بحث قانوني هام حول الأزمة الليبية و تداعياتها على الصعيد الدولي
تحت إشراف: د. خالد بنجدي
من إنجاز الطالب:
نور أوعلــــي
تمهيد:
الثورة بالمعنى الواسع هي التغيير الكامل والشامل والجذري الذي يعم كل النواحي، ويقضي على القديم ويأتي بالجديد، وهي ليست مقتصرة على جوانب أحادية محددة كالثورة الصناعية وثورة الإتصالات أو ثورة المعلومات…
أما عن المفهوم السياسي للثورة، فقد صيغ لها العديد من التعريفات، التي يمكن أن نجمعها في خانتين أساسيتين: تمثل أولاهما التعريف الماركسي الذي يقضي بأن الثورة مطلب ضروري ذو حتمية تاريخية، غرضها إزالة الطبقات الإجتماعية، في حين نجد مفاذ الإتجاه الليبيرالي في تعريفه للثورة بأنها عمل غير مشروع يتحقق باستخدام العنف. وكلا التعريفين يريان أن الثورة هي إبدال وتغيير كلي يهم جميع المجالات (الإجتماعية، السياسية، الإقتصادية والثقافية…)، إذ يلعب فيها الوعي الجماعي دورا محوريا.
وكان طبيعياً لثورة ناجحة في تونس، وأخرى أكثر نجاحاً في مصر، أن تتأثر ليبيا – تلك الدولة الواقعة بين الدولتين – بتداعيات الثورتين، وهو ما حدث بالفعل بعد أربعة أيام فقط من سقوط نظام مبارك في مصر، ففي الخامس عشر من فبراير 2011، طالبت مجموعة من الشخصيات والفصائل والقوى السياسية والتنظيمات والهيئات الحقوقية الليبية بتنحي الزعيم الليبي ”معمر القذافي”، مؤكدين حق الشعب الليبي في التعبير عن رأيه في مظاهرات سلمية، دون أي مضايقات أو تهديدات من قبل النظام. وفي 17 فبراير انطلقت مسيرة احتجاجية بمدينة بنغازي تزامنا مع الذكرى الخامسة لمظاهراتها عام 2006 التي وُوجهت بقمع الشرطة.
وفي 18 فبراير توسعت الاحتجاجات المطالبة برحيل النظام، وانتقلت إلى غرب البلاد، وبعد القمع العنيف والدموي للمتظاهرين، وقعت اشتباكات بين الجانبين أدت إلى خروج المدن تباعا عن سلطة العقيد ”معمر القذافي” وانضمامها إلى الثوار. وبدأ هذا التداعي بمدن الشرق في ليبيا، إذ انضمت: أجدابيا ودرنة وبنغازي والبيضاء وطبرق… ثم تحول الأمر إلى المدن القريبة من العاصمة طرابلس: مثل بني الوليد والزنتان ومصراتة والزاوية وزوارة…
إذ أن استخدام القوة العسكرية بالأسلحة الثقيلة ضد الثوار في شرق ليبيا، سرعان ما أثار انشغال المجموعة الدولية، مما جعل مجلس الأمن في 26 فبراير 2011 يتبنى قرارا بفرض الحظر العسكري والإقتصادي على النظام الليبي.
هذا الإنشغال الدولي بالملف الليبي منذ بدايته، جاء نتيجة لتداعيات هذه الأزمة، التي تعدت التراب الداخلي لمركز الصراع، لتصل بؤر التوتر إلى دول المغرب العربي بل وللعالم كله. مما استدعى ليلة 19 من مارس تدخلا فجائيا لحلف شمال الأطلسي (الناتو) في اللحظات الأخيرة في ساعة متأخرة ذلك اليوم بعملية عسكرية سميت « فجر الأوديسة »، لإنقاذ بنغازي من السقوط في أيدي جنود كتائب ”القذافي”. وهكذا استمر الهجوم الجوي على ليبيا بواسطة التحالف الدولي، حتى تمكن الثوار من القبض على ”معمر القذافي” وإعدامه على الطريقة الشعبية في العشرين من أكتوبر 2011.
منذ بداية الثورة في ليبيا، لم يكن لأي طرف عربي بادرة التنديد بما يقترفه نظام ”القذافي”، أما في الغرب فكان الموقف مختلفا وتعالت الأصوات المستنكرة لتصرف النظام وجرائمه، فبدأت تدعو لموقف دولي وتطالب العرب بغطاء للتدخل في الوضع بليبيا، هنا تحركت بعض الدول العربية واتخذت إجراءاتها لتمهد الأمر لعملية عسكرية غربية يقودها تحالف غربي ضد ”القذافي” وكتائبه، والذي لم ينتظر طويلا قبل أن يصوت على قرار مجلس الأمن الذي سمح له بالتدخل في ليبيا عسكريا.
من خلال هذا التأطير البسيط، يمكننا استحضار إشكالات ستكون انطلاقة لما سيأتي من تحليل، وهي كالآتي:
ما هي محددات الأزمة الليبية بدءا من الأسباب المؤدية لها وانتهاء بتداعياتها على المستويين الداخلي والخارجي؟
وكيف تم تدبير الأزمة والتعاطي معها في العالم العربي والمنتظم الدولي؟
وهل كان للإعلام العربي والغربي دورا في صناعة الثورة؟
على ضوء التساؤلات السابقة، ارتأى فريق البحث تقسيم الموضوع على الشكل التالي:
المبحث الأول: محددات الأزمة الليبية
المطلب الأول: أسباب الأزمة الليبية
الفقرة الأولى: أسباب داخلية
الفقرة الثانية: أسباب خارجية
المطلب الثاني: تداعيات الأزمة الليبية
الفقرة الأولى: تداعيات على المستوى الداخلي
الفقرة الثانية: تداعيات على المستوى الدولي والإقليمي
المبحث الثاني: المقاربة الدولية لتدبير الأزمة الليبية
المطلب الأول: المقاربة العربية لتدبير الأزمة
الفقرة الأولى: موقف جامعة الدول العربية من الأزمة
الفقرة الثانية: موقف الدول العربية من الأزمة
المطلب الثاني: المقاربة الأممية لتدبير الأزمة
الفقرة الأولى: التدخل السلمي لمنظمة الأمم المتحدة لتدبير الأزمة
الفقرة الثانية: التدخل العسكري للأمم المتحدة لحل النزاع
المبحث الأول : محددات الأزمة الليبية
عند تطرقنا لمحددات الأزمة الليبية، وجب استعراض الأسباب الكامنة وسياقها التاريخي والإجتماعي والسياسي والثقافي لنشوء الثورة وتطورها (المطلب الأول)، كما أن الحدث يخلف تداعيات ونتائج تمس العديد من المستويات سواء منها الداخلية أو الخارجية (المطلب الثاني).
المطلب الأول: أسباب الأزمة الليبية
مثلما تمتعت ليبيا بخصوصية شديدة في نظامها، وعلاقتها الخارجية وخطابها السياسي منذ بدء حكم ”معمر القذافي” سنة 1969، شهدت انتفاضة شعبها التي تحولت إلى معارك مسلحة.
هي حالة خاصة اختلفت كثيرا عن الثورة التونسية والمصرية.
ترجع أسباب اختلاف انتفاضة ليبيا عن ثورتي تونس ومصر لعوامل وأسباب داخلية (الفقرة الأولى) وخارجية (الفقرة الثانية)، يمكن إجمالها في الآتي:
الفقرة الأولى: أسباب داخلية:
أولا: أسباب اقتصادية واجتماعية:
تكشف تقارير التنمية البشرية للأمم المتحدة عن أن ليبيا تعتبر من الدول العربية التي أحرزت تقدما في مسار التنمية البشرية، فبعد أن كانت تحتل المرتبة رقم 64 على المستوى العالمي في التنمية البشرية، انتقلت سنة 2000 إلى المركز 52 في تقرير 2011، مع احتفاظها عبر السنوات الثلاث الأخيرة بالمرتبة الأولى على المستوى الإفريقي في هذا المجال.[1]
وعلى الصعيد التعليمي بلغت نسبة من يعرف القراءة والكتابة (15 سنة فأكثر) نحو 88,3 بالمائة، كما ارتفعت نسبة استيعاب الطلاب الليبيين في المراحل التعليمية المختلفة، وكذلك وجود 150 جامعة منتشرة في أنحاء البلاد (مع مراعاة ان الخدمات التعليمية المقدمة بتلك الجامعات أقل بكثير من البنية التحتية المتوفرة بها).[2]
وعلى صعيد الأمن الإجتماعي، نجد سياسات الدعم السلعي والتأمين الصحي وكذا الأمن الجنائي في ظل القبضة الأمنية للنظام، وذلك رغم تنامي معدلات الجريمة في العقدين الأخيرين، وهو ما عزاه البعض لتدفق المهاجرين الأفارقة على ليبيا تمهيدا للهجرة إلى أوروبا أو للإستقرار فيها.[3]
وعلى الرغم من تلك المؤشرات، فإن الكثيرين من داخل ليبيا وخارجها يرون أنه …………… ”القذافي” على الحكم بانقلاب عسكري ضد الملك ”ادريس السنوسي” عام 1969، فقدت ليبيا فرصا عديدة لنهضة شعبها وتقدمها. فالحكم الشخصي الذي اعتمد على عائلة ”القذافي” ودائرة ضيقة من المقربين والأتباع، أدى إلى حرمان الجماهير العريضة من عوائد الثروة في بلادهم، فرغم الثراء النسبي للشعب الليبي مقارنة بشعوب عربية أخرى، تقدر أرصدة النظام الليبي بما يزيد عن 200 مليار دولار من الفوائض المالية النفطية، علاوة على 50 مليار دولار تدخل الخزينة الليبية سنويا، فإنه توجد حالات تفاوت كبير في توزيع الثروة، فبدلا من التوزيع العاقل لمليارات الدولارات من العوائد النفطية على الشعب، استأثرت بها فئة ضيقة تلتف حول ”القذافي” وعائلته، حيث بددوا ثروات المجتمع الليبي في شراء الأسلحة، وتكديس ثرواتهم المالية في الغرب مستفيدين من الحصار الذي ضرب على ليبيا، حيث كان النظام يفسر ويبرر إخفاقاته بذلك التضييق، وتنامي شبكات التهريب وغسيل الأموال التي تورط فيها بعض كبار موظفي الدولة.
ويمكن القول أن الإنفتاح على الغرب وتدفق الإستثمارات والشراكات الأجنبية مند عام 2003، للمشاركة في مشروعات البنية التحتية الطموحة للنظام، لم يحمل الكثير للمعادلة السلطوية والثروة والفساد، بل زاد من تفاقم الوضع مما تزامن مع ذلك الإنفتاح من حديث عن مشروعات لبيع الممتلكات العامة للقطاع الخاص، حمل معه مخاوف كثيرة للطبقات العمالية والفئات الإجتماعية المتوسطة والدنيا، بفعل تسارع وتيرة الإنفتاح وتفشي الغلاء على الرغم من محاولات النظام ملاحقته عبر الزيادة في الرواتب والأجور، إلا أن ارتفاع الأسعار وانتشار الفساد حال دون نجاح تلك الزيادات.
وهو ما دفع الليبيين للخروج في عمليات احتجاجية تفاوتت قوة وضعفا عبر الزمن، نذكر منها – بشكل مختصر – ثلاث احتقانات وأحداث شعبية:
– ففي سنة 1969 قامت أجهزة الامن الليبية بارتكاب إحدى أكبر المجازر في عهد ”القذافي” بسجن أبو سليم وهو سجن يأوي المعتقلين السياسيين في المقام الأول، ويدار من طرف أجهزة الأمن الداخلي، لكن في شهر يونيو تمرد عدد كبير من السجناء مطالبين بأن يحاكموا بشفافية بدلا من اعتقالهم القسري، وتمكنوا من أن يطردوا الحراس، ونتيجة لذلك قامت أجهزة الأمن الليبية بحملة لقمع التمرد فحدثت مجزرة راح ضحيتها حوالي 1170 قتيلا.[4]
– وفي عام 1969 نفسه حدثت مجزرة أخرى أصغر حجما من حيث عدد الضحايا، ففي العاصمة طرابلس انتصر نادي الأهلي الطرابلسي على النادي الإتحادي في إحدى مباريات كرة القدم، وقد كان هذا الأخير مساندا من طرف ”الساعدي القذافي” الذي كان عضوا في الفريق الإتحادي، فأمر بإطلاق النار على المشجعين لتقع مجزرة راح ضحيتها 20 مدنيا.[5]
– وفي بنغازي اندلعت أحداث عام 2006 بسبب أزمة الرسوم المسيئة للنبي محمد (ص)، فخرج ردا عليها المئات في المدينة في يوم الجمعة 17 فبراير واتجهوا نحو القنصلية الإيطالية، فأطلقت الشرطة النار عليهم وسقط مجموعة من المدنيين قدر عددهم بـ 11 متظاهر.
بالإضافة إلى احتجاجات في 01/12/2006 بمدينة البيضاء على الأوضاع الإقتصادية، وآخرها كان بمدينة يفرن في 2008، والتي تعتبر حاضرة أمازيغ ليبيا والتي شهدت تدخلا لـ ”سيف الإسلام القذافي” نجل ”معمر” حول قضية حقوق الثقافة الأمازيغية، إضافة إلى ذلك التغير الديموغرافي وازدياد شريحة الشباب العمرية وانفتاحهم على العالم الخارجي، فالشباب الليبي يشكل حوالي 52 في المائة من مجموع السكان تحت سن 25 عاما، لم يكن مستعدا أن يقبل التناقضات بين الشعارات تماما في ظل سياسات الإنفتاح والخوصصة والواقع المعاش.
ثانيا: الأسباب التاريخية والسياسية:
تاريخيا هناك تنافس ضمني بين ولايات شرق ليبيا وغربها على المكانة والسيادة اقتصارا على حقبة حكم العقيد ”القذافي”، يمكن القول أنه وإن كانت الولايات الشرقية وبخاصة بنغازي أكثر المدن الليبية التي ساندت حركة الإنقلاب التي قادها ”القذافي” سنة 1969 في سنواتها الأولى ضد النظام الملكي، فإن تحول تلك المدن إلى معقل للمعارضة الإسلامية وغير الإسلامية، كان مصدرا للإضطرابات والمحاولات الإنقلابية ضد نظام ”القذافي” منذ السبعينات من القرن 20 كما أدى إلى موجة من هجرة الكفاءات.
وعلى الصعيد السياسي، يمكن القول أنه عبر عقود حكم ”القذافي” قد تآكلت أسس شرعية النظام الليبي والتي تمثلت في أربع ركائز أساسية:
أولهما: الثورية القومية؛ ثانيهما: المساواة والعدالة الإجتماعية؛ ثالثهما: الكرامة والهوية الوطنية؛ والركيزة الرابعة: القيمة الرمزية ”للقذافي” كمناضل ضد الإمبريالية الدولية. قبل عودة النظام لمحاولة التكيف مع متغيرات ما بعد الحرب الباردة، وما بعد 11 سبتمبر 2001 والتي قادت إلى تخلي ليبيا عن مشروعها في تطوير أسلحة الدمار الشامل، وقبولها دفع تعويضات باهضة لضحايا لوكربي والطائرة الفرنسية، كما اعتمد ”القذافي” في البداية على إلغاء نظام القبيلة واحدا من المبادئ الأساسية لثورته، إلا أنه بعد ربع قرن من الحكم وتحديدا في 1994 قام بإنشاء لجان شعبية للقيادات الإجتماعية، قوامها الأساسي القيادات القبلية، لكنه استعمل الخصومات الداخلية بين القبائل من أجل إحكام قبضته على السلطة ونهج سياسة ”فرق تسود”.
وقد حالت صورية المؤسسات وسلط اللجان الثورية دون مشاركة شعبية في شؤون الحكم، حيث عرف العزوف الشعبي عن المشاركة بما يتراوح بين 50 و 80 في المائة ممن لهم حق المشاركة، كما نشأت طبقة من المستفيدين والمحتكرين للسلطة والثروة، يصعب التغلب عليها في ظل مناخ الفساد، خاصة مع عدم وجود مؤسسات مجتمع مدني حقيقي مستقلة عن النظام.[6]
وقد جاءت تقارير الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية فيما يخص الممارسات القمعية للنظام الليبي، حيث جاء في تقرير: ”ظلت حرية التعبير وحرية التجمع وتكوين الجمعيات تخضع لقيود مشددة، ولم تظهر السلطات مقدارا يذكر من التسامح إزاء المعارضة”.
بالإضافة إلى كل ذلك، كانت هناك محاولة توريث الحكم لابنه ”سيف الإسلام” إذ صارت أمرا واقعا عبر انخراطه في اللجان الشعبية وتحضيره داخليا وخارجيا ليصير وريث أبيه ”معمر”، كباقي الأنظمة العربية الأخرى، وخاصة مصر حيث أصبحت تسمى البلدان العربية …………… فيما يخص مسألة توريث الأنظمة الجمهورية لأبناء القادة لتولي الحكم.
الفقرة الثانية: الأسباب الخارجية للأزمة:
أولا: السياسة الخارجية الليبية:
تقلبات السياسة الخارجية الليبية بين السعي للوحدة العربية تارة والإفريقية تارة أخرى، وما بين مشاريع وحدوية ثنائية حينا، ومشروعات اتحادية جماعية في أحايين أخرى، ومغامرات النظام في دعم ومساندة العديد من منظمات وحركات التمرد في أركان المعمورة المختلفة (تشاد مثلا)، رسخت شعورا بالمرارة لدى قطاعات كبيرة من المواطنين الليبيين، بسبب تبديد ثرواتهم في تلك المغامرات والسياسات والتعويضات (قيام سيف الإسلام في محاولة إصلاحية مع الغرب بتقديم تعويضات خيالية لفرنسا، وتقديم مرتكبي تفجير الطائرة الأمريكية للعدالة الدولية، والتراجع عن برنامج التسلح النووي)، في حين يعاني الكثيرون منهم من الفقر والحرمان النسبي في مجالات التعليم والصحة والمرفق العام والبنية التحتية على الرغم من ثراء بلدهم.
ثانيا: تأثير الثورات العربية:
مثلما كانت ثورة الياسمين ملهمة لشباب حركة 25 يناير المصرية، كانت هذه الأخيرة ملهمة لثورة 17 فبراير الليبية التي انطلقت من بنغازي، والتي تأثرت على مر العصور بما يجري في مصر، وأبناؤها أكثر قومية وانصهارا في البعد الثقافي والسياسي المصري، حيث استلهمت مبادئ الثورة العربية من حرية وكرامة وعدالة اجتماعية من أجل القضاء على الفساد والإستبداد المستشري في هاته البلدان تجاوبا مع تحديات العصر.
ثالثا: الإعلام ودوره في الأزمة الليبية:
شكلت ثورة الإتصالات والمعلومات عاملا مهما في نقل نموذج المحاكات بالنسبة للثورات العربية، إذ ركزت غالبية التجارب على النمط السلمي للإحتجاج ضد السلطة السياسية، وبشكل عام ساهمت الإتصالات وشبكات التواصل الإجتماعي لزيادة نسبة استخدامهم لها، فارتفع وعي المجتمعات السياسي والمعرفي وتنامت معرفتهم بواقعهم، وقد أدى هذا الواقع الإفتراضي إلى فسحة كبيرة في الحرية مقارنة بالواقع الحقيقي، كما ساهمت التغطية الإخبارية للقنوات الفضائية في نقل نموذج المحاكاة على المستوى الجماهيري لتضفي زخما قويا قصد الإستمرار في الثورة.
المطلب الثاني: تداعيات الأزمة الليبية
شهدت ليبيا بعد نهاية ثورة 17 فبراير والتي دامت ما يقارب عشرة أشهر سلسلة من التداعيات الوخيمة، سواء تعلق الأمر بما هو داخلي (الفقرة الأولى ) أو خارجي (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: تداعيات على المستوى الداخلي:
عرفت ليبيا مجموعة من التطورات عقب الإطاحة بالنظام المخلوع، يمكن إجمالها فيما يلي:
أولا: على المستوى السياسي:
بمجرد حدوث انهيار كامل لكل مؤسسات الدولة التي تصدعت وتلاشت إزاء الأزمة الليبية، ظهر نوع من الاستقرار الهش المطبوع بصراعات بين عدة أطراف سياسية، كان لها دور فاعل في سقوط النظام السابق، فبالرغم من إنشاء المجلس الوطني الانتقالي الذي أسسته المعارضة الليبية في ظل الأزمة كحكومة انتقالية مؤقتة – والذي أعلن عن طريقة صياغة الدستور الجديد، بينما يقوم مجلس الوزراء المستحدث من قبل هذا المجلس بتصريف الأعمال اليومية – لم يتمكن من جمع الشعب الليبي تحت راية سلطة مركزية واحدة في المستقبل، بحيث أن هذا المجلس فشل في تحقيق تماسك وتلاحم مختلف القبائل والعشائر الليبية والتيارات الدينية (التيار السلفي)، وكذلك الأقليات الإثنية (الأمازيغ)، الأمر الذي أعاق مسيرة المشروع الجديد.
وعليه، فالمشهد السياسي الليبي أصبح فوضويا وخاليا من النضج الايجابي، بحيث أن الرأي العام الليبي يتهم بعض أعضاء المؤتمر الوطني بسرقة المال العام، وعدم درايتهم بالتركيبة القبلية للبلاد، نظرا لنقص الخبرة والكفاءة المطلوبة، بالإضافة إلى عدم وضوح العلاقة بين المجلس الوطني المنتخب قبل عام والحكومة الحالية بقيادة ”علي زيدان” والتي تتعرض لضغوطات شديدة من أجل الإستقالة، فحزب العدالة والبناء الذي يمثل جماعة الإخوان الليبية والتي فشلت في الإنتخابات السابقة، استطاعت أن تشكل جماعة مسلحة في مناطق مختلفة هدفها إسقاط الحكومة، وجعل البلاد دوامة من الصراع.
ثانيا: على المستوى الأمني:
على الرغم من أن ليبيا تخلصت من حكم الإستبداد والديكتاتورية، لا تزال تعاني من تحديات أمنية خطيرة، نظرا لعجز وضعف الحكومة الحالية في تحقيق الأمن وفرض القانون، الأمر الذي خلق صراعا بين الميليشيات المسلحة والأحزاب الحاكمة، والسجناء الفارين من السجون الذين أطلق سراحهم ”القذافي” لمواجهة الثوار، بالإضافة إلى بعض الجماعات المسلحة التابعة لبعض القبائل وهو ما يخلق نوعا من الهشاشة الأمنية، وبالتالي فالدولة الليبية عاجزة كل العجز على فرض هيبتها في ظل غياب الأركان العامة (الجيش، الأمن، القضاء والمخابرات) التي تحاصر حقول النفط والموانئ، وبالتالي فإن هذه الفوضى السياسية والأمنية عطلت أحد أهم مصادر دخل الدولة على المستوى الإقتصادي.
ثالثا: على المستوى الإقتصادي:
تواجه ليبيا العديد من المشاكل الإقتصادية بفعل سيطرة المليشيات والجماعات المسلحة على عدد من المناطق والمؤسسات الإقتصادية المهمة، ومنها المؤسسات النفطية، التي توفر أكثر من 96 في المائة من عائدات ليبيا، الأمر الذي يكلفها خسائر ضخمة في مجال صناعة النفط، بحيث هبط إنتاجه بشكل حاد في يوليو إلى 1,4 مليون برميل يوميا، وبالتالي كان لهذا المؤشر وقع سلبي على الصادرات الليبية، كما تواجه الحكومة مشكلة في إعداد ميزانية سنة 2014 بسبب التقهقر النفطي، وهو ما كلف الخزينة العامة خسائر وخيمة، كما تراجعت قيمة الدينار الليبي إلى نصف قيمته.
رابعا: على المستوى الإجتماعي:
عرف المجتمع الليبي سلسلة من الفوضى بين القبائل، بحيث تم تهميش فئة من المواطنين وإلغاء وجودهم في السياسة، وحضورهم في صناعة القرار، بالإضافة إلى تفشي ظاهرة الإختطاف والتعذيب، ومنع تكوين الجيش وعمليات السلب، كما أن بعض الكتائب لازالت تدعي الثورية، بحيث تقوم بأعمال التفتيش داخل طرابلس وتضايق البشر وتقطع الطرق، كما أن هناك ارتفاع في فئة من المتشردين بسبب فقدانهم لمنازلهم إثر الثورة وخاصة سكان (تاورغاء).
خامسا: على المستوى الثقافي:
مطالبة الشعب الليبي بإرساء بعض التوصيات المتمثلة في إزالة كل الممارسات السياسية والإجتماعية والإقتصادية، حيث تجاوزت كل مقاييس الديكتاتورية والإستبداد والقهر التي عاصرت الحكم السابق، باعتباره جزءا من الثقافة العامة أنذاك، واستبدالها بأخرى تأسس على القيم والمبادئ والأخلاق الحميدة، والعمل الجاد الذي حددها بكل دقة ديننا الإسلامي الحنيف.
سادسا: على المستوى البيئي:
خلفت الأزمة الليبية مجموعة من المشاكل البيئية، تتمثل في انتشار بعض الأمراض الناتجة عن تلوث المياه بسبب التفجيرات التي كانت تشهدها البلاد، مع مخاطر الألغام والتوعية بأخطارها والأسلحة ومخلفات الحرب والذخائر.
سابعا: على المستوى الإعلامي:
عقب تحرير طرابلس ومقتل ”القذافي”، توسع الإعلام في ليبيا في عدة اتجاهات في ظل الدعم القليل المقدم من الجهات المختصة، كما طالب باستقلال الإعلام واتخاذ القرارات الهيكلية والسياسية التي من أجلها يمكن حل العديد من القضايا المعقدة التي تعيشها البلاد، والمطالبة بإطار عمل يمكن الإعلام من أن يلعب دورا محوريا ومنتجا في مجتمع ديمقراطي قوي.
الفقرة الثانية: تداعيات على المستوى الدولي والإقليمي:
عرفت ليبيا في ظل الأوضاع الداخلية الخطيرة التي تعيشها، سلسلة من التحديات والمخاطر على المستوى الدولي (أولا) والإقليمي (ثانيا).
أولا: على الصعيد الدولي:
بعد الإطاحة بنظام ”القذافي” الذي دام أربعة عقود، لا تختلف معظم الدول التي ساهمت في هذه العملية العسكرية، ووافقت على قرار مجلس الأمن، فيما يتعلق بوصف الحالة العامة التي تمر بها ليبيا، وخصوصا الجانب الأمني المتدهور وانتشار ظاهرة الإرهاب، بالإضافة إلى تفشي السلاح وعدم قدرة الدولة على فرض سيطرتها المركزية على كامل ترابها الوطني، ولقد شهدت ليبيا تدخلا دوليا في أواخر أكتوبر الماضي، الأمر الذي أثار ضجة في أوساط الشعب الليبي الذي رفض هذا التدخل، باعتباره يمس السيادة الداخلية للدولة الليبية، وتخوفهم من مطامع الدول الغربية وأمريكا في استغلال الثروات النفطية والتجارية والإستثمارية، آو حتى السياسية والإقتصادية والأمنية للبلاد، علما أن ما زاد أهميةالتدخل الدولي عقب الأزمة وفرة الأراضي الليبية على حقول النفط التي تتهافت عليها الشركات الأجنبية، ولعل خير دليل على ذلك تلك القرارات المتسرعة التي اتخذت من قبل أمريكا وفرنسا وبريطانيا بخصوص المشاركة في الثورة ضمن التحالفات العسكرية الغربية (الناتو)، خصوصا وأنها كانت مضطرة للتصالح مع الأشخاص الذين كانت تضعهم بالأمس على رأس قوائم الإرهاب، والمحافظة على مصالحها وتوسعها من خلال زيادة استثماراتها في قطاع النفط الليبي المغري لهذه الدول.
ثانيا: على الصعيد الإقليمي:
يخلق الوضع الداخلي الليبي الحالي – نتيجة الحرب القبلية بين مجموعة من القبائل الراغبة في السيطرة على المؤسسات النفطية – بيئة مناسبة لنشاط العديد من الجماعات المتطرفة نتيجة انتشار الأسلحة وتهريبها عبر الحدود، الأمر الذي يشكل تهديدا حقيقيا على دول الجوار، حيث أن مصر تعاني من تدفق الأسلحة المهربة وقد سبقت وأن ألقت القبض على بعض الجماعات النشيطة في هذا المجال، ولا يختلف الحال في الجزائر بحيث سبق لمتشددين إسلاميين الإستيلاء على مجمع (آن أمناس) للغاز الطبيعي، هذا ويشكل السلاح كذلك خطورة على المغرب، بحيث يوجد تخوف من تهريبه نحو الجنوب خاصة في ظل النزاع المفتعل بين المغرب وجبهة البوليساريو، الأمر الذي يهدد استقراره، كما أن هذه الظاهرة المتنامية باتت تجارة رائجة في ليبيا طالت دولا إفريقية متعددة، حيث لعبت دورا كبيرا في تقوية شوكة الإسلاميين في مالي، الأمر الذي أدى إلى زعزعة البلاد ومساعدة بعض الجماعات الجهادية داخل هذا البلد من فرض سيطرتها على الأراضي الواقعة في شمالها، ولقد سبق للأمم المتحدة أن حذرت من وصول أسلحة ليبية إلى جماعة (بوكو حرام) المتشددة في نيجيريا، علما أن هذه الجماعة تقيم علاقات قوية مع تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، كما أن هناك مشاكل مع النيجر التي ترفض تسليم ”الساعدي” إلى ليبيا لغياب بنية قضائية عادلة، وعليه أصبحت هذه الجماعات تشكل نقط استقطاب التطرف بإيديولوجياته المختلفة، مما يجعل البلد خطرا على نفسها وعلى جوارها، خاصة دول الساحل والصحراء من مصر شرقا إلى سواحل المحيط الأطلسي غربا.
المبحث الثاني : المقاربة الدولية لتدبير الأزمة الليبية
كل نزاع يشهده العالم تصل تداعياته السلبية إلى باقي الأمم، يستدعي تدخلا لحله أو التقليل من وطأته وفق مقاربات دولية غرضها احتواء ملف النزاع ومعالجته، وهذا ما قد حصل في الأزمة الليبية، حيث سنتطرق إلى كيفية تدبيرها عربيا (المطلب الأول) ودوليا (المطلب الثاني).
المطلب الأول: المقاربة العربية لتدبير الأزمة
في البداية كانت الردود العربية على ما يجري في ليبيا خجولة ومترددة إلى حد كبير، وذلك على الأرجح خوفا من تأزم العلاقة مع النظام الليبي إن استطاع إعادة السيطرة على الوضع. لكن الأزمة عرفت اتساعا كبيرا على المستوى الداخلي وشملت جميع المدن الليبية، مما جعل المشاكل تتفاقم وأصبح الحل الداخلي للأزمة مستحيلا، خصوصا وبعد بلوغ صداها إلى باقي الدول العربية، كمشكل اللاجئين الفارين إلى مختلف الدول المحيطة بليبيا من جراء القصف العشوائي الذي تشهده البلاد، لذلك كان لزاما على الدول العربية التفكير في التدخل لإنهاء هذا الصراع، وهو ما تمثل في مواقف متعددة من جامعة الدول العربية (الفقرة الأولى)، ومن المنابر الإعلامية الرسمية العربية (الفقرة الثانية).[7]
الفقرة الأولى: موقف جامعة الدول العربية من الأزمة:
يعتبر موقف جامعة الدول العربية من الأزمة الليبية غير مسبوق لخروجها المفاجئ عن نهجها المألوف، حيث شكل هذا الموقف استثناء في مثل هذه الحالات، خاصة أنه أعقب موقفها الحيادي السلبي من أحداث ثورتي تونس ومصر.
فقد جاء موقفها نقطة تحول مهمة، حيث تعاطت الجامعة بإيجابية واضحة مع الأزمة الليبية منذ بدايتها، حيث اتخذت موقفا رسميا من الأحداث لتنحاز إلى الثوار ضد النظام القائم، ثم سرعان ما اتخذت قرارا في 12 مارس 2011 بالموافقة على فرض حظر جوي على ليبيا من أجل حماية المدنيين، كما مهد موقف الجامعة العربية الطريق لإصدار قرار مجلس الأمن رقم 1973 القاضي بتدخل قوات حلف الشمال الأطلسي، وتخويلهم صلاحية فرض الحظر الجوي ومراقبة نجاعته.
ووجد موقف الجامعة من الثورة في ليبيا تفسيره من خلال عدة اعتبارات، أهمها: حرص الجامعة على اتخاذ موقف إيجابي بالإنحياز المبكر إلى جانب الثوار، تداركا منها لموقفها السلبي إزاء ما حدث في تونس ومصر، بالإضافة إلى إدراكها أن المعطيات الدولية تشير إلى وجود توافق دولي بخصوص التدخل الخارجي لفض النزاع، وأن قرارا دوليا سيصدر عن قريب معلنا فرض التدخل الأجنبي لإسقاط النظام القائم، وإن كان تحت ذريعة حماية الشعب الليبي، فلم تجد الجامعة بدّا من اتخاذ موقفها هذا، درءا لما سيقال عن صمتها اتجاه تجاوزات ”القذافي”، وتخاذلها عن نصرة الشعب الليبي، في الوقت الذي تحركت فيه الدول الأجنبية لرفع الظلم عنه، وإسقاط الديكتاتورية عن كاهله.
ومما سهل موقف الجامعة بهذا الخصوص، علاقات ليبيا الرسمية السيئة مع عدد من الدول العربية لاسيما دول الخليج، وفي مقدمتها: المملكة العربية السعودية وقطر في السنوات الأخيرة.[8]
قبل استصدار قرار التدخل الدولي للقوات، عقد اجتماع طارئ شهد انقساما حادا حول تحديد القرار، حيث تزعمت دول مجلس التعاون الخليجي تيار الموافقة، فيما رفضت الجزائر وسوريا والسودان واليمن، وخرج هذا الجمع في آخر المطاف بالموافقة على فرض الحظر على ليبيا، فقد قال وزير خارجية سلطنة عمان ”يوسف بن علوي” الذي ترأس الإجتماع في مؤتمر صحفي مشترك مع الأمين العام للجامعة ”عمرو موسى”: إن الدول العربية توافقت على قرار فرض الحظر الجوي على ليبيا، ورفضت في الوقت نفسه أي شكل من أشكال التدخل العسكري البري، حيث أكد ”بن علوي” أن هذا الحظر ينتهي بانتهاء الأزمة الليبية.
كما قرر وزراء الخارجية العرب تقديم المساعدات العاجلة للشعب الليبي عونا لهم على الصمود في وجه الإعتداءات التي يتعرضون لها، وفتح قنوات اتصال مع المجلس الوطني الإنتقالي الليبي، واعتبر الأمين العام للجامعة العربية في مؤتمر صحفي قرار وزراء الخارجية فتح قنوات تواصل مع المجلس الوطني الإنتقالي الليبي اعترافا عمليا به، وأكد ”عمرو موسى” أن تعرض الشعب الليبي لانتهاكات جسيمة وجرائم خطيرة من قتل المدنيين والتحريض على أعمال العنف والعدوان من طرف السلطات الليبية يفقدها الشرعية، كما أوضح أن قرار مجلس الجامعة بفرض حظر جوي على الأجواء الليبية لا يعني التدخل العسكري بأي حال من الأحوال، وأضاف أن صبغة القرار جلية في هذا الشأن، وهي أننا نطالب مجلس الأمن الدولي الذي له أن يقرر ما يراه طبقا لمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وحقوق الإنسان المتعارف عليها عالميا، حيث اعتبر ”موسى” أن الحظر الجوي لا يعدو أن يكون عملية وقائية وليست عسكرية غرضها حماية المدنيين الليبيين، كم أنه أكد على أن القرار المتخذ يؤكد على مراعاة السيادة والسلامة لدول الجوار، سواء كان منها العربية أو الإفريقية، مشيرا إلى أن هناك تنسيق بين الجانبين العربي والإفريقي رغم بعض الإختلافات.
والموقف الذي اتخذته الجامعة بشأن الحظر الجوي متوافق إلى حد كبير مع المطلب العربي الشعبي، حيث تظاهر مئات المواطنين العرب امام مقر جامعة الدول العربية قبيل وخلال الإجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب، لمطالبة المجتمع الدولي بفرض حظر جوي على ليبيا، كما أن المتظاهرين والثوار في ليبيا لم يكن موقفهم مخالفا لباقي جمهور العرب في مختلف الدول، بل كانوا يرددون هتافات تطالب بالتدخل الأجنبي الفوري لتحريرهم من رصاص النظام.[9]
الفقرة الثانية: موقف الدول العربية من الأزمة الليبية:
تباينت ردود الفعل العربية بشأن الأزمة الليبية، فقد قاموا بسحب السفراء وقطع العلاقات الدبلوماسية مع النظام الليبي، فقطر في أول رد فعل عربي على ما يجري في ليبيا، قال مصدر مسؤول في الخارجية القطرية في 21 فبراير 2011 أن قطر تتابع بقلق بالغ الأحداث الجارية في ليبيا، خصوصا ما تردد من أنباء في استخدام السلطات الليبية للطيران والأسلحة النارية في مواجهة المدنيين كما أن في الوقت الذي تعبر فيه عن الحزن والأسى لسقوط ضحايا، فإنها تعبر عن إدانتها واستيائها لاستخدام القوة، وتطالب السلطات الليبية بالتوقف عن ذلك العمل حقنا للدماء[10]، قال رئيس وزراء قطر ووزير خارجيتها ”محمد بن جاسم” في 23 فبراير 2011 أن بلاده لا تريد عزل ليبيا لكنها ترفض استخدام القوة ضد المتظاهرين داعيا إلى ضرورة وقف العنف بأسرع وقت ممكن[11]، كرر أمير دولة قطر ”الشيخ محمد بن خليفة الثاني” نفس الرسالة داعيا العقيد ”معمر القذافي” في أن يساهم بأسرع وقت ممكن في إيجاد الحل للوضع في ليبيا، ومنع استباحة المزيد من الدماء.
أما الدولة الفلسطينية فقد صرحت حركة المقاومة الإسلامية ”حماس” في 22 فبراير 2011 أنها تدين وتستنكر بشدة قيام النظام في ليبيا بمواجهة أبناء الشعب الليبي الذين خرجوا في مسيرات سلمية، واستهدافهم بالطائرات الحربية والمدافع وتنفيذ مجازر جماعية بشعة ضدهم.[12]
وفيما يخص الموقف الجزائري فقد أعلنت السلطات الجزائرية حالة من التأهب القصوى تحسبا لأي طارئ في ظل الصراعات التي تشهدها ليبيا.
وعبرت الحكومة الأردنية رفضها في 22 فبراير 2011 عن استهداف المدنيين واستخدام الطائرات الحربية والمدفعية الثقيلة ضدهم، وأكدت أن إراقة دماء الشعب الليبي الشقيق يجب أن تتوقف فورا.[13]
وفيما يخص الموقف الموريتاني فقد قالت الحكومة الموريتانية في 23 فبراير 2011 أنها تتابع بقلق وانشغال كبيرين ما تشهده ليبيا الشقيقة من أعمال القتل وإراقة الدماء وطالبت بوضع حد بالإستخدام المفرط للقوة، كما دعت الأطراف إلى ضبط النفس وتحكيم العقل وإيجاد الحلول المناسبة للمشاكل التي يعرفها البلد.[14]
أما مصر فقد أكد وزير خارجيتها المؤقت ”أحمد بوالغيط” يوم الأحد 27 فبراير 2011: أن الحكومة المصرية لا تدعم أي خيار يؤدي إلى التدخل بالشؤون الليبية الداخلية عسكريا، لكنه في نفس الوقت حث السلطة الليبية على وقف العنف، كما حثها على إجلاء المصريين العاملين بليبيا.
أما المغرب فقد تدخل في الأزمة باعتباره عضوا داخل مجلس الأمن الدولي، وإن كان تناوله للموضوع فيه حذر شديد على المستوى الإعلامي.[15]
وفيما يخص وقف المجلس الخليجي، فقد كان سباقا في التحرك، إذ قامت دوله بتعبئته عربيا لاستصدار قرار من الجامعة العربية (إقامة حظر جوي)، وضمانا للتغطية العربية لقرار مجلس الأمن.
أما الإتحاد المغاربي فلا حياة لمن تنادي، طبعا لم يكن من المتوقع أن يتحرك نظرا لحالة الشلل التي يعانيها منذ ميلاده المشوه، ولكن كان من المنتظر أن يخلق تحديا استراتيجيا لأن أمن المنطقة على المحك، في مقابل ذلك نجد أن الصوت المغربي الرسمي غاب تماما.
أما منظمة المؤتمر الإسلامي أعربت عن قلقها اتجاه الأحداث الأخيرة في عدد من الدول العربية مؤكدة أن التحديات المتنامية في المجالات السياسية والإقتصادية والإجتماعية لا يمكن التغلب عليها إلا عبر تقديم وتنفيذ إصلاحات شاملة في مختلف القطاعات وذلك بتاريخ 21/02/2011.[16]
وندد الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين بما وصفها بالأعمال الإجرامية في 21/02/2011 عن العنف الذي يتعرض له المتظاهرون في ليبيا مؤكدا تأييد الإتحاد لمطالب الشعب الليبي ووقوفه معه، كما دعا الجيش الليبي وقوات الأمن الشرفاء إلى وقف المظالم وحقن الدماء وإلى حماية الشعب من الظلم والطغيان.[17]
المطلب الثاني: المقاربة الأممية لتدبير الأزمة
إن منظمة الأمم المتحدة هي هيأة دائمة، اتفقت مجموعة من الدول على إنشائها، وخولتها التمتع بالإرادة الذاتية والشخصية القانونية في مواجهة المجتمع الدولي بواسطة ميثاقها الذي يحدد صلاحياتها وأهدافها لأداء مهامها.[18]
كما أن الجامعة العربية والإتحاد الإفريقي ومنظمة المؤتمر الإسلامي والممثل الدائم للجماهير العربية الليبية أدانوا الإنتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان والقوانين الدولية[19] التي جرى ارتكابها في الجماهيرية العربية الليبية، مما دعا منظمة الأمم المتحدة للتدخل بدعوة من الهيآت السابقة الذكر، حيث عملت على التدخل السلمي لتدبير الأزمة (الفقرة الأولى)، لكن هذا الأخير لم يأت بنتيجة تذكر، لذلك لجأت المنظمة إلى التدخل العسكري (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: التدخل السلمي لمنظمة الأمم المتحدة لتدبير الأزمة:
إن ميثاق الأمم المتحدة في فصله السادس الذي يؤكد على مبدإ التدخل السلمي لتدبير الأزمات، وهذا ما قامت به المنظمة الأممية من خلال القرار الذي اتخذه مجلس حقوق الإنسان المؤرخ بعددA/HRC/RES/S-15/1 بتاريخ 25 فبراير 2011[20] بما في ذلك قرار إيفاد لجنة دولية مستقلة على وجه الإستعجال للتحقيق في جميع انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان المزعوم ارتكابها في ليبيا، وذلك للوقوف على حقائق وظروف وقوع الإنتهاكات والجرائم المرتكبة وتحديد هوية الضالعين فيها.[21]
إذ أن حماية حقوق الإنسان هي من ضمن القضايا الأساسية التي تعمل المنظمة الأممية على تحقيقها، وذلك استنادا إلى الشرعية الدولية لحقوق الإنسان، التي تستمدها من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الإقتصادية والثقافية والإجتماعية.[22]
كما أن مجلس الأمن يشدد على ضرورة الإحترام الحر للتجمع السلمي وحرية التعبير، بما في ذلك حرية وسائل الإعلام، كما أنه بشير إلى المادة 16 من نظام روما الأساسي الذي يقضي بأنه لا يجوز للمحكمة الجنائية الدولية البث في التحقيق أو المقاضاة لمدة 12 شهرا بناء على طلب يقدمه مجلس الأمن لهذه الغاية[23]، كما أنه يرحب بتعيين الأمين العام للأمم المتحدة السيد ”عبد الإله محمد الخطيب” مبعوثا خاصا له إلى ليبيا، حتى يدعم الجهود التي يبذلها من أجل إيجاد حل دائم وسلمي للأزمة، حيث يؤكد التزامه القوي بالسيادة الليبية واستقلالها وسلامة أراضيها ووحدتها الوطنية، كما ان الوضع في ليبيا مازال يشكل تهديدا للسلم والأمن الدوليين، كما أنه يشدد على الحاجة إلى تكثيف الجهود من أجل إيجاد حل للأزمة يستجيب للمطالب المشروعة للشعب الليبي، ويحيط علما بقرار الأمين العام إرسال مبعوثه الخاص[24] إلى ليبيا وبقرار مجلس السلام والأمن التابع للإتحاد الإفريقي من أجل إرسال لجنته المختصة الرفيعة المستوى إلى ليبيا بهدف تيسير إجراء حوار يفضي إلى الإصلاحات السياسية اللازمة لإيجاد حل سلمي، كما أنه يطالب السلطات الليبية بالوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الدولي للاجئين وباتخاذ جميع التدابير اللازمة لحماية المدنيين وتلبية احتياجاتهم الأساسية، وضمان مرور الإمدادات والمساعدات الإنسانية بسرعة وبدون عراقيل.[25]
كما أن مجلس الأمن يدين بشدة العنف الجنسي وخاصة العنف ضد النساء والفتيات وتجنيد الأطفال واستخدامهم في حالة النزاع المسلح، وهو يتنافى مع القانون الدولي الساري المفعول، حيث أنه يعرب عن قلقه إزاء انتشار الأسلحة في ليبيا وأثره المحتمل على السلم والأمن في المنطقة، مما جعل المنظمة الأممية تتدخل بناء على الفصل السابع (الذي ينص على التدخل العسكري).
الفقرة الثانية: التدخل العسكري للأمم المتحدة لحل النزاع:
على الرغم من صدور قراري مجلس الأمن رقمي 1970 و1973 بشأن الحالة الليبية (ومضمونهما إحالة الوضع في ليبيا إلى المحكمة الجنائية الدولية، وحظر الأسلحة والسفر، وتجميد الأصول الليبية في الدول الغربية، وإقامة منطقة حظر طيران جوي في الأجواء الليبية)، فضلا عن قرار الجامعة العربية رقم 7298 بتاريخ 2 مارس 2011 بشأن الطلب من مجلس الأمن تحمل مسئولياته إزاء تدهور الأوضاع في ليبيا، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بفرض منطقة حظر جوي على حركة الطيران العسكري الليبي، وإقامة مناطق آمنة في الأماكن التي تتعرض للقصف،[26] فإن حلف الناتو لم يتدخل كمنظمة سوى في نهاية شهر مارس 2011، أي بعد ما يقرب مما يزيد على شهر من اندلاع الأزمة، حيث بدأ أعضاؤه الرئيسيون في شن هجمات جوية على الكتائب الليبية. وبرغم مرجعية الناتو للتدخل، فإنها قد أثارت ثلاث إشكاليات أساسية:
– الأولى: مع أن مضمون القرارات المشار إليها هو “فرض منطقة حظر جوي على حركة الطيران العسكري الليبي كإجراء وقائي لتوفير الحماية للشعب الليبي وتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة”، فإن مهمة الناتو قد تجاوزت ذلك من خلال قصف مواقع مدنية ومقرات حكومية تابعة للرئيس الليبي.
– الثانية: لم تشر قرارات مجلس الأمن إلى الأطراف المنوطة بالعمليات في ليبيا سوى بالقول “يؤذن للدول الأعضاء التي أخطرت الأمين العام، وهي تتصرف على الصعيد الوطني أو عن طريق منظمات أو ترتيبات إقليمية وبالتعاون مع الأمين العام، باتخاذ جميع التدابير اللازمة لحماية المدنيين وإبلاغ الأمين العام بها”.
وربما تدارك مجلس الأمن الإشكاليات القانونية التي أثارتها قراراته السابقة المماثلة، فكان جل تركيزه في الحالة الليبية على الإعلاء من قضية حماية المدنيين، وهو بدوره تعزيز لقوة “بروتوكول مسئولية الحماية” الذي يخول للدول الأعضاء والمجتمع الدولي مسئولية “المساعدة في حماية الشعوب من الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والتطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية”. وبموجب ذلك البروتوكول، فقد تمكن مجلس الأمن من سد الفجوة بين “التدخل الشرعي” وهو المبرر أخلاقيا و”التدخل القانوني”. وهي القضية التي أثيرت خلال تدخل الناتو في كوسوفو عام 1999، إذ وصفت عمليات الناتو بأنها “غير قانونية ولكنها مشروعة”، حيث تمكن أعضاء الناتو من إنقاذ شعب كوسوفو من التطهير العرقي، ولكن دون تحديد عقوبة قانونية يفرضها مجلس الأمن ضد “سلوبودان ميلوسيفيتش”.[27]
– أما الإشكالية الثالثة: فإنه مع أهمية المرجعية الإقليمية، التي تتمثل في قرار الجامعة العربية وما تلاها من مشاركة دول خليجية، وهي قطر والإمارات والكويت في عمليات الناتو في ليبيا، فإن الحديث عن ازدواجية المعايير الدولية كان حاضرا وبقوة. ففي الوقت الذي تتحدث فيه الدول الغربية عن انتهاكات حقوق الإنسان في ليبيا واستهداف قوات ”القذافي” للمدنيين، فإن تلك الدول ذاتها هي من قدمت دعما هائلا للقوات المسلحة في ليبيا، وهو ما عكسته مشاركة هذه الدول على نطاق واسع في معرض السلاح الذي أقيم في ليبيا (نوفمبر 2010). كما كانت هناك تساؤلات حول سبب التدخل في ليبيا، وغض الطرف عن حالات أخرى ربما كانت مماثلة أو أكثر سوءا (سوريا أو اليمن)، حيث قال أمين عام الحلف: “إن الحلف ليس لديه خططا للقيام بمهمة عسكرية في سوريا”.[28] وأضاف أن: “تحرك الناتو ضد النظام الليبي كان بمقتضى تفويض قوي من مجلس الأمن، ودعم واضح من دول المنطقة، وهو مزيج نادر لم نشهده في مواقف أخرى”.[29] ولا شك في أن السيطرة الأوروبية على المنطقة، إبان أعوام القرنين التاسع عشر والعشرين، من شأنها تعزيز استمرارية مشاعر الشك والريبة في السياسات الغربية عموما اتجاه المنطقة العربية، حتى وإن كانت بغطاء أممي مدعوم بتأييد عربي.
في ظل حالة الإنقسام التي تسود الأمم المتحدة إزاء الأزمات التي تتطلب تدخلا على نحو عاجل، ربما يرى الناتو أنه يمثل البديل العملي لهذه المنظمة، إذ يضم 55 دولة، منها 28 عضوا رئيسيا، و20 دولة ترتبط مع الحلف باتفاقات ثنائية (28+1)، و7 دول هي أعضاء الحوار المتوسطي، أي أن الحلف يضم أكثر من ربع أعضاء الأمم المتحدة. يتيح ذلك للحلف التدخل عسكريا خارج نطاق الأمم المتحدة، وإن ظلت القرارات الأممية محددا لهذا التدخل[30] إلى الحد الذي وصف فيه البعض ذلك بالقول “إن مجلس الأمن ليس لديه قوة عسكرية، إلا أن الناتو وأعضاءه لديهما…”. كما أن طبيعة التدخل في الأزمة الليبية تبدو مغايرة لمهمة الناتو الراهنة في أفغانستان، والتي كبدته خسائر بشرية ومادية هائلة. ومن ثم، ربما رأى صانعو القرار في الحلف، أن الطلعات الجوية التي تضطلع بها قوات الحلف الأطلسي تبقي على جنوده في مأمن.
خاتمة:
سيناريو ما بعد ”القذافي” يطرح إشكالات واسعة تتعلق بآفاق ليبيا المستقبلية، سيان كان بين فاعليها السياسيين أو مع المجتمع الدولي، فإن صراع المصالح الغربية من شأنه أن يساهم في إطالة أمد الحروب بين الفرقاء الليبيين، حيث يمكن للدول الغربية المهيمنة إقناع الرأي العام والمجتمع الدولي – بل وبعض فعاليات الشعب الليبي – بالتدخل باسم الوضع الإنساني، فالولايات المتحدة ستسعى لاستثمار الوضع في ليبيا لأنها ستكون قريبة من الحدود مع الدول الأوروبية، بما يمكنها التأثير في تلك السياسات بشكل كبير، كما ستضيق الخناق على الأوربيين بامتلاكها مصادر الطاقة الرخيصة وذات الجودة العالية، كما تستطيع التأثير على المشهد الليبي الذي سيكون مشغولا بإعادة تشكيل بنيته السياسية الجديدة. وهذا من شأنه أن يقود لخلافات بين الدول الأوروبية وبعضها البعض من ناحية، وبينها وبين الولايات المتحدة من ناحية ثانية، وهو ما قد يطيل أمد الأزمة الليبية كتعبير عن صراع المصالح بين الأطراف التي ستمد الفرقاء بمساعدات عسكرية حتى تبقي قوتهم متقاربة فيستمر بذلك الصراع.
إن الثورة في ليبيا أخذت بعدا أكثر شمولا لكي تنقل الدولة والمجتمع من حالة إلى حالة أخرى مغايرة تماما، هذا بالإضافة إلى أن تعريف الثورة عند بعض منظري الثورة اشترط استخدام العنف لتحقيقها. إذ بدون العنف لا يمكن الحديث عن ثورة، لأنها تعتبر عملا غير مشروع يتحقق باستخدام العنف، فالثورة الليبية هي عمل غير مشروع حسب نظرة النظام آنذاك. إن ما قام به الشباب في ليبيا هو ثورة حقيقية بكل مقاييس علم الثورات. وهذا تطلب تضحيات جسام لتحقيقها، ولكن ما يجب على جميع الليبيين الآن معرفته هو لم الشمل والتكاثف لتغيير ليبيا بشكل حق، فالمحافظة على الثورة يتطلب تضحيات أكثر والمحافظة عليها أصعب بكثير من صناعتها.
المراجع:
– الأمم المتحدة وتدبير الأزمات الدولية، للدكتور ”خالد بنجدي”.
– الكتاب الأخضر، لـ ”معمر القذافي”، الطبعة 2.
– جريدة الشرق الأوسط بتاريخ 26 فبراير 2011 ”ثورة ليبيا بدأت بحملة منذ عامين من نقابات المحامين”.
– مجزرة سجن ابو سليم، الجزيرة نت، تاريخ النشر 10/03/2011.
– ”محمد عاشور مهدي” أستاذ العلوم السياسية المساعد، معهد البحوث والدراسات الإفريقية بجامعة القاهرة.
– تقارير منظمة العفو الدولية لعام 2010.
– دراسة منشورة في الأهرام للدكتور ”خيري عمر”، خبير في الشؤون الإفريقية، ”آفاق التحول السياسي في بلدان شمال إفريقيا”.
– ليبيا: الديموقراطية بين التوريث والإصلاح، للدكتور ”رشيد خشانة”، صدر في دسمبر 2009.
– مركز الدراسات المتوسطية والدولية – مجموعة خبراء مغاربيين، الأنترنيت.
– الأهرام، السياسة الدولية، بقلم ”محمد بدري عيد”.
– السياسة الدولية، للدكتور ”خالد حنفي”، صدر في أبريل 2012.
اترك تعليقاً