بحث قانوني قانوني شيق عن الاختصاص النوعي
مقدمة:
إزدواجية القضاء ( قضاء إداري و قضاء عادي ) ظهرت في فرنسا خلال القرن الثامن عشر أين برز
مبدأ منع القضاة العاديين من التدخل في قضايا الدولة والإدارة التي يجب أن يتحكم فيها الملك فقط [1] .
وقد ترسخ هذا المبدأ في ظل الثورة الفرنسية (1789) وتدعم بظهور مبدأ الفصل بين السلطـات ( التنفيذية والتشريعية و القضائية ) .
وظهر القضاء الإداري ( لمحاكمة الإدارة ) إلى جانب القضاء العادي (لمحاكمة الأفراد )،
وظهرت محكمة التنازع للفصل بينهما عند تنازع الاختصاص إيجابا وسلبا.
وهناك العديد من الدول أخذت بهذه الازدواجية منها : مصر وتونس والمغرب وبلجيكا وإيطاليا…
والمعيار المعمول به في ظل الازدواجية من أجل تكييف نزاع ما بأنه إداري أو عادي وبالتالي تحديد الاختصاص
النوعي إما أن يكون معيارا موضوعيا ويعتمد على التصرف الإداري موضوع النزاع ,
أو معيارا عضويا يعتمد على النظر إلى أطراف المنازعة .
الفصل الأول – قواعد تنظيم الاختصاص في فرنسا
تجدر الإشارة منذ البداية إلى أن قواعد توزيع الاختصاص بين القضاء الإداري و القضاء العادي هي من النظام العام
بحيث لا يجوز للأطراف أن يتفقوا على مخالفتها ، كما أن على القاضي أن يتمسك بها ويثيرها ولو تلقائيا.
و هذه القواعد جدّ معقدة و يصعب الإلمام بها و ضبطها بدقة ، ويترتب عنها نتائج جدّ
هامة خصوصا بالنسبة للمتقاضي لأن الإجراءات أمام كل من النظامين تختلف.
و يتطلب الأمر الإحاطة بالقواعد الموضوعية لتوزيع الاختصاص ، و دراسة تنازع الاختصاص .
إن توزيع الاختصاص بين القضاء الإداري و القضاء العادي مرتبط بالتطور التاريخي للقضاء الإداري بفرنسا ،
و قد نما في ظل أسباب قانونية تتعلق بمفهوم الفصل بين السلطات ، و أسباب عملية تتمثل في كثافة العمل
و ضخامة حجم القضايا الإدارية كلما وقع التوسع في إسناد الاختصاص للقضاء الإداري مما أدى إلى إرهاق كاهله.
و لهذه الأسباب بقي اختصاص القضاء الإداري يتراوح بين المدّ و الجزر على النحو التالي :
بعد ظهور القضاء الإداري و إلى غاية منتصف القرن 19 كان
الاتجاه يسير نحو التوسع المفرط في منح الاختصاص للقضاء الإداري بهدف منع القضاء العادي من التدخل في عمل الإدارة ، فوقع سحب الاختصاص من القضاء العادي لكل المنازعات التي تكون الإدارة طرفا فيها ( أقرب ما نكون إلى المعيار العضوي في تحديد الاختصاص ) .
فالمعيار الأول في الظهور كان هو المعيار العضوي Critère organique
و مفاده أن كل قرار صادر عن الدولة يخرج عن اختصاص القضاء العادي مهما كان محتواه.
ثم أثناء النصف الثاني من القرن 19 ظهر التمييز بين أعمال السلطة العامة و أعمال التسيير
( Actes de puissance publique, et actes de gestion )
و أسند الاختصاص للقضاء الإداري بالنسبة للنوع الأول فقط .
و لكن مع ذلك بقي اختصاص القضاء الإداري واسعا بسبب نظريـــــــة ” الدولة المدينة ” (L’État débiteur )
الناتجة عن قانون 26-9-1793 التي تمنع المحاكم العادية من النظر في القضايا الرامية إلى الحكم ماليا على الدولة
( الدولة فقط و ليس باقي الأشخاص الإقليمية ) حتى ولو كان الأمر يتعلق بأعمال التسيير العادية.
ثم وقع التحول و الابتعاد عن هذه المعايير في توزيع الاختصاص بصدور قرار بلانكو عن محكمة التنازع
الفرنسية في 1873 و ظهر معيار المرفق العام (Le service public ) كفيصل لتوزيع الاختصاص
بين النظامين القضائيين ، و أصبح من اختصاص القضاء الإداري كل ما يتعلق بتنظيم و تسيير المرافق العامة، بينما يكون النشاط
الخاص للإدارة من صلاحيات القضاء العادي. و ظهرت مدرسة المرفق العام التي تقول بأن كل التصرفات التي يكون
أحد أطرافها شخص معنوي عام و تتعلق بتنفيذ أو عدم تنفيذ أو سوء تنفيذ خدمة عامة تكون من اختصاص القضاء الإداري.
و هكذا وقع التوسع مرة أخرى في صلاحيات القضاء الإداري لأن المرافق العامة تشكل الجانب الأوسع في نشاط الإدارة.
أما عن قرار بلانكو[i]-( حكم محكمة التنازع الفرنسية بتاريخ 08 فبراير 1873 Blanco) فإن محكمة التنازع
الفرنسية بموجب هذا القرار قد قررت من جهة مسؤولية الدولة عن الأضرار الناجمة عن المرافق العامة ،
و من جهة أخرى اختصاص القضاء الإداري بالفصل في المنازعات المتعلقة بها.
بيان الوقائع و الإجراءات : ( مسؤولية مرافق الدولة )
و تتمثل الوقائع في كون طفلة قد صُدمت و جُرحت بفعل عربة تابعة لشركة
التبغ التي تستغلها الدولة الفرنسية عن طريق الاستغلال المباشر.
و قد رفع أب الطفلة دعواه أمام المحاكم العادية للمطالبة بتحميل الدولة المسؤولية المدنية
عن الضرر اعتمادا على المواد 1382 إلى 1384 من القانون المدني.
و رفع الأمر إلى محكمة التنازع التي أسندت الاختصاص إلى القضاء الإداري للفصل في النزاع.
و بذلك أقرّ قرار بلانكو مسؤولية الدولة ووضع حدّا للمفهوم القديم القاضي بعدم مسؤوليتها ، غير أنه أخضع هذه المسؤولية
لنظام خاص يميزها عن المبادئ الواردة في القانون المدني في باب المسؤولية بين الأفراد و ذلك بفعل حاجيات المرفق العام.
و النتيجة التي ترتبت على ذلك هي اختصاص القضاء الإداري في هذا الشأن تطبيقا
لقانون 16 و 24 غشت 1790 الذي يمنع على المحاكم العادية التدخل بأي شكل كان في عمل الجهاز الإداري.
و إذا كان قرار بلانكو يعتبر من بين القرارات المُنشئة للقضاء الإداري فإن التطورات اللاحقة للاجتهاد القضائي قد
أدت إلى تغيير القواعد المعمول بها ، حيث اتجهت المناقشة إلى حالة قيام الإدارة بالتصرف وفقا للقواعد التي يتصرف حسبها الخواص
و هو ما يؤدي منطقيا إلى اختصاص القضاء العادي اعتمادا على معيار التسيير
العمومي و التسيير الخاص Gestion publique et gestion privée .
و بهذا بدأت أزمة معيار المرفق العام مع بداية القــــــــــــــرن 20 ( 1912)، و ظهر ذلك بمناسبة قضية
عقدٍ مبرم بين بلدية ليل الفرنسية و شركة أشغال من أجل تعبيد الطرقات، فرغم أن الأمر يتعلق بمرفق عام إلا أن
قرار مجلس الدولة أحال الاختصاص للقضاء العادي ما دام العقد قد أبرم وفقا للقواعد و الشروط المعمول بها بين الخواص.
ثم تعمق هذا التمييز بموجب قرار عبّارة إيلوكا Bac d’Eloka في 1921 الذي أقرّ بوجود مرافق عمومية
صناعية و تجارية أخضعت لاختصاص القضاء العادي، و بالتالي لم يعد معيار المرفق العام كافيا للتمييز.
ثم قرر مجلس الدولة الفرنسي عام 1938 بأن الأشخاص الخاصة يمكن أن تسيـّر
مرافق عامة حتى خارج حالات الالتزام Hors concession ) ).
و هكذا بدأ يتضاءل معيار المرفق العام ، و يبرز معيار السلطة العامة كمعيار أكثر فاعلية.
ثم عاود مجلس الدولة الفرنسي و محكمة التنازع الرجوع إلى معيار المرفق العام
خلال الخمسينات من القرن العشرين ( 1955 و 1956 ) .
و هكذا أصبح المعياران المعمول بهما هما المرفق العام و التسيير العمومي.
و في الوقت الراهن حسب الأستاذ بيار لوران فريار[2] فإن البحث عن معيار واحد لتحديد
الاختصاص لا يجدي نفعا بل يجب التعامل مع ثلاثة معايير في نفس الوقت، و هي :
أ – المعيار العضوي : بالبحث عن طبيعة الشخص المعنوي العام.
ب – المعيار المادي : بالبحث عن الهدف المنشود من التصرف ( خدمة عامة)،
أي أن يتعلق النزاع بنشاط الإدارة (السلطة التنفيذية ) ،
و بذلك تخرج النزاعات المتعلقة بالنشاط التشريعي و القضائي .
و في هذا الإطار هناك مجال واسع لدراسة و تحديد النشاط التشريعي و البرلماني الذي يخرج عن صلاحيات القضاء الإداري،
و يقابله النشاط الذي يمكن أن يخضع لاختصاصه مثل الأضرار الناتجة عن تسيير مصالح السلطة التشريعية، و المنازعات الفردية للموظفين
و الأعوان العاملين في المجالس البرلمانية، و منازعات الصفقات العمومية التي تبرمها هذه المجالس.
كما أن هناك مجالا واسعا لتحديد النشاط القضائي العادي الذي يخرج عن اختصاص القضاء الإداري عملا بمبدأ الفصل بين السلطات.
و لكن المصالح القضائية العادية تتصرف أحيانا كجهات إدارية و لذلك يتعين التمييز بين الإجراءات المتعلقة
بتنظيم القضاء العـادي (L’organisation) و الإجراءات المتعلقة بتسييره
أي بالعمل القضــائي Le fonctionnement )) التي تخضع للقضاء العادي.
و مثل النوع الأول الخاضع للقضاء الإداري :
ç مراسيم إنشاء و تنظيم المحاكم.
ç الإجراءات المتعلقة بالمركز الوظيفي للقضاة ( مثل : التنقيط و قرارات الترقية
و العقوبات التأديبية و الانتخابات المتعلقة بالمجلس الأعلى للقضاء).
و مثل النوع الثاني الذي يخرج عن صلاحيات القضاء الإداري :
ç الأحكام و القرارات القضائية و غير القضائية.
ç الإجراءات التحضيرية للدعاوى القضائية.
ç أعمال الشرطة القضائية.
ç إجراءات تنفيذ العقوبات الجزائية.
ç تصرفات الأعوان الخاضعين لرقابة السلطة القضائية كضباط الحالة المدنية و الضباط العموميين.
ç إجراءات تنفيذ الأحكام المدنية.( و لكن القضاء الإداري مختص في حالة رفض الإدارة تنفيذ الحكم المدني منذ قرار
مجلس الدولة الفرنسي في 30-11-1923)[ii]. و للعلم فإن هذه القضية المعروفة بقضية كويتياس Couitéas
تعطي إشارة الانطلاق للاجتهاد القضائي الذي قرر مسؤولية الإدارة
دون خطأ بفعل نقض المساواة أمام الأعباء العامة، وبيان وقائعها كالتالي :
فالسيد كويتياس قد تمّ الاعتراف له بملكية أراضي فلاحية مساحتها 38000 هكتار (في تونس المستعمرة
من طرف فرنسا ) و حصل بموجب حكم على حقه في طرد شاغليها ( السكان الأصليين ). و لكن الحكومة الفرنسية
،التي لجأ إليها عدة مرات للتنفيذ ، قد رفضت مَدَّهُ بالقوة العسكرية اللازمة خشية الاضطرابات الخطيرة التي من
الممكن أن يثيرها السكان الأصليون لتلك الأراضي لأنهم يعتبرون أنفسهم هم المالكون الشرعيون منذ غابر الأزمان.
و لما رفضت الإدارة تعويض السيد كويتياس عن الأضرار الحاصلة له طُــِرح الأمرُ على مجلس الدولة
الفرنسي الذي رأى بأن الحكومة من حقها رفض تقديم القوة المسلحة لأن من واجبها تقدير ظروف تنفيذ الحكم القضائي
و رَفضُ ذلك إن كان هناك خطر يهدد الأمن و النظام العام، ولكن من حق السيد كويتياس أن يطالب
بالتنفيذ مع استعمال القوة فإذا طالت مدة الرفض فوق الحد المعقول فإن ذلك سيكون حِمْلا من غير
المعقول أن يتحمله وحدَه لأن الضرر المفروض عليه في هذه الحالة
هو حرمانه من الانتفاع لمدة غير محددة ، و بالتالي من حقه أن يطالب بالتعويض عنه.
و هكذا يمكن للقاضي في بعض الأحيان أن يقدر بأن السلطة العامة من حقها أن تجعل على كاهل بعض
أفراد المجتمع بعض الأعباء الخاصة باسم المصلحة العامة ، و لكن مبدأ المساواة أمام الأعباء
العامة المأخوذ من بيان حقوق الإنسان و المواطن لعام 1789 يوجب أن يُمنحوا تعويضا مقابل ذلك.
و تجدر الإشارة إلى أن الضرر الواجب تعويضه في هذه الحالة يجب أن يكون خاصا و
غير عادي، أي يجب أن يصل إلى درجة من الأهمية، و أن يقتصر على عدد محدد من الأشخاص.
مع العلم أن القضاء الفرنسي قد رفض في حالات أخرى منح أي تعويض بسبب اختلال التوازن أمام الأعباء العامة ،
خشية أن يُعَطـِّل تماما كل نشاط للإدارة ، و ذلك في مثل حالات تغيير اتجاهات السّيْر
العام أو إحداث اتجاهات جديدة و ما يتبع ذلك من أضرار جسيمة للنشاط التجاري.
ج – المعيار الشكلي : بالبحث عن الوسائل المستعملة من طرف الإدارة
هل استعانت بامتيازات السلطة العامة أم كان تصرفها عاديا مثل تصرف الأفراد.
فهذا المعيار في تحديد الاختصاص للقضاء الإداري هو أن يتعلق النزاع
داخل عمل الإدارة بنشاط المرافق العامة ذات التسيير العمومي.
و هنا تظهر الصعوبة الحقيقية لتحديد معيار توزيع الاختصاص، لأن القضاء الفرنسي حاليا يعتمد معايير مختلفة
تتردد ما بين فكرة المرفق العام و فكرة السلطة العامة أو ما بين التسيير العمومي و التسيير الخاص للمرافق العامة،
و في الوقت الحالي لم يتم التوصل إلى معيار واحد و لكن يبقى معيار المرفق العام قوياً و فعالاً.
الاستثناءات : مراعاة إن كانت هناك استثناءات قانونية تعطي الاختصاص للقضاء العادي ، و أهمها في القانون الفرنسي :
◄ منازعات الضرائب غير المباشرة.
◄ منازعات الضمان الاجتماعي.
◄ مسؤولية الإدارة عن الأضرار التي تحدثها المركبات ( منذ قانون 31-12-1957 ).
◄ المسؤولية عن الأضرار التي يحدثها تلاميذ المدارس العمومية أو تحدث لهم ( قانون 5-4-1937 ).
◄ حالة الأشخاص ( القانون المدني و قانون الجنسية و قانون الانتخابات ).
◄ الاعتداء على الحريات أو على الملكية الفردية، كالاستيلاء على العقار Emprise و حالة التعدي La voie de fait .
و إذا كانت مِيزة القضاء الإداري في البداية تتمثل في غياب الطابع العام و المطلق لمسؤولية الدولة ،
فإن هذه المسؤولية قد توسعت شيئا فشيئا إلى غاية إقرار المسؤولية دون خطأ ،
سواء بناءً على المخاطر أو على اختلال المساواة أمام الأعباء العامة ،
وبذلك ظهر نظام مناسب للضحايا أكثر مما هو عليه في القانون المدني.
و في الوقت الحالي بداية من القرن العشرين تغير الاتجاه نحو التقليص من اختصاص القضاء الإداري
و ذلك بفعل أن الإدارة تجنح إلى تسيير المرافق العامة وفق أساليب القانون الخاص،
و هذا مما دفع إلى مناقشة موضوع طرق تسيير المرافق العامة ذاتها و كلما ظهر أنها تسير
وفق أساليب القانون الخاص أحيل الاختصاص إلى القضاء العادي.
تنازع الاختصاص بين القضاء العادي و القضاء الإداري
قد يحدث أن أحد النظامين القضائيين يرى بأن نزاعا ما هو من اختصاصه، أو يخرج عن اختصاصه،
و يتناقض في ذلك مع ما يراه قضاة النظام الثاني، فينتج عن ذلك ما يعرف بالتنازع الذي
قد يكون إيجابيا إذا تمسك النظامان باختصاصهما، و قد يكون سلبيا إذا قضى كل منهما بعدم اختصاصه.
و الجهة التي تفصل عندئذ في هذا التنازع
هي محكمة التنازع Le tribunal des conflits .
و من جهة ثانية قد يحدث بمناسبة نظر قضية ما من طرف أحد النظامين
القضائيين أن تثار مسائل عارضة هي في الواقع من اختصاص النظام القضائي الآخر،
فيجب أن تكون هناك طرق إجرائية لتفادي أي تجاوز أو أي إشكال.
محكمة التنازع :
من أجل حل التنازع بين النظامين القضائيين أنشأ المشرع الفرنسي محكمة التنازع بموجب قانون 24 مايو 1872 ،
و هي تضم عددا متساويا من قضاة النظامين و تفصل في مسائل التنازع.
إنها تتشكل من ثلاثة قضاة منتخبين من مجلس الدولة و ثلاثة من محكمة النقض، و هؤلاء الستة يقومون
بدورهم بانتخاب عضوين أصليين و عضوين احتياطيين في كل نظام، و الجميع ينتخبون من بينهم نائب رئيس.
وهناك محافظي الحكومة من الجهتين أيضا.
و يرأس محكمة التنازع وزير العدل ( نظريا )، و هو يتمتع بصوت ترجيحي في حالة تساوي الأصوات.
و محكمة التنازع الفرنسية تصدر حوالي خمسين قرارا سنويا.
أ – حالة التنازع الإيجابي Conflit positif :
فإذا كانت جهة إدارية متابعة أمام القاضي العادي فمن حقها أن تلتمس من المحافظ ( Le préfet ) أ
ن يطلب من المحكمة التصريح بعدم الاختصاص ( Déclinatoire de compétence ) ،
فإن استجابت لذلك فبها ، و إن هي رفضت هذا الطلب فعليها الانتظار مدة 15 يوما قبل الفصل في الموضوع،
مما يسمح للمحافظ بطرح المسألة على محكمة التنازع التي تفصل في أجل ثلاثة أشهر.
فالنزاع الإيجابي يهدف إلى حماية الاختصاص الإداري فحسب.
ب – حالة التنازع السلبي Conflit négatif :
و يحدث التنازع السلبي عندما يصرح النظامان القضائيان بعدم اختصاصهما بنظر النزاع ،
و عندئذ يكون من حق الأفراد طرح المسألة على محكمة التنازع.
و منذ عام 1960 أصبح من حق الجهات القضائية نفسها أن تتفادى إصدار
أحكام بعدم الاختصاص عندما تعترضها صعوبات جدية في باب الاختصاص.
المسائل العارضة Questions accessoires :
المسائل العارضة هي تلك المسائل القانونية التي تعترض القاضي أثناء نظر قضية ما،
ويكون عليه أن يفصل فيها مسبقا قبل الفصل في النازلة المعروضة عليه ،
و لكن تلك المسألة تكون من اختصاص النظام القضائي الآخر.
أ – إذا طرح الأمر على القاضي الإداري فإنه يتعين عليه وقف الفصل في الدعوى ، و إحالة الأطراف
إلى القضاء العادي فيما يتعلق بمسائل الجنسية و الملكية و الموطن أو تفسير عقود القانون الخاص.
ب – و إذا طرح الأمر على القاضي العادي ، المدني أو الجزائي، في مسائل تعود للقضاء الإداري كتفسير
قرار إداري فردي أو تنظيمي، أو فحص مشروعيته، أو معرفة ما إذا كان عقار ما تابع للأملاك العامة،
أو أن شخصا معينا يعتبر موظفا عموميا، فإننا نفرق بين القرار الفردي و القرار التنظيمي، بحيث أن تفسير
القرار الفردي يعود لاختصاص القضاء الإداري، و أما إذا تعلق الأمر بقرار تنظيمي فإن الاختصاص يبقى من صلاحيات القضاء
العادي على أساس أن القرارات التنظيمية تتضمن أحكاما عامة فهي شبيهة بالقوانين.
ج – فحص مشروعية القرارات الإدارية :
إن مسألة فحص مشروعية القرارات الإدارية إذا طرحت أمام القضاء
المدني فهي دفع أوليّ يعود الاختصاص بشأنه إلى القضاء الإداري.
و أما إذا طرحت المسألة أمام القضاء الجزائي فإنه يفصل فيها و لا يعتبرها خارج صلاحياته ،
و مما دعّم هذا الاتجاه من الناحية القانونية ما ورد في قانون العقوبات الفرنسي
( المادة R. 26-5° عقوبات قديم و يقابلها نص المادة R. 610-5° عقوبات جديد )
التي تنص على معاقبة المخالفين للمراسيم و القرارات التنظيمية الشرعية،
و قد قضت محكمة النقض الفرنسية بتاريخ 05-7-1961 أنه يتعين على قاضي المخالفات أن يبحث
عن مشروعية القرار البلدي حتى يتمكن من تطبيق النص القانوني، مع ملاحظة أن هذا النص يتعلق بالقرارات
الإدارية المتعلقة بالشرطة العامة أي القرارات الرامية إلى حفظ السكينة و الأمن و الصحة العامة.
الفصل الثاني – قواعد تنظيم الاختصاص في الجزائر
الجزائر أخذت بالمعيار العضوي, أي أن اختصاص القضاء الإداري يقوم عندما يكون احد أطراف الخصومة
على الأقل شخصا معنويا عاما ذو طابع إداري، نجد ذلك في نص المادة 7 [3] من قانون الإجراءات المدنية
التي تنص بأن المجالس القضائية (أي الغرف الإدارية) تختص بالفصل ابتدائيا بحكم قابل للاستئناف
أمام المحكمة العليا (مجلس الدولة حاليا ) في جميع القضايا أيا كانت طبيعتها التي
تكون الدولة أو الولايات أو إحدى المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية طرفا فيها .
مع وجود بعض الاستثناءات التي ذكرتها المادة 7 مكرر من قانون الإجراءات المدنية و مفادها أنه
رغم أن أحد أطراف الخصومة يكون شخصا معنويا عاما ذا طابع إداري فإن الاختصاص يعود إلى القضاء العادي ، و أهم هذه الاستثناءات هي :
المنازعات المتعلقة بالإيجارات : ( الفلاحية – أماكن معدة للسكن – مهنية – تجارية ) ــ
مع العلم أن منازعات المساكن الوظيفية التابعة للأشخاص المعنوية العامة ذات الطابع الإداري تعود
إلى القضاء الإداري ــ و كذا المنازعات المتعلقة بالمواد التجارية و الاجتماعية
( و هناك اختلاف في تحديد المقصود بالمواد الاجتماعية و المهم في هذا المجال أنها
لا تعني أصلا منازعات الوظيف العمومي التي هي من صميم القضاء الإداري ).
الدعاوى الرامية إلى طلب التعويض عن حادث سيارة تابعة لشخص معنوي عام ( الدولة أو الولاية أو البلدية … )
و في هذه الحالة فإن الدولة يمثلها وزير المالية حسب أحكام المادة 52 من القانون المدني،
و وزير المالية يمثله الوكيل القضائي للخزينة بموجب القانون رقم 63/198 الصادر في 8/6/1963[4].
ويبدو من خلال التجربة الميدانية أن استعمال المعيار العضوي من طرف المشرع الجزائري كان موفقاً
إلى حدِّ بعيد بسبب حداثة الجهاز القضائي الجزائري، و عدم وجود الخلفية التاريخية المعقدة كما هو الشأن في فرنسا.
محكمة التنازع ( في الجزائر ):
أنشئت محكمة التنازع في الجزائر ( مباشرة بعد إنشاء مجلس الدولة و المحاكم الإدارية في 30-5-1998 )
بموجب القانون العضوي رقم 98/03 المؤرخ في 8 صفر 1419 الموافق 3 يونيو 1998 المتعلق باختصاصات محكمة التنازع
و تنظيمها و عملها ( طبقا لأحكام المادة 153 من الدستور ) ، و هو مكوّن من 35 مادة.
تشكيل المحكمة :
تتشكل المحكمة من سبعة قضاة ، ثلاثة من المحكمة العليا و ثلاثة من مجلس الدولة،
و الرئيس يعين لمدة ثلاث سنوات من بين قضاة إحدى الهيئتين بالتناوب.
كما يتم تعيين محافظ للدولة و محافظ مساعد من بين القضاة لمدة ثلاث سنوات.
و لصحة المداولة يجب أن تكون المحكمة مشكلة من خمسة قضاة على الأقل
من بينهم عضوان من مجلس الدولة و عضوان من المحكمة العليا.
اختصاص المحكمة :
حسب المادة 15 من قانون المحكمة فإنه لا ترفع أمامها إلا المواضيع المتعلقة بتنازع الاختصاص ،
أي عندما تقضي جهتان قضائيتان إحداهما خاضعة للنظام القضائي العادي،
و الأخرى تابعة للنظام القضائي الإداري، باختصاصهما أو بعدم اختصاصهما للفصل في النزاع نفسه.
و هناك حالة أخرى هي حالة تناقض أحكام نهائية صادرة عن النظامين ، و هي حالة نادرة و قد حدثت
في فرنسا حيث تمسك النظامان القضائيان باختصاصهما و رفضا طلبات المدعي و كان ذلك بناء على تناقض الجهتين في تحليل وقائع القضية :
يتعلق الأمر بقضية السيد روزاي ( M. Rosay ) التي فصلت فيها محكمة التنازع بتاريخ 8-5-1933، فالسيد
روزاي كان يركب سيارة خصوصية و جُرح أثر اصطدامها بمركبة عسكرية، و قد حكم القضاء المدني برفض
طلب التعويض لأن سبب الحادث في نظره يعود إلى خطأ سائق المركبة العسكرية، و لما طرح الأمر على مجلس الدولة –
الذي كان مختصا آنذاك بقضايا حوادث السيارات الإدارية – فإنه قضى برفض طلب التعويض
لأن سبب الحادث في رأيه يعود إلى خطأ سائق السيارة المدنية، و بذلك حدث التناقض بين الحكمين، و تدخل المشرع
الفرنسي فأصدر قانون 20-4-1932 الذي سمح للمتضرر بطرح النزاع على محكمة التنازع التي
ألغت الحكمين الاثنين و فصلت في الموضوع (حمّلت الطرفين مسؤولية التعويض مناصفة ).
الإحالة أمام محكمة التنازع :
الإحالة أمام محكمة التنازع تكون بسعي من الأطراف المعنية في أجل شهرين من
يوم صيرورة القرار الأخير غير قابل للطعن ( المادة 17 من قانون محكمة التنازع ).
كما أضافت المادة 18 حالة أخرى و هي إذا لاحظ القاضي المُخْطـَر بالخصومة أن هناك جهة قضائية
قد قضت باختصاصها أو بعدم اختصاصها، و أن حكمه سيؤدي إلى وقوع تناقض في حكمين صادرين
عن جهتين قضائيتين تابعتين لنظامين مختلفين. ففي هذه الحالة يتعين عليه إحالة القضية بقرار مسبب
غير قابل للطعن أمام محكمة التنازع للفصل في موضوع الاختصاص، و في هذه الحالة تتوقف كل الإجراءات إلى غاية صدور قرار محكمة التنازع.
و كمثال على ذلك : قضية السيد بن كحلة ضد بلدية زمـــــــــــورة ( مجلس قضاء غليزان )،
إذ رفع دعواه ضد البلدية أمام الغرفة الإدارية بالمجلس للمطالبة بالحكم عليها بدفع ثمن البضائع التي زودها بها بناءً
على طلبها، فقضت الغرفة الإدارية يوم 22-10-2005 بعدم اختصاصها النوعي طبقا لنص المادة 7 مكرر من
قانون الإجراءات المدنية على أساس أن التصرفات الواقعة بين الطرفين تدخل ضمن الأعمال التجارية.
فقام المعني برفع دعواه أمام المحكمة التجارية بزمورة ( مجلس قضاء غليزان ) التي قضت يوم 17-01-2006
بإحالة ملف القضية على محكمة التنازع للفصل في موضوع الاختصاص على أساس أن تعامل البلدية مع
المدعي ليس عملا تجاريا باعتبار أن البلدية ليست تاجرة ، و المحكمة ترى أن الاختصاص يعود للقضاء الإداري.
و قد فصلت محكمة التنازع في ذلك بموجب قرارها الصادر في 09-12-2007 ( الملف 45 – الفهرس 08 )
بإبطال قرار الغرفة الإدارية، و إبطال الإجراءات المتخذة أمام المحكمة التجارية، و صرحت بأن
الغرفة الإدارية هي المختصة بالفصل في النزاع، و أحالت القضية و الأطراف أمام هذه الغرفة.
الفصل الثالث – توزيع الاختصاص داخل جهات القضاء الإداري
أولا – في فرنسا :
المبادئ العامة لتوزيع الاختصاص بين جهات القضاء الإداري في فرنسا عرفت تطورات متلاحقة إلى غاية
الإصلاحات المحدثة عام 1953 ، إذ كان مجلس الدولة الفرنسي في السابق يُعتبر هو صاحب الولاية العامة
للفصل في المنازعات الإدارية بينما كان اختصاص باقي المحاكم الإدارية محدد بموجب النصوص التي أنشأتها ،
إلى أن وصل الأمر إلى تضخم عدد القضايا المطروحة أمام المجلس ممّا أدى إلى عجزه عن الفصل فيها في
مدة زمنية مقبولة ، و هذا هو السبب الرئيسي لإصلاحات عام 1953 المحدثة بموجب مرسوم 30/09/1953
المتضمن إصلاح المنازعات الإدارية الذي أعطى صفة قاضي القانون
العام في المادة الإدارية للمحاكم الإدارية
بدلا من مجلس الدولة ، و بالتالي حدث تعميم مبدأ التقاضي على درجتين باستثناء حالات محددة بقي الاختصاص
بالفصل فيها إبتدايا و نهائيا لمجلس الدولة ، و قد تأكد هذا المبدأ بإنشاء محاكم الاستئناف بموجب قانون 31/12/1987 .
و توزيع الاختصاص داخل هيئات القضاء الإداري محدد بموجب مرسوم 22/02/1972 ( المتمم بمرسوم 02/09/1988 )
الذي يهدف إلى تبسيط إجراءات توزيع الاختصاص و الإسراع فيها ، و بموجب هذا النظام يُمنع
على كل جهة قضائية إدارية أن تصرح بعدم اختصاصها إذا كان الاختصاص يعود إلى جهة قضائية
إدارية أخرى بل يجب عليها تصحيح الإجراءات و ذلك بتحويل النزاع إلى الجهة المختصة.[5]
و يكون ذلك حسب الكيفيات التالية :
ç إذا كانت عريضة الطعن مشوبة بعيب فاضح من عيوب عدم القبول فإن بإمكان مجلس
الدولة أو المحاكم الإدارية أن تصرح برفضها بغض النظر عن مسألة الاختصاص .
ç و إذا طرحت الدعوى أمام مجلس الدولة و كان الاختصاص يعود في الحقيقة إلى جهة قضائية
إدارية متخصصة فإن مجلس الدولة يحيل إليها الدعوى ( بموجب أمر غير مسبب من رئيس قسم المنازعات بالمجلس )
و لا يكون من حق الجهة المحال عليها أن ترفض التمسك باختصاصها.
ç و إذا طرحت الدعوى أمام مجلس الدولة و كان الاختصاص يعود إلى إحدى المحاكم الإدارية فإن رئيس قسم
المنازعات يصدر أمرا غير مسبب ، و غير قابل للطعن ، بتحويل القضية إلى المحكمة المختصة ،
و هذه الأخيرة لا يمكنها رفض التمسك باختصاصها إلا إذا كان يتعلق بعدم اختصاص القضاء الإداري أصلا.
ç و إذا طرحت الدعوى أمام محكمة إدارية و رأت أن الاختصاص يعود إلى محكمة إدارية أخرى
فإن المسألة تعرض على رئيس قسم المنازعات بمجلس الدولة الذي يحدد المحكمة المختصة.
ثانيا – في الجزائر :
الطعون بالبطلان أو بتفسير القرارات التنظيمية أو الفردية الصادرة عن السلطة الإدارية المركزية
و الهيئات العمومية الوطنية Institutions publiques nationales و المنظمات المهنية الوطنية
Organisations professionnelles nationales ، و فحص مشروعيتها ،
تعود لمجلس الدولة حسب نص المادة 274 من قانون الإجراءات
المدنية و المادة 9 من القانون 98/01 المتعلق بمجلس الدولة [6].
الطعون بالبطلان أو بتفسير القرارات التنظيمية أو الفردية الصادرة عن الولايات ( و تندرج ضمنها قرارات المديريات الولائية )
و فحص مشروعيتها تعود إلى الغرف الجهوية الخمســـة ( مجالس : الجزائر – وهران – قسنطينة – بشار – ورقلة )
حسب نص المادة 7 بند 1 من قانون الإجراءات المدنية .
الطعون بالبطلان أو بتفسير القرارات التنظيمية أو الفردية الصادرة عن البلديات و المؤسسات العمومية ذات الصبغة
الإدارية و فحص مشروعيتها، و كذلك المنازعات المتعلقة بالمسؤولية المدنية لكل الأشخاص المعنوية ذات الطابع
الإداري بما فيها الدولة و الرامية إلى طلب التعويض تعود إلى الغرف الإدارية لدى
المجالس القضائية كلها ، وهذا بنص المادة 7 بند 2 من قانون الإجراءات المدنية .
و نلاحظ أنه بخلاف الوضع في القانون الفرنسي فإن إجراءات الإحالة الداخلية بين جهات القضاء الإداري
غير موجودة في التشريع الجزائري، و بالتالي إذا طرحت دعوى إدارية على جهة إدارية
غير مختصة فإنه لا يسعها إلا التصريح بعدم اختصاصها في ظل النصوص الحالية .
[1] Article 13 de la loi du 16-24 août 1790
« Les fonctions judiciaires sont distinctes et demeurerons
toujours séparées des fonctions administratives.
Les juges ne pourrons, à peine de forfaiture, troubler de quelques manière
que soit les opérations des corps administratifs, ni citer devant
eux les administrateurs pour raisons de leurs fonctions.”
· [2] Précis de droit administratif – Pierre-Laurent Frier
– 3e édition – Montchrestien 2004.
[3]المادة 7 : من قانون الإجراءات المدنية
تختص المجالس القضائية بالفصل ابتدائيا بحكم قابل للاستئناف أمام المحكمة العليا، في جميع القضايا
أيا كانت طبيعتها التي تكون الدولة أو الولايات أو إحدى المؤسسات العمومية
ذات الصبغة الإدارية، طرفا فيها، و ذلك حسب قواعد الاختصاص التالية:
1 – تكون من اختصاص مجلس قضاء الجزائر و وهران و قسنطينة
و بشار و ورقلة التي يحدد اختصاصها الإقليمي عن طريق التنظيم:
– الطعون بالبطلان في القرارات الصادرة عن الولايات،
– الطعون الخاصة بتفسير هذه القرارات و الطعون الخاصة بمدى شرعيتها،
2 – المجالس القضائية التي تحدد قائمتها
و كذا اختصاصها الإقليمي عن طريق التنظيم:
– الطعون بالبطلان في القرارات الصادرة عن رؤساء المجالس الشعبية البلدية و عن المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية،
– الطعون الخاصة بتفسير هذه القرارات و الطعون الخاصة بمدى شرعيتها،
– المنازعات المتعلقة بالمسؤولية المدنية للدولة، والولاية، و البلدية
و المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية و الرامية لطلب تعويض.
[4]المادة 7 مكرر من قانون الإجراءات المدنية:
” خلافا لأحكام المادة 7، تكون من اختصاص :
1 – المحاكم :
– مخالفات الطرق.
– المنازعات المتعلقة بالإيجارات الفلاحية و الأماكن المعدة للسكن، أو لمزاولة
مهنية أو الإيجارات التجارية و كذلك في المواد التجارية أو الإجتماعية،
– المنازعات المتعلقة بكل دعوى خاصة بالمسؤولية و الرامية لطلب تعويض الأضرار الناجمة
عن سيارة تابعة للدولة أو لإحدى الولايات أو البلديات أو المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية.
2 – المحاكم التي تعقد جلساتها بمقر المجالس القضائية : المنازعات المذكورة بالمادة الأولى الفقرة الثالثة.
3 – المحكمة العليا : الطعون المذكورة بالمادة 231 ثانيا “.
[5] أنظر – Yves Gaudmet Traité de droit administratif
[6]المادة 274 من قانون الإجراءات المدنية :
” تنظر الغرفة الإدارية بالمحكمة العليا إبتدائيا و نهائيا :
1 – الطعون بالبطلان في القرارات التنظيمية
أو القرارات الفردية الصادرة من السلطة الإدارية المركزية.
2 – الطعون الخاصة بتفسير هذه القرارات و الطعون الخاصة بمدى
مشروعية الإجراءات التي تكون المنازعة فيها من إختصاص المحكمة العليا.”
المادة: 09 من القانون رقم 98/01 على :
” يفصل مجلس الدولة ابتدائيا و نهائيا في الطعون بالإلغاء المرفوعة ضد القرارات التنظيمية أو
الفردية الصادرة عن السلطات الإدارية المركزية و الهيئات العمومية الوطنية و المنظمات المهنية الوطنية.
2ـ الطعون الخاصة بالتفسير و مدى شرعية القرارات التي تكون نزاعاتها من اختصاص مجلس الدولة.”
[i]Tribunal des conflits – 8 février 1873 – Blanco :
Par l’arrêt Blanco , le Tribunal des conflits consacre à la fois
la responsabilité de l’État à raison des dommages
causés par des services publics et la compétence de
la juridiction administrative pour en connaître.
Une enfant avait été renversée et blessée par un wagonnet
d’une manufacture de tabac, exploitée en régie par l’État. Le père avait saisi
les tribunaux judiciaires pour faire déclarer l’État civilement responsable
du dommage, sur le fondement des articles 1382 à 1384 du code civil. Le conflit fut
élevé et le Tribunal des conflits attribua la compétence pour
connaître du litige à la juridiction administrative.
L’arrêt Blanco consacre ainsi la responsabilité de l’État, mettant
fin à une longue tradition d’irresponsabilité, qui ne trouvait d’exceptions
qu’en cas de responsabilité contractuelle ou d’intervention législative.
Il soumet toutefois cette responsabilité à un régime spécifique,
en considérant que la responsabilité qui peut incomber
à l’État du fait du service public ne peut être régie
par les principes qui sont établis dans le code civil pour les rapports de particulier à particulier.
La nécessité d’appliquer un régime spécial, justifié par les besoins du
service public, est ainsi affirmée. Le corollaire de l’existence de règles
spéciales réside dans la compétence de la juridiction administrative pour
connaître de cette responsabilité, en application de la loi des 16 et 24 août 1790,
qui interdit aux tribunaux judiciaires de « troubler, de quelque manière que ce soit,
les opérations des corps administratifs ».
Au-delà même de la responsabilité, l’arrêt reconnaît le service public comme le critère de
la compétence de la juridiction administrative, affirme la spécificité des
règles applicables aux services publics et établit un lien entre le fond
du droit applicable et la compétence de la juridiction administrative..
[ii]30novembre 1923 – Couitéas .
L’arrêt Couitéas marque le point de départ de la jurisprudence reconnaissant la
responsabilité sans faute de l’administration pour
rupture de l’égalité devant les charges publiques.
M. Couitéas avait été reconnu propriétaire en Tunisie d’un domaine
de 38 000 hectares et avait obtenu par
jugement le droit d’en faire expulser les occupants.
Toutefois, le gouvernement français, auquel il s’était adressé
à plusieurs reprises, lui avait refusé le concours de la force militaire
d’occupation, reconnue indispensable, en raison des troubles graves
qu’aurait entraînés l’expulsion de 8 000 autochtones de terres dont
ils s’estimaient les légitimes occupants depuis un temps immémorial.
Le Conseil d’État, saisi d’une requête dirigée contre le refus
d’indemnisation du propriétaire pour le préjudice qui en résultait,
jugea que le gouvernement avait pu légalement refuser
le concours de la force armée car il avait le devoir d’apprécier
les conditions d’exécution de la décision de justice et de la refuser
tant qu’il estimait qu’il y avait danger pour l’ordre et la sécurité.
Toutefois, M. Couitéas était en droit de compter sur la force publique
pour l’exécution de la décision rendue à son profit, et le préjudice
résultant du refus de concours ne pouvait être regardé,
s’il excédait une certaine durée, comme une charge lui incombant normalement.
En l’espèce, le préjudice, qui lui était imposé dans l’intérêt général,
consistait en une privation de jouissance totale et sans limitation de durée de sa propriété,
et il était fondé à en demander une réparation pécuniaire.
Ainsi, dans certains cas, le juge considère que la puissance publique
peut légalement faire supporter, au nom de l’intérêt général, des charges
particulières à certains membres de la collectivité, mais que le principe
d’égalité devant les charges publiques, tiré de la Déclaration des droits de
l’homme et du citoyen de 1789, justifie qu’une compensation leur soit accordée.
Il convient cependant que le dommage soit anormal et spécial, c’est-à-dire
qu’il atteigne un certain degré d’importance et ne concerne que certains membres de la collectivité.
La jurisprudence Couitéas trouve souvent à s’appliquer en cas de défaut
de concours de la force publique pour assurer l’exécution d’une décision de
justice, qu’il s’agisse de l’expulsion de grévistes d’une usine ou de
locataires d’un appartement qu’ils occupent indûment. Lorsque
l’exécution de la décision risque de troubler gravement l’ordre public,
le refus de concours est légal mais le préjudice qui en résulte est anormal
passé un délai raisonnable – puisqu’une décision de justice exécutoire
doit être exécutée – et spécial – puisqu’il vise son seul bénéficiaire.
Le juge administratif considère que la responsabilité de la puissance
publique peut également être engagée sur le fondement de la rupture
d’égalité devant les charges publiques du fait de lois
(voir Ass. 14 janvier 1938, Société anonyme des produits
laitiers « La Fleurette ») ou de conventions
internationales (Ass. 30 mars 1966, Compagnie générale
d’énergie radio- électrique, p. 257), dans des hypothèses limitées.
Il est toutefois des cas dans lesquels le juge se refuse à considérer
qu’une indemnisation soit possible sur le fondement de la rupture
d’égalité devant les charges publiques, de crainte de paralyser
toute action administrative, dont le coût deviendrait exorbitant
اترك تعليقاً