أسباب اكتساب الإقليم نقلاً عن الغير
أولاً- التنازل:
وهو أن تتخلى دولة عن جزء من إقليمها لدولة أخرى، ويتم التنازل بالاتفاق بين الدول المعنية في شكل معاهدة أو تصريح يصدر من الدولة المتنازلة وقد يكون التنازل بمقابل حيث يمكن أن يتخذ صورة اتفاق بين دولتين على أن تتنازل كل منهما للأخرى عن جزء من إقليمها في الحالات التي يتم فيها إبرام معاهدات لتعديل الحدود بين دولتين، وقد يكون التنازل بدون مقابل فغالباً ما يكون إجبارياً تفرضه دولة على أخرى ويتم عادة عقب الحروب فتنازل الدولة المهزومة ضد إرادتها على جزء من إقليمها للدولة المنتصرة كشرط من شروط الصلح بين الدولتين.
* شروط صحة التنازل:
1- أن يصدر التنازل عن دولة كاملة السيادة، فالدولة كاملة السيادة فقط هي التي تملك التنازل عن جزء من إقليمها حيث تعد أهلاً لإجراء التصرفات القانونية أما الدول الناقصة السيادة فليس لها الحق في التنازل عن جزء من إقليمها إلا في الحدود التي تسمح بها المعاهدة التي تم بموجبها وضع هذه الدولة تحت الحماية أو الانتداب، كما لا يجوز للدول الموضوعة في حالة قيام دائم التصرف في أجزاء من أقاليمها بالتنازل لتعارض ذلك مع التزامات الحياد على أنه يجوز في بعض الأحوال السماح لها بذلك إذا كان التنازل يتعلق بتسويات للحدود على ألا يتعارض ذلك مع المعاهدة التي تم بموجبها وضع هذه الدولة في حالة حياد دائم، ويشترط موافقة الدول الضامنة لها.
2- أن تتم موافقة سكان الإقليم المتنازل عنه على التنازل لأنه يترتب على انتقال الإقليم اكتساب سكانه جنسية الدولة الجديدة والخضوع لنظامها السياسي وقوانينها ومن ثم من الواجب إجراء استفتاء تكون نتيجته موافقة سكان الإقليم على قبول التنازل، وواقع الأمر أن هذه الموافقة تتفق مع مبدأ حق الشعوب في تقرير المصير غير أن الدول التي تسلك مسلكاً موحداً في هذا الشأن، ومعظم الدول التي لجأت إلى استفتاء سكان الأقاليم التنازل عنها إليها كانت تعلم مسبقاً أن نتيجته ستكون إلى جانبها على أن هناك حالات تم فيها إجبار بعض الدول على التنازل عن أجزاء من أقاليمها دون استطلاع رأس سكان هذا الإقليم.
ثانياً- الفتح:
الفتح هو احتلال دولة بالقوة لإقليم تابع لدولة أخرى أو لجزء منه، والفتح لا يتم إذا قامت حرب بين دولتين واحتلت جيوش إحداهما إقليم الأخرى وأعلنت ضمه إليها ويتم الضم في هذه الحالة بإرادة الدولة المنتصرة وحدها دون اعتداء بإرادة الدولة المنهزمة أو رأي سكان الإقليم الذي تم ضمه إذ لو استند الضم إلى تراضي الطرفين لكان اكتساب الإقليم في هذه الحالة عن طريق التنازل.
ولقد كان الفتح من أهم الوسائل التقليدية لاكتساب السيادة على الأقاليم ولكن في الوقت الحالي غالبية الفقهاء يعتبرونه من قبيل السطو أو الاغتصاب غير المشروع بين الدول ويؤكد ذلك ما جاء في مواثيق عدة أهمها عن عصبة الأمم وميثاق الأمم المتحدة الذي حرم استعمال القوة أو التهديد بها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي للدول، وهو ما يعبر عنه بمبدأ: السلامة الإقليمية.
هو اكتساب السيادة عن طري قيام دولة بوضع يدها مدة طويلة على إقليم دولة أخرى ومباشرة السيادة عليه على نحو مستمر خلال فترة زمنية تكفي لتثبيت الشعور بأن الوضع القائم مشروع ويتفق وحكم القانون.
والتقادم من الطرق المعترف بها لاكتساب الملكية في القانون الخاص، ولكنه كان محل خلاف بين فقهاء القانون الدولي العام وذلك على الشكل التالي:
الاتجاه الأول: ينكر جواز تملك الأقاليم عن طريق التقادم ذلك لاختلاف السيادة عن الملكية الخاصة، فملكية عقار في القانون الخاص تختلف عن السيادة على جزء من الإقليمي يقيم به سكان مما يتنافى مع قواعد القانون الدولي ولا يجوز معه إقرار التقادم المكسب للملكية.
الاتجاه الثاني: يرى جواز إعمال التقادم في القانون الدولي مؤيدين رأيهم بأن التقادم من المبادئ المستقرة في كافة الأنظمة القانونية، فضلاً عن أنه يؤدي إلى استقرار الأوضاع الدولية، ولكن يشترط في التقادم كوسيلة لانتقال السيادة على الأقاليم، وفقاً لما يلي:
1- أن يكون وضع اليد على الإقليم هادئاً، أي غير متنازع فيه ولم تعترضه احتجاجات من الدولة الأصلية.
2- وأن تضع الدولة يدها على كافة الإقليم باعتبارها صاحبة السيادة كما لو أنها تمارس سيادتها على إقليمها، وعلى ذلك فالدولة التي تدير إقليمها نيابة عن دولة أخرى بطريق الإيجار أو حوالة الإدارة، والدول التي تدير أقاليم موضوعة تحت الوصاية أو خاضعة لنظام الانتداب، لا يمكنها أن تكتسب السيادة على هذه الأقاليم مهما طالت المدة.
3- أن يكون وضع اليد علنياً، وذلك ضماناً لاستقرار الأوضاع وعدم التشكيك في تحقيق وضع اليد الفعلي المكسب للملكية.
4- أن يستمر وضع اليد مدة طويلة: ولا توجد قاعدة زمنية موحدة بل يختلف الأمر من حالة لأخرى حسب الظروف والملابسات المحيطة بها، والحكمة من اشتراط مضي المدة هي أن يستقر الوضع الجديد ويصبح مألوفاً لدى الدول الأخرى، وقد اقترح (جرسيوس) أن تكون المدة طويلة بحيث لا تعيها الذاكرة.
رأي مؤلف الكتاب: لا يجب أن يعتد بالتقادم كوسيلة من الوسائل المشروعة لانتقال السيادة على الأقاليم، حيث لا يتفق ذلك مع التطور الذي حدث في المجتمع الدولي، كما لا يتفق مع مبادئ التنظيم الدولي وخاصة حق الشعوب في الاستقلال وتقرير المصير، ومبدأ السلامة الإقليمية والتي تعد من الركائز التي يقوم عليها التنظيم الدولي المعاصر.
رابعاً- نقل السيادة بقرار من منظمة دولية:
في مناسبات عديدة قامت التنظيمات الدولية بتقرير انتقال السيادة على إقليم من دولة إلى أخرى، وهذه الحالة غالباً ما تم في أعقاب الحروب من خلال معاهدات الصلح الجماعية ومعاهدات تنظيم الحدود الدولية والتسويات الإقليمية بين الدول.
ويرى بعض الفقهاء أن المنظمات الدولية مهما كان تمثيلها للجماعة الدولية لا يجب أن يكون من بين اختصاصاتها تعيين الدولة التي تتولى السيادة على أحد الأقاليم، بل يجب أن يقتصر نشاطها على تأكيد مبدأ حق تقرير المصير والإشراف على تنفيذه دون أية ضغوط، وبالتالي فإن أي قرار من الأمم المتحدة بنقل السيادة على إقليم من دولة إلى أخرى دون إرادة شعبها يعد عملاً غير مشروع، ونرى أن هذا الرأي يتفق وأهداف ومبادئ الأمم المتحدة وكافة المواثيق الدولية التي تقر احترام حق الشعوب في تقرير مصيرها واحترام سيادتها الإقليمية.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً