دراسة وبحث قانوني حول مسؤولية البائع عن فعل المنتجات “بحث”
المقدمة
يعتبر عقد البيع حاليا أكثر العقود شيوعا و انتشارا في مجال الحياة، فرغم ذلك اخذ يتطور ويزداد أهمية شيئا فشيئا، وذلك بسبب التطور الهائل الذي حققه العلم البشري من إنتاج أشياء لم تكن بالحسبان، مما أدى إلى ازدياد عرض السلع الاستهلاكية التي لم تكن معروفة من قبل كالأجهزة الكهربائية والأجهزة الخلوية والسيارات …الخ، إلا أن ذلك لم يقف إلى هذا الحد فحسب إنما أخذ بالتطور باضطراد مستمر، ومع ازدياد هذا التطور في الصناعات و التقدم العلمي الذي يتحفنا بأشياء جديدة؛ ازدادت المخاطر والأضرار التي يتعرض لها الأشخاص في المجتمع نتيجة استخدام مثل هذه الأجهزة المتطورة وغيرها.
فقد يترتب على هذا الإنتاج احتمال أن تطرح بالأسواق منتجات يعتورها العيب واستعمالها يؤدي إلى إلحاق الضرر بمستعمليها، الأمر الذي قد يستدعي سحبها من الأسواق كما فعلت بعض شركات السيارات حاليا، فقد يؤدي أحيانا إلى عدم قدرة المنتج سحب بضاعته من السوق بالتالي وقوع الضرر.
ومن ناحية أخرى نجد أن المنتجات التي تعرض بالأسواق تحمل تعليمات حول المنتجات و كيفية استعمالها، لذا يمكن أن تعرض منتجات بدون وضع ملصق تعليمات، أو مخالفتها للتعليمات…الخ. فهذا بدوره يؤدي إلى ظهور أضرار تلحق بالمتضرر، إلا أن هذه النقطة هي ليس مجال بحثنا إنما ينحصر بالنقطة الأولى فقط.
نتيجة هذين الطرحين يتسع حجم الأضرار التي يتعرض لها المستهلك(المشتري) جراء استعمال المنتجات المطروحة بالسوق للتداول، و دليل ذلك كثرة الحوادث اليومية، إلا أن هذه الأضرار لا تمنع المستهلك من الإقبال على السلع المنتجة خصوصا الآلية منها، لأن مجتمعنا حاليا أساس اعتماده على الآلة، إضافة إلى أساليب الدعاية المنتشرة حاليا في الأسواق، فدورها الأساسي ترغيب المستهلك بالسلعة لا بل الانقياد وراء الدعاية لشرائها، سواء أكانت الدعاية مشروعة أو غير مشروعة قالهم الوحيد للمنتج تسويق السلعة وتحقيق الربح، لذلك ظهرت حاليا جمعيات المستهلكين من اجل حماية المستهلك وصيانة مصالحه الأساسية، لكن مثلها لا يوجد إلا بالدول الغربية. من ناحية أخرى فقد اهتمت التشريعات الحالية بحماية المستهلك عن طريق ازدياد الرقابة على المنتجين، وإلزامهم بإتباع قواعد معينة لأجل إعلام جمهور المستهلكين بطريقة الاستعمال، والوقاية، والتحذيرات الهامة على السلع، ولغة كتابة التحذيرات والاستعمال، وهذا ما اخذ به مشروع قانون حماية المستهلك الفلسطيني.
مما تقدم ما يهمنا في هذا المجال، التطور الذي ادخل خصوصا من قبل المحاكم الفرنسية في مجال معالجتها لمسؤولية البائع عن فعل منتجاته المعيبة على أساس خطا المنتج أو البائع. وقد حصل تطور في هذا المجال إلى أن جعل الخطأ مفترضا من قبل البائع أو المنتج، فيما بعد اتجه إلى تحوير القواعد الناظمة لضمان العيوب الخفية، وذلك لأجل تطويعها وتعويض المتضرر على أساسها، الأمر الذي اخرج تلك القواعد عن مضمونها إلى أن تبين لها قصور الحماية للمتضرر فتطورت فيما بعد إلى أن ألزمت البائع بضمان سلامة المستهلك.
المبحث الأول
أساس المسؤولية عن فعل المنتجات
يقصد بالأساس الذي تقوم عليه المسؤولية السبب الذي يقيم عبء الإثبات على عاتق من يقوم بتعويض الضرر الذي يحصل للطرف الآخر جراء بيعه مبيع يعتوره عيب ما[1]. و الآن نناقش الأساس الذي تقوم عليه المسؤولية، حيث ينازع هذا الموضوع نظريتان الأولى تقوم على الخطأ، والثانية تقوم على تحمل التبعة، كما سنناقش فيما إذا يمكن أن يصلح ضمان العيوب الخفية كأساس يحكم مسؤولية البائع أم لا، لكن قبل ذلك لابد لنا من تعريف المنتج حتى نستطيع تكوين الفكرة الأساسية لهذا الموضوع.
تعريف المنتَج:
لم نجد تعريفا قانونيا للمنتَج في القوانين السارية المفعول في فلسطين ولا حتى مشاريع القوانين الحديثة، فرغم معالجة هذا الموضوع في مشروع قانون التجارة الفلسطيني إلا انه لم يعرف المُنتَج. وهذا يعيب المشروع كونه حديثا حيث اكتفى بتعريف المنتَج المعيب، وقد عرف من هو المُنتِج في نص المادة (73) منه، لذا من الأولى بالمشروع تعريف المنتَج بشكل خاص، كما فعل المشرع الفرنسي حيث عالج هذا الموضوع في نطاق القانون المدني الفرنسي إذ نصت المادة (1386/2) على انه “يعد منتج كل مال منقول حتى لو كان مندمجا في عقار بما في ذلك منتجات الأرض وتربية الحيوانات والقنص والصيد وتعتبر الكهرباء منتج”[2]، فما يلاحظ على هذا النص انه وسع من حدود المسؤولية عن فعل المنتجات التي يقوم البائع أو المنتج ببيعها لأشخاص آخرين، وما يؤيد ذلك اعتبار الكهرباء منتج، وكذا المواد الزراعية ..الخ، ولم يميز بالحكم فيما بين أنواع المنتجات سواء أكانت صناعية أم طبيعية[3]
المطلب الأول
الخطأ أساس المسؤولية
تعتمد هذه النظرية على أن الخطأ أساس للمسؤولية، و فيها يتنازع رأيان، الأول يرى بان الخطأ مفترضا لا يقبل العكس، والثاني يرى انه خطأ ثابت أو خطأ في الحراسة[4]، لذا سنبحث هذان الرأيان على النحو الآتي:
أولا: الخطأ المفترض
إن القواعد العامة الثابتة تقضي بإثبات المدعي خطأ المدعى عليه، أي أنه يتوجب على المتضرر إثبات خطأ البائع حتى يتحمل المسؤولية و التعويض، وحسب هذه النظرية قام المشرع استثناء بإعفاء المتضرر من إثبات الخطأ، أي اكتفى بإثبات الضرر والعلاقة السببية بين الضرر وفعل المبيع الذي يعتوره العيب، نستخلص من النظرية أن البائع يعتبر مسؤولا عن فعل المبيع الذي يعتوره العيب على أساس الخطأ المفترض غير القابل لإثبات العكس، إلا إذا راعى الإجراءات القانونية الواجبة الإتباع وهذا ما اتجهت إليه المحاكم الفرنسية في البداية حيث قضت المحكمة العليا الفرنسية في عام 1896 في قضية انفجار ماكينة في إحدى القاطرات أن على مالك القاطرة مسؤولية تجاه المتضرر ولا يستطيع المالك نفي المسؤولية إلا بإثبات السبب الأجنبي، من هنا نرى انه لا يمكن نفي المسؤولية إلا بإثبات السبب الأجنبي أي أصبح الخطأ غير قابل لإثبات العكس[5]، هذا ما اخذ به مشروع القانون المدني الفلسطيني في نص المادة(197)[6].
إلا أن النظرية تقوم على فكرة الضمان الاجتماعي، فحسب ذلك نجد أن الخطأ لا وجود له، إنما ابتدع للتحايل وإقامة المسؤولية على أساس خطأ ظني، إذ لم يكن بامكان البائع نفي الخطأ لكن يمكنه إثبات نفي العلاقة السببية بين فعل المبيع والضرر الذي لحق المستهلك[7] ،وهذا ما يمكن استنتاجه من نص المادة سالفة الذكر.
وما يثبت هذا القول أن محكمة النقض الفرنسية في قرارها عام 1930 استبدلت مصطلح الخطأ المفترض بتعبير المسؤولية المفترضة[8]، أي أن المسؤولية هنا مسؤولية موضوعية، لذا لا يمكن القول أنها تقوم على أساس الخطأ.
ثانيا: الخطأ الثابت (الخطأ بالحراسة)
نظرية الخطأ المفترض لم تعد ذات جدوى؛ لإمكانية قيام مسؤولية البائع تجاه المتضرر لجأ الفقه إلى التفكير بأساس آخر يمكن أن تقوم عليه المسؤولية لذا اتجه الرأي إلى الأخذ بنظرية الخطأ الثابت. فلسفة هذه الفكرة هي أن الالتزامات التعاقدية تنقسم إلى التزام ببذل عناية، والتزام بتحقيق نتيجة، وكذا الالتزامات القانونية، أي أن التزام شخص ما بعدم الإضرار بالغير التزام ببذل عناية فيتوجب عليه أن يراعي في سلوكه عناية الرجل العادي، وتقوم المسؤولية بإثبات أن الشخص لم يبذل العناية المطلوبة.
أما التزام حارس الأشياء فهو تحقيق نتيجة لذا يتعين على الحارس أن يسيطر على الشئ سيطرة فعلية وتامة، أي يمنع الشئ من الإضرار بالغير، فان اخل بذلك يقوم خطا من جانبه يوجب تعويض المتضرر، ولا يمكن التخلص من هذه المسؤولية بإثبات الحارس اْنه بذل جهد الشخص العادي إلا إذا اثبت السبب الأجنبي عندئذ تنتفي العلاقة السببية بين فعل المبيع والضرر بالتالي انتفاء المسؤولية.
من المعروف أن القانون قد أوجب على عاتق حارس الشئ التزام و منع الشئ من الإفلات وتنفيذ واجباته بعناية خاصة، فإذا اخل الحارس من جانبه بتلك الواجبات والحق ضررا بالغير عندها يعتبر الحارس مخلا بواجبه ويلتزم تعويض المتضرر[9].
إلا أن هذه النظرية لم تسلم من العيب والنقد فمن أهم ما وجه إليها ما يلي:
1. يمكن وصف هذا الخطأ بالخيال، أي الصق بحارس الشئ اصطناعا لا واقعيا على اعتبار أن المبدأ المقترح في هذه النظرية هو الخطأ الثابت أساس المسؤولية، فالمسؤولية تقوم تجاه الحارس لكون الشئ له دور فاعل في الضرر دون أدنى اعتبار لسلوك حارس الشئ، أو أن الضرر الذي حصل هو جراء عيب خفي لا يمكن نسبته إلى الحارس لعدم علمه به؛ رغم انه يعوض المتضرر عن ذلك حسبما هو متبع في القضاء الفرنسي[10].
2. لا يمكن القول بان هناك التزام قانوني موضوعه منع الشئ من الإفلات وإحداث ضرر للغير[11]. فمثلا رغم التقدم العلمي المتطور لا يمكن أن نمنع سخان شمسي من الانفجار مهما اتخذ من احتياطيات لازمة، لذا كيف يمكن تصور أن فقدان الرقابة (إفلات الشئ) خطأ! في حين لو وضع أي شخص مكان الحارس تحت ذات الظروف فهل يمكن له تجنب الحادث؟
بهذه الانتقادات ولأخرى لا يسعنا المجال عرضها هنا تركت هذه النظرية جانبا ولم يؤخذ بها بعد ذلك، لأنها ببساطة لا تقوم على المنطق، إنما الهدف منها تحميل حارس الأشياء المسؤولية عن الضرر المترتب عن فعل المبيع لحماية الطرف الآخر، الأمر الذي يمكن القول معه أن النظرية لم توازن فيما بين المتضرر والحارس، إنما تهدف لحماية طرف على حساب الآخر فهذا ليس بالمنطق إنما الإجحاف،لذا يتوجب علينا أن نبحث الأساس الآخر الذي يحكم هذه المسؤولية وهو تحمل التبعة.
المطلب الثاني
تحمل التبعة أساس المسؤولية
نتيجة الانتقادات التي وجهت إلى النظرية السابقة جعلت الفقه والقضاء الفرنسي خصوصا يبحث عن نظرية أخرى يمكن أن يقوم عليها أساس المسؤولية عن فعل الشئ (المبيع)، إضافة إلى عدة أمور أخرى ظهرت في فرنسا جعلت القضاء والفقه الفرنسي يتبنى هذه النظرية، منها انتشار الآلات بشكل واسع الأمر الذي ازدادت معه الأضرار والمخاطر وصعوبة إثبات المتضرر خطأ حارس الشئ، وكذا الأفعال الضارة التي قد تقع من قبل الصغير غير المميز فتحقيقا للعدل يمكن الأخذ بهذه النظرية.
نستخلص أن هذه النظرية أن كل فعل أو نشاط يمكن أن يؤدي إلى ضرر يكون مسببه مسؤولا عنه إذا سبب ضررا للغير وكان سلوك المسؤول غير مقترن بالخطأ، أي يتوجب عليه تحمل تبعتها، و من يدخل للمجتمع شئ لفائدته الشخصية يضاعف المخاطر الذي يتعرض لها المجتمع، فيتوجب عليه إما الاستغناء عنه أو تعويض من يلحقه ضرر جراء فعلها طبقا لقاعدة “الغرم بالغنم”[12].
إذن نجد أن هذه النظرية تقوم على مبدأين هما: 1- أن الخطأ ليس شرط لتحقق المسؤولية عن فعل المبيع. 2- أن الشخص المسؤول عن جبر الضرر هو الذي أوجد الوضع الخطر أو المنتفع من الشئ.
المبدأ الأول: الخطأ ليس شرط لتحقق المسؤولية عن فعل المبيع
تقوم مسؤولية البائع عن فعل المنتج إذا وقع الضرر بفعل المبيع وتوافرت العلاقة السببية بين الضرر وفعل المبيع المعيب. هذا ما اخذ به المشرع الأردني في القانون المدني الأردني لعام 1976 في نص المادة(291)، فعندما يقع الضرر بفعل المبيع المعيب واثبت المتضرر العلاقة السببية بين الضرر وفعل المبيع، تقوم بهذه الحالة مسؤولية البائع عن فعل ذلك المبيع دون حاجة لإثبات وقوع الخطأ من جانب البائع الأمر الذي يعني أن الخطأ ليس ركنا من أركان المسؤولية، فلا حاجة لإثبات ذلك من قبل المتضرر أو لإثبات نفي ذلك من قبل البائع. أي أن المسؤولية تتحقق سواء ارتكب البائع خطأ أم لا، فما على البائع إلا نفي احد الركنين الآخرين لقيام المسؤولية، كأن يثبت عدم وجود رابطة سببية بين الضرر وفعل المبيع المعيب، أو أن الضرر يعود لسبب أجنبي كالحادث المفاجئ، هذا على العكس مما اخذ به مشروع القانون المدني الفلسطيني.
المبدأ الثاني: أن الشخص المسؤول عن جبر الضرر هو الذي أوجد الوضع الخطر أو المنتفع من الشئ
يعتبر الشخص المسؤول حسب هذه النظرية من أوجد الوضع الخطر أو من يستفيد من الشئ، وهنا يكون البائع مسؤولا عن فعل الأشياء المعيبة التي تلحق الضرر للمتضرر جراء استعماله المبيع المعيب.
الآن نتطرق لذكر المزايا والعيوب التي وجهت لهذه النظرية، إن المزايا تتمثل بان النظرية تقوم على فكرة العدالة الاجتماعية، وذلك أن من يحصل على منفعة من شئ لابد وان يتحمل الضرر الذي يحدث للغير، فمثلا البائع يحصل على الربح من المستهلك، فمن العدل إن كان المبيع يعتوره العيب أن يعوض المستهلك عن الضرر الذي حصل وذلك يقوم على اعتبار علم البائع بالمبيع، ومن جهة أخرى القوانين الوضعية حاليا تأخذ بالإرادة الظاهرة بدلا من الإرادة الباطنية، مما يدل أنها تنظر للحقوق والواجبات على أنها عناصر للذمة المالية، أي تقيم المسؤولية على عنصر الضرر معتبرة إياه العنصر المالي الذي يتخذ صفة التعويض بخلاف الخطأ الذي يقوم على العنصر الشخصي[13]، هذه جميعها مزايا يمكن وصفها بالايجابية نوعا ما.
إلا أن حقيقة الأمر لم تسلم هذه النظرية من العيوب التي يمكن إيراد بعضها على النحو التالي:
1. الافتقار إلى النص التشريعي الذي ينظم ويحدد هذه المسؤولية في القوانين الفلسطينية السارية المفعول ومشروع القانون المدني الفلسطيني، حيث أقامت المسؤولية على أساس الخطأ المفترض حسبما ورد في نص المادة (197) منه.
2. يترتب الأخذ بهذه النظرية إذا حصل المتضرر على الشئ بلا مقابل من البائع فليس عدلا أن يتحمل البائع تعويض المتضرر عن الضرر الذي لحق به، أي انه يجب إقامة التوازن بين ما يغنمه البائع وبين الضرر الذي يلحق المتضرر[14].
3. تتجاهل هذه النظرية العامل الأدبي في المسؤولية إذ أن لا مسؤولية دون خطأ. لذا من الظلم الاجتماعي إقامة المسؤولية بغير خطا فإذا كان المضرور بحاجة للرعاية فان البائع بحاجة إلى الرعاية كذلك الحال[15].
مع ذلك تبقى هذه النظرية هي الامثل لقيام مسؤولية البائع تجاه المستهلك المتضرر جراء المبيع المعيب. ذلك لكونها تتلاءم مع تطورات الحياة العملية وكذا تحمي الطرف الضعيف وهو المستهلك، صحيح أنها تثقل البائع وتحمله ما لا طاقة له به؛ إلا انه من العدل أن يسال عن فعل المبيع على اعتباره يمارس عمله باستمرار ويحصل على الربح، لذا يتوجب عليه تحمل تبعة المبيع نظرا لما يحصل عليه من أرباح يمكن أن تغطي الأضرار التي يتعرض لها المتضرر من المبيع. يا حبذا لو اتجه مشروع القانون المدني الفلسطيني هذا الاتجاه للاعتبارات السابقة، وعلى اعتبار أن المجتمع الفلسطيني مجتمع ديني نوعا ما وان الشريعة الإسلامية هي التي أخذت بهذه النظرية فمن الأولى الإقتداء بها كونها المصدر الثاني من مصادر القانون الذي نص عليه المشروع.
المطلب الثالث
ضمان العيوب الخفية
ينشا عقد البيع التزامات عدة على عاتق البائع، منها ضمان العيوب الخفية وهي تختلف عن العيوب الظاهرة، فالثانية يمكن للمشتري أن يكتشفها من خلال فحص المبيع بعناية الشخص العادي، لذا لا يمكن للبائع أن يسال عنها، أما الأولى لم تكن معلومة للمشتري لو تفحصها بعناية الشخص العادي الأمر الذي يوجب ضمانها من قبل البائع، وان يكون العيب قديم ومؤثر[16].
يثور هنا تساؤل فيما إذا يمكن أن تصلح القواعد المنظمة لضمان العيوب الخفية لضمان سلامة المشتري؟ أي بعبارة أخرى هل يمكن لقواعد الضمان أن تحكم مسؤولية البائع عما يسببه المبيع من أضرار للغير؟
واقعيا يصعب التكهن فيما إذا كان واضعي مجلة الأحكام العدلية أو القانون المدني الأردني -غير ساري المفعول على الضفة الغربية- أو القانون المدني الفرنسي قصدوا أن تكون النصوص الخاصة بضمان العيوب الخفية أساس لتعويض المستهلك المتضرر من المبيع الذي يعتوره العيب، فببساطة المنتجات التي كانت متداولة في السابق تقتصر على أن يكون اْثر العيب الذي يعتور المبيع إنقاص ثمن المبيع أو فسخ عقد البيع واسترداد الثمن الذي دفع فقط[17]، أما حق المشتري في التعويض فلم تتعرض له القوانين المدنية صراحة، إلا ما ظهر في فرنسا من حيث التفرقة بين البائع حسن النية والبائع سئ النية بان قضت أن البائع حسن النية إذا كان يجهل العيوب التي تعتور المبيع لا يساْل إلا عن رد الثمن والمصروفات التي لحقت المشتري، على خلاف البائع سئ النية الذي يعلم بالعيوب التي تعتور المبيع بالتالي يلزم بالتعويض فضلا عن رد الثمن[18].
بالتالي نجد أن المبيع الذي يعتوره العيب عرضة لنوعين من الأضرار، الأول أضرار تجارية أو ناجمة عن البيع بان يكون المبيع في هذه الحالة غير صالح لما هو مخصص له، أو قد ترتب عليه نقصان الفائدة المرجوة منه، كاْن يكون التلفاز لا يقدم صورة جيدة وهذا النوع من الأضرار يمكن أن يعوض على أساس ضمان العيوب الخفية.
أما النوع الثاني هو الأضرار التي تنجم عن عيب يعتور المبيع أو تحدث بسبب المبيع[19]، وهذه قد تصيب المشتري أو الغير، كاْن يلقى المشتري حتفه جراء انفجار بطارية جهاز الجوال .
وما يلاحظ على هذا النوع من الأضرار انه ظهر كإحدى نتائج التقدم العلمي والتكنولوجي، فرغم ذلك إلا أن التعويض لم ينظم بالشكل المطلوب. فعندما طلب من المحاكم الفرنسية في السابق تعويض مثل هذه الأضرار تبين لها عجز نصوص القانون التي تخص العيوب الخفية، على اعتبار أن التعويض يستلزم إثبات سوء نية البائع، أي علم البائع بوجود العيب الذي يعتور المبيع وعدم إخطار المشتري بذلك؛ الأمر الذي يصعب معه إثبات ذلك خصوصا إذا كان البائع ليس هو منتج السلعة[20].
فهذا ما جعل القضاء الفرنسي متجها إلى البحث عن وسائل تكفل للمتضرر من المبيع المعيب الحصول على التعويض الملائم دونما حاجة إلى تكليفه بعبء إثبات خطأ البائع بان استند القضاء الفرنسي إلى الفقرة الأولى من المادة (1384)، والتي لم تكن إلا تمهيدا لحالات المسؤولية عن فعل الحيوان وتهدم البناء لتمثل بذلك الخروج عن المبدأ العام بوجوب إثبات الخطأ حتى يمكن التعويض[21].
لكن هذا الحال لم يستقم بسبب تجافي المنطق والقانون، لذلك حاول القضاء الفرنسي التوسع بالنصوص التي تنظم ضمان العيوب الخفية، حيث اتجه القضاء الفرنسي إلى نبذ التفرقة ما بين البائع حسن النية و سئ النية، واستبدل المصطلحين بالبائع العرض والبائع المحترف. فالبائع العرض هو الذي يبيع أشياء تزيد عن حاجته وحال حصول الضرر للمشتري جراء فعل المبيع تثور التفرقة بين البائع سئ النية وحسن النية، فان كان سئ النية يعوض المتضرر عن الضرر وإذا كان حسن النية عليه فقط رد المبيع[22].
أما البائع المحترف فهو الذي يتخذ من عمليات البيع والتوزيع حرفة له، فقد يكون منتجا يبيع ما يصنع أو تاجرا يبيع ما ينتجه غيره، لذا اتجه القضاء بوجوب تحمل هذا البائع المسؤولية عن عيوب المبيع بصرف النظر فيما إذا كان يعلم أو لا يعلم بالعيوب التي تعتور المبيع، وأوجبت عليه تعويض المتضرر عن الأضرار التي تلحق به جراء فعل المبيع الذي يعتوره العيب، وذلك بسبب حرفته يتوجب عليه أن يضمن لكل المتعاملين معه جودة ما يصنع أو يبيع وضمان صلاحيته للغرض الذي اعد من اجله، فكل تقصير من جانبه بهذا الخصوص يعد خطأ لأنه لا يجوز لشخص أن يحترف فنا إذا لم تتوفر لديه المعرفة اللازمة لممارسته الحرفة وكذا الحال بالنسبة للتاجر[23].
لكن إلى أي مدى يمكن اعتبار البائع كالمنتج بالتالي اعتباره مسؤولا عن فعل المبيع المعيب؟
من المعروف أن المنتج لديه المقدرة على المعرفة والدراية بالمبيع أكثر من البائع لكونه يقوم بتصنيع السلعة ويشرف عليها من البداية حتى النهاية، لذا من غير المعقول أن يتحلل من المسؤولية تجاه المتضرر، إلا أن هذا الأمر لا ينطبق واقعيا على البائع رغم احتراف مهنة التجارة في السلعة المبيعة ومعرفة ما بها من عيوب، لأن خبراته الفنية وامكاناته المادية لا تقارن مع المنتج الأساسي للسلعة، لذا يتوجب معاملته بأقل مسؤولية عن المنتج الأساسي للسلعة المبيعة، أي يمكن له أن يقيم الدليل بعدم علمه أو عدم امكان علمه بالعيب الذي يعتور المبيع[24].
رغم ذلك المنطق إلا أن القضاء الفرنسي لم يأخذ به، حيث قضى بأن البائع المهني يماثل المنتج الأساسي للسلعة، أي يفترض علمه بالعيوب التي تعتور السلعة المباعة بالتالي قيام مسؤوليته عن فعلها، هذا الحل منطقي أيضا لسببين؛ أولا: يحقق مصلحة المتضرر بحيث يسهل الرجوع إلى البائع المباشر من قبل المتضرر لكي يحصل على التعويض الملائم، ثانيا: تلافي الصعوبات الناشئة عن تحليل دور البائع في عملية إنتاج السلعة[25]. إلا انه سرعان ما تنبه القضاء الفرنسي إلى عدم إمكانية التعويض على أساس هذا المبدأ بسبب، الأمر الذي جعل القضاء بقضي بالتعويض للمتضرر على أساس ضمان سلامة المستهلك من قبل البائع.
مما سبق يتبين لنا أن القضاء الفرنسي تطور في أحكامه لإلزام البائع بتعويض المتضرر من المبيع الذي يعتوره العيب، فبدأ بضمان العيوب الخفية وطور عليها حتى وصل إلى ما يسمى بضمان سلامة المستهلك، نظرا لما سبق إن ضمان العيوب الخفية يضمن الأضرار التجارية عدا الأضرار الناجمة عن خلل بالمبيع على خلاف ذلك في ضمان سلامة المستهلك، حيث إن ضمان العيوب الخفية يقضي بحصول المشتري على مبيع صالح للاستعمال الذي أعد من أجله، في حين أن الالتزام بضمان سلامة المستهلك يعني ضمان حصول المستهلك على مبيع يتضمن المستوى المطلوب من الأمان والحماية ولا يجعله مصدر للأضرار بالنسبة للمحيطين له أو به[26]، فمثلا إذا لم يقدم جهاز التلفاز صورة جيدة يقال أن التلفاز غير مطابق لما يحق للمشتري انتظاره، أما إذا كان المتضرر يستمع بمشاهدة مباراة كأس العالم وانفجر في هذه الأثناء التلفاز دون سبب واضح، فعندئذ يقال أن التلفاز لم يحقق الأمان المطلوب من قبل المشتري، ففي الحالة الأولى يصدق عليها وصف ضمان العيوب الخفية، في حين أن الثانية لا يصدق عليها هذا الوصف إنما ضمان سلامة المستهلك.
المبحث الثاني
تنازع القوانين واثر المسؤولية( التعويض)
يمكن القول بان الغاية من وراء البحث عن تنازع القواعد التشريعية الواجبة التطبيق في هذا المجال، هي معرفة القاعدة الواجب تطبيقها إذا حصل نزاع بين طرفين حول القانون الواجب التطبيق، كما وان عند حصول ضرر فما هو اثر مسؤولية البائع والتي تتمثل بالتعويض لذا سنبحثها تباعا حتى يكتمل الموضوع نوعا ما.
المطلب الأول
تنازع القواعد التشريعية للمسؤولية
يتضح لنا مما سبق أنه هناك قصورا تشريعيا في مجال مسؤولية البائع عن بيع المبيع المعيب، فمن المعروف أن المشتري (المستهلك) يواجه مخاطر عدة تنجم عن المبيع الذي يعتوره العيب بأن يلحق الضرر بصحته أو أمواله أو إلحاق الضرر بالغير، فإذا كانت تلك المنتجات محلية لا مشكلة في مجال القانون الذي يحكم النزاع إلا أن المشكلة تثور في حالة كون المنتج أجنبي الأمر الذي يؤدي إلى البحث عن القانون الواجب التطبيق.
خلال البحث نجد أن للقضاء دور كبير في هذا المجال حتى تطورت القواعد القانونية لتنظم هذا الموضوع قانونيا فمن هنا أصبح للخلاف التشريعي بين الدول أمر هام، حيث اشترط قانون دولة ما إثبات خطأ المنتج، ودولة أخرى تطبق نظرية الخطأ المفترض، ودولة تقضي بالتعويض الكامل عن الضرر، ودولة أخرى تعوض فقط الضرر الجسدي، إضافة إلى عدة أمور كالمعياد المسقط لدعوى المسؤولية، وتحديد قواعد الإسناد التي بدورها تسند النزاع إلى القاعدة القانونية الواجبة التطبيق، فمنها يقضي بقانون محل الإنتاج، وآخر محل بيع السلعة أو مكان وقوع الضرر أو المكان الذي يوجد به المركز الرئيس للمدعى عليه أو إقامة المتضرر[27].
لكل ما تقدم دفعت تلك العوامل لإيجاد قانون موحد لحل القصور التشريعي في الدول التي لم تنظم الموضوع بشكل تام، ولإيجاد قاعة إسناد موحدة يمكن الاعتماد عليها نظرا لأهمية الموضوع ولإمكانية وقوع مثل هذه الأضرار بشكل متكرر، من ناحية أخرى توحيد القواعد الموضوعية التي تنظم تلك المسؤولية، لذا اتجه مؤتمر لاهاي للقانون الدولي الخاص لتوحيد قواعد الإسناد القانونية حيث تضمن (23) مادة، فما يعنينا منها هو تحديد قاعدة الإسناد القاضية بحل النزاع حسب قانون مكان وقوع الضرر، حيث منحت المنتج إمكانية استبعاد تطبيق قانون تلك الدولة، على الرغم من ذلك إلا أنه من الأولى حماية الطرف الضعيف والأخذ بالحسبان معيار مصلحته إلى أن يصل إلى حد التوازن مع الطرف القوي، فمعيار مكان وقوع الضرر غير مجدي نوعا ما على اعتبار أن المسؤولية المترتبة على البائع أركانها الخطأ والضرر والعلاقة السببية، فيمكن أن يحدث الخطأ في دولة والضرر بدولة أخرى، لذا لا يوجد هنا حماية للطرف الضعيف، أي لم تؤخذ مصلحته بالحسبان لان مصلحته تتطلب تطبيق القانون الذي يمثل الحماية الحقيقية للمتضرر، أي تطبيق القانون الذي يضمن التعويض الملائم للمتضرر وهذا ينعدم إذا أخذنا بمعيار وقوع الضرر، إلا أن المطبق عمليا هو معيار وقوع الضرر [28].
المطلب الثاني
أثر مسؤولية البائع (التعويض)
يقصد بأثر مسؤولية البائع أنه عندما يحصل للمتضرر ضرر جراء استعمال المبيع الذي يعتوره العيب فماذا يترتب على البائع؟ ببساطة يمكن الإجابة التعويض عما أصاب المتضرر من ضرر، لذا سنبحث ماذا يعوض المتضرر؟، إمكانية رجوع المتضرر على البائع والمنتج متضامنين والإعفاء من التعويض.
أولا: التعويض
بينا سابقا أن القضاء الفرنسي لكي يعوض المتضرر فانه يتوجب على المتضرر إثبات سوء نية البائع، و تطور فيما بعد وأخذ بالخطأ المفترض إلى أن قضى بضرورة التزام البائع بضمان سلامة المستهلك(المشتري)، لذا المتضرر يجب أن يعوض عن الأضرار التي تلحق به. هذا ما نص عليه مشروع قانون التجارة الفلسطيني في نص المادة(73/1) “يسال منتج السلعة وموزعها قبل كل من يلحقه ضرر بدني أو مادي يحدثه المنتج إذا اثبت هذا الشخص أن الضرر نشا بسبب عيب في المنتج”[29]، أي أنه يعوض عن الأضرار المباشرة التي أحدثها المبيع الذي يعتوره العيب في النفس (الجسد) والمال.
ويدخل في الضرر الذي يلحق النفس الآلام الحسية التي يعانيها من جراء الإصابات الجسدية، الآلام النفسية التي تنتج عنها عاهة أو تشوهات خلقية، الآلام العاطفية الناشئة عن شعوره بقرب أجله أو مستقبل عائلته، وقد استقر الفقه والقضاء الفرنسي على تعويض الضرر الأدبي سواء أكانت العلاقة بين المتضرر والمسؤول عن الضرر علاقة تعاقدية أو تقصيرية[30].
كما أنه يعوض عن نفقات العلاج، مصاريف المستشفى والأطباء، وما فات المشتري من كسب بسبب عجزه عن العمل، والأضرار التي لحقت سمعته التجارية نتيجة بيع السلعة المعيبة لعملائه[31]، هذا ما نص عليه مشروع القانون المدني الفلسطيني[32].
أما فيما يتعلق بالأضرار المالية(المادية) فهي إضافة إلى استرداد ثمن المبيع الذي يعتوره العيب، يعوض عما لحق أمواله الأخرى وما فاته من كسب جراء عدم إمكانية الوفاء بالتزاماته قبل الأشخاص الآخرين، كما أنه يدخل بالتعويض المصروفات التي تكبدها المتضرر نتيجة قيام عملائه الذين اشتروا المبيع الذي يعتوره العيب يرفع دعاوى ضده ونفقات التصدير لبضاعة جديدة بدلا من المعيبة والمبالغ التعويضية التي يدفعها للمتضرر بفعل المبيع المعيب إضافة إلى الأضرار غير المتوقعة[33].
إلا انه رغم ذلك حكمت محكمة فرنسية في عام 1994 بعكس ما ورد سابقا بان قررت “- بشان حريق شب في سيارة جديدة وترتب عليه تدمير منزل المشتري بشكل خطير ورأت المحكمة أن سببه يكمن بالضرورة في عدم مطابقة احد أجزاء المحرك للاستعمال المخصص له- إلزام الصانع والبائع بالتضامن بتعويض الضرر الذي نشا عن تدمير السيارة وحرمان المشتري من الانتفاع بها، ولكنها رفضت الزامهما بتعويض المشتري عن الأضرار التي لحقت أمواله الأخرى جراء الحريق على أساس أن هذه الأضرار لم تكن متوقعة لحظة إبرام العقد”[34]، الأمر الذي يخالف ما استقر عليه القضاء الفرنسي وغير الفرنسي الذي يلزم المتعاقد بارتكابه غش أو خطا جسيم بتعويض الضرر كله سواء متوقع أم غير متوقع.
وتجدر الإشارة هنا إلى أنه لا توجد سوابق قضائية في فلسطين لمثل هذا التعويض على اعتبار أن القانون الساري المفعول لم ينظم هذا الموضوع وهو مجلة الأحكام العدلية، إنما بقيت مقتصرة على القواعد التقليدية وهي إما إنقاص الثمن أو رد المبيع المواد(310/337-338)[35]. حتى مشروع القانون المدني الفلسطيني لم يعالج الموضوع صراحة، إنما يفهم ذلك من المواد الناظمة للفعل الضار، إلا انه حسنا فعل مشروع قانون التجارة الفلسطيني بأن نظم الموضوع صراحة و عالج ما يخص التعويض ضمنه بأن جعله عن الأضرار المادية والجسدية، رغم ذلك إلا انه يشوبه عيب جعل عبء الإثبات على عاتق المتضرر، الأمر الذي لا يمكن معه أن يوفر الحماية اللازمة للمتضرر وخالف ما أخذ به مشروع القانون المدني الذي جعل المسؤولية عن الأشياء مفترضة، إذ تبنى نظرية الخطأ المفترض أي سهل على المتضرر إثبات الخطأ، فمن باب أولى يتوجب على المشرع أن يلائم ما بين التشريعات السارية أو التي ستسري وذلك ضمان للحد من النزاع بين النصوص واجبة التطبيق[36].
ثانيا: التضامن في التعويض
الأصل أن دعوى التعويض التي يرفعها المشتري (المستهلك) المتضرر من المبيع الذي يعتوره العيب على البائع المباشر، ذلك نظرا لوجود العلاقة التعاقدية بينهما والتي تحكم المسؤولية، لكن يجد المتضرر مصلحته رفع الدعوى على أحد البائعين الوسطاء أو على المنتج نفسه لاعتبارات تخصه، فمثلا إذا كان البائع معسراً، أو الرجوع عليهم جميعا فهل يحق له ذلك؟
هناك رأيان يتنازعا الموضوع، الأول: يقضي بعدم بجواز رجوع المشتري على غير البائع إلا بدعوى المسؤولية التقصيرية نظرا لعدم وجود عقد بيع بين المتضرر وما عدا البائع[37]، إلا أن هذا الرأي يعاب عليه إقحام قواعد المسؤولية التقصيرية بقواعد المسؤولية العقدية، على اعتبار أن العلاقة القائمة هي علاقة تعاقدية فليس من المنطق الارتكاز على ذلك[38]، عدا عن تعدد الدعاوى التي سترفع، إذ أن المتضرر سيعود على البائع المباشر والبائع يعود على الموزع وهكذا دواليك، الأمر الذي يجعل الرجوع على المنتج مباشرة صعباً وذلك لضرورة إثبات الخطأ[39].
أما الرأي الثاني: يقضي بإمكانية رجوع المتضرر على البائع المباشر أو الوسطاء أو المنتج أو حتى عليهم جميعاً، إلا أن أصحاب هذا الرأي اختلفوا على الأساس القانوني الذي يمنح المتضرر الرجوع على المنتج أو الوسيط، فمنهم من رأى أنه يقوم على أساس الاشتراط لمصلحة الغير، ومنهم من رأى بأنها حوالة حق ضمنية، ومنهم من اعتبرها وكالة ضمنية بين المنتج والبائع على اعتبار أن المنتج بدوره لا يقوم بعمليات البيع، لأن دوره الرئيس هو الإنتاج. كما يعهد بالبيع لشخص آخر وهو البائع، وبما أن المتضرر يتعاقد مع البائع الوكيل عن المنتج فانه تربطه بالمنتج علاقة تعاقدية يمكن من خلالها الرجوع على المنتج، إذ أن المنتج هو الذي يتحكم بمضمون العقد وليس البائع وما بالبائع إلا وكيل ينقل إرادة المنتج، إلا أن هذا الأساس لا يقوم على الصحة، إذ أن هذا التكيف يفرغ علاقة المتضرر مع البائع من مضمونها، فما دام البائع وكيل فانه منطقيا لا يسأل إلا عن إبرام العقد، وليس تنفيذه الأمر الذي يؤدي إلى حرمان المتضرر من الرجوع عليه[40]، ويرى جابر محجوب أن الدعوى المباشرة إحدى ملحقات المبيع التي تنتقل من المنتج إلى المستورد، ثم إلى تاجر الجملة، ومنه إلى تاجر التجزئة إلى المستهلك، هذا ما استقر عليه القضاء الفرنسي. وبدورنا نؤيد ما اتجه إليه هذا الرأي إذ أن العلاقة القائمة يحكمها العقد الذي بدوره يؤمن الحماية للطرف الضعيف، حتى وان ورد به الشروط التعسفية إذ يمكن إلغائها أو تعديلها فيما بعد، إضافة إلى انه يوفر الحماية للمتضرر وذلك بضمان حصولة على التعويض الملائم مع الضرر فيما إذا كان البائع معسراً.
تجدر الإشارة هنا إلى أن مشروع قانون التجارة الفلسطيني نص على جواز إمكانية رجوع المتضرر على المنتج أو الموزع (يمكن أن يكون بائع) أو اليهما معا، لكن دونما تضامن بينهما[41]، الأمر الذي يعيب المشروع، إذ ما من سبب الرجوع عليهما معاً إلا التضامن لكي يحصل على التعويض الملائم، فان قصر أحدهم رجع على الآخر بكامل المبلغ، و إلا يمكن الرجوع ابتداء على الطرف القوي وهو المنتج مباشرة وترك الموزع أو العكس للحصول على التعويض لقاء الضرر، الأمر الذي يرهق المنتج بالتالي يؤدي إلى عدم التوازن والإضرار بالمصالح الاقتصادية، فبما أنه يمكن الرجوع عليهما معاً منطقيا يتوجب التضامن، لذا من الأولى على المشرع الموازنة بين المصالح الاقتصادية للموزع والمنتج ومصلحة المتضرر وتعديل نص تلك المادة قبل إقرارها.
لكل ما تقدم عن التعويض إلا أنه يجب ألا يغيب عن البال بأن هناك حالات يمكن إعفاء البائع من المسؤولية بالتالي التعويض وهي أن العيب لا يرجع إلى فعل البائع، أي يستطيع البائع التخلص من المسؤولية إذا أثبت أن الضرر الذي لحق المتضرر لم يكن مسببا له إنما حصل العيب بالمبيع بعدما طرح المبيع للتداول بالسوق، أو إذا اثبت البائع أن العيب يعود إلى أحد أجزاء المبيع[42] علما أن الصناعة في الوقت الحاضر هي صناعة متخصصة، ومن الحالات الأخرى إثبات خطا المتضرر، فمثلا شخص صرف له دواء بشرب(100)ملم فشرب (600) ملم فهنا خطا المتضرر وليس عيب بالمبيع، كذا إثبات خطا الغير أي أن المنتج اتبع الطرق السليمة بالإنتاج إلا أن شخص آخر يمكن نسبة الخطأ إليه، فمثلا شخص يبيع سيارة لآخر وبعد أيام ينفجر المحرك ليتضح أن سبب الانفجار يعود لصديق البائع الذي وضع الكيروسين بدلا من الزيت، فهنا لم يخطأ البائع إنما الخطأ يعود لصديق المشتري، أو يمكن إثبات أن الضرر الحاصل نتيجة القوة القاهرة، فمثلا شركة تنتج أو تبيع أجهزة خلوية ويشتري شخص جهاز وأثناء الكلام بالجهاز حصلت صعقة كهربائية مما أدى إلى انفجار الجهاز بالتالي إلحاق الضرر بالمتضرر. هذه الحالات جميعها إذا استطاع البائع أو المنتج إثباتها أعفي من المسؤولية بالتالي الإعفاء من التعويض، لكن المسألة تدق هنا في صعوبة الإثبات فمن العسير إثبات أن الحادث أجنبي أو أن الضرر لا يعود للمسؤول عن الضرر إن حصل في نتيجته الطبيعية، فهذا ما يمكن ذكره في هذا المجال.
الخاتمة
تبين لنا من البحث في هذا الموضوع أن الأضرار التي تحصل للمشتري جراء المبيع المعيب لم تكن مطروقة البحث عنها في السابق، أي أن بحثها حديثا نسبيا مقارنة مع الأنواع الأخرى من المسؤولية. هذا وقد يظهر ذلك من خلال القوانين المدنية وخصوصا العربية منها حيث يعود هذا إلى التقدم العلمي الحاصل، فلم تعد المسؤولية قاصرة على الحيوان والبناء والآلات إنما تعددت لأشياء أخرى حديثة التطور. كما تبين لنا سابقا، فرغم ذلك إلا أن القوانين العربية لم تجاري تطوير قوانينها لتتلائم مع حاجات المجتمع بأن تركت مسائل معينة دون تنظيم. مثل مسؤولية البائع عن فعل منتجاته، فكان للقضاء الفرنسي الدور البارز لضمان حماية المشتري، بالتالي وضع المشرع الفرنسي النصوص الناظمة لذلك الموضوع، هذا ما ظهر جليا لدى بحثنا في الأساس الذي تقوم عليه المسؤولية. إذ خطى خطوات عديدة حتى تبين الأساس القانوني لمسؤولية البائع عن فعل منتجاته، فتطور من الخطأ المفترض وتحمل التبعة وضمان العيوب الخفية إلى أن وصل إلى ضمان سلامة المستهلك بالتالي إمكانية تعويض المتضرر على أساس التزام البائع ضمان سلامة المستهلك.
كما قمنا ببحث المسائل العملية التي تثور جراء إصابة المتضرر بالضرر خلال استعمال المبيع الذي يعتوره العيب، فضمانا للمشتري تحددت القواعد القانونية الواجبة التطبيق في حال قيام تنازع تشريعي، ووجدنا أن قاعدة الإسناد المتبعة حاليا هي تطبيق قانون مكان الفعل رغم أنها لا تمثل الحل الأمثل، ولا رعاية مصلحة المتضرر على اعتبار أن مصلحته تقضي تطبيق القانون الأصلح له وليس مكان الفعل.
يمكن إجمال أهم نقطة في البحث وهي مسالة التعويض في حالة حصول الضرر. فما هي المسائل التي يمكن أن يعوض عنها، ما إذا كان بالمكان التضامن بالتعويض أم لا؟، وحالات الإعفاء من المسؤولية.
إلا أن الأمر الذي يجب ألا يغيب عن الذهن هو عدم تنظيم القانون الفلسطيني لهذا الموضوع، فرغم حداثة القانون من الأولى أن يراعي هذه المسائل على اعتبارها ضرورية، وذلك لصون المجتمع وعدم الإضرار بفئة على حساب فئة أخرى، و إلا فكيف يمكن ضمان بقاء المجتمع سليما مترابطا هذا من جهة! من جهة أخرى يمكن القول أن القانون الفلسطيني رغم معالجته الموضوع في مكان ليس بمحلة إلا انه حسنا فعل، لكن شابه بعض العيب فمن الأولى أن يراعي الانسجام التشريعي بين القوانين الفلسطينية، إضافة إلى وجوب تنظيم هذا الموضوع بشكل أكثر شمولية وتنظيم.
أخيرا ما نوصي به ضرورة حماية المستهلك المتضرر، وتنظيم حمايته قانونياً، وتبني قوانين جديدة متطورة يمكن أن توفر القدر الملائم لتعويض المتضرر تعويضاً عادلاً إلى الحد الذي يضمن التوازن بين الأطراف، وليس حماية طرف على حساب طرف آخر بحجة حماية الطرف الضعيف في مواجهة الطرف القوي كما هو حاصل في الدول الغربية.
المصادر والمراجع
أولا: المصادر:
1. القانون المدني الأردني رقم(43) لسنة 1976.
2. المذكرات الإيضاحية لمشروع قانون التجارة، السلطة الوطنية الفلسطينية ديوان الفتوى والتشريع، مشروع الأطر القانونية في فلسطين، إعداد أمين دواس وغسان خالد، سنة2004
3. المذكرات الإيضاحية لمشروع القانون المدني الفلسطيني، السلطة الوطنية الفلسطينية ديوان الفتوى والتشريع، مشروع الأطر القانونية في فلسطين، إعداد موسى سلمان أبو ملوح وخليل احمد قدادة،سنة2003.
ثانيا المراجع:
– الكتب:
1. امجد محمد منصور، المسؤولية عن الأضرار الناجمة عن الجمادات، الإصدار الأول، ط1، الدار العلمية الدولية ودار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، سنة2002.
2. جابر محجوب علي، المسؤولية التقصيرية للمنتجين والموزعين(دراسة مقارنة بين القانونيين المصري والفرنسي)، دار النهضة العربية، القاهرة، بلا سنة نشر.
3. خالد عبد الفتاح محمد خليل، حماية المستهلك في القانون الدولي الخاص، دار النهضة العربية، القاهرة، سنة 2002.
4. عاطف النقيب، النظرية العامة للمسؤولية الناشئة عن فعل الأشياء في مبادئها القانونية وأوجهها العملية، المنشورات الحقوقية صادر، بلا مكان نشر،سنة1999.
5. علي حيدر، درر الحكام شرح مجلة الأحكام، تعريب المحامي فهمي الحسيني،المجلد الأول، ط1، دار الجليل، بيروت، سنة1991.
6. علي سيد حسن، الالتزام بالسلامة في عقد البيع، دار النهضة العربية، القاهرة، سنة1990.
7. فتحي عبد الرحيم عبد الله، دراسات في المسؤولية التقصيرية(نحو مسؤولية موضوعية)، منشاة المعارف،الإسكندرية،سنة2005.
8. محمد شكري سرور، مسؤولية المنتج عن الأضرار التي تسببها منتجاته الخطرة، دار الفكر العربي، بلا مكان نشر، سنة1983.
9. محمد عبد القادر علي الحاج،مسؤولية المنتج والموزع(دراسة في قانون التجارة الدولية مع المقارنة بالفقه الإسلامي)، دار النهضة العربية، القاهرة، بلا سنة نشر.
– رسائل الماجستير:
1. عبد الحليم عبد القادر أبو هزيم،المسؤولية عن الأشياء غير الحية في القانون المدني، الجامعة الأردنية، الأردن، سنة1995.
– المجلات القانونية:
1. جابر محجوب علي، ضمان سلامة المستهلك من الأضرار الناشئة عن عيوب المنتجات الصناعية المعيبة، مجلة الحقوق، السنة العشرون، العدد 3، سبتمبير1996.
الفهرس
الموضوع
الصفحة
المقدمة
1
المبحث الأول:أساس المسؤولية عن فعل المنتجات
3
المطلب الأول: الخطأ أساس المسؤولية
4
المطلب الثاني:تحمل التبعة أساس المسؤولية
6
المطلب الثالث: ضمان العيوب الخفية
9
المبحث الثاني:تنازع القوانين وأثر المسؤولية(التعويض)
13
المطلب الأول: تنازع القواعد التشريعية للمسؤولية
13
المطلب الثاني:أثر مسؤولية البائع
14
الخاتمة
19
المصادر والمراجع
21
[1] امجد محمد منصور، المسؤولية عن الأضرار الناجمة عن الجمادات، الإصدار الأول، ط1، الدار العلمية الدولية ودار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، سنة2002، ص134-135.
[2] مشار إليه لدى: فتحي عبد الرحيم عبد الله، دراسات في المسؤولية التقصيرية ( نحو مسؤولية موضوعية)، منشاة المعارف، الإسكندرية، سنة2005، ص180.
[3] المرجع السابق، ص180-181.
[4] عاطف النقيب، النظرية العامة للمسؤولية الناشئة عن فعل الأشياء في مبادئها القانونية وأوجهها العملية، المنشورات الحقوقية صادر، بلا مكان نشر، سنة 1999، ص379. امجد محمد منصور، مرجع سابق، ص137.
[5] انظر امجد محمد منصور، مرجع سابق، ص 138-139. عبد الحليم عبد القادر أبو هزيم، المسؤولية عن الأشياء غير الحية في القانون المدني(رسالة ماجستير)، الجامعة الأردنية، آب 1995، ص91، عاطف النقيب، مرجع سابق، ص380
[6] المذكرات الإيضاحية لمشروع القانون المدني الفلسطيني، السلطة الوطنية الفلسطينية ديوان الفتوى والتشريع، مشروع الأطر القانونية في فلسطين، إعداد موسى سلمان أبو ملوح وخليل احمد قدادة،سنة2003.
[7] انظر فتحي عبد الرحيم عبد الله، مرجع سابق، ص159.
[8] مشار إليه لدى: عاطف النقيب، مرجع سابق، ص380-381.
[9] المرجع السابق، ص381-382، امجد محمد منصور، مرجع سابق، ص141، عبد الحليم أبو هزيم، مرجع سابق، ص93-94.
[10] انظر عاطف النقيب، مرجع سابق، ص383، امجد محمد منصور، مرجع سابق، ص142-143.
[11] امجد محمد منصور، مرجع سابق، ص142. عبد الحليم أبو هزيم، مرجع سابق، ص94.
[12] محمد عبد القادر علي الحاج، مسؤولية المنتج والموزع(دراسة في قانون التجارة الدولية مع المقارنة بالفقه الإسلامي)، دار النهضة العربية، القاهرة، ص208-209. امجد محمد منصور، المرجع السابق، ص146. عاطف النقيب، مرجع سابق، ص386-389.
[13] امجد محمد منصور، مرجع سابق، ص147-148.محمد الحاج، مرجع سابق، ص210.
[14] محمد الحاج، مرجع سابق، ص212.
[15] محمد الحاج، مرجع سابق، ص213. امجد محمد منصور، مرجع سابق، ص148.
[16] انظر محمد شكري سرور، مسؤولية المنتج عن الأضرار التي تسببها منتجاته الخطرة، دار الفكر العربي، بلا مكان نشر، سنة1983، ص44. جابر محجوب علي، ضمان سلامة المستهلك من الأضرار الناشئة عن عيوب المنتجات الصناعية المبيعة، مجلة الحقوق، السنة العشرون، العدد الثالث، سبتمبير1996، ص207.
[17] علي سيد حسن، الالتزام بالسلامة في عقد البيع، دار النهضة العربية، القاهرة، سنة 1990،ص38. جابر محجوب علي، مرجع سابق، ص216.
[18] محمد شكري سرور، مرجع سابق، ص46، جابر محجوب علي، مرجع سابق، ص216-217.
[19] علي سيد حسن، مرجع سابق، ص 40، جابر محجوب علي، مرجع سابق، ص218-219.
[20] محمد شكري سرور، مرجع سابق، ص48.
[21] انظر جابر محجوب علي، مرجع سابق، ص319-320، محمد شكري سرور، مرجع سابق، ص48-49.
[22] جابر محجوب علي، مرجع سابق، ص319-320.
[23] جابر محجوب علي، مرجع سابق، ص319-320،
[24] جابر محجوب علي، المسؤولية التقصيرية للمنتجين والموزعين(دراسة مقارنة بين القانونيين المصري والفرنسي،دار النهضة العربية، القاهرة، بلا سنة نشر، ص82-83.
[25] المرجع السابق،ص83.
[26] علي سيد حسن، مرجع سابق، ص45.
[27] خالد عبد الفتاح محمد خليل، حماية المستهلك في القانون الدولي الخاص، دار النهضة العربية، القاهرة، سنة2002، ص326، محمد الحاج، مرجع سابق، ص10-11.
[28] خالد عبد الفتاح محمد خليل، مرجع سابق، ص330-332، محمد الحاج، مرجع سابق، ص12-16.
[29] المذكرات الإيضاحية لمشروع قانون التجارة، السلطة الوطنية الفلسطينية ديوان الفتوى والتشريع، مشروع الأطر القانونية في فلسطين، إعداد أمين دواس وغسان خالد، سنة2004.
[30] محمد الحاج، مرجع سابق، ص240-241.
[31] جابر محجوب علي، مرجع سابق، ص258، علي سيد حسن، مرجع سابق، ص225.
[32] للمزيد انظر المادة(187).
[33] جابر محجوب علي، مرجع سابق، ص259، علي سيد حسن، مرجع سابق، ص226، محمد الحاج، مرجع سابق، ص232-245.
[34] مشار إليه لدى: جابر محجوب علي، المرجع السابق، ص259.
[35] للمزيد انظر علي حيدر، درر الحكام شرح مجلة الأحكام،تعريب المحامي فهمي الحسيني،المجلد الأول،ط1، دار الجليل، بيروت، سنة1991،ص305-308، 337-3345.
[36] للمزيد انظر المادة(197) من مشروع القانون المدني، والمادة (73) من مشروع قانون التجارة.
[37] انظر محمد شكري سرور، مرجع سابق، ص60.
[38] انظر جابر محجوب علي،ص254
[39] انظر علي سيد حسن، مرجع سابق، ص119-120.
[40] انظر علي سيد حسن، مرجع سابق، ص119، انظر جابر محجوب علي،ص255-256
[41] لمزيد انظر المادة (73) من مشروع قانون التجارة الفلسطيني.
[42] فتحي عبد الله، مرجع سابق، ص197-199.
اترك تعليقاً