تعريف الدولة
منذ القدم والدولة تعد مجال اهتمام كبير لدى الفقهاء ورجال القانون والسياسة، واتخذت مفاهيم متعددة عبر العصور عندما تكونت الأسر والعشائر والقبائل، إلى أن أصبحت دول كما هي الآن، وعليه سوف نتناول من خلال هذا المبحث التعريف اللغوي وكذا التعريفات الاصطلاحية للدولة في مطلبين.
المطلب الأول: المعنى اللغوي للدولة.
نلاحظ أن كلمة (دولة) بضم الدال تدل على الشيء الذي يتداول به وهذا ينطبق خاصة على المال، الذي ينتقل من يد إلى يد، وفي هذا المعنى جاء قوله تعالى: » كي لا يكون دُولة بين الأغنياء منكم.» كما تدل كلمة دولة على السنن المتغيرة، أما لفظ (دَولة) بفتح الدال فيشير إلى حالة الانتصار في الحرب أو الانهزام فيها، كما يقال اللهم أدلني على فلان أي انصرني عليه، وفي هذا المعنى يقال كذلك الدَولة لنا أي الغلبة لنا والنصر حليفنا. وهذا المعنى الأخير هو الأقرب إلى المدلول الاصطلاحي للدولة.
المطلب الثاني: المعنى الاصطلاحي للدولة.
اختلف الفقهاء في موضوع مفهوم الدولة ولم يتوصلوا إلى وضع تعريف شامل وموحد لها، وذلك راجع إلى أن الدولة هي ظاهرة اجتماعية معقدة تطورت بتطور المجتمعات البشرية.
ـ الدولة عند أفلاطون وأرسطو: في الحقيقة إن تعبير الدولة كان معروفا منذ القدم عند أفلاطون، وأرسطو الذي يرى بأن الدولة تتمثل في مدينة أثينا في اليونان والتي عاش فيها ويعرفها كالآتي : (هي ذلك المجتمع من الأفراد الذي يتألف ابتغاء تحقيق مصلحة عامة). أما عند الرومان فقد عرف مصطلح الدولة مدلوله السياسي الذي يعني دولة المدينة (CITY STATE ) وهي تتكون من روما التي تشتمل على عدة قبائل يحكمها ملك منتخب يعانوه مجلس استشاري تجسيدا لمبدأ الشعب هو مصدر السلطة، والتي توسعت بسبب الغزو والحروب إلى أن أصبحت إمبراطورية في القرن الأول قبل الميلاد.
ـ الدولة عند ميكيافلي: هذا المفكر الإيطالي كتب عن الدولة ووظائفها وأركانها في كتابه الأمير سنة 1513 ومن بين ما جاء في كتابه ( هي المنظمة المخولة بما تملكه من سلطة فعلية للتحكم في استعمال القوة على شعب معين في إقليم معين.) وهنا يشترط القوة كشرط أساسي لوجود الدولة واستمرارها وهو في ذلك متأثر بما عايشه من أحداث لإمبراطوريات حكمت شعوبها بالحديد والنار.
ـ الدولة عند دوجي ودي مالبيرج: حاول هذان الفقيهان إعطاء مفهوم محدد لمصطلح الدولة حيث جاء في تعريف دي مالبيرج في عام 1920 بأنها ( مجموعة من الأفراد تستقر على إقليم معين تحت تنظيم خاص يعطي جماعة معينة فيها سلطة عليا تتمتع بالأمر والإكراه.).
ـ الدولة عند هوريو وجيكول: يعرفان الدولة بأنها ( جماعة مستقرة داخل إقليم معين تحتكر سلطة الإكراه المادي.).
ـ الدولة عند الفقيه هنسلي: يعرفها هذا الفقيه الإنجليزي بأنها (مؤسسة سياسية يرتبط بها الأفراد من خلال تنظيمات متطورة.).
ـ الدولة عند الأستاذ محسن خليل: حيث يعرفها بأنها ( جماعة من الأفراد تقطن على وجه الدوام والاستقرار إقليما جغرافيا معينا وتخضع في تنظيم شؤونها لسلطة سياسية تستقل في أساسها عن أشخاص من يمارسونها.).
رغم تعدد التعريفات إلا أنها تصب في اتجاه واحد.
تعريف الأمم المتحدة: هذا التعريف معتمد من قبل الأمم المتحدة ومعمول به حاليا وفحواه أن الدولة ( هي الكيان السياسي والقانوني الذي يثبت وجود شعب يقيم على إقليم معين يتمتع بسيادة تامة وله حكومة مستقلة.) هذا التعريف تتضح من خلاله أركان الدولة وهي الشعب والإقليم والسلطة السياسية. وهو ما سنتناوله بالتفصيل في موضوع أركان الدولة.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً