مـــدة عــقــد الـــتــرخــيــص الــتــجــاري
يعمل المرخص في عقد الترخيص التجاري على تحديد مدة العقد والتي غالبا ما تكون قصيرة، الأمر الذي يؤدي إلى وجود المرخص له في حالة من عدم الاطمئنان في ممارسة نشاطه التجاري.
كما أن هذه المدة تختلف من عقد لآخر خاصة ما بين عقد ترخيص بسيط وعقد ترخيص رئيسي، ويدخل في تحديد هذه المدة أيضا مجموعة من الاعتبارات.
الفقرة الأولى: الاعتبارات التي يقوم عليها تحديد مدة العقد
لتحديد هذه المدة تراعى عدة اعتبارات اقتصادية لكلا طرفي العقد، فالمرخص الجاد يجب أن يحددها بطريقة دقيقة ومدروسة، حيث ينبغي أن يأخذ بعين الاعتبار المدة المعقولة التي يمكن فيها للمرخص له أن يستغل نشاطه ويطور رقم أعماله والتي تمكنه من تسديد جميع التكاليف والحصول على فائدة حقيقية من استثماره الذي يجب أن تحسب المدة الكافية لاستهلاكه .
فهذه المدة تلعب دورا مهما لدى الأبناك ومؤسسات القرض التي تأخذها بين الاعتبار إذ على أساسها يتم احتساب المدة الكافية لاسترداد قروضها بكيفية سليمة، لذا فإن تحديد هذه المدة يجب أن يتم بطريقة معقولة تبتعد عن الاعتباطية سواء من قبل المرخص أو المرخص له الذي عليه أن يتأكد من مدى قدرته تحقيق أهدافه داخل المدة المحددة في العقد، وكما سبقت الإشارة فهذه المدة تختلف من عقد لآخر ومن مهني لآخر، تبعا لطبيعة النشاط ومميزاته وسعة الاستثمار، مع مراعاة الجانب القانوني وعدم تعارض المدة المحددة في العقد مع المقتضيات القانونية إن وجدت، وهذا ما يلاحظ بخصوص القانون الفرنسي لـ 14 أكتوبر 1943 الخاص بالشروط الاستئثارية الذي يقضي بأن الشروط الاستئثارية يجب أن لا تتجاوز مدتها 10 سنوات وقد طبق هذا القانون على عقود الترخيص التجاري إلى غاية سنة 1971 حيث أحدثت محكمة النقض الفرنسية انقلابا في الموضوع وقررت تطبيق هذا القانون على عقود التوريد فقط مستثنية باقي العقود الأخرى،
الأمر الذي أدى إلى خلق ردود فعل مختلفة من طرف القضاء، سرعان ما تم توحيدها بعدما تعرض القرار السابق لانتقادات شديدة جعلت محكمة النقض سنة 1981 ترجع عن قرارها السابق والعمل على تطبيق هذا القانون على عقود الترخيص التجاري، مع تمكين أطراف العقد من القيام باتفاق جديد بعد نهاية مدة 10 سنوات المحددة في العقد وإمكانية تضمينه نفس الشروط الاستئثارية السابقة .
ونفس الشيء اعتمدته نفس المحكمة في قرار لها صادر في 1988 حيث أقرت بالإبطال الجزئي للعقد بالنسبة للفترة التي تتجاوز 10 سنوات تطبيقا للقانون السالف الذكر وفي غياب أي مقتضيات مماثلة بالمغرب فيما يخص تحديد مدة عقد الترخيص التجاري تبقى هذه المدة خاضعة لاتفاق الأطراف كما تختلف هذه المدة ما بين عقد ترخيص تجاري عادي أو رئيسي حيث أن هذا الأخير غالبا ما تكون طويلة نسبيا مقارنة مع عقود الترخيص العادية.
الفقرة الثانية: تحديد مدة العقد
مدة عقد الترخيص التجاري غالبا ما تكون محددة مسبقا في العقد تتراوح عموما ما بين 3 إلى 10 سنوات والأغلب أن تحدد في خمس سنوات، وهنا سنميز بين المدة القصيرة والمتوسطة (أولا) والمدة الطويلة (ثانيا).
أولا- المدة القصيرة والمتوسطة
يلاحظ أن غالبية عقود الترخيص الوطنية تبرم لمدة قصيرة نسبيا، وذلك حتى يتمكن المرخص من مواكبة التطورات القانونية والقضائية والتحكم في مختلف التعديلات والتغيرات التي يمكنه أن تلحق بتصوره كما يلاحظ أيضا عدم التفريق بين العقود الوطنية والدولية إذ نجدها تقريبا لها نفس المدة والتي تتراوح ما بين 5 إلى 10 سنوات.
فمثلا عقد Yves rocher يحدد مدة في 5 سنوات قابلة للتجديد (م. 3 منه)، وفي عقد شبكة Domino’s pizza في 10 سنوات.
ثانيا- المدة الطويلة
إن طول مدة العقد تساعد المرخص له على إبرام عقود ترخيص تجارية ثانوية، كما أن انتهاء عقد ترخيص رئيسي لا يؤثر على العلاقة بين المرخص والمرخص له الرئيسي فقط، بل أيضا على مستقبل المرخص له الثانوي وعلاقته سواء بالمرخص له الرئيسي أو بالمرخص، الأمر الذي يلزم المرخص له الرئيسي بالمطالبة بأن تكون مدة عقد الترخيص التجاري الرئيسي في الحدود التي تمكنه من تحقيق الاستقرار لاستثماره وتطويره على صعيد منطقته، وبالتالي تمكينه من إبرام عقود ترخيص ثانوية بها وتحقيق الاستقرار لها أيضا، فتضمين عقد الترخيص مدة طويلة نسبيا يرجع بالأساس لمشكل عقد الترخيص الرئيسي والامتياز الممنوح للمرخص له من أجل إبرام عقود ترخيص ثانونية.
وللإشارة فمدة عقد الترخيص التجاري لا تطرح إشكالا إذا أمكن تجديد العقد لنفس المدة أو لمدد أخرى، إلا أنه قد يتم النص على عدم قابلية العقد للتجديد وهنا يطرح التساؤل حول مدى إمكانية المرخص له المطالبة بالتجديد بعد انتهاء مدة العقد؟ وما هي وضعية المرخص له الثانوي في حالة عدم تجديد عقد الترخيص التجاري الرئيسي بعد انتهاء مدته؟
اعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً