بحث قانوني و دراسة عن الوسائل القانونية لحماية البيئة و دور القاضي في تطبيقها
مقدمة
يعد موضوع الإنسان والطبيعة إحدى أهم الموضوعات التي يتم دراستها في علم الفلسفة، كعلم يهدف إلى طرح الأسئلة دون الوصول إلى الإجابة عنها، إلا أن الفلاسفة قد تمكنوا اليوم من الإجابة على السؤال الذي طرح منذ القدم: هل الإنسان تأثر بالطبيعة التي يعيش فيها، أم أنه أثر عليها؟
فبعدما كان الإنسان في العصور القديمة حبيس الطبيعة، يأكل ويشرب منها محاولا التأقلم معها أصبح في العصر الحديث يؤثر عليها ويغيرها، وإن كان لهذا الفعل مظاهر إيجابية في تحسين إطار وظروف معيشته، إلا أن له مساوئ كثيرة تتمثل في جعل الطبيعة ضحية سلوكات الإنسان، فتعرف الطبيعة اليوم تدهوراً مستمراً يرجع إلى سوء تصرف الإنسان واعتداءاته- العمدية والغير عمدية – المتزايدة عليها.
لذا أصبح الحديث عن البيئة من الأمور المسلم بها في الوقت الحاضر وغدت مشكلة تزداد تعقيداً وتشابكاً، الأمر الذي أصبحت فيه الحاجة ملحة للتدخل وإجراء الدراسات المتأنية لخصائص البيئة وتشخيص المشكلات التي تعاني منها، والبحث عن أسباب التلوث والإجراءات الواجب إتباعها لحل مشاكلها والبحث عن مدى التوفيق بين البيئة والتنمية، فأخذت قضية البيئة وحمايتها حيزاً كبيراً من الإهتمام على الصعيد الوطني والدولي، وهذا راجع لارتباطها الوثيق بحياة الإنسان والحيوان والنبات مما جعل الحكومات والشعوب تتوجه نحو عقد المؤتمرات وحلقات العمل المتخصصة لبحث الإشكاليات المتعلقة بالبيئة.
كما أن الإشكالية المتعلقة بالتشريعات البيئية لا تقل أهمية عن غيرها من المشاكل التي تعاني منها البيئة، بسبب الإزدواجية في النصوص والعقوبات، ومن خلال الجهات الإدارية المكلفة بحمايتها وكذا الطابع التقني الذي يغلب على التشريعات البيئية.
بالإضافة إلى أن مفهوم الحماية القانونية للبيئة هو مفهوم واسع وفي تغير مستمر، لأن مجالات الحماية التي تجسدها هذه القواعد لا يمكن الإلمام بها مسبقا، كون أن العالم والبيئة في تغير دائم.
تلعب الإدارة دوراً جد هاماُ في حماية البيئة، لما تتمتع به من صلاحيات السلطة العامة وسلطة ضبط النشاطات التي يمارسها الأفراد، ثم وفي مرحلة ثانية القضاء باعتباره مرفق مكلف بتطبيق نصوص القانون يلعب دوراً أساسياً في حماية البيئة.
ولهذا بعد تحديد الإطار العام لدراستنا، نطرح الإشكالية التالية:
ما هي الوسائل القانونية التي تبناها المشرع الجزائري لحماية البيئة؟
وما هو دور القاضي في تطبيقها؟
ولمعالجة هذه الإشكالية، قسمنا بحثنا هذا إلى فصلين أساسيين:
– نتعرض في الفصل الأول إلى الوسائل القانونية التي تتمتع بها الإدارة لحماية البيئة، مع تحديد الهيئات الإدارية المكلفة بحمايتها في الجزائر.
– وفي الفصل الثاني نتناول فيه الجزاءات التي توقعها الإدارة عن مخالفة الإجراءات الإدارية وإلى دور القضاء في حماية البيئة، مع تبيان كيفية تعامل القضاء الجزائري والفرنسي مع هذه المشكلة.
الخطة البحث
الفصل الأول: مفهوم البيئة والوسائل القانونية لحمايتها
المبحث الأول: مفهوم البيئة وإطارها القانوني.
المطلب الأول: تعريف البيئة.
المطلب الثاني: الإهتمام القانوني بحماية البيئة
المطلب الثالث: مصادر قانون حماية البيئة وخصائصه
المبحث الثاني: الوسائل الوقائية لحماية البيئة
المطلب الأول: نظام الترخيص
المطلب الثاني: نظام الحظر والإلزام
المطلب الثالث: نظام دراسة التأثير
المبحث الثالث: الهيئات المكلفة بحماية البيئة
المطلب الأول: الهيئات المركزية
المطلب الثاني: الهيئات المحلية
المطلب الثالث: دور الجمعيات في حماية البيئة
الفصل الثاني:الجزاءات الإدارية ودور القضاء في حماية البيئة
المبحث الأول: الجزاءات الإدارية المترتبة عن مخالفة الإجراءات
المطلب الأول: الإخطار ووقف النشاط
المطلب الثاني: سحب الترخيص
المطلب الثالث: العقوبة المالية
المبحث الثاني: دور القضاء المدني في حماية البيئة
المطلب الأول: أساس المسؤولية المدنية عن الأضرار البيئية
المطلب الثاني: خصائص الضرر البيئي
المطلب الثالث: أثار قيام المسؤولية المدنية
المطلب الثالث: تطبيقات المسؤولية المدنية أمام القضاء الجزائري والفرنسي
المبحث الثاني: دور القضاء الجزائي في حماية البيئة
المطلب الأول: أركان الجريمة البيئية
المطلب الثاني: معاينة الجرائم البيئية والمتابعة الجزائية
المطلب الثالث: الجزاءات والتدابير المطبقة لحماية البيئة
المطلب الثالث: تطبيقات المسؤولية الجزائية أمام القضاء الجزائري والفرنسي
مفهوم البيئة والوسائل القانونية لحمايتها
تطرق في هذا الفصل إلى تحديد الوسائل الوقائية التي تستعملها الإدارة من أجل حماية البيئة، ثم نعرض أهم الهيئات المكلفة بحماية البيئة في الجزائر سواءاً على المستوى المركزي أو المحلي، ونعرج على دور الجمعيات في حماية البيئة.
ولكن قبل ذلك لابد علينا من تعريف البيئة وإبراز الإهتمام القانوني بحماية البيئة وتحديد مصادر وخصائص قانون حماية البيئة.
المبحث الأول: مفهوم البيئة وإطارها القانوني
نتعرض في هذا المبحث إلى مختلف التعريفات التي أعطيت للبيئة، ثم إلى المشكلة القانونية التي تثيرها مسألة البيئة، لنتناول في الأخير مصادر وخصائص قانون حماية البيئة.
المطلب الأول: تعريف البيئة
إن الباحث عن تعريف محدد للبيئة l’environnement يدرك أن الفقه القانوني يعتمد، بصفة أساسية على ما يقدمه علماء البيولوجيا والطبيعة من تحديد للبيئة ومكونتها، ومن بين تعريفات البيئة، ما قال به البعض من أن للبيئة مفهومين يكمل بعضهما الآخر ” أولهما البيئة الحيوية، وهي كل ما يختص لا بحياة الإنسان نفسه من تكاثر ووراثة فحسب، بل تشمل أيضا علاقة الإنسان بالمخلوقات الحية، الحيوانية والنباتية، التي تعيش معه في صعيد واحد. أما ثانيهما، وهي البيئة الطبيعية، فتشمل موارد المياه والفضلات والتخلص منها، والحشرات وتربة الأرض والمساكن والجو ونقاوته أو تلوثه والطقس وغير ذلك من الخصائص الطبيعية للوسط” .
« Il subsiste deux sens différents dans la langue actuelle du mot environnement : celui qui est issu des sciences de la nature et applique aux sociétés humaines l’approche écologique, il s’agit alors de cet ensemble de données et d’équilibre de forces concurrentes qui conditionnent la vie d’un groupe biologique, celui qui se rattache au vocabulaire des architectes et urbanistes et sert a qualifier la zone de contact entre un espace bâti et le milieu ambiant ( naturel ou artificiel) »
وعرف قاموس “لاروس” البيئة بأنها ” مجموع العناصر الطبيعية والصناعية التي تمارس فيها الحياة الإنسانية”
« le mot environnement a fait son entrée dans le grand Larousse de la langue française en 1972 : ensemble des éléments naturels ou artificiels qui conditionnent la vie de l’homme ».
وقريب من هذا ما قال به بعض رجال العلوم الطبيعية من أن البيئة تعني ” الوسط أو المكان الذي يعيش فيه الكائن الحي أو غيره من مخلوقات الله، وهي تشكل في لفظها مجموعة الظروف والعوامل التي تساعد الكائن الحي على بقائه ودوام حياته”.
ولقد ذهب اتجاه إلى تعريف البيئة بأنها “مجموع العوامل الطبيعية والعوامل التي أوجدتها أنشطة الإنسان والتي تؤثر في ترابط وثيق على التوازن البيئي”.
ويبدو أقرب للحقيقة العلمية القول أن البيئة هي مجموع العوامل الطبيعية والبيولوجية والعوامل الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي لها تأثير مباشر أو غير مباشر على الكائنات الحية والأنشطة الإنسانية.
من هذا التعريف يتبين بأن البيئة اصطلاح ذو مضمون مركب: فهناك البيئة الطبيعية، وتشمل الماء والهواء والتربة، وهناك البيئة الاصطناعية، وهي تشمل كل ما أوجده تدخل الإنسان وتعامله مع المكونات الطبيعية للبيئة، كالمدن والمصانع .
وإذا كان بعض فقهاء القانون قد ذهب إلى أن لفظ البيئة يخلو من أي مضمون قانوني حقيقي، فهذا الرأي ضعيف لا يدرك التطور الحديث لقانون حماية البيئة، وذلك لوجود محاولات قانونية عديدة قدمت تعريفات للبيئة لا تبتعد كثيرا عن تلك التي أوردناها سلفا.
والبيئة بالمفهوم السابق يحكمها ما يسمى بالنظام البيئي écosystème وهو قطاع أو مساحة من الطبيعة وما يحتويها من كائنات حية نباتية أو حيوانية وموارد أو عناصر غير حية، وتشكل وسطا تعيش فيه في تفاعل مستمر مع بعضها البعض وعلى نحو متوازن.
والنظام البيئي، بهذا المعنى، يقوم على نوعين من العناصر:
– العناصر الحية: وهي عديدة أهمها الإنسان، والنباتات والحيوانات وتعيش هذه العناصر على اختلاف أشكالها في نظام متحرك.
– العناصر الغير حية: وأهمها الماء والهواء والتربة وكل عنصر منها يشكل محيطا خاصا به فمن ناحية هناك: المحيط المائيhydrosphère ومن ناحية ثانية هناك المحيط الجوي أو الهوائيatmosphère ومن ناحية أخيرة هناك المحيط اليابس أو الأرضيlithosphère.
ولقد عرف المشرع الجزائري البيئة في قانون حماية البيئة في إطار التنمية المستدامة على أنها: ” تتكون من الموارد الطبيعية اللاحيوية والحيوية كالهواء، والجو والماء والأرض وباطن الأرض والنبات والحيوان، بما في ذلك التراث الوراثي، وأشكال التفاعل بين هده الموارد، وكذا الأماكن والمناظر والمعالم الطبيعية ” .
كما أن مفهوم البيئة يرتبط بموضوع آخر ألا وهو التلوث la pollution بالرغم من أنه ليس هو الخطر الوحيد الذي يهدد البيئة، إلا أنه أهم الأخطار على وجه العموم، وليس من اليسير تعريف التلوث، ومن أهم التعاريف هو الذي أوردته مجموعة العمل للحكومات عن تلوث البحار، ضمن مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة الإنسانية في استكهولم عام 1972 والذي عرف التلوث بأنه: ” إدخال الإنسان بطريق مباشر أو غير مباشر لمواد أو طاقة في البيئة البحرية، يكون لها آثار ضارة، كالأضرار التي تلحق بالموارد الحية، أو تعرض صحة الإنسان للمخاطر، أو تعوق الأنشطة البحرية، بما فيها الصيد، وإفساد خواص مياه البحر، من جهة نظر استخدامه، والإقلال من منافعه”.
ولعل أهم تعريفات التلوث، هو ما جاءت به المادة الأولى فقرة “أ” من الاتفاقية المبرمة في جنيف سنة 1979 والمتعلقة بتلوث الهواء من أن: ” تعبير تلوث الجو أو الهواء يعني إدخال الإنسان مباشرة وبطريق غير مباشر لمواد أو لطاقة في الجو أو الهواء يكون له مفعول مؤذ، على نحو يعرض للخطر صحة الإنسان، ويلحق الضرر بالموارد الحيوية والنظم البيئية، والتلف بالأموال المادية، ويضر بقيم التمتع بالبيئة والاستخدامات الآخرى المشروعة للبيئة” .
المشرع الجزائري بدوره عرف التلوث في قانون حماية البيئة بأنه ” كل تغيير مباشر أو غير مباشر للبيئة يتسبب فيه كل فعل يحدث أو قد يحدث وضعية مضرة بالصحة وسلامة الإنسان والنبات والحيوان والهواء والجو والماء والأرض والممتلكات الجماعية والفردية “.
كما عرف تلوث المياه بأنه ” إدخال أية مادة في الوسط المائي، من شأنها أن تغير الخصائص الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية للماء، وتسبب في مخاطر على صحة الإنسان، وتضر بالحيوانات والنباتات البرية والمائية و تمس بجمال المواقع، أو تعرقل أي استعمال طبيعي أخر للمياه “.
أما تلوث الجو فلقد عرفه بأنه ” إدخال أية مادة في الهواء أو الجو بسبب انبعاث غازات أو أبخرة أو أدخنة أو جزئيات سائلة أو صلبة، من شأنها التسبب في أضرار وأخطار على الإطار المعيشي”.
المطلب الثاني: الاهتمام القانوني بحماية البيئة
إذا كانت مشكلة حماية البيئة قد جذبت عناية رجال العلوم الطبيعية أو البيولوجية منذ وقت بعيد، إلا أن الفقه القانوني قد تأخر نسبيا في التنبه إلى المشكلة القانونية التي تثيرها المخاطر التي تهدد البيئة.
ونظرا لكون البيئة قد أصبحت عرضة الاستغلال الغير الرشيد مع ميلاد الثورة الصناعية في النصف الثاني من القرن 19 وإدخال الملوثات من مواد كيميائية وصناعية ونفايات المصانع ، عندئذ أصبحت الحاجة ملحة لقواعد قانونية أو نظامية تضبط سلوك الإنسان في تعامله مع بيئته، على نحو يحفظ عليها توازنها الإيكولوجي فكان ميلاد قانون حماية البيئة، الذي يمكن تعريفه: ” بأنه مجموعة القواعد القانونية، ذات الطبيعة الفنية، التي تنظم نشاط الإنسان في علاقاته بالبيئة، والوسط الطبيعي الذي يعيش فيه، وتحدد ماهية البيئة وأنماط النشاط المحظور الذي يؤدي إلى اختلال التوازن الفطري بين مكوناتها، والأثار القانونية المترتبة على مثل هذا النشاط”.
من هذا التعريف يتضح جوهر موضوع قانون حماية البيئة، ألا وهو البيئة والنشاط الإنساني الذي يتصل بها ويشكل اعتداء عليها بما يهدد بالخطر مظاهر الحياة فيها.
فزيادة الأخطار التي تهدد البيئة الإنسانية أدت بالدول إلى وضع أنظمة قانونية لمواجهة الأخطار البيئية فصدرت العديد من القوانين البيئية في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وإنكلترا وفرنسا، على أن بعض الدول قد ذهبت اهتمامها بالبيئة إلى حد جعل الحفاظ عليها مبدأ دستوريا، كالدستور الهندي لسنة 1976 أين نصت مادته 48 ” على الدولة أن تعمل على حماية البيئة وتحسينها، وتحافظ على سلامة الغابات والحياة البرية للبلاد”.
أما في الجزائر، وغداة الإستقلال فلقد عرفت فراغاً قانونيًا ومؤسساتياً من جميع جوانب الحياة الإجتماعية والإقتصادية، مما جعل المشرع الجزائري وبموجب قانون 62/157 يمدد إستعمال القوانين الفرنسية إلا فيما يتعارض مع السيادة الوطنية.
وهكذا في مجال الصيد مثلاً طبق القانون الفرنسي لسنة 1844 والمعدل سنة 1924 وسنة 1938، كما طبق قانون الغابات الفرنسي لسنة 1827 في الجزائر والتي تم تدعيمها بقوانين خاصة سنة 1874 و1883 .
إلا أنه في سنوات الثمانينات عرفت الجزائر قفزة نوعية في مجال التشريعي البيئي، والتي بدأت بصدور أول قانون لحماية البيئة سنة 1983 ، والذي كان يعتبر بمثابة القاعدة الرئيسية للمنظومة التشريعية والتنظيمية المتعلقة بحماية البيئة، فلقد حدد هذا القانون الأهداف الأساسية التي ترمي إليها حماية البيئة وهي:
– حماية الموارد الطبيعية.
– إتقاء كل شكل من أشكال التلوث.
– تحسين إطار المعيشة ونوعيتها.
فضلا عن ذلك يرتكز هذا القانون على المبادئ التالية:
– ضرورة الأخذ بعين الإعتبار حماية البيئة في التخطيط الوطني.
– تحقيق التوازن بين متطلبات النمو الإقتصادي ومتطلبات حماية البيئة.
– تحديد شروط إدراج المشاريع في البيئة.
كما تعرض المشرع في هذا القانون إلى دراسات مدى التأثير والمنشآت المصنفة والجهات المكلفة بحماية البيئة، وعلى إمكانية إنشاء جمعيات للمساهمة في حماية البيئة.
وصدرت عدة نصوص تنظيمية تنفيذاً لهذا القانون منها:
– المرسوم التنفيذي 87/143 المؤرخ في 16 يونيو 1987 المحدد لقواعد تصنيف الحظائر
الوطنية والمحميات الطبيعية.
– المرسوم التنفيذي 98/339 المؤرخ في 03 نوفمبر 1998 والذي يضبط التنظيم المطبق
على المنشآت المصنفة والمحدد لقائمتها.
وبعد مرور عشرون سنة من صدور أول قانون متعلق بحماية البيئة، ونظراً للمعطيات الجديدة التي عرفها العالم لاسيما التطور التكنولوجي والحضري رأى المشرع إلى ضرورة إصدار قانون جديد يتعلق بحماية البيئة وهو القانون 03/10 المؤرخ في 19 يوليو 2003 ولقد حدد هذا القانون المبادئ الأساسية لحماية البيئة والمتمثلة في :
– مبدأ المحافظة على التنوع البيولوجي.
– مبدأ عدم تدهور الموارد الطبيعية.
– مبدأ الإستبدال le principe de substitution .
– مبدأ الإدماج le principe d’intégration
– مبدأ النشاط الوقائي وتصحيح الأضرار البيئية بالأولوية عند المصدر.
– مبدأ الحيطة le principe de précaution
– مبدأ الملوث الدافع le principe du pollueur payeur
– مبدأ الإعلام والمشاركة le principe d’information et de participation
ولقد جاء هذا القانون بمفاهيم وتعاريف جديدة فيما يتعلق بالبيئة، التنمية المستدامة والمجالات المحمية ، كما أنه حدد أدوات تسيير البيئة والتي تتشكل من هيئة للإعلام البيئي، نظام تقييم الأثار البيئية لمشاريع التنمية الأنظمة القانونية الخاصة وهي المتعلقة بالمؤسسات المصنفة والمجالات المحمية.
وبجانب قانون البيئة الذي يعتبر الشريعة العامة والنص الأساسي المتعلق بحماية البيئة، نجد عدة قوانين أخرى عالجت موضوع حماية البيئة من بين هذه القوانين:
– قانون الغابات
– قانون المياه
– قانون المناجم
– قانون الصيد
– قانون النفايات
– قانون الصحة
– قانون حماية التراث الثقافي.
– قانون الصيد البحري وتربية المائيات.
المطلب الثالث: مصادر قانون حماية البيئة وخصائصه
لقانون حماية البيئة مصادر يستقي منها قواعده، والمصدر هو الطريق الذي تأتي منه القاعدة القانونية ويتفق قانون حماية البيئة مع غيره من فروع القانون في بعض المصادر، غير أنه يختلف عنها في بعضها الأخر وهذا الاتفاق أو الاختلاف يطبع قواعد ذلك القانون بخصائص معينة تميزه عن سائر القواعد القانونية.
الفرع الأول: مصادر قانون حماية البيئة
خلافأ للعديد من فروع القانون الداخلي، فإن قانون حماية البيئة يستقي قواعده وأحكامه النظامية من نوعين من المصادر منها ما هي داخلية وأخرى دولية.
أولا: المصادر الداخلية
* التشريع la législation وهو عبارة عن مجموعة القواعد المكتوبة التي تضعها السلطة العامة المختصة في الدولة، وإذا كان التشريع يعتبر، بوجه عام، أهم المصادر الرسمية أو الأصلية العامة للقواعد القانونية، إلا أن المتأمل في الأنظمة القانونية لأغلبية الدول يدرك أنها تخلو من قوانين خاصة بحماية البيئة، بل هي قوانين عامة ومتفرقة، كقوانين الصيد وقوانين الغابات وقوانين المياه.
* العرف la coutume والذي يقصد به في قانون حماية البيئة مجموعة القواعد القانونية التي نشأت في مجال مكافحة التعدي على البيئة والحفاظ عليها، وجرت العادة بإتباعها بصورة منتظمة ومستمرة، بحيث ساد الاعتقاد باعتبارها ملزمة وواجبة الاحترام.
إلا أن دور العرف مازال ضئيلا في ميدان حماية البيئة، بالمقارنة بدوره في فروع القوانين الأخرى، ويرجع ذلك إلى حداثة الاهتمام بمشكلة حماية البيئة، فلا توجد قواعد أو مقاييس عرفية لحماية البيئة وإنما توجد فقط بعض المبادئ المبهمة العامة مثل الاستعمال المعقول ، الضرر الجوهري.
* الفقه la doctrine وهو عبارة عن آراء ودراسات علماء القانون وتوجهاتهم بشأن تفسير القواعد القانونية.
وقد لعب الفقه دورا كبيرا في مجال التنبيه إلى المشاكل القانونية التي تثيرها الأخطار التي تهدد البيئة الإنسانية وقد ظهر ذلك بصورة واضحة أثناء انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة الأول للبيئة بمدينة استكهولم سنة 1972، حيث طرحت كثير من الآراء الفقهية للمناقشة حول القواعد القانونية التي ترسم ما ينبغي أن تكون عليه التدابير والسياسات التي تكفل صيانة بيئة الإنسان والحفاظ على مواردها الطبيعية وتوازنها الايكولوجي.
ثانيا: المصادر الدولية
* الاتفاقيات الدولية والتي تعتبر من أفضل الوسائل نحو إرساء دعائم قانون حماية البيئة، ويرجع السبب في ذلك إلى عدة عوامل منها الطبيعة الدولية لمشكلة البيئة، والتي تقتضي التعاون والجهود الجماعية لحلها، ومنها أيضا وجود المنظمات الدولية العامة والمتخصصة، التي تعمل على تقديم عون حقيقي في مجال إعمال قواعد حماية البيئة كالمنظمة البحرية الدولية، ومنظمة اليونسكو، ومنظمة الأغذية والزراعة ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية .
ومن الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحماية البيئة نذكر الاتفاقية الدولية المبرمة في بروكسال عام 1969 والمتعلقة بالتدخل في أعالي البحار في حالات كوارث التلوث بالبترول، واتفاقية لندن لعام 1972 الخاصة بمنع التلوث البحري بإغراق النفايات والمواد الأخرى، كذلك اتفاقية جينف لعام 1979 المتعلقة بتلوث الهواء بعيد المدى عبر الحدود، واتفاقية فينا لعام 1985 الخاصة بحماية طبقة الأزون، كما نذكر اتفاقية باريس لعام 1972 المتعلقة بحماية تراث العالم الثقافي والطبيعي.
ولقد صادقت الجزائر على عدد كبير من الإتفاقيات المتعلقة بحماية البيئة، فمن أول الإتفاقيات التي صادقت عليها الجزائر بتاريخ 11/12/1967 وهو الإتفاق المتعلق بإنشاء المجلس العام للصيد في البحر الأبيض المتوسط المبرم في روما بتاريخ 24/09/1949.
كما شاركت الجزائر في ندوة ستوكهولم سنة 1972، والتي تعتبر أول تجمع دولي حول مسألة حماية البيئة التي كانت تحت رعاية الأمم المتحدة، واختتمت هذه الندوة بإعلان ستوكهولم الذي يتكون من 26 مبدأ، ومن أهم هذه المبادئ نذكر:
– مسؤولية الإنسان الخاصة في الحفاظ على التراث الطبيعي من النباتات والحيوان.
– العلاقة المتداخلة بين التنمية الإقتصادية والإجتماعية ودورها في الحفاظ على البيئة.
– المسؤولية الإيكولوجية وتعويض ضحايا التلوث عن الأضرار البيئية العابرة للحدود الدولية.
كما صادقت الجزائر على معاهدة ريو دي جانيرو المتعلقة بالتنوع البيولوجي والمبرمة في جوان 1992 ومن أهم المبادئ التي جاءت بها هذه المعاهدة:
– إبراز المسؤولية المشتركة للدول وضرورة التعاون من أجل حماية البيئة وتحقيق التنمية المستدامة.
– إلتزام الدول في إشراك المواطنين في الإطلاع على معلومات متعلقة بالبيئة.
– إلتزام الدول بوضع تشريعات متعلقة بالبيئة.
كما انعقدت قمة جوهانسبورغ من 26 أوت إلى 04 سبتمبر 2002 والمتعلقة بالتنمية المستدامة والتي ضمت روؤساء الدول وممثلي المنظمات الغير الحكومية، وخلصت هذه الندوة إلى أن ضمان التنمية المستدامة يتحقق من خلال تطوير نوعية حياة لائقة لكل شعوب المعمورة.
ولقد صادقت الجزائر أيضا على عدد كبير من الإتفاقيات الأخرى نذكر منها:
– إتفاقية حماية البحر الأبيض المتوسط من التلوث المبرمة ببرشلونة في16 فيفري 1976
والمصادق عليها من طرف الجزائر في 26 جانفي 1980.
– إتفاقية قينا لحماية طبقة الأوزون المبرمة بتاريخ 22 مارس 1985 و المصادق عليها
بمقتضى المرسوم الرئاسي 92/354 المؤرخ في 23 سبتمبر 1992.
– إتفاقية محاربة التصحر المنعقدة في باريس سنة 1994 و المصادق عليها من طرف الجزائر في 22 ماي 1995
– إتفاقية كيوتو المتعلقة بالتغيرات المناخية المبرمة بتاريخ 11 ديسمبر 1997 والمصادق عليها من طرف الجزائر بتاريخ 28 أفريل 2004.
*المبادئ القانونية العامة التي هي عبارة عن مجموعة الأحكام والقواعد التي تقوم عليها، وتعترف بها، النظم القانونية الداخلية للدول أعضاء المجتمع الدولي. ومن المبادئ التي نجدها في قانون حماية البيئة، مبدأ حسن الجوار، مبدأ عدم التعسف في استعمال الحق، مبدأ الملوث الدافع.
*القضاء الدولي إذا كان القضاء يلعب دوراً بناء في إرساء القواعد القانونية في بعض فروع القانون، كالقانون الإداري والقانون الدولي الخاص، إلا أن الأحكام القضائية التي تفصل في المنازعات البيئية لا تتجاوز بضع أحكام، عالجت فقط المسؤولية عن التلوث البيئي.
ففي مجال تلوث الهواء عبر الحدود نجد حكم محكمة التحكيم بين كندا والولايات المتحدة الأمريكية، في قضية مصنع صهر المعادن الواقع في مدينة ” ترايل” TRAIL الكندية التي تبعد سبعة أميال عن ولاية واشنطن، فقد رفع النزاع بين الدولتين أمام محكمة تحكيم، وقد ادعت الولايات المتحدة الأمريكية أن الأدخنة المتصاعدة من المصنع والمحملة بأكسيد السلفات والكبريت السام بكميات كبيرة، قد ألحقت أضرارا بالغة بالمزارع والثروة الحيوانية وممتلكات المزارعين في ولاية واشنطن والمناطق المجاورة، وقد استجابة المحكمة لمطالب الولايات المتحدة الأمريكية وحكمت بتعويضها عن الأضرار اللاحقة بها .
وإذا ما اعتبرنا أن القضاء يعد من المصادر التفسيرية للقانون بوجه عام، وما يصدره من أحكام منشئة وتقريرية وإلزام في مجال الحماية القضائية للحقوق والمراكز القانونية، فإن دوره سيكون خلاقا في مجال القانون البيئي.
الفرع الثاني: خصائص قانون حماية البيئة
إذا كان قانون حماية البيئة فرعا من العلوم القانونية، ينظم نوعا معينا من علاقات الإنسان، وهي علاقاته بالبيئة التي يعيش فيها، إلا أنه له خصائص تميزه عن غيره، وهي خصائص تستند إلى خطورة موضوعه وطبيعته، ومنها نذكر:
أولا: قانون حديث النشأة إن ميلاد قانون حماية البيئة من الناحية العلمية، يرجع إلى مشارف النصف الثاني من القرن العشرين، أين بدأت المحاولات لوضع أسس القواعد القانونية لحماية البيئة، وتمثل ذلك في إبرام بعض الاتفاقيات الدولية، غير أن تلك المحاولات كانت محدودة الفعالية، بالنظر إلى كونها كانت نسبية الأثر، حيث لم تكن الدول المنظمة إليها كثيرة العدد، بالإضافة إلى كون أن الالتزامات التي تقررها لم تكن واضحة، ويمكن القول أن مؤتمر استكهولم لسنة 1972 كان له دور كبير قي وضع المبادئ الأساسية لقانون حماية البيئة.
وحداثة ميلاد قانون حماية البيئة، إعترف بها جانب من الفقهاء واعتبر البعض أن هذه الخاصية هي التي تفسر النقص الذي يعتريه والثغرات التي تحتويها قواعده.
ثانيا: قانون ذو طابع فني من الخصائص المميزة لقانون حماية البيئة أن قواعده ذات طابع فني في صياغتها ويظهر هذا الطابع من أنها تحاول المزج بين الأفكار القانونية والحقائق العلمية البحتة المتعلقة بالبيئة، كنوعية الملوثات ومركبتها العضوية وغيرها من المعلومات الكيميائية والفيزيائية، والتي يجب على القواعد القانونية استيعابها.
ثالثا: قانون ذو طابع تنظيمي آمر لقد أسبغ على قواعد حماية البيئة طابعا آمراً وهذا بالنظر إلى الهدف الذي تسعى إلى تحقيقه، وهذا الطابع الآمر لقواعد قانون حماية البيئة، يختلف عن غيره من القواعد الآمرة الأخرى اختلافا تبرره الرغبة في إدراك الهدف الذي من أجله اكتسبت هذه القواعد ذلك الطابع الآمر، ويتمثل هذا الإختلاف في أن هناك جزاء مدنيا وآخر جزائيا يترتب على مخالفة قواعد حماية البيئة.
رابعا قانون ذو طابع دولي: إذا كانت مشكلة حماية البيئة تهم كل دولة، بحيث تسعى كل واحدة منها إلى وضع قواعد قانونية لمواجهة الأخطار البيئية، إلا أن المجتمع الدولي قد اهتم بها ونبه إلى خطورتها وعمل على الوقاية منها، ووضع الحلول لها، إلى حد طبع قواعد حماية لبيئة بمسحة دولية.
فأغلب قواعد قانون حماية البيئة هي قواعد اتفاقية عملت الدول من خلال الاتفاقيات الجماعية أو الثنائية، على وضعها باعتبارها الأنسب ليس فقط لأن الأخطار التي تهدد البيئة عالمية الأثر والمضار، بل أيضا لأن فعالية وسائل الحفاظ على البيئة، تقتضي التنسيق سياسة دولية une politique internationale موحدة في مجال وضع القواعد والأنظمة المتعلقة بالبيئة.
المبحث الثاني: الوسائل الوقائية لحماية البيئة
نتطرق في هذا المبحث إلى تحديد أهم الوسائل القانونية والوقائية التي تستعملها الإدارة من أجل الحفاظ وحماية البيئة، بدأ بنظام الترخيص، الإلزام، الحظر والتقارير إلى نظام دراسة التأثير.
المطلب الأول: نظام الترخيص
يقصد بالترخيص الإذن الصادر عن الإدارة المختصة لممارسة نشاط معين، والترخيص ما هو إلا وسيلة من وسائل الضبط الإداري ، وهو عبارة عن قرار صادر عن السلطة العامة، الهدف منه تقييد حريات الأفراد بما يحقق النظام العام داخل المجتمع، ولهذا الأسلوب تطبيق واسع في مجال حماية البيئة لاسيما في التشريعات الأوربية، بحيث يجد مصدره الأول في المرسوم الذي أصدره نابليون سنة 1910 الخاص بضرورة الحصول على ترخيص لإقامة مؤسسات من شأنها أن تسبب أضراراً للجوار.
كما نجد في التشريع الجزائري أمثلة كثيرة عن نظام الترخيص في مجال حماية البيئة، وعليه سنقتصر على أهم تطبيقات هذا أسلوب:
الفرع الأول: رخصة البناء و حماية البيئة
يبدو للوهلة الأولى أنه لا توجد علاقة بين رخصة البناء وحماية البيئة، إلا أنه بإستقراء مواد القانون 90/29 المتعلق بالتهيئة والتعمير يظهر أن هناك علاقة وطيدة بين حماية البيئة ورخصة البناء، وأن هذه الأخيرة تعتبر من أهم التراخيص التي تعبر عن الرقابة السابقة على المحيط البيئي والوسط الطبيعي.
فلقد اشترط قانون 90/29 الحصول على رخصة البناء تمنحها الإدارة المختصة قبل الشروع في إنجاز أي بناء جديد، كما اشترط الرخصة في أي ترميم أو تعديل يدخل على البناء، بل اشترطت بعض القوانين على من يريد البناء في بعض المناطق المحمية الحصول على موافقة الوزارة المكلفة بالتسيير أو الإشراف على الأمكنة المراد إنجاز البناء فيها.
فلقد نص القانون 98/04 المتعلق بحماية التراث الثقافي على أن أي تغيير يراد إدخاله على عقار مصنف ضمن التراث الثقافي لرخصة مسبقة تسلم من طرف الوزير المكلف بالبيئة .
كذلك بالنسبة للبناء في المناطق السياحية ومواقع التوسع السياحي فإن القانون 03/03 أخضع منح رخصة البناء فيها إلى أخذ الرأي المسبق للوزير المكلف بالسياحة.
علما أن الحصول على موافقة الوزارة المعنية يعتبر إجراء مسبق وليس رخصة، وإنما يجب الحصول على الرخصة من الهيئة الإدارية المختصة التي عينها قانون التهيئة والتعمير .
وبالرجوع لأحكام القانون 90/29 نجد المادة 7 منه تنص على أنه يجب أن يستفيد كل بناء معد للسكن من مصدر للمياه الصالحة للشرب، وأن يتوفر على جهاز لصرف المياه يحول دون تدفقها على سطح الأرض، كما تشترط المادة 8 على أن يكون تصميم المنشآت والبنايات ذات الاستعمال المهني والصناعي بكيفية تمكن من تفادي رمي النفايات الملوثة وكل العناصر الضارة.
ويجب الإشارة إلى أن صلاحيات الإدارة في منح رخصة البناء تختلف حسب ما إذا كانت المنطقة تتوفر على أدوات التعمير أو لا تتوفر.
ففي حالة عدم وجود أدوات التعمير فإن دراسة الطلب والرد عليه يكون بالرجوع للقواعد العامة للتعمير، التي نص عليها القانون وضبطها المرسوم 91/175 المتعلق بالقواعد العامة للتهيئة والتعمير، الذي بين في مواده الحد الأدنى من القواعد التي يجب أن تحترم في البناء بحيث نصت المواد 4،3 و5 منه على إمكانية رفض تسليم رخصة البناء بالنسبة للبنايات والتهيئات المقرر تشيدها في أراضي معرضة للأخطار الطبيعية مثل الفيضانات، الإنجراف وإنخفاض التربة وإنزلاقها والزلازل والجرف أو المعرضة لأضرار خطيرة يتسبب فيها الضجيج، أو إذا كانت بفعل موضعها ومآلها أو حجمها من طبيعتها أن تكون لها عواقب ضارة بالبيئة.
أما في حالة و جود أدوات التعمير والتي تتمثل في:
– المخطط التوجيهي للتهيئة والتعمير PDAU .
– مخطط شغل الأراضي P.O.S .
فيجب أن تحترم البناية المزمع إنجازها هذا المخطط وما ورد فيه، علما أنه إذا كانت البلدية يغطيها مخطط شغل الأراضي فإن مسؤولية اتخاذ القرار في منح أو رفض رخصة البناء تعود إلى رئيس البلدية ويدرس الطلب من طرف مصلحة التعمير لدى البلدية، ويتخذ القرار رئيس البلدية خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تقديم الطلب.
أما إذا كانت البلدية لا تتوفر على مخطط شغل الأراضي فإن مصالحها تكتفي عند تلقي الطلب بإرسال الملف إلى مديرية التعمير بالولاية لدراسة وإبداء رأيها فيه، ويلزم رئيس البلدية بالقرار الذي تتخذه مديرية التعمير فلا يمكنه منح رخصة البناء إذا أبدت تحفظات عليها.
ولقد حدد المرسوم 91/176 المؤرخ في 28 ماي 1991 الشروط الواجب توفرها للحصول على رخصة البناء، والتي تتمثل في :
1- طلب رخصة البناء موقع عليها من المالك أو موكله أو المستأجر المرخص له قانونا أو الهيئة أو المصلحة المخصصة لها العقار.
2- تصميم للموقع.
3- مذكرة ترفق بالرسوم البيانية الترشيدية والتي تتضمن وسائل العمل وطريقة بناء الهياكل والأسقف ونوع المواد المستعملة، وشرح مختصر لأجهزة تموين بالكهرباء والغاز والتدفئة.
4- قرار الوالي المرخص بإنشاء مؤسسات صناعية وتجارية مصنفة في فئة المؤسسات الخطيرة والغير صحية والمزعجة.
5- دراسة التأثير.
الفرع الثاني: رخصة استغلال المنشآت المصنفة
لابد أن نتطرق أولا إلى مفهوم المنشآت المصنفة ثم إلى إجراءات الحصول على رخصة استغلالها.
أولا: المقصود بالمنشآت المصنفة
عرف المشرع الجزائري المنشآت المصنفة في قانون 03/10 على أنها تلك المصانع والورشات والمشاغل ومقالع الحجارة والمناجم وبصفة عامة المنشآت التي يستغلها أو يملكها كل شخص طبيعي أو معنوي عمومي أو خاص، والتي قد تتسبب في أخطار على الصحة العمومية والنظافة والأمن والفلاحة والأنظمة البيئية والموارد الطبيعية والمواقع والمعالم والمناطق السياحية أو قد تسبب في المساس براحة الجوار.
فمن هذا التعريف يمكن القول أن المنشآت المصنفة هي تلك المنشآت التي تعتبر مصادر ثابتة للتلوث وتشكل خطورة على البيئة، ولقد ظهر مفهوم المنشآت المصنفة في فرنسا منذ سنة 1810 وذلك مع بداية الثورة الصناعية وتطور هذا المفهوم مما أدى إلى وضع مدونة المنشآت المصنفة في فرنسا بموجب مرسوم صادر في 20 ماي 1953 والتي عرفت عدة تعديلات تماشيا مع التطور الصناعي والتكنولوجي .
« Une installation est dite classée lorsque du fait de ses inconvénients ou dangers elle a fait l’objet d’une in–SS–ion sur une liste appelée nomenclature » .
ولقد تأثر المشرع الجزائري بالقانون الفرنسي، فنص على المنشآت المصنفة في قانون البيئة لسنة 1983 كما أنه صدرت نصوص تنظيمية تضبط التنظيم الذي يطبق على المنشآت المصنفة ووضعت مدونة حددت فيها قائمتها ، كما حدد المرسوم التنفيذي 99/253 تشكيلة لجنة حراسة ومراقبة المنشآت المصنفة.
ثانيا: إجراءات الحصول على رخصة استغلال المنشأة المصنفة
قسم المشرع الجزائري المنشآت المصنفة إلى فئتين: منشآت خاضعة لترخيص ومنشآت خاضعة لتصريح بحيث تمثل المنشآت الخاضعة للترخيص الصنف الأكثر خطورة من تلك الخاضعة للتصريح.
1- المنشآت الخاضعة لترخيص:installations soumises à autorisation
لقد حددت المادة 19 من قانون 03/10 الجهة المكلفة بتسليم رخصة استغلال المنشآت المصنفة، وذلك حسب أهميتها ودرجة الأخطار أو المضار التي تنجر عن استغلالها وقسمتها إلى ثلاثة أصناف:
حيث تخضع المنشآت من الصنف الأول إلى ترخيص من الوزير المكلف بالبيئة، ويخضع الصنف الثاني إلى ترخيص من الوالي المختص إقليميا، في حين يخضع الصنف الثالث إلى ترخيص من رئيس المجلس الشعبي البلدي، أما عن وقت طلب الترخيص فيتعين تقديمه في الوقت الذي يقدم فيه طلب رخصة البناء.
وفيما يتعلق بإجراءات الحصول على الترخيص فهي تتمثل في :
1- ضرورة تقديم طلب الترخيص لدى السلطة المانحة له: يشمل كافة المعلومات الخاصة بصاحب المنشأة سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا.
2- معلومات خاصة بالمنشأة: وتتمثل أساسا في الموقع الذي تقام فيه المنشأة، طبيعة الأعمال التي يعتزم المعني القيام بها، وأساليب الصنع.
3- تقديم دراسة التأثير أو موجز التأثير: الذي يقام من طرف مكاتب دراسات أو مكاتب خبرات أو مكاتب استشارات معتمدة من طرف الوزارة المكلفة بالبيئة، وهذا على نفقة صاحب المشروع.
4- إجراء تحقيق عمومي ودراسة تتعلق بأخطار وإنعكاسات المشروع: إلا أن المشرع لم يحدد كيفية إجراء هذا التحقيق، كما أنه لم يحدد الجهة المكلفة بالقيام به.
وكما سبق الإشارة إليه فإن المنشآت المصنفة محددة عن طريق قائمة، وعليه فإنه في حالة عدم ورود ذكر المنشأة ضمن هذه القائمة تقوم السلطة التي تم إيداع الملف لديها بإشعار صاحب الطلب خلال 15 يوم التي تلي تاريخ الإيداع ثم يعاد الملف إلى المعني.
أما في حالة ما إذا كانت المنشأة ضمن المنشآت المنصوص عليها في الصنف الثالث، ففي هذه الحالة يقرر الوالي أو رئيس المجلس الشعبي البلدي بمقتضى قرار الشروع في تحقيق مبينا فيه موضوع التحقيق وتاريخه ويقوم بتعيين منذوب محقق من بين الموظفين المصنفين على الأقل في الصنف 15 من القانون الأساسي النموذجي لعمال المؤسسات والإدارات العمومية.
كما يتم تعليق الإعلان للجمهور في مقر البلدية التي سوف تقام المنشأة بإقليمها وذلك قبل 08 أيام على الأقل من الشروع في التحقيق، وتفتح على مستواها سجل تجمع فيه أراء الجمهور بعدها تقدم نسخة من طلب الرخصة للمصالح المحلية المكلفة بالبيئة والري والفلاحة والصحة والشؤون الاجتماعية والحماية المدنية ومفتشية العمل والتعمير والبناء والصناعة والسياحة من أجل إبداء رأيها في أجال 60 يوما وإلا فصل في الأمر من دونها.
وعند انتهاء التحقيق يقوم المنذوب المحقق باستدعاء صاحب الطلب خلال 8 أيام و يبلغه بالملاحظات الكتابية و الشفوية، ويطلب منه تقديم مذكرة إجابة خلال مدة حددها المشرع ب 22 يوما.
ثم يقوم المنذوب المحقق بإرسال ملف التحقيق إلى الوالي أو رئيس المجلس الشعبي البلدي مدعما باستنتاجاته الذي يفصل في الطلب بناءا على نتائج التحقيق التي يتم تبليغها إلى المعني.
وأجال التبليغ تختلف حسب الأصناف الثلاثة للمنشآت: فإذا كانت المنشأة تنتمي إلى الصنف الثالث فإن التبليغ يتم عن طريق رئيس المجلس الشعبي البلدي خلال مدة لا تتجاوز شهر، أما بالنسبة للمنشآت التي تنتمي إلى الصنف الثاني فإن التبليغ يتم في مدة أقصاها 45 يوم، في حين أن المنشآت من الصنف الأول فيتم التبليغ في مدة لا تتجاوز 90 يوما.
ويجب على الإدارة المختصة أن تبرر موقفها في حالة رفض تسليم الرخصة، ويمكن للمعني في هذه الحالة أن يتقدم بطعن إلا أن المرسوم98/339 لم يحدد الجهة التي يتم أمامها الطعن.
أما إذا تعلق الأمر بمنشأة غير مدرجة في قائمة المنشآت المصنفة وكان استغلالها يشكل خطراً وضرراً على البيئة، فالوالي وبناءا على تقرير من مصالح البيئة يقوم بإعذار المستغل محددا له أجلا لاتخاذ التدابير الضرورية لإزالة الأخطار أو الأضرار المثبتة، وإذا لم يمتثل المستغل في الأجل المحدد يوقف سير المنشأة إلى حين تنفيذ الشروط المفروضة .
2- المنشآت الخاضعة للتصريح:installation soumise à déclaration
وهي تلك المنشآت التي لا تسبب أي خطر ولا يكون لها تأثير مباشر على البيئة، ولا تسبب مخاطر
أو مساوئ على الصحة العمومية والنظافة والموارد الطبيعية والمناطق السياحية، لهذا فهي لا تستلزم القيام بدراسة التأثير أو موجز التأثير .
ويسلم هذا التصريح من طرف رئيس المجلس الشعبي البلدي، بعد أن يقدم صاحب المنشأة طلب يشمل على كافة المعلومات الخاصة به سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا، والمعلومات الخاصة بالمنشأة ( الموقع، طبيعة الأعمال المقرر قيامها…إلخ).
أما إذا رأى رئيس المجلس الشعبي البلدي بأن المنشأة تخضع لنظام الرخصة فيقوم بإشعار صاحب المنشأة في أجل 8 أيام لكي يتخذ الإجراءات اللازمة لذلك .
الفرع الثالث: رخصة استعمال و استغلال الغابات
لقد صنف المشرع الجزائري الغابات ضمن الأملاك الوطنية العمومية ، إلا أنه ونظراً لكون أن الأملاك الغابية تتميز ببعض الخصوصيات ونظراً لمنافعها الكثيرة فإنها موضوع استعمال، الذي له خصوصيات فريدة في القانون الجزائري، يكاد يخالف قواعد الاستعمال (l’usage) المتعارف عليه في الأملاك العمومية التقليدية فالاستعمال في الغابات الجزائرية يكون في شكل استعمالي غابي (l’usage forestier) كما يكون على شكل استعمال اقتصادي وهو الإستغلال الغابي (l’exploitation forestière).
1- الإستعمال الغابي (l’usage forestier)
لقد خص المشرع الفصل الثالث من الباب الثالث لقانون الغابات 84/12 لموضوع الإستعمال داخل الأملاك الغابية مفرداً له ثلاث مواد وهي المواد 35،34 و36.
إلا أن المشرع لم يعرف معنى الإستعمال، وإنما اقتصر على ذكر المستعملين بإتخاذه للمعيار المكاني وتحديد مجال الإستعمال، وحصره في بعض المنتجات للحاجات المنزلية وتحسين ظروف المعيشة.
كما أن المشرع لم ينص صراحة على وجوب وجود الرخصة من أجل الإستعمال الغابي، ولكن بالرجوع لقواعد الإستعمال كحق عيني فإن الرخصة واجبة، هذا ما يؤدي بنا إلى الأخذ بالقواعد العامة التي تنظم الإستعمال الفردي، والتي توجب الرخصة الممنوحة من طرف الإدارة.
ولقد حدد المشرع المستعملين معتمدا في ذلك على معيار مكاني وحصرهم في السكان الذين يعيشون داخل الغابة أو بالقرب منها، ولهذا فالأشخاص الذين لا تتوفر فيهم هذا الشرط لا يستطيعون الإستفادة من هذا الإستعمال.
أما عن نطاق الإستعمال فلقد حصرته المادة 35 من قانون 84/12 في:
– المنشآت الأساسية للأملاك الغابية الوطنية.
– منتوجات الغابة.
– الرعي.
– بعض النشاطات الأخرى المرتبطة بالغابة ومحيطها المباشر.
– تثمين أراضي جرداء ذات طبيعة سبخية عن طريق تطوير الأنشطة الغير ملوثة المعلن عن أولويتها في المخطط الوطني.
2-الإستغلال الغابي (l’exploitation forestière)
بجانب الإستعمال الغابي الذي يقتصر على إنتفاع سكان الغابات من الثروة الغابية، نظم المشرع الإستغلال الغابي والذي يعني بالمفهوم البسيط قطع الأشجار.
ولقد نص قانون 84/12 على الإستغلال بالفصل الثالث مخصصا له مادتين ، محيلا في الأولى قواعد التطريق والقلع ورخص الإستغلال ونقل المنتوجات إلى التنظيم، ويحيل في الثانية إلى التنظيم كيفيات تنظيم المنتجات الغابية وبيعها.
وبالفعل صدر هذا التنظيم في شكل مرسوم 89/170 المؤرخ في 05 سبتمبر 1989 يتضمن الموافقة على الترتيبات الإدارية العامة والشروط التقنية لإعداد دفاتر الشروط المتعلقة باستغلال الغابات، ولقد نص هذا المرسوم على رخصة الاستغلال التي تسلمها إدارة الغابات، بحيث تقوم هذه الأخيرة قبل تسليم الرخصة ببعض الترتيبات الإدارية العامة يشاركها في ذلك الوالي وإدارة أملاك الدولة.
أما بالنسبة للتعاقد فهو يخضع لقاعدة التنافس الحر، ولا تسلم إدارة الغابات رخصة الإستغلال إلا بعد أن يقدم المتعاقد معها ملفا كاملا يثبت التزامه التام.
ويكون للإدارة المكلفة بتسيير الغابات سلطات واسعة قبل وأثناء وبعد الاستغلال:
-فقبل منح الاستغلال: هي التي تحدد الأشجار التي يجب أن تقطع وتجري عملية الوسم، والأهم من ذلك هي التي تضع دفتر الشروط الذي يحتوي على الشروط الإدارية العامة والشروط التقنية.
-أثناء الاستغلال: تتدخل إدارة الغابات في تحديد وقت القطع وظروفه وموقعه.
-وبعد انتهاء الاستغلال: يكون للإدارة سلطة التأكد من تفريغ المنتوجات طبقا لما هو موجود في دفتر الشروط.
ولقد قام قانون الغابات 84/12 بتصنيف الغابات إلى:
– غابات ذات المردود الوافر أو غابات الاستغلال foret d’exploitation : التي تتمثل مهمتها الأساسية في إنتاج الخشب والمنتوجات الغابية الأخرى.
– غابات الحماية: التي تتمثل مهمتها الرئيسية في حماية الأراضي والمنشآت الأساسية والإنجازات العمومية من الانجراف بمختلف أنواعه.
– الغابات والتكوينات الغابية الأخرى: كغابات التسلية والراحة والمخصصة للبحث العلمي والدفاع الوطني.
فغابات الإنتاج يكون هدفها الظاهر هو المردود الاقتصادي، ولكن هذا غير صحيح طالما أن استغلال هذه الغابات يكون بشروط وتحت إجراءات عديدة والتي سبق شرحها، كما يجب أن تتبع أساليب تقنية عديدة خشية الإضرار بالغابة وهنا يكمن الهدف الحقيق للحماية، فالمرسوم 89/170 قد أخذ بالحسبان جانب الحماية والاستغلال بمعنى الاستغلال العقلاني الذي يضمن استدامة الغابة إذا ما احترمت أحكامه.
الفرع الرابع: رخصة الصيد
لقد حدد قانون 04/07 شروط ممارسة الصيد، حيث اشترط حيازة الصياد لرخصة الصيد وكذلك لإجازة الصيد، كما اشترط أن يكون منخرطا في جمعية للصيادين، وأن يكون حائزا لوثيقة تأمين سارية المفعول تغطي مسوؤليته المدنية باعتباره صيادا ومسؤوليته الجزائية عن استعماله للأسلحة النارية أو وسائل الصيد الأخرى.
ولقد اعتبر المشرع أن رخصة الصيد هي التي تعبر عن أهلية الصياد في ممارسة الصيد وأن هذه الرخصة هي شخصية لا يمكن التنازل عنها أو تحويلها أو إعارتها، وأنها وقتية بحيث حدد مدتها بـ 10 سنوات مع إمكانية تقديم طلب تجديدها، ولقد حدد قانون 04/07 الجهة المختصة في تسليم رخصة الصيد وهو الوالي
أو من ينوب عنه أو رئيس الدائرة التي يقع فيه مقر إقامة صاحب الطلب.
أما إجازة الصيد فهي التي تسمح لصاحبها بممارسة الصيد في أماكن الصيد المؤجرة بالمزرعة أو المؤجرة من طرف الجمعية التي يكون عضوا فيها ، ولا تسلم إجازة الصيد إلا للصيادين الحائزين لرخصة الصيد سارية المفعول بناءا على طلب من جمعية الصيادين المنخرطين فيها، وتكون هذه الإجازة صالحة لمدة سنة وتسمح بممارسة الصيد لموسم واحد.
الفرع الخامس: رخصة استغلال الساحل و الشاطئ
لقد حددت المادة 14 من قانون 90/30 المتعلق بالأملاك الوطنية مشتملات الأملاك الوطنية العمومية، على أنها الأملاك العمومية الطبيعية والاصطناعية، وقد استمدت السواحل صفتها كأملاك عمومية وطنية بحكم نص القانون 90/30 فنصت المادة 15 منه أن من بين مشتملات الأملاك الوطنية العمومية شواطئ البحر وقعر البحر الإقليمي وباطنه والمياه الداخلية وطرح البحر.
هذا ما يؤدي بنا إلى القول أن الساحل عبارة عن جزء من الأملاك الوطنية العمومية الذي يخضع للقواعد العامة المتعلقة بحمايتها وتسييرها، بحيث تتمتع السلطة الإدارية المختصة بسلطة إدارة هذه الأملاك بغرض حمايتها.
فاستغلال هذه الأملاك يخضع إلى رخصة مسبقة ويتم من طرف الأشخاص إما بصفة مباشرة أو عن طريق مرفق معين، غير أن الاستعمال الجماعي للجمهور لهذه الأملاك يخرج عن هذه الأحكام شريطة أن يكون هذا الاستعمال موافقا للغرض الذي خصصت له هذه الأملاك، وعادة ما يكون شغل هذه الأملاك برخصة أو بعقد إداري أو في إطار اتفاقية وهذا الشغل يكتسي طابع مؤقت .
وفي هذا الإطار جاء القانون 02/02 ليكرس هذه الأحكام، بحيث أورد في مادته 17 وما يليها على أنه يخضع للتنظيم كل شغل للأجزاء الطبيعية المتاخمة للشواطئ، كما تتخذ المصالح المختصة جميع التدابير الضرورية للحفاظ على الشواطئ والأشرطة الرملية.
كما نص القانون 03/03 المتعلق بمناطق التوسع والمواقع السياحية، على أنه يتم استغلال الشواطئ بموجب حق الإمتياز عن طريق المزايدة المفتوحة، ووفقا لدفتر الشروط الذي يحدد المواصفات التقنية والإدارية والمالية للإميتاز، ويمنح هذا الأخير بقرار من الوالي المختص إقليميا بناءا على اقتراح من اللجنة الولائية، ويخضع استغلال الشواطئ وترقية النشاطات السياحية في هذه الفضاءات للقواعد الصحية وحماية المحيط، ويكون صاحب الإمتياز ملزم بإحترام مخطط تهيئة الشاطئ الذي يرفق باتفاقية الإمتياز.
ومن الأمثلة الأخرى لنظام الرخص التي جاء بها المشرع نذكر :
– قانون 01/19 المتعلق بتسيير النفايات ومراقبتها وإزالتها: نصت المادة 42 منه على أنه تخضع كل منشأة لمعالجة النفايات الخاصة لرخصة من الوزير المكلف بالبيئة، والمعالجة للنفايات المنزلية وما شابهها لرخصة من الوالي المختص إقليميا، والمعالجة للنفايات الهامدة لرخصة من رئيس المجلس الشعبي البلدي المختص إقليميا.
-قانون 05/12 المتعلق بالمياه: لقد جاء هذا القانون بنظام قانوني خاص لإستعمال الموارد المائية، حيث منع القيام بأي استعمال لهذه الموارد من طرف شخص طبيعي أو معنوي إلا بموجب رخصة أو امتياز تسلم من طرف الإدارة المكلفة بالموارد المائية، والتي تخول لصاحبها التصرف لفترة معينة في منسوب أو حجم الماء المحدد على أساس الموارد الإجمالية المتوفرة حسب معدل سنوي والاحتياجات التي تتوافق مع الإستعمال المعتبر، وتعتبر رخصة استعمال الموارد المائية عقد من عقود القانون العام تسلم لكل شخص طبيعي أو معنوي قدم طلب بذلك، وتمكن هذه الرخصة القيام بالعمليات التالية:
1- إنجاز أبار أو حفر لاستخراج المياه الجوفية.
2- إنجاز منشآت تنقيب عن المنبع أو التحويل أو الضخ أو الحجز.
3- إقامة كل المنشآت أو الهياكل الأخرى لإستخراج المياه الجوفية أو السطحية.
– قانون 01/10 المتضمن قانون المناجم: الذي نص على أنه لا يمكن لأي شخص التخلي عن بئر أو رواق أو خندق أو موقع استخراج دون ترخيص مسبق من الوكالة الوطنية للجيولوجيا والمراقبة المنجمية ، كما لا يمكن لأي شخص القيام بأشغال التنقيب أو الاستكشاف المنجمي ما لم تكن بحوزته رخصة التنقيب أو الاستكشاف التي تسلم من الوكالة الوطنية للممتلكات المنجمية ، كما أن هذه الوكالة تسلم رخص أخرى وذلك في إطار ممارسة الأنشطة المنجمية نذكر على الخصوص: رخصة الاستغلال المنجمي الحرفي، رخصة عملية اللم للمواد المعدنية، رخصة استغلال مقالع الحجارة والمرامل.
المطلب الثاني: نظام الحظر و الإلزام
بجانب نظام الترخيص والذي يعتبر أهم وسيلة تستعمله الإدارة في مجال حماية البيئة، نجد نظام الحظر والإلزام وكذلك نظام التقارير.
الفرع الأول: نظام الحظر
يعتبر الحظر وسيلة قانونية تقوم بتطبيقه الإدارة عن طريق القرارات الإدارية، تهدف من خلاله منع إتيان بعض التصرفات بسبب الخطورة التي تنجم عن ممارستها، وكما أشرنا إليه سابقا فإنه من خصائص قواعد قانون حماية البيئة أن أغلبها عبارة عن قواعد أمرة، لا يمكن للأفراد مخالفتها باعتبارها تتصل بالنظام العام فالحظر صورة من صور القواعد الأمرة التي تقيد كل من الإدارة والأشخاص الذين يزاولون نشاطات مضرة بالبيئة .
هذا و برجوعنا إلى قوانين حماية البيئة نجد الكثير من هذه القواعد فلقد نص قانون 03/10 على أمثلة للحظر نذكر منها:
– ما نصت عليه المادة 33 التي منعت القيام بأي عمل من شأنه أن يضر بالتنوع الطبيعي أو يشوه طابع المجالات المحمية، كون أن المشرع قد أخضعها لأنظمة خاصة للحماية .
– في إطار حماية التنوع البيولوجي منع المشرع إتلاف البيض والأعشاش وتشويه الحيوانات الغير أليفة والفصائل النباتية غير المزروعة المحمية، وكذا نقلها أو استعمالها أو عرضها للبيع أو شراءها حية كانت أو ميتة .
– كما منع أيضا كل صب أو غمر أو ترميد لمواد مضرة بالصحة العمومية داخل المياه البحرية الخاضعة للقضاء الجزائري أو من شأنها عرقلة الأنشطة البحرية أو إفساد نوعية المياه البحرية.
أما قانون المناجم فنجده ينص على عدم إمكانية منح الترخيص بأي نشاط منجمي في المواقع المحمية بالقانون والاتفاقيات الدولية.
ولقد منع المشرع في قانون 04/07 من ممارسة الصيد عند تساقط الثلوج أو في الليل وفي فترات تكاثر الطيور والحيوانات ، كما يمنع اصطياد الأصناف المحمية أو القبض عليها عبر كامل التراب الوطني .
وبغرض حماية وتثمين الشواطئ نص القانون 03/02 المحدد للقواعد العامة للإستعمال والإستغلال السياحيين للشواطئ على منع كل مستغل الشواطئ القيام بأي عمل يمس بالصحة العمومية أو يتسبب في إفساد نوعية مياه البحر أو إتلاف قيمتها النوعية، ونظراً لما أصبحت تشكله ظاهرة استنزاف رمال البحر من مساس بالمظهر الجمالي للشواطئ وتقدم لمياه البحر اتجاه البر نصت المادة 32 من نفس القانون على أنه يمنع استخراج الرمل والحصى والحجارة من الشواطئ، كما منعت المادة 12 من قانون 02/02 والمتعلق بحماية الساحل وتثمينه التوسع الطولي للمحيط العمراني للمجمعات السكانية، الموجودة على الشريط الساحلي، على مسافة تزيد عن ثلاثة كيلومترات (3كلم) من الشريط الساحلي.
وبهدف منع التعامل العشوائي واللاعقلاني للنفايات فإنه يمنع على كل منتج للنفايات من تسويق المواد المنتجة للنفايات الغير قابلة للإنحلال البيولوجي أو استعمال مواد من شأنها أن تشكل خطرا على الإنسان لاسيما عند صناعة منتوجات التغليف، ويحظر خلط النفايات الخاصة الخطرة مع النفايات الأخرى، كما يمنع على منتج هذه النفايات أو الحائز عليها من تسليمها إلى شخص أخر غير مستغل لمنشأة معالجة النفايات، ولقد منعت المادة 25 من قانون 01/19 منعا باتا استيراد النفايات الخاصة الخطرة.
ولقد منع المشرع في ظل قانون المياه الجديد 05/12 كل بناء جديد أو غرس أو تشييد سياج ثابت وكل تصرف يضر بصيانة الوديان والبحيرات والبرك والسبخات والشطوط أو القيام بأي تصرف من شأنه عرقلة التدفق الحر للمياه السطحية في مجاري الوديان، ومنعت المادة 46 من نفس القانون تفريغ المياه القذرة في الأبار والحفر والينابيع وأماكن الشرب العمومية والوديان أو إدخال مواد غير صحية في الهياكل والمنشآت المائية المخصصة للتزويد بالمياه.
ونجد العديد من النصوص القانونية الأخرى التي تبنت أسلوب الحظر في مجال الحماية القانونية للبيئة، ففي مجال حماية الثروة الغابية يمنع المشرع تفريغ الأوساخ والردوم في الأملاك الغابية أو وضع أو إهمال كل شيء أخر من شأنه أن يتسبب في الحرائق.
من خلال هذه النصوص القانونية المشار إليها على سبيل المثال، يستنتج أن المشرع يستعين بأسلوب الحظر كلما توقع وجود خطر حقيقي يهدد التوازن البيئي، ويرى بضرورة التدخل للحفاظ على البيئة وحمايتها.
الفرع الثاني: نظام الإلزام
لقد سبق الإشارة أنه من خصائص قانون حماية البيئة، أنه ذو طابع تنظيمي آمر، فمن هذه الخاصية يجد نظام الإلزام مصدره، كما يجد أصله ضمن مبدأ النشاط الوقائي وتصحيح الأضرار البيئية بالأولوية عند المصدر principe de prévention et la lutte a la source Le
والإلزام هو عكس الحظر، لأن هذا الأخير إجراء قانوني وإداري يتم من خلاله منع إتيان النشاط، فهو بذلك يعتبر إجراء سلبي، في حين أن الإلزام هو ضرورة القيام بتصرف معين، فهو إجراء إيجابي.
لذلك تلجأ الإدارة لهذا الأسلوب من أجل إلزام الأفراد على القيام ببعض التصرفات لتكريس الحماية والمحافظة على البيئة.
وفي التشريعات البيئية هناك العديد من الأمثلة التي تجسد أسلوب الإلزام، ففي إطار حماية الهواء والجو نصت المادة 46 من قانون 03/10 على أنه يجب على الوحدات الصناعية إتخاذ كل التدابير اللازمة للتقليص أو الكف من استعمال المواد المتسببة في إفقار طبقة الأوزون.
وفيما يخص النفايات ألزم المشرع في قانون 01/19 كل منتج أو حائز للنفايات أن يتخذ كل الإجراءات الضرورية لتفادي إنتاج النفايات بأقصى قدر ممكن، وذلك بإعتماد وإستعمال تقنيات أكثر نظافة وأقل إنتاجاً للنفايات ، كما يلزم بالتصريح للوزير المكلف بالبيئة بالمعلومات المتعلقة بطبيعة وكمية وخصائص النفايات، أما النفايات المنزلية فأصبح لزاماُ على كل حائز للنفايات وما شابهها استعمال نظام الفرز والجمع والنقل الموضوع تحت تصرفه من طرف البلدية، والتي ينشأ على مستواها مخطط بلدي لتسيير النفايات المنزلية.
وبرجوعنا إلى قانون 03/02 المحدد للقواعد العامة لإستغلال الشواطئ، فنجده ينص على مجموعة من الإلتزامات تقع على صاحب إمتياز الشاطئ منها حماية الحالة الطبيعية وإعادة الأماكن إلى حالتها بعد إنتهاء موسم الإصطياف، كما يقع عليه عبء القيام بنزع النفايات.
ونجد كذلك قواعد الإلزام في قانون 85/05 المتعلق بحماية الصحة، إذ ينص في المادة 46 على أنه يلتزم جميع المواطنين بمراعاة قواعد الوقاية من مضار الضجيج.
كما يلزم قانون المناجم صاحب السند المنجمي أو صاحب رخصة استغلال مقالع الحجارة والمرامل أن يضع نظاماً للوقاية من الأخطار الجسيمة التي يمكن أن تنجم عن نشاطه.
الفرع الثالث: نظام التقارير
يعد نظام التقارير أسلوب جديد استحدثه المشرع بموجب النصوص الجديدة المتعلقة بحماية البيئة، ويهدف هذا النظام إلى فرض رقابة لاحقة ومستمرة على النشاطات والمنشآت أو ما يسمى بالمراقبة البعدية ، لهذا فهو يعتبر أسلوب مكمل لأسلوب الترخيص، كما أنه يقترب من الإلزام كونه يفرض على صاحبه تقديم تقارير دورية عن نشاطاته حتى تتمكن السلطة الإدارية من فرض الرقابة، وهو أسلوب يسهل على الإدارة عملية متابعة التطورات الحاصلة على النشاطات والمنشآت التي تشكل خطرا على البيئة، فبدلا من أن تقوم الإدارة بإرسال أعوانها للتحقيق من السير العادي للنشاط المرخص به، يتولى صاحب النشاط بتزويد الإدارة بالمعلومات والتطورات الجديدة، ويرتب القانون على عدم القيام بهذا الإلزام جزاءات مختلفة.
ومن أمثلة أسلوب التقرير في القوانين المتعلقة بحماية البيئة، نجد قانون المناجم الذي ألزم أصحاب السندات المنجمية أو الرخص أن يقدموا تقريرا سنويا متعلقا بنشاطاتهم إلى الوكالة الوطنية للجيولوجيا والمراقبة المنجمية ، ورتب القانون عقوبات جزائية على كل مستغل أغفل تبليغ التقرير تتمثل في الحبس من شهرين إلى ستة أشهر و بغرامة مالية من 5000دج إلى 20.000دج ، كما يتعين على صاحب رخصة التنقيب تقديم تقرير مفصل عن الأشغال المنجزة كل ستة(6) أشهر إلى الوكالة الوطنية للممتلكات المنجمية .
أما القانون المتعلق بتسيير النفايات 01/19 فقد نص على نظام التقرير في مادته21 والتي ألزمت منتجوا أو حائزوا النفايات الخاصة الخطرة بالتصريح للوزير المكلف بالبيئة بالمعلومات المتعلقة بطبيعة وكمية وخصائص النفايات، كما يتعين عليهم تقديم بصفة دورية المعلومات الخاصة بمعالجة هذه النفايات وكذلك الإجراءات العملية المتخذة والمتوقعة لتفادي إنتاج هذه النفايات بأكبر قدر ممكن، ولقد رتب المشرع عن مخالفة هذا الإجراء توقيع غرامة من خمسين ألف دينار 50.000دج إلى مائة ألف دينار 100.000دج .
ولقد نص قانون المياه الجديد 05/12 على أنه تعد الإدارة المكلفة بالموارد المائية نظام تسيير مدمج للإعلام حول الماء، الذي يكون منسجما مع أنظمة الإعلام وقواعد المعطيات المنشأة لاسيما على مستوى الهيئات العمومية المختصة، وأنه يتعين على الأشخاص الطبيعيين أو المعنويين الحائزين على رخصة أو إمتياز استعمال الأملاك العمومية الطبيعية للمياه، وأصحاب الامتياز أو المفوض لهم الخدمات العمومية للماء والتطهير وأصحاب امتياز استغلال مساحات السقي أن يقدموا دوريا للسلطة المكلفة بنظام التسيير المدمج للإعلام كل المعلومات والمعطيات التي تتوفر لديهم .
وفي نفس السياق نصت المادة 109 من نفس القانون على أنه يتعين على صاحب امتياز تسيير نشاطات الخدمة العمومية للماء أو التطهير تقديم تقرير سنوي للسلطة المانحة للامتياز، يسمح بمراقبة شروط تنفيذ
تفويض الخدمة العمومية وتقييمها، ويكون هذا التقرير السنوي والملاحظات المترتبة على دراسته موضوع عرض على الحكومة .
ونستخلص مما سبق أن نظام التقارير له أهمية بالغة في المراقبة المستمرة للأنشطة والمنشآت التي تشكل خطرا على البيئة، كما أنه يساهم في دعم باقي أساليب الرقابة الإدارية، إلا أنه ما يلاحظ على المشرع الجزائري أنه لم ينص بصفة صريحة على نظام التقارير في قانون حماية البيئة 03/10، وإن نجده قد تطرق له بصفة غير مباشرة في المادة 08 منه و التي تنص: “يتعين على كل شخص طبيعي أو معنوي بحوزته معلومات متعلقة بالعناصر البيئية التي يمكنها التأثير بصفة مباشرة أو غير مباشرة على الصحة العمومية، تبليغ هذه المعلومات إلى السلطات المحلية و/أو السلطات المكلفة بالبيئة”.
فكان من الأجدر على المشرع إخضاع استغلال المنشآت المصنفة إلى نظام التقارير وذلك حتى يسهل على الإدارة المختصة مراقبة التقيد وإحترام شروط استغلالها من طرف أصحاب المؤسسات المصنفة.
المطلب الثالث: نظام دراسة التأثيرl’étude d’impact
نتطرق في هذا المطلب إلى تعريف نظام دراسة التأثير، ثم تحديد المشاريع الخاضعة لدراسة التأثير ومحتواها.
الفرع الأول: المقصود بدراسة التأثير
لا يمكننا التكلم على مفهوم دراسة التأثير دون التطرق إلى مبدأ الحيطة le principe de prévention الذي يندرج ضمن المبادئ العامة لحماية البيئة، ويقصد به ضرورة اتخاذ التدابير الفعلية والمتناسبة للوقاية من خطر الأضرار الجسيمة المضرة بالبيئة، وذلك قبل القيام بأي مشروع أو نشاط .
من هذا المنطلق تجد دراسة التأثير مصدرها، والتي يرجع ظهورها إلى قانون البيئة للولايات المتحدة الأمريكية لسنة 1970، والتي تبناها المشرع الفرنسي بمقتضى قانون 13 أكتوبر1976 المتعلق بحماية الطبيعة حيث أشار في المادة 02 منه إلى إلزامية دراسة التأثير باعتباره إجراء جوهري وضروري لتقييم أثار المشاريع على البيئة.
أما المشرع الجزائري فقد أخذ بنظام دراسة التأثير بمقتضى قانون حماية البيئة 83/10 والذي عرفه بأنه وسيلة أساسية للنهوض بحماية البيئة، يهدف إلى معرفة وتقدير الانعكاسات المباشرة والغير مباشرة للمشاريع على التوازن البيئي وكذا على إطار ونوعية معيشة السكان.
ولقد صدر في ظل هذا القانون مرسوم تنفيذي رقم 90/78 المتعلق بدراسات التأثير في البيئة، بحيث عرفت المادة 02 منه نظام دراسة التأثير بأنه إجراء قبلي يخضع إليه جميع أشغال وأعمال التهيئة أو المنشآت الكبرى التي يمكن بسبب أهميتها وأبعادها وأثارها أن تلحق ضررا مباشرا أو غير مباشر بالبيئة ولاسيما الصحة العمومية والفلاحة والمساحات الطبيعية والحيوان والنبات والمحافظة على الأماكن والآثار وحسن الجوار.
أما القانون الجديد 03/10 فلقد عرف دراسة التأثير في المادة 15 والتي تنص: “تخضع مسبقا وحسب الحالة لدراسة التأثير أو لموجز التأثير على البيئة مشاريع التنمية والهياكل والمنشآت الثابتة والمصانع والأعمال الفنية الأخرى، وكل الأعمال وبرامج البناء والتهيئة، التي تؤثر بصفة مباشرة أو غير مباشرة فورا أو لاحقا على البيئة، لاسيما على الأنواع والموارد والأوساط والفضاءات الطبيعية والتوازنات الإيكولوجية وكذلك على الإطار ونوعية المعيشة”.
كما عرف قانون المناجم بدوره دراسة التأثير على البيئة بأنها تحليل أثار استغلال كل موقع منجمي على مكونات البيئة بما فيها الموارد المائية، جودة الهواء والجو، سطح الأرض وباطنها، الطبيعة النبات والحيوان وكذا على التجمعات البشرية القريبة من الموقع المنجمي بسبب الضوضاء والغبار والروائح والاهتزازات وتأثيرها على الصحة العمومية للسكان المجاورين، وتشمل دراسة التأثير على البيئة مخطط تسيير البيئة الذي يتم تحضيره وفق إجراءات تحددها القوانين والأنظمة المعمول بها عند بداية أشغال الاستكشاف أو الاستغلال .
وبرجوعنا إلى الفقه نجده يعرف دراسة التأثير بأنها “الدراسة التي يجب أن تقام قبل القيام ببعض مشاريع الأشغال أو التهيئة العامة أو الخاصة، بقصد تقييم أثار هذه الأخيرة على البيئة” .
أما الفقيه ميشال بريور فإنه يرى بان دراسة التأثير تجد مصدرها في المبدأ التقليدي” الوقاية خير من العلاج” ومن أجل ذلك لابد من التفكير قبل القيام بأي عمل، وعليه لابد من المعرفة والدراسة المسبقة للتأثير، أي معرفة أثار النشاط على البيئة ، كما يرى بأن دراسة التأثير هي عبارة عن دراسة علمية وتقنية مسبقة، وإجراء إداري متطور.
« L’étude d’impact est une étude scientifique préalable et une procédure administrative révolutionnaire »
وهناك جانب من الفقه يؤكد بأن هذا الإجراء يبين بوضوح اهتمام التشريعات الحديثة بتوفيق النمو الاقتصادي وحماية البيئة أو ما يعرف اليوم بالتنمية المستدامة .
وهناك تعريف للدكتور يحي عبد الغني أبو الفتوح الذي يعتبر بأن دراسة التأثير هي:” مجموعة من الدراسات تبدأ بدراسة فكرة المشروع مروراً بجوانب جدواه السوقية والفنية والمالية والبيئية والقانونية تحقيقا لإختيار المشروع الأصح من وجهة نظر المستثمر من جهة، ووجهة نظر الدولة من جهة أخرى” .
من خلال هذه التعريفات التشريعية والفقهية التي ذكرنها يمكن أن نصل إلى وضع تعريف لدراسة التأثير “على أنها دراسة تقييمية للمشاريع والمنشآت الخطرة والتي لها تأثير مباشر أو غير مباشر على البيئة البحرية الجوية أو البرية، بما تسببه من أثار صحية، نفسية أو فيزيولوجية بهدف الحد منها أو تقليلها”.
الفرع الثاني: المشاريع الخاضعة لدراسة التأثير
لقد حدد المشرع الجزائري في المادة 15 من قانون 03/10 المشاريع التي تتطلب دراسة التأثير وهي: “مشاريع التنمية والهياكل والمنشآت الثابتة والمصانع والأعمال الفنية الأخرى وكل الأعمال وبرامج البناء والتهيئة”، وهو نفس النص الذي نجده في قانون 83/10 والمرسوم التنفيذي 90/78 المتعلق بدراسات التأثير في البيئة.
لهذا فيمكن أن نستنتج معيارين لتصنيف المشاريع الخاضعة لدراسة التأثير:
المعيار الأول: مفاده ربط الدراسة بحجم وأهمية الأشغال وأعمال التهيئة والمنشآت الكبرى .
المعيار الثاني: وهو بالنظر إلى العمليات التي لها تأثير على البيئة، هذه الأثار إما أن تمس البيئة الطبيعية كالفلاحة والمساحات الطبيعية والحيوانات والنباتات، وإما أن تمس البيئة البشرية خصوصا الصحة العمومية وكذا الأماكن والأثار وحسن الجوار.
ما يعاب على المشرع الجزائري أنه في المادة 15 من قانون 03/10 لم يعطي الوصف الدقيق لطبيعة المشاريع الخاضعة لدراسة التأثير، وإنما ترك الأمر على عموميته فكان من الأجدر وضع قائمة يحدد فيها هذه الأعمال والمشاريع التي يستوجب أن تخضع لدراسة التأثير.
أما الشيء الإيجابي الذي جاء به المشرع في المرسوم التنفيذي 90/78 أنه وضع قائمة للمشاريع المعفاة من دراسة التأثير، متأثراً بذلك من قانون حماية الطبيعة الفرنسي لسنة 1976 الذي وضع بما يسمى بالقائمة السلبية la liste négative التي تشمل فقط المشاريع التي تعفى من دراسة التأثير البيئي، وهي محددة على سبيل الحصر، وبمفهوم المخالفة كل مشروع لا تنطبق علية المعايير الواردة في القائمة فإنه يخضع لدراسة مدى التأثير.
فحسن ما فعل المشرع الجزائري بأخذه بهذا الاتجاه أو المعيار (معيار القائمة السلبية)، والذي تكمن أهميته بالنسبة لتقدير القاضي في حالة وجود فراغ ويصعب عليه تحديد مدى اعتبار المشروع خطراً وضاراً بالبيئة وهذا انطلاقا من القائمة السلبية التي تعد بمثابة مرجع بالنسبة لقاضي الموضوع ، ولقد نصت المادة 16 من قانون03/10 على أنه يحدد التنظيم قائمة الأشغال التي بسبب أهمية تأثيرها على البيئة تخضع لإجراءات دراسة التأثير، والتي يمكن أن نطلق عليها بالقائمة الإيجابية la liste positive .
ولكن المشكل الذي يطرح اليوم هو أن الآجال الذي حدده المشرع لسريان النصوص التنظيمية التي كانت تطبق في ظل القانون القديم 83/10 قد انتهى بمرور سنتين، ومع ذلك لم تصدر النصوص التنظيمية الجديدة هذا ما يجعلنا أمام فراغ قانوني .
ومهما يكن من الأمر فالمشرع في قانون 03/10 قد أخضع بصريح النص تسليم رخصة استغلال المنشآت المصنفة إلى تقديم دراسة التأثير أو موجز التأثير .
كما أخضع تسليم رخصة ممارسة النشاطات الصاخبة التي تمارس في المؤسسات والشركات ومراكز النشاطات والمنشآت العمومية أو الخاصة المقامة مؤقتا أو دائما، والنشاطات التي تجرى في الهواء الطلق، والتي قد تسبب في أضرار سمعية، والتي لا توجد ضمن قائمة المنشآت المصنفة إلى إنجاز دراسة التأثير .
وبجانب قانون حماية البيئة نجد قوانين أخرى تحدد بعض المشاريع الواجب خضوعها لدراسة التأثير منها:
– الاستثمارات والمنشآت المتعلقة بتهيئة الإقليم التي أخضعها قانون 01/20 المتعلق بتهيئة الإقليم والتنمية المستدامة إلى دراسة التأثير .
– كما أخضع القانون 01/19 المتعلق بتسيير النفايات شروط اختيار مواقع إقامة منشآت معالجة النفايات وتهيئتها وإنجازها وتعديل عملها وتوسيعها إلى التنظيم المتعلق بدراسة التأثير على البيئة.
– وبغرض حماية الساحل وتثمينه فإن رخص استخراج مواد البلاط وملحقاته تخضع هي الأخرى لدراسة التأثير .
الفرع الثالث: محتوى دراسة التأثير
إذا كان قانون البيئة القديم 83/10 لم يحدد بدقة محتوى دراسة التأثير وأحال بذلك إلى التنظيم. ، فإن القانون 03/10 قد نص في مادته 16 على الحد الأدنى لما يمكن أن تضمنه دراسة التأثير، وهو نفس المحتوى الذي نجده في المادة 05 من المرسوم التنفيذي 90/78 المتعلق بدراسة التأثير في البيئة، وبحسبه يتضمن محتوى دراسة التأثير العناصر التالية:
1- عرض عن النشاط المزمع القيام به.
2- وصف للحالة الأصلية للموقع وبيئته اللذين قد يتأثران بالنشاط المزمع القيام به.
3- وصف للتأثير المحتمل على البيئة وعلى صحة الإنسان بفعل النشاط المزمع القيام به، والحلول البديلة المقترحة.
4- عرض عن أثار النشاط المزمع القيام به على التراث الثقافي، وكذا تأثيراته على الظروف الاجتماعية والاقتصادية.
5- عرض عن تدابير التخفيف التي تسمح بالحد أو بإزالة، وإذا أمكن بتعويض الآثار المضرة بالبيئة والصحة.
كما حدد المشرع الجهة التي تقوم بإعداد دراسة التأثير وحصرها في: مكاتب دراسات، مكاتب خبرات أو مكاتب استشارات معتمدة من الوزارة المكلفة بالبيئة، والتي تنجزها على نفقة صاحب المشروع.
ولقد بين المرسوم التنفيذي 90/78 كيفية تقديم الوثيقة الخاصة بدراسة التأثير، حيث يودعها صاحب المشروع في ثلاث نسخ على الأقل لدى الوالي المختص إقليميا الذي يحولها بدوره إلى الوزير المكلف بالبيئة، هذا الأخير إما أن يوافق على دراسة التأثير في البيئة بتحفظ أو بدونه، فيصدر قرارا بأخذ الدراسة بعين الإعتبار والموافقة عليها أو أن يرفضها بعد فحصها وفي هذه الحالة لابد من تسبيب قرار الرفض، كما يمكن للوزير المكلف بالبيئة أن يطلب دراسات أو معلومات تكميلية قبل أن يتخذ قراره .
في حالة موافقة الوزير المكلف بالبيئة على دراسة التأثير يقوم الوالي بتبليغ هذا القرار إلى صاحب المشروع ويمكن لأي شخص طبيعي أو معنوي أن يطلع في مقر الولاية المختصة إقليميا على دراسة التأثير بمجرد ما يبلغ الوزير الوالي قراره بأخذ الدراسة بعين الإعتيار.
كما يتخذ الوالي بموجب قرار تدابير الإشهار، لدعوة الغير سواءاً كان شخصا طبيعيا أو معنويا إلى إبداء الرأي في الأشغال وأعمال التهيئة والمنشآت المزمع إنجازها، وذلك عن طريق التعليق بمقر الولاية ومقر البلديات المعنية وفي الأماكن المجاورة للمواقع المزمع إنجاز الأشغال أو أعمال التهيئة أو المنشأة فيها.
ويجب أيضا إشهار دراسة التأثير في البيئة عن طريق نشرها في جريدتين يوميتين وطنيتين على الأقل.
ولقد نص المشرع في المادة 11 من المرسوم السالف الذكر ، أن الوالي يعين محافظ يتولى مهمة تسجيل ملاحظات الجمهور الكتابية والشفوية المتعلقة بالأشغال أو أعمال التهيئة أو المنشآت في سجل خاص، يقفل هذا السجل في نهاية شهرين من تاريخ فتحه، ويحرر المحافظ تقريرا تلخيصيا يرسله إلى الوالي، الذي يرسله بدوره إلى الوزير المكلف بالبيئة ويعلمه بنتائج الإستشارة العمومية مشفوعا إن اقتضى الأمر برأيه الخاص مبينا أسباب الأشغال أو أعمال التهيئة أو المنشآت المزمع إنجازها.
المبحث الثالث: الهيئات المكلفة بحماية البيئة
إن نجاح سياسة إدارة عقلانية للبيئة يتوقف أولاً على القدرات المؤسساتية، ذلك أن النصوص القانونية وحدها غير كافية على تنظيم أي مجال من مجالات الحياة العامة للأفراد، ما لم يتم تعزيزها بأجهزة ذات فعالية تتحكم في القضايا البيئية عن طريق ما يمنحه لها المشرع من أساليب في هذا الإطار، وفيما يخص الهيئات المكلفة بحماية البيئة يجب التنويه أن هناك العديد منها سواء على المستوى المركزي أو تلك المتواجدة على المستوى المحلي، كما لابد الإشارة إلى الدور الهام التي تلعبه الجمعيات باعتبارها وسيلة لإرساء الثقافة البيئية في المجتمع.
المطلب الأول: الهيئات المركزية
تميزت الهيئات المركزية المتعلقة بالبيئة في الجزائر بمسار فريد من نوعه منذ إنشاء أول هيئة عنيت بمسألة البيئة والمتمثلة في المجلس الوطني للبيئة سنة 1974 إلى غاية إحداث المديرية العامة للبيئة في 1994 وإقامة كتابة الدولة الكلفة بالبيئة في 1996 .
فمنذ حل المجلس الوطني للبيئة سنة 1977 جالت البيئة عبر عدة قطاعات، حيث تم ضم الإختصاصات البيئية بوزارات أخرى كالغابات سنة1981، وزارة الري سنة 1984، وزارة الداخلية سنة 1988، وزارة البحث والتكنولوجيا سنة 1990، ثم وزارة التربية سنة 1992، إلى أن تم إنشاء كتابة الدولة المكلفة بالبيئة سنة 1996 .
ومنذ 2001 نجد على رأس الهيكل الإداري المنظم للبيئة وزارة تهيئة الإقليم والبيئة ، التي تعتبر السلطة الوصية على القطاع عن طريق تسييره بالرقابة السلمية التي تفرضها على مختلف المديريات الولائية للبيئة وذلك لضمان تطبيق الأهداف المتوخاة من التشريع البيئي ولتحقيق التوازن بين الخصوصيات الجغرافية والبيئية لكل منطقة والقضايا البيئية ذات البعد الوطني.
ويوجد على رأس الوزارة، وزير تهيئة الإقليم و البيئة ، الذي يكلف أساساً في ميدان البيئة بما يأتي:
– المبادرة بالقواعد والتدابير الخاصة بالحماية والوقاية من كل أشكال التلوث وتدهور البيئة والإضرار بالصحة العمومية وبإطار المعيشة، وإتخاذ التدابير التحفظية الملائمة.
– المبادرة بقواعد وتدابير حماية الموارد الطبيعية والبيولوجية والأنظمة البيئية وتنميتها والحفاظ عليها.
– السهر على مطابقة المنشآت المصنفة على ضوء نصوص التشريع والتنظيم.
– المساهمة في ضبط المدونات المتعلقة بالمنشآت المصنفة وبالمواد الخطرة.
– المساهمة في تصنيف المواقع والمساحات التي تكتسي أهمية من الناحية الطبيعية أو الثقافية أو العلمية.
– إجراء دراسات التأثير على البيئة وإبداء الرأي في مدى مطابقتها وملاءمتها للتشريع والتنظيم المعمول بهما.
– المبادرة في أعمال التوعية والتربية والإعلام في مجال البيئة، وتشجيع إنشاء جمعيات حماية البيئة وتدعيم أعمالها.
وتتكون الإدارة المركزية في وزارة تهيئة الإقليم والبيئة مما يأتي :
– الأمين العام.
– رئيس الديوان.
– المفتشية العامة للبيئة ، والتي تشتمل على 5 مفتشيات جهوية تكلف بتنفيذ أعمال التفتيش والمراقبة المخولة للمفتشية العامة للبيئة.
– 8 مديريات مركزية وهي:
* المديرية العامة للبيئة .
* مديرية الاستقبالية والبرمجة والدراسات العامة لتهيئة الإقليم.
* مديرية العمل الجهوي والتلخيص والتنسيق.
* مديرية الأشغال الكبرى لتهيئة الإقليم.
* مديرية ترقية المدينة.
* مديرية الشؤون القانونية والمنازعات.
* مديرية التعاون.
* مديرية الإدارة والوسائل.
أما المديريات البيئة للولايات، فلقد نظمها المرسوم التنفيذي رقم 03/494 المؤرخ في17 ديسمبر2003 المتضمن إحداث مفتشية للبيئة في الولايات ، وتنظم هذه المديريات في مصالح ومكاتب يسيرها مدير يعين بموجب مرسوم بناءاً على اقتراح الوزير المكلف بالبيئة.
ولقد نص قانون 03/10 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة، على إنشاء هيئة للإعلام البيئي تتولى جمع المعلومات البيئية ومعالجتها وذلك على الصعيدين الوطني والدولي، كما تتكفل بإعطاء المعلومات المتعلقة بحالة البيئة لكل شخص طبيعي أو معنوي يطلبها منها ، وتُرِك الأمر للتنظيم لتحديد كيفية عمل هذه الهيئة وتشكيلها.
وبجانب وزارة تهيئة الإقليم والبيئة، نجد وزارات أخرى تمارس مهاماً بيئية محضة في قطاع معين، من بينها:
– وزارة الصحة والسكن: والتي هي مكلفة بكل الجوانب المتعلقة بصحة السكان، لاسيما في مجال مكافحة الأمراض المتنقلة عبر المياه.
– وزارة السياحة: والتي من مهامها المحافظة على الوسط الطبيعي ومحاربة تدهور المواقع السياحية.
– وزارة التعليم العالي والبحث العلمي: والتي تمارس العديد من المراكز والمعاهد الموضوعة تحت وصايتها مهام بحث ضرورية في مختلف المجالات: كالتصحر، الوسط البحري، المناطق الساحلية، التلوث الجوي إستعمال المواد المشعة…إلخ.
– وزارة الطاقة والمناجم: فمن المهام المخول لها في مجال حماية البيئة هي المساهمة والمشاركة في الدراسات المتعلقة بالتهيئة العمرانية وحماية البيئة والتكامل الإقتصادي .
كما استحدث المشرع وبموجب التعديلات الجديدة، هيئات إدارية مستقلة les organes administrative autonome ، تسهر على تسيير وتنظيم مجالات بيئية معينة، والتي خففت بذلك الضغظ على السلطة الوصية والهيئات المحلية، ومن أهم هذه الهيئات المركزية المستقلة نذكر:
1 – المرصد الوطني للبيئة والتنمية المستدامة : والذي يعتبر مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري يتمتع بالشخصية المعنوية وذمة مالية المستقلة، والذي يكلف بالمهام التالية:
*وضع شبكات الرصد وقياس التلوث وحراسة الأوساط الطبيعية.
* جمع المعلومة البيئية على الصعيد العلمي والتقني والإحصائي ومعالجتها وإعدادها وتوزيعها.
* جمع المعطيات والمعلومات المتصلة بالبيئة والتنمية المستدامة، لدى المؤسسات الوطنية والهيئات المتخصصة.
* نشر المعلومة البيئية وتوزيعها.
ويدير المرصد مجلس إدارة ويسيره مدير عام ويساعده مجلس علمي، الذي يبدي أراء وتوصيات فيما يخص محاور وبرامج الدراسات والبحث، برامج التبادل والتعاون العلميين، طرق وتقنيات اكتساب المعطيات البيئية وتسييرها ومعالجتها.
-2الوكالة الوطنية للنفايات : والتي تعتبر مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري، تتمتع بالشخصية المعنوية والإستقلال المالي، تخضع للقانون الإداري في علاقاتها مع الدولة، وتعتبر تاجرة في علاقاتها مع الغير، تسير وفقا لنظام الوصاية الإدارية من طرف الوزير المكلف بالبيئة.
تدار الوكالة بمجلس إدارة يتكون من الوزير المكلف بالبيئة كرئيس أو يعين ممثل له، وأعضاء يمثلون الوزارات الأخرى.
أما عن اختصاصات هذه الوكالة، فهي تتكفل أساساً:
* بتطوير نشاطات فرز النفايات ومعالجتها وتثمينها.
* تقديم المساعدات للجماعات المحلية في ميدان تسيير النفايات.
* معالجة المعطيات والمعلومات الخاصة بالنفايات وتكوين بنك وطني
للمعلومات حول النفايات.
3- المحافظة الوطنية للساحل: أنشئت هذه الهيئة بموجب القانون 02/02 المتعلق بحماية الساحل وتثمينه
وتعتبر هذه المحافظة هيئة عمومية تكلف بالسهر على تنفيذ السياسة الوطنية لحماية الساحل وتثمينه على العموم والمنطقة الشاطيئية على الخصوص، كما تضطلع هذه الهيئة بإعداد جرد وافٍ للمناطق الشاطيئية، سواء فيما يتعلق بالمستوطنات البشرية أم بالفضاءات الطبيعية .
أما عن اختصاصات هذه المحافظة فيمكن تلخيصها في النقاط التالية:
* إنشاء مخطط لتهيئة وتسيير المنطقة الساحلية في البلديات المجاورة للبحر من أجل حماية
الفضاءات الشاطيئية، الذي يسمى بمخطط تهيئة الشاطئ.
* إجراء تحاليل دورية ومنتظمة لمياه الإستحمام، وإعلام المستعملين بنتائج هذه التحاليل بصفة منتظمة.
* تصنيف الكثبان الرملية كمناطق مهددة أو كمساحات محمية، ويمكن إقرار منع الدخول إليها .
* تصنيف أجزاء المناطق الشاطيئية التي تكون فيها التربة والخط الشاطئ هشين أومعرضين للإنجراف كمناطق مهددة، والتي يمنع فيها القيام ببناءات أو منشآت أو طرق أو حظائر توقيف السيارات .
-4 الوكالة الوطنية للجيولوجية والمراقبة المنجمية: لقد أنشئت هذه الوكالة بمقتضى القانون 01/10 المتعلق بقانون المناجم، وهي تعتبر سلطة إدارية مستقلة، تسهر على تسيير وإدارة المجال الجيولوجي والنشاط المنجمي .
وتتشكل هذه الوكالة من :
* مجلس إدارة يتكون من 5 أعضاء.
* أمين عام.
وللوكالة الوطنية للجيولوجيا والمراقبة المنجمية عدة اختصاصات، نذكر من أهمها:
* التسيير الأمثل للموارد الجيولوجية والمنجمية من جهة وحماية البيئة من الأخطار التي قد تنجم
جراء استغلال هذه المواد الطبيعية الخام من جهة أخرى.
* مراقبة مدى احترام المؤسسات للفن المنجمي تواخياً للإستخراج الأفضل للموارد المعدنية ولقواعد
الصحة والأمن سواء كانت عمومية أو صناعية.
* مراقبة الأنشطة المنجمية بطريقة تسمح بالحفاظ على البيئة طبقا للمقاييس والأحكام المنصوص عليها في التشريع والتنظيم المعمول بهما.
* ممارسة مهمة شرطة المناجم وسلطة معاينة المخالفات .
المطلب الثاني: الهيئات المحلية
تؤدي الهيئات المحلية دوراً أساسياً في التنمية الإقتصادية والإجتماعية، فهي تمثل أداة لتنفيذ وتجسيد القواعد البيئية، لهذا فإن للولاية والبلدية دوراً هاماً في حماية البيئة لما لهما من اختصاصات في هذا المجال.
الفرع الأول: دور الولاية في مجال حماية البيئة
أولا- اختصاصات المجلس الشعبي الولائي:
يعتبر المجلس الشعبي الولائي هيئة المداولة في الولاية، فإلى جانب إختصاصاته العامة في مجال التنمية الإقتصادية والإجتماعية والثقافية، نص قانون الولاية على بعض إختصاصاته الأخرى المتعلقة بحماية البيئة ومنها:
– مشاركته في تحديد مخطط التهيئة العمرانية ومراقبة تنفيذه.
– التنسيق مع المجالس الشعبية البلدية في كل أعمال الوقاية من الأوبئة والسهر على تطبيق أعمال الوقاية الصحية وتشجيع إنشاء هياكل مرتبطة بمراقبة وحفظ الصحة ومواد الإستهلاك.
– حماية الغابات وتطوير الثروة الغابية والمجموعات النباتية الطبيعية وحماية الأراضي واستصلاحها وكذلك حماية الطبيعة.
– العمل على تهيئة الحظائر الطبيعية والحيوانية ومراقبة الصيد البحري ومكافحة الإنجراف والتصحر.
ثانيا- إختصاصات الوالي في حماية البيئة:
يتولى الوالي لما له من الصلاحيات، العديد من الإختصاصات المتعلقة بحماية البيئة، فلقد سبق الإشارة إلى دوره في تسليم رخصة إستغلال المنشآت المصنفة ، والذي يمكن له كذلك توقيف سير المنشأة التي ينجم عنها أخطار أو أضرار تمس بالبيئة والغير واردة في قائمة المنشآت المصنفة، وذلك في حالة عدم إستجابة مستغلها للإعذار الموجه من طرف الوالي لإتخاذ التدابير الضرورية لإزالة تلك الأخطار أو الأضرار .
أما في مجال تسيير النفايات فإن الوالي هو الذي يسلم رخصة إنجاز المنشأة المتخصصة في معالجة النفايات المنزلية وما شابهها .
أما في مجال حماية الموارد المائية ينص قانون 90/09 على أن الوالي يتولى إنجاز أشغال التهيئة والتطهير وتنقية مجاري المياه في حدود إقليم الولاية، لهذا فإن الوالي ملزم بإتخاذ كافة الإجراءات الخاصة بحماية الموارد المائية، لما لها من علاقة وثيقة بصحة المواطنين بغرض تفادي أخطار الأمراض المتنقلة.
ويتخذ الوالي كذلك كافة الإجراءات اللازمة للوقاية من الكوارث الطبيعية ، وبمقتضى هذه الصلاحيات يلتزم الوالي بضبط التدخلات والإسعافات في كل منطقة صناعية تقع في حدود الإقليم الجغرافي للولاية، كما يلزم بالسهر على تنفيذ التدابير والمعايير المحددة في مجال الوقاية من الأخطار.
وفي مجال التهيئة العمرانية، فإن الوالي هو الذي يسلم رخصة البناء الخاصة بالبنايات والمنشآت المنجزة لحساب الدولة والولاية وهياكلها العمومية .
الفرع الثاني: دور البلدية في مجال حماية البيئة
تعتبر البلدية المؤسسة الرئيسية في تطبيق تدابير حماية البيئة، وبما أن البلدية هي الهيكل المحلي الأساسي للتنظيم اللامركزي فإنه يقع عليها مهمة إنجاح كل سياسة وطنية في مجال البيئة.
وباستقراء أحكام قانون البلدية لسنة 1990 نص المشرع على مجموعة من الإختصاصات تتعلق بدور البلدية في حماية البيئة والمحافظة عليها من بينها:
– معالجة المياه القذرة والنفايات الجامدة الحضرية.
– مكافحة التلوث وحماية البيئة.
– توسيع وصيانة المساحات الخضراء وتحسين إطار الحياة .
أولا- إختصاصات رئيس المجلس الشعبي البلدي:
يتمتع رئيس المجلس الشعبي البلدي باختصاصات واسعة فيما يتعلق بحماية مجالات متعددة من البيئة، إذ نصت المادة 75 من قانون 90/09 على أنه يتولى رئيس المجلس الشعبي البلدي:
– المحافظة على النظام العام وسلامة الأشخاص والأملاك.
– المحافظة على حسن النظام في جميع الأماكن العمومية التي يجرى فيها تجمع الأشخاص.
– السهر على نظافة العمارات وسهولة السير في الشوارع والمساحات والطرق العمومية.
– إتخاذ الإحتياطات والتدابير الضرورية لمكافحة الأمراض المعدية والوقاية منها.
– السهر على النظافة للموارد الإستهلاكية المعروضة للبيع.
– السهر على إحترام المقاييس والتعليمات في مجال التعمير.
ثانيا- إختصاصات البلدية في حماية البيئة:
1- إختصاصات البلدية في ميدان النظافة العمومية:
تتولى البلدية في إطار اختصاصاتها التقليدية، والتي تتمثل في حفظ الصحة العمومية والنقاوة السهر على تنظيم المزابل وإحراق القمامة ومعالجتها واتخاذ كل الإجراءات الرامية إلى حفظ الصحة العمومية والتي تتخلص في:
– مكافحة الأمراض الوبائية والمعدية.
– القيام بعمليات التطهير.
– جمع القمامة بصفة منتظمة.
ونظراً لأهمية وخطورة النفايات الحضرية على البيئة والسكان نص المشرع في المادة 29 من قانون 01/19 على أنه ينشأ مخطط بلدي لتسيير النفايات المنزلية وما شبهها يغطي كافة إقليم البلدية.
كما نص المشرع صراحة على أن تسيير النفايات المنزلية تقع على عاتق مسؤولية البلدية ، التي تنظم في إقليمها خدمة عمومية غايتها تلبية الحاجات الجماعية لمواطنها في مجال جمع النفايات المنزلية وما شبهها ونقلها ومعالجتها عند الإقتضاء، وتتضمن هذه الخدمة العمومية ما يأتي:
– وضع نظام لفرز النفايات المنزلية وما شبهها بغرض تثمينها.
– تنظيم جمع النفايات الخاصة الناتجة بكميات قليلة عن الأشغال المنزلية والنفايات الضخمة وجثت الحيوانات ومنتوجات تنظيف الطرق العمومية والساحات والأسواق بشكل منفصل ونقلها ومعالجتها بطريقة ملائمة.
– وضع جهاز دائم لإعلام السكان وتحسيسهم بأثار النفايات المضرة بالصحة العمومية والبيئة.
– إتخاذ إجراءات تحفيزية بغرض تطوير وترقية نظام فرز النفايات المنزلية وما شابهها.
2- إختصاصات البلدية في ميدان التهيئة والتعمير:
لقد سبق الإشارة إلى الدور التي تلعبه البلدية في ميدان التهيئة والتعمير، وبالتالي فإذا كان إقليم البلدية يغطيها مخطط التوجيه للتهيئة والتعميرP.D.A.U ومخطط شغل الأراضي P.O.S فإن مسؤولية إتخاذ القرار في منح أو رفض تسليم رخصة البناء ترجع إلى رئيس البلدية، بحيث تتم دراسة الملف من قبل مصلحة التعمير على مستوى البلدية.
3- إختصاصات البلدية في مجال حماية الطبيعة والأثار:
باعتبار أن الطبيعة تراثاً وطنياً استراتيجيا، نص المشرع الجزائري على دور البلدية في مجال الطبيعة وخاصة في مجال حماية الغابات على ما يأتي:
– إنجاز وتطوير المساحات الخضراء داخل المراكز الحضرية.
– العمل على تهيئة غابات الترفيه قصد تحسين البيئة التي يعيش فيها المواطن.
– إنجاز برامج مكافحة الإنجراف والتصحر.
– القيام بأي عمل يرمي إلى حماية الغابات وتطوير الثروة الغابية والمجموعات النباتية الطبيعية وحماية الأراضي وكذلك النباتات.
و لهذا فتتولى البلدية في إطار حماية الثروة الغابية تطبيق التشريع الساري المفعول، وتنفيذ أعمال الوقاية ومكافحة الحرائق والأمراض وأسباب الإتلاف.
ونظراً لتوسع ظاهرة حرائق الغابات نص المشرع على أنه يجب على البلدية إتخاذ كل التدابير اللازمة للوقاية من أخطار الحريق الناجمة عن المزابل الواقعة داخل الأملاك الغابية الوطنية، ذلك أنه يمنع أي تفريغ للأوساخ والردوم داخل الأملاك الغابية التي من شأنها أن تسبب حرائق، إلا أنه يمكن الترخيص ببعض التفريغات من قبل البلدية، وذلك بعد إستشارة إدارة الغابات، كما أنه لا يجوز إقامة أي خيمة أو كوخ أو حظيرة داخل الأملاك الغابية وذلك حفاظا على الغابات من الحرائق والإتلاف.
المطلب الثالث: دور الجمعيات في حماية البيئة
يعد الحق في المشاركة le droit de participation والإنتماء الحر للجمعيات صورة من صور تدعيم الديمقراطية، تحرص الكثير من الحكومات على ضمانها، شريطة أن يكون الإنتماء حر وغير مقيد، ولقد نصت المادة 20 من إعلان حقوق الإنسان لعام 1948 ” أنه لكل شخص الحق في حرية الإشتراك في الإجتماعات والجمعيات السلمية” .
إلا أنه لم يكرس هذا الحق في الجزائر بصفة واضحة إلا بصدور قانون 90/31 المتعلق بالجمعيات، الذي عرف الجمعية بأنها إتفاقية يجتمع في إطارها أشخاص طبيعيون أو معنويون على أساس تعاقدي ولغرض غير مربح، يشتركون في تسخير معارفهم ووسائلهم لمدة محدودة أو غير محدودة من أجل ترقية الأنشطة ذات الطابع المهني والإجتماعي والعلمي والديني والتربوي والثقافي والرياضي.
تتأسس الجمعية بحضور 15 عضواً على الأقل في جمعية عامة تأسيسية، يتم من خلالها المصادقة على قانونها الأساسي، وبمجرد تأسيسها تكتسب الجمعية الشخصية المعنوية والأهلية المدنية ويمكنها حينئذ أن تمارس:
– حق التقاضي وأن تتأسس طرفاً مدنياً أمام المحاكم المختصة بسبب الوقائع التي لها علاقة بهدف الجمعية وتلحق ضرراً بمصالح أعضاءها الفردية أو الجماعية.
– التمثيل لدى السلطات العمومية.
– إبرام العقود والإتفاقات التي لها علاقة بهدفها.
– إقتناء الأملاك العقارية أو المنقولة مجاناً أو بمقابل لممارسة أنشطتها كما ينص عليها قانونها الأساسي.
ولقد أجاز قانون البيئة القديم لسنة 1983 إنشاء الجمعيات للمساهمة في حماية البيئة ، ولكن دون تبيان الدور الذي يمكن أن تلعبه وكيفيات تدخلها في هذا الميدان، كما أن هذا القانون لم يعطيها دوراً للتثقيف والتوعية البيئية التي تشكل الأرضية الحقيقية لديمقراطية بيئية منشودة.
لهذا فإنه لم يكن للجمعيات في ظل قانون البيئة القديم الدور المرجو منها في مجال حماية البيئة، كما أن القضاء من جهته لم يعترف للجمعيات بهذا الدور، ولعل أحسن مثال عن ذلك القرار الصادر عن مجلس قضاء عنابة-الغرفة المدنية- بتاريخ 25/12/1996 تحت رقم:1130/96 الفاصل في النزاع القائم بين جمعية حماية البيئة ومكافحة التلوث لولاية عنابة (مستأنفة) و بين مؤسسة اسميدال (مستأنف عليها)، والذي طلبت فيه الجمعية إبعاد خزان الأمونياك التابع لمؤسسة اسميدال الذي كان يفرز غازات سامة مضرة بالصحة مع دفع التعويضات.
فعلى مستوى المحكمة الإبتدائية (محكمة الحجار) رفضت الدعوى في الشكل لعدم توفر الصفة في الجمعية ولقد أيد المجلس القضائي هذا الحكم الذي إعتبر أن الجمعية غير حائزة لصفة التقاضي، مادام أن موضوع النزاع لا يدخل ضمن أهداف الجمعية ولا يلحق أي ضرر بأعضائها كما هو منصوص عليه بنص المادة 16 من قانون الجمعيات.
إلا أن المشرع وفي ظل قانون البيئة الجديد 03/10 قد دعم دور الجمعيات في حماية البيئة، إذ نص على دور الجمعيات في إبداء الرأي والمشاركة في جميع الأنشطة المتعلقة بحماية البيئة وتحسين الإطار المعيشي .
كما نص في مادته 36 على حق الجمعيات في رفع الدعاوى أمام الجهات القضائية المختصة عن كل مساس بالبيئة، وذلك حتى في الحالات التي لا تعني الأشخاص المنتسبين لها بإنتظام، وبالتالي يمكن القول أنه لو عرض النزاع المذكور سابقاً (قضية إسميدال) في ظل القانون الجديد، لا كان الفصل فيه يكون حتماً على وجه مخالف للحكم السابق، وذلك بسبب تقرير المشرع صراحةً على حق الجمعيات في رفع الدعاوى حتى في النزاعات التي لا تعني الأشخاص المنتسبين لها، بل ذهب المشرع إلى أبعد من ذلك عندما أقر في المادة 38 من نفس القانون على أنه يمكن للأشخاص الطبيعيين الذين تعرضوا لأضرار فردية تسبب فيها فعل الشخص نفسه أن يفوضوا جمعية معتمدة قانوناً لكي ترفع بإسمهما دعوى التعويض أمام القاضي العادي أو تتأسس طرفا مدنياً أمام القضاء الجزائي.
ولكن هذا التفويض يتطلب توفر جملة من الشروط وهي:
1- لابد أن يكون التفويض من طرف شخصان طبيعيان على الأقل.
2- تعرض الأشخاص الطبيعية لأضرار فردية تسبب فيها فعل الشخص نفسه والتي تشكل مخالفة للأحكام التشريعية المتعلقة بحماية البيئة.
3- أن يكون التفويض الذي يمنحه كل شخص معني كتابياً.
Michel prieur : « le développement du mouvement associatif en France : les associations de défense de l’environnement jouent un rôle essentiel à coté des pouvoirs publics en tant qu’acteurs de la participation, cette place des associations d’environnement comme interlocuteurs est reconnue dés le premier décret d’organisation des services du ministre chargé de l’environnement ( article 06 du décret 71/245, 02 avril 1971). »
الجزاءات الإدارية و دور القضاء في حماية البيئة
نتطرق في هذا الفصل إلى تحديد أهم الجزاءات الإدارية التي توقعها الإدارة على مخالفي الإجراءات الإدارية المتعلقة بحماية البيئة، ثم نتعرض إلى دور القضاء المدني والجزائي في ميدان الحفاظ على البيئة وحمايتها.
المبحث الأول: الجزاءات الإدارية المترتبة عن مخالفة الإجراءات
إن الوسائل التي تستعين بها الإدارة كجزاء لمخالفة إجراءات حماية البيئة كثيرة، وهي تختلف بإختلاف درجة المخالفة التي يرتكبها الأفراد، فقد تكون في شكل إخطار كمرحلة أولى من مراحل الجزاء الإداري، وقد تأتي في شكل إيقاف مؤقت للنشاط إلى غاية مطابقته للقواعد القانونية، وقد تكون العقوبة أشد وذلك عندما تلجأ الإدارة إلى سحب الترخيص نهائياً.
إضافة إلى كل هذه الوسائل فثمة وسيلة أخرى منحها المشرع للإدارة بما تتمتع به من إمتيازات السلطة العامة، وهي عبارة عن أسلوب جديد من الجزاء أدخله المشرع الجزائري بمقتضى قانون المالية لسنة 1992 وهو ما يعرف بالرسم على التلويث (مبدأ الملوث الدافع) Le principe du pollueur payeur.
المطلب الأول: الإخطار ووقف النشاط
نتطرق في هذا المطلب إلى الإخطار والوقف المؤقت للنشاط باعتبارهما من الإجراءات التمهيدية التي تقوم بها الإدارة، قبل أن تلجأ إلى العقوبات الأخرى والتي تعتبر أكثر خطورة.
الفرع الأول: الإخطار
يقصد بالإخطار كأسلوب من أساليب الجزاء الإداري تنبيه الإدارة المخالف لاتخاذ التدابير اللازمة لجعل نشاطه مطابقاً للمقاييس القانونية المعمول بها.
وفي الواقع نجد أن هذا الأسلوب ليس بمثابة جزاء حقيقي، وإنما هو تنبيه أو تذكير من الإدارة نحو المعني على أنه في حالة عدم إتخاذ المعالجة الكافية التي تجعل النشاط مطابقا للشروط القانونية فإنه سيخضع للجزاء المنصوص عنه قانوناً ، وعليه فإن الإخطار يعتبر مقدمة من مقدمات الجزاء القانوني.
و لعل أحسن مثال عن أسلوب الإخطار في قانون البيئة الجزائري 03/10 هو ما جاءت به المادة 25 منه على أنه يقوم الوالي بإعذار مستغل المنشأة الغير واردة في قائمة المنشآت المصنفة، والتي ينجم عنها أخطار أو أضرار تمس بالبيئة، ويحدد له أجلا لإتخاذ التدابير الضرورية لإزالة تلك الأخطار أو الأضرار.
كما نصت المادة 56 من نفس القانون على أنه: ” في حالة وقوع عطب أو حادث في المياه الخاضعة للقضاء الجزائري، لكل سفينة أو طائرة أو آلية أو قاعدة عائمة تنقل أو تحمل مواد ضارة أو خطيرة أو محروقات، من شأنها أن تشكل خطراً كبيراً لا يمكن دفعه، ومن طبيعته إلحاق الضرر بالساحل والمنافع المرتبطة به، يعذر صاحب السفينة أو الطائرة أو الآلية أو القاعدة العائمة بإتخاذ كل التدابير اللازمة لوضع حد لهذه الأخطار”.
ولقد نصت قوانين أخرى على هذا الأسلوب، منها قانون المياه الجديد 05/12 الذي جاء في مادته 87 على أنه تلغى الرخصة أو إمتياز استعمال الموارد المائية، بعد إعذار يوجه لصاحب الرخصة أو الإمتياز، في حالة عدم مراعاة الشروط و الإلتزامات المنصوص عليها قانوناً.
كذلك ما نصت عليه المادة 48 من قانون 01/19 على أنه:” عندما يشكل استغلال منشأة لمعالجة النفايات أخطاراً أو عواقب سلبية ذات خطورة على الصحة العمومية و/أو على البيئة، تأمر السلطة الإدارية المختصة المستغل باتخاذ الإجراءات الضرورية فورا لإصلاح هذه الأوضاع”.
الفرع الثاني: الوقف المؤقت للنشاط
ينصب الإيقاف غالباً على نشاط المؤسسات الصناعية، والوقف المؤقت هو عبارة عن تدبير تلجأ إليه الإدارة في حالة وقوع خطر بسبب مزاولة المشروعات الصناعية لنشاطاتها، والذي قد يؤدي إلى تلويث البيئة أو المساس بالصحة العمومية.
والمشرع الجزائري في غالب الأحيان يستعمل مصطلح ” الإيقاف” في حين أن المشرع المصري يستعمل مصطلح ” الغلق”، وقد ثار جدال فقهي بشأن الطبيعة القانونية للغلق كعقوبة، فهناك من يرى أن الغلق ليس بعقوبة وإنما هو مجرد تدبير من التدابير الإدارية، إلا أن هذا الرأي تعرض للنقد على أساس أن الغلق في القانون العام يجمع بين العقوبة الجزائية ومعنى التدبير الوقائي.
ومهما يكن الأمر فإن الغلق المقصود به هنا هو الوقف الإداري للنشاط، والذي هو عبارة عن إجراء يتخذ بمقتضى قرار إداري، وليس الوقف الذي يتم بمقتضى حكم قضائي .
وهناك تطبيقات عديدة لعقوبة الإيقاف الإداري أوردها المشرع الجزائري في قانون البيئة 03/10 والذي ينص على أنه إذا لم يمتثل مستغل المنشأة الغير واردة في قائمة المنشآت المصنفة للإعذار في الأجل المحدد يوقف سير المنشأة إلى حين تنفيذ الشروط المفروضة .
كما نص قانون المياه 05/12 على أنه يجب على الإدارة المكلفة بالموارد المائية أن تتخذ كل التدابير التنفيذية لتوقيف تفريغ الإفرازات أو رمي المواد الضارة عندما يهدد تلوث المياه الصحة العمومية، كما يجب عليها كذلك أن تأمر بتوقيف أشغال المنشأة المتسببة في ذلك إلى غاية زوال التلوث .
كما نصت المادة 212 من قانون المناجم 01/10 على أنه في حالة معاينة المخالفة، يمكن لرئيس الجهة القضائية الإدارية المختصة أن يأمر بتعليق أشغال البحث أو الإستغلال وهذا بناءاً على طلب السلطة الإدارية المؤهلة، كما يمكن للجهة القضائية أن تأمر في كل وقت برفع اليد عن التدابير المتخذة لتوقيف الأشغال أو الإبقاء عليها، وذلك بطلب من السلطة الإدارية المؤهلة أو من المالك أو من المستغل.
المطلب الثاني: سحب الترخيص
لقد سبق الإشارة إلى أن نظام الترخيص يعد من أهم وسائل الرقابة الإدارية، لما يحققه من حماية مسبقة على وقوع الإعتداء، ولهذا فسحبه يعتبر من أخطر الجزاءات الإدارية التي خولها المشرع للإدارة، والتي يمكن لها بمقتضاه تجريد المستغل الذي لم يجعل من نشاطه مطابقاً للمقاييس القانونية البيئية من الرخصة.
فالمشرع إذا كان قد أقر حق الأفراد في إقامة مشاريعهم وتنميتها، فإنه بالمقابل يوازن بين مقتضيات هذا الحق والمصلحة العامة للدولة، فإذا كان من حق الشخص إقامة مشروعه وتنميته، واستعمال مختلف الوسائل لإنجاحه، فإن ثمة ما يقابل هذا الحق من إلتزامات، تكمن في إحترام حقوق الأفراد الأخرين أو المواطنين في العيش في بيئة سليمة .
و لقد حدد بعض الفقهاء الحالات التي يمكن فيه للإدارة سحب الترخيص، وحصرها في:
1- إذا كان استمرار المشروع يؤدي إلى خطر يداهم النظام العام في أحد عناصره، إما بالصحة العمومية أو الأمن العام أو السكينة العمومية.
2- إذا لم يستوفي المشروع الشروط القانونية التي ألزم المشرع ضرورة توافرها.
3- إذا توقف العمل بالمشروع لأكثر من مدة معينة يحددها القانون.
4- إذا صدر حكم قضائي يقضي بغلق المشروع أو إزالته.
ومن تطبيقات السحب في التشريع الجزائري ما نص عليه المشرع في المادة 153 من قانون المناجم 01/10 على ما يلي: “يجب على صاحب السند المنجمي، وتحت طائلة التعليق المتبوع بسحب محتمل لسنده…أن يقوم بما يأتي:
– الشروع في الأشغال في مدة لا تتجاوز سنة واحدة بعد منح السند المنجمي ومتابعتها بصفة منتظمة.
– إنجاز البرنامج المقرر لأشغال التنقيب و الإستكشاف و الإستغلال حسب القواعد الفنية…”
كما نص قانون المياه 05/12 على أنه في حالة عدم مراعاة صاحب رخصة أو إمتياز إستعمال الموارد المائية للشروط والإلتزامات المنصوص عليها قانوناً، تلغى هذه الرخصة أو الإمتياز .
المطلب الثالث: العقوبة المالية
بعد التحول العميق الذي شهدته السياسة البيئية في الجزائر، جراء التغيير الجوهري للظروف على المستوى السياسي والتشريعي بظهور قوانين جديدة تتعلق بحماية البيئة، شرعت الجزائر وابتداءاً من التسعينات في وضع مجموعة من الرسوم، الغرض منها هو تحميل مسؤولية التلوث على أصحاب الأنشطة الملوثة وإشراكهم في تمويل التكاليف التي تستدعيها عملية حماية البيئة .
لذلك يجب التعرض إلى محتوى هذه الجباية و إلى مفهوم مبدأ الملوث الدافع.
الفرع الأول: محتوى الجباية البيئية
تتشكل هذه الجباية من عدة رسوم سماها المنشور الوزاري المشترك لسنة 2002 بالرسوم البيئية ، والتي شرعت الدولة في وضعها إبتداءاً من سنة 1992 بصفة تدريجية، وأهمها الرسم على النشاطات الملوثة أو الخطيرة على البيئة، كذا الرسم على الوقود، وتضاف إليها رسوم أخرى نص المشرع على تأسيسها حديثاً.
1- الرسم على النشاطات الملوثة أو الخطيرة على البيئة:
تم تأسيس هذا الرسم لأول مرة بموجب المادة 117 من قانون المالية لسنة 1992 والذي يفرض على النشاطات الملوثة أو الخطيرة على البيئة.
لكن مقدار هذا الرسم كان متواضعاً في بدايته، إذ كان يتراوح بين 750دج إلى 30.000دج وهذا حسب طبيعة النشاط ودرجة التلوث المنجر عنه .
لهذا قام المشرع ونظرا لتواضع أسعار هذا الرسم بمراجعتها بموجب المادة 54 من قانون المالية لسنة 2000 وتتوقف هذه الأسعار على عدة معايير منها التصنيف الذي جاء به المشرع في المرسوم التنفيذي 98/339 المتعلق بدراسات التأثير على البيئة، كما يتحدد السعر طبقاً لعدد العمال المشغلين بالمنشأة أو المؤسسة .
2- الرسم على الوقود: taxe sur les carburants
الرسم على الوقود رسم حديث العهد، تأسس بموجب المادة 38 من قانون المالية لسنة 2002 يتحدد تعريفته بدينار واحد عن كل لتر من البنزين الممتاز والعادي بالرصاص.
3- الرسوم البيئية الأخرى:
أ/ الرسم التكميلي على التلوث الجوي: taxe complémentaire sur la pollution atmosphérique الذي تم تأسيسه بموجب قانون المالية لسنة 2002.
ب/ الرسم التكميلي على المياه الملوثة:
عند إعدادها لقانون المالية لسنة 2003 بادرت الحكومة بإقتراح تأسيس رسم تكميلي على المياه المستخذمة الصناعية، ويتوقف مبلغ هذا الرسم على حجم المياه المدفقة والتلوث المترتب عن النشاط، عندما يتجاوز القيم المحددة في التنظيم الجاري به العمل.
ج/ الرسم التحفيزي للتشجيع على عدم تخزين النفايات الصناعية الخاصة أو الخطيرة:
تأسس هذا الرسم بموجب المادة 203 من قانون المالية لسنة 2002 على النفايات الصناعية الخاصة أو الخطيرة المخزنة، يحدد مبلغه ب 10.500دج عن كل طن من النفايات المخزنة وتهدف هذه الجباية إلى حمل المؤسسات على عدم تخزين هذا النوع من النفايات، غير أن هذا الرسم غير قابل للتحصيل حينا بل أن جبايته مؤجلة، بحيث تمنح مهلة ثلاث سنوات لإنجاز منشآت إزالة هذه النفايات إبتداءاُ من تاريخ الإنطلاق في تنفيذ مشروع منشآت الإفراز.
الفرع الثاني: مبدأ الملوث الدافع
1-مفهوم مبدأ الملوث الدافع:
نص قانون البيئة 03/10 على مبدأ الملوث الدافع le principe du pollueur payeur ضمن المبادئ العامة لحماية البيئة، وعرفه على أنه :” تحمل كل شخص يتسبب نشاطه أو يمكن أن يتسبب في إلحاق الضرر بالبيئة، نفقات كل تدابير الوقاية من التلوث والتقليص منه وإعادة الأماكن وبيئتها إلى حالتهما الأصلية ” .
فالهدف الذي سعى إليه المشرع من وراء إدخاله لهذا المبدأ هو إلقاء عبء التكلفة الاجتماعية للتلوث على الذي يحدثه، فهو صورة من صور الضغط المالي على الملوث، ليمتنع عن تلويث البيئة أو على الأقل تقليص التلوث الناجم عن نشاطه الصناعي والبحث عن التكنولوجيات الأقل تلويث، وذلك بقصد التحكم أكثر في مصادر التلوث وتحسين مداخيل الرسم على النشاطات الملوثة .
ولقد تم تكريس هذا المبدأ بصفة فعلية ضمن المبدأ 16 من إعلان ريوRio لسنة 1992 ، كما أنه ظهر في القانون الفرنسي منذ سنة 1995 وهذا بموجب قانون 2 فيفري 1995 .
Michel prieur : « le principe pollueur payeur est devenu une règle de droit positif avec la loi du 2 février 1995, qui le définit comme un principe selon lequel les frais résultant des mesures de prévention, de réduction de la pollution et de lutte contre celle-ci doivent être supportés par le pollueur ».
ولعب الفقه دوراً كبيراً في ظهور هذا المبدأ، الذي أعطى له مفهوم سياسي واقتصادي، فعرف الفقه مبدأ الملوث الدافع على أنه:” مفهوم إقتصادي، والذي يعني أن السلع أو الخدمات المعروضة في السوق يجب أن تعكس كلفة المواد المستعملة، بما في ذلك الموارد البيئية، ذلك أن إلقاء نفايات ملوثة في الهواء أو المياه أو التربة هو نوع من استعمال هذه الموارد ضمن عوامل الإنتاج ويؤدي عدم دفع ثمن استخدام هذه الموارد البيئية التي تدخل ضمن عوامل الإنتاج إلى هدرها وتحطيمها والقضاء عليها” لذلك يعتبر الإقتصاديون أن سبب تدهور البيئة يعود إلى هذه المجانية في استخدام الموارد البيئية .
كما ينطوي مبدأ الملوث الدافع على مفهوم سياسي:” يتمثل في إرادة السلطات العامة في توفير الأعباء المالية المتعلقة بإتقاء التلوث ومكافحته عن الخزينة العامة، وتحميلها بصورة مباشرة للمتسببين في التلوث” .
الفقيه بريور prieur يرى بأن مبدأ الملوث الدافع يهدف إلى تحميل الملوث التكلفة الاجتماعية للتلوث، الشيء الذي يؤدي إلى خلق مسؤولية عن الأضرار الإيكولوجية تغطي جميع أثار التلوث وأن تطور هذا المبدأ يؤدي إلى تبني المسؤولية الموضوعية في مجال حماية البيئة .
2-المجالات التي يشملها مبدأ الملوث الدافع:
مبدئيا يشمل مبدأ الملوث الدافع التعويض عن الأضرار المباشرة التي يتسبب فيها الملوث للبيئة أو نفقات الوقاية بالنسبة للنشاطات الخطرة أو الخاصة، وهو بذلك يشمل النشاطات الملوثة المستمرة أو الدورية، إلا أن هناك مجالات أخرى يشملها مبدأ الملوث الدافع طبقتها الدول الأوربية، و التي يمكن حصرها في:
أ/- اتساع مبدأ الملوث الدافع إلى الأضرار المتبقية dommage résiduel
لا يعني دفع الملوث للأقساط المحددة من خلال الرسوم بأنه قد أعفي من مسؤوليته عن الأضرار المتبقية، بل تبقى مسؤوليته قائمة في حالة عدم احترامه للمقاييس المحددة في التشريع والتنظيم الساري المفعول.
ب/ اتساع مبدأ الملوث الدافع إلى حالات التلوث عن طريق الحوادث:
تم إدراج حالات التلوث الناتجة عن الحوادث من قبل منظمة التعاون الأوربي O.C.D.E من خلال نصها على إلحاق تكلفة إجراءات الوقاية من حالات التلوث عن طريق الحوادث بمبدأ الملوث الدافع.
ويهدف هذا الإجراء إلى تخفيف أعباء الميزانية العامة من نفقات حوادث التلوث، مقابل تحملها من قبل صاحب المنشأة، وذلك حتى يبذل أصحاب هذه المنشآت الإحتياطات الضرورية لإتقاء الحوادث.
ج/ اتساعه إلى مجال التلوث الغير المشروع:
فإذا تجاوز أحد الملوثين العتبة المسموح بها للتلوث وسبب ضرراً للغير، فإنه يلزم بالتعويض ويلزم بدفع الغرامة .
المبحث الثاني: دور القضاء المدني في حماية البيئة
يتمثل الجزاء المدني في التعويض عن الأضرار التي تمس بالبيئة، إلا أن هذا الضرر له خصائص معينة مما يجعله يختلف عن الضرر المنصوص عنه في القواعد العامة، وهنا تبدو مهمة القضاء صعبة من حيث كيفية تطبيق القواعد العامة للمسؤولية المدنية عن الضرر البيئي.
فإذا كانت هناك بعض الصعوبات في تحديد ورسم الإطار القانوني لأركان المسؤولية المدنية بوجه عام، كتحديد المراد بالخطأ، وأنواعه وحالات انتقائه، وتحديد المفهوم الدقيق للضرر، وشروطه وأنواعه، وبيان معنى العلاقة السببية، وتمييزها عن الخطأ، وعوارضها، وتعدد الأسباب وتسلسل الأضرار، إلا أن تلك الصعوبات تأخذ مدى وطبيعة ذاتية في خصوص المسؤولية عن الأضرار البيئية.
هذا ما يؤدي إلى وجود عقبة في سبيل حصول المضرور من التلوث البيئة أو غيره من مظاهر التعدي على البيئة، على التعويض اللازم لجبر الضرر .
لهذا نتطرق في هذا المبحث إلى الأساس التي تقوم عليه المسؤولية المدنية عن الأضرار البيئية، وفي مطلب ثاني إلى خصائص هذا الضرر البيئي، ثم نتعرض في مطلب ثالث إلى أنواع الجزاء البيئي.
المطلب الأول: أساس المسؤولية المدنية عن الأضرار البيئية
بالرجوع إلى نصوص القانون المدني الجزائري، فإننا لا نجد قواعد خاصة لتنظيم المسؤولية المدنية عن الأضرار البيئية، وكذلك الأمر بالنسبة لقانون البيئة 03/10 والقوانين الخاصة الأخرى، ولهذا لابد الرجوع للقواعد العامة للمسؤولية المدنية في القانون المدني.
والملاحظ أن نظرية الحق في القانون المدني، وخصوصا فيما يتعلق بالحقوق المالية، لا تثبت إلا للشخص الطبيعي أو المعنوي، وبالتالي فإن الأشجار والحيوانات والكائنات الحية وغيرها من الأجناس طبقا لنص القانون المدني، ليس لها شخصية قانونية تجعلها صاحبة حق، ولو افترضنا وجود هذا الحق، فإنها لا تستطيع ممارسته من خلال رفع الدعوى والمطالبة بحماية القضاء.
أمام هذه الإشكالية، لجأ المشرع الجزائري بمقتضى قانون 03/10 إلى السماح لجمعيات المعتمدة قانونا، برفع الدعاوى أما الجهات القضائية المختصة عن كل مساس بالبيئة، حتى في الحالات التي لا تعني الأشخاص المنتسبين لها بإنتظام، كما يمكن للأشخاص الطبيعين المتضررين تفويض هذه الجمعيات من أجل أن ترفع باسمهم دعوى التعويض.
ولقد خول المرسوم التنفيذي 98/276 مفتشي البيئة للولايات تمثيل الإدارة المكلفة بالبيئة أمام العدالة، بحيث سمح لهم برفع الدعاوى القضائية دون أن يكون لهم تفويض خاص لذلك .
لكن تبقى الإشكالية مطروحة في تحديد أساس المسؤولية المدنية عن الأضرار البيئية، ذلك أن تحديد أساس هذه المسؤولية تكتسي أهمية بالغة، فإلى جانب الأشكال المتعارف عليها في مجال المسؤولية المدنية، وأمام استفحال الأضرار البيئية، واتخاذها لأشكال جديدة لم تكن لتعرف من قبل، ولصعوبة تحديد المتضرر المباشر من الانتهاكات البيئية، وقع جدال فقهي حول أساس هذه المسؤولية.
فهناك جانب من الفقه نادى بتطبيق النظرية التقليدية للمسؤولية المدنية، والتي يكون فيها الخطأ هو قوام المسؤولية التقصيرية، ويتمثل هذا الخطأ في الإخلال بإلتزام قانوني مقرر بمقتضى القوانين واللوائح، والخطأ يكون أيضا قوام المسؤولية العقدية على أساس أنه إخلال بالتزام تعاقدي .
إلا أن ظاهرة تلوث البيئة والأشكال المختلفة التي يتم بها هذا التلوث، حالت دون تطبيق المبادئ التقليدية للمسؤولية المدنية في الصور المعروفة، مما دفع بالفقه إلى إقرار بعدم كفاية تقنيات المسؤولية التقصيرية في شكلها التقليدي، و ضرورة الخروج عنها في بعض الأحيان أو البحث عن سبل تطوير أحكامها وقواعدها بما يضمن مواجهة فعالة في مجال حماية البيئة.
و كنتيجة لذلك تم الإعتماد على نظرية الإلتزام بحسن الجوار أو تحمل الأضرار المألوفة للجوار، وكذا نظرية عدم التعسف في استعمال الحق.
إن نفس الإعتبارات أدت إلى تطبيق تقنيات قانونية أخرى لترتيب المسؤولية في مجال حماية البيئة، منها على سبيل المثال: المسؤولية عن فعل الغير، والمسؤولية عن فعل الأشياء والمسؤولية عن الأنشطة الخطرة وهي جميعها تقوم على أساس و جود مسؤولية مفترضة بحكم القانون .
إن صعوبة تقرير المسؤولية في مجال حماية البيئة لم تظهر على الصعيد الداخلي فقط، بل ظهرت أيضا على الصعيد الدولي، حيث حرصت الإتفاقيات الدولية المختلفة، مثل اتفاقية بروكسال لسنة 1962 المنظمة للمسؤولية المدنية لمستخدمي ” السفن الذرية”على الإبتعاد عن الخطأ كأساس لترتيب المسؤولية، وأكدت على أن الكوارث الطبيعية ليست سببا للإعفاء من مسؤولية التلوث البيئي، واقتصرت بالقول أن المسؤولية في هذه الحالة تكون “مسؤولية قضائية” بالنظر لصعوبة وضع تعريف جامع للتلوث، وقد سار الإتجاه إلى وضع تعريف للتلوث لا يأخذ بعين الإعتبار خطأ الإنسان أو نشاطه، فعد التلوث كل ما من شأنه أن ينال من التوازن البيئي حتى وإن لم يكن بإرادة الإنسان أو بخطئه، وفي نفس السياق سار الإتجاه على اعتبار الضرر البيئي الحال والمستقبلي كذلك موجبا للتعويض.
بل هناك بعض الفقهاء من ذهب إلى أبعد من ذلك، معتبرا أن المتضرر هو الذي له الحق في إختيار أساس المسؤولية عن الضرر البيئي، إما أن تقوم على أساس الخطأ، أو على أساس نظرية حسن الجوار أو المسؤولية
عن فعل الأشياء .
ونتيجة لهذه التطورات بدى للفقه أن هناك مجال لتطبيق نظريتين:
الأولى: وهي نظرية التعسف في استعمال الحق.
والثانية: وهي نظرية المخاطر، والتي تقوم على أساس كفاية تحقق الضرر دون النظر إلى الخطأ ويعبر عنها أيضا بنظرية تحميل التبعة أو “الغرم بالغنم”، وهي التي كانت وراء ظهور مبدأ “من يلوث فعليه الإصلاح” و”مبدأ الملوث الدافع”.
وفي النهاية نخلص إلى القول أنه من الصعب تحديد أساس المسؤولية المدنية عن الضرر البيئي، لكونه ما زال محل خلافات فقهية، إذ لم تحسم بعد هذه المسألة، وهذا كله راجع للطبيعة الخاصة التي يتسم بها هذا الضرر البيئي.
ومهما يكن فإن تقرير المسؤولية يؤدي إلى منح التعويضات المالية، والتي لا تلقى ترحيباً واسعاً في مجال حماية البيئة، لأن خير تعويض في هذا المجال هو إعادة التوازن البيئي .
المطلب الثاني: خصائص الضرر البيئي
يعد الضرر طبقا للقواعد العامة من الشروط الرئيسية لقيام المسؤولية المدنية، فمجرد توفر الخطأ وحده غير كافي للرجوع على مرتكب الفعل بالتعويض، فلابد من أن ينتج عن الفعل ضرر حتى تقوم المسؤولية المدنية، وهذا ما نجده في نص المادة 124 من القانون المدني التي تنص: ” كل فعل أيا كان يرتكبه الشخص بخطئه، ويسبب ضررا للغير يلزم من كان سببا في حدوثه بالتعويض” .
وهنالك شروط يجب تحققها في الضرر حتى يمكن تعويضه، فلابد من أن يكزن الضرر محقق أو مؤكد الوقوع، أي أن لا يكون محتملاً.
كما يجب أن يكون الضرر شخصيّا ومباشرّا، فالمتضرر وحده الذي يحق له المطالبة بالتعويض عن الضرر ولا يستطيع أحد غيره المطالبة به ورفع دعوى المسؤولية المدنية.
ويجب أخيراّ أن يصيب الضرر مصلحة مشروعة يحميها القانون، فحتى يكون الضرر قابل للتعويض لابد أن يمس حقا مكتسبا يحميه القانون، ولا يكفي أن تكون للمتضرر مصلحة أدى الفعل الضار إلى المساس بها فحسب، وإنما يجب أن تكون هذه المصلحة مشروعة.
إلا أن فقهاء قانون البيئة توصلوا إلى أن الضرر البيئي له خصائص معينة، يجعله يختلف عن الضرر المنصوص عنه في القواعد العامة للمسؤولية المدنية، وذلك بسبب أن هذا الضرر غير قابل للإصلاح، وأنه ناتج عن التطور التكنولوجي .
وتتمثل هذه الخصائص في كونه ضرر غير شخصي من جهة، وهو ضرر غير مباشر من جهة أخرى بالإضافة إلى ذلك فهو صنف جديد من أصناف الضرر.
الفرع الأول: الضرر البيئي ضرر غير شخصي
ويقصد بذلك أن الضرر يتعلق بالمساس بشيء لا يملكه شخص معين، وإنما مستعمل من قبل الجميع دون استثناء، وعليه فلسنا بصدد المساس بمصلحة شخصية، فمن يقم بطرح النفايات داخل الأماكن السياحية، لا يسبب ضرراً مباشراً لشخص بعينه، وإن كان قد خالف القانون برميه النفايات في هذه الأماكن.
هذه الخاصية المميزة هي التي جعلت أغلب تشريعات الدول تعطي للجمعيات البيئية حق التمثيل القانوني للحد من الاعتداءات على البيئة، لأن الإعتداء على هذه الأخيرة يعتبر مساساّ بالمصلحة العامة، وهو الإتجاه الذي أخذ به المشرع الجزائري، إذ سمح للجمعيات أن ترفع دعاوى المسؤولية المدنية للمطالبة بالتعويض عن كل مساس بالبيئة.
الفرع الثاني: الضرر البيئي ضرر غير مباشر dommages indirects
أي أنه ضرر لا يصيب الإنسان أو الأموال مباشرة، وإنما يصيب مكونات البيئة كالتربة أو الماء أو الهواء.
ويعرف الأستاذ descpax الضرر الغير مباشر على أنه الضرر الذي يحل بالوسط الطبيعي ولا يمكن إصلاحه عن طريق الترميم أو إزالته، مما يجعل تطبيق القواعد العامة للمسؤولية المدنية صعبا لا سيما في حالة الضرر الذي يمس بالموارد المائية.
كل هذا جعل القضاء يتردد كثيرا، بل يرفض غالبا الحكم بالتعويض، ويؤكد موقفه بإعتبار أن تلك الأضرار البيئية أضرار غير مرئية، و يصعب إن لم يكن مستحيلاّ تقديرها.
ونشير في هذا المجال إلى موقف مجلس الدولة الفرنسي في حكم له أين رفض اعتبار الأضرار البيئية بمثابة أضرار مباشرة في قضية saint quentin.
الفرع الثالث: الضرر البيئي صنف جديد من أصناف الضرر
إن الضرر البيئي له طبيعة خاصة، وذلك باعتباره أنه يمس بالأوساط الطبيعية سواء ما يتعلق منها بالأوساط المستقبلة أو الفصائل الحيوانية.
ففي حالة إتلاف فصيلة حيوانية أو نباتية، فإن الضرر له طبيعة مزدوجة، تكمن في إتلاف هذه الفصيلة بحد ذاتها من جهة، ومن جهة أخرى فيه تهديد للتنوع البيولوجي، باعتباره يساهم في عملية انقراض مثل هذا النوع.
المطلب الثالث: أثار قيام المسؤولية المدنية
إذا تحقق الضرر يثبت حق المتضرر في التعويض، وكما سبق و أن أشرنا فالتعويض لا يلقى ترحيباّ كبيراّ في مجال الأضرار البيئية، ذلك أن الهدف هو ليس جبر الضرر عن طريق التعويض، وإنما هو الحد من الانتهاكات البيئية.
ومهما يكن الأمر فالتعويض هو الأثر الذي يترتب على تحقق المسؤولية، ومتى تحقق ذلك كان للمتضرر الحق في رفع دعوى للمطالبة به.
والتعويض طبقا للقواعد العامة للمسؤولية المدنية هو على نوعين: فقد يكون عيناً أو نقداً، إلا أنه أعطي للقاضي السلطة التقديرية في تحديد طريقة التعويض، تبعا لطبيعة الضرر وظروف القضية، فهناك أضرار تمكن المتضرر من طلب إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل وقوع الضرر وعلى المحكمة في هذه الحالة الحكم بهذا الشكل من أشكال التعويض و هو ما يسمى بالتعويض العيني.
وفي أحيان أخرى يكون إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل وقوع الضرر أمراً مستحيلاً، وفي مثل هذه الحالة يتم جبر الضرر بالنقود وهو ما يسمى بالتعويض النقدي.
الفرع الأول: التعويض العيني
يقصد بالتعويض العيني الحكم بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل وقوع الضرر، وهذا النوع من التعويض هو الأفضل خصوصاً في مجال الأضرار البيئية، لأنه يؤدي إلى محو الضرر تماما وذلك بإلزام المتسبب فيه بإزالته، وعلى نفقته خلال مدة معينة.
ولقد نص القانون المدني الجزائري على هذا النوع من التعويض في المادة 164 من القانون المدني التي تنص:” يجبر المدين بعد إعذاره طبقا للمادتين 180 و181 على تنفيذ التزامه تنفيذا عينياً، متى كان ذلك ممكناً”.
إلا أنه ما يلاحظ أن المشرع الجزائري وفي قانون البيئة، نجده قد اعتبر أن نظام إرجاع الحال إلى ما قبل مرتبط بالعقوبة الجزائية، و هوما نصت عليه مثلا المادة 102 من قانون البيئة 03/10 التي جاء فيها:” يعاقب بالحبس لمدة سنة واحدة وبغرامة قدرها خمسمائة ألف دينار (500.000دج) كل من استغل منشأة دون الحصول على الترخيص…كما يجوز للمحكمة الأمر بإرجاع الأماكن إلى حالتها الأصلية في أجل تحدده”.
وهذا على عكس المشرع الفرنسي الذي اعتبر نظام إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه من قبل عقوبة ينطق بها القاضي المدني أو القاضي الجزائي.
لكن من جهة أخرى ومادام أن المشرع الجزائري لم يضع قواعد خاصة لتنظيم المسؤولية المدنية عن الأضرار البيئية، فإنه يجب على القاضي المدني في هذه الحالة الرجوع إلى القواعد العامة للمسؤولية المدنية ومن ثمة يمكن له الأمر بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه من قبل في كل الأحوال الذي يكون ذلك ممكنا.
الفرع الثاني: التعويض النقدي
يتمثل التعويض النقدي في الحكم للمتضرر بمبلغ من النقود نتيجة ما أصابه من ضرر ، حيث تحدد المحكمة آلية الدفع، ويلجأ القاضي إلى التعويض النقدي خصوصا في مجال الأضرار البيئية في الحالات التي لا يمكن إعادة الحال إلى ما كان عليه من قبل، كون أن الضرر يكون نهائياً لا يمكن إصلاحه، كأن ترتطم ناقلة نفط في مياه البحر فتؤدي إلى القضاء على كل الكائنات البحرية، ففي مثل هذه الحالة يصعب إعادة الحال إلى ما كان عليه من قبل وقوع الضرر.
ومن الناحية العملية، قد يكون العامل الإقتصادي هو السبب في إختيار القاضي لطريقة التعويض النقدي عن الضرر البيئي، بسبب التكلفة الباهضة التي قد تتطلبها طريقة التعويض العيني، حيث يمتنع قضاء كثير من الدول الحكم بالتعويض العيني بسبب الأثار الإقتصادية التي قد تترتب على إتباع هذا الأسلوب، إضافة إلى إختلافها مع التوجهات نحو تشجيع الإستثمار.
ومن أمثلة ذلك: التلوث الناجم عن مصانع الفوسفات بسبب تطاير الغبار والغازات السامة، فقد يكتفي القاضي بالتعويض النقدي لأن الشركة قادرة على دفع النقود، وقد يقرر القاضي إلزام الشركة بتركيب مصافي
(Les filtres)، إلا أنه لا يستطيع الحكم بإزالة المصنع لأنها تعد رافداً اقتصاديا هاماً لخزينة الدولة.
وطبقا للقواعد العامة يشمل تقدير التعويض على عنصرين: هما الخسارة التي لحقت بالمتضرر والكسب الذي فاته، ولا يدخل في تقدير التعويض أن يكون الضرر متوقعا أو غير متوقع، ففي المسؤولية التقصيرية يشمل التعويض كل ضرر متوقعاً كان أو غير متوقع.
ولقد أخذ المشرع الجزائري بمبدأ التعويض الكامل للضرر، والذي يعني أن التعويض يجب أن يغطي كل الضرر الذي أصاب المتضرر، والذي يغطي كافة الأضرار المادية والمعنوية.
المطلب الرابع: تطبيقات المسؤولية المدنية أمام القضاء الجزائري والفرنسي
الواقع أن القضايا الخاصة بحماية البيئة في القضاء الجزائري قليلة جداً، وهذا راجع لعدة أسباب سواءاً لإنعدام تكوين و تخصص القضاة في المنازعات البيئيةن لكونها منازعات ذات طابع تقني متشعب، تحتاج إلى خبرة المختصين الذين يستعين بهم القاضي للفصل في النزاع.
ففي القضاء الإداري وفي مجال دعوى الإلغاء، التي يقوم فيها القاضي برقابة مشروعية القرار الذي اتخذته الإدارة بصفة إنفرادية، نجد بعض القضايا خصوصاً في رقابة القاضي على تسليم رخصة البناء في مجال التهيئة والتعمير، و نشير في هذا الصدد إلى قرار المحكمة العليا القاضي بضرورة فحص ومعاينة البناء الذي من شأنه أن يلحق خطورة بالصحة العامة أو الأمن العام لرفض إعطاء رخصة البناء .
أما في مجال المسؤولية الإدارية أو القضاء الكامل، نشير إلى قرار المحكمة العليا القاضي بأنه إذا لم تتخذ السلطات العمومية أي إجراء وقائي لضمان الأمن حول الأماكن التي تسبب أضراراً، فإنها تكون مسؤولة عن التعويض، وذلك في قضية تتلخص وقائعها في سقوط طفلين في بركة مملوءة بمياه قذرة تسببت في وفاتهما وأثبت محضر المعاينة أن السلطات العمومية المتمثلة في رئيس المجلس الشعبي البلدي لم يتخذ أي إجراء وقائي لضمان الأمن حول هذه البركة خاصة وأنه شيدت بنايات بقربها .
أما القضاء الفرنسي نجد فيه الكثير من الأحكام سواء في مجال الإلغاء أو المسؤولية الإدارية.
فبالنسبة لقضاء الإلغاء تشير بعض الأحكام أن القضاء الفرنسي يراقب مدى مشروعية وسائل الضبط الإداري الممارسة من قبل الإدارة في ميدان حماية البيئة بغرض التوفيق بين أهمية هذه الوسائل ومقتضيات حماية الحقوق والحريات الأساسية للأفراد، ومن هذه الأحكام التي قررها القضاء الإداري الفرنسي نذكر:
– قرار مجلس الدولة الفرنسي الذي أيد فيه حكم المحكمة الإبتدائية لفرساي الصادر في 17/12/1975 التي ألغت بموجبه قرار رئيس البلدية الذي رفض فيه تسليم رخصة إقامة سياج في منطقة ريفية autorisation de stationnement بحجة أن البناية مخصصة للإستغلال الفلاحي وعليه فهناك اعتداء على الأراضي الفلاحية(قضية époux jobuld) .
– بل أن المحكمة الإدارية لكون tribunal administratif de cæn اعتبرت أن قرار رئيس البلدية مسبب تسبيباً كافياً، عندما استند إلى مخاطر التلوث المنصوص عنها في المادة 541 فقرة 2و3 من قانون البيئة، وذلك من أجل إعذار المدعية في قضية le sictom de loir beconnais et ses environs للتخلص في أجل شهرين من البطاريات الموجودة في مصنع l’usine zimaval technologique بمؤسسة مرخصة لذلك .
ولقد جاء في حكم المحكمة:
« considérant que la décision attaquée, qui énoncé les considérations de fait et de droit sur le fondement desquelles elle a été prise, est, contrairement aux affirmations du requérrant, suffisamment motivée. »
– كما أن مجلس الدولة الفرنسي ألغى قرار صادر عن وزارة الداخلية الذي يسمح بقيام بملعب للسيارات circuit de vitesse d’alés(gard) معتبراً أنه يشكل خطراً على الجوار لما يسببه من أضرار سمعية .
أما بالنسبة لأحكام القضاء الإداري الفرنسي فيما يخص المسؤولية الإدارية نذكر:
– حكم محكمة بوردو في 25 فيفري 1993 و الذي يقضي بمسؤولية البلدية عن الأضرار التي تسببت في تلويث المياه بسبب النفايات الناجمة عن نشاط المنشأة المصنفة والتي أسست المسؤولية نتيجة الخطأ المتمثل في إهمال رئيس البلدية لإتخاذ الإجراءات الكفيلة للوقاية من هذه الأخطار .
– كما أن مجلس الدولة اعتبر أن رئيس البلدية و نظرا للصلاحيات التي يتمتع بها في مجال تهيئة الإقليم وحماية الساحل والسهر على تطبيق التنظيم المتعلق بعمليات التعمير، وأن الإخلال بهذه الصلاحيات يؤدي إلى قيام مسؤولية الدولة على أساس الخطأ في ممارسة الصلاحيات، والذي لا يستوجب أن يكون خطأ جسيماً .
ولكن هذا لا يعني أن القضاء الفرنسي قد إعترف دائما بمسؤولية الدولة عن الأخطار البيئية، فنجده قد اعتبر أن خط القطار السريع TGV لا يشكل خطر غير عادي وخاص على الجوار كونه لا يؤدي إلى التسبب في أضرار سمعية ومن ثمة رفض تعويض الفنادق والمطاعم المجاورة لمحطة القطار .
المبحث الثالث: دور القضاء الجزائي في حماية البيئة
يتمثل الجزاء الجنائي في توقيع العقوبة على الجانح البيئي، وتتفق الجريمة البيئية مع باقي الجرائم في ضرورة توفر أركانها والمتمثلة في الركن الشرعي، الركن المادي والركن المعنوي.
كما أنه وبالنظر إلى طبيعة الجريمة البيئية فلقد خولت القوانين الخاصة لبعض الجهات تحريك الدعوى العمومية، وذلك بجانب الشرطة القضائية، أما العقوبات فنجدها مبعثرة في عدة قوانين.
المطلب الأول: أركان الجريمة البيئية
نتطرق في هذا المطلب إلى تحديد أركان الجريمة البيئية والتي تتمثل في الركن الشرعي، المادي والمعنوي مع تبيان خصوصيات الجرائم البيئية، التي تختلف نوعاً ما عن الجرائم العادية.
الفرع الأول: الركن الشرعي للجريمة البيئية
إن الشرعية الجنائية تقتضي وجوب وجود نصوص قانونية سابقة لفعل الاعتداء بحيث يكون هذا الأخير معرفا فيها بشكل واضح، وهذا إقراراً لأهم مبادئ القانون الجنائي ألا وهو مبدأ شرعية الجريمة والعقوبة، الذي يقتضي أن يكون النص الجنائي المجرم للإعتداء على البيئة مبينا بصورة واضحة ودقيقة، بحيث تسهل مهمة القاضي الجزائي في استيعابه بسرعة نوع الجريمة والعقوبة المقررة لها، الأمر الذي سيضمن تحقيق فعالية أكبر أثناء تطبيقه، إلا أننا نجد هذا الأمر مستبعدا في التشريع الجنائي البيئي لحد كبير، بل إن ذات التشريع أصبح يشكل في حد ذاته عائقا نحو تفعيله نتيجة كثرة التشريعات في هذا المجال، ورغم هذا الثراء في التشريع فإنه يقابله فقر في التطبيق والذي يرجع أساسا إلى قلة التكوين العلمي والقانوني المتخصص لأعوان الرقابة، إلى جانب الطابع التقني الغالب على القانون البيئي في حد ذاته، كما أن إشكالية التطبيق الزماني والمكاني للنص البيئي تبرز هنا بشكل واضح، إن هذه الصعوبات هي في حقيقة الأمر انعكاس لخصوصية البيئة ومشاكلها فلقد تطرح إشكالية وجود النص الجزائي بشكل سابق عن الفعل الجانح، فهل غياب هذا النص يعني إباحة الفعل الضار؟
إن إقرار المشرع الجزائري لمبدأ الحيطة le principe de prévention والذي يقتضي توفير الحماية الجنائية للبيئة بصفة مسبقة عن وقوع الضرر البيئي بالرغم من غياب النص الجزائي، يجعل من مفهوم مبدأ شرعية التجريم يعرف توسعا في هذا المجال، لاسيما عند وجود احتمال بالخطر، بل عن وقوع هذا الضرر البيئي والذي غالبا ما يكون ضررا مستمرا يجعل من النص الجنائي البيئي الصادر في المستقبل يسري بأثر رجعي وهذا لقمع الإعتداء على البيئة من جهة، وعدم تمكين الجانح من الإفلات من العقاب من جهة أخرى.
إن هذا الأمر يمس بركن هام من أركان القانون الجنائي، لذا لابد من قصره على الجرائم البيئية أو تلك الجرائم البيئية الخطيرة، والتي يكون الهدف من تطبيق النص الجنائي هو متابعة الجانح والحصول على تعويض منه عن الأضرار التي ألحقها بالبيئة .
الفرع الثاني: الركن المادي للجريمة البيئية
يعد الركن المادي لأي جريمة بمثابة عمودها الفقري الذي لا تتحقق إلا به بحيث يشكل مظهرها الخارجي فالقانون الجنائي لا يعاقب على مجرد التفكير في الجريمة أو مجرد الدوافع وإنما يلزم أن تظهر تلك النزعات والعوامل في صورة واقعة مادية هي الواقعة الإجرامية.
فالركن المادي يعد أهم أركان الجريمة البيئية التي تتميز بضعف ركنها المعنوي، فطبيعة النصوص البيئية التنظيمية تجعل من مجرد الامتناع عن تنفيذ أحكامها جريمة قائمة في حد ذاتها إنها جرائم بيئية بالإمتناع، أو قد تكون أحيانا عبارة عن جرائم بيئية بالنتيجة.
أولا/ الجرائم البيئية بالإمتناع عن تطبيق النصوص التنظيمية:
تشغل النصوص التنظيمية الحيز الأكبر للتشريع البيئي، وهي تعتبر أداة فعالة لمواجهة الجنوح البيئية من خلال الأجهزة المكلفة بتطبيقها، فمخالفة هذه التنظيمات تشكل جرائم بيئية، إنها الجرائم البيئية الشكلية بالإمتناع أو قد تنتج عن سلوك للمخالف يمتنع فيه إيجابيا عن تطبيق ذلك التنظيم إنها الجرائم البيئية الإيجابية بالامتناع.
أ/ الجرائم البيئية الشكلية: يتمثل السلوك الإجرامي في هذا النوع من الجرائم في عدم إحترام الالتزامات الإدارية أو المدنية أو الأحكام التقنية والتنظيمية، كغياب ترخيص أو القيام بنشاط غير موافق للأنظمة، وهذا بغض النظر عن حدوث ضرر بيئي فهي عبارة عن جرائم شكلية لا يشترط فيها وقوع نتيجة، فتجريم هذا النوع من السلوك أثر وقائي بحيث يسمح بحماية البيئة قبل حدوث الضرر أو على الأقل التخفيف منه إلا أنه بالمقابل قد يطرح إشكالاً بالنسبة لرجل القانون من أجل فهم تلك الجرائم والتي تعد عبارة عن جرائم علمية ولكن بثوب قانوني مادام أن الحدود التي لا يجب تجاوزها هي عبارة عن مواصفات تقنية يصعب عليه إدراكها.
ب/ الجرائم البيئية الإيجابية بالإمتناع: إذا كانت الجرائم الشكلية تقع بمجرد عدم تطبيق المواصفات التقنية الواردة في النص البيئي، فإن الجرائم البيئية الإيجابية بالإمتناع تقع نتيجة سلوك سلبي من الجانح ينصب على مخالفة التنظيم البيئي المعمول به، أي أن الفرق يكون في صفة تصرف الجانح هل كان جامدا أم متحركا؟
وعلى هذا الأساس نكون أمام جريمة بيئية إيجابية بالإمتناع عند عدم تطبيق النص البيئي المعمول به، بغض النظر عن تحقق نتيجة عن ذلك، فإنبعاث غازات من مصنع بقدر يتجاوز فيه الحدود المسموح بها نتيجة الإمتناع عن وضع آلات التصفية يشكل جريمة إيجابية بالإمتناع، أما مجرد عدم وضع آلات للتصفية بالمواصفات المحددة قانونا يشكل جريمة شكلية بالامتناع وهذا حتى و لو لم يحدث انبعاث لغازات ملوثة.
ثانيا/الجرائم البيئية بالنتيجة:
بخلاف جرائم الامتناع لا تقع الجرائم البيئية بالنتيجة إلا بوجود اعتداء مادي على إحدى المجالات البيئية سواء كان ذلك بصفة مباشرة أو غير مباشرة، والمجال الخصب لهذا النوع من الجرائم هو الاعتداء المادي على الثروة الحيوانية والنباتية والثروة البحرية .
كما أنه يشترط لقيام الجريمة البيئية وجود علاقة سببية بين الفعل الجانح والضرر البيئي، فإن توافرها أمر ضروري لمتابعة الجانح عن أفعاله .
الفرع الثالث: الركن المعنوي للجريمة البيئية
يعد الركن المعنوي من أهم أركان أي جريمة والذي يتمثل في نية وإرادة الجاني في ارتكاب الفعل مع علمه بأركان الجريمة، إلا أن أغلب النصوص البيئية لا نجدها تشير إليه مما يجعل أغلب الجرائم البيئية جرائم مادية تستخلص المحاكم الركن المعنوي فيها من السلوك المادي نفسه، وتكتفي النيابة العامة بإثبات الركن الشرعي والمادي للجريمة لينجم عن ذلك قيام مسؤولية المتهم، فلقد تم تمديد قاعدة عدم ضرورة إثبات وجود الخطأ الجنائي من مادة المخالفات، والتي تعد كثيرة في المجال البيئي إلى بعض الجنح البيئي.
المطلب الثاني: معاينة الجرائم البيئية والمتابعة الجزائية
نتطرق في هذا المطلب إلى تحديد الأشخاص المؤهلين لمعاينة الجرائم البيئية، ثم إلى كيفية إجراء المتابعة الجزائية، مع إبراز دور الجمعيات فيما يخص الجرائم البيئية.
الفرع الأول: الأشخاص المؤهلين لمعاينة الجرائم البيئية
كل التشريعات البيئية حددت الأشخاص المؤهلين لمعاينة الانتهاكات الصارخة لأحكامه، والذين يمارسون مهامهم جنبا إلى جنب مع الشرطة القضائية وهذا في مجال تخصَصاتهم، فإلى جانب مفتشي البيئة نجد أسلاك الدرك الوطني والأمن والشرطة البلدية، وشرطة المناجم ، ومفتشي الصيد البحري، ومفتشي العمل، ومفتشي التجارة، ومفتشي السياحة، وحراس الموانئ، وحراس الشواطئ، أعوان الجمارك، ضباط وأعوان الحماية المدنية .
كما استحدث المشرع في قانون المتعلق بالمياه شرطة المياه والذين يعتبرون أعوان تابعين للإدارة المكلفة بالموارد المائية يؤدون اليمين القانونية، ويؤهلون بالبحث ومعاينة مخالفات التشريع الخاص بالمياه، ولقد منحهم هذا القانون سلطة الدخول إلى المنشآت والهياكل المستغلة بعنوان استعمال الأملاك العمومية للمياه، كما يمكنهم مطالبة مالك أو مستغل هذه المنشآت والهياكل بتشغيلها من أجل القيام بالتحقيقات اللازمة، كما يمكنهم أن يطلبوا الإطلاع على كل الوثائق الضرورية لتأدية مهمتهم، ويمكنهم تقديم كل شخص متلبس بتهمة المساس بالأملاك العمومية للمياه، أمام وكيل الجمهورية أو ضابط الشرطة القضائية المختص، ولهم الحق في طلب تسخير القوة العمومية لمساعدتهم لممارسة مهامهم .
إلا أنه وبالرغم من هذا العدد الكبير لمعايني الجرائم البيئية، فإن التجربة والواقع أثبتا وجود صعوبات جمة تعترضهم بمناسبة أداء مهامهم، سواء تعلقت بنقص التأهيل العلمي المتخصص لبعض الأسلاك أو قد تعود لضعف الإمكانيات المتاحة .
ولعل أهم جهاز أنيط له مهمة معاينة الجرائم البيئية هم مفتشوا البيئة، فلقد نصت أحكام قانون البيئة 03/10 على أنه يؤهل لمعاينة مخالفات وجنح هذا القانون مفتشوا البيئة، وهذا سواء تعلق الأمر بالجرائم التي نص عليها، أو حتى تلك التي هي منصوص عليها في قوانين أو نصوص تنظيمية أخرى تهتم بالبيئة.
ولقد حدد المشرع بموجب المرسوم الرئاسي 88/277 إجراءات تعيين مفتشي البيئة وكذا مهامهم التي يباشرونها بعد أداءهم لليمين القانونية أمام محكمة مقر إقامتهم الإدارية.
أما عن أهم اختصاصات مفتشوا البيئة فهي تتمثل في:
– السهر على تطبيق النصوص التنظيمية في مجال حماية البيئة و في كل مجالاتها الحيوية الأرضية الجوية، الهوائية، البحرية، وهذا من جميع أشكال التلوث.
– مراقبة مدى مطابقة المنشآت المصنفة للتشريع المعمول به، وكذا شروط معالجة النفايات أيا كان نوعها ومصدرها، ومراقبة مدى احترام شروط إثارة الضجيج.
– التعاون والتشاور مع المصالح المختصة لمراقبة النشاطات المستعمل فيها مواد خطيرة، كالمواد الكيماوية والمشعة ومراقبة جميع مصادر التلوث والأضرار.
ويوضع مفتشوا البيئة تحت وصاية وزير البيئة، الذي بإمكانه هو أو الوالي المعني أن يسند لهم أية مهمة في المجال البيئي.
وفي إطار أداء مهامهم فإن لهم أن يحرروا محاضر بالمخالفات التي عاينوها والتي يجب أن تحتوي على:
– اسم ولقب وصفة مفتش البيئة المكلف بالرقابة.
– تحديد هوية مرتكب المخالفة ونشاطه وتاريخ فحص الأماكن، اليوم، الساعة، الموقع والظروف التي جرت فيها المعاينة، والتدابير التي تم اتخاذها في عين المكان.
– ذكر المخالفة التي تمت معاينتها والنصوص القانونية التي تجرم هذا الفعل .
ويلزم القانون مفتش البيئة بإرسال محاضر المخالفات إلى وكيل الجمهورية المختص إقليميا خلال 15 يوما من تاريخ إجراء المعاينة، كما ترسل هذه المحاضر إلى المعني بالأمر، وهذا تحت طائلة البطلان .
وتجدر الإشارة بأن لهذه المحاضر حجية إلى غاية إثبات العكس، وللإعتداد بهذه الحجية يشترط في المحضر:
– أن يكون صحيحا ومستوفيا لجميع الشروط الشكلية.
– أن يكون قد تم تحريره من طرف مفتش البيئة ويكون داخلا في اختصاصاته، وأن لا يحرر فيه إلا ما قد يكون عاينه.
-عدم تجاوز الصلاحيات المحددة لمفتش البيئة.
الفرع الثاني: المتابعة الجزائية للجرائم البيئية
أناط القانون مهمة تحريك الدعوى العمومية للنيابة العامة تمارسها بإسم المجتمع، وهذا كأصل عام، إلا أن المشرع أورد استثناء لهذا المبدأ من خلال السماح لجهات أخرى بتحريك الدعوى العمومية أخذاً بالنظام المختلط في مادة الإجراءات الجزائية، فيحق لكل متضرر من نشاط غير بيئي تحريكها، إلا أن أهم جهة خول المشرع لها أمر تحريك الدعوى العمومية من غير النيابة العامة في قانون البيئة 03/10 هي الجمعيات البيئية، وهذا ما من شأنه أن يعطي مصداقية أكبر للمتابعة الجزائية.
أولا-دور النيابة العامة في حماية البيئة
تعتبر النيابة طرفاً بارزاً لمواجهة الجنوح البيئية، إذ تشكل الجهة المكلفة بمتابعة الجانح، وهذا باسم المجتمع، بعد أن تتوصل بمحاضر معايني الجنوح البيئية، أو بعد شكوى ترفع ضد الجانح وتبقى لها سلطة الملائمة pouvoir d’opportunité leفي تحريك الدعوى العمومية أو وقف المتابعة.
وتمارس النيابة العامة اختصاصات واسعة بخصوص الدعوى العمومية فهي تنفرد بمباشرتها، حتى ولو تم تحريكها من طرف جهات أخرى.
ولا يمكن أن تؤدي النيابة العامة دورها بشكل يسمح بمتابعة الجانح البيئي إلا مراعاة المسائل الآتية:
– تنسيق التعاون وإحداث تشاور مستمر بينها وبين مختلف الجهات الإدارية المكلفة بالبحث عن الجرائم البيئية، فلقد تطرح أحيانا مسألة جهل التشريعات الخاصة ببعض المجالات البيئية، لاسيما النصوص التنظيمية من طرف أعضاء النيابة، فمثلا قد يتطلب القانون إجراءات إدارية وشروط محددة لممارسة نشاط قد يضر بالبيئة، ونتيجة عدم الإلمام قد تأمر النيابة العامة بحفظ الملف معتقدة عدم توافر الركن المادي للجريمة.
– تأهيل أعضاء النيابة العامة، لاسيما في مجال الجنوح الاقتصادية والجنوح البيئية، عن طريق فتح دورات تكوين تهدف إلى التعريف بمختلف القوانين البيئية والأحكام التنظيمية في هذا المجال، والتي غالبا ما لا تنشر إلا على مستوى الجهات الإدارية المكلفة بها.
– تحسيس أعضاء النيابة العامة بأهمية المجال البيئي، وبخطورة الجنوح البيئية .
ثانيا- التدخل القضائي لجمعيات حماية البيئة
لقد سبق الإشارة إلى أن الجمعية تكتسب الشخصية المعنوية بمجرد تأسيسها، فيكون لها الحق في التقاضي بأن تتأسس طرفا مدنيا في المسائل الجزائية والتي تمس المجال البيئي، وذلك حتى في الحالات التي لا تعني الأشخاص المنتسبين لها بانتظام ، كما يمكن أن تفوض من طرف الأشخاص المتضررين لرفع الشكاوى وممارسة الحقوق المعترف بها للطرف المدني أمام القضاء الجزائي.
ولكن رغم الجهود المبذولة من طرف الجمعيات البيئية، إلا أن دورها يظل ناقصا لعدة أسباب منها ضعف الإعتمادات المادية ونقص الوسائل المتاحة، إلى جانب كون القضاء الجزائري لا يزال مترددا في التعامل مع هذه الأشخاص المعنوية على خلاف نظيره الفرنسي.
إن التدخل القضائي للجمعيات في المجال البيئي له ما يبرره، فإضافة إلى مساهمتها في الكشف عن الجنوح البيئية فهي تعمل على توضيح مدى خطورة الأضرار التي تنجم عنه والعمل على نشر وعي بيئي، وتفعيل الدور الوقائي لحماية البيئة .
ولقد أكد المشرع في قانون 03/10 على هذا الدور الفعال للجمعيات من خلال توسيع اختصاصاتها وتدخلها في كل المجالات التي تمس البيئة، الشيء الذي يؤدي إلى إبراز الدور المرجو من هذه الجمعيات في مجال حماية البيئة وتحسين الإطار المعيشي.
المطلب الثالث: الجزاءات و التدابير المطبقة لحماية البيئة
تتنوع الجزاءات والتدابير المنصوص عليها في القانون الجنائي للبيئة لأجل مواجهة الجنوح البيئية، فالتوجه الحديث للمشرع الجزائري هو تشديد العقوبات عموماً في مجال الجنوح البيئية، إلا أنه تختلف كيفيات مواجهة الخطورة الإجرامية للجانح البيئي على ضوء أحكام قانون العقوبات والقانون الجنائي للبيئة خصوصاً، إذ نجد المشرع الجزائري يفضل تارة العقوبة لأجل ردع الجانح، وتارة أخرى يعمد إلى التدابير الاحترازية ذات الهدف الوقائي.
الفرع الأول: العقوبات الأصلية
وهي أربعة أنواع، نص عليها المشرع الجزائري: الإعدام، السجن، الحبس، والغرامة.
وتعكس لنا هذه العقوبات خطورة الجانح، ونوع الجريمة البيئية المرتكبة: جناية، جنحة أو مخالفة.
1- عقوبة الإعدام: رغم الجدل الكبير الدائر حول هذه العقوبة، فإنه يمكننا القول بأنها تعكس خطورة الجانح بحيث لا يرجى إعادة تأهيله، وتعد هذه العقوبة أشد العقوبات.
والواقع أن عقوبة الإعدام هي نادرة في التشريعات البيئية الجزائرية نظراً لخطورتها، فإذا كانت قوانين حماية البيئة تسعى من أجل حماية الحقوق الأساسية للأفراد ومن ضمنها الحق في الحياة، فإن التشريعات العقابية تصون هذا الحق أيضا، رغم أنها أحيانا تسلبه من الإنسان إلا أنها لا تلجأ إلى ذلك إلا في الحالات التي تكون فيها الجريمة خطيرة تمس بأمن المجتمع .
ومن الأمثلة التي يمكن أن نعطيها في هذا المجال، ما نص عليه المشرع الجزائري في القانون البحري بحيث يعاقب بالإعدام ربان السفينة الجزائرية أو الأجنبية الذين يلقون عمدا نفايات مشعة في المياه التابعة للقضاء الجزائري .
كذلك نص المشرع الجزائري على عقوبة الإعدام في قانون العقوبات، وذلك في حالة الإعتداء على المحيط أو إدخال مادة أو تسريبها في الجو أو في باطن الأرض أو في المياه بما فيها المياه الإقليمية، والتي من شأنها جعل صحة الإنسان أو الحيوان أو البيئة الطبيعية في خطر، وقد جعل المشرع هذه الأعمال من قبيل الأفعال التخريبية و الإرهابية .
2- عقوبة السجن: و هي العقوبة التي تقيد من حرية الشخص، وهي مقررة للجرائم الموصوفة بأنها جناية وتأخذ صورتان: سجن مؤبد وسجن مؤقت.
ومن النصوص التي أشار فيها المشرع لعقوبة السجن المؤقت، ما تضمنه قانون العقوبات في المادة 432/2 التي تعاقب الجناة الذين يعرضون أو يضعون للبيع أو يبيعون مواد غذائية أو طبية فاسدة بالسجن المؤقت من عشر(10) إلى عشرين (20) سنة إذا تسببت تلك المادة في مرض غير قابل للشفاء أو في فقدان استعمال عضو أو في عاهة مستديمة.
كما تعاقب المادة 396 من نفس القانون بالسجن المؤقت من (10) عشر سنوات إلى (20) سنة كل من يضع النار عمدا في غابات أو حقول مزروعة أو أشجار أو أخشاب.
ولقد نصت المادة 66 من قانون 01/19 المتعلق بتسيير النفايات ومراقبتها وإزالتها على مايلي:” يعاقب بالسجن من خمس(5) إلى ثماني (8) سنوات وبغرامة مالية من مليون دينار 1.000.000 دج إلى خمسة ملايين 5.000.000 دج أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، كل من استورد النفايات الخاصة الخطرة أو صدرها أو عمل على عبورها مخالفا بذلك أحكام هذا القانون”.
3- عقوبة الحبس: لا تطبق هذه العقوبة إلا إذا كنا بصدد جنحة أو مخالفة بيئية، ومن خصائصها أنها عقوبة مؤقتة.
وما يلاحظ أن أغلب عقوبات الجرائم البيئية في التشريعات الخاصة بحماية البيئة في الجزائر أخضعها المشرع لعقوبة الحبس، سواءاً اعتبرها جنحة أو مخالفة.
أ/ ومن أمثلة عقوبة الحبس في قانون 03/10 المتعلق بقانون حماية البيئة في إطار التنمية المستدامة:
1- ما نصت عليه المادة 81 التي تعاقب بالحبس من عشر(10) أيام إلى ثلاثة(3) أشهر على كل من تخلى أو أساء معاملة حيوان داجن أو أليف أو محبوس، في العلن أو الخفاء، أو عرضه لفعل قاس، وفي حالة العود تضاعف العقوبة.
2- في إطار حماية الماء والأوساط المائية تعاقب المادة 93 بالحبس من سنة إلى خمس سنوات كل ربان خاضع لأحكام المعاهدة الدولية للوقاية من تلوث مياه البحر بالمحروقات والمبرمة بلندن في 12 ماي 1954، الذي ارتكب مخالفة للأحكام المتعلقة بحظر صب المحروقات أو مزجها في البحر، وفي حالة العود تضاعف العقوبة.
3- أما بخصوص المنشآت المصنفة تعاقب المادة 102 من نفس القانون بالحبس لمدة سنة واحدة كل من استغل منشأة دون الحصول على ترخيص من الجهة الإدارية المختصة.
4- وتعاقب المادة 107 بالحبس لمدة ستة(6) أشهر كل من أعاق مجرى عمليات المراقبة التي يمارسها الأعوان المكلفون بالبحث ومعاينة المخالفات المتعلقة بالبيئة.
ب/ أما في قانون الصيد فنجد أيضا أمثلة كثيرة عن عقوبة الحبس نذكر من بينها:
1- ما نصت عليه المادة 85 والتي تعاقب بالحبس من شهرين(2) إلى ثلاث(3) سنوات كل من يمارس الصيد أو أي نشاط صيد أخر خارج المناطق والفترات المنصوص عليها في هذا القانون.
2- ويعاقب كل من حاول الصيد أو اصطاد بدون رخصة صيد أو ترخيص أو بإستعمال رخصة أو إجازة صيد الغير بالحبس من شهرين(2) إلى ستة(6) أشهر، ويعاقب بنفس العقوبة كل من يصطاد الأصناف المحمية أو يقبض عليها أو ينقلها أو يبيعها بالتجول أو يستعملها أو يبيعها أو يشتريها أو يعرضها للبيع أو يقوم بتحنيطها.
ج/ نجد كذلك عقوبة الحبس أيضا في قانون الغابات إذ تنص المادة 75 منه على معاقبة كل من يستغل المنتجات الغابية أو ينقلها دون رخصة بالحبس من 10 أيام إلى شهرين.
د/ عقوبة الحبس في قانون 01/19 المتعلق بتسيير النفايات ومراقبتها وإزالتها:
1- تعاقب المادة 60 منه كل من يقوم بإعادة استعمال مغلفات المواد الكيماوية لإحتواء مواد غذائية مباشرة بالحبس من شهرين(2) إلى سنة، وفي حالة العود تضاعف العقوبة.
2- كذلك يعاقب بالحبس من ثلاثة(3) أشهر إلى سنتين(2) كل من قام بخلط النفايات الخاصة الخطرة مع النفايات الأخرى ، ويعاقب بالحبس من ستة(6) أشهر إلى سنتين(2) كل من سلم أو عمل على تسليم هذه النفايات الخطرة بغرض معالجتها إلى شخص مستغل لمنشأة غير مرخص لها بمعالجة هذا الصنف من النفايات، وفي حالة العود تضاعف العقوبة.
ه/ في قانون المياه الجديد 05/12 نجد أيضا عقوبة الحبس:
فكل من يعرقل التدفق الحر للمياه السطحية في مجارى الوديان المؤدي إلى المساس بإستقرار الحواف والمنشآت العمومية والإضرار بالحفاظ على طبقات الطمي يعاقب بالحبس من شهرين(2) إلى ستة(6) أشهر وتضاعف العقوبة في حالة العود .
ويعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات كل من يقوم بتفريغ المياه القذرة أو صبها في الأبار والينابيع وأماكن الشرب العمومية والوديان والقنوات أو وضع مواد غير صحية في الهياكل والمنشآت المائية المخصصة للتزويد بالمياه والتي من شأنها أن تؤدي إلى تلويثها، كما أن استعمال الموارد المائية دون الحصول على الرخصة من قبل الإدارة المختصة يعاقب بالحبس من ستة(6) أشهر إلى سنتين.
هذه بعض الأمثلة عن عقوبة الحبس في قانون البيئة والقوانين الأخرى المرتبطة به، والذي لا يسعنا المجال على ذكرها لكثرتها، وإنما اكتفينا بذكر أهمها.
4- الغرامة: تعد الغرامة من أنجع العقوبات، ذلك لكون أغلب الجانحين البيئيين هم من المستثمرين الاقتصادين والذين يتأثرون كثيرا بهذا النوع من العقوبات، إلى جانب كون أغلب الجرائم البيئية جرائم ناجمة عن نشاطات صناعية تهدف إلى تحقيق مصلحة اقتصادية، بل إن الضرر البيئي لم يكن ليوجد لولا التعسف في الوصول إلى هذه المصلحة .
وعلى كل فإنه لابد من الإشارة بإهتمام المشرع الجزائري من خلال القوانين الجديدة المتعلقة بالبيئة برفع الحدين الأقصى والأدنى لعقوبة الغرامة في الجرائم البيئية.
ومن خصائص هذه العقوبة أنها قد تأتي في شكل عقوبة أصلية مقررة على الفعل المجرم ومن أمثلة ذلك:
ما نصت عليه المادة 84 من قانون 03/10 التي تعاقب كل من تسبب في تلوث جوي بغرامة من 5000دج إلى 15000دج.
كذلك ما نصت عليه المادة 97 من نفس القانون التي تعاقب بغرامة من مائة ألف دينار (100.000دج) إلى مليون دينار(1000.000دج) كل ربان تسبب بسوء تصرفه أو رعونته أو غفلته أو إخلاله بالقوانين والأنظمة في وقوع حادث ملاحي أو لم يتحكم فيه أو لم يتفاداه، ونجم عنه تدفق مواد تلوث المياه الخاضعة للقضاء الجزائري.
ونجد الغرامة كعقوبة أصلية، في قانون الغابات 84/12 إذ تنص المادة 79 منه على أنه يعاقب بغرامة من 1000دج إلى 3000دج كل من يقوم بتعرية الأراضي بدون رخصة، ويعاقب بغرامة من 1000دج إلى 10.000دج عن كل هكتار كل من قام بتعرية الأراضي في الأملاك الغابية الوطنية.
أما عن قانون المياه الجيد 05/12 فنجد أيضا عقوبة الغرامة، إذ يعاقب كل من قام باكتشاف المياه الجوفية عمدا أو صدفة أو كان حاضرا أثناء هذا الاكتشاف ولم يبلغ إدارة الموارد المائية المختصة إقليميا بغرامة من 5000دج إلى 10.000دج، وتضاعف العقوبة في حالة العود .
ويعاقب بغرامة من 50.000دج إلى 100.000دج كل من يقوم ببناء جديد أو غرس أو تشييد سياج ثابت وكل تصرف يضر بصيانة الوديان والبحيرات والبرك والسبخات والشطوط.
ولقد نصت المادة 55 من قانون 01/19 المتعلق بتسيير النفايات ومراقبتها وإزالتها على أنه يعاقب بغرامة مالية من خمسمائة500دج إلى خمسة ألاف دينار 5000دج كل شخص طبيعي قام برمي أو يإهمال النفايات المنزلية وما شبهها أو رفض استعمال نظام جمع النفايات وفرزها الموضوعة تحت تصرفه من طرف الهيئات المختصة.
وقد تأتي الغرامة كعقوبة تبعية إضافة إلى عقوبة الحبس، ومن أمثلة ذلك ما نص عليها قانون البيئة 03/10 في مادته 102 بتوقيع غرامة خمسمائة ألف دينار 500.000دج على كل من استغل منشأة دون الحصول على رخصة، وذلك بالإضافة إلى عقوبة الحبس، وقد يصل مقدار هذه الغرامة إلى مليون دينار 1.000.000دج توقع على كل من استغل منشأة خلافا لإجراء قضى بتوقيف سيرها أو بغلقها .
كما يعاقب قانون الصيد 04/07 بغرامة من عشرين ألف دينار 20.000دج إلى خمسين ألف دينار 50.000دج كل من حاول الصيد أو اصطاد بدون رخصة صيد أو ترخيص باستعمال رخصة أو إجازة صيد وذلك بحانب عقوبة الحبس.
أما في قانون المياه 05/12 فتعاقب مادته 172 بغرامة من 50.000دج إلى مليون دينار 1000.000دج كل من يقوم بتفريغ مياه قدرة أو صبها في الأبار والحفر وأروقة إلتقاء المياه والينابيع وأماكن الشرب العمومية والوديان الجافة والقنوات إضافة لعقوبة الحبس.
الفرع الثاني: العقوبات البيئية التبعية والتكميلية
تأتي هذه العقوبات في الدرجة الثانية بعد العقوبات الأصلية وهي:
1- العقوبات التبعية:
لا نكون بصدد هذا النوع من العقوبات إلا إذا كنا بصدد جناية بيئية، والجنايات البيئية في التشريعات البيئية كما رأينا سابقا تعد قليلة، كون أغلب الجرائم هي جنح أو مخالفات، لكن يمكن تطبيقها على الجنايات المعاقب عليها بالمواد 87 مكرر، 432/2 و 396/2 من قانون العقوبات والمادة 66 من قانون 01/19 المتعلق بتسيير النفايات وإزالتها.
ويعد الحجر القانوني أبرز هذه العقوبات، والذي يمكن تطبيقه على الجانح البيئي، ونعني به منع المجرم من حقه في إدارة أمواله طيلة مدة العقوبة، إلى جانب الحرمان من الحقوق الوطنية وهذه العقوبة تطبق بقوة القانون.
2- العقوبات التكميلية:
هذا النوع من العقوبات تكمل العقوبة الأصلية، ومن أهم هذه العقوبات والتي يمكن أن تؤدي دورا هاما في مواجهة الجنوح البيئي لدينا:
أ/- مصادرة جزء من أموال الجانح البيئي: وهو إجراء لا يطبق في الجنح أو المخالفات البيئية إلا بوجود نص قانوني يقرره، ومن أمثلة ذلك ما نصت عليه المادة 82 من القانون 01/11 المتعلق بالصيد البحري والتي تنص:” وفي حالة استعمال مواد متفجرة تحجز سفينة الصيد إذا كان مالكها هو مرتكب المخالفة “.
وما نصت عليه المادة 89 من قانون الغابات 84/12 على أنه:” يتم في جميع حالات المخالفات مصادرة المنتجات الغابية محال المخالفة”.
كما تنص المادة 170 من قانون المياه 05/12 على أنه يمكن مصادرة التجهيزات والمعدات التي استعملت في إنجاز أبار أو حفر جديدة أو أي تغييرات بداخل مناطق الحماية الكمية .
ب/- حل الشخص الاعتباري: أي منعه من الاستمرار في ممارسة نشاطه طبقا للمادة 17 من قانون العقوبات وكان من الأحسن لو أخذت هذه العقوبة أي حل الشخص المعنوي كعقوبة أصلية تماشيا مع الإتجاه الحديث الذي أصبح يأخذ بالمسؤولية الجزائية للأشخاص المعنوية.
الفرع الثالث: التدابير الاحترازية لمواجهة خطورة الجانح البيئي
إلى جانب أسلوب الردع بالعقوبة، وجدت التدابير الاحترازية كنتيجة حتمية لضرورة إصلاح المجرم وإعادة تأهيله داخل المجتمع، وتبرز أهمية التدبير الاحترازي لمواجهة خطورة الجانح البيئي من خلال:
– تجريد الجانح من الوسائل المادية التي تسهل له ارتكاب الاعتداء عن طريق مصادرة هذه الوسائل.
– إغلاق الشخص المعنوي منعا لاستمراره في الإضرار بالبيئة.
– سحب الرخصة لمزاولة المهنة.
1- المنع من ممارسة النشاط:
يعد هذا التدبير الاحترازي الشخصي سبيلا وقائيا يهدف إلى منع الجانح البيئي من ارتكاب الجريمة البيئية حيث تكون المهنة أو النشاط عاملا مسهلا لارتكابها، ونظراً لخطورة هذا التدبير يستثنى مجال تطبيقه على المخالفات، كما حدد مدة قصوى لتطبيقه لا تتجاوز 10 سنوات، ومن أمثلته سحب رخصة استغلال الشاطئ عند عدم احترام الجانح لالتزاماته بعد إعذاره ، والسحب المؤقت أو النهائي لرخصة استغلال المؤسسات الفندقية وكذا ما نصت عليه المادة 102 من قانون 03/10 والتي ورد فيها بأنه يجوز للمحكمة أن تقضي بمنع استعمال المنشأة إلى حين الحصول على الترخيص من الجهة المختصة.
2- المصادرة:
قد تكون المصادرة عقوبة أو تدبير احترازي، فتكون عقوبة متى انصبت على شيء مباح لتحقيق بها إيذاء الجانح في ذمته المالية، وتكون تدبيرا احترازيا عندما تنصب على أشياء غير مباحة. فتكون أداة للوقاية من استخدامها في اجرامه، ومن أمثلتها حجز معدات الصيد البحري المحظورة.
و يمكن أن تنصب المصادرة على الأشياء المحظورة التي ارتكبت في الجريمة أو من المحتمل أن تسهل لارتكابها، وتدخل هنا الأسلحة والذخائر وشبكات الصيد الغير قانونية والأفخاخ، إلى جانب مصادرة ثمار الجريمة كما هو الشأن بالنسبة للسمك المصطاد بطريقة غير شرعية، أين يتم توجيهها لجهة ذات منفعة عمومية بعد التأكد من سلامتها ، كما نص قانون الصيد على مصادرة الوسائل الممنوعة للممارسة الصيد والطريدة المصطادة أو المقتولة .
3-غلق المؤسسات أو حلها:
يعد هذا التدبير الاحترازي البيئي الأنسب تطبيقا على الشخص المعنوي، خصوصا في الدول التي لا تأخذ بجواز مساءلته جزائيا، ويتأرجح هذا التدبير بين الغلق المؤقت والتوقيف النهائي في حال مخالفة التشريع البيئي إلى جانب إمكانية حل الشخص المعنوي.
ومن أمثلته غلق المؤسسة الفندقية لمدة تتراوح من أسبوع والذي يعقبه الغلق إلى غاية تسوية الوضعية عند عدم مراعاة الإجراءات الصحية ، وغلق المؤسسة عندما لا تراعى شروط النظافة لمدة من 15 يوم إلى شهر وإيقاف نشاط المؤسسة متى شكلت خطرا على البيئة .
4- نظام إعادة الحالة إلى ما كانت عليه من قبل: la remise en état
بجانب العقوبات الأصلية التبعية والتكميلية، نجد نظام إعادة الحال إلى ما كانت عليه من قبل، وإن كان هذا النظام يرتبط بالجزاء المدني الناجم عن العمل الغير مشروع، والذي يكون بوسع القاضي النطق به في الحالة التي يكون فيها ذلك ممكنا، فالقضاء بعدم مشروعية إقامة جدار في مكان محظور قد يدفع بالقاضي إلى الحكم بعدم مشروعية البناء وفي الوقت نفسه القضاء بإزالته أي بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه، ولقد تبنته بعض التشريعات في مجال حماية البيئة إما كإجراء إداري أو كجزاء ينطق به القاضي الناظر في منازعة تتعلق بحماية البيئة ، ومن بين هذه التشريعات، نخص بالذكر التشريع الفرنسي الذي توسع في اللجوء إلى هذا النظام بحيث اعتبره كجزاء أصلي أو كإلتزام ناجم عن ترخيص إداري أو أن يتم اللجوء إليه بمناسبة حادث يستدعي المواجهة السريعة .
ولقد إعتمد التشريع الفرنسي نظام إعادة الحالة إلى ما كانت عليه كجزاء أصلي في العديد من القوانين ويتخذ الجزاء مظاهر عديدة ، فإما أن يكون جزاءا جنائيا أو جزاء إداريا أو جزاءا مدنيا.
فلقد تم إدراج نظام إعادة الحالة إلى ما كانت عليه كجزاء جنائي في إطار قانون حماية الغابات الفرنسي الذي ينص على إجبار المحكوم عليه على إعادة الحالة إلى ما كانت عليه، وقانون المتعلق بالنفايات الصادر في 15 جويلية 1975 والذي يعطي للمحكمة إمكانية أمر المخالف بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه بالنسبة للنفايات الغير معالجة .
أما المشرع الجزائري فنجده قد تأثر بما توصل إليه المشرع الفرنسي، معتبرا نظام إعادة الحالة إلى ما كنت عليه من قبل، إجراء إداري توقعه الإدارة من تلقاء نفسها على المخالف للإجراءات الإدارية، ومن أمثلة ذلك ما نص عليه قانون المياه الجديد 05/12 والذي خول للإدارة المكلفة بالموارد المائية سلطة هدم المنشآت التي تم بناؤها دون الحصول على الرخصة أو امتياز استعمال الموارد المائية، وإعادة الأماكن إلى حالتها الأصلية عند فقدان الحق في هذه الرخصة أو الإمتياز .
كما يمكن أن يكون عقوبة تصدر بموجب حكم قضائي، إلا انه ما يلاحظ أن المشرع الجزائري لا يعتبر نظام إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه عقوبة أصلية بل تدبير من التدابير الاحترازية، وفي هذا الإطار ما نصت عليه المادة 102 من قانون حماية البيئة على أنه يجوز للمحكمة في حالة إستغلال منشأة مصنفة دون الحصول على الترخيص من الجهة الإدارية المختصة أن تأمر بإرجاع الأماكن إلى حالتها الأصلية في أجل تحدده، كما أجاز القانون المتعلق بمناطق التوسع والمواقع السياحية للقاضي في حالة القيام بأشغال البناء داخل المناطق السياحية أن يأمر بمطابقة الأشغال المنجزة لمخطط التهيئة السياحية أو بهدم ما تم إنجازه والأمر بإعادة المكان إلى حالته السابقة .
المطلب الرابع: تطبيقات المسؤولية الجزائية أمام القضاء الجزائري و الفرنسي
القضاء الجزائي في الجزائر مثله مثل القضاء المدني والإداري لا يعرف حجماً كبيراً للقضايا المتعلقة بالبيئة وهذا راجع للأسباب السالفة الذكر: عدم تخصص أعضاء النيابة، تشعب القوانين المتعلقة بالبيئة…إلخ.
ولكن هناك بعض الأمثلة في القضاء الجزائري منها ما يتعلق بسرقة المياه وسرقة الرمال من الشواطئ ورمي القاذورات في الشوارع والضجيج .
أما في القضاء الفرنسي فيلاحظ قلة المنازعات الجزائية المتعلقة بحماية البيئة، حيث أثبتت الإحصائيات المنجزة سنة 1998 أن المنازعات الجزائية البيئية لا تحتل إلا نسبة 2% من مجموع النزاعات الجزائية، كما أن القضاء الجزائي وفي تعامله مع هذه القضايا فهو لا يصدر أحكام ردعية وإنما هي مجرد غرامات مالية بسيطة de simple amandes .
ويرى patrick mistretta أن مهمة القاضي تبدو صعبة في ميدان الحماية الجزائية للبيئة وهذا بسبب التشريع البيئي في حد ذاته لما يعرفه من تشعب وعدم الوحدة، الذي جعله يكون غير معروف وغير مطبق من طرف القضاء الجزائي.ويرجع التطبيق السليم للتشريع الجزائي البيئي متوقف على كفاءة القاضي، وإهتمامه حماية البيئة .
الخاتمة
استعرضنا في هذا البحث مفهوم البيئة وتطور التشريعات المتعلقة بها وصور الحماية القانونية للبيئة، وتبين لنا أن الفقه والقانون لم يتمكنا من وضع تعريف شامل للبيئة، حيث اختلف ذلك من حيث الزاوية التي ينظر من خلالها للبيئة، وحاولنا ربط الجانب العلمي بالجانب القانوني التطبيقي.
ونظراً لعدم القدرة على الفصل بين الإنسان والبيئة، فقد حاولنا في هذا البحث توضيح طبيعة العلاقة بين الإنسان والبيئة، وبينا أن الإنسان هو العامل الرئيسي في المحافظة على البيئة، لذا لابد من السعي لتطوير سلوكاته من خلال التوعية، والقضاء على بعض العوامل الأخرى التي من شأنها زيادة تفاقم المشكلة كالفقر، والجهل وضعف التشريعات، وجهل الإدارة للمشاكل البيئية وغيرها.
ولتدارك الأمر أعد المشرع الجزائري عدة قوانين يهدف من خلالها حماية البيئة والحفاظ عليها متخذاً بعين الإعتبار ضرورة النمو الإقتصادي، إلا أن إزدواجية هذه القوانين وتشغيلها، وإمتيازها بالطابع التقني جعلها صعبة التطبيق من طرف الإدارة والقضاء.
ولقد حدد المشرع في قانون البيئة 03/10 مهلة سنتين لصدور المراسيم التنظيمية، إلا أنه ورغم فوات هذا الأجل لم تصدر هذه المراسيم، مما يجعلنا أمام فراغ قانوني، والذي سوف يؤدي حتماً إلى تعقيد مهمة الإدارة والقضاء في تأدية دورهما في حماية البيئة.
كما ارتأينا البحث في الإطار القانوني للإدارة البيئية في الجزائر، بتناول الجهاز الإداري المركزي والمحلي، ووجدنا أن غالبية وزارات الدولة على صلة فعلية بالبيئة من خلال إعطاءها بعض الإختصاصات بموجب قوانين خاصة، الأمر الذي خلق مشكلة تتمثل في تحديد الجهة ذات الإختصاص في ظل هذا الواقع التشريعي، وقد تدخل هذه الجهات مع بعض في حالة تنازع إيجابي أو سلبي والأخطر من هذا وذاك أن تعتمد كل جهة على الأخرى، وبالنتيجة فالبيئة هي التي تدفع الثمن.
وحاولنا في هذا البحث التركيز على دور الجمعيات في مجال حماية البيئة، في الوقت الذي تم فيه تجاهل دورها في التشريعات البيئية القديمة، لذلك كان لابد من إعطاءها دورها الحقيقي، كالسماح لها بتحريك الدعوى العمومية في الجرائم التي يكون فيها الإعتداء على البيئة صارخاً.
وفي إطار تقييمنا للتشريعات البيئية الموجودة، تبين لنا أن هناك تشابكاً وتعدداً في الإختصاصات والعقوبات، والإجراءات والبعض تجاوزه الزمن والبعض تعرض للعديد من التعديلات، الأمر الذي خلق ارتباكا لدى القاضي والباحث، وكل من له صلة بهذه التشريعات في التعامل معها وتطبيقها.
وقد حاولنا تسليط الضوء على صور الحماية القانونية للبيئة كالضبط الإداري والحماية المدنية والجزائية، ووجدنا أن الإدارة لما تتمتع به من سلطات في منح التراخيص ومنع الأفراد من القيام ببعض النشاطات التي ترى فيه مساس بالبيئة، فهي بذلك تلعب دوراً أساسياً ووقائياً في حماية البيئة.
وبالنظر إلى الفلسفة التي تبنى عليها التشريعات البيئية، فيلاحظ أنها أوكلت مهمة حماية البيئة للإدارة بالدرجة الأولى لما تتمتع به من صلاحيات السلطة العامة وسلطات الضبط الإداري، ثم بدرجة ثانية إلى القضاء، هذا ما يفسر قلة الأحكام والقرارات القضائية في مجال حماية البيئة.
وأما بالنسبة للحماية المدنية، فقد وجدنا أن المشرع الجزائري لم يشر إليها في قانون المدني، ولم يشر إليها في القوانين الأخرى، مما أدى بنا إلى إيجاد صعوبات في تحديد أساس المسؤولية المدنية عن الأضرار البيئية.
وقد عرفنا طرق التعويض، كالتعويض النقدي الذي يقصد منه جبر الضرر في الحالة التي لا يمكن فيها إعادة الحال إلى ما كان عليه من قبل، وفي مجال الضرر البيئي فضلنا استخدام أسلوب التعويض العيني كلما أمكن ذلك، لأن بعض الأمور لا يمكن تعويضها بالمال.
أما بالنسبة للحماية الجزائية، التي تهدف إلى تحقيق الردع فقد وجدنا أن الجريمة البيئية كغيرها من الجرائم تحتاج إلى توفر أركان الجريمة كالركن الشرعي والركن المادي والمعنوي، وإن كانت الجرائم البيئية تمتاز بضعف ركنها المعنوي، ذلك أن وقوع السلوك الإجرامي وحده يؤدي إلى المساس بالبيئة دون النظر إلى إرادة مرتكبها.
كما تطرقنا إلى كيفية المتابعة الجزائية عن الجرائم البيئية و إلى بعض العقوبات المقررة لها، إلا أنه ونظرا لنقص تأهيل القضاة وضعف الإدارة في هذا المجال وتعدد القوانين الخاصة المتعلقة بالبيئة جعل مهمة القضاء صعبة في الوقوف أمام الجرائم البيئية.
لهذا نرى أنه لضرورة تفعيل التشريعات البيئية لابد الأخذ بعين الإعتبار النقاط التالية:
1- وجود تشريعات بيئية منسجمة ومتناسقة وغير متناقضة فيما بينها، وممكنة التطبيق على أرض
الواقع، وتلافيا للتعدد في النصوص القانونية ندعو إلى إيجاد تشريع بيئي موحد يكون له الأولوية في التطبيق، والذي يقوم بتوزيع الإختصاص بين كافة الجهات ذات العلاقة بالبيئة لكي تتحمل كل جهة مسؤوليتها، وأن تنشأ بموجب هذا التشريع مؤسسة مؤهلة ذات إستقلالية مالية وإدارية، يراعى في عملها الحياد والموضوعية، تستطيع الموازنة بين البيئة والتنمية والمصلحة الإقتصادية.
2- وجود إدارة قوية وصارمة في تطبيق التشريعات البيئية دون الأخذ بالإعتبارات الأخرى سوى
حماية البيئة.
3- قضاء صارم وردعي في تطبيق القوانين المتعلقة بحماية البيئة، وذلك بتوفير قضاة مؤهلين
ومتخصصين للنظر في القضايا البيئية بصورتيها المدنية و الجزائية، وأن تأخذ القضايا البيئية طابع الاستعجال للتمكن من ضبط الأضرار البيئية.
4- توعية الأفراد بضرورة الحفاظ على البيئة، كون وجود تشريعات بيئية وإدارة منظمة، وقضاء صارم غير كافي وحده للوقوف أمام الأخطار البيئة، إذا لم يتم تحسيس الأفراد وتوعيتهم وتدعيم دور الجمعيات في مجال البيئة .
La protection de l’environnement est un symbole de civisme.
ونخلص في نهاية هذا البحث إلى القول أن تحقيق حماية البيئة والمحافظة عليها يتحقق بتطبيق المعادلة التالية:
تشريعات بيئية منسجمة + إدارة صارمة في تطبيق التشريعات البيئية + قضاء رعي في مواجهة المنازعات و الجرائم البيئية + توعية الأفراد بضرورة الحفاظ على البيئة.
قائمة المراجع
1-الكتب:
أ-الكتب باللغة العربية:
1- أحمد عبد الكريم سلامة “قانون حماية البيئة-دراسة تأصيلية في الأنظمة الوطنية والإتفاقية-“.
مطابع جامعة الملك سعود.سنة:1997.
2- ماهر محمد المومني “الحماية القانونية للبيئة في المملكة الأردنية الهاشمية”.دائرة الكتبة الوطنية.
الأردن الطبعة الأولى.سنة:2004.
3- نصر الدين هنوني “الوسائل القانونية والمؤسساتية لجماية الغبات في الجزائر”.الديوان الوطني
للأشغال التربوية.سنة: 2000.
4- عمار بوضياف “النظام القضائي الجزائري”. دار ريحانة للنشر والتوزيع.الطبعة
الأولى.سنة:2003.
5- زروقي ليلى وحمدي باشا عمر”المنازعات الغقارية”.دار هومة.الطبعة سنة 2003.
6- يحي عبد الغني أبو الفتوح “أسس وإجراءات دراسة جدوى المشروعات(بيئية،تسويقية،مالية)
الإسكندرية:قسم المالية العامة.كلية التجارة.سنة1999.
ب-الكتب باللغة الفرنسية:
1- Michel prieur “Droit de l’environnement” 4éme édition 2001.dalloz-édition
Delta 2001.
2- Tabet-aoul mahi “Développement durable et strategie de l’environnement”
office des publications unversitaires 1998.
3- Jean phillipe barde”économie et politique de l’environnement”P.U.F.2éme 2
édition.paris 1992.
4- martine rémond-guilloud “du droit de détruire essai sur le droit de
l’environnement” P.U.F.1 édition.paris 1989.
2-المجلات والدراسات:
أ- المجلات والدراسات باللغة العربية
1- حميدة جميلة “الوسائل القانونية لحماية البيئة-دراسة على ضوء التشريع الجزائري-“.مذكرة لنيل
شهادة الماجيستر جامعة البليدة سنة:2001.
2- عبد اللآوي جواد “الحماية الجنائية للبيئة-دراسة مقارنة-“.مذكرة تخرج لنيل شهادة
الماجيستر.جامعة تلمسان سنة:2004/2005.
3- وناس يحي “الإدارة البيئية في الجزائر”.مذكرة تخرج لنيل شهادة الماجيستر.جامعة وهران
سنة1998/1999.
4- الجزائر البيئة-البيئة في الجزائر بين الماضي والمستقبل والمهمة المستعجلة- مجلة دورية تصدر
عن كتابة الدولة المكلفة بالبيئة عدد1و2 لسنة 1999.
5- باسم محمد شهاب “المشاركة الجماهيرية في حل المشاكل البيئية” مقال منشور بمجلة العلوم
القانونية والإدارية.جامعة تلمسان. سنة: 2003.
6- يلس شاوش بشير “حماية البيئة عن طريق الجباية والرسوم البيئية” مقال منشور بمجلة العلوم
القانونية والإدارية.جامعة تلمسان. سنة: 2003.
7- طاشور عبد الحفيظ “نظام إعادة الحالة إلى ما كانت عليه في مجال حماية البيئة” مقال منشور
بمجلة العلوم القانونية والإدارية.جامعة تلمسان. سنة: 2003.
ب- المجلات والدراسات باللغة الفرنسية:
1- Dr.youcef Benaceur “la législation environnementale en algerie” la revue
algerienne.1993.
2- Patrick mistretta “la résponsabilité pénale du délinquant écologique” .thése pour le doctorat en droit. Soutenue le 13 janvier 1998 a l’université Jean Moulin.Lyon.
3- القوانين والمراسيم:
أ-القوانين:
1- أمر رقم 66/155 المؤرخ في 08 يونيو 1966 المتضمن لقانون الإجراءات الجزائية.
2- أمر رقم 66/156 المؤرخ في 08 يونيو 1966 المتضمن لقانون العقوبات.
3- أمر رقم 75/58 المؤرخ في 26 سبتمبر 1975 المعدل والمتمم بالقانون رقم 05/10 المؤرخ في
20 يونيو 2005 المتضمن القانون المدني.
4- أمر رقم 76/80 المؤرخ في 23 أكتوبر 1976 المعدل والمتمم بالقانون رقم 98/05 المؤرخ في
25 يونيو 1998 المتضمن القانون البحري.
5- قانون رقم 83/03 المؤرخ في 05 فيفري 1983 المتعلق بحماية البيئة.
6- قانون رقم 84/12 المؤرخ في 23 يوليو 1984 المعدل والمتمم بالقانون رقم 91/20 المؤرخ في
02 ديسمبر 1991 المتضمن النظام العام للغابات.
7- قانون رقم 85/05 المؤرخ في 16 فبراير 1985 المتعلق بحماية الصحة وترقيتها.
8- قانون رقم 89/02 المؤرخ في 07 فبراير 1989 المتعلق بحماية المستهلك.
9- قانون رقم 90/08 المؤرخ في 07 أفريل 1990 والمتعلق بالبلدية.
10- قانون رقم 90/09 المؤرخ في 07 أفريل 1990 والمتعلق بالولاية.
11- قانون رقم 90/29 المؤرخ في 01 ديسمبر 1990 المعدل و المتمم بالقانون رقم 04/05 المؤرخ
في 14 غشت 2004 والمتعلق بالتهيئة والتعمير.
12- قانون رقم 90/31 المؤرخ في 04 ديسمبر 1990 والمتعلق بالجمعيات.
13- قانون 98/04 المؤرخ في 15/06/1998 المتعلق بحماية التراث الثقافي
14- قانون رقم 01/10 المؤرخ في 03 يوليو 2001 والمتضمن قانون المناجم.
15- قانون رقم 01/11 المؤرخ في 03 يوليو 2001 والمتعلق بالصيد البحري وتربية المائيات.
16- قانون رقم 01/19 المؤرخ في 12 ديسمبر 2001 والمتعلق بتسيير النفايات ومراقبتها وإزالتها.
17- قانون رقم 01/20 المؤرخ في 12 ديسمبر 2001 والمتعلق بتهيئة الإقليم والتنمية المستدامة.
18- قانون رقم 02/02 المؤرخ في 05 فبراير 2002 والمتعلق بحماية الساحل وتثمينه.
19- قانون رقم 03/01 المؤرخ في 17 فبراير 2003 والمتعلق بالتنمية المستدامة للسياحة.
20- قانون رقم 03/02 المؤرخ في 17 فبراير 2003 المحدد للقواعد العامة للاستعمال والاستغلال
السياحيين للشواطئ.
21- قانون رقم 03/03 المؤرخ في 17 فبراير 2003 والمتعلق بمناطق التوسع والمواقع السياحية.
22- قانون رقم 03/10 المؤرخ في 19 يوليو 2003 والمتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية
المستدامة.
23- قانون رقم 04/06 المؤرخ في 14 غشت 2004 والمتعلق بشروط الإنتاج المعماري وممارسة
مهنة المهندس المعماري.
24- قانون رقم 04/07 المؤرخ في 21 غشت 2004 والمتعلق بقانون الصيد.
25- قانون رقم 05/12 المؤرخ في 04 سبتمبر 2005 والمتعلق بقانون المياه.
ب-المراسيم:
1- المرسوم الرئاسي رقم 88/277 المؤرخ في 05 نوفمبر 1988 المتضمن اختصاصات أسلاك
المفتشين المكلفين بحماية البيئة وتنظيمها وعملها.
2- المرسوم الرئاسي رقم 96/01 المؤرخ في 05 جانفي 1996 المتعلق بتعيين أعضاء الحكومة.
3- المرسوم التنفيذي رقم 90/78 المؤرخ في 27 فيفري 1990 والمتعلق بدراسات التأثير في البيئة.
4- المرسوم التنفيذي رقم 98/339 المؤرخ في 03 نوفمبر 1998 الذي يضبط التنظيم الذي يطبق
على المنشآت المصنفة ويحدد قائمتها.
5- المرسوم التنفيذي رقم 98/276 المؤرخ في 12 سبتمبر 1998 المؤهل للموظفين لتمثيل الإدارة
المكلفة بالبيئة أمام العدالة.
6- المرسوم التنفيذي رقم 99/253 المؤرخ في 07 نوفمبر 1999 المتضمن تشكيلة لجنة حراسة
ومراقبة المنشآت المصنفة وتنظيمها وسيرها.
7- المرسوم التنفيذي رقم 01/08 المؤرخ في 07 جانفي 2001 المحدد لصلاحيات وزير تهيئة الإقليم
والبيئة.
8- المرسوم التنفيذي رقم 01/09 المؤرخ في 07 جانفي 2001 المتضمن تنظيم الإدارة المركزية
ووزارة تهيئة الإقليم والبيئة.
9- المرسوم التنفيذي رقم 02/115 المؤرخ في 03 أفريل 2002 والمتضمن إنشاء المرصد الوطني
للبيئة والتنمية المستدامة.
10- المرسوم التنفيذي رقم 02/175 المؤرخ في 20 ماي 2002 المحدد لإختصاصات الوكالة
الوطنية للنفايات، تشكيلها وكيفية عملها.
11- المرسوم التنفيذي رقم 03/493 المؤرخ في 17 ديسمبر 2003 المعدل والمتمم للمرسوم التنفيذي
96/59 المؤرخ في 27 جانفي 1996 والمتضمن المفتشية العامة للبيئة وتنظيم عملها.
اترك تعليقاً