النظريات الدينية
وهي التي ترجع أصل نشأة الدولة وتأسيس السلطة إلى الإرادة الإلهية والحاكم يدعي أنه يستمد سلطته من قوى غيبية عليا تسمو على طبيعة البشر. هذه النظريات بالرغم من التقائها حول فكرة إرجاع السلطة في الدولة إلى الإرادة الإلهية فإنها اختلفت في تفسير ذلك إلى ثلاث اتجاهات هي:
الفرع الأول: نظرية تأليه الحكام.
تقوم هذه النظرية على أساس أن الحاكم من طبيعة إلهية يعبد ويقدس، وهذا المفهوم كان سائدا في الحضارات القديمة وبصفة خاصة في الحضارة الفرعونية في مصر حيث كان الفرعون (رع) يدعي الألهية وكان يعبد من قبل الأفراد، وكذلك الشأن في الصين كانت سلطات الإمبراطور تقوم على أساس ديني، وكذلك الأمر في الهند حيث كان الملوك يدعون اتصاف الآلهة في صورة بشر ويستمدون سلطتهم من الإله الأكبر ( البراهما) وفي العصر الملكي المطلق في روما كان الملك هو الكاهن الأعظم بحيث يسن القوانين ويعدلها ويفسرها.
وقد وجدت هذه النظرية صدى لها حتى في العصر الحديث، فالشعب الياباني كان إلى غاية الحرب العالمية الثانية يعتبر الإمبراطور بمثابة إله يعبده الأفراد ويقدسونه.
الفرع الثاني: نظرية الحق الإلهي المباشر.
يذهب أنصار هذه النظرية إلى أن الله هو الذي اختار بنفسه مباشرة الحكام وأودعهم السلطة، فالحاكم وإن كان من البشر إلا أنه يستمد سلطته من الله مباشرة . ظهرت هذه النظرية بعد ظهور المسيحية، والتي لم يعد بعدها ينظر إلى الحاكم من البشر على أنه إله، وجعلت الدين لله ولا عبادة لغيره وأضافت تبريرا لوجودها بأن جعلت السلطة للبابا.
وقد اعتبر القديس سان بول (ST-PAUL ) بأن كل سلطة مصدرها الإرادة الإلهية، ومنه تكون سلطة الحاكم ملزمة لأنه ليس إلا منفذا لإرادة الله، ومن عصى الأمير فقد عصى الله. كما استخدم هذه النظرية ملوك فرنسا لتدعيم سلطاتهم على الشعب وقالوا إن الله هو مصدر السلطة لا الشعب ولا يسأل الملوك عن سلطاتهم إلا أمام الله.
واضح أن هذه النظرية تهدف إلى تبرير سلطان الملوك المطلق وجعلهم غير مسئولين أمام رعاياهم ولا يراقب أعمالهم أحد.
الفرع الثالث: نظرية الحق الإلهي غير المباشر.
نظرية الحق الإلهي غير المباشر كانت نتيجة لانهيار الإمبراطورية الرومانية في القرن الخامس ميلادي حيث سيطرت الكنيسة على العالم المسيحي ولم يعد الملك يستطيع ممارسة مهامه إلا بعد قيام الكنيسة بالطقوس الدينية الخاصة بتتويجه، نظرا لكونها ممثلة الشعب المسيحي مما أدى إلى ظهور نظرية التفويض الإلهي غير المباشر ومفادها أن الله لا يتدخل بطريقة مباشرة في اختيار الحاكم وإنما بطريقة غير مباشرة يوجه الأحداث ويرتبها على نحو يساعد الناس على اختيار نظام الحكم والحاكم الذي يرتضونه.
ولقد لعبت هذه النظرية دورا بالغا في تقييد سلطة الملوك وبالمقابل ساهمت في تدعيم سلطة الكنيسة ممثلة الشعب المسيحي. إذا كانت هذه النظرية قد أسهمت في ظهور بعض الدول إلا أنها تقوم على أساس عقائدي يفتقر إلى العقل والمنطق، وذلك لأنه لم يثبت تاريخيا وجود هذا التفويض الإلهي لأي حاكم من الحكام، ولكن كان الهدف الأساسي هو إسقاط المسئولية عن الحكام أمام المحكومين، وبالتالي استعملت كباقي النظريات لتكريس استبداد الحكام وتجبرهم.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً