دراسة وبحث قانوني هام عن قاضي التحقيق
المقدمة :
إن المرحلة التي تلي تحريك الدعوى العمومية تسمى بمرحلة التحقيق الابتدائي ، حيث يتعين خلالها القيام بإجراءات تستهدف أساسا جمع كل الأدلة التي من شانها إظهار الحقيقة ، إما بانتساب الوقائع إلى المتهم أو نفيها ، و تنتهي هذه المرحلة إما بإحالة الدعوى على جهة الحكم مباشرة ، أو على غرفة الاتهام بحسب نوع الجريمة باعتبارها درجة ثانية من التحقيق.
إن هذا التحقيق وجوبي و إلزامي في الجنايات و جوازي في الجنح و يجوز إجراؤه في المخالفات إذ رأى وكيل الجمهورية ذلك ، حيث يتولى مهمة التحقيق قاضي التحقيق تحت رقابة غرفة الاتهام ، و يكون ذلك بطلب من السيد وكيل الجمهورية ، فما هو إذا نظام قاضي التحقيق ؟ و أعماله و أوامره ؟
للإجابة على هذه التساؤلات قسمنا دراستنا وفق الخطة التالية
المبحث الأول : نظام قاضي التحقيق
لقاضي التحقيق نظام و خصائص تميزه عن غيره من أعضاء الجهاز القضائي حيث تختلف تماما عن خصائص أعضاء النيابة العامة و تنفرد بهذه الخصائص سلطة التحقيق .
المطلب الأول : تعين قاضي التحقيق و خصائصه
الفرع الأول : تعين قاضي التحقيق
يمارس مهام التحقيق القضائي قضاة يعينون لهذا الغرض من بين قضاة الجمهورية حيث يعين قضاة التحقيق بمقتضى قرار من وزير العدل بعد استشارة المجلس الأعلى للقضاء (1) ، و لقد كان قاضي التحقيق إلى غاية صدور قانون 26/6/2001 المعدل لقانون الإجراءات الجزائية يعين بقرار من وزير العدل لمدة 03 سنوات قابلة للتجديد و تنتهي مهامه طبقا لنفس الأشكال ، ثم أصبح يعين بمرسوم رئاسي و تنتهي مهامه بنفس الأوضاع قبل أن يتم إلغاء المادة 39 من ق ا ج بموجب التعديل الأخير الذي اجري عليه بموجب القانون رقم 06-22 المؤرخ في 20 ديسمبر 2006 . (2)
إذا وجد عدة قضاة تحقيق في المحكمة فان وكيل الجمهورية يعين لكل تحقيق القاضي الذي يكلف بإجرائه . (3)
بالرجوع إلى نص المادة 70 ق ا ج فانه يجوز لوكيل الجمهورية إذا تطلبت خطورة القضية أو تشعبها أن يلحق بالقاضي المكلف بالتحقيق قاضي أو عدة قضاة تحقيق آخرين سواء عند فتح التحقيق أو بناء على طلب من القاضي المكلف بالتحقيق أثناء سير الإجراءات ، كما يقوم القاضي المكلف بالتحقيق بتنسيق سير الإجراءات و هو وحده الذي يفصل في مسائل الرقابة القضائية و الحبس المؤقت و إصدار أوامر التصرف قي التحقيق .
الفرع الثاني : خصائص قاضي التحقيق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
1- انظر المادة 50 من القانون العضوي رقم 04-11 المؤرخ في 06 سبتمبر 2004 المتضمن القانون الأساسي للقضاء
2- ا. محمد حزيط ، قاضي التحقيق في النظام القضائي الجزائري ، ط 2 ، دار هومه ، الجزائر ، 2009 ، ص 12
3- ا. محمد حزيط ، المرجع نفسه ، ص 12
يتميز قاضي التحقيق بالخصائص التالية :
1- استقلالية قاضي التحقيق : طبقا لمبدأ الفصل بين السلطات الثلاث الاتهام و التحقيق و المحاكمة ، فلقاضي التحقيق الحرية المطلقة في اتخاذ كل الإجراءات الضرورية المتعلقة بالدعوى المعروضة أمامه ، فهو مستقل عن النيابة العامة على الرغم من تلقيه الطلب الافتتاحي من السيد وكيل الجمهورية لان هذا الطلب يعتبر وسيلة قانونية لتحريك الدعوى العمومية و ليس تكليفا أو أمرا صادرا من النيابة العامة . (1)
2- عدم خضوعه للتبعية التدرجية : بمجرد استلام قاضي التحقيق لطلب الافتتاحي المكتوب يباشر إجراءات التحقيق و لا يخضع لأي جهة و هذا ما نستشفه من نص المادة 69 من ق ا ج التي أجازت لوكيل الجمهورية تقديم طلبات إضافية لقاضي التحقيق يطلب منه القيام بإجراء أو بعض الإجراءات ، فقاضي التحقيق ليس ملزما بالقيام بذلك الإجراء و عليه أن يصدر أمرا مسببا بالرفض و في هذه الحالة يستأنف وكيل الجمهورية هذا الأمر أمام غرفة الاتهام أي أن قاضي التحقيق يخضع فقط بما يمليه عليه ضميره و القانون .
3- جواز رد أو تنحية قاضي التحقيق : على غرار قضاة الحكم أعطى المشرع للمتهم و للمدعي المدني ، و لوكيل الجمهورية الحق في طلب تنحية قاضي التحقيق عن القضية و ذلك لحسن سير العدالة و يتم ذلك بواسطة عريضة مسببة ترفع إلى غرفة الاتهام و تبلغ إلى القاضي المعني الذي يجوز له تقديم ملاحظاته الكتابية المادة 71 ق ا ج . (2)
4- عدم مسؤولية قاضي التحقيق : لكي يقوم قاضي التحقيق بعمله على أحسن وجه لا بد و أن يؤمن من المسؤولية الجنائية و المدنية عما يترتب عليه من أخطاء إلا انه إذا تجاوز قاضي التحقيق حدود سلطته بارتكابه خطاء مهنيا جسيما أو غشا أو تدليسا فانه يقع تحت طائلة المسؤولية . (3)
5- عدم جواز الجمع بين سلطتي التحقيق و الحكم : طبقا للمادة 38 ق ا ج لا يجوز
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
1- د. عمر خوري ، محاضرات في قانون الإجراءات الجزائية ، كليه الحقوق ، جامعة الجزائر ، 2009 ، ص 57
2- د. بارش سليمان ، شرح قانون الإجراءات الجزائية الجزائري ، ج 2 ، دار قانة ، الجزائر ، 2008 ، ص 07
3- د. إسحاق إبراهيم منصور ، المبادئ الأساسية في قانون الإجراءات الجنائية ، ديوان المطبوعات الجامعية ، الجزائر ، 1995 ، ص 123
لقاضي التحقيق أن يتخذ إجراءات التحقيق الابتدائي في الدعوى المطروحة عليه و لحكم فيها و العكس صحيحا أي يجوز لقاضي التحقيق أن يحقق في دعوى و يفصل في دعوى أخرى لم يحقق فيها .
المطلب الثاني : اتصال قاضي التحقيق بالدعوى العمومية و اختصاصاته
الفرع الأول : اتصال قاضي التحقيق بالدعوى العمومية
إن كيفية اتصال قاضي التحقيق بالدعوى العمومية تعني اختصاصه النوعي حيث لا يحق لقاضي التحقيق فتح تحقيق في قضية إلا في حالتين أشارت إليهما المادة 38/2 ق ا ج و هما : (1)
1- الطلب الافتتاحي من وكيل الجمهورية : بالرجوع إلى المادة 66 ق ا ج فان التحقيق وحوبيا في الجنايات و جوازيا في الجنح أما في المخالفات الأصل انه لا تحقيق فيها إلا بناء على طلب من وكيل الجمهورية ، بمعنى انه عند وقوع جناية سواء كانت عادية أو متلبس بها يجب على وكيل الجمهورية تقديم الطلب الافتتاحي المكتوب لقاضي التحقيق لفتح تحقيق ابتدائي ضد شخص معلوم أو مجهول و هذا ما نصت عليه المادة 67 ق ا ج ، أما بالنسبة للجنح فلوكيل الجمهورية سلطة تقديرية فيما يخص التحقيق الابتدائي فإذا رأى انه من الضروري إجراء تحقيق قدم الطلب الافتتاحي . (2)
2- بناء على شكوى مصحوبة بادعاء مدني : من خلال نص المادة 72 ق ا ج يجوز لكل شخص متضرر من جناية أو جنحة أن يدعي مدنيا ، بان يتقدم بشكواه أمام قاضي التحقيق المختص .
وعليه إذا تقدم المضرور بشكواه أمام قاضي التحقيق فلا يجوز لوكيل الجمهورية أن يطلب من قاضي التحقيق عدم إجراء التحقيق ما لم تكن الوقائع لأسباب تمس بالدعوى العمومية نفسها غير جائزة قانونا متابعة التحقيق من اجلها ، أو كانت الوقائع حتى بفرض ثبوتها لا تقبل أي وصف جزائي و هذا ما نصت عليه المادة 73/2 ق ا ج . (3)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
1- د. بارش سليمان ، المرجع السابق ، ص 13
2- د. عمر خوري ، المرجع السابق ، ص 58 و ما يليها
3- د. بارش سليمان ، المرجع نفسه ، ص 18
الفرع الثاني : اختصاصات قاضي التحقيق
1- الاختصاص المحلي : لقد حدد المشرع قواعده بالمادة 40 ق ا ج و يتبين من خلالها أن الاختصاص المحلي لقاضي التحقيق يتحدد بمكان ارتكاب المتهم للجريمة أو المكان الذي القي فيه القبض عليه و لو حصل هذا القبض لسبب أخر. (1)
يمكن أن يمتد اختصاص قاضي التحقيق إلى دائرة اختصاص المجلس القضائي حيث يجوز تمديد الاختصاص المحلي لقاضي التحقيق إلى دائرة اختصاص المحاكم الأخرى عن طريق التنظيم ، في جرائم المخدرات و الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية ، و الجرائم الماسة بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات و جرائم تبيض الأموال و الإرهاب ، و الجرائم المتعلقة بالتشريع الخاص بالصرف . (2)
من خلال ما تقدم فان الإقليم الوطني قد تم تقسيمه إلى أربعة أقطاب قضائية تتعلق بامتداد اختصاص قاضي التحقيق و هذه الأقطاب هي : (3)
– قطب محكمة سيدي محمد – فطب محكمة قسنطينة – قطب محكمة ورقلة – قطب محكمة وهران
إن امتداد اختصاص قاضي التحقيق يجعل المحكمة التابع لها قاضي التحقيق المعني بهذا التمديد مختصة بالنظر في الجريمة محل المتابعة ، و الملاحظ أن قاضي التحقيق المعني بحالة تمديد الاختصاص يتعين عليه إخطار وكيل الجمهورية بمحكمته قبل الانتقال إلى الدوائر الأخرى . (4)
بالنسبة لاتصال قاضي التحقيق تلك الجهة القضائية المتخصصة فيكون وفقا للطريق العادي لتحريك الدعوى العمومية عن طريق الطلب الافتتاحي الصادر عن وكيل الجمهورية لتلك الجهة القضائية إذا ما كانت إجراءات التحقيق التمهيدي قد توصل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
1- ا. محمد حزيط ، المرجع السابق ، ص 44
2- انظر المادة 40/2 من الأمر رقم 66-155 المؤرخ في 8 يونيو 1966 المتضمن قانون الإجراءات الجزائية المعدل و المتمم
3- انظر المواد من 02 إلى 05 من المرسوم التنفيذي رقم 06-348 المتضمن تمديد الاختصاص المحلي لبعض المحاكم و وكلاء الجمهورية و قضاة التحقيق
4- د. بارش سليمان ، المرجع السابق ، ص 13
مباشريها من الضبطية القضائية ، أما إذا كان قد سبق فتح تحقيق قضائي بالمحكمة الأصلية فيكون بموجب أمر بالتخلي عن القضية يصدر عن قاضي التحقيق للمحكمة العادية لفائدة قاضي التحقيق القطب الجزائي المتخصص لدى المحكمة المختصة إما من تلقاء نفسه و إما بتاء على طلب النيابة العامة لدى المجلس القضائي التابعة له الجهة القضائية المختصة المادة 40 مكرر 3 ق ا ج . (1)
2- الاختصاص النوعي : نصت المادة 66 ق ا ج على أن ” التحقيق الابتدائي وجوبي في مواد الجنايات أما في مواد الجنح فيكون اختياريا ما لم يكن ثمة نصوص خاصة كما يجوز إجراؤه في مواد المخالفات إذا طلب وكيل الجمهورية ذلك ” . من خلال نص المادة ، فان قاضي التحقيق مختص بالتحقيق في الجرائم الموصوفة جناية إلزاميا و لا يجوز إحالة الشخص فيها مباشرة للمحاكمة قبل إجراء تحقيق قضائي معه ، أما في مواد الجنح و المخالفات فهو اختياري يخضع لتقدير النيابة في طلب فتح تحقيق أو إحالة الفضية مباشرة إلى المحاكمة ما لم يكن مرتكب الجنحة حدثا حينئذ يكون قاضي الأحداث مختص إلا إذا كان معه متهمين بالغين فيكون قاضي التحقيق مختص كذلك . (2)
إذا كانت الجريمة من نوع احد الجرائم المذكورة في نص المادة 40 ق ا ج فانه يؤول الاختصاص إلى قضاة التحقيق بالأقطاب الجزائية المتخصصة المذكورين في المرسوم التنفيذي الأنف الذكر .
إذا كانت الجريمة تتعلق بالنظام العسكري أو من طبيعة الجرائم العادية المرتكبة في الخدمة أو ارتكبت داخل مؤسسة عسكرية فان قاضي التحقيق العسكري يكون وحده المختص نوعيا بالتحقيق فيها . (3)
3- الاختصاص الشخصي : القاعدة العامة أن قاضي التحقيق يحقق في كل الجرائم سواء كانت جنايات و بعض الجنح و المخالفات التي قدمت بشأنها النيابة العامة طلبا افتتاحيا، كما يحقق مع الأشخاص الذين لم توجه لهم التهمة بارتكابهم نفس الوقائع و الذين لم يرد اسمهم في الطلب الافتتاحي و هذا ما نصت عليه المادة 67/2 ق ا ج.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
1- ا. محمد حزيط ، المرجع السابق ، ص 47
2- ا. محمد حزيط ، المرجع نفسه ، ص 48
3- انظر المادة 25 من الأمر رقم 71-28 المؤرخ في 22 ابريل 1971 المتضمن قانون القضاء العسكري المعدل و المتمم
استثناءا فان المشرع استثنى من ذلك أشخاصا معينين إما بحكم سنهم أو وظائفهم و جعل التحقيق معهم يتم وفقا لإجراءات خاصة وهؤلاء الأشخاص هم : (1)
1/ الأحداث حيث أن التحقيق مع الأحداث في مادة الجنح لا يكون إلا من قبل قاضي الأحداث ، أما في مادة الجنايات فان التحقيق معهم يكون إلزاما من طرف قاضي التحقيق على انه يمكن استثناء في مادة الجنح للنيابة العامة في حالة تشعب القضية إذا كان فيها متهمين بالغين و أحداث أن تعهد لقاضي التحقيق بإجراء تحقيق نزولا على طلب قاضي الأحداث و بموجب طلبات مسببة المادة 452 ق ا ج .
2/ العسكريون الذين يرتكبون جرائم مدنية أو عسكرية داخل المؤسسات العسكرية أو لدى المضيف أو أثناء تأدية مهامهم العسكرية فهؤلاء الأشخاص يكون قاضي التحقيق العسكري بالمحاكم العسكرية وحده المختص بالتحقيق معهم المادة 25 من قانون القضاء العسكري .
3/ ضباط الشرطة القضائية المشار إليهم في المادة 15 ق ا ج حيث أن هذه الفئة إذا كان الاتهام موجه إليها يرسل ملف القضية إلى النائب العام الذي يمكنه عرض الأمر على رئيس المجلس إذا رأى أن هناك محلا للمتابعة و حينها يقوم رئيس المجلس باختيار قاضي التحقيق من خارج دائرة اختصاص الجهة التي يعمل بها ضابط الشرطة القضائية المتابع لكي يجري التحقيق معه المادة 577 ق ا ج .
4/ قضاة المحاكم ما عدا رئيس المحكمة و وكيل الجمهورية فان متابعتهم تتم بنفس الإجراءات المتبعة عند اتهام احد ضباط الشرطة القضائية المادة 576 ق ا ج و بشمل قضاة الحكم و التحقيق و مساعدي وكيل الجمهورية .
5/ قضاة المجالس القضائية و رؤساء المحاكم و وكلاء الجمهورية حيث يرسل ملف القضية بشأنهم إلى النائب العام لدى المحكمة العليا الذي يقرر إن كان محلا للمتابعة فيتقدم بطلب إلى الرئيس الأول للمحكمة العليا لينتدب قاضي التحقيق من خارج دائرة اختصاص المجلس القضائي الذي يعمل فيه القاضي المتابع المادة 575 ق ا ج .
6/ قضاة المحكمة العليا و رؤساء المجالس القضائية و النواب العامون حيث تتم متابعتهم بترخيص كتابي من وزير العدل و عن طريق تحقيق بمعية احد قضاة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
1- ا. محمد حزيط ، المرجع السابق ، ص 50
المحكمة العليا يعين لهذا الغرض من قبل الرئيس الأول للمحكمة العليا بطلب من النائب العام للمحكمة العليا المادة 573 ق ا ج .
7/ أعضاء الحكومة و الولاة تتم متابعتهم وفقا للإجراءات المنصوص عليها في أحكام المادة 573 ق ا ج .
8/ نواب الهيئة التشريعية حيث لا تتم متابعتهم عن الجنايات و الجنح إلا بعد رفع الحصانة عليهم طبقا للمواد 109 ، 110 ، 111 من الدستور ، أما في حالة التلبس فيجوز مباشرة إجراءات المتابعة الجزائية ضدهم على أن يتم إخطار المجلس الذي ينتمي إليه العضو المعني على الفور و يجوز لهذا المكتب أن يطلب إيقاف المتابعة ريثما يفصل المجلس قي أمره نهائيا المادة 111 من الدستور .
9/ رئيس الدولة حيث بموجب المادة 158 من الدستور تأسس محكمة عليا للدولة تختص بمحاكمة الرئيس على الأفعال التي وصفها بالخيانة العظمى كما تختص بمحاكمته و الوزير الأول عن الجنايات أو الجنح التي يرتكبها بمناسبة تأدية مهامهما.
10/ موظفو السفارات الأجنبية حيث لا يجوز متابعة السفراء و الموظفين الدبلوماسيين الأجانب المعتمدين عن الجرائم التي يرتكبونها أثناء تأدية مهامهم بها لتمتعهم بالحصانة الدبلوماسية .
المبحث الثاني : أعمال و أوامر قاضي التحقيق
بعد اتصال قاضي التحقيق قانونا بالدعوى ، يبدأ في عملية التحقيق بما له من صلاحيات خولها له المشرع ، و لكي يتمكن من ذلك خول له المشرع وسائل متعددة.
المطلب الأول : أعمال قاضي التحقيق
تنص المادة 68/1 ق ا ج على أن ” يقوم قاضي التحقيق وفقا للقانون باتخاذ جميع إجراءات التحقيق التي يراها ضرورية للكشف عن الحقيقة بالتحري عن أدلة الاتهام و أدلة النفي ” ، من خلال نص المادة يقوم قاضي التحقيق بمهامه بحرية و بدون أي قيد و لكن في حدود ما خوله القانون و دون المساس بالحقوق و الحريات الفردية التي يحميها الدستور و لاسيما قرينة براءة المتهم حتى تثبت إدانته بحكم نهائي و بات .
و لقد نص القانون على مجموعة من الأعمال التي يباشرها قاضي التحقيق ، و أحاطها بضمانات حتى لا يقع تعسف فيها . (1)
الفرع الأول : أعمال قاضي التحقيق قبل انعقاد الجلسة
1- الانتقال للمعاينة : يجوز لقاضي التحقيق وفقا لأحكام المادة 79 ق ا ج أن ينتقل إلى المكان الذي وقعت فيه الجريمة لإجراء جميع المعاينات اللازمة أو للقيام بتفتيشها ، و يخطر بذلك وكيل الجمهورية الذي له الحق في مرافقته و يستعين قاضي التحقيق دائما بكاتب التحقيق و يحرر محضرا بما يقوم به من إجراءات .
قد يقتضي الانتقال للمعاينة أحيانا خروج قاضي التحقيق عن دائرة اختصاصه المحلي بتمديده لدائرة اختصاص أخرى مما يتطلب عليه إخطار وكيل الجمهورية بمحكمته و وكيل الجمهورية بالمحكمة التي ينتقل إلى دائرتها و ينوه في محضره عن الأسباب التي دعت إلى انتقاله المادة 80 ق ا ج .
2- تفتيش المساكن : نظم المشرع أحكام التفتيش في المواد من 81 إلى 83 ق ا ج حيث يجوز لقاضي التحقيق مباشرة التفتيش في جميع الأماكن التي يمكن العثور فيها عن أدلة أو أشياء يكون كشفها مفيدا في التحقيق و دون أن يتوقف ذلك على طلب وكيل الجمهورية .
إن تفتيش المساكن يعتبر عملا من أعمال التحقيق و لا يجوز اللجوء إليه إلا بعد فتح التحقيق بناء على تهمة وجهتها النيابة العامة إلى المتهم ، و في هذا الصدد نميز بين تفتيش مسكن المتهم و تفتيش مسكن غير المتهم : (2)
ا- تفتيش مسكن المتهم : عند قيام قاضي التحقيق بتفتيش مسكن المتهم يجب أن يتقيد بالأحكام والشروط الواردة في حالة التلبس المادة 45 و المادة 47 ق ا ج ، و لصحة هذا التفتيش لابد من توفر شرطين هما :
* حضور صاحب المسكن ، و إذا كان هذا الأخير فارا يتم تعين ممثلا عنه قد يكون احد الأقارب أو الأصهار و إذا تعذر ذلك فيتم تعين شاهدين لا علاقة لهما بقاضي التحقيق .
* لا يجوز البدء في التفتيش قبل الساعة 05 صباحا و لا بعد الساعة 08 مساءا إلا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
1- د. عمر خوري ، المرجع السابق ، ص 60
2- د. عمر خوري ، المرجع نفسه ، ص 61
في حالات استثنائية و ذلك في التفتيش الذي تقوم به الشرطة القضائية في حالة التلبس .
وفقا لنص المادة 82 ق ا ج إذا كنا بصدد جناية جاز لقاضي التحقيق إجراء التفتيش خارج الميقات القانوني بشرط حضور وكيل الجمهورية و أن يقوم قاضي التحقيق شخصيا بهذا الإجراء ،و إذا تعلق الأمر بجرائم المخدرات أو الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية أو الجرائم الماسة بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات و جرائم تبيض الأموال و الإرهاب و كذا الجرائم المتعلقة بالتشريع الخاص بالصرف فانه يجوز لقاضي التحقيق القيام بأية عملية تفتيش أو حجز ليلا أو نهارا و في أي مكان على امتداد التراب الوطني أو يأمر ضابط الشرطة القضائية المختص للقيام بذلك . (1)
ب- تفتيش مسكن غير المتهم : طبقا لنص المادة 83 ق ا ج فانه قبل البدء في التفتيش يتم استدعاء صاحب المسكن لحضور هذا العمل ، فإذا كان غائبا يجرى التفتيش بحضور اثنين من الأقارب أو الأصهار و إذا تعذر تعينهما يجرى بحضور شاهدين لا علاقة لهما بقاضي التحقيق .
3- ضبط الأشياء و التصرف فيها : هو نتيجة مباشرة للتفتيش حيث يتم ضبط الأشياء و المستندات و الوثائق والنقود التي لها علاقة بالجريمة ،و يجب على الفور إحصائها و وضعها في احراز مختومة و لا يجوز فتحها إلا بحضور المتهم أو محاميه كما يتم استدعاء كل شخص ضبطت لديه هذه الأشياء المادة 84 ق ا ج. (2)
كيفية التصرف في الأشياء المضبوطة : هنا نفرق بين حالتين : (3)
* الحالة الأولى : إذا اصدر قاضي التحقيق أمرا بإحالة القضية إلى المحكمة المختصة فان التصرف في تلك المضبوطات يصبح من اختصاص تلك المحكمة .
* الحالة الثانية : إذا اصدر قاضي التحقيق أمرا بالا وجه للمتابعة و لم يبت في طلب رد الأشياء فان سلطة البت تكون لوكيل الجمهورية المادة 87 ق ا ج . يجوز للمتهم و للمدعي المدني و لكل شخص أخر يدعي بأنه له الحق على شيء موضوع تحت سلطة القضاء أن يطلب استرداده من قاضي التحقيق المادة 86 ق ا ج .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
1- انظر المادة 47/4 من الأمر رقم 66-155 المؤرخ في 8 يونيو 1966 المتضمن قانون الإجراءات الجزائية المعدل و المتمم
2- د. عمر خوري ، المرجع السابق ، ص 62
3- د. بارش سليمان ، المرجع السابق ، ص 30
الفرع الثاني : أعمال قاضي التحقيق أثناء انعقاد الجلسة
1- سماع الشهود : نظمته المواد من 88 إلى 99 من ق ا ج ، و الشهادة هي الإدلاء بمعلومات كما شاهدها الشخص بأحد حواسه تتعلق بالجريمة و مرتكبيها أمام قاضي التحقيق لإظهار الحقيقة . أجاز المشرع لقاضي التحقيق استدعاء أمامه بواسطة احد أعوان القوة العمومية كل شخص يرى فائدة من سماع شهادته ، كما يجوز له استدعائه بواسطة رسالة موصى عليها أو العادية أو بالطريق الإداري المادة 88 ق ا ج .
إذا لم يحضر الشاهد لأداء شهادته يحرر قاضي التحقيق محضرا بذلك و يبلغه إلى النيابة العامة لإبداء طلباتها فيما يخص إدانة الشاهد أو الأمر بإحضاره بالقوة العمومية ، و بعدها يجوز لقاضي التحقيق إصدار أمر بإحضار الشاهد و الحكم عليه بغرامة من 200 إلى 2000 دج ، و إذا حضر الشاهد بعد ذلك و أبدى عذرا جديا يجوز لقاضي التحقيق إعفائه من كل الغرامة أو جزء منها المادة 97/2 ق ا ج . (1)
و حسب نص المادة 93 ق ا ج فانه قبل أداء الشاهد اليمين القانونية يعطي لقاضي التحقيق المعلومات المتعلقة بهويته و يشير إلى علاقته بخصوم الدعوى و إلى أي سبب يتعلق بأهليته ، كما يؤدي الشاهد اليمين و يده اليمنى مرفوعة إلى السماء و وفقا للصيغة المنصوص عليها في نص المادة 93/2 ق ا ج . (*)
2- الاستجواب و المواجهة : نظمته المواد من 100 إلى 108 من ق ا ج ، يعتبر الاستجواب من أهم أعمال التحقيق الابتدائي حيث يتعين على قاضي التحقيق القيام به شخصيا و لو مرة واحدة قبل إحالة المتهم على المحكمة و إلا كان أمر الإحالة باطلا . إن الاستجواب هو مناقشة المتهم بالتفصيل في الوقائع و التهمة المنسوبة إليه و مواجهته بالأدلة القائمة ضده ، و تلقي إجابته عليها حتى يتأكد قاضي التحقيق من ثبوت أو نفي التهمة ، أما المواجهة فيقصد بها وضع المتهم وجها لوجه أمام متهم أخر أو شاهد أو مدعي مدني و تلقي قاضي التحقيق إجابة المتهم على ما وجه إليه بالتأييد أو الإنكار أو بالسكوت دون الإجابة .
يجب التمييز بين المثول الأول و المثول الثاني . (2)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
1- د. بارش سليمان ، المرجع السابق ، ص 34 و ما يليها
*- اقسم بالله العظيم أن أتكلم بغير حقد و لا خوف و أن أقول كل الحق و لا شيء غير الحق
2- د. عمر خوري ، المرجع السابق ، ص 64
ا- المثول الأول : نصت عليه المادة 100 ق ا ج حيث وضعت أحكام خاصة و أوجبت على قاضي التحقيق ما يلي :
1- التحقيق من هوية المتهم .
2- إحاطة المتهم علما بالوقائع و التهمة المنسوبة إليه .
3- إحاطة المتهم علما بأنه حر في عدم الإدلاء بأي إقرار مع الإشارة إلى ذلك في المحضر، أما إذا أراد المتهم الإدلاء بأقواله تلقاها قاضي التحقيق على الفور.
4- إحاطة المتهم علما أن له الحق في الاستعانة بمحامي و إذا لم يختر محاميا عين له قاضي التحقيق محاميا من تلقاء نفسه إذا طلب منه ذلك المتهم .
يحرر كاتب التحقيق محضر المثول الأول و يوقع من طرفه و من طرف قاضي التحقيق ، أما المتهم فله الحق في الامتناع عن التوقيع مع التنويه إلى هذا الامتناع في المحضر.
ب- المثول الثاني : أحاطه المشرع بضمانات عديدة تعتبر من حقوق الدفاع التي يترتب على الإخلال بها البطلان و لقد نصت على هذه الضمانات المادة 105 ق ا ج و هي : (1)
– إجراء الاستجواب بحضور المحامي و هو ما نصت عليه المادة 105 ق ا ج كقاعدة عامة ، حيث يجوز لقاضي التحقيق استثناء استجواب المتهم بدون حضور المحامي و ذلك في الحالات التالية :
* إذا استدعي المحامي طبقا لنص المادة 105 ق ا ج و لم يحضر في اليوم المحدد .
* إذا تنازل المتهم عن ذلك صراحة بعد إحاطته علما بذلك المادة 105 ق ا ج .
* إذا كانت هناك حالة استعجال ناجمة عن وجود شاهد في خطر الموت أو وجود إمارات على وشك الاختفاء يجوز لقاضي التحقيق إجراء الاستجوابات و المواجهات مع وجوب التذكير في المحضر بدواعي الاستعجال المادة 101 ق ا ج .
– الاطلاع على الملف ، حيث يجب على قاضي التحقيق وضع ملف الإجراءات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
1- د. بارش سليمان ، المرجع السابق ، ص 39 و ما يليها
تحت تصرف محامي المتهم قبل كل استجواب بـ24 ساعة على الأقل المادة 105 ق ا ج .
3- ندب الخبراء : طبقا للمواد من 143 إلى 156 من ق ا ج يجوز لقاضي التحقيق عندما تعرض عليه مسالة ذات طابع فني أو علمي أن يأمر بندب خبير ، إما بناء على طلب من النيابة العامة أو المتهم أو المدعي المدني أو من تلقاء نفسه . (1)
إذا رفض قاضي التحقيق طلب الخبرة فعليه أن يصدر أمرا مسببا في اجل 30 يوما من تاريخ استلامه الطلب ، و إذا لم يفصل قاضي التحقيق في الطلب خلال الأجل القانوني جاز للطرف المعني رفعه أمام غرفة الاتهام مباشرة خلال 10 أيام ، و لهذه الأخيرة مهلة 30 يوما للفصل في الطلب تسري من تاريخ إخطارها ، لا يقبل قرار غرفة الاتهام أي طعن المادة 143/2 و 3 ق ا ج .
يحدد قاضي التحقيق للخبير ميعادا لتقديم نتائج أعماله في شكل تقرير ، و في حالة عدم تقديم التقرير في الميعاد المحدد جاز لقاضي التحقيق استبدال الخبير بخبير أخر المادة 148 ق ا ج ، و بعد الانتهاء من الخبرة يقوم قاضي التحقيق باستدعاء أطراف الخصومة لإحاطتهم علما بنتائج الخبير لتقديم الملاحظات ، و تقديم طلبات لإجراء خبرة تكميلية أو مضادة ، ففي حالة رفض هذه الطلبات يتعين على قاضي التحقيق أن يصدر أمرا مسببا في اجل 30 يوما من تاريخ استلام الطلب ، و إذا لم يفصل قي الطلب خلال الأجل القانوني يجوز للخصم المعني رفع الطلب مباشرة إلى غرفة الاتهام خلال 10 أيام و لهذه الأخيرة مهلة 30 يوما للفصل فيه بحيث يكون قرارها غير قابل لأي طعن المادة 154 ق ا ج . (2)
4- الإنابة القضائية : قد يتعذر على قاضي التحقيق القيام شخصيا ببعض الإجراءات الخاصة بالتحقيق ، حينئذ حدد له المشرع طريقة انتداب سلطات معينة للقيام باسمه بإجراءات معينة ، و قد عالج المشرع هذا الإجراء في المواد من 138 إلى 142 ق ا ج . (3)
لصحة الإنابة يجب توفر الشروط التالية :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
1- د. عمر خوري ، المرجع السابق ، ص 62
2- د. عمر خوري ، المرجع نفسه ، ص 62
3- ا. محمد حزيط ، المرجع السابق ، ص 98
– أن تصدر من قاضي التحقيق المختص إقليميا .
– أن تصدر إلى القاضي أو ضابط الشرطة القضائية المختص إقليميا .
– أن تنصب على إجراء واحد أو بعض إجراءات التحقيق الابتدائي و عليه إذا كان التفويض عاما فالإنابة تكون باطلة .
– أن تكون صريحة أو مكتوبة .
– أن تتضمن مجموعة من البيانات تتعلق بقاضي التحقيق الذي اصدر الإنابة و أخرى تتعلق بضابط الشرطة القضائية أو القاضي المفوض و بيانات تتعلق بالمتهم و الوقائع المنسوبة إليه و أخرى تتعلق بالإجراء أو الإجراءات موضوعة الإنابة و بيانات تتعلق بالمدة التي حددها قاضي التحقيق لتنفيذ الإنابة .
* لقد منحت التعديلات الجديدة لقانون الإجراءات الجزائية بموجب القانون رقم 06-22 المؤرخ في 20 ديسمبر 2006 المعدل و المتمم لقانون الإجراءات الجزائية لقاضي التحقيق صلاحيات جديدة لم يكن يتمتع بها من قبل و ذلك لمواجهة أنواع معينة من الجرائم نظرا لخطورتها و لطبيعتها و هذه الصلاحيات هي :
1- اعتراض المراسلات و تسجيل الأصوات و التقاط الصور: هذا الإجراء نصت عليه المادة 65 مكرر 05 من ق ا ج التي حددت الجرائم التي يجوز اتخاذ هذه الإجراءات بشأنها و كذلك طبيعة هذه الإجراءات ، و تخص هذه الإجراءات ، الجريمة المتلبس بها و جرائم المخدرات و الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية و الجرائم الماسة بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات ، و جرائم تبيض الأموال و الإرهاب و جرائم الصرف ، و جرائم الفساد . (1)
إذا تعلقت الوقائع المعروضة أمام قاضي التحقيق بإحدى تلك الجرائم فانه يجوز لقاضي التحقيق أن يعهد لضابط الشرطة القضائية بترخيص مكتوب و تحت مراقبته المباشرة القيام باعتراض المراسلات التي تتم عن طريق وسائل الاتصال السلكية و اللاسلكية ، و وضع الترتيبات التقنية دون موافقة المعنيين من اجل التقاط و تثبيت و بث تسجيل الكلام المتفوه به بصفة خاصة أو سرية من طرف شخص أو عدة أشخاص في أماكن خاصة أو عمومية أو التقاط صور لشخص أو عدة أشخاص يتواجدون في مكان خاص ، و الإذن بذلك يسمح بالدخول إلى المحلات السكنية أو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
1- د. بارش سليمان ، المرجع السابق ، ص 44
غيرها و لو خارج المواعيد المحددة في المادة 47 ق ا ج و بغير علم أو رضا الأشخاص الذين لهم حق على تلك الأماكن . (1)
يجب أن يتضمن الإذن كل العناصر التي تسمح بالتعرف على الاتصالات المطلوب التقاطها و الأماكن المقصودة و الجريمة التي تبرر اللجوء إلى العملية و يسلم الإذن لمدة أقصاها 04 أشهر قابلة للتجديد حسب مقتضيات التحري أو التحقيق . (2)
2- التسرب : عرفت المادة 65 مكرر 11 من ق ا ج التسرب بأنه قيام ضابط أو أعوان الشرطة القضائية تحت مسؤولية ضابط الشرطة القضائية المكلف بالتنسيق العملية بمراقبة الأشخاص المشتبه في ارتكابهم جناية أو جنحة بإيهامهم انه فاعل مهم أو شريك لهم أو خاف .
و عليه فلقد أجازت المادة 65 مكرر 11 ق ا ج لقاضي التحقيق الإذن لضابط الشرطة القضائية بمباشرة عملية التسرب إذا تعلق الأمر بالجرائم المنصوص عليها في نص المادة 65 مكرر 05 ق ا ج .
يقوم ضابط الشرطة القضائية بعملية التسرب تحت رقابة قاضي التحقيق و بأذن مكتوب و مسبب و ذلك تحت طائلة البطلان ، كما يجب أن يتضمن الإذن تحديدا للجريمة المبررة للإذن بالتسرب و هوية ضابط الشرطة القضائية و مدة عملية التسرب التي لا يجوز أن تتجاوز 04 أشهر قابلة للتجديد على أن تودع الرخصة في ملف الإجراءات بعد انتهاء العملية . (3)
المطلب الثاني : أوامر قاضي التحقيق و استئنافها
الفرع الأول : الأوامر التي تصدر في بداية التحقيق أو أثنائه
ا- الأوامر التي تصدر في بداية التحقيق :
1- الأمر بعدم الاختصاص : يتصل قاضي التحقيق بالدعوى العمومية إما عن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
1- انظر المادة 65 مكرر 05 من الأمر رقم 66-155 المؤرخ في 8 يونيو 1966 المتضمن قانون الإجراءات الجزائية المعدل و المتمم
2- انظر المادة 65 مكرر 07 من الأمر رقم 66-155 المؤرخ في 8 يونيو 1966 المتضمن قانون الإجراءات الجزائية المعدل و المتمم
3- انظر المادة 65 مكرر 15 من الأمر رقم 66-155 المؤرخ في 8 يونيو 1966 المتضمن قانون الإجراءات الجزائية المعدل و المتمم
طريق الطلب الافتتاحي المكتوب الذي يقدمه وكيل الجمهورية و إما بشكوى مصحوبة بادعاء مدني يقدمها المضرور من الجريمة ، فقبل أن يشرع قاضي التحقيق في إجراءات التحقيق الابتدائي لابد أن يتأكد انه فعلا مختص في التحقيق في الدعوى المعروضة أمامه طبقا لنص المادة 40 ق ا ج و عليه إذا تبين بأنه غير مختص فانه يصدر أمرا بعدم الاختصاص . (1)
2- الأمر برفض فتح تحقيق : خولت المادة 73/3 و 4 ق ا ج لقاضي التحقيق سلطة إصدار أمر برفض فتح تحقيق بمجرد توصله بملف التحقيق و تبين له و أن الوقائع لأسباب تمس بالدعوى العمومية نفسها غير جائز قانونا التحقيق من اجلها أو كانت الوقائع على فرض ثبوتها لا تقبل قانونا أي وصف جزائي .
3- الأمر بعدم قبول الادعاء المدني : يصدر عن قاضي التحقيق في حالة ما إذا تعلق ملف الدعوى بشكوى مصحوبة بادعاء مدني و قد تخلف عنها احد الشروط الشكلية أو الموضوعية لقبول الادعاء المدني كحالة ما إذا كانت الوقائع المقدمة منها الشكوى مخالفة و ليس جناية أو جنحة كما نصت على ذلك المادة 72 ق ا ج و حالة عدم إيداع مبلغ الكفالة المنصوص عليها في نص المادة 75 ق ا ج ما لم يكن المدعي المدني قد حصل على المساعدة القضائية أو من المؤسسات المعفاة من دفع الرسوم القضائية بموجب قوانين المالية كإدارة الضرائب . (2)
4- الأمر بالإحضار: من خلال الاطلاع على نص المادة 110 ق ا ج نجد أنها تعرف أمر الإحضار بأنه ذلك الأمر الذي يصدره قاضي التحقيق إلى القوة العمومية لاقتياد المتهم و مثوله أمامه على الفور، و معنى هذا انه إذا لم يكن المتهم مقبوضا عليه و لم يكن وكيل الجمهورية قد أحاله إلى قاضي التحقيق مباشرة و أن قاضي التحقيق كان قد استدعاه وفقا للقانون و لم يحضر و لم يقدم عذر فانه يحق لقاضي التحقيق عندئذ فقط أن يصدر أمرا بالبحث عنه و بإحضاره إليه جبرا و بواسطة القوة العمومية . (3)
الهدف من هذا الأمر هو استجواب المتهم من طرف قاضي التحقيق و إذا تعذر ذلك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
1- د. عبد القادر أوهابية ، شرح قانون الإجراءات الجزائية التحري و التحقيق ، دار هومه ، الجزائر ، 2004 ، ص 115
2- د. عبد القادر أوهابية ، المرجع نفسه ، ص 116
3- ا. عبد العزيز سعد ، أبحاث تحليلية في قانون الإجراءات الجزائية ، دار هومه ، الجزائر ، 2009 ، ص 85
في الحال بسبب غياب قاضي التحقيق ، يودع المتهم في إحدى المؤسسات العقابية بحيث لا يجوز حجزه لمدة تزيد عن 48 ساعة ، و بعد انقضاء هذه المدة يقوم مدير المؤسسة العقابية بتسليم المتهم إلى وكيل الجمهورية الذي يطلب من قاضي التحقيق أو أي قاضي من قضاة المحكمة إجراء الاستجواب و إلا اخلي سبيل المتهم وفقا لأحكام المادة 112 ق ا ج ، و إذا استمر الحجز لأكثر من 48 ساعة دون استجواب المتهم أصبح حجزا تعسفيا و يرتب كل أنواع المسؤولية . (1)
5- الأمر بالإيداع : نصت عليه المادة 117 ق ا ج التي عرفته بأنه ذلك الأمر الذي يصدره قاضي التحقيق إلى رئيس مؤسسة إعادة التربية لاستلام المتهم و وضعه رهن الحبس ، و لا يصدر هذا الأمر إلا بعد استجواب المتهم و كان وصف الجريمة جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس حسب نص المادة 118/1 ق ا ج .
يجوز لوكيل الجمهورية أن يطلب من قاضي التحقيق إصدار الأمر بالإيداع و له حق استئناف أمر قاضي التحقيق الرافض لإصدار هذا الأمر أمام غرفة الاتهام و على هذه الأخيرة الفصل فيه في اجل لا يتعدى 10 أيام و هذا ما نصت عليه المادة 118/2 و 3 ق ا ج .
6- الأمر بالقبض : هو ذلك الأمر الذي يصدره قاضي التحقيق إلى القوة العمومية للبحث عن المتهم و سوقه إلى المؤسسة العقابية المنوه عليها بالأمر حيث يجري تسليمه و حبسه المادة 119 ق ا ج ، و لا يصدر إلا في الجنايات و الجنح المعاقب عليها بالحبس . (2)
بعد القبض على المتهم يتعين استجوابه خلال 48 ساعة و بعد انقضائها يسلم إلى وكيل الجمهورية الذي يطلب من القاضي المكلف بالتحقيق و في حالة غيابه فمن قاض أخر من قضاة الحكم ليقوم باستجوابه في الحال و إلا اخلي سبيله ، و كل متهم ضبط بناء على أمر بالقبض و بقى في مؤسسة عقابية أكثر من 48 ساعة دون استجواب اعتبر حبسا تعسفيا ، و كل قاض أو موظف أمر بهذا الحبس أو تسامح فيه عن قصد يتعرض للعقوبات المتعلق بالحبس التعسفي المادة 121/1 و 2 و 3 ق ا ج .
ا- الأوامر التي تصدر أثناء التحقيق :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
1- د. إسحاق إبراهيم ، المرجع السابق ، ص 140
2- ا. عبد العزيز سعد ، المرجع السابق ، ص 93
1- الحبس المؤقت : نظمته المواد من 123 إلى 125 مكرر ق ا ج ، و الحبس المؤقت هو سلب حرية المتهم لمدة محددة قانونا بعد فتح التحقيق معه عن طريق إيداعه في مؤسسة عقابية ( مؤسسة وقاية أو مؤسسة إعادة التربية ) القريبة من دائرة المحكمة التابع لها قاضي التحقيق بموجب أمر الوضع في الحبس المؤقت و مذكرة إيداع .
يعتبر الحبس المؤقت إجراء من إجراءات التحقيق الابتدائي و هو أخطرها لأنه يمس بحرية المتهم الذي يتمتع بقرينة البراءة من جهة و انه لا يجوز حبس الشخص إلا بعد صدور حكم بالإدانة من جهة أخرى ، لذلك اعتبره المشرع إجراءا استثنائيا حيث وضع له مبررات و ضمانات تتعلق خاصة بالمدة . (1)
مميزات الحبس المؤقت : لقد تضمنت المادة 123 ق ا ج على سبيل الحصر الأسباب المبررة للأمر بوضع المتهم في الحبس المؤقت و التي لا تكون إلا إذا كانت التزامات الرقابة القضائية غير كافية في الحالات الآتية : (2)
1- إذا لم يكن للمتهم موطن مستقر أو كان لا يقدم ضمانات كافية للمثول أمام العدالة آو كانت الأفعال المنسوبة إليه جد خطيرة .
2- إذا كان الحبس المؤقت هو الوسيلة الوحيدة للحفاظ على الآثار و أدلة الجريمة أو لمنع المتهم من الضغط على الشهود أو المجني عليه أو لتفادي اتصاله بالآخرين .
3- إذا كان الحبس المؤقت هو الوسيلة الوحيدة لحماية المتهم من الانتقام أو وضع حد للجريمة أو الوقاية من وقوعها مرة ثانية .
4- حالة مخالفة المتهم من تلقاء نفسه الواجبات المترتبة على إجراءات الرقابة القضائية المحددة لها .
مدة الحبس المؤقت :
1- مدة 20 يوما : إذا كنا بصدد جنحة عقوبتها الحبس لمدة سنتين كحد أقصى ، فمدة الحبس المؤقت هي 20 يوما غير قابلة للتجديد بمعنى انه بمجرد انتهاء هذه المدة يجب على قاضي التحقيق الإفراج على المتهم بقوة القانون و إلا تعرض إلى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
1- د. عبد القادر أوهابية ، المرجع السابق ، ص 118
2- ا. محمد حزيط ، المرجع السابق ، ص 130 و ما يليها
كل أنواع المسؤولية ، و لابد من توافر الشروط التالية : (1)
* أن يكون للمتهم موطنا مستقرا في الجزائر .
* ألا يكون قد حكم على المتهم من قبل في جناية أو جنحة من جنح القانون العام بعقوبة الحبس تزيد على 03 أشهر بغير وقف التنفيذ المادة 124 ق ا ج .
2- مدة 04 أشهر : في هذا الصدد نميز بين :
ا- الجنح : إذا كانت العقوبة هي الحبس الذي يزيد عن سنتين فمدة الحبس المؤقت تصبح 04 أشهر و إذا كانت العقوبة تزيد عن 03 سنوات حبسا فالمدة هي 04 أشهر قابلة للتجديد مرة واحدة و يتم تمديد المدة من طرف قاضي التحقيق بموجب أمر مسببا بعد استطلاع رأي وكيل الجمهورية . (2)
ب- الجنايات : مدة الحبس المؤقت هي 04 أشهر ، و يجوز لقاضي التحقيق تمديد المدة إذا دعت مقتضيات التحقيق ذلك بموجب أمر مسببا بعد استطلاع وكيل الجمهورية ، فإذا كنا بصدد جناية عقوبتها السجن المؤقت الذي يتراوح بين 05 سنوات و 20 سنة جاز تمديد مدة الحبس المؤقت مرتين فقط ، و إذا كنا بصدد جناية عقوبتها السجن الذي يزيد عن 20 سنة أو السجن المؤبد أو الإعدام جاز لقاضي التحقيق تمديد مدة الحبس المؤقت 03 مرات المادة 125/1 ق ا ج . أما إذا كنا بصدد جناية موصوفة بأنها أفعال إرهابية أو تخريبية جاز لقاضي التحقيق تمديد مدة الحبس المؤقت 05 مرات ، و إذا كنا بصدد جناية عابرة للحدود الوطنية جاز لقاضي التحقيق تمديد المدة 11 مرة المادة 125 مكرر ق ا ج .
2- الرقابة القضائية : هو ذلك التدبير الأمني و الوقائي و الإجراء القانوني الذي يتخلى قاضي التحقيق بموجبه عن الأمر بإيداع المتهم إلى الحبس المؤقت كإجراء استثنائي و يتركه طليقا أثناء مرحلة إجراءات التحقيق مقابل التزام المتهم بالالتزامات و الشروط التي سيحددها قاضي التحقيق عند الأمر بالوضع تحت الرقابة القضائية . (3)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
1- د. عمر خوري ، المرجع السابق ، ص 69
2- انظر المادة 125 من الأمر رقم 66-155 المؤرخ في 8 يونيو 1966 المتضمن قانون الإجراءات الجزائية المعدل و المتمم
3- ا. عبد العزيز سعد ، المرجع السابق ، ص 117
بالرجوع إلى نص المادة 125 مكرر 01 ق ا ج فانه يمكن لقاضي التحقيق أن يأمر بالرقابة القضائية إذا كانت الأفعال المنسوبة للمتهم قد تعرضه إلى عقوبة الحبس أو عقوبة اشد ، كما تلزم الرقابة القضائية المتهم أن يخضع بقرار من قاضي التحقيق إلى التزام أو عدة التزامات تتمثل فيما يلي :
1- عدم مغادرة الحدود الإقليمية التي حددها قاضي التحقيق إلا بإذن منه .
2- عدم الذهاب إلى بعض الأماكن التي حددها قاضي التحقيق .
3- المثول أمام المصالح أو السلطات المعينة من قاضي التحقيق .
4- تسليم كافة الوثائق التي تسمح بمغادرة التراب الوطني أو ممارسة مهنة أو نشاط يخضع إلى ترخيص.
5- عدم القيام ببعض النشاطات المعينة عندما ترتكب جريمة بسبب ممارستها .
6- الامتناع عن الاتصال و رؤية بعض الأشخاص الذين يعينهم قاضي التحقيق .
7- الخضوع إلى فحص و علاج إذا تعلق الأمر بالإدمان بغرض إزالة السموم .
8- إيداع نماذج الصكوك لدى كتابة ضبط المحكمة بحيث لا يجوز استعمالها إلا بناء على ترخيص من قاضي التحقيق .
يجوز لقاضي التحقيق عن طريق قرار مسبب أن يضيف التزاما من الالتزامات المنصوص عليها في نص المادة 125 مكرر 01 ق ا ج . ترفع الرقابة القضائية بأمر من قاضي التحقيق سواء تلقائيا أو بطلب من وكيل الجمهورية أو بطلب من المتهم بعد استشارة و كيل الجمهورية ، و يفصل قاضي التحقيق في ذلك بأمر مسبب في اجل 15 يوما من يوم تقديم الطلب ، و إذا لم يفصل فيه في هذا الأجل يمكن للمتهم أو وكيل الجمهورية اللجوء إلى غرفة الاتهام التي تصدر قرارها في اجل 20 يوما من تاريخ رفع القضية إليها. (1)
3- الإفراج : نظمته المواد من 124 إلى 128 ق ا ج و يقصد به إطلاق سبيل المتهم المحبوس مؤقتا و هناك نوعان من الإفراج و هما : (2)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
1- انظر المادة 125 مكرر 02 من الأمر رقم 66-155 المؤرخ في 8 يونيو 1966 المتضمن قانون الإجراءات الجزائية المعدل و المتمم
2- د. عمر خوري ، المرجع السابق ، ص 71
ا- الإفراج بقوة القانون : يكون قاضي التحقيق ملزما بإخلاء سبيل المتهم في الأحوال التالية :
– حالة ما إذا كان المتهم مستوطنا داخل الجزائر و صدر ضده أمر بالقبض و تم تسليمه لمؤسسة عقابية و تعذر استجوابه في المهلة المحدد قانونا ( 48 ساعة ) فانه يفرج عنه بقوة القانون المادة 121/1 ق ا ج .
– حالة ما إذا كان المتهم ملاحقا بجريمة معاقب عليها بالحبس لمدة عامين أو دون ذلك و لم يتمكن قاضي التحقيق من تصفية الملف خلال 20 يوما فانه إذا كان المتهم مستوطنا بالجزائر يفرج عنه بقوة القانون ما لم يكن محبوسا لإدانته في جناية أو جنحة بالحبس 03 أشهر حبس نافذة على أن يسرع قاضي التحقيق من إنهاء التحقيق معه في ظرف لا يتجاوز أقصى عقوبة للجنحة المتابع لها المادة 124 ق ا ج .
ب- الإفراج الجوازي : يكون في الحالات التالية :
قاضي التحقيق من تلقاء نفسه : وفقا لأحكام المادة 126/1 ق ا ج يجوز لقاضي التحقيق أن يأمر بالإفراج على المتهم من تلقاء نفسه بعد استطلاع رأي وكيل الجمهورية و تعهد المتهم بحضور جميع إجراءات التحقيق بمجرد استدعائه و إخطار قاضي التحقيق بجميع تنقلاته . (1)
بطلب من وكيل الجمهورية : خولت المادة 126/2 ق ا ج لوكيل الجمهورية طلب الإفراج على المتهم من قاضي التحقيق و على هذا الأخير البث في هذا الطلب خلال 48 ساعة من تاريخ استلامه و إلا أفرج على المتهم بقوة القانون ، و في حالة رفض قاضي التحقيق طلب وكيل الجمهورية الذي قدمه يجوز لوكيل الجمهورية استئناف أمر الرفض أمام غرفة الاتهام خلال 10 أيام من صدوره .
بطلب المحامي أو المتهم : يجوز للمتم أو محاميه تقديم طلب الإفراج إلى قاضي التحقيق و يتعين عليه إرسال هذا الطلب الو وكيل الجمهورية لإبداء طلباته خلال 05 أيام ، كما يتعين على قاضي التحقيق تبليغ المدعي المدني بهذا الطلب لتقديم ملاحظاته ، و على قاضي التحقيق البث في هذا الطلب بأمر مسبب خلال 08 أيام من تاريخ إرساله إلى وكيل الجمهورية و في حالة عدم الفصل في هذا الطلب بعد انقضاء هذه المدة يرفع المتهم طلب الإفراج مباشرة إلى غرفة الاتهام و التي لها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- د. عبد القادر أوهابية ، المرجع السابق ، ص 125
30 يوما لإصدار قرارها و إلا أفرج على المتهم بقوة القانون ، أما في حالة رفض غرفة الاتهام طلب الإفراج يجوز للمتهم تجديد طلبه إلا بعد مضي 30 يوما من تاريخ الرفض المادة 127 ق ا ج . (1)
الفرع الثاني : أوامر التصرف في التحقيق
عند انتهاء قاضي التحقيق من كل إجراءات التحقيق الابتدائي يرسل الملف إلى وكيل الجمهورية لتقديم طلباته خلال 10 أيام و على اثر ذلك يصدر قاضي التحقيق إما أمرا بالأوجه للمتابعة و إما أمرا بالإحالة المادة 127 ق ا ج .
1- الأمر بالأوجه للمتابعة : إذا تبين لقاضي التحقيق أن الوقائع المحقق فيها لا تكون جريمة أو لا توجد دلائل كافية لإسنادها إلى المتهم أو كان المتهم مجهولا فانه يصدر أمر بالأوجه للمتابعة المادة 163/1 ق ا ج .
من خلال نص المادة 163/1 ق ا ج فان أمر انتفاء وجه الدعوى العمومية يكون مبنيا إما على أسباب موضوعية أو قانونية ، فالأسباب الموضوعية تتمثل في عدم صحة الواقعة و عدم توفر الأدلة الكافية لإسناد التهمة إلى المتهم ، و في هذه الحالة إذا ما ظهرت أدلة جديدة فانه يحق للنيابة العامة إعادة فتح تحقيق ، أما الأسباب القانونية التي يترتب عليها صدور أمر بعدم المتابعة مفادها أن الوقائع حتى بفرض ثبوتها لا تكون جريمة أي أن الوقائع لا تقع تحت أي وصف جزائي . (2)
يترتب على الأمر بالأوجه للمتابعة ما يلي :
– الإفراج على المتهم إذا كان محبوسا مؤقتا حالا إلا إذا حصل استئناف من وكيل الجمهورية ما لم يكن محبوسا لسبب آخر المادة 163/2 ق ا ج .
– رفع الرقابة القضائية .
– رد الأشياء المضبوطة و تصفية المصاريف القضائية المادة 163/3 و 4 ق ا ج .
2- الأمر بالإحالة : إذا تبين لقاضي التحقيق أن الوقائع المنسوبة للمتهم تشكل جنحة أو مخالفة فانه يصدر أمرا بإحالة الدعوى على محكمة الجنح أو المخالفات مباشرة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- د. إسحاق إبراهيم منصور ، المرجع السابق ، ص 149
2- د. بارش سليمان ، المرجع السابق ، ص 78
بحيث يرسل الأمر و ملف الدعوى إلى وكيل الجمهورية الذي يحيله بدوره إلى كتابة ضبط المحكمة مع تكليف المتهم بالحضور و تحديد تاريخ انعقاد الجلسة . (1)
أما إذا تبين أن الوقائع تشكل جناية يصدر قاضي التحقيق أمرا بإحالة الدعوى على النائب العام لدى المجلس القضائي الذي يحيله بدوره إلى غرفة الاتهام باعتبارها جهة تحقيق درجة ثانية في الجنايات ، و بعد قيام هذه الأخيرة بإجراءات التحقيق على مستواها تصدر قرارا بالأوجه للمتابعة ، و إما قرارا بإحالة الدعوى العمومية على محكمة الجنايات باعتبارها موجودة على مستوى المجلس المادة 166 ق ا ج .
الفرع الثالث : استئناف أوامر قاضي التحقيق
إن قاضي التحقيق يقوم بدور مزدوج فهو من جهة قاضي التحقيق و من جهة قاضي يفصل في مسائل قانونية ، و باعتباره قاضي التحقيق فانه يقوم باتخاذ بعض الإجراءات للبحث عن الأدلة و يصدر في هذا الشأن أوامر كأمر الانتقال و أمر التفتيش و تعين خبير ، و أوامر الإنابة القضائية ، و هذه الأوامر لا تفصل في مسائل قانونية و لا تسوي منازعات حيث لها طابع إداري و تسمى بالأوامر غير القضائية و هذه الأخيرة لا يجوز استئنافها ، أما باعتباره قاضي فانه يصدر أوامر يفصل بموجبها في مسائل قانونية متعلقة بالتصرف في التحقيق مثلا و من تم يكون لها طابعا قضائيا و لذلك تسمى بالأوامر القضائية و يجوز الاستئناف فيها . (2)
لقد أعطى المشرع لخصوم الدعوى العمومية حق استئناف كل الأوامر القضائية التي يصدرها قاضي التحقيق على النحو التالي :
1- حق النيابة العامة : طبقا لأحكام المادة 170 ق ا ج يجوز لوكيل الجمهورية استئناف جميع أوامر قاضي التحقيق أمام غرفة الاتهام خلال 03 أيام من تاريخ صدور الأمر، كما يحق أيضا للنائب العام وفقا لأحكام المادة 171 ق ا ج استئناف أوامر قاضي التحقيق ، حيث يبلغ الخصوم في ظرف 20 يوما و لا يكون لذلك الطعن اثر مانع من الإفراج عن المتهم .
2- حق المتهم أو محاميه : طبقا لأحكام المادة 172 ق ا ج يحق للمتهم أو محاميه استئناف بعض أوامر قاضي التحقيق أمام غرفة الاتهام خلال 03 أيام من تاريخ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- انظر المادتان 164 و 165 من الأمر رقم 66-155 المؤرخ في 8 يونيو 1966 المتضمن قانون الإجراءات الجزائية المعدل و المتمم
2- د. عبد القادر أوهابية ، المرجع السابق ، ص 132
التبليغ و الأوامر التي يستأنفها المتهم أو محاميه هي : (1)
– الأمر بقبول الادعاء المدني المادة 74 ق ا ج .
– الأمر بالوضع في الحبس المؤقت المادة 123 مكرر ق ا ج .
– الأمر بتمديد الحبس المؤقت المادة 125 مكرر ق ا ج .
– أمر الوضع تحت الرقابة القضائية المادة 126 مكرر 01 ق ا ج .
– أمر رفض رفع الرقابة القضائية المادة 125 مكرر 02 ق ا ج .
– أمر رفض الإفراج المادة 127 ق ا ج .
– أمر رفض إجراء الخبرة المادة 143 ق ا ج .
– أمر رفض ملاحظات المتهم فيما يخص نتائج الخبرة 154 ق ا ج .
– أمر الإحالة المادة 163 ق ا ج .
– الأوامر المتعلقة بالاختصاص .
3- حق المدعي المدني : بالرجوع إلى أحكام المادة 173 ق ا ج فان للمدعي المدني الحق في استئناف بعض أوامر قاضي التحقيق خلال 03 أيام من تاريخ التبليغ و هذه الأوامر هي :
– الأمر بعدم إجراء التحقيق .
– الأمر بالأوجه للمتابعة .
– الأمر بقبول مدعي مدني أخر .
طبقا لأحكام المادة 174 ق ا ج فان قاضي التحقيق يواصل التحقيق إذا كان الأمر قد استؤنف أو عندما تخطر غرفة الاتهام مباشرة طبقا لأحكام المواد 69 و 69 مكرر و 143 و 154 ق ا ج ما لم تصدر غرفة الاتهام قرارا يخالف ذلك .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- د. عمر خوري ، المرجع السابق ، ص 74
الخاتمــــــــــــــــــــــــة :
من خلال ما تم تقديمه في دراستنا هذه فان قاضي التحقيق يتمتع بصلاحيات واسعة و مهمة في مجال جمع الأدلة للوصول إلى الجاني ، إذ نجده يقوم بتفتيش الأشخاص المشتبه فيهم و كذا كل الأماكن التي يراها مساعدة بإظهار الحقيقة كما انه يمكنه الانتقال إلى مكان الجريمة لمعاينتها و معاينة كافة الظروف المحيطة بمكانها ، كما يقوم أيضا باستجواب المتهم و مواجهته بالأدلة المقدمة ضده ، و يقوم بسماع الشهود ، و من خلال ذلك و بعد نهاية التحقيق يقوم قاضي التحقيق بإصدار نوعين من الأوامر ، فإذا كانت الأدلة ثابت قي حق المتهم فانه يصدر أمرا بإحالة المتهم إلى الجهة المختصة لمحاكمته ، أما إذا كانت الأدلة لا تشكل جريمة أو ليست ضد المتهم فانه يصدر أمرا بالأوجه للمتابعة و يخلى سبيل المحبوس مؤقتا ، و عليه فان قانون الإجراءات الجزائية خول لقاضي التحقيق اتخاذ كل إجراء قانوني يراه مفيدا و مهم للوصول للحقيقة من خلال إصداره للأوامر المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية .
قائمة المراجع و المصادر:
1- الأمر رقم 66-155 المؤرخ في 08 يونيو 1966 المتضمن قانون الإجراءات الجزائية المعدل و المتمم .
2- الأمر رقم 71-28 المؤرخ في 22 ابريل 1971 المتضمن قانون القضاء العسكري المعدل و المتمم .
3- القانون العضوي رقم 04-11 المؤرخ في 06 سبتمبر 2004 المتضمن قانون الأساسي للقضاء .
4- المرسوم التنفيذي رقم 06-348 المؤرخ في 05 أكتوبر 2006 المتضمن قانون تمديد الاختصاص المحلي لبعض المحاكم و وكلاء الجمهورية و قضاة التحقيق .
5- د.إسحاق إبراهيم منصور، المبادئ الأساسية قي قانون الإجراءات الجنائية ، ديوان المطبوعات الجامعية ، الجزائر، 1995 .
6- د. بارش سليمان ، شرح قانون الإجراءات الجزائية الجزائري ، ج 2 ، دار قانة ، الجزائر، 2008 .
7- ا. عبد العزيز سعد ، أبحاث تحليلية في قانون الإجراءات الجزائية ، دار هومه ، الجزائر، 2009 .
8- د. عبد القادر أوهابية ، شرح قانون الإجراءات الجزائية التحري و التحقيق ، دار هومه ، الجزائر، 2004 .
9- د. عمر خوري ، محاضرات في قانون الإجراءات الجزائية ، كلية الحقوق ، جامعة الجزائر، 2009 .
10- ا. محمد حزيط ، قاضي التحقيق في النظام القضائي الجزائري ، ط 2 ، دار هومه ، الجزائر، 2009
اترك تعليقاً