بحث قانوني هام عن الطبيعة القانونية لإجراءات حالة التلبس وفقاً للقانون الجنائي المصري
الطبيعة القانونية لإجراءات حالة تلبس :
المطلب الأول: السلطات المختصة بجمع الاستدلالات في حالة تلبس
ــ ضابط الشرطة القضائية ووكيل الجمهورية: خول قانون الإجراءات الجزائري ضباط الشرطة القضائية دون باقي رجال الضبطية القضائية سلطة اتخاذ الإجراءات المنصوص عليها في المواد من 42 إلى 55 والخاصة بالتلبس في الجنايات والجنح، رغم أنه خول وكيل الجمهورية ذات الاختصاصات باعتباره يدير الضبط القضائي ( المادة 56 )، وذلك نظرا لأن ضباط الشرطة القضائية هم الذين يتلقون التبليغ بالإجرام عادة أو يكتشفونها أثناء ممارسة وظيفة الضبط الإداري.وإذا انتقل وكيل الجمهورية إلى مكان الحادث بناء على إبلاغه بالجريمة فإنه يتولى بنفسه إتمام أعمال الضبط القضائي، ويقتصر دور ضباط الشرطة القضائية على تنفيذ أوامره في هذا الشأن كمساعد أو معاون له .ولوكيل الجمهورية أن يكف ضابط الشرطة القضائية بمتابعة الإجراءات بالرغم من انتقاله إلى مكان الحادث.
على أن لوكيل الجمهورية زيادة على ذلك سلطة اتخاذ بعض الإجراءات التي لا يملكها ضباط الشرطة القضائية إذ يستطيع متى باشر إجراءات جمع الاستدلالات أن ينتقل إلى دوائر اختصاص المحاكم لمتابعة التحريات إذا ما تطلب ذلك مقتضيات التحقيق.بشرط إخطار وكيل الجمهورية بالدائرة التي ينتقل إليها.
ــ قاضي التحقيق: قاضي التحقيق ليس عضوا من أعضاء الضبط القضائي المنصوص عليهم في المادة 14. وقد أراد المشرع بذلك عدم خضوعه للنيابة العامة التي تدير وتشرف على ذلك الضبط، إذ النيابة العامة شعبة من شعب السلطة التنفيذية، حتى يوفر لقاضي التحقيق بذلك حيادا كاملا في مباشرته للتحقيق الابتدائي.
المطلب الثاني: واجبات الضبط القضائي في حالة تلبس
متى توافرت حالة التلبس واستوفت شرائط صحتها فإن القانون يوجب على ضابط الشرطة القضائية القيام ببعض الإجراءات، ويخوله في سبيل إثبات الجريمة المساس بحريات الأشخاص وبحرمة مساكنهم. غير أن هذه الإجراءات قاصرة على حالة التلبس بجناية أو جنحة عقوبتها الحبس دون باقي الجرائم ( المادة 42-55) وذلك على النحو التالي:
ــ1ــ وجوب الانتقال إلى مكان الجريمة فورا
أشرنا إلى أن ضابط الشرطة القضائية يستطيع في غير حالة التلبس أن ينتقل إلى مكان وقوع الجريمة لمعاينة والتحفظ على الآثار موجودة به، ويقوم بجمع التحريات اللازمة، كما أنه يقوم بضبط ما قد يوجد به من أشياء تفيد في إثبات الجريمة، ولكن المادة 42 أوجبت على ضابط الشرطة القضائية المبادرة إلى الانتقال إلى مكان الجريمة فور إبلاغه بها متى كانت في حالة تلبس،واتخاذ الإجراءات إذ يتوقف على السرعة والعناية في اتخاذ نجاح التحقيق وبديهي أن التزام ضابط الشرطة القضائية بالانتقال إلى مكان الجريمة لا محل له إذا كان موجودا به من قبل وشاهد الجريمة في حالة تلبس. أما إذا أبلغ بها فأسرع إلى مكانها،فلا تقوم حالة التلبس إلا إذا شاهدها بنفسه . ولضابط الشرطة القضائية أن يستعين بالفنيين المؤهلين لإجراء المعاينات الآزمة للمحافظة على أثار الجريمة إذا كان لا يمكن تأخيرها خشية زوالها.
ــ2ــ التفتيش والضبط:
كانت المادة 44 شأن المادة 56 من قانون الإجراءات الفرنسي تجيز لضابط الشرطة القضائية تفتيش مساكن الأشخاص المشتبه في مساهمتهم في الجريمة أو يحوزون أوراقا أو أشياء متعلقة بالأفعال الجزائية، ولو لم يوافق المذكورون. ولكن المشرع الجزائري عدل تلك المادة بالقانون رقم 3 لسنة 1982 واستلزام لإجراء هذا التفتيش الحصول على إذن مكتوب من وكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق مع وجوب الاستظهار بهذا الأمر قبل الدخول إلى المنزل والشروع في التفتيش.فإذا أخل ضابط الشرطة القضائية بأحد هذه الشروط وقع التفتيش باطلا.
ــ3ــ جمع الإيضاحات:
كالشأن في غير حالة التلبس يستطيع ضابط الشرطة القضائية أن يسمع أقوال الحاضرين بمكان الواقعة وغيرهم كالمجني عليه أو الجيران والخدم أو الأقارب وكل من يمكن أن يكون لديه معلومات تتعلق بالوقائع موضوع الجريمة،كما يمكن أن يسمع أقوال المشتبه في مساهمتهم في الجريمة أيضا، وذلك دون حلف اليمين ويستطيع أعوان الضبط القضائي مباشرة هذا الإجراء أيضا.
المطلب الثالث: الطبيعة القانونية لإجراءات التلبس
يملك ضابط الشرطة القضائية ووكيل الجمهورية وقاضي التحقيق في حالة التلبس سلطات تمس حرية الأشخاص وحرمة مساكنهم، وتماثل لذلك إجراءات التحقيق الابتدائي الذي يختص به قاضي التحقيق كأصل عام. فقد رأينا أن ضابط الشرطة القضائية يملك تفتيش مسكن المتهم بمساعدة القوة العمومية ،ولو لم يقبل المذكور، كما يملك احتجازه واقتياده إلى وكيل الجمهورية الذي يعد قبضا عليه، كما يملك وكيل الجمهورية الأمر بإحضار المتهم واستجوابه في الجنايات التي في حالة تلبس وكذلك يملك حبس المتهم احتياطيا في الجنح التي في حالة تلبس (المادة 59).
ومن ناحية أخرى فإن بعض الإجراءات التي تجري بها في التحقيق الابتدائي بالمعنى الضيق كندب ضابط الشرطة القضائية للخبراء الذين يحلفون اليمين كتابة ( المادة 49 )، كما يندب قاضي التحقيق ضباط الشرطة القضائية لمتابعة إجراءات جمع الاستدلالات ( المادة 60 ) ولذلك رأى البعض اعتبار هذه الإجراءات من إجراءات التحقيق الابتدائي دون إجراءات جمع الإستدلالات . غير أن المادتين 56،60 من قانون الإجراءات الجزائري قد اعتبرت جميع تلك الإجراءات من أعمال الضبط القضائي ، ومن ثم فلا تتحرك بها الدعوى العمومية، ولا تقطع التقادم، ولا يجوز الإدعاء المدني أمام قاضي التحقيق إذا باشرها .
اترك تعليقاً