نطاق قرينة البراءة في التشريع المغربي
– ونعني بذلك الاشخاص الذين يستفيدون من قرينة البراءة وتطبيقها على جميع الجرائم أم تقتصر على الجرائم البسيطة دون الخطيرة، وهل يطبق المبدأ خلال جميع مراحل المسطرة ام يقتصر على مرحلة دون أخرى.
– بالرجوع الى المادة الاولى من قانون المسطرة الجنائية، نجد هذه الاخيرة تتحدث عن كل متهم او مشتبه فيه، أي سواء كان فاعلا أصليا او مساهما او شريكا طبقا لمقتضيات الفصول 128 و129 و130 من القانون الجنائي. وبذلك يستفيد من قرينة البراءة كل من الفاعل الاصلي والمساهم والمشارك في الجريمة.
– يستفيد من قرينة البراءة كل متهم او مشتبه فيه، سواء كان مجرما جديدا او مجرما عائدا له سوابق قضائية او مجرما بالصدفة.
– لا تأثير لخطورة الجريمة وشخصية المجرم على مبدأ قرينة البراءة، بحيث يفترض هذا الاخير بالنسبة لجميع الجرائم سواء كانت بسيطة او تكتسي خطورة اولها مساس بالامن العام، دون الاخذ بعين الاعتبار شخص مرتكبها.
– يستفيد من مبدأ قرينة البراءة حسب القانون المغربي كل من المشتبه فيه او المتهم او المتابع او المدان ابتدائيا، طوال مراحل القضية ومنذ توافر شكوك تفيد ارتكاب الجريمة الى حين صدور حكم في القضية قضى بإدانته اكتسب قوة الشيء المقضى به.
-تعد سياجا يقي الحريات الشخصية من أي تعسف أو تحكم من طرف أجهزة التحري عن الجرائم، فكل شخص يعد بريئا حتى تثبت إدانته وهو بذلك لا يطالب بإثبات براءته التي هي أصل وحقيقة ثابتة وعلى أعضاء الضبط القضائي الذين يباشرون تحرياتهم عند وقوع جريمة ما أن يبحثو عن الأدلة والقرائن والدلائل التي تجعل شخصا من الأشخاص مشتبها فيه وذلك باتباع الإجراءات التي ينص عليها القانون
-افتراض براءة الشخص تستلزم تقييد حرية الموظفين المكلفين بمهام التحريات الأولية والتحقيق في الجرائم وذلك باتباع الإجراءات التي حددها المشرع فرجل الضبط القضائي.
ــ تساهم قرينة البراءة في الحد من الأخطاء القضائية بحيث لا يدان أي شخص الا بناءا على أدلة يقينية تثبت ارتكابه للجريمة ومسؤوليته عن وقائعها
ــ القاعدة تتفق مع التعاليم الدينية والأخلاقية التي توصي برعاية الضعفاء وعدم الإعتداء عليهم والمساس بحقوقهم لله در الخليفة أبي بكر الصديق(رضي الله عنه)حين قال “القوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه والضعيف قوي عندي حتى آخذ الحق له
ــ عندما ترتكب جريمة ينشأ للدولة حق معاقبة المجرم حماية للنظام العام والأمن في المجتمع، ولكن البحث عن الشخص المرتكب للجريمة لا ينسيها حماية حقوق الأفراد وحرياتهم، فضرورة معرفة المجرم لا تبرر إدانة البريء فهدف الإجراءات الجزائية هي الوصول إلى الحقيقة أي إثبات الوقائع ونسبتها إلى شخص بعينه على سبيل اليقين لا الشك .
تأثير قرينة البراءة على قواعد الاثبات:
– إن المستفيد من قرينة البراءة لايقع عليه عبء إثبات براءته، بحيث يصبح هذا العبء على عاتق النيابة العامة او الضحية في إطار الشكاية المباشرة اللذين يتعين عليهما كل فيما يخصه، إثبات ارتكاب الجريمة من طرف المشتبه فيه و المتهم.
فافتراض البراءة يقلب قواعد الاثبات. وهذا لايعني أن المشتبه فيه او المتهم يتعين عليه ان يختار السكوت وعدم الجواب عن اسئلة المكلف بالبحث او النيابة العامة عند استجوابه او قاضي التحقيق او المحكمة عند الاستماع إليه تحت ذريعة الاستفادة من مبدأ قرينة البراءة، لأن سكوته والامتناع عن الجواب قد يفسر ضد مصلحته.
– إذا كان الاثبات مقيدا في الميدان المدني، فإنه على خلاف ذلك في الميدان الزجري يكون حرا كما ذهب الى ذلك العميد Bouzat، لذا فإن قاعدة افتراض البراءة لاتهدف الى ضمان عدم معاقبة المجرم الحقيقي
ذهب منتسكيو في كتابه: روح القوانين إلى أنه: »حين تكون براءة المواطنين غير مؤمنة، فالحرية تكون كذلك.
فبراءة الشخص لها ارتباط وثيق بالحرية التي حظيت باهتمام كبير من طرف جميع دساتير الدول ومن بينها الدستور المغربي الذي كفل حرية الأشخاص بمقتضى الفصل 10 منه.
وقرينة البراءة تعتبر من المستجدات التي جاء بها القانون رقم 01 – 22 المتعلق بالمسطرة الجنائية (ظهير 3 أكتوبر 2002) الذي اهتم، كما جاء في ديباجته، بإبراز المبادئ والأحكام الأساسية في مجال حقوق الانسان وتوفير ظروف المحاكمة العادلة، بهدف تحقيق هذه المبادئ السامية والمحافظة عليها باعتبارها من الثوابت في نظام العدالة الجنائية المعاصرة. ونخص بالذكر هنا الاعلان العالمي لحقوق الانسان المادة 10 المؤرخ في 1948/12/10 والاتفاقية الاوربية لحقوق الانسان. لذلك حرص على إقرار عدة مبادئ من ضمنها قرينة البراءة معتبرا كل شخص مشتبه فيه أو متابع تفترض براءته مادامت إدانته غير مقررة بمقتضى حكم نهائي، وكل مساس ببراءته المفترضة محرم ومعاقب عليه بمقتضى القانون.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً