بحث قانوني عن حالة التلبس في الجريمة حسب القانون

حالة التلبس في الجرائم – دراسة و بحث قانوني جزائري

حالة التلبس فى التشريع الجزائري – محاماة نت

الحصول على البحث من خلال فيسبوك

خطة البحث

مقدمــة

المبحث الأول: حالة تلبس
المطلب الأول: تعريف وخصائص التلبس
المطلب الثاني: حالات التلبس
المطلب الثالث: شروط صحة التلبس
المبحث الثاني: الطبيعة القانونية لإجراءات حالة تلبس
المطلب الأول: السلطات المختصة بجمع الاستدلالات في حالة تلبس
المطلب الثاني: واجبات الضبط القضائي في حالة تلبس
المطلب الثالث: الطبيعة القانونية لإجراءات التلبس
الخـاتمــة

المقدمة

قد تكتشف الجريمة نور وقوعها، أو بعد ذلك بوقت قصير، فتكون في حالة تلبس، ويكون المجرم مشهودا يتضاءل فيه احتمال الخطأ في التقدير أو مضنة الكيد من رجال الضبط، ويستثير رد فعل المجتمع إزاءه.ولذلك أجاز القانون في نطاق الاستدلالات بعض الإجراءات المنطوية على المساس بحريات الأفراد وحرمة مساكنهم، كي يتسنى إثبات عناصر الجريمة ، والبحث فورا عن أدلتها قبل أن تضيع معالمها بالتغيير أو التلفيق أو حتى مجرد الإهمال.
فما المقصود بحالة تلبس؟ وما هي السلطات المختصة بجمع الاستدلالات في حالة تلبس؟ وما هي الإجراءات التي يخولها القانون إياها في هذه الحالة؟ .

المبحث الأول: حالة تلبس

المطلب الأول: تعريف وخصائص التلبس

حالة التلبس تتعلق باكتشاف الجريمة في وقت معين، ولا تتعلق بأركان الجريمة أو مراحل تنفيذها. ويتميز التلبس بأنه مرتبط بالجريمة دون فاعلها وتكون الجريمة في حالة تلبس بسماع صوت استغاثة المجني عليه إثر سماع صوت طلقات الرصاص، ولو لم يشاهد من أطلقه ، وفي حالة شم رائحة مخدر تتصاعد من مسكن المتهم، ولو لم يشاهد أثناء تدخينه إياه، وفي حالة رؤية حريق مشتعل رغم عدم وجود الجاني، وحتى إذا شوهد المذكور أثناء ارتكابه للجريمة فلا يكون متلبسا بالجريمة، وإنما الجريمة هي التي تكون في حالة تلبس .
ويستلزم التلبس ذو الآثار الإجرائية المتميزة بوجود مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن ارتكاب الجريمة، إما بمشاهدة الركن المادي للجريمة وقت مباشرته، أو برؤية ما يكشف عن وقوعها منذ فترة وجيزة. فلا يكفي مثلا أن يشاهد ضابط الشرطة القضائية المتهمة المعروفة باعتيادها ممارسة الدعارة تدخل بإحدى الشقق للقول بأن جريمة الاعتياد على ممارسة الدعارة تعتبر في حالة تلبس، إذ أن هذا الدخول لا ينبئ بذاته عن إدراك الضابط بطريقة يقينية ارتكاب تلك الجريمة ومن باب أولى فإن الأدلة القولية على وقوع الجريمة لا تقوم بها حالة تلبس كن يعلم ضابط الشرطة القضائية للجريمة عن طريق أحد أعوانه إذ يجب أن يدرك هو ذاته المظاهر الخارجية ، كي يباشر السلطات التي يخوله القانون إياها.

المطلب الثاني: حالات التلبس

أورد المشرع حالات التلبس في المادة 41، ونظرا لأنها تخول رجال الضبط القضائي، أو من يقومون بأعماله، كوكيل الجمهورية، وقاضي التحقيق سلطة القيام ببعض الإجراءات التي تمس حرية الأشخاص وحرمة مساكنهم، فإن هذه الحالات قد وردت على سبيل الحصر، ولا يجوز القياس عليها .وتنقسم حالات التلبس إلى ثلاث طوائف تبعا لوقت اكتشاف الجريمة وهي: التلبس الحقيقي ، التلبس الاعتباري، الجريمة المتسمة بصفة التلبس.وإن كانت كل حالات التلبس ترتب ذات الآثار.

أولا: التلبس الحقيقي

يكون التلبس حقيقيا في حالتين:

  • 1ـ إذا كنت الجناية أو الجنحة مرتكبة في الحال، فالجاني يفاجأ بالمجني عليه أو برجال الضبط القضائي أثناء ارتكابه الجريمة، أو يشاهده الجيران آنذاك. والعبرة بالمشاهدة أو إدراك دون استمرار النشاط الإجرامي، فمن يخفى في ملابسة مواد مخدرة أو سلاحا ناريا دون ترخيص يرتكب الجريمة طوال فترة الإحراز، ولكن الجريمة ليست في حالة تلبس.
    ولا تقتصر المشاهدة على الرؤية بالعين، وإنما تشمل الإدراك بأية حاسة، كالشم رائحة المخدر أو الخمر تنبعث من فم المتهم أو سماع صوت الأعيرة النارية من الجهة التي قدم منها المتهم إثر إطلاقها.
    كما لا يلزم أن تنصب المشاهدة على الركن المادي للجريمة، وإنما يكفي لقيام حالة التلبس ــ كما في الأمثلة المذكورة ــ وجود مظاهر خارجية يدركها المرء وتنبئ بذاتها على وقوع الجريمة. وتقدير كفاية هذه المظاهر متروكة لضابط الشرطة القضائية الذي يقوم بمباشرة الإجراءات التي يملكها في حالة التلبس، وتراقب سلطة التحقيق والمحكمة الموضوع سلامة هذا التقدير.
    غير أنه لا يلزم لتوافر حالة التلبس أن يؤدي التحقيق إلى ثبوت الجريمة قبل مرتكبها ، أو أن تكون الجريمة متكاملة الأركان ، كأن يتضح أن المادة المضبوطة غير محرم حيازتها، بل يكفي أن يعتقد الشاهد ذلك، استنادا إلى الأسباب المعقولة تقدرها محكمة الموضوع أو سلطة التحقيق الابتدائية.
  • 2ــ كما تكون الجريمة في حالة تلبس حقيقي إذا كانت قد ارتكبت لتوها. وتختلف هذه الحالة عن السابق في أن مشاهدة الجريمة أو إدراكها قد حدث أثر ممارسة الجاني نشاطه الإجرامي. وقد عبر نص المادة 41 عن هذه الحالة بعبارة « عقب ارتكابها » أي الجناية أو الجنحة. ومن أمثلة ذلك مشاهدة جثة القتيل تنزف منها الدماء أو المجني عليه الذي ما زال متأثرا بالإكراه الواقع عليه في اسراقه بالإكراه . ولكن هذه الحالة من التلبس لا تستلزم آثارا مادية ،ووجود شهود بمكان وقوع الجريمة ، بل يكفي أن يكون إدراك الجريمة مقاربا لوقت ارتكابها.

ويثار التساؤل عن هذا التقارب الواجب توافره للقول بأن الجريمة في حالة تلبس فهل يعني أن الجريمة اكتشفت عقب وقوعها مباشرة ؟ أم يمكن أن يمتد إلى اليوم التالي لارتكابها؟.
الواقع أن هذه الحالة من حالات التلبس تقتصر على الفترة الوجيزة التالية لوقوع الجريمة إذ سنرى أن المشرع عندما تكلم عن التلبس الاعتباري أشار إلى أن الشخص قد وجد في وقت قريب جدا من وقت وقوع الجريمة وقد تبعته العامة بالصياح.

ثانيا: التلبس الاعتباري

ويعني أن الجريمة لم تشاهد حال ارتكابها أو عقب ارتكابها، وتختلف حالات التلبس الاعتباري عن حالات التلبس الحقيقي في أنها تستلزم بجانب التقارب الزمني بين وقوع الجريمة ومشاهدتها توافر أحد الظروف الواردة بالمادة 41.
وقد عبر المشرع عن عنصر التقارب الزمني بأن إدراك حالة تلبس قد حدث ( في وقت قريب جدا من وقت وقوع الجريمة…) .

ثالثا: الجريمة المتسمة بصفة التلبس

وهي جريمة يعتبرها القانون كالجرائم التي في حالة تلبس حقيقي أو اعتباري، ولو لم تكن كذلك في الواقع. ويشترط في هذه الجريمة أن ترتكب في منزل، وأن يبادر صاحب المنزل باستدعاء ضابط الشرطة القضائية لدى اكتشافه وقوعها، ولو كان ذلك بعد مضي وقت طويل على وقوع الجريمة. ويقصد بصاحب المنزل ذلك الذي يقيم به والمسئول عن المقيم به. ولو لم يكن هو الحائز الأصلي، ويكون استدعاء ضابط الشرطة القضائية بالتقدم بشكوى يطلب فيها إجراء التحقيقات عن الجريمة التي وقعت به.
وتختلف الشكوى هنا عن النداءات من داخل المسكن، والتي تجيز دخوله ومعاينته وإجراء التفتيش في كل ساعة من ساعات النهار والليل (المادة 47 ) إذ الهدف من هذه الإجراءات نجدة الموجودين بداخله، إلا أن دخول المسكن في هذه الحالة قد يتحقق به حالة التلبس الحقيقي أو الاعتباري متى كانت تلك النداءات بسبب جناية أو جنحة وقعت بالمنزل.

الاشتباه في الوفاة

قد يعثر على جثة شخص أو ربما كانت وفاته طبيعية لمرض ما، وقد تكون جنائية ناشئة عن جريمة. إلا أنها لا تكون في حالة تلبس دائما طالما لم تتوافر إحدى حالاته، ومع ذلك فقد أوجب القانون في المادة 62 على ضابط الشرطة القضائية أن يخطر وكيل الجمهورية على الفور، وأن ينتقل بغير تمهل إلى مكان وجود الجثة للقيام بعمل المعاينات الأولية ، وأن يجري البحث والتحري وكذلك يستطيع وكيل الجمهورية أن ينتقل إلى مكان الجثة أو يندب لذلك أحد ضباط الشرطة القضائية ويصطحب أيهما من يرى ضرورة الاستعانة به لتقدير ظروف الوفاة كالأطباء وخلافا للأصل في الاستعانة برأي الفنيين في مرحلة جمع الاستدلالات فإن من يستعين به وكيل الجمهورية وضابط الشرطة القضائية يتعين أن يحلف اليمين كتابة على أن يبدي رأيه بما يمليه عليه الشرف والضمير.
وقد يسفر البحث والتحري على أن الوفاة غير جنائية، وحينئذ تصدر النيابة أمرا بحفظ الأوراق، وقد يتضح وجود جريمة في حالة تلبس فيجوز مباشرة إجراءات التلبس التي ستوضحها حلا أو يطلب وكيل الجمهورية إجراء التحقيق بواسطة قاضي التحقيق. وقد لا يتيسر تحديد ما إذا كانت الوفاة جنائية من عدمه، وحينئذ يستطيع وكيل الجمهورية أن يطلب من قاضي التحقيق إجراء تحقيق للكشف عن ذلك.
والإجراءات التي يقوم بها قاضي التحقيق في هذا الصدد تكون من قبيل إجراءات الاستدلال دون إجراءات التحقيق الابتدائي، إذ لا تتحرك الدعوى العمومية طالما لم يثبت أن الوفاة جنائية ، ويترتب على ذلك أن وكيل الجمهورية يستطيع أن يكلف ضابط الشرطة القضائية بمتابعة الإجراءات رغم قيام قاضي التحقيق بذات المهمة، وكذلك لا يستطيع المضرور من الوفاة أن يدعي مدنيا.

المطلب الثالث: شروط صحة التلبس

تمر الجرائم كلها بحالة التلبس، ومع ذلك فلا يملك ضابط الشرطة القضائية اتخاذ إجراءات التلبس إلا بشروط وهي:

  • 1ــ مشاهدة ضابط الشرطة القضائية لحالة التلبس خول القانون لضباط الشرطة القضائية حق اتخاذ بعض الإجراءات التي لا يملكونها في غير تلك الحالة، وذلك لأنه قد تحقق من قيام الجريمة فشاهدها بنفسه أو إدراكها بإحدى حواسه مما يستبعد احتمال الخطأ أو الاتهام الكاذب.ومن ثم فلا يغني عن هذه المشاهد تلقي نبأ الجريمة عن طريق الرواية أو النقل عن الشهود، ولو كانوا من رجال الضبط القضائي ، بيد أنه يكفي أن يشاهد ضباط الشرط القضائية إحدى حالات التلبس ولو لم يشاهد الجاني أثناء ارتكاب الجريمة فعلا،فقد يبلغه أحد الشهود بالجريمة،فيبادر بالانتقال إلي مكانها عقب وقوعها بفترة وجيزة، ويشاهد بنفسه أثرا من أثارها الباقية.
    ويرى البعض أن التلبس صفة تلحق بالجريمة ذاتها،وقد لا تترك الجريمة أثارا أو لا يشاهدها ضابط الشرطة القضائية بنفسه، ولذلك يكفي أن تبلغ الجريمة إليه عقب ارتكابها ببرهة يسيرة، ومتى قامت لديه شبهات قوية على وقوعها أو على اتهام شخص معين بارتكابها، كان له استعمال السلطات المخولة له في حالة التلبس لضبط الجريمة والمحافظة على أثارها.
    ويؤدي هذا الرأي إلى إسباغ صفة التلبس على غالبية الجرائم ،وانهيار كل ضمانة للأفراد بمجرد أن يبلغ شخص ما برؤية حالة من حالات التلبس، مع أن البلاغ قد يكون مكذوبا أو مبالغا فيه ،أو مبنيا على استنتاج خاطئ متسرع فيه ، فضلا عن أن حكمة الإجراءات التي تتميز بها حالة التلبس لا تتوافر إلا إذا شاهد ضابط الشرطة القضائية أو أدرك بنفسه الأمارات والمظاهر الخارجية التي تنبئ بذاتها عن الجريمة.
  • 2ــ أن تكون المشاهدة مشروعة أي جاءت عن طريق مطابق للقانون بمفهومه الواسع وهو ما يحدث كثيرا بطريق المصادفة ودون سعي أو عمل لإيجابي من ضابط الشرطة القضائية أو نتيجة إجراءات صحيحة اتخذها ذلك الضابط، كمشاهدته المتهم ممسكا بقطعة المخدر إثر دخوله إحدى المقاهي للبحث عن أحد المجرمين، أو عثوره على سلاح ناري غير مرخص به بمنزل المتهم أثناء تفتيشه بناءا على إنابة قضائية للبحث عن مسروقات.
    وكذلك لا تقوم حالة التلبس إذا كانت وليدة تفتيش مسكن دون إنابة قضائية،أو إنابة قضائية باطلة.أو نتيجة تفتيش متعسف في تنفيذه لتجاوزه الغرض منه كتفتيش ملابس المتهم والعثور بجيب صديرية على قطعة مخدر رغم أن الأمر بالتفتيش يتعلق بضبط ماشية مسروقة أو بندقية.

المبحث الثاني: الطبيعة القانونية لإجراءات حالة تلبس

المطلب الأول: السلطات المختصة بجمع الاستدلالات في حالة تلبس

ــ ضابط الشرطة القضائية ووكيل الجمهورية: خول قانون الإجراءات الجزائري ضباط الشرطة القضائية دون باقي رجال الضبطية القضائية سلطة اتخاذ الإجراءات المنصوص عليها في المواد من 42 إلى 55 والخاصة بالتلبس في الجنايات والجنح، رغم أنه خول وكيل الجمهورية ذات الاختصاصات باعتباره يدير الضبط القضائي ( المادة 56 )، وذلك نظرا لأن ضباط الشرطة القضائية هم الذين يتلقون التبليغ بالإجرام عادة أو يكتشفونها أثناء ممارسة وظيفة الضبط الإداري.وإذا انتقل وكيل الجمهورية إلى مكان الحادث بناء على إبلاغه بالجريمة فإنه يتولى بنفسه إتمام أعمال الضبط القضائي، ويقتصر دور ضباط الشرطة القضائية على تنفيذ أوامره في هذا الشأن كمساعد أو معاون له .ولوكيل الجمهورية أن يكف ضابط الشرطة القضائية بمتابعة الإجراءات بالرغم من انتقاله إلى مكان الحادث.
على أن لوكيل الجمهورية زيادة على ذلك سلطة اتخاذ بعض الإجراءات التي لا يملكها ضباط الشرطة القضائية إذ يستطيع متى باشر إجراءات جمع الاستدلالات أن ينتقل إلى دوائر اختصاص المحاكم لمتابعة التحريات إذا ما تطلب ذلك مقتضيات التحقيق.بشرط إخطار وكيل الجمهورية بالدائرة التي ينتقل إليها.

ــ قاضي التحقيق: قاضي التحقيق ليس عضوا من أعضاء الضبط القضائي المنصوص عليهم في المادة 14. وقد أراد المشرع بذلك عدم خضوعه للنيابة العامة التي تدير وتشرف على ذلك الضبط، إذ النيابة العامة شعبة من شعب السلطة التنفيذية، حتى يوفر لقاضي التحقيق بذلك حيادا كاملا في مباشرته للتحقيق الابتدائي.

المطلب الثاني: واجبات الضبط القضائي في حالة تلبس

متى توافرت حالة التلبس واستوفت شرائط صحتها فإن القانون يوجب على ضابط الشرطة القضائية القيام ببعض الإجراءات، ويخوله في سبيل إثبات الجريمة المساس بحريات الأشخاص وبحرمة مساكنهم. غير أن هذه الإجراءات قاصرة على حالة التلبس بجناية أو جنحة عقوبتها الحبس دون باقي الجرائم ( المادة 42-55) وذلك على النحو التالي:

ــ1ــ وجوب الانتقال إلى مكان الجريمة فورا

أشرنا إلى أن ضابط الشرطة القضائية يستطيع في غير حالة التلبس أن ينتقل إلى مكان وقوع الجريمة لمعاينة والتحفظ على الآثار موجودة به، ويقوم بجمع التحريات اللازمة، كما أنه يقوم بضبط ما قد يوجد به من أشياء تفيد في إثبات الجريمة، ولكن المادة 42 أوجبت على ضابط الشرطة القضائية المبادرة إلى الانتقال إلى مكان الجريمة فور إبلاغه بها متى كانت في حالة تلبس،واتخاذ الإجراءات إذ يتوقف على السرعة والعناية في اتخاذ نجاح التحقيق وبديهي أن التزام ضابط الشرطة القضائية بالانتقال إلى مكان الجريمة لا محل له إذا كان موجودا به من قبل وشاهد الجريمة في حالة تلبس. أما إذا أبلغ بها فأسرع إلى مكانها،فلا تقوم حالة التلبس إلا إذا شاهدها بنفسه . ولضابط الشرطة القضائية أن يستعين بالفنيين المؤهلين لإجراء المعاينات الآزمة للمحافظة على أثار الجريمة إذا كان لا يمكن تأخيرها خشية زوالها.

ــ2ــ التفتيش والضبط:

كانت المادة 44 شأن المادة 56 من قانون الإجراءات الفرنسي تجيز لضابط الشرطة القضائية تفتيش مساكن الأشخاص المشتبه في مساهمتهم في الجريمة أو يحوزون أوراقا أو أشياء متعلقة بالأفعال الجزائية، ولو لم يوافق المذكورون. ولكن المشرع الجزائري عدل تلك المادة بالقانون رقم 3 لسنة 1982 واستلزام لإجراء هذا التفتيش الحصول على إذن مكتوب من وكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق مع وجوب الاستظهار بهذا الأمر قبل الدخول إلى المنزل والشروع في التفتيش.فإذا أخل ضابط الشرطة القضائية بأحد هذه الشروط وقع التفتيش باطلا.

ــ3ــ جمع الإيضاحات:

كالشأن في غير حالة التلبس يستطيع ضابط الشرطة القضائية أن يسمع أقوال الحاضرين بمكان الواقعة وغيرهم كالمجني عليه أو الجيران والخدم أو الأقارب وكل من يمكن أن يكون لديه معلومات تتعلق بالوقائع موضوع الجريمة،كما يمكن أن يسمع أقوال المشتبه في مساهمتهم في الجريمة أيضا، وذلك دون حلف اليمين ويستطيع أعوان الضبط القضائي مباشرة هذا الإجراء أيضا.

المطلب الثالث: الطبيعة القانونية لإجراءات التلبس

يملك ضابط الشرطة القضائية ووكيل الجمهورية وقاضي التحقيق في حالة التلبس سلطات تمس حرية الأشخاص وحرمة مساكنهم، وتماثل لذلك إجراءات التحقيق الابتدائي الذي يختص به قاضي التحقيق كأصل عام. فقد رأينا أن ضابط الشرطة القضائية يملك تفتيش مسكن المتهم بمساعدة القوة العمومية ،ولو لم يقبل المذكور، كما يملك احتجازه واقتياده إلى وكيل الجمهورية الذي يعد قبضا عليه، كما يملك وكيل الجمهورية الأمر بإحضار المتهم واستجوابه في الجنايات التي في حالة تلبس وكذلك يملك حبس المتهم احتياطيا في الجنح التي في حالة تلبس (المادة 59).
ومن ناحية أخرى فإن بعض الإجراءات التي تجري بها في التحقيق الابتدائي بالمعنى الضيق كندب ضابط الشرطة القضائية للخبراء الذين يحلفون اليمين كتابة ( المادة 49 )، كما يندب قاضي التحقيق ضباط الشرطة القضائية لمتابعة إجراءات جمع الاستدلالات ( المادة 60 ) ولذلك رأى البعض اعتبار هذه الإجراءات من إجراءات التحقيق الابتدائي دون إجراءات جمع الإستدلالات . غير أن المادتين 56،60 من قانون الإجراءات الجزائري قد اعتبرت جميع تلك الإجراءات من أعمال الضبط القضائي ، ومن ثم فلا تتحرك بها الدعوى العمومية، ولا تقطع التقادم، ولا يجوز الإدعاء المدني أمام قاضي التحقيق إذا باشرها .

الخـاتــمة

إذا كانت الجنحة في حالة تلبس وتم القبض على الجاني فإن ضابط الشرطة القضائية يقتاده إلى وكيل الجمهورية ومع محضر جمع الاستدلالات. وحينئذ يطالع وكيل الجمهورية ذلك المحضر ويخوله القانون باستجواب المتهم عن هويته وعن الأفعال المنسوبة إليه قبل أن يأمر بحبسه وإحالته إلى المحكمة.
ويحدد النظر في القضية جلسة في ميعاد أقصاه ثمانية أيام تبدأ من اليوم التالي ليوم إصدار الحبس.

شارك المقالة

2 تعليق

  1. أريد أي بحوث حول فكرة النظام العام في التحكيم في المواد المدنية والتجارية

  2. ناصر غانم محمد جابر

    10 أكتوبر، 2017 at 10:08 ص

    موضوع شيق جدا وبه مناحى قانونيه كثيره …اعزكم الله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.