بحث قانوني عن الإطار القانوني لملكية الأراضي والتصرف فيها في فلسطين
اعادة نشر بواسطة محاماة نت
مقدمة:
عند الحديث عن موضوع التنظيم القانوني لملكية العقارات فانه يدور في الأذهان مباشرة مدى التعقيد والتشابك والتداخل في موضوع الأراضي والعقارات وملكيتها على ارض الواقع، وهو ما يشغل بال العاملين في هذا القطاع الهام والحيوي بالنسبة للفلسطينيين، إذ أن أساس الصراع كان على الأرض وما زال.
وحتى نغطي الأمر من كافة جوانبه كان لزاما علينا أن نقوم بدراسة الواقع القانوني والتنظيمي لمسائل الأراضي والعقارات في كافة الحقب التي مرت على فلسطين وما خلفته من أنظمة قانونية وتشريعات لها علاقة وتمس بشكل مباشر موضوع تملك الأموال غير المنقولة في فلسطين، حيث كان لكل حقبة من هذه الحقب ما يميزها ويطبعها بطابعها العام، ابتداء من الحقبة العثمانية وما خلفته من قوانين تطبق حتى كتابة هذه الورقة مرورا بالانتداب البريطاني وما سنه من قوانين تتعلق بالأراضي وغيرها وما أثارته من إشكاليات عملية على ارض الواقع، وتعريجا على الحقبة الأردنية وما كان لها من الأثر الكبير في موضوع الأراضي، والتي تزامنت مع الإدارة المصرية على قطاع غزة وما خلفته من قوانين، ومن ثم مرحلة الاحتلال الإسرائيلي وما صنعه على الأرض من السيطرة عليها عن طريق ما يسمى بالأوامر العسكرية، وانتهاء بالحقبة الفلسطينية والتي تمثلت بقدوم السلطة الفلسطينية في العام 1994، وما أصدرته من قوانين أو قرارات أو تعليمات بشان الأراضي.
أولا: تقسيمات وأحكام الأراضي في فلسطين
نظم قانون الأراضي العثماني لسنة 1858 الأحكام المتعلقة بالأراضي وحدد تقسيماتها وفقا للمادة الأولى منه، فقسمها إلى خمسة أنواع متمايزة، وهي:
– الأراضي الملك
– الأراضي الأميرية
– الأراضي الوقف
– الأراضي المتروكة
– الأراضي الموات
أ- الأراضي الملك
وقد تم تقسيمها إلى أربعة أنواع وذلك بموجب المادة الثانية منه، وهي:
• الأرض الملحقة ببيت السكن والتي لا تزيد مساحتها على نصف الدونم، أي أنها الأرض التي تكون في موقع البناء والتي تعتبر من قبيل الأراضي الملك، كما يتبين أيضا أن الأرض التي تقع خارج حدود البلدية (سواء خارج بلديات المدن أو المجالس القروية) لا يؤثر على نوع الأرض كونها ملحقة ببيت سكن أم لا أو بناء بيت السكن في أرض أميرية، لا يحولها ذلك الواقع من نوع الأميرية إلى الملك، بل إن الأراضي التي تلحق مواقع البناء التي تدخل ضمن حدود البلديات فقط هي التي تعتبر من نوع الملك.
• الأراضي التي أفرزت من الأراضي الأميرية وملكت تمليكا صحيحا بأسماء مالكيها.
• الأراضي العشرية: التي وزعت وملكت للفاتحين عند الفتح.
• الأراضي الخراجية: التي تقرر إبقاءها في يد أهلها غير المسلمين على أن يدفعوا عنها مبلغا من المال للدولة.
– أحكام الأراضي الملك:
صاحب الأراضي الملك مالك للأرض نفسها، وفي الوقت ذاته مالك لما تحتها وما فوقها له كامل الحرية في التصرف فيه، يحق له أن يتصرف فيه بكافة أنواع التصرفات العقارية سواء الناقلة لملكية رقبتها أو غير الناقلة كالهبة والرهن وغيرها، وهذا ما أكدته مجلة الأحكام العدلية في نصوصها الواردة في الباب الثالث منها. وتجدر الإشارة إلى أن عبارة الأرض وما فوقها تشمل الأرض وما عليها من بناء أو غيره.
ب- الأراضي الأميرية
هي الأراضي التي تكون رقبتها لبيت المال ويجري إحالتها و تفويضها لأحد من قبل ولي الأمر بناء على طلبه لمدة غير محددة، لقاء معجلة تسمى الطابو يدفعها الطالب للخزينة ويعطى سند رسمي بذلك.
– أحكام الأراضي الأميرية:
أن المتصرف بأرض أميرية له أن ينتفع بها على الوجه الذي يريد، إلا أنه إذا أراد البناء في الأرض أو إذا أراد فراغها إلى آخر عليه الحصول على إذن من إدارة الطابو، كذلك إذا تركت الأرض دون استعمال لمدة أكثر من ثلاث سنوات بلا عذر فإنها تنحل عنه.
– التصرفات الجائزة على الأراضي الأميرية:
قسم قانون الأراضي العثماني التصرفات الواردة والجائزة على الأراضي الأميرية إلى ثلاثة أنواع، وهي:
– تصرفات مطلقة للمتصرف كالزراعة، والرهن والانتفاع بحشائشها .
– تصرفات لا تتم إلا بإذن المأمور وهي فراغ الأرض أي بيعها وهبتها وقسمتها وغرس الأشجار وقلعها وإنشاء الأبنية.
– تصرفات محظورة مثل وقف الأراضي الأميرية.
ومما تجدر الإشارة إليه في هذا السياق أن هذا النوع من الأراضي قد طرأت عليه تعديلات جذرية، حيث صدر قانون تحويل الأراضي من نوع الميري إلى ملك رقم( 41) لسنة 1953 ، على النحو الآتي:
1- أعطى هذا القانون الحق لكل من يمتلك ارض ميرية تحويلها إلى ملك بقصد وقفها لجهة خيرية، وذلك وفق الإجراءات التالية:
أ- استصدار قرار من مجلس الوزراء بتمليكه هذه الأرض تمليكا صحيحا، وتحويلها من ميري إلى ملك.
ب- يأمر المجلس بنشر القرار بالجريدة الرسمية بتمليكه الأرض، إذا اقتنع أن هناك مسوغات قانونية.
ت- يجب تنفيذ هذا القرار خلال ستة أشهر في دائرة التسجيل من تاريخ صدوره وإلا اعتبر لاغيا.
2- أعطى هذا القانون الحق بتحويل الأراضي الميري الواقعة داخل حدود البلديات من ميري إلى ملك، إذا قامت البلدية بتوسيع حدودها فتلقائيا تصبح هذه الأراضي من نوع الملك من تاريخ التوسع.
3- وفيما يتعلق بآلية انتقال الأراضي الأميرية إلى الورثة بموجب هذا القانون فقد أشار القانون إلى عدد من الحالات وهي على النحو الآتي:
– آلية انتقال الأراضي:
أ. الحالة الأولى:
إذا كان صاحب أرض أميرية وتوفي قبل العمل بهذا القانون:
هنا تنتقل الأرض إلى الورثة وفقا لقانون انتقال الأراضي الأميرية باعتبارها أرضا أميرية (أي تقسم بالتساوي (للذكر مثل الأنثى) وليس حسب تقسيم الشريعة) وتسجل بأسماء الورثة على اعتبار أنها ملكا ولكن بشروط:
1- إذا تم انتقالها وتسجيلها خلال سنة واحدة من تاريخ العمل بهذا القانون
2- أو في خلال سنة واحدة من تاريخ نفاذه إذا كانت الأراضي الأميرية محولة إلى ملك وذلك وفقا لما ذكرناه في الفقرة( 1، 2) أعلاه.
3- وفي حال لم يتم الانتقال خلال المدة المذكورة فتسجل الأرض على أنها ملكا.
ب. الحالة الثانية:
وأشار لها القانون المؤقت المعدل لقانون تحويل الأراضي من نوع الميري إلى ملك رقم 32 لسنة 1962 جاء التعديل على المادة 4 من القانون رقم 41 لسنة 1953 بإضافة فقرة جديدة للمادة 4 وهي على النحو الآتي:
أ- حيث أشارت هذه الفقرة على انه بالرغم مما ورد في الحالة الأولى والتي اشرنا لها سابقا، إلا انه لا تنطبق أحكام الفريضة الشرعية على أصحاب حق الانتقال والتصرف في الأراضي الأميرية التي لم تتم تسويتها سواء كانت مسجلة أو غير مسجلة في حال حصلت الوفاة قبل العمل بهذا القانون، حيث يتم توزيعها حسب المسالة القانونية (أي للذكر مثل الأنثى) وتسجل على أنها ملك، على انه يستثنى من ذلك أية ارض أميرية لم تتم تسويتها وتم تسجيلها بحسب الفريضة الشرعية بأسماء أصحاب حق الانتقال بعد العمل بالقانون.
ب- أما في حال حصلت الوفاة بعد العمل بالقانون فكل ارض أميرية سواء كانت مسجلة أو غير مسجلة ولم تتم تسويتها تنتقل إلى الورثة أو المتصرفين بها على أساس التقسيم الشرعي.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن العمل بالمسائل الانتقالية قد توقف العمل بها بموجب تعميمات داخلية في المحاكم الشرعية من تاريخ 16/4/1991.
أما الواقع العملي الحالي: يؤكد عدم وجود فرق بين الأراضي الملك والأراضي الميري، فيحق له إجراء كافة التصرفات من البيع والإيجار والهبة.
ج- الأراضي الموقوفة
الأراضي الموقوفة:
إما أن تكون موقوفة وقفا صحيحا: إذا كان الواقف مالكا للأرض الموقوفة أي أن الأرض من نوع الملك، وفي هذه الحالة تكون رقبة الأرض وجميع حقوق التصرف عائدة للجهة الموقوفة لصالحها الأرض.
أو موقوفة وقفا غير صحيح:
وهو الوقف الذي يقع على أرض أميرية أوقفها السلاطين لجهة من الجهات أو أوقفها غيرهم بإذن سلطاني، والأراضي التي يقع عليها مثل هذا النوع من الوقف لا يجوز بيعها، بل يتم تناقلها بالفراغ، وتكون رقبتها ملكا للسلطان. وهذا النوع من الأراضي الموقوفة تجري عليها كافة أحكام الأراضي الأميرية إلا أن أعشارها ورسومها وكل ما يستحق دفعه عنها لجانب الدولة يعود إلى الجهة التي أوقفت عليها.
د- الأراضي المتروكة
وهي أراضي قريبة من العمران تترك لاستعمال الأهالي وتعتبر ملكا لهم جميعا، ولا يجوز بيع أو شراء أو زراعة هذا النوع من الأراضي أو التصرف فيها إلا بالانتفاع وبشرط أن يكون عاما لجميع أهالي المنطقة.
هـ- الأراضي الموات
هي أراضي بعيدة عن العمران، ليست ملكا لأحد. وفي الوقت نفسه ليست أرضا متروكة.
وبموجب قانون الأراضي يتم إحياء الأراضي الموات بإحدى الطريقتين:
– إذن المأمور مجانا.
– بدون إذن المأمور بشرط زراعتها فعلا ودفع المزارع بدلا نقديا( مثل الطابو)، ويعطى له بها سند.
رقبة الأراضي الموات عائدة لبيت المال وحق التصرف للشخص الذي قام بإحيائها.
ثانيا: أحكام التصرف في العقارات
هنالك مجموعة من القوانين التي نظمت مسألة التصرف في العقار كجزء من الأموال غير المنقولة، ومن هذه القوانين ما تناولت الأحكام المتعلقة بحق التصرف في العقارات الأميرية والموقوفة، في حين أن هنالك قانون آخر تناول التصرف بالأموال غير المنقولة من قبل الأشخاص المعنويين، وقانون ثالث نظم صورتين من صور التصرف في الأموال غير المنقولة وهما البيع والإيجار للأجانب.
أ- تصرف الأشخاص الطبيعيين:
نظم قانون التصرف في الأموال غير المنقولة قانون رقم 49 لسنة 1953 تصرف الأشخاص الطبيعيين في الأموال غير المنقولة على النحو الآتي:
فيما يتعلق بهذا القانون فقد حصر إجراء جميع معاملات التصرف في الأموال غير المنقولة بحيث تشمل التصرف في الأراضي الأميرية والموقوفة والأملاك والمسقفات والمستغلات الوقفية وإعطاء السندات فيها بدوائر التسجيل.
1- ويؤكد هذا القانون على الحجية القطعية لسندات التسجيل التي تصدر عن دوائر التسجيل.
2- أشار هذا القانون في المادة 6 منه إلى مسالة التصرف في الأراضي الأميرية؛ حيث أكدت على حق من يتصرف فيها في القيام بكافة التصرفات عليها من حيث فراغها فراغا قطعيا وتأجيرها وإعارتها ووضعها كتأمين للدين، وإقامة الأبنية وغيرها من التصرفات.
3- كما حظر هذا القانون وقف الأراضي الأميرية أو الايصاء بها ما لم تكن قد ملكته إياها الحكومة تمليكا صحيحا.
4- كما أشار إلى أن الأبنية وما يتبعها التي تنشأ على الأراضي الأميرية والموقوفة وما يغرس فيها من أشجار ودوالي تسري عليها الأحكام الموضوعة للأراضي فيما يتعلق بالتصرف والانتقال.
ظهور مستحق جديد:
في حال ظهور مستحق جديد بعد إنشاء الأبنية أو الغرس في الأراضي الأميرية أو الموقوفة (وقفا غير صحيح) يكون الحل وفق الآتي:
1- إذا كانت قيمة البناء أو الغراس قائمة تزيد على قيمة الأرض، هنا يقوم الشخص بدفع قيمة الأرض إلى المستحق الجديد.
2- إذا كانت قيمة الأرض تزيد على قيمة البناء أو الأشجار قائمة هنا يقوم المستحق الجديد بدفع قيمة البناء أو الغراس إلى صاحب الأبنية.
تصرف الفضولي:
هنا وفي هذا القانون وتحديدا المادة 12 منه أشارت إلى أنه في حال أقام احد أبنية أو أشجارا أو غراسا فضولا في ارض غيره، فيحق للمتصرف أن يطلب من الفضولي أن يقوم بقلع وهدم هذه الأشجار، أما إذا كان الهدم أو القلع يؤثر على الأرض، فإنه بإمكان المتصرف دفع قيمتها مستحقة للقلع وتملكها.
دعاوي الحكومة:
فيما يتعلق برقبة الأراضي الأميرية والموقوفة والأملاك والمحلولة:
اعتبرت المادة 16/1 أن مدة مرور الزمن لهذا النوع من الأراضي هي ست وثلاثون سنة.
وقد تم الإشارة في ثنايا هذه الورقة حول مدة مرور الزمن بالنسبة لكافة أنواع الأراضي في موقع آخر ولا داعي للتكرار.
(كافة الأحكام الموجودة في هذا القانون وتتعلق بالأراضي الأميرية تنطبق على الأراضي الموقوفة)
تصرف الأشخاص المعنويين وتملكهم للأموال غير المنقولة:
عالج قانون تصرف الأشخاص المعنويين بالأموال غير المنقولة رقم 61 لسنة 1953 موضوع تصرف الأشخاص المعنويين، وقد تتطرق هذا القانون إلى عدد من المواضيع والتي ندرجها وفق الآتي:
– حق الشركات الفلسطينية في تملك الأراضي بشروط:
1- أن يكون أصحابها من الفلسطينيين.
2- أن تكون أسهمها محررة باسم أصحابها المذكورين.
3- أن تتملك وتتصرف وفقا لنظامها المصدق من قبل الحكومة.
4- أن لا تكون الأراضي التي ترغب بتملكها واقعة ضمن مناطق عسكرية أو استحكامات أو موانئ عسكرية، أو أن تملكها قد يشكل ضررا.
5- وعندما ترغب هذه الشركات ببيع هذه الأراضي يكون لأصحاب تلك القرية حق الرجحان بشرائها بثمن المثل.
– حق الجمعيات والمؤسسات الخيرية والدينية الفلسطينية في تملك الأموال غير المنقولة:
شروطها:
1- أن يكون تملكها داخل المدن والقرى فيما تحتاج إليه.
2- أن يكون تملكها بالقدر الضروري اللازم لأعمالها.
3- على أن لا يكون إحراز هذه الأموال فقط لمجرد إحرازها أو الاتجار بها.
– حق الشركات التجارية في تملك الأموال غير المنقولة( المؤلفة في الخارج والمسجلة في فلسطين).
شروطها:
1- الحصول على قرار من مجلس الوزراء
2- أن تتملك فيما تحتاج إليه من أموال وبالقدر الضروري اللازم لأعمالها
3- أن لا يكون إحراز هذه الأموال لمجرد الإحراز أو الاتجار بها.
حق الجمعيات الخيرية والدينية الأجنبية في تملك الأموال غير المنقولة:
شروطها:
1- الحصول على قرار من مجلس الوزراء
2- أن يكون تملكها داخل المدن والقرى، و في ما تحتاج إليه من الأموال غير المنقولة
3- بالقدر الضروري اللازم لأعمالها.
4- أن لا يكون تملك الأموال لمجرد الإحراز أو الاتجار بها.
– كما وضع هذا القانون قيودا على الجمعيات الخيرية والهيئات الدينية والشركات سواء الأردنية منها أو غير الأردنية، في عملية تملك الأموال غير المنقولة والمجاورة للاماكن المقدسة وبشرط الحصول على قرار من مجلس الوزراء.
– ومن القيود كذلك والتي وضعت على هذه الجمعيات انه في حال تبين أنها أحرزت وتملكت أموالا غير منقولة زائدة عن حاجتها فهنا يحق للحكومة رفع دعوى عليها وبيع ما زاد عن حاجتها بالمزاد العلني.
مسالة إيجار وبيع الأموال غير المنقولة من الأجانب:
عالج هذه المسالة قانون إيجار وبيع الأموال غير المنقولة من الأجانب رقم 40 لسنة 1953 وقد جاء فيه:
– عالج هذا القانون مسالة إيجار الأجانب حيث نص على بعض القيود في هذا الموضوع منها في حل كانت مدة الإيجار أكثر من ثلاث سنوات يتوجب عليه اخذ إذن مجلس الوزراء.
شروط تملك الأجنبي:
تطلب القانون وجود بعض الشروط بالنسبة لتملك الأجنبي ومنها:
1- أن يكون تملكه داخل مناطق البلدية أو أحواض البلد.
2- أن يحصل على إذن بذلك من مجلس الوزراء.
– كما عالج موضوع انتقال الإرث إلى الأشخاص الأجانب في حال انتقلت إليهم ارض عن طريق مورثهم الموجود في فلسطين، وهنا يكون غير مكلفا بالحصول على إذن ويجوز له أن يفرغها ولكن بشرط أن يكون لأحد الورثة سواء كان فلسطيني أو غير فلسطيني.
ولكن المهم في هذا القانون انه لم يحدد أنواع الأراضي فعامل الأرض الأميرية على أنها ملك، وليس للدولة ملكية رقبتها.
وهنا نشير إلى أن هناك تعديل على موضوع تملك الأموال غير المنقولة من الأجانب ويحمل رقم 2 لسنة 1962 وقد عالج هذا التعديل مسالة تملك الأجنبي الذي يحمل الجنسية الفلسطينية ومن أصل عربي حيث منحه القانون حق التملك وذلك ضمن الشروط التالية:
1- يجوز له تملك الأموال غير المنقولة خارج مناطق البلديات أو مناطق التنظيم أو أحواض البلد.
2- بالقدر الضروري لأعماله الإنشائية أو الزراعية.
3- كما يجوز لأي عربي غير أردني أن يتملك أموالا غير منقولة خارج المناطق المذكورة بالقدر الكافي لسكناه وإدارة أعماله.
في كلتا الحالتين يجب أن يتم ذلك بتنسيب من وزير المالية وموافقة مجلس الوزراء
ثالثا: إجراءات تقسيم العقارات” قسمة الشيوع” أنواعها واشكالياتها:
بداية لا بد من التأكيد على أن مسالة تقسيم الأموال غير المنقولة قد تم تنظيمها في فلسطين بموجب قانون تقسيم الأموال غير المنقولة المشتركة رقم 48 لسنة 1953 والمطبق في الضفة الغربية وبموجب قانون تقسيم الأموال غير المنقولة المشتركة لسنة 1329 والمطبق في غزة، وهنا لابد من الإشارة إلى أن الإجراءات فيما يتعلق بكل من القانونيين هي تقريبا واحدة مع بعض الاختلافات البسيطة في التسميات ما بين القانونيين.
وفي هذا البند سنتعرض لإجراءات تقسيم الأموال المشتركة وأنواع القسمة والقيود والعقبات التي قد تعترض عملية التقسيم أو الإشكاليات التي قد تثور أثناء عملية القسمة وذلك على النحو الآتي:
أ- إجراءات تقسيم الأموال المشتركة وأنواع القسمة:
قبل الحديث عن إجراءات التقسيم وأنواعه لا بد من الإشارة إلى أن قانون تقسيم الأموال المشتركة رقم 48 لسنة 1953 المطبق في الضفة والقانون لسنة 1329 والمطبق في غزة قد عالجا مسالة تقسيم الأموال المشتركة في حال الشيوع وذلك في الأراضي الأميرية والموقوفة والمسقفات والمستغلات الوقفية والأملاك والعقارات.
وقبل الخوض في أنواع القسمة وإجراءاتها لا بد من الإشارة إلى أن كلا من القانونيين أعطى الحق بطلب القسمة حتى لو كان هناك اتفاق بين الشركاء على بقاءها على الشيوع فترة غير معينة، ويزال الشيوع بين الشركاء ويتم تقسيم المال غير المنقول إذا كانت المنفعة المقصودة منه لا تزول، وإذا كان غير قابل للقسمة يزال الشيوع عن طريق البيع بالمزاد العلني.
كما أعطى القانون الحق بإبقاء حالة الشيوع وتأخير التقسيم لمدة خمس سنوات برضى الأطراف.
أنواع القسمة:
– القسمة الرضائية:
ويشترط فيها رضى جميع الأطراف في القسمة: وفي حال اتفق الجميع على قسمة الأرض يكون الأمر على النحو الآتي ووفق الإجراءات التالية:
1- هنا يقوم الأطراف بالتقسيم فيما بينهم على الوجه الذي يرونه ويتفقون عليه.
2- يحضر الجميع إلى دائرة التسجيل مصطحبين معهم خارطة تبين حصة كل منهم مفروزة عن غيرها.
3- يقر جميع الأطراف أمام الموظف المختص في دائرة التسجيل صحة المعاملة وموافقتهم على القسمة وفق الخارطة التي أبرزوها.
4- بعد ذلك يعطى كل منهم سندا بتصرفه مستقلا عن الآخرين.
أما الحالة الأخرى فهي أن يطلب الشركاء من دائرة التسجيل تولي القسمة وهنا يكون الأمر وفق الإجراءات التالية:
1- يراجع الأطراف دائرة التسجيل طالبين إليها تولي القسمة فيما بينهم.
2- يذهب الموظف المختص مصطحبا معه احد المهندسين أو المساحين
3- يقوم بالكشف على المحل المراد تقسيمه
4- بعد الكشف على المحل المراد تقسيمه تجري معاملة التقسيم على الوجه الذي سنقوم بتوضيحه فيما بعد في البند الخاص بإجراءات التقسيم إذا ظهر أن ذلك المحل قابل للقسمة.
القسمة القضائية:
فهنا يكفي أن يقوم بطلبها احد الشركاء أمام المحكمة مختصما باقي الشركاء وتسمى” دعوى إزالة الشيوع”
خطوات وإجراءات تقسيم الأراضي والعرصات والمسقفات:
عالجت هذا الموضوع المادة 6 من قانون تقسيم الأموال غير المنقولة المشتركة على النحو الآتي وهنا نكون أمام حالتين:
أ. الحالة الأولى: إذا كان المطلوب تقسيمه أرضا أو عرصة” ساحة بيت”
في هذه الحالة يتم تتبع الإجراءات التالية وفقا لما ورد في القانون وذلك على النحو الآتي:
1- مسح المحل المطلوب تقسيمه بالمتر والدونم.
2- ومن ثم يتم إفراز الحصص ما بين الشركاء بعد أن يتم معادلتها مع بعضها من حيث المساحة ومن حيث جودة أو رداءة تربتها وموقعها بالإضافة إلى الاعتبارات الأخرى.
3- إفراز حق الشرب والمسيل والطريق على أن لا يكون هناك أي تعلق أي من الحصص بالأخرى.
4- يتم دعوة الشركاء لتقدير قيمتها فان لم يتفقوا فيما بينهم فيعين مأمور التسجيل خبيرا في ذلك لتقدير قيمتها.
5- إذا تبين أن هناك حصة اصغر من الحصص الأخرى وغير متعادلة مع الحصص الأخرى فيتم معادلتها عن طريق إضافة شيء من النقد عليها لتامين معادلتها للحصص الأخرى.
6- بعد ذلك يتم تحرير محضر بالقسمة مرفقا مع الخارطة ويوقع عليه جميع الشركاء.
7- تخصص الحصص المفروزة للشركاء إما بالقرعة أو بالاتفاق ويوقع محضر بذلك من جميع الشركاء ويختم عليه من جميع الشركاء.
8- وإذا تعددت المحلات المطلوب تقسيمها واتفق جميع الشركاء على التقسيم من الممكن إجراء المعاملة بطريقة قسمة الجمع. بمعنى أن يتم جمع العقارات المملوكة وتقسيمها مرة واحدة.
ب. الحالة الثانية: إذا كان المطلوب تقسيمه مسقفات:
وفي هذه الحالة إذا اتفق جميع الشركاء على التقسيم، يتولى مأمور التسجيل وفقا للإجراءات السابقة مسالة التقسيم بعد تقويم الأبنية والتعديل بين الحصص.
وهنا وقبل الانتقال إلى الإشكاليات التي قد تثور أثناء عملية القسمة يجدر الإشارة إلى أن هناك قانون بشان تمليك الطبقات والشقق والمحلات الفلسطيني رقم 1 لسنة 1996 ، والذي يعالج موضوع الطبقات والشقق والية قسمتها وقسمة الأجزاء المشتركة الشائعة، وإدارتها، والتصرف بالأجزاء المشتركة والانتفاع بها، وكذلك التزامات كل من مالكي الطبقات السفلى والعليا وما يترتب عليهم من التزامات، بالإضافة إلى تسجيل الوحدات العقارية وإجراءاتها، وفد عالج أيضا مسالة حق الأفضلية والية ممارسته في موضوع الطبقات والشقق.
ب- الإشكاليات التي قد تثور أثناء القسمة:
هناك عدد من الإشكاليات التي قد تظهر أثناء عملية التقسيم منها ما يتعلق بالشركاء أو بالعقار ذاته ومن ضمن هذه الإشكاليات ما نورده على النحو الآتي:
1- عدم اتفاق الشركاء على القسمة ورفض احدهم أو كان بينهم غائب أو قاصر أو محجور:
في هذه الحالة تكون الإجراءات المتبعة حسب ما جاء في المادة 7 من قانون تقسيم الأموال المشتركة المشار إليه أعلاه وفق الآتي:
– يقوم القاضي بتعيين يوم معين وإبلاغ جميع الأطراف للحضور في اليوم المحدد بمن فيهم الولي أو الوصي وكذلك تبليغ الغائبين وفق الطرق القانونية المتبعة في قانون الأصول.
– في اليوم الذي تم تعيينه، يذهب قاضي الصلح والشركاء الذين حضروا إلى المحل موضوع القسمة.
– وبعد التثبت من كافة الأوراق وتعلقها بذات الأرض وان سندات التصرف التي أبرزت هي لذات الأرض موضوع القسمة.
– يباشر القاضي معاملة قسمة الأرض بحضور الشركاء آو الهيئة الاختيارية أو أمام اثنين من الأهالي.( على أن يراعي في ذلك إجراءات التقسيم التي أشرنا إليها سابقا).
– وبعد أن تتم معاملة التسجيل يقوم بإبلاغ الإطراف بعملية التقسيم ومن ثم ترسل دائرة التسجيل نسخة مصدقة عن المحضر الذي ينظمه في هذا الشأن بشكل إعلام.
2- الادعاء بعدم قابلية العقارات للقسمة:
يعالج هنا القانون الحالة التي يدعي فيها احد الشركاء عدم قابلية الأراضي والمسقفات والمستغلات للقسمة وطلب بيعها للشركاء أو للغير، وهنا تكون الإجراءات التي يجب على القاضي وفق الآلية الآتية:
• على قاضي الصلح إذا تبين له بعد الكشف على الأرض أنها غير قابلة للقسمة أن ينتدب خبيرا أو أكثر لتقدير قيمة حصة طالب البيع بالنسبة لمجموع الحصص.
• ومن ثم يطلب من الشركاء إبداء رأيهم خلال خمسة عشر يوما إذا كانوا يرغبون في شراء الحصة بالبدل المقرر.
• فإذا اظهروا رغبتهم بالشراء تفوض لهم بالتساوي بنسبة عددهم.
• وإذا رفض احدهم الشراء بالقيمة المقدرة بالتساوي ودفع ثمنا أكثر من القيمة التي قدرها الخبراء، في هذه الحالة توضع بالمزاد فيما بين الشركاء ويحصل عليها من يدفع منهم ثمنا أكثر.
• وفي حال لم يتقدم احد الشركاء للشراء خلال المدة المحددة أو في حال لم يرض صاحب الحصة الثمن المقدر، هنا في هذه الحال يعرض جميع المحل للبيع بكامله للبيع بالمزاد العلني بمعرفة دائرة الإجراء، ومن ثم يوزع الثمن بين الشركاء بنسبة حصصهم.
• وإذا ظهر أي ممانعة في تسليم المحل للمشتري يقوم مأمور الإجراء( التنفيذ) بتخليته وتسليمه.
• وفي الحال التي لم يتقدم بها احد الشركاء لشراء المحل بأكمله أو لم يبلغ الثمن الذي تقدم به المزايدون الحد العادل لهذا العقار، فهنا أيضا يعرض العقار بأكمله للمزايدة بين الشركاء أنفسهم فقط. فإذا لم يتقدم احدهم لشرائه كاملا، فهنا أيضا إذا باع صاحب الحصة حصته لأحد غير الشركاء فيعتبر عدم تقدمهم للشراء انه تنازل عن حق الشفعة أو الرجحان.
• وقد حظر القانون عدم سماع الدعوى من احد الشركاء أو الأوصياء بإلغاء معاملة الإحالة التي تمت بالمزايدة.
• هذا وتكون كافة المصاريف المتعلقة بالقسمة على الشركاء كل حسب حصته وكذلك بالنسبة لنفقات المزايدة والدلالة.
3- الادعاء بحق الشفعة أو الأولوية:
تطرق عدد من القوانين الناظمة لموضوع الأراضي فلسطين لموضوع حق الشفعة والأولوية ففي مجلة الأحكام العدلية عالجت المواد 1008- 1044 موضوع الشفعة وكذلك المواد (41،44،46) من قانون الأراضي العثماني للعام 1858 هذا الموضوع، وكذلك تطرق القانون رقم 51 لسنة 1958 المعدل للأحكام المتعلقة بالأموال غير المنقولة لموضوع حق الشفعة والأولوية في مواده وتطرق إلى إجراءات طلب الشفعة والقيود الواردة على ممارسة هذا الحق وسنتطرق لهذا الموضوع وفق الآتي:
بداية لا بد من التأكيد على أننا لا ننوي هنا في هذا المقام التطرق إلى موضوع حق الشفعة من حيث أسبابه وشروطه وذلك في كل من قانون الأراضي العثماني ومجلة الأحكام العدلية لسبق الحديث عنها في الأوراق الخلفية في ها الموضوع، هذا من جانب، ومن جانب آخر، سنقتصر في هذا الموضوع الاطلاع على قانون رقم 51 لسنة 1958 وتعديلاته والأوامر العسكرية التي عدلت عليه نظرا لكونه المطبق فعليا في المحاكم وهذا لا يعني أن قانون الأراضي والمجلة غير مطبقة لدينا.
آلية ممارسة حق الشفعة والأولوية وما هي الفترة الزمنية لممارستها:
من المهم التوضيح بأن حق الشفعة يمارس على الأراضي الملك أما حق الأولوية فيمارس على الأراضي الأميرية وحق الأفضلية يمارس في موضوع الطبقات والشقق.
وقد عالجت المادة 2 من القانون المعدل رقم 51 لسنة 1958 موضوع ممارسة حق الشفعة والأولوية وذلك وفق الآتي:
– جاء النص على أن حق الشفعة والأولوية لا يمارس بعد مرور ستة أشهر على تاريخ الفراغ القطعي أو البيع في دوائر التسجيل، مع العلم أن المدد كانت مختلفة في كل من قانون الأراضي والمجلة إلا أن هذا النص هو النص النهائي والمعمول به في دوائر التسجيل فيما يتعلق بمدة الستة شهور.
– من جانب آخر جاء في التعديل رقم 98 لسنة 1966 على البند ب/1، حيث أشارت إلى انه يتوجب على مدعي حق الشفعة أو الأولوية عند تقديم دعواه أن يودع في صندوق المحكمة ثمن الأرض أو أن يقدم كفالة مصرفية بمقداره.
– وإذا ادعى أن الثمن المذكور في العقد يزيد عن الثمن الحقيقي أو بدل المثل المقدر فهنا تقوم المحكمة بتقدير المبلغ الذي يجب أن يودعه أو تقديم الكفالة به، على أن لا يؤثر ذلك في حقه باسترداد الثمن الزائد عن الثمن الحقيقي.
– وتقبل دعوى الشفعة دون التقيد بإجراءات المواثبة والتقرير والإشهاد.
– وإذا كان المبلغ المودع اقل من الثمن فهنا يتوجب على المدعي دفع المبلغ خلال خمسة عشر يوما وإلا ينتهي حقه في ذلك.
القيود الواردة على ممارسة حق الشفعة والأولوية:
وهنا نشير إلى الحالات التي لا يمكن عند توفرها ممارسة حق الشفعة والأولوية وفيما يلي هذه الحالات:
1- إذا حصل البيع بالمزاد العلني وفقا للإجراءات التي وضعها القانون.
2- إذا حصل البيع بين الأصول والفروع أو بين الزوجين أو بين الأقارب لغاية الدرجة الرابعة أو بين الأصهار لغاية الدرجة الثانية.
3- إذا كان الهدف من بيع العقار من اجل جعله كمحل للعبادة أو ليلحق بمحل العبادة.
4- أو إذا حصل التفويض من جانب الدولة.
4- وضع اليد
وهذه احد الإشكاليات التي قد تظهر أثناء القسمة أو حتى في أي وقت وليس فقط في القسمة، وسنتناول بالبحث هذا الموضوع والمدد اللازمة لذلك فيما بعد، مع الإشارة إلى انه في الحال التي يكون عليها خلاف وهناك تعدي على عقار ما بوضع اليد يتم اللجوء للمحكمة برفع دعوى ملكية ومنع معارضة.
رابعا: أسباب كسب الملكية
يتم اكتساب حق ملكية العقارات لأسباب مختلفة، وهي:
أولا: العقد
إن انتقال ملكية العقار بموجب العقد تستوجب التمييز بين كل من العقار الذي تمت تسويته والعقار الذي لم تتم تسويته.
أ- العقار الذي تمت تسويته:
التصرفات العقارية الناقلة للملكية الواردة على العقار الذي تمت تسويته تعد تصرفات شكلية، فقد استلزم القانون التسجيل لانعقاد هذه التصرفات، وهذا ما أكده قانون تسوية الأراضي والمياه رقم (40) لسنة 1952 في المادة(16/3) منه والتي نصت على أنه:
” في الأماكن التي تمت التسوية فيها، لا يعتبر البيع والمبادلة والإفراز والمقاسمة في الأرض أو الماء صحيحاً إلا إذا كانت المعاملة قد جرت في دائرة التسجيل”. وعليه فإن التسجيل يعد ركنا أساسيا من أركان عقد البيع العقاري، وليكون المشتري بموجب عقد البيع مالكا له كافة الصلاحيات يجب أن تراعى في بيعه شكلية التسجيل في دائرة التسجيل.
ب- العقار الذي لم تتم تسويته:
أما العقار الذي لم تتم تسويته فان ملكيته تنتقل عن طريق البيع الخارجي، وهو اتفاق على بيع ملزم لطرفيه، وهذا ما تناولته المادة(3) من القانون المعدل للأحكام المتعلقة بالأموال غير المنقولة (رقم 51) لسنة 1958، والتي نصت على مايلي:
“تعتبر البيوع العادية الجارية بموجب سند فيما يتعلق بالأراضي الأميرية والعقارات المملوكة الكائنة في المناطق لم تعلن فيها التسوية أو التي استثنيت منها نافذة إذا مر على تصرف المشتري تصرفاً فعلياً مدة عشر سنوات في الأراضي الأميرية وخمس عشرة سنة في العقارات المملوكة”.
وبناء على ما تقدم فإن صحة هذا العقد ونفاذه يستلزم توافر الشروط الآتية:
1- وجود سند مكتوب تم بموجبه البيع.
2- تصرف المشتري بهذا العقار تصرفا فعليا، كأن يسكنه.
3- مرور مدة زمنية على التصرف الفعلي مقدارها متوقف على نوع هذا العقار، فتكون عشر سنوات في العقارات الأميرية، وخمس عشرة سنة في العقارات الملك.
ثانيا: الميراث
يعد الميراث سببا لكسب ملكية العقارات، حيث يتم انتقال المال للوارث إثر وفاة صاحبه بقوة القانون، في السابق كان هنالك تمييز بين الأموال الملك والأميرية في آلية انتقالها، فالعقارات الملك يتم انتقالها بموجب أحكام الشرع الإسلامي، في حين كانت العقارات الأميرية ينتقل حق التصرف فيها بموجب قانون انتقال الأموال الأميرية القائم على اعتبارات مختلفة عن الشرع الإسلامي فالميراث يقسم بين الإناث والذكور بالتساوي، إذ أنه بعد أن كانت تطبق مبادئ التقسيم الانتقالي على جميع سكان فلسطين من مسلمين وغير المسلمين على الأراضي الأميرية ويطبق الشرع في انتقال الأراضي الملك. إلا أنه قد تم توحيد انتقال الأراضي بالنسبة للمسلمين في جميع أنواع الأراضي سواء الملك أو الأميرية بحيث يتم وفقا لأحكام الشرع الإسلامي ففي 16/4/1994 تم وقف العمل بقواعد الانتقال.
ثالثا: التقادم
في حال حاز شخص عقارا سواء كان هذا العقار من صنف الملك أو الميري أو الوقف، واستمرت هذه الحيازة بعنصريها المادي والمعنوي فترة زمنية يتحدد مقدارها بناء على نوع العقار، فيكون مقدارها في الملك خمس عشرة سنة وفي الميري عشر سنوات في حين تكون ست وثلاثين سنة قي العقارات الموقوفة، يصبح هذا الحائز مالكا لهذا العقار ويمنع سماع الدعوى بعد مرور هذه المدد، وهذا ما أكدته مجلة الأحكام العدلية في المواد (1660-1675).
هذا كله مشروط بعدم وجود تسوية في هذه العقارات، فالمادة (3) من القانون المعدل للأموال غير المنقولة رقم (51) لسنة 1958 نصت: “على رغم ما ورد في أي قانون آخر لا تسري مدة مرور الزمن على الأموال غير المنقولة التي تمت التسوية فيها”.
خامسا: التصرفات العقارية في دوائر التسجيل وخارجها
إن البيع في الأراضي غير المسجلة في دائرة التسجيل يتم في أغلب الأحيان خارج دوائر التسجيل، سواء بحجة بيع خارجية، أو بنقل العقار باسم المشتري في دوائر المالية حيث يصبح المشتري مالكا معروفا لدفع الضريبة وإن كان هذا الإجراء لا ينقل الملكية ولا يثبتها كما بينا سابقا، أو قد يتم البيع عن طريق إصدار قرار صوري من المحكمة. وهذه الطرق جميعها لا تنقل ملكية الأرض، إذ أن المشتري لا يعتبر مالكا أو متصرفا أو منتفعا بالعقار من الناحية القانونية –خاصة إذا كانت الأرض قد تمت تسويتها- إلا إذا تم تسجيل العقار باسم المشتري في دائرة التسجيل.
وهناك الكثير من الأسباب التي تقف وراء عدم التسجيل، منها عدم تسوية هذه الأراضي إلى إلى هذه اللحظة بالإضافة إلى الرسوم المترتبة على التسجيل ، كذلك فيما يتعلق بطول إجراءات التسجيل، بالإضافة إلى فقدان العديد من قيود وسجلات الأراضي في الفترات العثمانية والأردنية بعد انسحابها واحتفاظها بالسجلات معها، وهناك العديد من الأسباب والتي لا داعي للخوض بها هنا. وسنقصر دراستنا هنا في هذا المجال على التصرفات التي تتم خارج دائرة التسجيل ومشاكلها بالإضافة إلى التصرفات التي تتم داخل دوائر التسجيل، وهنا لابد من الإشارة إلى أن نسبة الأراضي غير المسجلة في الضفة الغربية تصل إلى 70% من نسبة الأراضي والمسجلة منها فقط 30% أما في غزة فان نسبة الأراضي المسجلة تصل إلى أكثر من 90%، وفيما يلي سنتحدث عن هذه التصرفات.
وقبل الحديث عن أنواع البيوع داخل وخارج دوائر التسجيل لا بد من الإشارة إلى نص المادة 2 من قانون التصرف في الأموال غير المنقولة رقم 49 لسنة 1953والتي جاء فيها” ينحصر إجراء جميع معاملات التصرف في الأراضي الأميرية والموقوفة والأملاك والمسقفات والمستغلات الوقفية وإعطاء سندات التسجيل بها في دوائر تسجيل الأراضي”.
أ- البيع بواسطة الوكالة الدورية:
وهي من الصور المعروفة والشائعة أيضا خاصة في الضفة الغربية لبيع الأراضي خارج دوائر التسجيل، وتكون في الأراضي المسجلة والتي لها قيود في دائرة التسجيل، ويتم تنظيمها أمام كاتب العدل وبتوقيع شاهدين ممن يعرفون البائع والمشتري، والوكالة الدورية لا تنقل حق الملكية إلى المشتري إلا بعد تنفيذها لدى دائرة تسجيل الأراضي، عن طريق تسجيل صفقة عقارية أولية بها بين المشتري والوكيل الدوري ومن ثم الإعلان بالجريدة اليومية عن البيع، وإعطاء مدة خمسة عشر يوما للاعتراض ومن ثم سماع الفراغ فيها بعد استيفاء الرسوم القانونية والقيام بالكشف اللازم عليها وتقدير الرسوم المفروضة، هذا وقد عالج كل من قانون الأراضي العثماني في المواد ( 117،118) ومجلة الأحكام العدلية في المادة 1522 موضوع الوكالة الدورية وأحكامها، وهنا أيضا لا بد من الإشارة إلى أن الوكالة الدورية غير القابلة للعزل لتعلق حق الغير بها هي عبارة عن عقد ناقل للملكية ولا تقوم مقام سند الملكية، مما يعني انه يتوجب تسجيلها خلال المدة التي حددها القانون حيث أن الملكية لا تنتقل إلا بإتمام عملية التسجيل أمام دوائر التسجيل.
مدة سريان الوكالة الدورية
فيما يتعلق بمدة سريان الوكالات الدورية وتقادمها، فقد حدد قانون رقم 51 لسنة 1958 هذه المادة في البداية بسنة واحدة ومن ثم جرى تعديلها إلى خمس سنوات وأخيرا جاءت الأوامر العسكرية “الإسرائيلية” لتعدل هذه المدة إلى عشر سنوات ومن ثم إلى خمس عشرة سنة بموجب الأوامر العسكرية رقم 847/198 و811/1979 والأمر 1464 /1999، مع التأكيد أن المدة المعمول في هذه الأيام حسب ما جاء في الأوامر العسكرية “الإسرائيلية” وهي مدة الخمس عشرة سنة. بمعنى أن تنفيذ الوكالة الدورية لدى دوائر التسجيل يجب أن يتم خلال خمسة عشر عاما.
وهنا نشير إلى انه في حال تمنع الوكيل الدوري عن تنفيذ الوكالة الدورية أمام دائرة التسجيل، فقد أعطى القانون الحماية للمشتري بان يرفع دعوى عدم التعرض دعوى تنفيذ الوكالة الدورية أمام المحاكم المختصة.
كما وضع القانون حماية أخرى للمشتري في حال وفاة الوكيل الدوري، بان احل مكان الوكيل الدوري في عملية الفراغ مدير دائرة التسجيل عند وفاة الوكيل الدوري.
ب- البيع العرفي:
بداية نشير إلى أن البيع العرفي يتم عادة في الأراضي التي لم تتم تسويتها ولا يوجد لها قيود في دوائر التسجيل، ومن الممكن تعريف البيع العرفي بأنه البيع الذي يتم خارج دائرة التسجيل بموجب سند عرفي أو ورقة عرفية يتم تنظيمها بين طرفي العلاقة البائع والمشتري وبحضور الشهود على ذلك وتكون موقعة من الأطراف، والمتضمنة الشروط المتفق عليها بين الأطراف بالإضافة إلى أوصاف المحل المباع أو العقار من كافة الجوانب، ومن الممكن تنظيم هذا البيع أمام المحامي ويقوم بختم الورقة والمصادقة عليها أو أمام كاتب العدل على صيغة اتفاقية بيع عقار بين الأطراف وتصدق من قبل كاتب العدل.
والبيع العرفي لا ينقل الملكية للمشتري وبيع الأرض خارج دائرة التسجيل ليس له قيمة قانونية، إنما حق المشتري منحصر في مطالبة البائع بالثمن الذي دفعه له، إلا أن البيع العرفي ينتج جميع آثار عقد البيع الصحيح ما عدا نقل الملكية فهو ينشئ التزامات شخصية على البائع، حيث يلتزم البائع بنقل ملكية الأرض إلى المشتري، كما لا يجوز للبائع إنكار ملكية المشتري للأرض بسبب عدم التسجيل، بالإضافة إلى كونه ملتزما بضمان عدم التعرض للمشتري سواء من قبله أو من قبل الغير.
وقد قضت محكمة النقض المصرية على أن الملكية لا تنتقل بموجب عقد البيع العرفي، وبالتالي لا يجوز طلب تثبيت الملكية بناء على عقد عرفي، وإنما يجوز للمشتري إلزام البائع بتنفيذ التزامه بنقل الملكية بطلب الحكم له بصحة ونفاذ العقد. ولا ينشأ حق للمشتري في العقد العرفي إلا بعد صدور الحكم لصالحه، وتسجيله.
ويكون للمشتري في هذه الحالة لضمان حقه في نقل ملكية العقار له ما يلي:
• مطالبة البائع بنقل ملكية العقار عن طريق دعوى صحة التعاقد.
• إثبات الملكية عن طريق الحيازة لمدة تزيد عن مدة التقادم الناقلة للملكية.
• لا يكون للمشتري رفع دعوى الاستحقاق لأنه غير مالك رسميا للعقار.
ودعوى الاستحقاق لا ترفع إلا من قبل المالك، وعليه لا ترفع دعوى الاستحقاق من قبل المشتري في العقود العرفية، وذلك لأن البيع غير المسجل لا ينقل الملكية، فالمشتري لا يصبح مالكا للأرض، ولا يستطيع أن يطالب البائع بتنفيذ عقد البيع عن طريق دعوى الاستحقاق، وبجانب دعوى الاستحقاق يكون للمشتري الرجوع على البائع بدعوى الإبطال والفسخ.
ج- البيع المباشر:
يتم البيع المباشر في الأراضي المسجلة والتي لها قيود في دوائر التسجيل، بان يتوجه أطراف العقد البائع والمشتري إلى دائرة التسجيل مصطحبين معهم الأوراق اللازمة مثل سند التسجيل وغيرها من أوراق، ومن ثم التوجه إلى موظف التسجيل في دائرة التسجيل ويتم الاتفاق على بيع الحصص المتفق عليها أمام الموظف المختص، الذي بدروه يقوم بالتأكد من الملكية والحصص المباعة وتسجيلها بحضورهم ومن ثم يتم توقيع الصفقة العقارية الأولية بين الأطراف، ولاحقا لذلك وبعد تقدير الرسوم المفروضة على الأرض، يتم سماع الفراغ فيها ومن ثم نقل ملكيتها للطرف المشتري وفقا للإجراءات المتبعة في دوائر التسجيل، وقد سبق الإشارة إلى موضوع انتقال ملكية العقارات التي لم تتم تسويته كسبب من أسباب الملكية في ثنايا الصفحات السابقة.
د- التسجيل المجدد:
عالج قانون تسجيل الأموال غير المنقولة التي لم يسبق تسجيلها رقم 6 لسنة 1964 موضوع التسجيل المجدد وإجراءاته، وبالاستناد إلى ما جاء في هذا القانون فان عملية تسجيل الأموال غير المنقولة التي لم يسبق تسجيلها تجري وفق الإجراءات التالية:
إجراءات تقديم الطلب:
أ- يقدم الطلب إلى مأمور التسجيل.
ب- يعلن مأمور التسجيل تفاصيل ذلك الطلب في صحيفة آو صحيفتين محليتين وفي مكان بارز في القرية التابعة لها تلك الأموال غير المنقولة، وتكون على نفقة صاحب العلاقة.
ت- يتم دعوة من له اعتراض من خلال الإعلان المشار إليه سابقا إلى الاعتراض خلال خمسة عشر يوما من تاريخ نشر الإعلان في الجريدة.
ث- بعد انتهاء المدة المقررة يقوم مأمور التسجيل بعد استيفاء رسوم الكشف بالانتقال إلى موقع الأرض المطلوب تسجيلها للتحقق من جهة التصرف وأسبابه وسماع الاعتراضات المقدمة.
ج- يقوم مأمور التسجيل بتنظيم محضر يوقعه مع المجاورين وأهل الخبرة يبين فيه تفاصيل الأموال غير المنقولة وواقع الحال بالنسبة للطلب والاعتراضات الواردة ضده.
ح- يقوم المأمور بإرفاق مخطط دقيق للأموال غير المنقولة لغرض معرفة حدودها ومساحتها وترفع كافة الأوراق إلى اللجنة التي تشكل لهذا الغرض والتي يكون في عضويتها(نص القانون على تشكيل معين لهذه اللجنة وجاءت الأوامر العسكرية بتعديلات عديدة على تشكيلات اللجنة وكذلك لجنة الاعتراض في حال ظهر أي اعتراض) وتكون قراراتها بالإجماع أو الأكثرية.
خ- وإذا لم يقع أي اعتراض على معاملة التسجيل يتم تسجيل الأموال غير المنقولة باسم طالب التسجيل وفقا لقرار اللجنة.
د- في حال وقوع خلاف أو تضرر احد من معاملة التسجيل هنا بإمكانه الاستئناف أمام اللجنة الاستئنافية خلال خمسة عشر يوما( والتي تم النص على تشكيلها في القانون وتم تعديلها وفقا للأوامر العسكرية) ويكون للجنة حق تصديق القرار المستأنف أو فسخه أو إعادته للجنة البدائية. وتكون قراراتها بالإجماع أو الأكثرية.
ذ- يتم تبليغ القرار إلى المتضرر، وإذا لم تقم المحكمة بإبلاغ مأمور التسجيل بإيقاف المعاملة خلال خمسة عشر يوما يتم تسجيلها.
ر- في حال تم التسجيل يعتبر السند الصادر وثيقة رسمية غير قابلة للطعن، مع إعطاء الحق للغائب والمجنون والمعتوه والقاصر حق إقامة دعوى على من سجلت الأرض باسمه.
ز- يجوز للجنة البدائية والاستئنافية تأجيل البت في قراراتها إذا كانت المنطقة يجري فيها أعمال التسوية ضمانا لتحقيق العدالة.
هذا وقد أشار القانون إلى أنه لا تجري أي معاملة تسجيل على ارض سبق تسجيلها أو مشمولة بعمال التسوية.
وهناك بعض الأوراق الثبوتية التي تطلب من مقدم الطلب عند رغبته بإجراء معاملة التسجيل المجدد أمام دائرة التسجيل.
سادسا: ملكية المواقع الأثرية في فلسطين
لقد جرى تنظيم الأحكام المتعلقة بالآثار في الضفة الغربية بموجب قانون الآثار القديمة رقم (51) لسنة1966 ، أما في قطاع غزة فيجري تنظيمها بموجب قانون انتدابي وهو قانون الآثار القديمة (الباب 5) لسنة 1929 ، وقد تطرق كل من هذين القانونين للعديد من المسائل الخاصة بالآثار من حيث ملكيتها والتصرفات الممنوعة في المواقع الأثرية والصلاحيات المخولة لمدير الآثار في الأراضي التي يوجد بها موقع اثري.
أ- مفهوم الأثر القديم:
حدد كل من هذين القانونين الشروط الواجب توافرها بشكل عام في المنقول وغير المنقول ليعد أثرا تاريخيا، والعقار كجزء من المال غير المنقول يكون أثرا تاريخيا في حال كان هذا العقار قد تم إنشاؤه أو تكوينه أو نقشه قبل سنة 1700 ميلادية، أو أي بناء لا يعود تاريخ إنشائه إلى سنة1700 ميلادية ولكن يتم الإعلان عنه كأثر قديم.
ب- ملكية الآثار:
وفقا لهذين القانونين تعتبر الآثار ملكا للدولة، للمادة 7 من قانون الآثار القديمة رقم(51) لسنة 1966، والمادة (4) من القانون الآخر الساري في غزة.
التصرفات الممنوعة في المواقع الأثرية:
أوجب كل من القانونين السابقين نشر جدول بأسماء المواقع الأثرية في الجريدة الرسمية، ومن باب المحافظة على المواقع الأثرية حظر كلا من هذين القانونين عددا من التصرفات، منها:
1- الحفر من قبل شخص معنوي أو حقيقي في أي موقع اثري أدرج في الجدول المنشور على انه موقع اثري.
2- إجراء أي عمليات حفر أو إنشاء أي بناء أو غرس أشجار أو فتح مقالع أو القيام بعمليات ري أو إحراق كلس أو نحوها من الأعمال في الأبنية والمواقع الأثرية أو بجوارها.
3- تخريب أي اثر أو هدم أي قسم أو نقله.
4- إدخال أي تغييرات على أي أثر أو إضافة أو الإضافة إليه أو ترميمه.
5- إقامة أي أبنية أو جدران تتجاوز على اثر أو تلاصقه.
إلا أن هذين القانونين قد أجازا عدم سريان الفقرتين (4، 5) على المباني الأثرية المخصصة لمقاصد دينية أو التي تملكها هيئة محلية.
د- الصلاحيات الممنوحة لمدير الآثار على الأراضي التي يوجد فيها موقع أثري:
هناك عدد من الصلاحيات حول الأراضي التي يوجد بها موقع أثري وسواء كانت هذه الأرض مسجلة ملك خاص أم لا وهذه الصلاحيات الممنوحة على الأرض هي:
1- الاتفاق مع صاحب الملك على حفظه وتفقده مع جواز أن يقوم بتخصيص مبلغ له للقيام بأية ترميم يراها ضرورية.
2- شراء الموقع أو استئجاره.
3- استملاك الموقع وفقا لأحكام قانون استملاك الأراضي عند تعذر البيع أو الإيجار بعد دفع تعويض عادل.
4- هدم أو نقل أي بناء أثري بكامله أو جزء منه.
وبناء على ما تقدم تتولى دائرة الآثار متابعة كافة الأمور المتعلقة بالمواقع الأثرية التي تعود ملكيتها للدولة، ولها اتخاذ ما تراه مناسبا من الإجراءات كتملكها أو استئجارها.
النتائج والتوصيات:
– النتائج :
على ضوء الدراسات السابقة، والتي شملت التنظيم القانوني للتعامل بالعقارات في فلسطين في ظل الحقب التاريخية المختلفة، حيث جرى العمل على إعداد ثلاث ورقات خلفية، كانت على النحو الآتي:
1- التنظيم القانوني للعقارات في ظل القوانين العثمانية والانتدابية.
2- التنظيم القانوني للعقارات في ظل القوانين الأردنية.
3- التنظيم القانوني للعقارات في ظل القوانين الفلسطينية.
وبعد استعراض كل ما تضمنته هذه الأوراق الخلفية من أحكام ناظمة للتعامل بالعقارات، جرى العمل على تفريغها في ورقة التقرير المقدمة بين أيديكم، وعليه وبناء على ما تقدم في هذا التقرير فإننا نؤكد على النتائج التالية:
– أولا: إن اختلاف القوانين الناظمة للعقارات في فلسطين من حيث المنشأ، وذلك بوجود قوانين تابعة لحقب تاريخية مختلفة ما زالت سارية حتى اليوم، منها ما هو عثماني ومنها ما هو انتدابي وأردني وفلسطيني، مع اختلاف النهج القانوني لكل حقبة من هذه الحقب، مما أدى إلى وجود إرباك قانوني في التعامل مع القضايا المتعلقة بالتصرف بالعقارات.
– ثانيا: اختلاف الطبيعة القانونية للعقارات في فلسطين، حيث أن هناك من العقارات ما هو خاضع لأعمال التسوية، ومنها ما زال غير مشمول بالتسوية، الأمر الذي يعني اختلاف في الإجراءات و القوانين التي تحكم التصرف بهذه العقارات.
– ثالثا: لم يعمل المشرع الفلسطيني منذ قدوم السلطة الفلسطينية وحتى اليوم على تحديث القوانين الناظمة للعقارات في فلسطين، فمجمل هذه القوانين هي قوانين قديمة قد تحتاج في معظمها إلى إعادة تقييم، بحيث تتناسب مع الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية السائدة حاليا.
– رابعا: لم نجد في استعراض القوانين الناظمة للعقارات أن هناك قوانين خاصة لبيان التصرفات القانونية الخاصة بالعقار (البناء)، حيث أن كل الأحكام الخاصة بها كانت محتواه ضمنا في القوانين الناظمة للأموال غير المنقولة ( الأراضي) بشكل عام، حتى أن القانون الوحيد الذي صدر في ظل السلطة والمتعلق بتنظيم ملكية الطبقات والشقق والمحلات جاء قاصرا على بيان التصرف في البناء المكون من عدة طبقات ويبين الأحكام الخاصة بالتصرف بهذه الطبقات أو الأجزاء الشائعة من البناء.
-التوصيات:
1- التصرف بعقار مقام على ارض أميرية:
يجب الإشارة أولا إلى أن المادة (6) من قانون التصرف في الأموال غير المنقولة رقم (49) لسنة 1953، نصت على أن ” الأبنية وما يتبعها التي تنشأ على الأرض الأميرية والموقوفة وما يغرس بها من أشجار تسري عليها الأحكام الموضوعة للأرض فيما يتعلق بالتصرف والانتقال”.
ومفاد هذا النص انه إذا كان هناك تصرف قانوني لبناء مقام على ارض أميرية بسند تسجيل، فان صاحب الملك لهذا البناء يستطيع القيام بكافة التصرفات عليه من حيث الفراغ أو التأجير أو الإعارة وغيرها من التصرفات.
2- التصرف بالعقار الذي تمت تسويته:
جاء القانون رقم (40) لسنة 1952، والخاص بتسوية الأراضي والمياه ليعرف مصطلح “الأرض” في المادة الثانية منه على أنها ” تشمل الأراضي الأميرية والموقوفة والمملوكة والأبنية والأشجار أو أي شيء ثابت في الأرض”.
وعليه فان الأحكام الناظمة للتصرف بالأرض التي تمت تسويتها يمكن سحبها لتشمل أيضا الأبنية المقامة على هذا النوع من الأراضي.
وعليه فان المالك لبناء مقام على ارض تمت تسويتها يستطيع القيام بكافة التصرفات القانونية على هذا البناء بما فيها نقل الملكية أو الإيجار أو الهبة أو غيرها من التصرفات القانونية، شريطة أن يتم تسجيل هذه التصرفات في دائرة التسجيل.
ومما تجدر الإشارة إليه بعد ذكر هاتين التوصيتين، أن الواقع العملي اثبت انه ليس هناك فرق كبير في التعامل مع البناء المقام على ارض أميرية أو جرت عليها أعمال التسوية، فكلاهما يجب تسجيله، إلا أن نوع الأرض أو العقار يذكر على انه ميري أو ملك.
3- التصرف بعقار مقام على ارض لم تتم فيها التسوية:
تناولت المادة (3) من القانون رقم (51) لسنة 1958، القانون المعدل للأحكام المتعلقة بالأموال غير المنقولة، حكم الترف بالعقارات المقامة على ارض لم تعلن فيها التسوية، حيث أشارت هذه المادة إلى أن التصرفات التي تجري على العقارات المملوكة في المناطق التي لم تعلن فيها التسوية تعتبر نافذة إذا توافرت في هذا التصرف الشروط التالية:
أ- وجود سند مكتوب تم بموجبه التصرف.
ب- تصرف المشتري بهذا العقار تصرفا فعليا، كأن يسكنه.
ت- مرور مدة زمنية على التصرف الفعلي مقدارها متوقف على نوع هذا العقار، فتكون عشر سنوات في العقارات الأميرية، وخمس عشرة سنة في العقارات المملوكة.
4- التصرف بالأموال غير المنقولة بموجب تسجيل مجدد:
بين القانون رقم (6) لسنة 1964، إجراءات التسجيل المجدد للأموال غير المنقولة التي لم يسبق تسجيلها، حيث يقدم طلب إلى دائرة التسجيل للسير بالإجراءات القانونية لحصول المالك على سند تسجيل يخوله التصرف بهذه الأموال. وعادة يرد هذا التصرف على الأموال غير المنقولة من نوع “المالية” حيث أن المالك في هذا النوع من العقارات لا يكون لديه سوى إثبات متعلق بدفع الضرائب المستحقة على هذه الأموال.
5- التصرف بالعقارات الموقوفة:
جاء نظام الأوقاف والشؤون الإسلامية رقم (142) لسنة 1966، ليبين أحكام التصرف بالعقارات الموقوفة، حيث أشار إلى أن التصرفات القانونية التي ترد على العقارات الموقوفة لا تكون صحيحة إلا بموافقة مجلس الأوقاف والشؤون الإسلامية، وعليه إذا ما أريد إعارة أو هبة أو غيرها من التصرفات القانونية التي من الممكن ان ترد على عقار موقوف، لا بد من اخذ الموافقة والإذن المسبق بذلك من الجهات الرسمية المعنية، صاحبة الاختصاص بإدارة أموال الوقف.
6- التصرف بعقار اثري:
نظمت الأحكام المتعلقة بالآثار في فلسطين بموجب قانوني الآثار رقم (51) لسنة 1966، الساري المفعول في الضفة الغربية، وقانون الآثار القديمة (الباب 5) لسنة 1929 الساري المفعول في غزة، وعليه فقد جاء التنظيم القانوني للعقارات الأثرية وفق ما يلي:
– التصرفات الممنوعة في المواقع الأثرية:
أوجب كل من القانونين السابقين نشر جدول بأسماء المواقع الأثرية في الجريدة الرسمية، ومن باب المحافظة على المواقع الأثرية حظر كلا من هذين القانونين عددا من التصرفات، منها:
6- الحفر من قبل شخص معنوي أو حقيقي في أي موقع اثري أدرج في الجدول المنشور على انه موقع اثري.
7- إجراء أي عمليات حفر أو إنشاء أي بناء أو غرس أشجار أو فتح مقالع أو القيام بعمليات ري أو إحراق كلس أو نحوها من الأعمال في الأبنية والمواقع الأثرية أو بجوارها.
8- تخريب أي اثر أو هدم أي قسم أو نقله.
9- إدخال أي تغييرات على أي أثر أو إضافة أو الإضافة إليه أو ترميمه.
10- إقامة أي أبنية أو جدران تتجاوز على اثر أو تلاصقه.
إلا أن هذين القانونين قد أجازا عدم سريان الفقرتين (4، 5) على المباني الأثرية المخصصة لمقاصد دينية أو التي تملكها هيئة محلية.
– الصلاحيات الممنوحة لمدير الآثار على الأراضي التي يوجد فيها موقع أثري:
هناك عدد من الصلاحيات حول الأراضي التي يوجد بها موقع أثري وسواء كانت هذه الأرض مسجلة ملك خاص أم لا وهذه الصلاحيات الممنوحة على الأرض هي:
أ. الاتفاق مع صاحب الملك على حفظه وتفقده مع جواز أن يقوم بتخصيص مبلغ له للقيام بأية ترميم يراها ضرورية.
ب. شراء الموقع أو استئجاره.
ت. استملاك الموقع وفقا لأحكام قانون استملاك الأراضي عند تعذر البيع أو الإيجار بعد دفع تعويض عادل.
ث. هدم أو نقل أي بناء أثري بكامله أو جزء منه.
وبناء على ما تقدم تتولى دائرة الآثار متابعة كافة الأمور المتعلقة بالمواقع الأثرية التي تعود ملكيتها للدولة، ولها اتخاذ ما تراه مناسبا من الإجراءات كتملكها أو استئجارها.
حلول قانونية لبعض إشكاليات التصرف بالعقارات:
قد تظهر أثناء التصرف بالعقارات أو انتقالها أو قسمتها بعض الإشكاليات على ارض الواقع والتي فرضتها الطبيعة المعقدة للتنظيم القانوني لمسالة التصرف في العقارات وكثرة القوانين الناظمة لهذا الموضوع وخضوعها لحقب تاريخية وفق النهج القانوني لكل منها في كثير من الجزئيات، وفي هذا المقام سنقوم بالتطرق إلى البعض الحالات مع الحلول المقترحة لها وذلك وفق الآتي:
– الحالة الأولى: قسمة المال الشائع
الفرض الأول: عدم اتفاق الشركاء على القسمة ورفض احدهم او كان بينهم غائب او قاصر أو محجور
الحل المقترح: وهنا عالج القانون هذه المسالة وفق الإجراءات التالية والتي اشرنا لها سابقا وهي على النحو الآتي:
– يقوم القاضي بتعيين يوم معين وإبلاغ جميع الأطراف للحضور في اليوم المحدد بمن فيهم الولي أو الوصي وكذلك تبليغ الغائبين وفق الطرق القانونية المتبعة في قانون الأصول.
– في اليوم الذي تم تعيينه، يذهب قاضي الصلح والشركاء الذين حضروا إلى المحل موضوع القسمة.
– وبعد التثبت من كافة الأوراق وتعلقها بذات العقار وان سندات التصرف التي أبرزت هي لذات العقار موضوع القسمة.
– يباشر القاضي معاملة قسمة العقار بحضور الشركاء آو الهيئة الاختيارية أو أمام اثنين من الأهالي.( على أن يراعي في ذلك إجراءات التقسيم التي أشرنا إليها سابقا في ثنايا الدراسة).
– وبعد أن تتم معاملة التسجيل يقوم بإبلاغ الإطراف بعملية التقسيم ومن ثم ترسل دائرة التسجيل نسخة مصدقة عن المحضر الذي ينظمه في هذا الشأن بشكل إعلام
الفرض الثاني: الادعاء بعدم قابلية العقار للقسمة
الحل المقترح: وقد عالج القانون هذه الحالة بشكل مفصل وفق الآتي:
– على قاضي الصلح إذا تبين له بعد الكشف على العقار أنها غير قابلة للقسمة أن ينتدب خبيرا أو أكثر لتقدير قيمة حصة طالب البيع بالنسبة لمجموع الحصص.
– ومن ثم يطلب من الشركاء إبداء رأيهم خلال خمسة عشر يوما إذا كانوا يرغبون في شراء الحصة بالبدل المقرر.
– فإذا اظهروا رغبتهم بالشراء تفوض لهم بالتساوي بنسبة عددهم.
– وإذا رفض احدهم الشراء بالقيمة المقدرة بالتساوي ودفع ثمنا أكثر من القيمة التي قدرها الخبراء، في هذه الحالة توضع بالمزاد فيما بين الشركاء ويحصل عليها من يدفع منهم ثمنا أكثر.
– وفي حال لم يتقدم احد الشركاء للشراء خلال المدة المحددة او في حال لم يرض صاحب الحصة الثمن المقدر، هنا في هذه الحال يعرض جميع المحل للبيع بكامله للبيع بالمزاد العلني بمعرفة دائرة الإجراء، ومن ثم يوزع الثمن بين الشركاء بنسبة حصصهم.
– وإذا ظهر أي ممانعة في تسليم المحل للمشتري يقوم مأمور الإجراء( التنفيذ) بتخليته وتسليمه.
– وفي الحال التي لم يتقدم بها احد الشركاء لشراء المحل بأكمله أو لم يبلغ الثمن الذي تقدم به المزايدون الحد العادل لهذا العقار، فهنا أيضا يعرض العقار بأكمله للمزايدة بين الشركاء أنفسهم فقط. فإذا لم يتقدم احدهم لشرائه كاملا، فهنا أيضا إذا باع صاحب الحصة حصته لأحد غير الشركاء فيعتبر عدم تقدمهم للشراء انه تنازل عن حق الشفعة أو الرجحان.
– وقد حظر القانون عدم سماع الدعوى من احد الشركاء أو الأوصياء بإلغاء معاملة الإحالة التي تمت بالمزايدة.
– هذا وتكون كافة المصاريف المتعلقة بالقسمة على الشركاء كل حسب حصته وكذلك بالنسبة لنفقات المزايدة والدلالة.
– الحالة الثانية: الادعاء بحق الشفعة والأولوية
الحل المقترح: وقد قمنا ببين الإجراءات المتبعة والحل لهذه القضية في ثنايا الدراسة (راجع صفحة 18 وما بعدها من التقرير).
– الحالة الثالثة: وضع اليد على العقار المملوك
الحل المقترح: وهنا أيضا قد سبق الحديث عن الموضوع ولكن ما يهمنا أن من الطرق القانونية التي يمكن اللجوء لها في هذا المجال هو رفع دعوى ملكية ومنع معارضة.
– الحالة الرابعة: التصرف بالعقار لغايات الترميم
احد المواضيع المهمة هو التصرف في العقارات لغايات الترميم والتي تكون مملوكة للأفراد، وهنا نضع ثلاث فرضيات حول هذا الموضوع مع الحلول المقترحة لها وذلك وفق الآتي:
الفرض الأول: موافقة صاحب العقار على الترميم
الحل المقترح: في هذا الفرض لا يكون هناك إشكاليات في التصرف، ولكن السؤال المهم هنا في هذا المقام هو كيف سيتم تنظيم العلاقة بالإضافة لكيفية ضمان عدم التعرض لهذا الترميم بالهدم أو أي تعرض آخر كالبيع وغيرها من التصرفات الجائزة، وهنا نقترح بان يتم تنظيم الموضوع ما بين المالك والجهة التي ستقوم بالترميم من خلال اتفاقية يوقع عليها الطرفين بحيث يتم إدراج بعض البنود التي تمنع من التصرف بها بأي شكل من الأشكال.
الفرض الثاني: رفض المالك للترميم
الحل المقترح: هنا نشير إلى عدد من الحلول التي من الممكن أن تلجأ الجهة ذات العلاقة بالترميم وفق الآتي:
1- الاتفاق مع صاحب العقار على حفظه وتفقده أو تخصيص مبلغ لترميمه ضمن اتفاقية موقعة بين الطرفين وتحمل شروطا لكل منهم.
2- شراء الموقع المراد ترميمه بالثمن المقدر
3- استئجار العقار لأمد طويل ضمن اتفاقية خاصة توقع لهذا الغرض.
4- استملاك الموقع وفقا لأحكام القانون، وهذا الفرض من الممكن تحقيقه عن طريق اللجوء للبلدية وبمساعدتها بطلب استملاك هذا الموقع ضمن الإجراءات التي قررها القانون ومن ثم دفع قيمته لصاحب العقار.
5- القيام بتخيير صاحب العقار بشراء ارض له أو عقار في نفس الموقع او أي موقع آخر يختاره أصحاب العلاقة وبالاتفاق مع الجهة صاحبة الترميم وبقيمة تساوي قيمة العقار الذي تنوي هذه الجهة تملكه مع احتفاظ هذه الجهة بالعقار موضوع الترميم.
الفرض الثالث: موافقة بعض الشركاء ورفض البعض الآخر على الترميم
الحل المقترح: هنا يمكن الوقوف على عدد من الحلول ومن بينها ما يلي:
1- استملاك كامل الموقع عن طريق الهيئات المحلية وفقا للإجراءات التي قررها القانون، مع إمكانية بقاء هذا العقار تحت يد الهيئة المحلية كموقع تاريخي لا يجوز التصرف فيه بأي شكل من الإشكال مع إعطاء أصحاب العقار التعويض العادل حسب حصة كل منهم.
2- ومن الممكن تطبيق الحلول السابقة الذكر في الفرض الثاني السابق ذكره على هذا الفرض.
3- ومن الممكن الاتفاق مع الهيئات المحلية بعد الترميم على إبقاء هذا العقار تحت تصرفها للغايات العامة مثل” إنشاء مكتبة أو غيرها من المنافع” مع قيام الهيئة بدفع بدل نقدي متفق عليه لأصحاب العلاقة إما بشكل اجر سنوي طويل الأمد أو بدل منفعة.
اترك تعليقاً