أحكام بيع ملك الغير في حالة البيوع المتتالية
وهو خاص بحالة ما إذا تصرف المشتري من البائع غير المالك بالمبيع مرة ثانية إلى شخص آخر فما هو أثر هذا البيع بالنسبة للمشتري الثاني؟ إن من أهم خصائص التزام البائع بضمان التعرض الصادر من الغير، انتقال هذا الإلتزام إلى الخلف الخاص لمشتري الشيء المبيع. لذلك فإن البائع الأصلي يظل ملتزما بضمان تعرض الغير في مواجهة المشتري الأول والثاني أيضا. وبالتالي إذا حكم للغير باستحقاق المبيع فإن هذا الحكم يسري في مواجهة المشتري الأول وعلى البائع الأصلي أيضا.
ويكون للمشتري الرجوع على المشتري الأول بالضمان على اعتبار أنه البائع الأصلي له، وذلك وفق قواعد ضمان الاستحقاق بل ويكون له الرجوع على البائع الأصلي عن طريق الدعوى غير المباشرة إذا توافرت شروطها وذلك على اعتبار أن المشتري الثاني دائنا لبائعه ويرجع المشتري الثاني على البائع الأصلي بطريق الدعوى غير المباشرة لا بطريق الضمان متى وجد أن بائعه معسرا غير قادر على الوفاء، وبطريق الدعوى غير المباشرة يتتبع المشتري الثاني البائعين السابقين له حتى يصل إلى بائع مقتدر يستوفي منه حقه دون أن يكون لهذا الأخير حق التضرر، لأنه من حق من اشترى منه الشيء المبيع الرجوع عليه بالضمان، إذا لم يرجع عليه المشتري الأخير بدعوى الضمان.
وإذا استعمل المشتري الأخير الدعوى غير المباشرة للرجوع على أحد البائعين المقتدرين، فإنه يكون معرضا لمزاحمة دائني هذا البائع، وبالتالي سيكون مجبرا في اقتسام ما حصله من البائع مع باقي الدائنين، على اعتبار أنه نائب في رفع الدعوى، فكل ما حصله يدخل في الضمان العام للدائنين ولكن في حالة نزول المشتري الأول عن حقه بالضمان لا يكون للمشتري أي حق قبل بائعه بأن يرفع عليه الدعوى غير المباشرة باعتباره دائنا للمشتري الأول يستعمل دعوى مدينه لأنه غير دائن بالضمان في هذه الحالة.
لذلك لا يكون من سبيل أمام المشتري الأخير سوى الرجوع على البائع الأصلي بالدعوى المباشرة ودعوى الضمان التي كانت للمشتري الأول قبل البائع تعتبر من ملحقات المبيع التي تنتقل إلى المشتري الأخير دون حاجة إلى نص في عقد البيع.
والدعوى المباشرة التي يرفعها المشتري الأخير، هي نفس دعوى الضمان التي للمشتري الأول على البائع، انتقلت من المشتري الأول إلى المشتري الثاني حتى لو اشترط المشتري الأول على المشتري الثاني عدم الضمان في عقد البيع المبرم بينهما.
وبناء على ما تقدم، فإن المشتري الثاني يرجع على البائع الأصلي بدعوى الضمان المقررة للمشتري الأول، باسمه الخاص باعتباره مالكا لها كبعض ملحقات البيع، لا باعتباره نائبا عن البائع.
وقد تثار مسألة بيع المالك ملكه مرتين فهل يعتبر في البيع الثاني قد باع غي ر ملكه، بعبارة أخرى هل نطبق في هذه الحالة على البيع الثاني أحكام بيع ملك الغير؟. نعم نطبق على البيع الثاني الذي قام به المالك القديم على ملكه السابق أحكام بيع ملك الغير من الناحية المدنية، ويترتب على هذا البائع مسؤولية جزائية حسب القوانين الجزائية تحت عنوان النصب والاحتيال.
أما من الناحية المدنية فتكون مسؤولية هذا البائع تحت نطاق ضمان التعرض من الغير كما سبق ووضحنا. ولكن ما هو الحل لو أن المبيع كان عقارا وسبق المشتري الثاني المشتري الأول إلى التسجيل؟
في هذه الحالة وحسب الرأي المتفق عليه في الفقه المصري هو تقديم المشتري الثاني على المشتري الأول، ويرجع المشتري الأول في هذه الحالة على البائع بالتعويض، إما بموجب استحقاق الغير للمبيع، وإما بموجب ضمان البائع للتعرض الصادر منه، لأن الغير استمد حقه من البائع نفسه.
أما بالنسبة لموقف الفقه الإسلامي من المسألة محل الدراسة، فقد قننه مرشد الحيران في المادة ( 497 ) والتي تنص على أن ” الاستحقاق نوعان مبطل للملك وناقل له – فالنوع الأول وهو المبطل يوجب انفساخ العقود بين الباعة بلا فسخ القاضي فلكل واحد من الباعة الرجوع على بائعه قبل الرجوع عليه...”.
فهذا النص واضح في حكمه بجواز الرجوع بالضمان في حالة البيوع المتتالية في الفقه الإسلامي وهو ما نص عليه القانون المدني العراقي في المادة ( 553 ) منه، وهو ما لم يفعله القانون المدني الأردني وبالتالي فإن الحكم في ظل الفقه الإسلامي في حالة قيام شخص ببيع الشيء المبيع إلى شخص آخر، وقيام هذا الأخير ببيع هذا الشيء إلى شخص آخر من جديد، فإن البائع الأصلي يكون ملتزما بضمان تعرض الغير في مواجهة المشتري الأول والثاني على السواء، ذلك أن المشتري الثاني لو استحق المبيع في حكم قضائي فإن هذا الحكم يسري في مواجهة المشتري الأول والبائع الأصلي أيضا.
ويثار في الفقه الإسلامي مسألة أن المالك الحقيقي قد يقر البيع الحاصل من البائع الأول دون أن يكون لديه معرفة عن حقيقية البيع الثاني الذي أجراه البائع، فإذا أقر المالك البيع الأول هل يعتبر قد أقر البيع الثاني؟
اختلف الفقهاء المسلمون في الإجابة على هذا السؤال على النحو التالي: رأي يذهب إلى اعتبار الإجازة فقط بالنسبة للبيع الأول الذي أقره المالك، لأن البائع بتسليمه المبيع إلى المشتري يكون غاصبا، وإذا بيع المغصوب مرة أخرى من المشتري، ثم أجاز المالك أحد البيعين، ينفذ ما أجازه المالك فقط، لأن الغصب لا يزيل ملكه. ورأي يذهب إلى أن إجازة المالك البيع الأول يعني تلقائيا إجازة البيع الثاني . لأن المشتري من الغاصب في هذه الحالة يبيع ملكه إلى المشتري الثاني.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً