغار الأمور([40]).
قال الماوردي – وهو من علماء القرن الخامس الهجري – رحمه الله: “ولا تخلو ولاية القاضي من عموم أو خصوص، فإن كانت ولايته عامة مطلقة التصرف في جميع ما تضمنته فنظره مشتمل على عشرة أحكام…” ثم عددها، إلى أن قال: “ويجوز أن يكون القاضي عام النظر خاص العمل ، فيقلد النظر في جميع الأحكام في أحد جانبي البلد أو في محله منه ، فينفذ جميع أحكامه في الجانب الذي قلده والمحلة التي عينت له…”([41]).
وتتحدد صلاحيات القاضي بقول الوالي له، أو حسب ما جرى به العرف والعادة في التولية لمثل ذلك المهام([42]).
أما التطورات التي جرت على هذا الفرع من فروع القضاء – أعني الاختصاص القضائي – عبر التاريخ ، فإنها تتلخص في الآتي:
ـ فقد وجد في عهده e تخصيص أشخاص بالقضاء في ناحية من النواحي، كما رأينا إرساله لعلي بن أبي طالب t إلى اليمن، وقد ورد أيضا بعثه e لمعاذ بن جبل t([43])، وأبي موسى الأشعري t كُلٌّ على نصف من اليمن([44]). فهذا اختصاص بالمكان.
ـ تطورت الفكرة في عهد الخلفاء، فكان هناك الاختصاص القيمي والنوعي؛ كما قال عمر: “اكفني في صغار الأمور”. وكما “نهى أن يقضى في الدماء دون إذنه”.
ـ ووجد أيضا قاضي الأحداث، وهو غير الأحداث المعروف في المصطلح المعاصر، وإنما تعني الجرائم الكبرى التي تشمل الجنايات على الأنفس والاعتداء عليها، فقد ولَّى عمر t عمارَ بن ياسر t على الكوفة وأسند إليه القضاء في الأحداث([45]).
ـ ثم وجد هناك قاضي الجيش أو قاضي العسكر؛ ومهمتهم أن يرافقوا الجيش في غزواتهم ويقوموا بفصل المنازعات والخصومات التي تحدث بين الجيش حتى يتفرغوا لمهمتهم بعيدين من الشحناء والبغضاء ([46]).
ـ ومن الاختصاصات التي وجدت ما يعرف بقاضي البَر ّ؛ وهو كل ما عدا المُدُن، و قاضي المياه . فسعيا إلى التخفيف على الناس نتيجة صعوبة المواصلات ، حيث كان القاضي يتنقل فيما بينهم ويقضي بكل ما يحدث من النزاعات والخصومات بسبب ذلك، وحتى لا يضطروا إلى ترك مصالحهم من أجل التحاكم إلى القاضي في المُدُن([47]).
ـ ووجد أيضا ما يعرف بقاضي الركب، وهو قاضي موسمي، خاص بركب الحج، ومهمته في هذا الركب أن يفتي الناس في مسائل الحج ، ويحكم بينهم فيما شجر بينهم من الخلاف([48]).
ـ وفي عهد الدولة الأموية وجد اختصاص آخر أبرز من ذي قبل، وهو ما يعرف بديوان المظالم، أو قاضي المظالم.
كما وجد أيضاً ما يعرف بقاضي الجِرَاح؛ وهو قريب من قاضي الأحداث غير أنه في الجراح.
ـ وفي العهد العباسي وجد منصب قاضي القضاة. ([49]).
فهذه باختصار هي التطورات التي جرت على الاختصاص القضائي عبر التاريخ ، وفيما يلي نعرج على الاختصاص القضائي في المملكة العربية السعودية، فنقول :-
المبحث الخامس
الاختصاص القضائي في النظام
لقد تأسست المملكة العربية السعودية بقيادة مؤسسها الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود (ت 1373ﻫ) رحمه الله في مطلع القرن الرابع عشر الهجري، (1319ﻫ -1902م). سهر بانيها ومؤسسها الملك الراحل، عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود طيب الله ثراه على وضع دعائم الرقي والتقدم للبلاد من جميع النواحي؛ الأمني، والاقتصادي، والإداري، وشمل ذلك تعيين حكام الأقاليم، وإسناد مهام الإدارة إليهم، ما عدا الخارجية والمسائل العسكرية اللتين كانتا محصورتين بيد الملك طيب الله ثراه([50]).
إن ما تقوم به المملكة العربية السعودية من جهود مضنية في إعمار الحرمين الشريفين وخدمة الحجاج والزوار والمعتمرين، وتوفير سبل الراحة لهم، مكَّنَها من الاتصال بالعالم الخارجي عبر وسائل متعددة. كما أن ريادتها في تطبيق شرع الله في ربوع بلادها، والتزامها بمبادئ الإسلام في كافة مجالات الحياة كان له أثر واضح على استتباب الأمن، وتوفير رغد العيش في أرجاء البلاد.
فأُنْشِأت المحاكم التي تحَكِّم شرع الله على اختلاف درجاتها واختصاصاتها، كما أُصدرت الأنظمة واللوائح – والتي تطورت مؤخراً – لترتب شئون هذه المحاكم، وتبين حدودها وصلاحياتها([51]).
فمن أولى الخطوات الأمر بتشكيل المحاكم وتحديد اختصاصاتها : صدور المرسوم الملكي في عام 1346ﻫ يقضي بإنشاء المحاكم على ثلاث درجات، وهي:
“1- محاكم الأمور المستعجلة (محاكم جزئية).
2- محاكم كبرى، ومحاكم ملحقات، وهما عبارة عن محاكم عامة.
3- هيئة المراقبة القضائية (محكمة التمييز).
وقد تضمن المرسوم النص على اختصاصاتها.
فالجهود مبذولة في سبيل رفع مستوى الأداء في الجهاز القضائي بسن الأنظمة، وبناء المحاكم ، وتعيين القضاة المتخصصين في القضايا المختلفة .
الفصل الثاني
أنواع الاختصاص القضائي في أنظمة المملكة العربية السعودية
وفيه مباحث
المبحث الأول
الاختصاص الولائي أو الوظيفي في النظام السعودي
ويقصد بهذا الاختصاص: تحديد نصيب كل جهة قضائية من جهات التقاضي من ولاية القضاء. ويسمى: اختصاص الجهة”([52]). والاختصاص الولائي يعد نوعاً من أنواع الاختصاص النوعي بمعناه العام.
ويعتبر الاختصاص الولائي أو الوظيفي اختصاصاً مطلقاً؛ لتعلقه بالنظام العام للدولة؛ لأنه مقرر لمصلحة عامة ([53]).
ويتمثّل الاختصاص الولائي في المملكة في الأتي:
أولاً = ولاية القضاء الشرعي (العادي)
ثانياً = ولاية قضاء المظالم (القضاء الإداري)
فالقضاء العادي هي جهة القضاء ذات الولاية العامة بنظر المنازعات والجرائم فلا يخرج من اختصاصه إلا ما أدخله المنظم في الاختصاص الإداري أو ما قد يخرجه المنظم بنص خاص ، فالقضاء الإداري بمقابلة القضاء العادي هو جهة قضاء تقتصر ولايته على نظر المسائل الإدارية فهو جهة قضاء محدودة الولاية ([54]).
أولاً = ولاية القضاء الشرعي (العادي)
جاء في المادة (26) من نظام القضاء ما نصه: “تختص المحاكم بالفصل في كافة المنازعات، والجرائم إلا بما يستثنى بنظام ، وتبين قواعد اختصاص المحاكم في نظامي المرافعات والإجراءات الجزائية ، ويجوز إنشاء محاكم متخصصة بأمر ملكي بناء على اقتراح مجلس القضاء الأعلى([55]).
ثانياً = ولاية قضاء المظالم (القضاء الإداري)
جاء في المادة الأولى من نظام ديوان المظالم ما نصه:- ديوان المظالم هيئة قضاء إداري مستقلة ترتبط مباشرة بجلالة الملك .
وفصلت المادة الثامنة من نظام الديوان اختصاصاته وهي:-
أ – الدعاوى المتعلقة بالحقوق المقررة في نظم الخدمة المدنية والتقاعد لموظفي ومستخدمي الحكومة والأجهزة ذوات الشخصية المعنوية العامة المستقلة أو ورثتهم والمستحقين عنهم 0
ي – الدعاوى المقدمة من ذوي الشأن بالطعن في القرارات الإدارية متى كان مرجع الطعن عدم الاختصاص أو وجود عيب في الشكل أو مخالفة النظم واللوائح أو الخطأ في تطبيقها أو تأويلها أو إساءة استعمال السلطة، ويعتبر في حكم القرار الإداري رفض السلطة الإدارية أو امتناعها عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه طبقاً للأنظمة واللوائح.
ج – دعاوى التعويض الموجهة من ذوي الشأن إلى الحكومة والأشخاص ذوي الشخصية العامة المستقلة بسبب أعمالها 0
د – الدعاوى المقدمة من ذوي الشأن في المنازعات المتعلقة بالعقود التي تكون الحكومة أو أحد الأشخاص المعنوية العامة طرفاً فيها.
هـ – الدعاوى التأديبية التي ترفع من هيئة الرقابة والتحقيق.
و – الدعاوى الجزائية الموجهة ضد المتهمين بارتكاب جرائم التزوير المنصوص عليها نظاماً ، والجرائم المنصوص عليها في نظام مكافحة الرشوة، والجرائم المنصوص عليها في المرسوم الملكي رقم 43 وتاريخ 29/11/77هـ، والجرائم المنصوص عليها في نظام مباشرة الأموال العامة الصادر بالمرسوم الملكي رقم 77 وتاريخ 23/10/95هـ وكذلك الدعاوى الجزائية ضد المتهمين بارتكاب الجرائم والمخالفات المنصوص عليها في الأنظمة إذا صدر أمر من رئيس مجلس الوزراء إلى الديوان بنظرها
ز – طلبات التنفيذ الأحكام الأجنبية 0
ح – الدعاوى التي من اختصاص الديوان بموجب نصوص نظامية خاصة .
وجاء أيضاً في المادة (الحادية والثلاثون) من نظام المرافعات الشرعية ما يدل على وجوب الأخذ بقواعد الاختصاص الولائي أو الوظيفي وجعلها في جهتين :-
الجهة الأولى:- القضاء العادي المتمثل بالمحاكم العامة والجزئية.
والجهة الثانية:- القضاء الإداري المتمّثل في ديوان المظالم. ونص المادة ( من غير إخلال بما يقضي به نظام ديوان المظالم، وبما للمحاكم العامة من اختصاص في نظر الدعوى العقارية، تختص المحاكم الجزئية بالحكم في الدعاوى الآتية:-
أ ـ دعوى منع التعرض للحيازة ودعوى استردادها.
ب ـ الدعاوى التي لا تزيد قيمتها على عشرة آلاف ريال، وتحدد اللائحة التنفيذية كيفية تقدير قيمة الدعوى.
ج ـ الدعوى المتعلقة بعقد إيجار لا تزيد الأجرة فيه على ألف ريال في الشهر بشرط ألا تتضمن المطالبة بما يزيد على عشرة آلاف ريال.
د ـ الدعوى المتعلقة بعقد عمل لا تزيد الأجرة أو الراتب فيه على ألف ريال في الشهر بشرط ألا تتضمن المطالبة بما يزيد على عشرة آلاف ريال.
ويجوز عند الاقتضاء تعديل المبالغ المذكورة في الفقرات ( ب ، جـ ، د ) من هذه المادة ، وذلك بقرار من مجلس القضاء الأعلى بهيئته العامة بناء على اقتراح من وزير العدل).
المبحث الثاني
الاختصاص الدولي
الاختصاص القضائي الدولي:- هو بيان القواعد التي تحدد ولاية محاكم الدولة في المنازعات التي تتضمن عنصراً أجنبياً إزاء غيرها من محاكم الدولة الأخرى وذلك بالمقابلة لقواعد الاختصاص الداخلي والتي تحدد اختصاص كل محكمة من محاكم الدولة إزاء غيرها من محاكم الدولة نفسها([56]).
ونجد أن المنظم عند تشريعه للقواعد المتعلّقة بالاختصاص الدولي جعل معاييراً واعتباراتاً ينعقد على أساسها الاختصاص للمحاكم وفقاً لنظَام المرافعات ومن ذلك :-
معيار الجنسية
تختص المحاكم بجميع الدعاوى التي ترفع على السعودي حتى لو لم يكن له محل إقامة باستثناء الدعاوى المتعلقة بعقار يقع خارج المملكة وهذا هو الاستثناء الوحيد في ضابط معيار الجنسية.
فالنظَام غلب – لاعتبارات – موقع العقار على الجنسية وهذا يتضح كما في المادة الرابعة والعشرين من نظام المرافعات. ( تختص محاكم المملكة بنظر الدعاوى التي ترفع على السعودي؛ ولو لم يكن له محل إقامة عام أو مختار في المملكة، فيما عدا الدعاوى العينية المتعلقة بعقار واقع خارج المملكة.
24/ 1 يتحقق القاضي من جنسية المدعى عليه.
24/ 2 على المدعي أن يوضح عنوان المدعى عليه؛ وفق المادة ( 39 ).
24/ 3 يتم إبلاغ المدعى عليه السعودي إذا كان خارج المملكة بوساطة جهة الاختصاص، وفق المادة ( 20 ) مع مراعاة المواعيد ومدة التبليغ حسب اجتهاد ناظر القضية بحيث لا تقل المدة عما ورد في المادتين ( 22، 40 ).
24/ 4 إذا كان المدعى عليه السعودي خارج المملكة غير معروف العنوان لدى المدعي فتكتب المحكمة إلى وزارة الداخلية عن طريق إمارة المنطقة للتـحري عــنـه، ومن ثمَّ الكـتابة لوزارة الخـــارجية لإعـــلانه بالطرق المناسبة.
24/ 5 يقصد بالدعاوى العينية المتعلقة بالعقار: كل دعوى تقام على واضع اليد على عقار ينازعه المدعي في ملكيته، أو في حق متصل به؛ مثل: حق الانتفاع، أو الارتفاق، أو الوقف، أو الرهن، ومنه: دعوى الضرر من العقار ذاته، أو الساكنين فيه.
معيار الإقامة
تختص المحاكم بالمملكة العربية السعودية بجميع الدعاوى التي ترفع على غير السعودي طالما كان له موطن – أو محل إقامة- موطن مختار – على اختلاف في وضع ذلك وتفصيله في مواد النظَام.
ويستثنى من ذلك إذا كانت الدعوى متعلقة بعقار وقع في الخارج وذلك للأسباب الواردة في ضابط معيار الجنسية، وكما هو وارد ذكره في المادة الخامسة والعشرين: تختص محاكم المملكة بنظر الدعاوى التي ترفع على غير السعودي الذي له محل إقامة عام أو مختار في المملكة؛ فيما عدا الدعاوى العينية المتعلقة بعقار خارج المملكة.
25/ 1 تسمع الدعوى على غير السعودي سواء أ كان المدعي مسلماً، أم غير مسلم.
25/ 1 إذا صدر أثناء نظر القضية من المدعى عليه ما يوجب ترحيله عن البلاد، فلناظر القضية تحديد المدة الكافية لإكمال نظر القضية، مع مراعاة المبادرة إلى إنجازها
معيار طبيعة الدعوى
تختص محاكم المملكة إذا كانت الدعاوى متعلّقة بنسب، أو تكون من مسائل الأحوال الشخصية أو من مسائل الولاية على النفس أو المال، أو في الدعاوى الواردة فيه كمعارضة في عقد الزواج أو طلب طلاق أو فسخ أو طلب نفقة أو بشأن نسب صغير أو متعلقة بمسائل الأحوال الشخصية الأخرى ويضع النظام شرطاً جوهرياً في مثل ذلك وهو :- أن يكون المدعى عليه (مسلماً)) وتختص كذلك المحاكم بالمملكة في الدعاوى المتعلقة بالتزام بشرط وكان (محل نشوئه أو تنفيذه المملكة العربية السعودية ) أو يتعلق الأمر بإفلاس ( أشهر في المملكة ) .
وكذا بالطلبات العارضة. والمواد التي ناقشت ذلك وأوضحته هي كما ورد
في المواد التالية :-
المادة السادسة والعشرون: تختص محاكم المملكة بنظر الدعاوى التي ترفع على غير السعودي الذي ليس له محل إقامة عام أو مختار في المملكة في الأحوال الآتية :
أ ـ إذا كانت الدعوى متعلقة بمال موجود في المملكة، أو بالتزام تعتبر المملكة محل نشوئه أو تنفيذه.
ب ـ إذا كانت الدعوى متعلقة بإفلاس أشهر في المملكة.
ج ـ إذا كانت الدعوى على أكثر من واحد، وكان لأحدهم محل إقامة في المملكة
26/ 1 يقصد بمحل نشوء الالتزام: كونه قد أبرم داخل المملكة؛ سواء: أكان هذا الالتزام من طرفين، أم أكثر؛ حقيقيين؛ أو اعتباريين، أم كان من طرف واحد كالجعالة، وغيرها؛ وسواء: أكان الالتزام بإرادة؛ كالبيع، أم بدون إرادة، كضمان المتلف.
26/ 2 يقصد بمحل تنفيذ الالتزام: أن يتم الاتفاق في العقد على تنفيذه ـ كليّاً أو جزئيّاً ـ في المملكة؛ ولو كان محل إنشائه خارج المملكة.
26/ 3 على ناظر القضية أن يتحقق من وجود المال في المملكة بالطرق الشرعية؛ حسب نوع المال ومستنداته؛ سواء: أكانت هذه المستندات مقدمة من المدعي أم من جهة الاختصاص.
المادة السابعة والعشرون: تختص محاكم المملكة بالنظر في الدعوى المقامة على المسلم غير السعودي الذي ليس له محل إقامة عام أو مختار في المملكة، وذلك في الأحوال الآتية :
أ ـ إذا كانت الدعوى معارضة في عقد زواج يراد إبرامه في المملكة.
ب ـ إذا كانت الدعوى بطلب الطلاق، أو فسخ عقد الزواج؛ وكانت مرفوعة من الزوجة السعودية، أو التي فقدت جنسيتها بسبب الزواج؛ متى كانت أي منهما مقيمة في المملكة ، أو كانت الدعوى مرفوعة من الزوجة غير السعودية المقيمة في المملكة على زوجها الذي كان له محل إقامة فيها متى كان الزوج قد هجر زوجته وجعل محل إقامته في الخارج، أو كان قد أبعد من أراضي المملكة .
ج ـ إذا كانت الدعوى بطلب نفقة؛ وكان المطلوب له النفقة مقيماً في المملكة.
د ـ إذا كانت الدعوى بشأن نسب صغير في المملكة، أو كانت متعلقة بمسألة من مسائل الولاية على النفس أو المال؛ متى كان للقاصر أو المطلوب الحجر عليه محل إقامة في المملكة.
هـ ـ إذا كانت الدعوى متعلقة بمسألة من مسائل الأحوال الشخصية الأخرى؛ وكان المدعي سعوديّاً، أو كان غير سعودي مقيماً في المملكة، وذلك إذا لم يكن للمدعى عليه محل إقامة معروف في الخارج.
27/ 1 في جميع الأحوال الواردة في هذه المادة عدا الفقرة ( هـ ) يتم إبلاغ المدعى عليه المقيم خارج المملكة بصورة من صحيفة الدعوى مطبوعة
ومختومة بخاتم المحكمة، ويحدد في التبليغ وقت نظرها، وترسل صورة التبليغ ومعها صورة صحيفة الدعوى من المحكمة إلى وزارة الخارجية عبر إمارة المنطقة.
27/ 2 يحدد للمدعى عليه المقيم خارج المملكة مدة لا تقل عن المدة المنصوص عليها في المادتين ( 22، 40 ) للحضور أو توكيل من يراه.
27/ 3 إذا كان المدعى عليه غير السعودي ممنوعاً من دخول المملكة: فله التوكيل حسب التعليمات.
27/ 4 يكون نظر الدعوى في الأحوال المذكورة في هذه المادة في بلد المدعي.
27/ 5 يقصد بمسائل الأحوال الشخصية الأخرى الواردة في الفــقرة ( هـ ) ما كان مثل: المواريث، والوصايا، والحضانة.
27/ 6 الدعوى المذكورة في الفقرة ( هـ ) تنظر غيابياً ضد المدعى عليه؛ لتعذر تبليغه، وتسري على الحكم تعليمات التمييز.
معيار الرضا بالاختصاص
قد يكون باتفاق بين طرفي الخصومة أو موافقة ضمنية منهما
أو من أحدهما ، وهذا كما أوضحته المادة الثامنة والعشرين :قوله ( فيما عدا الدعاوى العينية المتعلقة بعقار خارج المملكة تختص محاكم المملكة بالحكم في الدعوى إذا قبل المتداعيان ولايتها ؛ ولو لم تكن داخلة في اختصاصها.
28/ 1 تشمل هذه المادة المتداعيين المسلمين وغير المسلمين.)
الإجراءات الوقتية
تختص محاكم المملكة بالإجراءات التحفظية والوقتية التي تنفذ في المملكة حسب الأحوال وحتى لو لم تكن تدخل في اختصاص المحاكم على النحو السابق ذكره، وذلك لاعتبارات تتعلق، إما بسرعة واجبة حيال هذا النوع من الدعاوى، أو بخطورة تتعلق بضرورة أن يتم التحفظ أو الإجراء الوقتي على نحو يقطع الطريق على الفرار من العدالة، ويشترط لتنفيذ التدابير التحفظية أو الوقتيه ألاّ تكون الدعوى الأصلية مخالفة للشريعة الإسلامية وفقاً للمادة الأولى من نظام المرافعات الشرعية. والمواد التي عالجت ذلك هي الأتي:
المادة التاسعة والعشرون: تختص محاكم المملكة باتخاذ التدابير التحفظية والوقتية التي تنفذ في المملكة؛ ولو كانت غير مختصة بالدعوى الأصلية.
29/ 1 يقصد بالتدابير التحفظية: الإجراءات التي تتخذ من أجل حماية مال أو حق، مثل ما جاء في المواد ( 208 ـ 216 ).
29/2 التدابير الوقتية هي: الإجراءات التي يتخذها القاضي للنظر في الحالات المستعجلة بصورة وقتية، حتى يصدر الحكم في الدعوى الأصلية. مثل ما جاء في المواد ( 234 ـ 245 ).
29/ 3 يشترط لتنفيذ تلك التدابير: ألاّ تكون الدعوى الأصلية مخالفة للشريعة الإسلامية وفقاً للمادة ( 1 ).
29/ 4 يتقدم اتخاذ التدابير التحفظية والوقتية طلب من المحكمة التي تنظر الدعوى الأصلية أو طلب من أحد طرفي النزاع بعد ثبوت ما يدل على قيام الدعوى الأصلية.
29/ 5 جميع الوثائق الواردة من خارج المملكة يلزم تصديقها من وزارتي الخارجية والعدل وتترجم إلى اللغة العربية.
المادة الثلاثون: اختصاص محاكم المملكة يستتبع الاختصاص بنظر المسائل الأولية والطلبات العارضة على الدعوى الأصلية، وكذا نظر كل طلب يرتبط بهذه الدعوى ويقتضي حسن سير العدالة أن ينظر معها.
30/1 يقصد بالمسائل الأولية: الأمور التي يتوقف الفصل في الدعوى على البت فيها مثل: البت في الاختصاص ، والأهلية ، والصفة ، وحصر الورثة قبل السير في الدعوى.
30/ 2 يقصد بالطلبات العارضة: كل طلب يحصل بعد السير في الخصومة مما يبديه أحد الـطرفين أو غـيرهما – إدخـالاً أو تـدخلاً أثناء نظر الدعوى – وله ارتـباط بالدعوى الأصلية فـينظر معها وفق المــــــواد ( 75 ـ 80 ).
30/ 3 يقصد بالطلب المرتبط بالدعوى: كل طلب له ارتباط وثيق بالدعوى الأصلية. مثل: دعوى المطالبة بأجرة العمل إذا ارتبط بها طلب فسخ عقد العمل، وكذا: طلب التعويض عند الإخلال بتنفيذ العقد يرتبط به طلب الفسخ.
المبحث الثالث
الاختصاص النوعي والقيمي في النظام السعودي
ويقصد بالاختصاص النوعي في النظام :
“توزيع العمل بين المحاكم المختلفة في داخل الجهة القضائية الواحدة بحسب نوع القضية”([57]).
ويعتبر تخصيص عمل القضاة، وإنشاء المحاكم المتخصصة ضرورة عصرية ملحة؛ نتيجة ازدياد المنازعات، وتنوع مشاكل العصر، وتشعبها، وتداخلها، وكذلك نتيجة تعدد الأنظمة لمسايرة متطلبات العصر، فلأجل هذه الاعتبارات وغيرها، اتجهت الأنظمة القضائية المعاصرة إلى الأخذ بنظام تخصص القضاة، نظرا لتزايد القضايا التييتعسر أو يتعذر على القاضي إنهاؤها على الوجه المنشود؛ مما قد يدفع القاضي للتعجيل في إصدار الأحكام وحينئذ قد تصدر الأحكام دون رَوِيَّة، وإما أن يتروى فيستغرق ذلك وقتاً طويلاً؛ الأمر الذي يترتب عليه تأخير الفصل في المنازعات وفي الحالين قد لا يستقيم معه العمل لذلك اتجهت الأنظمة القضائية المعاصرة إلى الأخذ بنظام تخصص القضاة ([58]). فتتخصص كل من المحاكم بالمسائل التي ترفع إليها طبقا للنظام .
وقد عالج مثل ذلك نظام المرافعات الشرعية وأيضاً لوائحه التنفيذية الصادرة بالقرار الوزاري 4569 وتاريخ 3/6/1423هـ لتكون القواعد التي يسير عليها القائم بالعمل القضائي ، ولأهميتها قد أفرد المنظم لها الباب الثاني تضمنت ثلاثة فصول واشتملت على خمسة عشر مادة.
أما الاختصاص القيمي:
فيقصد به: “سلطة المحكمة في الفصل في الدعوى حسب قيمتها، بغض النظر عن نوعها”([59]).
وقيل هو: “مجموعة من القواعد التي تستهدف تحديد المحكمة المختصة بنظر الدعوى؛ وذلك على ضوء قيمتها”([60]).
وعرف البعض هذا الاختصاص بأنه “اختصاص كل طبقة من طبقات المحاكم داخل الولاية القضائية الواحدة بحسب قيمة الدعوى”([61]).
ولقد أخذ النظام السعودي هذا النوع من الاختصاص القضائي؛ حيث اعتد بالقيمة المالية في دعوى الحقوق المالية عند المنازعة كمعيار لتوزيع الاختصاص النوعي بين المحاكم الجزئية والمحاكم العامة ، حيث نص قرار معالي وزير العدل رقم (2514) بتاريخ (13/5/1417ﻫ) على اختصاص المحاكم الجزئية بالنظر في أروش الجنايات التي لا تزيد على ثلث الدية، وفي منازعات الحقوق المالية فيما لا تتجاوز عشرين ألف ريال سعودي .
وهذا يعني أن كل ما زاد على تلك القيمة فإنها تكون من اختصاص المحكمة العامة. علماً أن تحديد قيمة الدعوى لم ترد في نظَام المرافعات إنما في اللائحة التنفيذية التي أحال إليها النظَام كما في ( المادة الواحدة والثلاثين فقرة ب و المادة الواحدة والثلاثين فقرة د ) أجازت حق تعديل قيمة الدعاوى لمجلس القضاء الأعلى بناءً على اقتراح يقدمه وزير العدل تجاه تعديل النصاب الذي يدخل في اختصاص المحكمة الجزئية .
ففي ظل نظام المرافعات ووفقاً للمادة الواحدة والثلاثين المذكورة تختص المحاكم الجزئية بالدعاوى التي لا تزيد قيمتها على عشرة آلاف ريال ( والذي حُدد لاحقاً بعشرين ألف ريال بقرار مجلس القضاء الأعلى بهيئته العامة رقم 361/54 وتاريخ 20/11/1422هـ المعمم بخطاب معالي وزير العدل رقم 13/ت/1911 في 21/12/1422هـ
وإن جعل تحديد تقدير الدعوى للائحة التنفيذية وكذا تعديل مبلغ قيمة الدعوى التي تدخل في اختصاص المحكمة الجزئية بقرار يصدر من مجلس القضاء الأعلى بناءً على اقتراح من وزير العدل يعتبر محققاً للمرونة قد لا يمكن معه إذا ترك ذلك للنظَام، ذلك أن إصدار اللائحة أو القرار أيسر في الصدور أو التعديل ، فيجعل النظَام مواكباً بما تقرره اللائحة لطبيعة الأوضاع الاقتصادية وحالتها.
ومما يؤكد تحقيق النوعية في الاختصاص كما هو وارد في المادة الواحدة والثلاثين من نظَام المرافعات فقد ذكرت عدداً من الدعاوى وجعل الاختصاص بها للمحكمة الجزئية. وقد جعل الدعاوى غير الواردة في اختصاص المحكمة الجزئية منعقدة للمحاكم العامة.
ثم ورد في المادة التي تليها بعض من الدعاوى التي تدخل في اختصاص المحكمة العامة بحسب نوعيتها؛ فجعل للمحكمة العامة الاختصاص نوعاً في:-
أ – الدعاوى العينية المتعلقة بالعقار حتى ولو كانت قيمة العقار أقل أو تساوي عشرة آلاف ريال.
ب – دعاوى النفقة حتى لو كان قدر المطالب به يدخل في ضمن نصاب المحكمة الجزئية كما جاء بيانه في تكملة المادة المذكورة كما سيتبين لاحقاً عند ذكر المواد.
فالمتأمل يجد أن هناك تداخلاً فيما يتعلق بالاختصاص النوعي مع الاختصاص القيمي كما ذكرناه آنفاً؛ وهو بذلك يدخل ضمن ما صنّفه بعض القانونيين من دخول الاختصاص القيمي ضمناً في الاختصاص النوعي الذي يقوم على معيارين :-
أحدهما نوع الدعوى. والأخر قيمة الدعوى([62]).
{ الطلبات العارضة وأثرها على قواعد الاختصاص }
يقصد بالطلبات العارضة تلك الطلبات التي تقدم أثناء سير الخصومة وتتناول بالتغيير أو بالزيادة أو بالنقص أو بالإضافة ذات النزاع من جهة موضوعه أو سببه أو أطرافه([63]).
أما الارتباط فهو صلة وثيقة بين دعويين أو أكثر، تجعل من المصلحة جمعهما أمام محكمة واحدة لكي تفصل فيهما معاً ([64]). إذا كان الحكم في إحداهما من شأنه التأثير في الحكم الصادر في الدعوى الأخرى وذلك تفادياً لصدور أحكام متعارضة أو متناقضة يصعب بعد ذلك تنفيذها([65]).
وقد عرفت المادة 71 / 2 من النظام الارتباط بأنه: اتصال الدعوى اللاحقة بالسابقة في الموضوع أو السبب ولا يلزم اتحادهما في المقدار.
ولقد خرج قانون النظام على قواعد الاختصاص المقررة وذلك في المادة 78 / 6 حينما نص على أنه ” إذا قدم الطلب العارض وهو ليس من اختصاصها مع اتصاله بالدعوى الأصلية القائمة في موضوعها أو سببها، فعليها النظر والفصل فيه، بخلاف المحكمة الجزئية فليس لها نظر أي طلب عارض لا يدخل في حدود اختصاصها وإذا لم يمكن الفصل في الدعوى الأصلية دون الطلب العارض تعين إحالة الدعوى للمحكمة العامة ” .
وتقدير قبول الطلب العارض ووجود الارتباط بينه وبين الدعوى الأصلية من اختصاص ناظر القضية وفي حال عدم قبوله فيسبب الحكم ( م 78 / 8 )
ومقتضى ذلك أن النظام قد خرج على قواعد الاختصاص، وذلك فيما يخص المحكمة العامة ، فباعتبارها محكمة ذات اختصاص عام فإنها تختص بالفصل في الطلبات العارضة والمرتبطة حتى ولو كانت هذه الطلبات تخرج عن نطاق اختصاصها القيمي أو النوعي، والهدف من ذلك توحيد النزاع أمام محكمة واحدة حتى لا تنقطع أوصال القضية، وعملاً على الاقتصاد في النفقات والإجراءات لصدور الحكم المنهي للخصومة، وتفادياً لصدور أحكام متعارضة ومتناقضة.
كما أن ذلك يعد تطبيقاً لقاعدة أن قاضي الأصل هو قاضي الفرع.
غير أن ذلك إذا كان ينطبق بالنسبة للمحكمة العامة، فإنه لا ينطبق بالنسبة للمحكمة الجزئية، فإذا عُرض على المحكمة الجزئية طلب عارض أو مرتبط بالطلب الأصلي وكان الطلب العارض أو المرتبط يخرج عن حدود اختصاصها القيمي أو النوعي فإنها لا تختص بالفصل فيه. وإنما عليها في هذه الحالة أن تقرر:-
1 – إما أن تفصل في الطلب الأصلي وحده وتحيل الطلب العارض من تلقاء نفسها إلى المحكمة العامة المختصة بنظره.
2 – وإما أن تحيل الطلبين معاً إلى المحكمة العامة المختصة بالطلب العارض أو المرتبط ، وذلك إذا كان الفصل بين الطلبين يرتب ضرراً لسير العدالة ، وبالتالي ينعكس الوضع فبدلاً من القاعدة المقررة أن قاضي الأصل هو قاضي الفرع ، يعتبر الوضع أن قاضي الفرع ” وهو الطلب العارض أو المرتبط ” يصير قاضياً للأصل ” أي الدعوى الأصلية أو الطلب الأصلي”.
وتقضي المحكمة بذلك من تلقاء نفسها طبقاً لسلطتها التقديرية، وأساس ذلك هو وجود ارتباط بين الطلبين لا يقبل التجزئة، بحيث إذا توافر كان على المحكمة الجزئية إحالة النزاع بأكمله إلى المحكمة المختصة بالطلب العارض، وإلا كان لها أن تفصل في الطلب الأصلي وتحيل الطلب العارض إلى المحكمة العامة المختصة ( م 78 / 6 ، 8 ) ويعود ذلك إلى أن المحكمة الجزئية ذات اختصاص محدود وأن المحكمة العامة تختص بجميع الدعاوى الخارجة عن اختصاص المحاكم الجزئية0 ( م / 32 ).
ويقال تبريراً لذلك بأن قواعد الارتباط تعلو على قواعد الاختصاص .
قواعد تقدير قيمة الدعوى
وهناك قواعد استشهد بها كثير من شرّاح القانون لتنظيم تقدير قيمة الدعوى من واقع تطبيق فقرات مواد النظام المتعلّق بهذا الاختصاص ويجدر بنا ذكرها في هذا المقام :-
أولاً – العبرة بقيمة الدعوى عند رفعها
العبرة بوقت تقديم الطلب فلا يعتد بما يطرأ بعد ذلك كما لو حدث تغيير في الأسعار زيادة أو نقصاً بعد رفع الدعوى ، وحتى لا يترتب على ذلك تأخير الفصل في المنازعات.
ثانياً – العبرة بما يطلبه الخصوم وليس بما تحكم به المحكمة:
وذلك حتى يمكن تحديد المحكمة المختصة بنظر الدعوى ، إذ لا يتصور أن يتوقف تحديد المحكمة المختصة على ما سوف تحكم به المحكمة . فالعبرة دائماً بقيمة ما طلبه الخصوم وليس بما تحكم به المحكمة . على أن ذلك لا يعني أن للخصوم سلطة مطلقة في تقدير الدعوى ، فهم وإن كانوا أحراراً في المطالبة بأي شيء أيا كان قدره إلا أنه يتعين عليهم احترام قواعد تقدير قيمة الدعوى التي نص عليها النظام ، لتعلق هذه القواعد بتوزيع الاختصاص النوعي بين المحاكم . ومن ثم فهي قواعد تتعلق بالنظام العام لا يجوز الاتفاق على مخالفتها تجنباً لتحايل الخصوم على قواعد الاختصاص 0
ثالثاً – العبرة بآخر الطلبات
إذا عدل المدعي طلباته الواردة في صحيفة الدعوى ، تكون العبرة بآخر الطلبات فهي التي تعبر عن القيمة الحقيقة للدعوى .
وعلى ذلك ، فإنه إذا رفعت دعوى أمام محكمة جزئية قيمتها 20.000 ريال ثم عدل المدعي طلباته إلى 21000 ريال فإن المحكمة الجزئية تصبح غير مختصة وعليها أن تحيل الدعوى من تلقاء نفسها إلى المحكمة المختصة .
رابعاً – العبرة بقيمة الجزء المطلوب إلا إذا امتد النزاع إلى الحق كله :
فإذ كان المطلوب جزءاً من الحق قدرت الدعوى بقيمة هذا الجزء فقط فإذا طالب دائن مدين بمبلغ 15000 ريال هي قيمة القسط المستحق عليه من دين قدره 25000 ريال ، فإن الدعوى تقدر بقيمة القسط المطلوب فقط ، وتكون المحكمة المختصة في هذه الحالة هي المحكمة الجزئية .
خامساً – يضاف إلى الطلب الأصلي ملحقاته المستحقة وقت رفع الدعوى ، وكذا طلب ما ستجد من الأجرة بعد رفع الدعوى إلى يوم الحكم فيها .
ويشترط لإضافة هذه الملحقات إلى قيمة الطلب الأصلي التالي :-
1 – إمكانية تقدير قيمتها
2 – أن تكون مستحقة الأداء وقت رفع الدعوى ([66]) .
3 – أن تكون هذه الطلبات قد طلبت فالقاضي لا ينظر إلى مالا يطلب منه ولو كان من ملحقات الطلب الأصلي ([67]).
وفيما يلي نستعرض ذكر نص المواد المتعلّقة بهذا النوع في المواد من (31 – 33) والتي بين المنظم فيها اختصاص المحكمة العامة واختصاص المحكمة الجزئية
المادة الحادية والثلاثون : من غير إخلال بما يقضي به نظام ديوان المظالم ، وبما للمحاكم العامة من اختصاص في نظر الدعوى العقارية ، تختص المحاكم الجزئية بالحكم في الدعاوى الآتية :
أ ـ دعوى منع التعرض للحيازة ودعوى استردادها .
ب ـ الدعاوى التي لا تزيد قيمتها على عشرة آلاف ريال ، وتحدد اللائحة التنفيذية كيفية تقدير قيمة الدعوى .
ج ـ الدعوى المتعلقة بعقد إيجار لا تزيد الأجرة فيه على ألف ريال في الشهر بشرط ألا تتضمن المطالبة بما يزيد على عشرة آلاف ريال .
د ـ الدعوى المتعلقة بعقد عمل لا تزيد الأجرة أو الراتب فيه على ألف ريال في الشهر بشرط ألا تتضمن المطالبة بما يزيد على عشرة آلاف ريال .
ويجوز عند الاقتضاء تعديل المبالغ المذكورة في الفقرات ( ب ، جـ ، د ) من هذه المادة ، وذلك بقرار من مجلس القضاء الأعلى بهيئته العامة بناء على اقتراح من وزير العدل .
31/ 1 يقصد بالحيازة في هذه المادة : ما تحت اليد من غير العقار الذي يتصرف فيه بالاستعمال بحكم الإجارة ، أو العارية ، أو يُتصرف فيه بالنقل من ملكه إلى ملك غيره ؛ سواء أكان بالبيع ، أم الهبة ، أم الوقف .
31/ 2 دعوى منع التعرض للحيازة هي من قبيل منع الضرر ، ويقصد بها : طلب المدعي ( واضع اليد ) كف المدعى عليه عن مضايقته فيما تحت يده .
31/ 3 يشترط لسماع دعوى منع التعرض للحيازة : أن يكون المدعي واضعاً يده ـ حقيقة ـ على المحور، ولو لم يكن مالكاً لَه ؛ كالمستأجر ، والمستعير ، والأمين.
31/ 4 دعوى استرداد الحيازة هي : طلب من كانت العين بيده – وأخذت منه بغير حق ، كغصب وحيلة – إعادة حيازتها إليه ، حتى صدور حكم في الموضوع بشأن المستحق لها .
31/ 5 يشترط لسماع دعوى استرداد الحيازة : ثبوت حيازة العين من المدعي قبل قيام سبب الدعوى ، ولو بغير الملك ؛ كحيازة المستأجر ونحوه .
31/ 6 دعوى منع التعرض للحيازة ، ودعوى استردادها المتعلقة بالمنقول إذا رفعت بدعوى مستقلة قبل رفع الدعوى الأصلية في الموضوع تختص بنظرها المحكمة الجزئية وفق المادة ( 31 ) .
أما إذا رفعت هذه الدعوى مع الدعوى الأصلية ، أو بعد رفعها كطلب عارض فتنظرها المحكمة المختصة بنظر الدعوى الأصلية في الموضوع وفق المادة ( 233 ) .
31/ 7 تسقط دعوى استرداد الحيازة بإقامة المدعي دعوى إثبات الحق في أصل الملك، ولو في أثنائها .
31/ 8النظر في دعوى منع التعرض للحيازة ، ودعوى استردادها لَه صفة
الاستعجال وفق المادة ( 234 ) .
31/ 9يشمل الاختصاص الوارد في الفقرة ( ب ) : الدعاوى في الأموال ( النقد ) ، وفي الأعيان غير العقار ، وفي أقيام المنافع من العقار وغيره.
31/ 10يرجع في تقدير قيمة الدعوى ( قيمة المدعى به ) إلى طلب المدعي فإن لم يمكن فيتم التقدير من قبل اثنين من أهل الخبرة .
31/ 11المبالغ المنصوص عليها في الفقرات ( ب ، ج ، د ) من هذه المادة عدلت(بقرار مجلس القضاء الأعلى رقم 20 وتاريخ23/6/1422هـ المعمم برقم13/ت/1825 وتاريخ14/7/1422هـ ) إلى مبلغ عشرين ألف ريال فما دون.
31/ 12المعتد به هو نصاب الدعوى ، فإذا تعدد الخصوم ـ مدعون أو مدعى عليهم ـ وكان الحق متحداً في السبب ، أو الموضوع ، كالشركاء في مال ، أو إرث ، وساغ جمعهم في دعوى واحدة فالمعتد به هو مجموع المبلغ المدعى به دون الالتفات إلى نصيب كل فرد منهم . وإذا طالب كل شريك بحقه منفرداً دون شركائه وساغ ذلك فالمعتد به نصيبه وكذا لو كان الشريك مطلوباً ( مدعى عليه ) .
31/ 13دعاوى الضرر من المنتفعين بالعقار سواء أكانوا عزاباً أم غيرهم ، من اختصاص المحاكم الجزئية وتسمع في مواجهة المستأجر ، إلا إذا كان العقار مشتملاً على عدة وحدات سكنية مؤجرة على عزاب ، فتكون الدعوى على المالك لمنعه من تأجير العزاب ، أما دعاوى الضرر من
العقار نفسه ، ومن ذلك منع إنشاء قصر للأفراح ، أو محطة للوقود أو نحوهما ، فمن اختصاص المحاكم العامة .
31/ 14النظر في دعوى منع التعرض للحيازة ودعوى استردادها المتعلقة بالعقار من اختصاص المحاكم العامة وفق الفقرة ( أ ) من المادة ( 32 ) .
المادة الثانية والثلاثون : من غير إخلال بما يقضي به ديوان المظالم ، تختص المحاكم العامة بجميع الدعاوى الخارجة عن اختصاص المحاكم الجزئية ، ولها على وجه الخصوص النظر في الأمور الآتية :
أ ـ جميع الدعاوى العينية المتعلقة بالعقار .
ب ـ إصدار حجج الاستحكام ، وإثبات الوقف ، وسماع الإقرار به ، وإثبات الزواج ، والوصية ، والطلاق ، والخلع ، والنسب ، والوفاة ، وحصر الورثة .
ج ـ إقامة الأوصياء ، والأولياء ، والنظار ، والإذن لهم في التصرفات التي تستوجب إذن القاضي ، و عزلهم عند الاقتضاء .
د ـ فرض النفقة وإسقاطها .
هـ ـ تزويج من لا ولي لها من النساء .
و ـ الحجر على السفهاء والمفلسين .
32/ 1 يراعى في إثبات الزواج موافقة وزارة الداخلية فيما يحتاج إلى ذلك مما صدرت به التعليمات .
32/ 2 الإثبات للوصية هنا بعد موت الموصي ؛ أما تسجيل الوصايا حال حياة
الموصي فمن اختصاص كاتب العدل .
32/ 3 يجوز إثبات الوصايا والأوقاف في بلد الموصي والموقف ، أو في بلد العقار .
32/ 4 يراعى لإثبات الخلع : اقترانه بإقرار المخالع بقبض عوض المخالعة ، أو حضور الزوجة ، أو وليها للمصادقة على قدر العوض وكيفية السداد .
32/ 5 التصرفات التي تستوجب إذن القاضي في عقار القاصر ، أو الوقف هي البيع ، أو الشراء ، أو الرهن ، أو الاقتراض ، أو توثيق عقود الشركات ، إذا كان القاصر طرفاً فيها ، بعد تحقق الغبطة والمصلحة من أهل الخبرة .
32/ 6 لابد من تمييز الإذن فيما يخص بيع عقار القاصر ، أو الوقف ، أو قسمته .
32/ 7 ليس للقاضي تولية الأب على أولاده ؛ لأن الأصل ولايته شرعاً ، وله إثبـات اسـتمرار ولايته عند الاقتضاء ، كما له رفع ولايته فيما يخص النكاح ، أو المال ، أو الحضانة ، أو جميعها ؛ لموجب يقتضي ذلك .
32/ 8 لا يحتاج تصرف الأب بالبيع ونحوه عن أولاده القاصرين إلى إذنٍ من المحكمة
32/ 9 القاضي الذي يأذن بالبيع ، والشراء للقاصر ، أو للوقف هو الذي يتولى الإفراغ فيما أذن فيه ، بعد اكتساب الإذن القطعية ،مما تقتضي التعليمات تمييزه.
32/ 10 للقاضي عزل الأولياء والأوصياء والنظَّار حال عجزهم أو فقدهم الأهلية المعتبرة شرعاً ، ويتولى ذلك القاضي الذي أصدر الولاية أو الوصاية أو النظارة ، إذا كان على رأس العمل في المحكمة نفسها ، وإلا فخلفه .
32/ 11 يدخل في فقرة ( من لا ولي لها من النساء ) : من انقطع أولياؤها ؛ بفقدٍ ، أو موتٍ ، أو غيبةٍ يتعذر معها الاتصال بهم ، أو حضورهم ، أو توكيلهم ومن عضلها أولياؤها ، وحكم بثبوت عضلهم ، ومن أسلمت وليس لها ولي مسلم .
32/ 12 يراعى في تزويج من لا ولي لها من النساء ، موافقة وزارة الداخلية فيما يحتاج إلى ذلك مما صدرت به التعليمات .
32/ 13ذوات الظروف الخاصة يبنى النظر في تزويجهن على خطاب الجهة المختصة بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية وفق التعليمات .
32/ 14يشترط للحجر على المفلس مطالبة غرمائه ، أو أحدهم .
32/ 15يشهر الحجر على المفلس للعامة ، ولكل من لَه صلة بالتعامل مع المحجور عليه قبل الحجر .
32/ 16الأمر بالحجر لَه صفة الاستعجال .
32/ 17دعوى منع التعرض للحيازة ، ودعوى استردادها في العقار من اختصاص المحاكم العامة ، ولها صفة الاستعجال .
32/ 18كل ما لم ينص عليه من سائر الإنهاءات فهو من اختصاص المحاكم العامة لعموم ولايتها .
32/ 19البلدان التي بها محاكم للضمان والأنكحة تبقى على اختصاصها .
المادة الثالثة والثلاثون : تخـتص المحكمة العامة بجميع الدعاوى والقضايا الداخلة في اختصاص المحكمة الجزئية في البلد الذي لا يوجد فيه محكمة جزئية .
33/ 1يشمل اختصاص المحاكم العامة ما اختصت به المحكمة الجزئية وكتابة العدل في حال عدم وجود محكمة جزئية ، أو كتابة عدل في البلد .
المبحث الرابع
الاختصاص المحلي أو المكاني
ويقصد به: “سلطة المحكمة في نظر الدعوى التي تقع في دائرة اختصاصها المكاني أو الجغرافي بناء على معيار معين”([68]). وعرفه بعضهم بأنه: “مجموعة القواعد التي تعين المحكمة المختصة من بين عدة محاكم من نوع واحد موزعة في المدن والبلدان من المملكة للنظر في قضية معينة”([69]).
والقاعدة المبنية عليه هذا الاختصاص المحلي هو رعاية مصلحة الخصوم،وخاصة المدعى عليه ؛ لأن الأصل البراءة ، فتقرر الاختصاص لمحكمة قريبة منه، أو من محل النزاع؛ لتكون العدالة في متناول المتقاضين، ولا تكون بعيدة عنهم ([70]).
“وبناء على هذا فالذي استقر عليه العمل هو أن ما نصت عليه المادة (38) من نظام المرافعات الشرعية أن : “تعد المدينة أو القرية نطاقا محليا للمحكمة الموجود بها. وعند تعدد المحاكم فيها يحدد وزير العدل النطاق المحلي لكل منها بناء على اقتراح من مجلس القضاء الأعلى. وتتبع القرى التي ليس بها محاكم محكمة أقرب بلدة إليها. وعند التنازع على الاختصاص المحلي إيجابيا أو سلبيا تحال الدعوى إلى محكمة التمييز للبت في موضوع التنازع”([71]).
{ ظاهرة الاختصاص المشترك }
قد يجعل الاختصاص بمسألة معينة مشتركاً أو متعدداً ، ويظهر ذلك واضحاً في بعض حالات الاختصاص المحلي، فلقد نصت المادة (34 ) من النظام على أنه: ” … وإذا تعدد المدعي عليهم، كان الاختصاص للمحكمة التي يقع في نطاق اختصاصها محل إقامة الأكثرية، وفي حال التساوي يكون المدعي بالخيار في إقامة الدعوى أمام أي محكمة يقع في نطاق اختصاصها محل إقامة أحدهم” وبمقتضى هذه المادة قد تختص بالنزاع أكثر من محكمة عند تعدد المدعي عليهم .
كما أنه طبقاً للمادة سالفة الذكر فإن الدعوى تقام أمام المحكمة التي يقع في نطاق اختصاصها محل إقامة المدعي عليه، وهذه هي القاعدة العامة في الاختصاص المحلي وكانت كذلك مراعاة لمصلحة المدعى عليه، وكونه الطرف الضعيف في الدعوى وأن المدعي هو الذي يسعى إلى المدعى عليه وليس العكس، وأن الديون مطلوبة لا محمولة، وإذا كان الأمر كذلك فإنه ينعقد الاختصاص المحلي لأكثر من محكمة طبقاً للقاعدة العامة. وذلك حيث يتعدد موطن المدعى عليه بأن يكون له أكثر من موطن ، فحينئذ يمكن رفع الدعوى عليه أمام إحدى محاكم موطنه المتعدد. وهذه حالة من حالات الاختصاص المشترك نصت عليها المادة 34 / 4.
كما يبدو ذلك واضحاً في نص المادة ( 34 / هـ ) إذ نصت على أنه ” للزوجة في المسائل الزوجية الخيار في إقامة دعواها في بلدها أو بلد الزوج، وعلى القاضي إذا سمع الدعوى في بلد الزوجة استخلاف قاضي بلد الزوج للإجابة عن دعواها، فإذا توجهت الدعوى ألزم الزوج بالحضور إلى محل إقامتها للسير فيها، فإذا امتنع سمعت غيابياً، وإذا لم تتوجه الدعوى ردها القاضي دون إحضاره.
وفي المادة ( 37 ) من النظام مثال آخر على الاختصاص المشترك حيث ينعقد الاختصاص المحلي لأكثر من محكمة، فللمدعي بالنفقة الخيار في إقامة دعواه في المحكمة التي يقع في نطاق اختصاصها محل إقامة المدعي عليه أو المدعي.
وفي الأمثلة السابقة يثبت الاختصاص لأكثر من محكمة، ولا يعني ذلك إمكانية رفع الدعوى بالمسألة المحددة في نفس الوقت أمام هذه المحاكم المختصة مجتمعة وإنما يعني الاعتراف للمدعي بحق الخيار في رفع دعواه أمام أي من هذه المحاكم([72]). فإذا مارس المدعي الحق في الخيار ورفع دعواه أمام محكمة منها، فإنه تغلق عليه إمكانية اللجوء إلى المحكمة أو المحاكم الأخرى ([73]).
ويصيغ البعض ذلك في قاعدة مفادها (( أن رفع الدعوى إلى محكمة مختصة ينزع الاختصاص بها عن المحاكم المختصة الأخرى ))([74]).
وعلى الرغم من ذلك فإنه طبقاً للنظام يمكن للشخص رفع دعواه أمام أكثر من محكمة مختصة بنظر دعواه، ولا يمكن لإحداها الحكم بعدم اختصاصها، إذ الواجب أنها مختصة وهذا يعني إمكانية صدور أحكام متناقضة في مسألة واحدة.
فالنظام عالج مسألة قيام الدعوى الواحدة أمام أكثر من محكمة مختصة عن طريق اعترافه بالدفع بالإحالة سواء لقيام النزاع أو للارتباط، فنص في المادة ( 71 ) على أنه: “الدفع ببطلان صحيفة الدعوى أو بعدم الاختصاص المحلي أو بإحالة الدعوى إلى محكمة أخرى لقيام النزاع ذاته أمامها أو لقيام دعوى أخرى مرتبطة بها يجب إبداؤه قبل أي طلب أو دفاع في الدعوى، وإلا سقط الحق فيما لم يبد منها “.
وعلى الرغم من ذلك قد ينشأ النزاع ذاته ويظل قائماً أمام أكثر من محكمة وذلك بعدم إبداء الدفع في الميعاد المحدد، وذلك يؤدي إلى نتيجة غير مرغوب فيها، وهي احتمال صدور أحكام متناقضة.
ولذا يحسن أن يتضمن النظام نصاً معيناً يمكن أن تفرد له مادة أو فقرة منها، ويمكن أن يجري في الصيغة التالية ” في حالات الاختصاص المشترك ” انعقاد الاختصاص بالدعوى لأكثر من محكمة ” فإن رفع الدعوى إلى محكمة مختصة ينزع الاختصاص بها عن المحاكم الأخرى المختصة بها “.
وفيما يلي نستعرض ذكر نص المواد المتعلّقة بهذا النوع في المواد من (34 – 38) والتي بين المنظم فيها الاختصاص المحلي والمكاني
المادة الرابعة والثلاثون :تقام الدعوى في المحكمة التي يقع في نطاق اختصاصها محل إقامة المدعى عليه فإن لم يكن لـه محل إقامة في المملكة فيكون الاختصاص للمحكمة التي يقع في نطاق اختصاصها محل إقامة المدعي .
وإذا تعدد المدعى عليهم، كان الاختصاص للمحكمة التي يقع في نطاق اختصاصها محل إقامة الأكثرية، وفي حال التساوي ، يكون المدعي بالخيار في إقامة الدعوى أمام أي محكمة يقع في نطاق اختصاصها محل إقامة أحدهم .
34/ 1محل الإقامة هو: المكان الذي يسكنه المدعى عليه على وجه الاعتياد؛ وفق ما نصت عليه المادة (10) .
34/ 2إذا كان المدعى عليه غير السعودي، ليس لـه محل إقامة في المملكة فيعامل وفق المادتين ( 26 ، 27 ) .
34/ 3إذا لم يكن للمدعي والمدعى عليه محل إقامة في المملكة فللمدعي إقامة دعواه في إحدى محاكم المدن الرئيسة في المملكة .
34/4 إذا كان للمدعى عليه سكن في أكثر من بلد ، فللمدعي إقامة الدعوى في إحدى هذه البلدان .
34/ 5 المقصود بالأكثرية في هذه المادة الأكثرية بالرؤوس، لا بالسهام أو الحصص.
34/ 6 يمكن سماع دعوى المدعي على بعض المدعى عليهم إذا تعذر حضور البقية أو توكيلهم ، ولا يسوغ التوقف عن سماع الدعوى حتى يحضر الجميع.
34/ 7 إذا كان المدعى عليه سجيناً فتنظر الدعوى في بلد السجن.
34/ 8 إذا اختلف سكن المدعى عليه ومقر عمله، فالعبرة بسكن المدعى عليه ما لم يكن مقيماً أيام العمل في بلد عمله فتسمع الدعوى فيه.
34/ 9 دعوى الملاءة تكون في بلد المدعى عليه ، ولو كان صك الإعسار صادراً من محكمة أخرى .
34/ 10 يجوز سماع الــدعوى داخل المملكة في غير بـلد المـدعى علـيه في الأحوال الآتية :
أ ـ إذا تنازل المدعى عليه عن حقه صراحةً أو ضمناً ؛ كأن يجيب على دعوى المدعي بعد سماعها ؛ وفق المادة ( 71 ) .
ب ـ إذا تراضى المتداعيان على إقامة دعواهما في بلد آخر وفق الـمادتين ( 28 ، 45 ) .
ج ـ إذا وجد شرط بين الطرفين ، سابق للدعوى ، بأنه إذا حصلت بينهما خصومة فتقام الدعوى في بلد معين .
د ـ إذا حصل اعتراض على حجة استحكام أثناء نظرها ، أو قبل اكتسابها القطعية ، فيكون نظره في بلد العقار من قبل ناظر الحجة .
هـ ـ للزوجة في المسائل الزوجية الخيار في إقامة دعواها في بلدها أو بلد الزوج ، وعلى القاضي إذا سمع الدعوى في بلد الزوجة استخلاف قاضي بلد الزوج للإجابة عن دعواها ، فإذا توجهت الدعوى ألزم الزوج بالحضور إلى محل إقامتها للسير فيها فإذا امتنع سمعت غيابياً ، وإذا لم تتوجه الدعوى ردها القاضي دون إحضاره .
ز ـ إثبات الإعسار يكون من قبل القاضي مثبت الدين الأول إن كان على رأس العمل في المحكمة التي أثبت فيها الدين ما لم يكن مدعي الإعسار سجيناً في بلد آخر فينظر إعساره في محكمة البلد الذي هو سجين فيه .
34/ 11 جميع الإجراءات المتعلقة بحجج الاستحكام من تكميل ، أو تعديل ، أو إضافة ونحوها ، تنظر لدى محكمة بلد العقار ؛ ولو كان الصك صادراً من غيرها .
34/ 12 إذا كان القاضي ممنوعاً من نظر القضية لأي سبب ، فتنظر القضية لدى قاض آخر في المحكمة ذاتها إن وجد ، وإلا ففي أقرب محكمة .
المادة الخامسة والثلاثون :مع التقيد بأحكام الاختصاص المقررة لديوان المظالم تقام الدعوى على أجهزة الإدارة الحكومية في المحكمة التي يقع في نطاق اختصاصها المقر الرئيس لها ، ويجوز رفع الدعوى إلى المحكمة التي يقع في نطاق اختصاصها فرع الجهاز الحكومي في المسائل المتعلقة بذلك الفرع .
35/ 1 لا تسمع الدعوى على الجهات الحكومية إلا بإذن من المقام السامي بسماعها.
35/ 2 الاستئذان قبل إقامة الدعوى ضد الجهات الحكومية خاص بالدعاوى التي تكون فيها الجهة الحكومية في موقف المدعى عليها .
35/ 3 يكون طلب الاستئذان من المقام السامي في سماع الدعوى ضد الجهة الحكومية بالكتابة من المحكمة لوزارة العدل .
المادة السادسة والثلاثون :تقام الدعاوى المتعلقة بالشركات والجمعيات القائمة ، أو التي في دور التصفية ، أو المؤسسات الخاصة في المحكمة التي يقع في نطاق اختصاصها مركز إدارتها ، سواءً كانت الدعوى على الشركة أو الجمعية أو المؤسسة ، أو من الشركة أو الجمعية أو المؤسسة على أحد الشركاء أو الأعضاء ، أو من شريك أو عضو على آخر .
ويجوز رفع الدعوى إلى المحكمة التي يقع في نطاق اختصاصها فرع الشركة أو الجمعية أو المؤسسة وذلك في المسائل المتعلقة بهذا الفرع .
36/ 1 يشترط ألا يكون الشريك أو العضو منكراً المشاركة أو العضوية ما لم يكن مسجلاً رسمياً ، وإلا رفعت الدعوى في بلد المدعى عليه ؛ وفق المادة (34) .
36/ 2 عند سماع الدعوى المقامة من فرع الشركة أو الجمعية أو المؤسسة الخاصة أو عليها فإنه لا بد أن يكون ممثل هذه الجهات له الصفة الشرعية في ذلك .
36/ 3 إذا وجد فرع للشركة في بلد العضو فتقام الدعوى في بلد ذلك الفرع.
المادة السابعة والثلاثون :استثناء من المادة الرابعة والثلاثين يكون للمدعي بالنفقة الخيار في إقامة دعواه في المحكمة التي يقع في نطاق اختصاصها محل إقامة المدعى عليه أو المدعي .
37/ 1 تشمل هذه المادة كون المستفيد من النفقة ذكراً أو أنثى .
37/ 2 تسري أحكام هذه المادة على المطالبة بالنفقة أو زيادتها ، أما المطالبة بإلغائها أو إنقاصها فتكون وفق ما جاء في المادة (34) .
37/ 3 يتم تبليغ المدعى عليه في المطالبة بالنفقة ، أو زيادتها وفق المادة ( 21 ) متى ما أقيمت الدعوى في بلد المدعي .
المادة الثامنة والثلاثون : تعد المدينة أو القرية نطاقاً محليّاً للمحكمة الموجودة بها ، وعند تعدد المحاكم فيها يحدد وزير العدل النطاق المحلي لكل منها ، بناء على اقتراح من مجلس القضاء الأعلى .
وتتبع القرى ــ التي ليس بها محاكم ــ محكمة أقرب بلدة إليها ، وعند التنازع على الاختصاص المحلي ــ إيجاباً أو سلباً ــ تحال الدعوى إلى محكمة التمييز للبت في موضوع التنازع .
38/ 1 القرية التي ليس بها محكمة تتبع أقرب محكمة إليها في منطقتها .
38/ 2 القرية التي تقع بين محكمتين متساويتين في القرب لها وفي منطقة واحدة تبقى على تبعيتها في الاختصاص كما كانت سابقاً .
38/ 3 المعتبر في القرب هو الطرق المسلوكة عادة بالوسائل المعتادة .
38/4 يكون رفع المعاملة إلى محكمة التمييز للفصل في التنازع بصفة نهائية عند حصوله من قبل المحكمة التي دفعتها أولاً بعد أن تصدر قراراً بعدم الاختصاص.
المبحث الخامس
الاختصاص الزماني في النظام القضائي
لقد أخذ النظام بمبدأ تخصيص عمل القاضي بالزمان ، ويتضح ذلك من خلال الأمور التالية:-
نصت المادة (55) من نظام القضاء بما نصه: “وتكون مدة الندب أو الإعارة سنة واحدة، قابلة للتجديد سنة أخرى، على أنه يجوز لوزير العدل في الحالات الاستثنائية
أن يندب أحد أعضاء سلك القضائي داخل السلك أو خارجه لمدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر في العام الواحد”.
فقد يكلف أحد القضاة بالعمل في منطقة أخرى لسبب من الأسباب ، غير المنطقة التي يعمل فيها، وتحدد له مدة زمنية يرجع إليها ؛ فهذا القاضي المنتدب صارت ولايته في المكان الجديد محددة بالزمن ، بحيث لا يقضي في تلك البلدة قبلها ولا بعدها . وقد نصت نظام القضاء في المادة (55) بما نصه: “وتكون مدة الندب أو الإعارة سنة واحدة، قابلة للتجديد سنة أخرى، على أنه يجوز لوزير العدل في الحالات الاستثنائية أن يندب أحد أعضاء سلك القضائي داخل السلك أو خارجه لمدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر في العام الواحد”.
و مثله أيضاً عند بدء الإجازة الرسمية للمحاكم في أيام الحج والعيدين يكلّف بعض القضاة للعمل فيها ([75]).
المبحث السادس
تنازع الاختصاص
التنازع على الاختصاص هو ظاهرة تنشأ حتماً عن نظام توزيع الاختصاص على محاكم الجهة القضائية الواحدة في الدولة ، فقد ترى كل محكمة أن المنازعة أو المسألة المرفوعة إليها تخرج عن نطاق اختصاصها فتنفي اختصاصها بها وترفض مباشرة نظرها والفصل فيها ، ويتحقق هذا النزاع على الاختصاص في حالة ما إذا رفعت نفس الدعوى أمام محكمتين مختصتين – كما في حالات الاختصاص المشترك – فتتنازع المحكمتان الاختصاص بالدعوى ، سواء بأن تدفع كل محكمة بعدم اختصـاصها بهـا ( التنازع السلبي ) أو بأن تقرر كل منهما اختصاصها بالدعوى ( التنازع الإيجابي ) فتستمر في نظرها وهو ما قد يؤدي إلى صدور حكمين متناقضين في مسألة واحدة أو دعويين مرتبطتين ينشأ تنازع في تنفيذهما ([76]).
وهذا التنازع على الاختصاص الذي ينشأ بين محاكم الجهة القضائية الواحدة ، وقد ينشأ التنازع بين جهتين قضائيتين ، مثل نظام ديوان المظالم ” القضاء الإداري ” جهة المحاكم ” القضاء العادي ” لا بين محاكم جهة واحدة ، فقد يكون تنازعاً سلبياً ، عندما تتخلى كلتا الجهتين عن نظر النزاع ، وقد يكون تنازعاً إيجابياً عندما تقرر كل منهما اختصاصها بنظر النزاع ، أو أن يصدر حكمين نهائيين من كلتا الجهتين متناقضين . فالمرجع في ذلك مانصت عليه المادة الرابعة والسبعين في فقرته الثانية فقرة ب / إذا كان التدافع بين محكمة وجهة قضائية أخرى فيطبق بشأنه مقتضى المادتين ( 28 ـ 29 ) من نظام القضاء الصادر عام 1395هـ ونص المادتين كالتالي :
المادة 28 – إذا دفعت قضية مرفوعة أمام المحكمة بدفع يثير نزاعاً تختص بالفصل فيه جهة قضاء أخرى وجب على المحكمة إذا رأت ضرورة الفصل في الدفع قبل الحكم في موضوع الدعوى أن توقفها وتحدد للخصم الموجه إليه الدفع ميعاداً يستصدر في حكماً نهائياً من الجهة المختصة . فإن لم ترى لزوماً لذلك أغفلت موضوع الدفع وحكمت في موضوع الدعوى وإذا قصر الخصم في استصدار حكم نهائي في الدفع في المدة المحدد كان للمحكمة أن تفصل في الدعوى بحالتها .
مادة 29 – إذا رفعت دعوى عن موضوع واحد أمام إحدى المحاكم الخاضعة لهذا النظام وأمام أية جهة أخرى تختص بالفصل في بعض المنازعات ولم تتخلى إحداهما عن نظرها أو تخلت كلتاهما يرفع طلب تعيين الجهة المختصة إلى لجنة تنازع الاختصاص التي تؤلف من ثلاثة أعضاء عضوين من أعضاء مجلس القضاء الأعلى المتفرغين يختارهما مجلس القضاء الأعلى ويكون أقدمهما رئيساً . والثالث رئيس الجهة الأخرى أو من ينيبه كما تختص هذه اللجنة بالفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين صادر احدهما من إحدى المحاكم الخاضعة لهذا النظام والأخر من الجهة الأخرى . ( 1 ).
ويمكن التعويل على القواعد العامة للطعن في الأحكام باعتبارها الطريق الطبيعي المتاح للطعن على الأحكام ، فيكون لذوي الشأن الطعن في الحكم الصادر من إحدى المحكمتين في مسألة الاختصاص وفقاً لنظام الطعن في الأحكام ويمكن إبداء الملاحظات الآتية في شأن التنازع وطرق الطعن التي يمكن ولوجها لحله :
1 – أن إعمال نص المادة ( 74 ) من النظام التي تلزم المحكمة إذا قررت عدم اختصاصها بالدعوى أن تعين المحكمة المختصة، وأن تحيل إليها مع إلزام المحكمة المحال إليها بما يتقرر في حكم الإحالة بشأن اختصاصها، يجعل حالات التنازع السلبي على الاختصاص نادرة في العمل .
2 – الأحكام الصادرة بالاختصاص لا تقبل الطعن المباشر وعلى استقلال ، وإنما يكون الطعن فيها بعد صدور الحكم الختامي المنهي للخصومة ( م / 175 ) أما الأحكام الصادرة بعدم الاختصاص والإحالة فإنها تقبل الطعن المباشر وعلى استقلال .
3 – تقبل الأحكام الصادرة بالمخالفة لقواعد الاختصاص الطعن فيها وإحالتها إلى محكمة التمييز لمخالفتها لقواعد الاختصاص، وفي حالة قبول الطعن ونقض الحكم ، فإن محكمة ( التمييز ) تعين المحكمة المختصة التي يجب التداعي إليها بإجراءات جديدة ( م / 188 ) .
ويقتصر الفصل من جانب هذه المحكمة على بحث مسألة الاختصاص فقط ( م / 186 ).
الخاتمة
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على خير الرسل، نبينا محمد، وآله وصحبه أهل المكرمات، وسلم تسليما مزيدا ، وبعد:- فهذه جملة من النتائج والفوائد التي توصلت إليها من خلال هذا البحث المتواضع، أجملها في النقاط التالية:-
أولا: أن هذا الموضوع يعد من أهم موضوعات القضاء وأرفعها؛ نظراً لأهميته في ضبط سير القضاء والتقاضي.
ثانيا: يقصد بالاختصاص القضائي في الأنظمة: أن يخول ولي الأمر أو نائبه جهة قضائية صلاحية الحكم في قضايا خاصة أو عامة، وفي حدود زمانية أو مكانية معينة وفقا لمعايير وقواعد محددة، مما يعود على النظام، والجهة القضائية، والخصوم بالمصلحة.
ثالثا: أن نظام الاختصاص في القضاء عرفه المتقدمون وعملوا به، فهو ليس بوليد اليوم؛ فلقد باشر الرسول r القضاء بنفسه، وأسنده إلى غيره في أماكن كثيرة، كما عمل به الصحابة من بعده، وكذا الخلفاء من بعدهم على مر العصور، كل حسب الحاجة والمصلحة.
رابعا: أن الأنظمة القضائية الموجودة في هذه البلاد هي جزء من السياسة الشرعية التي تستمد أصولها من الوحيين؛ إذ الأنظمة ما هي إلا ما يضعه البشر أو الدول من نصوص لمواد، وأحكام لمزيد من الضبط لشؤون حياتهم في الداخل والخارج.
خامسا: لقد مر الاختصاص في القضاء في سبيل تطوره بمراحل عدة جسد فيها مدى اهتمام الولاة به لما فيه من المصالح العامة والخاصة ؛ لذا نجد الاختصاصات في مجالات القضاء حسب ما يتناسب مع كل زمان ومكان ، فوجد قاضي الأحداث ، وقاضي البر ، وقاضي المياه ، وقاضي الجيش ، وقاضي الركب ؛ ومن ثم ماطرأ لاحقاً من إيجاد القواعد النظامية المتوالية لتنظيم وتسهيل العمل القضائي بما يتوافق مع الأصول الشرعية وجلب المصالح للأمة .
سادسا: أولى المؤسس الملك عبد العزيز رحمه الله جهة القضاء اهتماما بالغا، فقد أصدر مرسوما ملكياً بإنشاء المحاكم على ثلاث درجات؛ وهي: المحاكم الجزئية ، والمحاكم الكبرى وملحقاتها، ومحكمة التمييز ، والجهود في سبيل تطوير هذه المحاكم ، ورفع مستوى أدائها بما يتناسب مع متطلبات العصر متواصلة والحمد لله .
سابعا: يقصد بالاختصاص الولائي أو الوظيفي: تحديد نصيب كل جهة قضائية من جهات التقاضي من ولاية القضاء، ويسمى اختصاص الجهة، وهو اختصاص عام.
ثامنا: يتمثل اختصاص الولائي أو الوظيفي في المملكة في جهتين:-
ولاية القضاء الشرعي؛ وهي التي لها ولاية عامة في النظر في الخصومات، وكافة الجرائم إلا ما استثناه النظام.
وولاية القضاء الإداري وهي التي لها الولاية في النظر في الأمور الإدارية، وهو ما يعرف بديوان المظالم، واختصاصاتها جاءت مفصلة في المادة الثامنة من نظام الديوان.
تاسعا: يقصد بالاختصاص الدولي: بيان القواعد التي تحدد ولاية محاكم الدولة في الولايات التي تتضمن عنصرا أجنبيا إزاء غيرها من محاكم الدولة الأخرى، وذلك بالمقابلة لقواعد الاختصاص الداخلي، والتي تحدد اختصاص كل محكمة من محاكم الدولة إزاء غيرها من محاكم الدولة نفسها . ولقد اتسمت ببعض المعايير والإعتبارات ، وهي:-
أ/ معيار الجنسية، وتفصيله في المادة (24) من نظام المرافعات.
ب/ معيار الإقامة، وتفصيله في المادة (25) من نظام المرافعات.
ج/ معيار طبيعة الدعوى، وتفصيله في مادتي (26، 27).
د/ معيار الرضا، وتفصيل ذلك في المادة (28).
هـ/ الإجراءات الوقتية، والتحفظية، وهي في مادتي (29، 30).
عاشرا: يقصد بالاختصاص النوعي: توزيع العمل بين المحاكم المختلفة في داخل الجهة القضائية الواحدة بحسب نوع القضية.
حادي عشر: يقصد بالاختصاص القيمي: سلطة المحكمة في الفصل في الدعوى حسب قيمتها بغض النظر عن نوعها.
والمواد المتعلّقة بهذين النوعين من (31 – 33) والتي بين المنظم فيها اختصاص المحكمة العامة واختصاص المحكمة الجزئية
ثاني عشر: يقصد بالطلبات العارضة تلك الطلبات التي تقدم أثناء سير الخصومة، وتتناول بالتغيير أو بالزيادة، أو بالنقص أو بالإضافة ذات النزاع من جهة موضوعه، أو سببه، أو طرفه .
ثالث عشر: يقصد بالارتباط: اتصال الدعوى اللاحقة بالسابقة في الموضوع أو السبب، ولا يلزم اتحادهما في المقدار.
رابع عشر: نجد ان النظام قد خرج على قواعد الاختصاص ، وذلك فيما يخص المحكمة العامة ، فباعتبارها محكمة ذات اختصاص عام فإنها تختص بالفصل في الطلبات العارضة والمرتبطة حتى ولو كانت هذه الطلبات تخرج عن نطاق اختصاصها القيمي أو النوعي، والهدف من ذلك توحيد النزاع أمام محكمة واحدة حتى لا تنقطع أوصال القضية، وعملاً على الاقتصاد في النفقات والإجراءات لصدور الحكم المنهي للخصومة ، وتفادياً لصدور أحكام متعارضة ومتناقضة.كما أن ذلك يعد تطبيقاً لقاعدة أن قاضي الأصل هو قاضي الفرع. غير أن ذلك إذا كان ينطبق بالنسبة للمحكمة العامة ، فإنه لا ينطبق بالنسبة للمحكمة الجزئية .
خامس عشر: هناك قواعد لتنظيم وتقدير قيمة الدعوى تفهم من واقع تطبيق فقرات مواد النظام المتعلق بهذا الاختصاص ، وهي : أن العبرة بقيمة الدعوى عند رفعها، وأن العبرة بما يطلبه الخصوم، وليس بما تحكم به المحكمة، وأن العبرة بآخر الطلبات، وأن العبرة بقيمة الجزء المطلوب إلا إذا امتد النزاع إلى الحق كله، وأنه يضاف إلى الطلب الأصلي ملحقاته المستحقة وقت رفع الدعوى، وكذا طلب ما استجد من الأجرة بعد رفع الدعوى إلى يوم الحكم فيها، وذلك بشروط.
سادس عشر: الاختصاص المحلي أو المكاني: ويقصد به سلطة المحكمة في نظر الدعوى التي في دائرة اختصاصها المكاني أو الجغرافي بناء على معيار معين . والمواد المتعلّقة بهذا النوع هي كما ورد في المواد من (34 – 38) والتي بين المنظم فيها الاختصاص المحلي أو المكاني
سابع عشر: أن رفع الدعوى إلى محكمة مختصة ينزع الاختصاص بها عن المحاكم المختصة الأخرى
ثامن عشر: لقد أخذ النظام بمبدأ تخصيص عمل القاضي بالزمان .
تاسع عشر: التنازع على الاختصاص ظاهرة تنشأ حتماً عن نظام توزيع الاختصاص على محاكم الجهة القضائية الواحدة في الدولة ، فقد ترى كل محكمة أن المنازعة أو المسألة المرفوعة إليها تخرج عن نطاق اختصاصها فتنفي اختصاصها بها وترفض مباشرة نظرها والفصل فيها . وهناك نوعان من التنازع في الاختصاص :
1 = الإيجابي ، وهو أن تقرر كل من المحكمتين اختصاصها بالدعوى ، فتستمر في نظرها .
2 = السلبي ، وهو دفع كل محكمة بعدم الاختصاص .
ثبت المصادر والمراجع
1- القرآن الكريم.
2- أخبار القضاة تأليف محمد بن خلف بن حيان المشهور بالوكيع المتوفى سنة 306هـ . دار عالم الكتب بيروت .
3- الاختصاص القضائي في الفقه الإسلامي مع بيان التطبيق الجاري في المملكة العربية السعودية، تأليف د. ناصر بن محمد الغامدي، مكتبة الرشد، الرياض، الطبعة الأولى 1420هـ ـ2000م.
4- الأجكام السلطانية والولايات الدينية تاليف ابي الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي ، دار الكتب العلمية ، بيروت .
5- أدب القاضي، تأليف أبي الحسن الماوردي ، تحقيق محيي الدين هلال . مطبعة الإرشاد بغداد 1391هـ
6- الأشبه والنظائر، تأليف زين الدين بن إبراهيم بن نجيم (970ﻫ)، تحقيق عبد العزيز الوكيل، مؤسسة الحلبي وشركاؤه، القاهرة1310ﻫ.
7- أصول التشريع في المملكة العربية السعودية للدكتور عبدالمجيد الحفناوي
8- أصول العلاقات الدولية في فقه الإمام محمد بن الحسن الشيباني، تأليف د. عثمان جمعة ضميرية، دار المعالي، ط.1، 1419ﻫ-1999م.
9- أصول وقواعد المرافعات، تأليف أحمد ماهر زغلول دار النهضة العربية القاهرة
10- بداية المجتهد، تأليف أبي الوليد القرطبي ابن رشد الحفيد (ت 595)، دار الكتب العلمية، الطبعة العاشرة 1408ﻫ ـ 1988م.
11- تاريخ الأمم والملوك لابن جرير الطبري تاليف أبي جعفر محمد بن جرير الطبري . دار الكتب العلمية . بيروت ،1417هـ
12- تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الحكام، تأليف الإمام أبي الوفاء إبراهيم بن عبد الله بن فرحون المالكي، (ت 799)، دار الكتب العلمية بيروت، د. ت.
13- تحفة الأحوذي، تأليف محمد عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري (ت 1353ﻫ)، دار الكتب العلمية، بيروت. د. ت.
14- التصنيف الموضوعي للتعاميم (( وزارة العدل ))
15- التعليق على نصوص نظام المرافعات الشرعية د : طلعت دويدار . د : محمد بن علي كومان . منشأة المعارف
16- التلخيص الحبير، تأليف الحافظ علي بن أحمد بن حجر (ت 852ﻫ) ، المدينة المنورة، طبعة عام1384ﻫ-1964، تحقيق السيد عبد الله اليماني.
17- تنازع الاختصاص القضائي، تأليف هشام صادق، دار المطبوعات الجامعية الأسكندرية. ط 2002
18- الحسبة، تأليف أحمد بن عبد الحليم بن تيمية (ت728ﻫ )، دار المسلم، الطبعة الأولى، 1412ﻫ-1992م.
19- سنن أبي داود، تأليف سليمان بن الأشعث السجستاني (275ﻫ)، دار الفكر، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد.
20- سنن ابن ماجة، محمد بن يزيد القزويني، (ت275ﻫ)، دار الفكر، بيروت، د.ت. تحقيق فؤاد عبد الباقي.
21- سنن الترمذي، تأليف أبي عيسى محمد بن عيسى (ت 279ﻫ)، دار إحياء التراث، بيروت، أحمد شاكر وآخرون.
22- السياسة الشرعية لعبد الوهاب خلاف، مؤسسة الرسالة، الطبعة الخامسة، 1413ﻫ ـ 1993م.
23- السياسة الشرعية والفقه الإسلامي لعبد الرحمن تاج، دار التأليف مصر، الطبعة الأولى، 1373هـ.
24- صحيح البخاري، تأليف محمد بن إسماعيل البخاري (ت 256ﻫ)، دار ابن كثير بيروت، ط3. سنة 1407ﻫ-1987م.
25- صحيح مسلم، تأليف مسلم بن الحجاج القشيري (ت 261ﻫ) دار إحياء التراث بيروت، تحقيق فؤاد عبد الباقي.
26- الطرق الحكمية في السياسة، تأليف أبي عبد الله محمد بن قيم الجوزية (ت 751ﻫ)، تحقيق بشير محمد عيون، مكتبة دار البيان دمشق، ط.1، 1410ﻫ-1989م.
27- القاموس المحيط، تأليف الفيروز آبادي (817ﻫ)، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
28- القانون القضائي الخاص، تأليف إبراهيم نجيب سعد . منشأة المعارف الاسكندرية
29- قانون القضاء المدني، تأليف محمود هشام . دار الفكر العربي
30- قانون المرافعات المدنية والتجارية . د : احمد هندي . دار الجامعة الجديدة للنشر ط 1995
31- قواعد المرافعات في التشريع المصري المقارن. د : محمد وعبدالوهاب العشماوي .اناشر مكتبة الأداب القاهرة
32- لسان العرب لابن منظور (ت 711ﻫ)، دار إحياء التراث الإسلامي، بيروت، لبنان، الطبعة الثالثة.
33- مبادئ القضاء المدني، تأليف وجدي راغب فهمي.دار النهضة العربية
34- مجمع الزوائد، تأليف علي بن أبي بكر الهيثمي، (ت 807ﻫ)، دار الريان، القاهرة، سنة 1408ﻫ، تحقيق كمال يوسف الحوت.
35- مختار الصحاح، تأليف أبي بكر بن عبد القادر الرازي، (ت 666ﻫ)، دار الكتاب العربي، بيروت، عام 1401ﻫ -1981م.
36- المرافعات المدنية والتجارية، تأليف احمد أبو الوفاء . منشأة المعارف
37- المستدرك على الصحيحين، تأليف محمد بن عبد الله الحاكم، (ت 405ﻫ)، دار الكتب العلمية، بيروت، ط.1، 1411ﻫ-1987م، تحقيق مصطفى عبد القادر عطا.
38- المصباح المنير ، تأليف أحمد الفيومي، المكتبة العصرية، بيروت، الطبعة الثالثة، 1420ﻫ ـ 1999م.
39- مصنف ابن أبي شيبة، تأليف أبي بكر عبد الله بن محمد ابن أبي شيبة، (230ﻫ)، مكتبة الرشد، ط.1 سنة 1409ﻫ.
40- المعجم الوسيط، إعداد إبراهيم مصطفى وآخرون، المكتبة الإسلامية تركيا. د. ت
41- معجم لغة الفقهاء، تأليف أ. د. رواس قلعجة جي، دار النفائس، الطبعة الأولى 1416ﻫ ـ 1996م.
42- مقدمة ابن خلدون، تأليف عبد الرحمن بن خلدون، (ت808) مكتبة عباس أحمد الباز، الطبعة الأولى 1413ﻫ ـ 1993م.
43- الموافقات في أصول الشريعة، تأليف أبي إسحاق إبراهيم بن موسى الغرناطي الشاطبي ، تحقيق عبد الله دارز ، دار المعرفة، بيروت.
44- نظام الحكم في الإسلام ، للدكتور / محمد الغزالي
45- نظام القضاء الصادر بمرسوم الملكي رقم م/64
بتاريخ 14/7/1359م.
46- نظام المرافعات الشرعيةالصادر بالأمر السامي رقم م/21 بتاريخ 205/1421هـ
47- نظرية الاختصاص ، تأليف الباسط جميعي.
48- نظرية الحكم القضائي في الشريعة والقانون، تأليف د. عبد الناصر موسى أبو البصل، دار النفائس، ط. 1 1420ﻫ ـ 2000م.
49- نظرية الدعوى بين الشريعة الإسلاميةوقانون المرافعات المدنية والتجارية : محمد نعيم ياسين . دار النفايس الأردن
50- النظم الإسلامية وحاجة البشرية إليها، النموذج السعودي، تأليف أ. د. عبد الرحمن الجويبر، دار المآثر المدينة المنورة، الطبعة الأولى 1423 ﻫ ـ 2002م.
51- النظم الإسلامية، تأليف د. منير حميد البياني، دار البشير، ط. 1، 1415ﻫ ـ1994م.
52- الوجيز في المرافعات المدنية والتجارية . د احمد ماهر زغلول . دار ابو المجد للطباعة بالهرم .
53- الوسيط في قانون القضاء المدني ، تأليف فتحي والي . دار النهضة العربية القاهرة .
54- الوسيط في شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية : الدكتور احمد السيد صاوي ط 2004
فهرس الموضوعات
المقدمة……………………………………………………….1
خطة البحث………………………………………………….3
الفصل الأول: التصور العام عن الاختصاص القضائي في الأنظمة،……….5
تعريف الاختصاص…………………………………………….5
تعريف القضاء………………………………………………..5
تعريف النظام…………………………………………………7
تعريف الاختصاص القضائي باعتباره علما…………………………8
مشروعية الاختصاص القضائي…………………………………..9
نشأة الاختصاص القضائي وتطوره………………………………11
التطورات التي جرت على الاختصاص القضائي عبر التأريخ………….12
الاختصاص القضائي في النظام………………………………….15
الفصل الثاني: أنواع الاختصاص القضائي في الأنظمة……………….15
الاختصاص الولائي أو الوظيفي وتقاسيمه………………………..17
ولاية القضاء الشرعي…………………………………………17
ولاية قضاء المظالم……………………………………………18
الاختصاص الدولي…………………………………………..20
معيار الجنسية……………………………………………….20
معيار الإقامة………………………………………………..21
معيار طبيعة الدعوى………………………………………….21
معيار الرضا بالاختصاص………………………………………23
الإجراءات الوقتية…………………………………………….24
الاختصاص النوعي…………………………………………..25
الاختصاص القيمي…………………………………………..26
الطلبات العارضة وأثرها على قواعد الاختصاص…………………..28
قواعد تقدير قيمة الدعوى………………………………………29
1- العبرة بقيمة الدعوى عند رفعها……………………………..30
2- العبرة بما يطلبه الخصوم، وليس بما تحكم به المحكمة………………30
3- العبرة بآخر الطلبات……………………………………….30
4- العبرة بقيمة الجزء المطلوب إلا إذا امتد النزاع إلى الحق كله………..30
5- يضاف إلى الطلب الأصلي ملحقاته المستحقة وقت رفع الدعوى…..30
شروط إقامة هذه الملحقات…………………………………….31
استعراض للمواد المتعلقة بهذا النوع (31-33)…………………….32
المبحث الرابع: الاختصاص المحلي والمكاني…………………………36
استعراض للمواد النظامية المتعلقة بهذا النوع (34-38)………………39
المبحث الخامس: الاختصاص الزماني في النظام……………………..42
المبحث السادس: تنازع الاختصاص……………………………..34
الخاتمة………………………………………………………46
ثبت المصادر والمراجع………………………………………….49
فهرس الموضوعات…………………………………………….52
منقول
وتقبلوا تحياتنا ، أخوكم المحامي : فهد بن منصور بن راشد العرجاني
([1]) سورة المائدة، الآية 50 / سورة الأنعام الآية 115 .
([2]) سورة آل عمران، الآية 164.
([3]) الموافقات في أصول الشريعة1/88.
([4]) أصول العلاقات الدولية1/8-9.
([5]) الطرق الحكمية، ص10.
([6]) المصدر السابق، ص11
([7]) انظر: القاموس المحيط، باب الصاد، فصل الخاء، ص570، ولسان العرب4/109، والمعجم الوسيط1/238.
([8]) انظر: قانون المرافعات المدنية والتجارية، ص245، والوسيط في شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية، ص355.
([9]) ص174.
([10]) سورة الإسراء، الآية23.
([11]) سورة طه، الآية114.
([12]) انظر: مختار الصحاح، ص540، والمصباح المنير ص262، ولسان العرب11/209.
([13]) انظر: نظرية الدعوى بين الشريعة الإسلامية ص26-27.
([14]) مقدمة ابن خلدون ص173.
([15]) انظر: الاختصاص القضائي في الفقه الإسلامي ص39.
([16]) انظر: القاموس المحيط، ص1071، والقاموس المحيط 14/196، والمعجم الوسيط2/933.
([17])كتاب أصول التشريع في المملكة، د. عبد المجيد الحفناوي ص 93- 95 / نظام الحكم في الإسلام للدكتور محمد الغزالي ص21
([18]) المصدر السابق، ص44.
([19]) قانون المرافعات المدنية والتجارية، ص31.
([20]) انظر: نظام الحكم قي الإسلام، ص21.
([21]) انظر: قواعد المرافعات في التشريع المصري المقارن 1/353.
([22])القانون القضائي الخاص 1/424.
([23]) نظرية الاختصاص، ص 10
([24]) النظم الإسلامية وحاجة البشرية إليها، النموذج السعودي، ص32.
([25]) السياسة الشرعية والفقه الإسلامي، ص7.
([26]) السياسة الشرعية أو نظام الدولة الإسلامية، ص 24-25.
([27]) ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد4/196، وقال: رواه أبو يعلى، ورجاله رجال الصحيح.
([28]) المصدر السابق، وقال: فيه ابن لهيعة، وفيه ضعف، وحديثه حسن، وبقية رجاله رجال الصحيح.
([29]) أخرجه ابن أبي شيبة5/453، و ذكره أيضا ابن فرحون في تبصرة الحكام، ص12.
([30]) انظر: تبصرة الحكام، ص13.
([31]) السياسة الشرعية أو نظام الدولة الإسلامية، ص52-53.
([32]) الأشباه والنظائر، ص230.
([33]) أخرجه مسلم في الحدود، باب حد الخمر، 3/1330، ح1706.
([34]) أخرجه الترمذي في الحدود، باب ما جاء في النفي4/44، ح1438، وقال: حديث ابن عمر حديث غريب. قال الحافظ في التلخيص4/61: صححه ابن القطان، ورجح الدارقطني وقفه.
([35]) بداية المجتهد ونهاية المقتصد، 2/461.
([36]) انظر: نظرية الحكم القضائي، ص254.
([37]) أخرجه الحاكم في المستدرك4/99. وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
([38]) أخرجه البخاري في فضائل الصحابة، باب مناقب أبي عبيدة، 3/1369، ح3535.
([39]) أخبار القضاة1/104
([40]) انظر: ص9.
([41]) أحكام السلطانية والولايات الدينية ص89-93.
([42]) انظر: الحسبة لابن تيمية، ص12، وتبصرة الحكام، ص13.
([43]) أخرجه أبو داود، في القضاء، باب اجتهاد الرأي في القضاء، 3/303، ح3592. والترمذي في كتاب الأحكام، باب ما جاء في القاضي كيف يقضي3/616، ح1327. قال المباركفوري في تحفة الأحوذي7/367: “والحديث وإن تكلم فيه بعض أهل العلم بما هو معروف، فالحق أنه من قسم الحسن لغيره، وهو معمول به”.
([44]) ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد1/174، وقال: رواه الطبراني، وفيه خالد بن نافع الأشعري، وثقه ابن حبان، وضعفه جماعة، وبقية رجاله ثقات.
([45]) انظر: تاريخ الأمم والملوك2/543.
([46]) انظر: تاريخ الملوك2/380
([47]) انظر: أدب القاضي1/173-174.
([48]) انظر: التنظيم القضائي، ص233.
([49]) انظر: المصدر السابق، ص236، واختصاص القضائي، ص102-107.
([50]) انظر: التنظيم القضائي في المملكة العربية السعودية، ص276،
([51]) انظر: المصدر السابق، ص279، والنظم الإسلامية، ص33-34.
([52]) انظر: قانون المرافعات المدنية والتجارية، ص249، والوسيط في شرح قانون المرافعات، ص355، والقواعد الإجرائية في المرافعات الشرعية، ص98.
([53]) انظر: قانون المرافعات المدنية والتجارية، ص254.
([54]) الوسيط في شرح قانون المرافعات ص 359
([55])انظر نظام القضاء الصادر بالمرسوم الملكي رقم 648/م تاريخ 14/7/1395هـ
([56]) تنازع الاختصاص القضائي ص 5.
([57]) الوسيط في شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية، ص288.
([58]) انظر: المصدر السابق، ص369-370.
([59]) التعليق على نصوص نظام المرافعات الشرعية1/238.
([60]) قانون المرافعات المدنية والتجارية، ص353، والوسيط في شرح قانون المرافعات، ص410.
([61]) الاختصاص القضائي، ص226.
([62]) انظر: مبادئ القضاء المدني ص 237
([63]) انظر: القانون القضائي الخاص 1/436 بند 179 .
([64]) انظر: المرافعات المدنية والتجارية، ص 438 بند 365 .
([65]) انظر: الوسيط ص 266 ، و القانون القضائي الخاص1/442، بند 180 .
([66])الوسيط في شرح قانون المرافعات ص 414-422
([67]) الوسيط، ص 229، بند 142
([68]) التعليق على نصوص نظام المرافعات الشرعية1/260.
([69]) التنظيم القضائي في المملكة العربية السعودية، ص444.
([70]) انظر: الاختصاص القضائي في الفقه الإسلامي، ص420.
([71]) التعليق على نصوص نظام المرافعات الشرعية1/272.
([72]) انظر: أصول وقواعد المرافعات ص 736 بند 349 . الوجيز في المرافعات د: احمد ماهر زغلول ص 499
([73]) انظر: المصدر السابق.
([74]) انظر: قانون القضاء المدني ص 404 ، 405
([75]) انظر: التصنيف الموضوعي 4/479 . تعميم رقم 5/4/102ت في 12/6/1407هـ
([76]) أصول وقواعد المرافعات، ص 868 بند 404 .
( 1) نظام المرافعات الشرعيةالصادر بالمرسوم الملكي م/21 وتاريخ 20/5/1421هـ . نظام القضاء الصادر بالمرسوم الملكي م/64 وتاريخ14/7/1395هـ
اترك تعليقاً