مشروع القانون الجديد للصحافة |
مشروع القانون الجديد للصحافة
هل لازالت العقوبات السالبة للحرية قائمة؟
لازالت المداولات والمناقشات مفتوحة حول المشروع الجديد لقانون الصحافة، المرفوع حاليا أمام أنظار المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان لإبداء الرأي حول مدى ملاءمة محتوياته القانونية مع القوانين المعمول بها على المستوى العالمي، وحول نسبة احترامه للقضايا المتعلقة بالدفاع عن حقوق الإنسان وحريات المواطنين والفئات الاجتماعية والجماعات وحمايتها والنهوض بها، وقد أفادت مصادر من قلب اللجنة المكلفة من قبل المجلس الاستشاري لتدارس محتويات المشروع أن المسودة تتضمن عقوبات سالبة للحرية.
وبخصوص المجلس الوطني للصحافة الذي خصه المشروع بمجموعة من المهام المركزية، ترى فعاليات صحفية وسياسية أنه يجب أن يتم تشكيله على الطريقة الديمقراطية المبنية على الانتخابات حتى لا يبقى مجالا للانتقائية والتعيين الشيء الذي قد يحوله إلى شكل من أشكال الماكياج الديمقراطي ووسيلة للحد من فعالية المنشآة الصحفية، وقد يتحول بفعل تأثير جهات من خارج الجسم الصحفي إلى رقيب على المجال الإعلامي، فيما اعتبرته مصادر صحفية مقربة قفزة نوعية سيتم على هذيها تغيير ملامح المشهد الإعلامي الوطني، وأن الهيئات المشرفة على المشروع ستتعاطى معه على الأسس الديمقراطية المتاحة، بعيدا عن المزايدات التي من شأنها إبطال مفعوله وإفراغه من أبعاده الوطنية في إقرار قوانين ديمقراطية تخدم الجسم الصحفي وتساهم في تطوير خدماته على جميع المستويات.
لا يزال مشروع القانون الجديد للصحافة والصحافيين المهنيين مرفوعا على موائد النقاش، تتداول فيه الفعاليات الحقوقية والسياسية لأجل إبداء الرأي بخصوصه وتنقيحه بما يتلاءم والقوانين المعمول بها على المستوى الدولي، وذلك بعد سلسلة من المشاورات والمناقشات المشتركة بين وزارة الاتصال والفيدرالية المغربية لناشري الصحف، والنقابة الوطنية للصحافة المغربية إضافة إلى نخبة من الفاعلين في الحقل الإعلامي المغربي، ممن ساهمت بوضع مقترحاتها بالمشروع بغية تأهيله للمستويات التي ترقى إليها تطلعات العاملين بالقطاع الإعلامي بالبلاد، وقد تم رفع المشروع إلى المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان من طرف الوزير الأول الأربعاء قبل الماضي، لأجل إبداء الرأي فيه، وبعد تدارسه من قبل اللجنة التي شكلها المجلس للقيام بهذه المهمة، أعلنت مصادر من ذات اللجنة،
بأن المشروع لا زال يتضمن نصوصا تقضي بعقوبات سالبة للحرية، مؤكدة أن رأي المجلس الاستشاري سينطلق من مبدأ ملاءمة محتويات المشروع مع القوانين التشريعية الدولية، معتبرة في الوقت ذاته أن هذه الاستشارة تبقى الأولى من نوعها بالنسبة للمجلس فيما يتعلق بإبداء رأيه في قانون الحريات، كلها إشارات تؤكد أن المشروع لا زال يحمل بين ضلوعه عقوبات سالبة للحرية مع أن التصريحات الرسمية لوزير الاتصال محمد نبيل بنعبد الله كانت ترمي في مجملها إلى كون المشروع سيتحرر من العقوبات السالبة للحرية بإلغاء معظم العقوبات الحبسية واعتماده عقوبات بديلة لها (تأديبية مالية) مع التأكيد على ضمان الحق في الإعلام وتعزيز ضمانات الوصول إلى مصادر الخبر، وفي معرض جوابه “للمشعل” أكد نقيب الصحافيين يونس مجاهد أن موقف النقابة الوطنية للصحافة المغربية واضح بخصوص العقوبات السالبة للحرية، بأنها ترفض استمرار هذه العقوبات وتعمل لأجل اجتثاثها من جذورها،
مشيرا إلى أن مشروع القانون الجديد للصحافة المرفوع حاليا للنقاش، لازال لم يستقر على صيغة نهائية يمكن الحكم على ضوئها بوجود هذه القوانين السالبة للحرية من عدمه لذلك لا يمكن التكهن بأشياء غير معلنة رسميا أو إبداء الرأي بخصوصها، ملمحا إلى أن المشاورات لا زالت مفتوحة بخصوص هذا المشروع داخل الأجهزة الحكومية للبث في صيغته النهائية.
والأكيد أن المقتضيات الجديدة التي جاء بها المشروع تتضمن إضافات نوعية مهمة تخص المجال الصحفي، في جوانبه المهنية الصرفة، أو تلك المتعلقة بعلاقة الصحافة بممارسة الحرية، وما يترتب عنها من مسؤولية، وكذلك الجانب المرتبط بأخلاقيات المهنة، وعلاقة الصحافة بالمجتمع، ومن أهم هذه الإضافات، المجلس الوطني للصحافة الذي ستناط به مهمات أساسية في الحياة الصحفية بالبلاد، كالإشراف على واجبات وحقوق المهنيين العاملين في المنشآت الإعلامية الوطنية، ومهمة منح وسحب البطاقة الصحفية،
وكذا الحفاظ على الواجب المتعلق بأخلاقيات مهنة الصحافة واحترام مواثيقها من قبل العاملين بها وكذا المقاولات الصحفية بالمغرب، كما يسهر المجلس على اتخاذ كل الإجراءات التأديبية اللازمة في إطار المهنة، مع العمل على تطوير خدمات القطاع الإعلامي، وتحديثه على الطرق العلمية المعمول بها عبر العالم، ويتكون هذا المجلس حسب المشروع الجديد للصحافة من 15 عضوا، يتشكل ثلثي أعضائه من مكونات الجسم الصحافي المغربي أي النقابة الوطنية للصحافة المغربية والفدرالية المغربية لناشري الصحف في حين يتشكل الثلث الباقي من فعاليات المجتمع المدني، مع اشتراط توفرهم على مقومات النزاهة والكفاءة، إلا أن السؤال الذي يبقى مرفوعا بخصوص هذا المجلس هو الكيفية التي سيتم بموجبها تشكيل أعضائه، هل سيتم انتخابهم على الطريقة الديمقراطية، بأن يعمل كل إطار من الجسم الصحفي على انتخاب الأعضاء الذين سيمثلونه داخل هذا المجلس، أم أن الأمر سيقتصر على تعيينهم كما هو شأن الهيئة العليا للسمعي ـ البصري،
إضافة إلى الثلث الذي سيتم تشكيله من فعاليات المجتمع المدني يظل السؤال مرفوعا حوله بخصوص المعايير التي سيتم على ضوئها انتقاء بعض الأسماء دون أخرى، وفي حالة اعتماد الأسلوب الديمقراطي في هذا التشكيل والمرتبط بالانتخابات من هي جهات المجتمع المدني التي ستملك حق التصويت والترشيح لعضوية هذا المجلس، كما تبرز إلى السطح مجموعة من التساؤلات حول طبيعة إجراء هذه الانتخابات الوطنية داخل الهيئات المعنية ضمانا لدمقرطة عملية تشكيل المجلس الوطني للصحافة، حتى لا يبقى مفتوحا على التأويل والتأويل المضاد في حالة تشكيله على الطريقة المخزنية في انتقاء بعض الموالين للسياسة العامة القائمة بالبلاد، ويزداد غموض هذا الفعل مع التصريح الذي أدلى به نقيب الصحافيين يونس مجاهد “للمشعل” حيث لم يوضح بما يكفي الشكل الذي سيتم على ضوئه تشكيل لائحة أعضاء هذا المجلس سواء بالتعيين أو الانتخاب، مكتفيا بالقول إن أجهزة النقابة الوطنية للصحافة المغربية لازالت لم تفتح نقاشا بهذا الخصوص للوقوف على الموقف النهائي للنقابة حول صيغة اختيار أو انتخاب هؤلاء الأعضاء في حين أفاد رئيس الفيدرالية المغربية لناشري الصحف عبد المنعم دلمي “للمشعل” في اتصال معه أن هناك خمسة أعضاء سيمثلون النقابة الوطنية للصحافة المغربية وخمسة أعضاء سيمثلون الفيدرالية المغربية لناشري الصحف فيما سيمثل الثلث الباقي أعضاء من المجتمع المدني، بخصوص هذا الثلث الأخير سيتم اقتراح 15 اسما من الفعاليات المدنية من طرف الناشرين والصحفيين تقدم للسلطات،
يتم اختيار خمسة أسماء منهم كأعضاء داخل المجلس الوطني للصحافة، وحول إمكانية إجراء انتخابات داخل النقابة الوطنية وفيدرالية الناشرين لانتخاب أعضاء المجلس الوطني، أفاد عبد المنعم دلمي أنه لن تكون هناك أي انتخابات على المستويين إنما سيتم إعلان خمسة أسماء لتمثيل كل هيئة بعيدا عن عملية التصويت، لأن المعنيين بالأمر هما النقابة والفدرالية فهل هذا يعني أن تشكيل هذا المجلس الوطني سيتم بطريقة غير الديمقراطية، مع العلم أن الشعار المرفوع هو دمقرطة العمل الصحفي وتشديبه من الطفيليات العالقة به، فهل هناك جهات تدفع إلى الاستمرار في عملية التعيين على الأسلوب المخزني الذي أثبتت تجاربه على امتداد مساحة الاستقلال أنها تعاكس التقدم الديمقراطي، بسيرها في الاتجاه المعاكس للطموحات الديمقراطية، على النهج الذي يؤكد أنها غير مستقلة بما يكفي طالما أنها معينة من طرف جهة أخرى، فإنها ستخدم مصالح هذه الأخيرة، خلافا لذلك فلو أنها كانت منتخبة من طرف هيئة ناخبة فإنها ستعمل لفائدة هذه الهيئة، دون أدنى خوف أو تأثير من الجهات الأخرى، خاصة وأن إصلاح حقل الإعلام يدخل في صميم تعزيز الإصلاحات الديمقراطية التي يجب أن تعرفها البلاد على الوجه المطلوب والذي يوازي طموحات المغاربة في تحقيق قفزة إعلامية حقيقية.
فبالقدر الذي نعتبر به تقول مصادرنا أن هذا القانون خطوة متقدمة وإيجابية جدا لتأطير الممارسة الصحفية، نتمسك في المقابل بأن تكون على الطريقة الديمقراطية التي تضمن تحصينها من جميع التأثيرات الفوقية التي قد تفرغها من مقاصدها النبيلة، وتحولها إلى مجرد ماكياج ديمقراطي يسيء للقطاع أكثر من إغنائه بالمكاسب الإيجابية، فما أحوج صحافتنا وصحافيينا إلى توسيع مساحة دائرة الحرية التي يشغلون في فضائها وهذه الأخيرة لن تتسع بالتعيين إنما بالممارسة الديمقراطية الحقة المبنية على الانتخاب الحر والديمقراطي، ويمكن القول بأن الإيجابية التي يمكن أن يتعامل بها العاملون بالقطاع الإعلامي والمؤسسة التشريعية، تتمثل في حرصهم على بناء هذا المجلس الوطني المرتقب بناء ديمقراطيا على جميع المقاييس والمستويات، حتى لا نطالب غدا بتحريره من هيمنة بعض الجهات، لذلك يتوجب على المهنيين والمؤسسة التشريعية تضيف نفس المصادر العمل بكل جدية ومسؤولية لضمان بناء هذا المشروع بناء محصنا من كل التأثيرات التي من شأنها الحد من فعاليته وتقزيم دوره في تطوير القطاع الإعلامي بالبلاد.
فيما يتعلق بمسودة قانون الصحافة التي يجري حولها النقاش حاليا فوق الموائد الحكومية، فهي تستحق أكثر من وقفة كونها تتضمن أحكاما جديدة وأخرى مغيرة أو متممة مع إدماج مقتضيات مرتبطة بها كما هو شأن النظام الأساسي للصحافيين المهنيين (1995) إضافة إلى مواد مرتبطة بالقانون الجنائي تتعلق بالمنع من ممارسة المهنة، الشيء الذي يضفي عليها صفة شاملة قد تساهم إلى حد كبير في تغيير ملامح المشهد الإعلامي بالبلاد والدفع به إلى المقامات التي يستحقها، إلا أن هذه الإضافات وتلك التغييرات الجوهرية التي تضمنتها فصول المشروع الجديد لقانون الصحافة تبقى بحاجة إلى تدخلات فعلية وفاعلة من طرف المهنيين والناشرين والمجتمع المدني، للمساهمة في إغناء هذا المشروع الوطني وتأهيله لتحصين الحياة الإعلامية بالبلاد، كما يجب أن تعمل الأطراف المشرفة عليه على تعميمه بين جميع العاملين بالأجناس الإعلامية حتى لا يبقى حبيس بعض الجدران تتداول فيه الجهات الرسمية وحدها، دون إشاعته على عامة العاملين بالقطاع للإدلاء بدلوهم بخصوصه لأن المسؤولية تبقى مطروحة أمام الجميع من صحافيين وحقوقيين وسياسيين قبل أن يرفع للمؤسسة التشريعية لمناقشته والتصويت عليه، لذلك تبقى عملية تعزيزه مفتوحة أمام جميع المعنيين به ودون استثناء، حتى لا يشاع غدا بأن جهات بعينها تآمرت لتمريره باسم القطاع الإعلامي.
عبد العزيز النويضي /مهتم بمجال الصحافة
لابد أن تكون هناك عقوبات سالبة للحرية
– أفادت مصادر من اللجنة المنبثقة عن المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان لتدارس المشروع الجديد لقانون الصحافة المحال على المجلس من طرف الوزير الأول، بأن المشروع لا زالت بعض بنوده تنص على عقوبات سالبة للحرية، مع العلم أن نقابة الصحافيين تؤكد في مطالبها على إزالة كل العقوبات الحبسية، كيف تقرؤون ذلك؟
+ الحقيقة أنه لا بد وأن تكون هناك فقرات ضمن القانون سالبة للحرية، لأن هناك نظام جنائي يتعلق بالصحافة، كالقذف مثلا في حق الأشخاص، إلا أن ما تمكن الإشارة إليه بخصوص هذا الأمر أن المشروع الجديد للصحافة، قد ألغى الكثير من المواد أو العقوبات السالبة للحرية إلا انه لا يمكن أن تلغى جميعها، وهذا أمر طبيعي جدا، إلا أننا نتمنى أن تتحقق مستقبلا كل المطالب التي تخدم مصالح الإعلاميين بالمغرب، ليس على مستوى القوانين فقط، إنما على مستويات أخرى تبقى غاية من الأهمية.
– المجلس الوطني للصحافة حدد عدد أعضائه حسب المشروع الجديد في 15 عضوا، يتكون ثلثيه من الجسم الصحفي، في حين يتشكل الثلث الباقي من فعاليات المجتمع المدني، هل سيتم انتخاب هؤلاء على الطريقة الديمقراطية، أم أنهم سيعينون وفي الحالة الثانية من يملك سلطة هذا التعيين؟
+ حسب المعلومات التي توصلت إليها أن النقابة الوطنية للصحافة المغربية ستكون الأكثر تمثيلية، وكذلك الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، هذه الهيئات ستقترح 15 شخصا من ضمن فعاليات المجتمع المدني المغربي على الملك، ويبقى من حق الملك أن يعين من بين الأسماء المقترحة خمسة أسماء كأعضاء في المجلس الوطني للصحافة، أما بالنسبة للأعضاء الآخرين للمجلس فسيتم اختيارهم من طرف الهيئات التي تمثلهم سواء نقابة الصحفيين أو فيدرالية الناشرين.
– هل ستعتمد هذه الهيئات أي النقابة والفيدرالية في اختيار هؤلاء الأعضاء عن طريق الانتخابات أم بواسطة الانتقاء؟
+ في الغالب يجب أن تتم الأمور على المنوال الديمقراطي، لأن النقابة ملزمة بالقيام بإجراءات ديمقراطية وكذلك الفيدرالية حتى يتمكن الحوار الديمقراطي من فرز أعضاء للمجلس من بينهما على الطريقة الديمقراطية المبنية على الانتخابات وحتى تتمكن الأسرة الصحفية من انتخاب العناصر التي تراها مناسبة لهذه المهمة، من حيث الكفاءة والنزاهة والحضور الفاعل الذي يمكن من الأداء الإيجابي لهذا المجلس بعيدا عن الحسابات الضيقة وغير المهنية، وأعتقد أن هذا هو الطريق الصائب لانتخاب أعضاء أكثر تأهيلية وتمثيلية.
– هل يمكن إدراج أسماء ضمن 15 المنتقاة من فعاليات المجتمع المدني، للفعاليات غير المساهمة في الملتقى الوطني للصحافة المنظم شهر مارس 2005، لعضوية المجلس الوطني للصحافة؟
+ لا، ليس بالضرورة أن يرتبط اختيار فعاليات المجتمع المدني فقط بمن ساهموا في الملتقى الوطني للصحافة، لكن في الغالب سيتم اختيار الأسماء الوازنة والتي لها حضور على المستوى الإعلامي، أي المهتمة بالشأن الصحفي.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً