عقوبات جريمة تبييض الأموال :
قانون فرنسا المغرب مصر الكويت لبنان الكويت
تبييض الأموال فقها وتشريعا
الفصل الثاني : مخاطر جريمة تبييض الأموال وعقوبتها ووسائل مكافحتها
المبحث الثاني : عقوبات جريمة تبييض الأموال
نظرا لحداثة ظاهرة تبييض الأموال على المستوى الدولي ولتأثيرها الفادح على اقتصاديات دول العالم، فقد تجندت كل الدول والفعاليات على الصعيدين الدولي والداخلي لإرساء قواعد تجريم هذه الظاهرة. ووضع حد لمخاطرها، حيث قامت أغلبية الدول بإصدار تشريعات داخلية هدفها محاربة تبييض الأموال كالتي أصدرتها الولايات المتحدة لمنع تبييض الأموال ومعاقبة مرتكبيه بالحبس والغرامة، كذلك أصدرت السلطات التشريعية الفرنسية قوانين هدفها مكافحة تبييض الأموال ووسعت نطاقها لتشمل جميع الأموال الناتجة عن أعمال غير مشروعة . واهتمت السلطات السويسرية بمكافحة تبييض الأموال وخصوصا أنها مركز عالمي يستقطب الأموال المبيضة ، وكذلك الشأن بالنسبة للدول العربية التي أقرت قوانين مكافحة هذه الجريمة مثل مصر وسوريا وقطر ولبنان وباقي الدول العربية باستثناء المغرب الذي لم يواكب هذا الركب في تجريم هذه الجريمة بقانون مع العلم أنه جرم أفعالا ناتجة عن أموال غير مشروعة ونأمل أن تتحرك الآلية التشريعية للمصادقة على مشروع قانون يتعلق بتجريم تبييض الأموال خاصة وأن بلادنا قد صادقت على مجموعة من الاتفاقيات الدولية التي تلزمها بتنفيذ تعهداتها وذلك من قبيل اتفاقية مكافحة المخدرات .
وسنقتصر في دراستنا هذه في هذا المبحث على إلقاء الضوء على العقوبة في كل من فرنسا ولبنان ومصر والكويت فضلا عن موقف المشرع المغربي معتمدين على المراجع التي تيسر لنا العثور عليها .
وسنقوم فيما يلي بدراسة مدة العقوبة ونطاقها ( المطلب الأول) ثم تشديد العقوبة ( المطلب الثاني ) وأخيرا الإعفاء من العقوبة وتخفيفها ( المطلب الثالث).
المطلب الأول : مدة العقوبة ونطاقها
الفقرة الأولى : المشرع المغربي .
إن المشرع المغربي وإن جرم بعض الأفعال المتعلقة بعائدات الجريمة إلا أنه فعل ذلك تحت أوصاف أخرى وليست بوصفها تبييضا للأموال بإخفاء شيء متحصل عليه من الجريمة أو إخفاء مسروق ، أو حيازة ذوي السوابق في الإجرام المالي للأموال لا تتناسب مع حالتهم . حيث أن القانون الجنائي المغربي الصادر في 26 نونبر 1962 يعاقب على جريمة إخفاء الأشياء المتحصلة من جريمة في المادتين 571و 572 والتي تصل عقوبتها القصوى في الجنح خمس سنوات وغرامة ما لم يكن الفعل مشاركة معاقب عليها بعقوبة جنائية وفي هذه الحالة تطبق على المخفي للأشياء المتحصلة من الجناية نفس العقوبة المطبقة على مرتكب الجريمة إذا تبث أنه يعلم وقت الإخفاء الظروف التي استوجبت ذلك غير أن عقوبة الإعدام نصوص بالنسبة للمخفي بعقوبة السجن المؤبد
ولقد خص مشروع قانون تبييض الأموال المغربي الذي لم يخرج للوجود جريمة تبييض الأموال بعقوبات أصلية وأخرى إضافية، إذ تتحدد العقوبات الأصلية بالنسبة للأشخاص الطبيعيين بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة مالية من عشرين ألف درهم إلى مليون ( 20000 إلى 1000000 )درهم، أما فيما يخص الأشخاص المعنويين فتتحدد العقوبة في غرامة من خمسمائة ألف إلى ثلاثة ملايين (500000 إلى 3000000 ) درهم دون الإخلال بالعقوبات التي يمكن إصدارها على مسيرها أو المستخدمين العاملين بها المتورطين في هذه الجرائم، وتطبق نفس العقوبة على محاولة غسل الأموال.
أما فيما يخص العقوبات الإضافية فيمكن أن تطبق على مرتكب جريمة غسل الأموال واحدة أو أكثر من العقوبات الإضافية التالية :
– المصادرة الجزئية أو الكلية للأموال التي استعملت لارتكاب الجريمة والمداخيل المتحصلة من هذه الأموال، مع حفظ حق غير حسن النية .
-حل الشخص المعنوي ،
-نشر الأحكام على نفقة المحكوم عليه .
يمكن علاوة على ذلك الحكم على مرتكبي جريمة غسل الأموال بالمنع الجزئي أو النهائي من مزاولة واحدة أوأكثر من الوظائف أو الأنشطة أو الخدمات العمومية التي ارتكبت الجريمة في إطار مزاولتها .
كما اشترط ألا تقل عقوبة جريمة تبييض الأموال عن عقوبة الجريمة الأصلية التي نتجت عنها تلك الأموال من جهة أخرى.
الفقرة الثانية : المشرع الفرنسي :
وباعتبار جل القوانين الوطنية مستمدة من مصدرها التشريعي الفرنسي الأم نجد بأن المشرع الفرنسي نص على نفس العقوبة كما الشأن بالنسبة للمشرع المغربي بالإضافة إلى ذلك نص الشارع الفرنسي على عقوبات تكميلية التي توقع في حالة الحكم بإدانة أحد الأشخاص الطبيعيين بجريمة غسيل الأموال هي : الحرمان من مزاولة الوظائف العامة والأنشطة المهنية أو الاجتماعية الذي وقعت الجريمة أثناءه أو بمناسبته، وهذا الحرمان قد يكون نهائيا أو مؤقتا حسب الأحوال الحرمان من حيازة أو حمل الأسلحة المرخص بها لمدة خمس سنوات على الأكثر، الحرمان مدة خمس سنوات على الأكثر من إصدار الشيكات فيما عدا الشيكات التي تمكن الساحب من …
الفقرة الثالثة : المشرع المصري
ومن التشريعات العربية الحديثة في مجال مكافحة جريمة تبييض الأموال القانون رقم 80 لسنة 2002 المصري الخاص بمكافحة غسيل الأموال، الذي نصت مادته 14 على العقوبة الخاصة لمرتكبي هذه الجريمة على النحو التالي :” يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز سبع سنوات وبغرامة تعادل مثلى الأموال محل الجريمة كل من ارتكب أو شرع في ارتكاب جريمة غسل الأموال المنصوص عليها في المادة الثانية من هذا القانون.
ويحكم في جميع الأحوال بمصادرة الأموال المضبوطة أو بغرامة إضافية تعادل قيمتها في حالة تعذر ضبطها أو في حالة التصرف فيها إلى غير حسب النية .
ويرى جانب من الفقه المصري انه باستقرار تفاصيل هده المادة يتبين ان المشرع المصري صاغ عقوبة السجن كعقوبة أصلية سالبة للحرية المقررة للجنايات سواء وقعت الجريمة تامة أو وقعت عند حد الشروع والتالي فقد ساوى المشرع في مقدار العقوبة بين الجريمة التامة والشروع فيها، إذ أمر متروك تقديره لقاضي الموضوع بيد انه لا تفرقه في العقاب على الشروع ما بين الشروع الموقوف والشروع الخائب فالعقوبة واحدة .
وعلة المساواة ترجع بالأساس إلى كون المشرع يعاقب على خطورة الجاني لا على الفعل، فالخطورة واحدة سواء كان الفعل تاما أو شرع في ارتكابه .
وقد انتقد رأي مبالغة المشرع المصري في مدة عقوبة السجن المقررة لجريمة غسيل الأموال لمخالفتها لأصول التجريم والعقاب .
وما تجدر الإشارة إليه أن عقوبة السجن لا تطبق في كافة جرائم غسل الأموال ، نظرا للبس الحاصل بين المادة 44 مكرر من قانون العقوبات التي نصت على جريمة إخفاء الأشياء المتحصلة من جناية أو جنحة والمادة 14 من قانون مكافحة غسل الأموال المصري ، خاصة متى كانت متحصلة من البنوك أو المؤسسات المالية التي تتعامل في الأحوال المغسولة وتمارس عمليات مالية مشبوهة .
وبالرجوع إلى مقتضيات المادة 14 نجد هناك نوعان من الغرامة نص عليها المشرع، الأولى هي الغرامة كعقوبة أصلية وهي نسبية حسب نص المادة 14 ( الفقرة الأولى) التي تعادل مثلى الأموال محل الجريمة.ذلك أن المشرع بين الحد الأقصى دون الحد الأدنى الذي يترك تحديده للقواعد العامة، وهي لا تقل عن جنيه مصري واحد حسب المادة 22/2 من قانون العقوبات.
ثم هناك الغرامة كعقوبة تبعية التي أوجب المشرع المصري الحكم بها خروجا عن القاعدة العامة باعتبارها عقوبة أصلية محددة مقدارها في أنها تعادل ذات المبلغ محل الجريمة على فرض أنه قد جرى ضبطها وذلك في حال تعدد الحكم بالمصادرة حسب المادة 14 الفقرة الثانية من القانون .
أما بخصوص المصادرة حسب نص المادة 14/2 من القانون المصري فإنه “يحكم في جميع الأحوال بمصادرة الأموال المضبوطة ” هادفا من وراء ذلك وصد الأبواب وسد الطريق أمام محاولات مرتكبيها الإفلات بالأموال التي يجري تبييضها بأي صورة كانت عليها تلك الأموال سواء كانت نقدية أو في شكل أعيان أو عوائد أو وسائط كاجهزة الحاسب الآلي المستخدمة في إنجاز الغسيل أو أي وسيط آخر إلكتروني تم استخدامه في هذه العملية .
إلا أنه وفي حالة تعذر مصادرة تلك الأموال المضبوطة فإنه يحكم على مرتكبي هذه الجريمة بغرامة إضافية كقوبة تبعية هذه الأخيرة التي يراها جانب من الفقه مصادرة حكمية .
في حين اعتبرها ابراهيم حامد الطنطاوي كعقوبة تبعية . ويتجلى غنى المشرع المصري بالقواعد الصارمة لمكافحة هذا النمط من الجرائم في تنصيصه كذلك على عقوبات تبعية وتكميلية في الجريمة الأصلية لغسيل الأموال حسب المادة 14. وذلك حينما يتم الحكم بعقوبة الجناية فيقتضي الأمر حرمان المحكوم عليه من الحقوق والمزايا المنصوص عليها في المادة 25 من قانون العقوبات ، دون حاجة لأن ينص عليها القاضي في حكمه الصادر بالعقوبة وبالتالي فإنها تطبق بقوة القانون.
بالإضافة إلى بعض الإجراءات الاحترازية التي ورد التنصيص على بعضها في المادة 25 من قانون العقوبات والبعض الآخر في نص المادة 19 من قانون مكافحة غسل الأموال المصري.
هذا بشأن المشرع المصري فما هو الوضع بالنسبة لكل من المشرعين الكويتي واللبناني في العقاب على جريمة تبييض الأموال؟
الفقرة الرابعة : المشرع الكويتي واللبناني.
تنص المادة 6 من قانون غسيل الأموال الكويتي رقم 35 لسنة 2002 على معاقبة كل من يرتكب جريمة من جرائم غسل الأموال ، المنصوص عليها في المادة 2 من القانون المذكور بالحبس مدة لا تزيد على سبع سنوات وذلك مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد ينص عليها قانون آخر .
وفضلا عن عقوبة الحبس المشار إليها تنص المادة السادسة من القانون المذكور على عقوبة الغرامة لكل من يرتكب إحدى الجرائم المنصوص عليها في المادة الثانية ، ويجب أن لا تقل الغرامة المحكوم بها عن نصف قيمة الأموال محل الجريمة وألا تزيد على هذه القيمة .
وبالإضافة إلى عقوبتي الحبس والغرامة يحكم بمصادرة كافة الأموال والممتلكات والعائدات والوسائط المستخدمة في ارتكاب الجريمة طبقا للمادتين 6و7 من القانون الكويتي كما حرص المشرع على وضع تدابير احترازية في جرائم غسيل الأموال وذلك بمنع المتهم من التصرف في أمواله كلها أو بعضها إلى حيز الفصل في الدعوى الجزائية
فماذا عن المشرع اللبناني الذي يعتبر من الدول العربية الأولى الذي أقر قانونا لمكافحة تبييض الأموال ومن أشد القوانين التي عاقبت عليه بالرغم من أنها حصرها في المخدرات فقط ؟.
إذا كانت تنص المادة 132 من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية والسلائف رقم 673/1998 الملغاة طبقا للمادة 15 من القانون اللبناني رقم 318 المتعلق بمكافحة غسيل الأموال على أنه ” يتعرض للعقوبات ذاتها الواردة في المواد 125 و 128 و 129 و 131 كل من أقدم على … ”
وبالرجوع إلى هذه المواد يتبين أنها فرضت عقوبات مختلفة منها عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة وغرامة من خمسة وعشرين مليون إلى مائة مليون ليرة (المواد 125 ، 126 ، 131 ) في حين ان المادتين (128، 129) من هذا القانون فرضت عقوبة الأشغال الشاقة لمدة لا تزيد عن خمس سنوات وبغرامة تتراوح بين خمسة وعشرة ملايين ليرة. ويعود للمحكمة تطبيق العقوبة التي تتناسب مع الفعل المرتكب هذا بالإضافة إلى بعض التدابير الاحترازية مثل الحرمان من ممارسة المهنة وإلغاء الترخيص وتوجد عقوبات فرعية يمكن أن تقررها المحكمة مثل مصادرة الأموال والمعدات …
أما فيما يتعلق بالقانون اللبناني رقم 318 لسنة 2002 المتعلق بمكافحة تبييض الأموال فقد نص في مادته الثالثة على أنه ” يعاقب كل من أقدم أو تدخل أو اشترك بعمليات تبييض الأموال بالحبس من ثلاث إلى أربع سنوات وبغرامة لا تقل عن عشرين مليون ليرة لبنانية “.
كما عاقب كذلك بالحبس من شهرين إلى سنة وبغرامة حدها الأقصى عشرة ملايين ليرة لبنانية أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من يخالف أحكام المواد الرابعة والخامسة والسابعة والحادية عشر من هذا القانون
وبخصوص عقوبة المصادرة تقوم الدولة بمصادرة كل الأموال المنقولة وغير المنقولة التي تثبت بموجب حكم نهائي أنها متعلقة بأي من الجرائم المذكورة في المادة الأولى من هذا القانون أو متحصلة منها ما لم يثبت أصحابها قضائيا حقوقهم الشرعية بشأنها ( المادة 14 )
المطلب الثاني : تشديد العقوبة
الفقرة الأولى المشرع المغربي والفرنسي:
ترفع عقوبات الحبس والغرامة لجريمة تبييض الأموال بالنسبة للمشرع المغربي في الحالات التالية:
-عندما ترتكب الجرائم باستعمال التسهيلات التي توفرها مزاولة نشاط مهني؛
-عندما يتعاطى الشخص بصفة اعتيادية لعمليات غسل الأموال ؛
-عندما ترتكب الجرائم في إطار عصابة إجرامية منظمة؛
-في حالة العود ، ويوجد في حالة العود من ارتكب الجريمة داخل الخمس سنوات الموالية لصدور حكم حائز لقوة الشيء المقضي به وهذا ما تنص عليه المادة 4-574 .
في حين نجد المشرع الفرنسي شدد العقوبة في المادة 324/2 لتصبح الحبس عشر سنوات والغرامة خمسة ملايين فرنك في حالتين : الحالة الأولى : إذا ارتكبت الجريمة على وجه الاعتياد أو باستخدام التسهيلات التي تمنحها مزاولة النشاط المهني؛ والحالة الثانية : إذا ارتكبت من عصابة منظمة وقد اجاز الشارع الفرنسي رفع عقوبة الغرامة المنصوص عليها في المادتين 324/1و 324/2 حتى مقدار النصف من قيمة الأموال أو الأصول المذكورة فيهما، والتي موضوعا لعمليات غسل الأموال .
كما عاقب بالعقوبات للجريمة التي ارتكبها الجاني إذا كان على علم بذلك متى كانت مرتبطة بجناية أو جنحة تتجاوز عقوبتها السالبة للحرية مدة العقوبة المقررة لجريمة غسيل الأموال تطبيقا للمادتين السالفتين الذكر ، وإذا اقترفت الجناية أو الجنحة بظروف مشددة فإن الجاني يعاقب بالعقوبة المرتبطة بتلك الظروف المشددة، وعاقب المشرع الفرنسي على الشروع في غسيل الأموال بذات العقوبة المقررة للجريمة التامة.
فماذا عن المشرع المصري والكويتي؟
الفقرة الثانية : المشرع المصري والكويتي.
بالنسبة للمشرع المصري فإنه لم ينص على حالات تشديد العقوبة لكن حسب تحليل بعض الفقه فإنه طبقا لأصول الصياغة التشريعية فإن العقوبة المقررة للنشاط الجنائي الأصلي يجب أن تزيد عن مثيلتها المقررة للنشاط الجنائي التبعي، والعكس ليس صحيحا ، حيث لا يجوز في المنطق القانوني أن تقرر عقوبة جنائية للنشاط التبعي تفوق العقوبة التي قررها المشرع للنشاط الرئيسي ولهذا من الملائم ، وحسب اقتراح جانب آخر من الفقه الجنائي” أن تشدد عقوبة جريمة غسيل الأموال متى كان الجاني يعلم أن المال الذي قام بغسله متحصل من جريمة أشد . كما تنص المادة 44 مكرر من قانون العقوبات المصري على أنه :” كل من أخفى أشياء مسروقة أو متحصلة من جناية أو جنحة مع علمه بذلك يعاقب بالحبس مع الشغل مدة لا تزيد عن سنتين وإذا كان الجاني يعلم أن الأشياء التي يخفيها من جريمة عقوبتها أشد حكم عليه بالعقوبة المقررة لهذه الجريمة “.
ولذلك فحينما يكون الجاني على علم بأن المتحصلات مصدرها جريمة عقوبتها أشد من تلك العقوبة المقررة لجريمة الإخفاء وهي الحبس يعاقب بالعقوبة الأشد المقررة للجريمة الأصلية عملا بمبدأ ( أن سوء النية مردود على صاحبه )
وتشديدا للعقاب في القانون الكويتي رقم 35 لسنة 2002 نصت المادة السابعة من ذات القانون على مضاعفة عقوبة الحبس فيما إذا تمت إحدى الجرائم المنصوص عليها في المادة الثانية من خلال مجموعة منظمة كعصابات غسيل الأموال ، والمنظمات الإرهابية؛ كما تضاعف عقوبة الحبس أيضا إذا ارتكب الجاني جريمة مستغلا سلطة وظيفة أو نفوذه .
كما تضاعف عقوبة الغرامة طبقا لنفس المادة 7 بما لا يقل عن قيمة الأموال محل الجريمة ولا يزيد على ضعف قيمة الأموال وذلك إذا تمت الجريمة من خلال مجموعة منظمة أو إذا ارتكبها الجاني مستغلا سلطة وظيفة أو نفوذ.
ومن المثير للانتباه والمؤسف حدا انه لا نجد نصوصا قانونية على تشديد العقوبة في القانون اللبناني رقم 318 الخاص بمكافحة تبييض الأموال .
المطلب الثالث : الإعفاء من العقوبة .
تعرف موانع العقاب بأنها” الحالات التي يقرر المشرع بمقتضاها عدم توقيع العقاب على الجاني استنادا إلى أسباب تتعلق بالسياسة الجنائية أو المسلحة الاجتماعية” فموانع العقاب لا تؤثر في المسؤولية الجنائية لمرتكب الجريمة إذ تظل مسؤولية عنها قائمة وإن كان يمتنع تطبيق العقوبة عليه .
الفقرة الأولى المشرع المصري
قد قرر المشرع المصري بمقتضى المادة 17 من قانون مكافحة غسل الأموال مانع عقاب إذ تنص هذه المادة ” يعفى من العقوبات الأصلية المقررة في المادة 14 من هذا القانون كل من بادر من الجناة بإبلاغ الوحدة أو أي من السلطات المختصة بالجريمة قبل العلم بها، فإذا حصل الإبلاغ بعد العلم بالجريمة تعين الإعفاء أن يكون من شأن الإبلاغ ضبط باقي الجناة والأموال محل الجريمة”
وتكمن علة الإعفاء في أن جريمة الغسيل جريمة تكميلية ومن تم تجد السلطات العامة صعوبة في التعرف على حقيقة المال وتحديد مصدره ، ولا يستفيد المبلغ من العذر إذا تم الإبلاغ بعد العلم بالجريمة من جانب السلطات المختصة إلا إذا أدى إبلاغه إلى ضبط باقي الجناة أو الأموال محل الجريمة ولا يقتصر نطاق الاستفادة من العذر على طائفة من الجناة دون غيرهم ، ومن يستفيد من العذر المبلغ سوءا كان قابلا أو شريكا مساهما.
وتجدر الإشارة انه لا مجال لتطبيق العذر الوارد في هذه المادة إذا كان مرتكبها شخص واحد وبلغ لأن هذه المادة تتحدث عن تعدد الجناة.
ويترتب عن الاعفاء عدم توقيع العقوبة الأصلية وهي عقوبة السجن التي حددتها المادة 14 وكذلك عقوبة الغرامة أما بالنسبة للمصادرة فلا يشملها الإعفاء لأنه يتعارض مع اعتبارات النظام العام وهذا ما نصت عليه المادة 30 من قانون العقوبات التي تجعل المغادرة وجوبية .
هذا فيما يتعلق بالمشرع المصري فماذا عن المشرع اللبناني ؟.
الفقرة الثانية : المشرع اللبناني
يعفى من العقوبة الشريك والمتدخل الذي يبادر تلقائيا إلى إبلاغ السلطات العامة عن الجريمة قبل علمها بها، ويمكنها من منع وقوعها والتعرف على هوية الشركاء الآخرين ، وضبط الأموال والمواد موضوع العملية ولو بصورة جزئية.
ويستفيد من عذر مخفف الشريك أو المتدخل الذي يقدم التي السلطات معلومات عن الجريمة بعد علمها بها إذا أدت هذه المعلومات إلى توقيف الجناة أو بعضهم أو الكشف عن أشخاص اشتركوا بالجريمة ولهم علاقة بعصابات إجرامية أو دولية ( المادة 149 من القانون رقم 673/98 )
وبذلك يكون لبنان قد تجاوب مع ما فرضته اتفاقية لعام 1988 مع ضرورة إنزال العقوبة المناسبة حيث أتاح للمحاكم والسلطات المعنية إمكانية تشديدها أو تخفيفها أو الإعفاء منها .
الفقرة الثالثة : المشرع المغربي .
تنص المادة 7 –574 من مشروع قانون تبييض الأموال من مشروع قانون يتعلق بتتميم مجموعة القانون الجنائي فيما يتعلق بغسل الأموال ؛ يتمتع بعذر معفي من العقاب، طبق الشروط المنصوص عليها في الفصول 143 –145 من مجموعة القانون الجنائي، الفاعل، أو المساهم أو المشارك الذي يكشف قبل غيره للسلطات المختصة عن الأفعال المكونة لجريمة غسل الأموال، إذا قام بذلك قبل محاولة ارتكاب الجريمة وقبل إقامة الدعوى العمومية .
إذا تم التبليغ بعد ارتكاب الجريمة فتخفض العقوبة إلى النصف.
____________________________________
– ذ. عبدالمومن الصويت ، محام متمرن بهيئة القنيطرة ” وزان ” مجلة القمر مجلة فصلية الدراسات والوثائق القانونية عدد 130 يناير 2006 ص 168.العدد 151
– مجلة القضاء والقانون ” مرجع سابق ، ص 33.
– انظر أمثلة الشروع الموقوف أو الخائب، ابراهيم حامد الطنطاوي ، مرجع سابق ،ص 75-76.
– عبدالفتاح بيومي ، مرجع سابق ،ص 179.
– تعقب رئيس المجلس على مشروع المادة 14 من قانون مكافحة على الأموال مضبطة مجلس الشعب الفصل التشريعي الثامن الجلسة
السابعة والسبعين 19 ماي 2002 ص 33.
– راجع بتفصيل هذه الانتقادات لدى كل من ابراهيم حامد الطنطاوي ” المواجة التشريعية لغسيل الأموال في مصر : مرجع سابق ص 76
الدكتور عبدالفتاح بسوني ، مرجع سابق ، ص 180 وما بعدها.
– راجع في هذا الصدد : جلال وفاء محمدين ” دور البنوك في مكافحة غسيل الأموال ” ص 45 وما بعدها .
– راجع في هذا الصدد المواجة التشريعية لغسل الأموال في مصر ” ابراهيم حامد طنطاوي مرجع سابق ص 80
– ابراهيم حامد طنطاوي” المواجهة التشريعية لغسل الأموال في مصر ” مرجع سابق ص 190
– فتوى عبدالله الشادلي ” شرح قانون العقوبات القسم العام ” المسؤولية والجزاء ، طبعة اولى 2000 ص 333.
– المادة 8 من القانون الكويتي رقم 35 لسنة 2002.
– المادة عشر من القانون رقم 318 لسنة 2002 المتعلق بمكافحة تبييض الأموال .
– د. أشرق توفيق شمس الدين ” تجريم غسيل الأموال في التشريعات المقارنة ” مرجع سابق ،ص 41.
– ابراهيم حامد طنطاوي ” المواجهة التشريعية لغسيل الأموال في مصر ” مرجع سابق ص 181.
– د. أشرق توفيق شمس الدين ” تجريم غسيل الأموال في التشريعات المقارنة ” مرجع سابق ،ص 160
– – sterfani (G) levassement (g) et bouloc (b) , droit pénal générale dalloz ; 17 ed 2000.p 317
– قضت محكمة النقض المصرية تطبيقا لذلك بانه ” من المقرر أن الإعفاء من العقاب في فعله ليس إباحة للفعل أو محو للمسؤولية الجنائية بل هو مقرر لمصلحة الجاني الذي تحققت في فعله وفي شخصه عناصر المسوؤلية الجنائية واستحقاق العقاب وكل ما للعذر من العقاب من أثر هو حط العقوبة عن الجاني بعد استقرار إدانته دون أن يمس ذلك قيام الجريمة في ذاتها أو اعتبار المجرم المعفى من العقاب مسؤولا عنها مستحقا للعقاب أصلا نقض 22/4/1991 أحكام النقض س 42 رقم 96 ص662.
– نادر عبدالعزيز الشافي ، تبييض الأموال مرجع سابق ، ص 75-76.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً