النظام القانوني للملكية الفكرية
. ماهية الملكية الفكرية واقسامها وقائمة اتفاقياتها الدولية
الملكية الفكرية بوجه عام ، هي القواعد القانونية المقررة لحماية الإبداع الفكري المفرغ ضمن مصنفات مدركة (الملكية الفنية والادبية) او حماية العناصر المعنوية للمشاريع الصناعية والتجارية (الملكية الصناعية) ، وهي تنقسم بوجه عام ايضا الى طائفتين :-
الملكية الفنية او الادبية :- وهي نظام الحماية المقرر بشان المصنفات في حقل الاداب والفنون والذي بدأ وجوده التنظيمي بابرام اتفاقية بيرن لحماية المصنفات الادبية والفنية في 9/9/1886 ، وبموجبه تحمى المواد المكتوبة كالكتب ، والمواد الشفهية كالمحاضرات ، و المصنفات الفنية الادائية كالمسرحيات والموسيقى والتمثيل الايمائي والمصنفات الموسيقية ، و المصنفات المرئية والسمعية كالاشرطة السينمائية والمواد الاذاعية السمعية ، والفنون التطبيقية كالرسم والنحت ، والصور التوضيحية والخرائط والتصميمات والمخططات والاعمال المجسمة المتعلقة بالجغرافيا والخرائط السطحية للارض ، وبرامج الحاسوب وقواعد البيانات وبموجب اتفاقيات لاحقة على اتفاقية بيرن . وهذا القسم من الملكية الفكرية يعرف ايضا بحقوق المؤلف ، ويلحق به ما اصبح يطلق عليه الحقوق المجاورة لحق المؤلف المتمثلة بحقوق المؤدين والعازفين والمنتجين في حقل الفونجرامات (التسجيلات الصوتية وحقل الاذاعة .
والى جانب اتفاقية بيرن التي شهدت تعديلات عديدة آخرها تعديل باريس 1971 الشهير بصيغة باريس ، توجد على الصعيد الدولي خمس اتفاقيات في حقل حق المؤلف وثلاث اتفاقيات بخصوص الحقوق المجاورة لحق المؤلف ( طبعا لا يشمل هذا الحصر اتفاقية تربس التي نفرد لها عرضا خاصا فيما ياتي ) – ( لطفا انظر جدول رقم 1 تاليا ) اما على الصعيد الاقليمي العربي فان هناك الاتفاقية العربية لحقوق المؤلف والمشروع الموحد لقانون حق المؤلف .
الملكية الصناعية:- اما الملكية الصناعية فانها تعنى بحقوق الملكية الفكرية على المصنفات او العناصر ذات الاتصال بالنشاطين الصناعي والتجاري ، ويعرفها الفقه بانها ” الحقوق التي ترد على مبتكرات جديدة كالاختراعات والرسوم والنماذج الصناعية او على شارات مميزة تستخدم اما في تمييز المنتجات (العلامات التجارية) او تمييز المنشآت التجارية (الاسم التجاري) وتمكن صاحبها من الاستئثار باستغلال ابتكاره او علامته التجارية او اسمه التجاري في مواجهة الكافة ” ، وتشمل الملكية الصناعية براءات الاختراع والعلامات التجارية والنماذج او الرسوم الصناعية وعلامات المنشأ او المؤشرات الجغرافية ، وحماية الاصناف النباتية والاسرار التجارية طبعا الى جانب الاسماء التجارية والعناصر المعنوية للمحل التجاري التي تنظمها عادة قوانين التجارة الوطنية.
وكما تعد اتفاقية بيرن حجر الاساس في الملكية الادبية والفنية تعد اتفاقية باريس المبرمة بتاريخ 23/3/1883 حجر الاساس ومرتكز الملكية الصناعية ، وقد خضعت هي الاخرى للعديد من التعديلات آخرها تعديل باريس 1971 ، والى جانبها – وعدا اتفاقية تربس الدولية – توجد 14 اتفاقية 3 منها في حقل براءات الاختراع ، و4 في حقل العلامات التجارية ، و3 في حقل النماذج الصناعية و2 في حقل علامات المنشأ ، وواحدة بشان اصناف النباتات وواحدة خاصة بالشعار الاولمبي (لطفا انظر جدول رقم 1 تاليا)
وبالرغم من نشوء تنظيم الملكية الفكرية بشقيها في العقد الثامن من القرن التاسع عشر ، قبل قرن وعقدين تقريبا ، الا ان كل شق بقي مستقلا عبر اتحاد خاص به (اتحاد بيرن لحقوق المؤلف ،
واتحاد باريس للملكية الصناعية) اللذين انشاتهما اتفاقيتا بيرن وباريس ، واما الاطار المنفذ لقواعد الملكية الفكرية بشكل شمولي فقد بقي حتى ستينات القرن المنصرم محصورا بمكاتب الملكية الفكرية (مكاتب براءات الاختراع مثلا) الى ان نشأت عام 1967 في مدينة استوكهولم المنظمة العالمية للملكية الفكرية World Intellectual Property Organization (وايبو – WIPO) واصبحت هذه المنظمة احدى وكالات هيئة الامم المتحدة المتخصصة في 17/12/1974 ، واصبحت الجهة الدولية التي تدير سائر اتفاقيات الملكية الفكرية المشار اليها والتي يضاف اليها طبعا اتفاقية انشاء هذه المنظمة ذاتها والقوانين الارشادية النموذجية التي تصدر عن فرق الخبراء فيها لمساعدة الدول النامية في اتخاذ التدابير التشريعية لحماية الملكية الفكرية ، كقانون تونس النموذجي لعام 1976 . وحتى عام 1995 ، لم يكن ثمة أي اطار دولي ينافس او يشارك او ينازع هذه المنظمة حقها ومكنتها في ادارة نظام الملكية الفكرية ، وقد شهد اليوم الاول من العام المشار اليه بدا سريان اتفاقية انشاء منظمة التجارة العالمية (WTO- World Trade Organization) (الموقعة في مراكش بتاريخ 15/4/1994) وسريان الاتفاقيات الدولية الناظمة للتجارة الدولية التي من ضمنها اتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من الملكية الفكرية (تربس) ، والتي تضمنت قواعد تتصل بكافة فروع واقسام الملكية الفكرية ، الى جانب احالتها الى قواعد اربعة من اهم اتفاقيات الملكية الفكرية (بيرن ، وباريس المشار اليهما اعلاه ، اضافة الى اتفاقيتي روما المتعلقة بالحقوق المجاورة واتفاقية واشنطن الخاصة بالدوائر المتكاملة – انظر جدول رقم 1) .
(جدول 1)
اتفاقيات الملكية الفكرية – الاطار القانوني الدولي لنظام الملكية الفكرية
اتفاقيات شمولية
اتفاقيات الهيئات الدولية
الملكية الصناعية
الملكية الادبية او الفنية
حقوق المؤلف والحقوق المجاورة
اتفاقية تربس
(( اتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من الملكية الفكرية ))
1- اتفاقية انشاء المنظمة العالمية للملكية الفكرية 1967 .
2- اتفاقية إنشاء منظمة التجارة العالمية 1994 – النافذة اعتبارا من 1/1/1995 .
اتفاقية باريس للملكية الصناعية 1883 صيغة باريس 1971 . ( الاطار العام )
اتفاقية بيرن 1886 صيغة باريس 1971 ( الاطار العام )
حق المؤلف
اتفاقية التصنيف الدولي لبراءات الاختراع – ستراسبورغ 1971 اتحاد IPC
براءات الاختراع
الاتفاقية العالمية لحقوق المؤلف – جنيف 1952 صيغة باريس 1971 (اليونسكو )
اتفاقية الاعتراف الدولي بايداع الكائنات الدقيقة نظام براءات الاختراع – اتحاد بودابست 1977 –
اتفاقية التسجيل الدولي للمصنفات السمعية والبصرية – جنيف 1989
اتفاقية التعاون الدولي بشان البراءات – واشنطن 1970 – اتحاد PCT
اتفاق تفادي الازدواج الضريبي على عائدات حقوق المؤلف – مدريد 1979 .
اتفاقية التسجيل الدولي للعلامات التجارية – مدريد 1989 – اتحاد مدريد ، وبروتوكول مدريد الملحق بها
العلامات التجارية
اتفاقية الدوائر المتكاملة 1989 – واشنطن .
اتفاقية المنظمة العالمية للملكية الفكرية في حق المؤف 1996 –
اتفاقية التصنيف الدولي للبضائع والخدمات – اتحاد نيس – 1957 .
اتفاقية حماية فناني الاداء ومنتجي التسجيلات الصوتية وهيئات الاذاعة – روما 1961
الحقوق المجاورة
اتفاقية التصنيف الدولي للعناصر المميزة للعلامات – اتحاد فينا – 1973 .
اتفاقية حماية منتجي التسجيلات الصوتية ضد النسخ غير المشروع – جنيف – 1970
اتفاقية قانون العلامات التجارية – جنيف – 1994
اتفاقية توزيع الاشارات حاملة البرامج عبر التوابع الصناعية – بروكسل 1974
اتفاقية الايداع الدولي للنماذج الصناعية – لاهاي – اتحاد لاهاي – 1925 بروتوكول جنيف 1975
الرسوم والنماذج الصناعية
اتفاقية المنظمة العالمية للملكية الفكرية في الاداء والتسجيلات الصوتية ( الفونجرامات ) 1996
اتفاقية انشاء التصنيف الدولي للنماذج الصناعية – لوكارنو – اتحاد لوكارنو 1968
اتفاقية التسجيل الدولي للرسوم والنماذج الصناعية – صياغة جنيف لاتفاقية لاهاي – 1999 .
اتفاقية تجريم البيانات المضللة بشأن منشأ البضائع – مدريد 1891 – صيغة ستوكهولم1967
علامات المنشأ – المؤشر الجغرافي
اتفاقية حماية دلالات المصدر والتسجيل الدولي لها – لشبونه – 1958
الاتفاقية الدولية لحماية اصناف النباتات الجديدة UPOV – – جنيف 1961
حماية النباتات
اتفاقية حماية الشعار الاولمبي – نيروبي – 1981
الشعار الاولمبي
اتفاقية واحدة
2 اتفاقية
15 اتفاقية جميعها تديرها الوايبو
10 اتفاقيات احداها تديرها اليونسكو
المجموع
2. اتفاقية تربس واقحام الملكية الفكرية نظام التجارة الدولي :-
لا تعود جذور حماية حقوق الملكية الفكرية إلى منظمة التجارة العالمية التي تأسست عام 1995 بل – وكما اسلفنا – إلى اتفاقية باريس عام 1883 الخاصة بحقوق الملكية الصناعية واتفاقية بيرن لعام 1886 التي تتناول حقوق المؤلف ، لكن إطار هاتين الاتفاقيتين والمنظمة التي ترعاهما وترعى بقية الاتفاقيات (منظمة الوايبو) لم يتح تفعيل حماية تلك الحقوق بالقدر الذي تريده الدول المتقدمة التي تسعى للسيطرة على مقدراتها الابداعية والفكرية ومنع كل ما يعيق فعالية تجارتها عالميا ، وطبيعي ان لا يحقق نظام الوايبو مثل هذا الهدف لانه يركز بالاساس على الجوانب الفنية البحتة وعلى الحقوق القانونية ، ولا يشمل علاقة هذه الحقوق بالتجارة العالمية . وتحت ضغط الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ورغم معارضة غالبية البلدان النامية انتقلت أحكام الاتفاقيتين مع بعض التعديلات إلى جولة أوروغواي فظهر الاتفاق متعدد الأطراف حول حقوق الملكية الفكرية ذات العلاقة بالتجارة (اتفاقية تربس) .
وتقرر هذه الاتفاقية في المادتين الثالثة والرابعة المبادئ العامة المطبقة على تجارة السلع والخدمات، الاول ، مبدأ الدولة الأولى بالرعاية ، والثاني ، مبدأ المعاملة الوطنية . وتضع الحدود الدنيا للحماية التي يتعين على الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية إدراجها في قوانينهم الداخلية ، ومن بين هذه الحدود مدة الحماية ، اذ ينبغي – على سبيل المثال – ألا تقل مدة حماية براءات الاختراع عن 20 سنة وحقوق الطبع عن 50 سنة ، وعلى القوانين الداخلية وضع الأحكام الكفيلة باحترام تلك الحقوق. ويجب أن تتضمن عقوبات مالية أو بدنية فاعلة ضد من يخالفها ، شريطة أن توقع من قبل سلطات قضائية . وحسب الاتفاقية يتعين اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لحماية الملكية الفكرية خلال سنة واحدة في الدول الصناعية وخمس سنوات في البلدان النامية و11 سنة في الدول الأقل نموا اعتبارا من بداية عام 1995.
ولا بد من الاشارة هنا وبكل حيادية وموضوعية ، ان إصرار الدول الصناعية أثناء جولة ألاورغواي على إدراج هذه الحقوق ضمن الاتفاقيات متعددة الأطراف كان نتيجة لضغوط مارستها شركات الأدوية والملابس الجاهزة التابعة لهذه الدول منطلقة من مبدا معلن قد لا يختلف عليه احد وهو عدالة حماية هذه الحقوق ووجوب احترامها ، لكن ذلك الاحترام يعرض صناعة وتجارة الدول النامية للتردي والخطر ، ونذكر على سبيل المثال صناعة الأدوية في العالم العربي التي هي في حقيقتها تعتمد على تكنولوجيا ومنتجات الدول الاجنبية ، ففي ظل التنظيم الجديد للمبادلات العالمية ستكون الدول العربية الأعضاء في منظمة التجارة العالمية أمام احد خيارين ، إما أن تدفع تعويضات مستمرة للشركات صاحبة براءة الاختراع أو تتوقف عن الإنتاج ، ويقود الحل الأول إلى ارتفاع أسعار الأدوية عند الاستهلاك ، ويفضي الحل الثاني إلى تبعية العالم العربي شبه الكلية للسوق الخارجية.
ولهذا ، وبحق ، فان اتفاقية تربس من حيث اثرها ، تعد الاتفاقية الاكثر خطورة من بين اتفاقيات التجارة الدولية من زاوية تاثيرها على اقتصاديات الدول النامية ومنها الدول العربية ، ومن وجهة نظرنا ، والتي قد يختلف الاخرون معنا بشانها او يتفقون ، فاننا نرى انه يمكن وضع الاتفاق متعدد الأطراف حول حقوق الملكية الفكرية في مقدمة الاتفاقات التي ستكون سلبياتها على الاقتصاديات العربية أكبر بكثير من إيجابياتها.
ان اتفاقية تربس تعد اطارا شاملا لموضوعات الملكية الفكرية فهي تنظم حقوق المؤلف (وفي نطاقها نظمت حماية برامج الحاسوب وقواعد البيانات (م 10) وبذلك اضيفت هذه المصنفات الى مصنفات الملكية الادبية وتكون اتفاقية تربس قد استخدمت طريقة الاحالة المقررة في اتفاقية جنيف للمعاهدات بحيث اجرت تعديلا فعليا على المصنفات محل الحماية المقررة في اتفاقية بيرن) ونظمت الحقوق المجاورة لحق المؤلف ، والعلامات التجارية والمؤشرات الجغرافية والتصميمات الصناعية وبراءات الاختراع والدوائر المتكاملة والاسرار التجارية والممارسات غير التنافسية في الرخص .
والى جانب هذا التنظيم تضمنت الاتفاقية قواعد عامة بشان الملكية الفكرية وتعامل الدول معها ومعاملتها فيما بينها كما تضمنت التزامات الدول تجاه الملكية الفكرية والتدابير الوقائية والتشريعية وآليات فض منازعات الملكية الفكرية . وقد احالت اتفاقية تربس الى عدد من اتفاقيات الملكية الفكرية مقررة سريان احكام مخصوصة منها على العناصر محل التنظيم التي تناولتها الاتفاقية ، واذا كان ثمة جديد في حقل الملكية الفكرية عالميا فيتمثل باتفاقية تربس ، لا لانها اطار شامل لموضوعات الملكية الفكرية كما قدمنا ، وليس لانها ايضا اضافت قواعد جديدة في حقل الملكية الفكرية (كالقواعد الخاصة بحماية برامج الحاسوب مثلا) ، بل لانها ولاول مرة اوجدت مركزا آخر لادارة نظام الملكية الفكرية عالميا ، الا وهو منظمة التجارة العالمية ، التي خصصت اتفاقية انشائها من بين هيئاتها مجلسا خاصا باتفاقية تربس ، وايجاد مركز جديد كان يوجب تنبه المجتمع الدولي لاحتمالات التناقض بين مركزي ادارة الملكية الفكرية ، الوايبو ومنظمة التجارة ، لهذا ابرم بروتوكول او اتفاق تعاون بين المنظمتين عام 1996 لتنظيم العلاقة بينهما وتعاونهما بشان ادارة نظام الملكية الفكرية دوليا .
هوامش :-
1. انظر ، يونس عرب ، موسوعة القانون وتقنية المعلومات ، الكتاب الاول ، قانون الكمبيوتر ، ط1 ، منشورات اتحاد المصارف العربية ، 2001 بيروت ، ص 298 وما بعدها
2. للمزيد من البحث انظر حول الملكية الادبية بوجه عام د. محمد حسام لطفي ، المرجع العملي في الملكية الادبية والفنية ، ط2 1993 القاهرة. ود. نواف كنعان ، حق المؤلف ، ط1 1987 عمان ، ومن امهات الكتب العربية في هذا الحقل انظر المرحوم عبد الرزاق السنهوري ، الوسيط في شرح القانون المدني ، ج8 ، حق الملكية ، دار النهضة العربية ، 1967 ، القاهرة ، ص 274 وما بعدها ، ود. ابو اليزيد المتيت ، الحقوق على المصنفات الادبية والفنية والعلمية ، منشأة المعارف ، 1967 ، الاسكندرية .
3. انظر د. سميحة القليوبي ، الملكية الصناعية ، ط2 ، دار النهضة العربية ، 1998 القاهرة ، ص 5 . ولمزيد من التفصيل حول الملكية الصناعية انظر ايضا .د احمد سويلم العمري ، براءات الاختراع ، الدار القومية للطباعة والنشر ، 1968 ، القاهرة .
اعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً