علاقة المالك بالبائع
في علاقة المالك بالبائع، يختلف الحكم بين ما إذا كان البائع قد سلم المبيع إلى المشتري، أم لم يسلمه إياه. فإذا كان قد سلمه للمشتري، فيكون للمالك الحق في استرداده منه عن طري ق دعوى الاستحقاق يرفعها عليه، أما إذا كان البائع قد دفع دعوى المالك عن طريق تمسكه بقاعدة الحيازة في المنقول أو التقادم في العقار، فإن المالك حينها لا يستطيع استرداد ملكه منه.
أما إذا كان البائع قد سلم المبيع إلى المشتري واكتسب المشتري ملكية المبيع بالحيازة أو التقادم، في هذه الحالة لا يكون أمام المالك الحقيقي من سبيل سوى التعويض، على أساس فقده المبيع، بل ويكون من حق المالك الحقيقي الرجوع على البائع بالتعويض بالرغم من استرداده ملكية المبيع بعد سقوط هذه الملكية بالحيازة أو التقادم، ويكون سبب التعويض في هذه الحالة هو خطأ البائع، إذ أن البائع ببيعه ملك غيره قد تسبب في الإضرار بالمالك، وعلى الأخص إذا كان البائع سيئ النية فإنه يكون في هذه الحالة مغتصبا.
أما إن ثبت أن البائع كان حسن النية ولم يرتكب أي خطأ، كأن وجد المبيع في تركة مورثه واعتقد بحسن نية أنه قد ورثه فباعه، لم يكن هناك محلا للرجوع عليه بالتعويض وكل ما يكون له هو استرداد ملكه إن أمكن، وإلا استرد قيمته. ونعتقد أن أساس رجوع المالك في هذه الحالة على البائع هو الإثراء بلا سبب، إذ لا يجوز أن يثري البائع على حساب المالك بلا سبب شرعي.
ويقترب القانون الوضعي في هذه المسألة مع الفقه الحنفي الذي يجعل من العقد الصادر من غير المالك عديم الأثر في حق المالك ما لم يقر الأخير البيع الصادر من الفضولي. ولكن يختلف القانون الوضعي عن الفقه المالكي، الذي يجعل من حضور المالك مجلس العقد أثرا في لزوم العقد له، وكذلك الأمر إذا لم يكن حاضرا في مجلس العقد ولكنه علم بعد ذلك بالبيع، وسكت عاما من يوم العلم فيلزمه العقد.
وقد يحدث أن يهلك الشيء المبيع في يد البائع مما يتعذر معه القول باسترداد المالك ملكه، ففي هذه الحالة يضمن البائع للمالك قيمة الشيء المبيع يوم الشراء، وهذا يفهم من نص المادة ( 510 ) من القانون المدني الأردني التي تنص على أنه “إذا وقع الادعاء بالاستحقاق بعد هلاك المبيع بيد المشتري ضمن للمشتري قيمته يوم الشراء ورجع على البائع بالثمن”.
أما موقف الفقه الإسلامي من مسألة هلاك المبيع فهو ليس موحد على النحو التالي: الحنفية يفرقون حالة الهلاك عند الفضولي عن حالة الهلاك عند المشتري فإذا هلك المبيع عند الفضولي وكانت يد هذا الأخير يد أمانة فلا ضمان عليه إلا بالتعدي. أما إذا كانت يد ضمان فإنه يضمن في كل حال.
أما إذا هلك الشيء المبيع عند المشتري، فالمشتري يكون مسئولا عن الهلاك، لأن يد المشتري تكون يد ضمان على المبيع لأنه يحوز المبيع لمصلحة نفسه، فالمشتري يضمن المبيع سواء كان يعلم أن البائع مالك أم يجهل ذلك. أما المالك فيكون له الخيار في أن يضمن أي من البائع أو المشتري.
أما المالكية فهم يفرقون بين المشتري العالم بأنه يشتري من غاصب ملك غيره، وبين المشتري الجاهل بذلك. فيضمن المشتري سيء النية هلاك المبيع مهما كان سبب الهلاك، ويكون من حق المالك في هذه الحالة تضمينه أو تضمين الفضولي أيهما شاء. أما المشتري حسن النية الذي يجهل واقعة الغصب، فليس للمالك أن يرجع عليه إلا إذا كان الهلاك نتيجة تعديه.
أما الشافعية والحنابلة فهم يجعلون المشتري مسئولا عن هلاك المبيع، لا فرق في ذلك بين علم المشتري بالغصب أو جهله به ويكون للمالك الحق في تضمين أي من البائع أو المشتري.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً