حجية القرار بحفظ الدعوى الجزائية
ان النيابة العامة هي السلطة المصدرة للقرار بحفظ الدعوى الجزائية،فهي وحدها القادرة على إصداره، لكن بعد ان يصدر ما مدى حجيته المكتسبة وما هي قوتها؟ وهل لها شروط معينة؟ وهل يترتب على صدوره آثار خاصة؟
الفرع الأول: ماهية الحجية المكتسبة وقوتها يكتسب الأمر بألا وجه لإقامةالدعوى حجية مؤقتة تنهاربإلغائه وتظل له ما دام قائماً لم يلغ قانوناً، فيكتسب حجية إزاء سلطة التحقيق التي أصدرته فلا يجوز لها الرجوع فيه ما لم يطرأ سبب لإلغائه، وبالتالي أي إجراء تحقيق تتخذه بعد إصدارها هذا الأمر يكونباطلاً، وإذا أصدرت أمر إحالة بعد أمرها المتعلق بالحفظ يكون أمر الإحالة باطلاً، فإذا رفعت الدعوى إلى المحكمة وجب الحكم بعدم القبول ويعتبر الدفع بعدم القبول من النظام العام يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض وللمحكمة أن تقضي به من تلقاءنفسها ،
من هنا نستنتج أن له في نطاق هذه الحجية ما للأحكام من قوة الأمرالمقضي ، وقد أكدت على ذلك محكمة النقض المصرية حين قررت « إن الأمر الصادر من سلطة التحقيق بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية له حجيته التي تمنع من العودة إلى الدعوى الجنائية ما دامقائماً لم يلغ، فلا يجوز مع بقائه قائماً إقامة الدعوى عن ذات الواقعة التي صدر فيها لأن له في نطاق حجيته المؤقتة ما للأحكام من قوة الأمر المقضي » . فكلاهما يحول دون الرجوع إلى الدعوى متى توافر شرط وحدة السبب وشرط وحدة الخصوم، إلا أنهما يختلفان بأمور عدهمنها:
1. الأمر بألا وجه ذو حجية مؤقتة طالما لم تنته المدة المقررة لسقوط الجريمة بالتقادم، بينما الحكم البات يحول دائما دون الرجوع إلى الدعوى حتى ولو ظهرت أدلة جديدة قبل انقضاء المدة المقررة للتقادم المسقط للجريمة الصادر بشأنهاالحكم
2. الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى هو إجراء من إجراءات التحقيق بينما الحكم البات هو إجراء من إجراءات المحاكمة
3. الأمر بألا وجه لا يمكن أن تكون له حجيته أمام القضاء المدني حتى لو أصبحنهائياً لعدم إمكان إلغاءه لتقادم الجريمة، أما الحكم البات فإذا توافرت له الشروط المواتية يمكن أن تكون له حجيته أمام القضاء المدني، فالحكم البات هودائماً عنوان الحقيقة لما فصل فيه، أما الأمر بألا وجه لا يملك هذه المقومات حتى ولو أصبح نهائياً واكتسب الحجية في فترة قيامه، إلا أنه لا يكتسب قوة الأمر المقضي به، فعدم إلغائه في حالة إذا ما تقادمت الجريمة لا يرجع إلى صيرورتهباتاً وحجة فيما فصل فيه، وإنما إلى عدم جدوى الإلغاء بسبب انقضاء الدعوى الجنائية
الفرع الثاني: شروط حجية القرار بحفظ الدعوى ونطاقها لكي نستطيع الدفع بحجية الأمر بحفظ الدعوى الجزائية لا بد من توافر عدة شروط سأتناولها
بالتفصيل. يشترط للدفع بالحجية وحدة الواقعة ووحدة المتهمين، فيجب أن يكون رفع الدعوى عن ذات الواقعة التي صدر القرار بألا وجه بشأنها ، بحيث إذا رفعت الدعوى عن واقعة أخرى منسوبة لنفس المتهم، لا يجوز له الدفع بالقرار بألا وجه لإقامة الدعوى الصادر في الواقعةالأخرى ، كذلك
لا بد أن ترفع الدعوى عن ذات المتهم الصادر القرار بألا وجه لإقامة الدعوى بشأنه، بحيث لا يصح الاستناد في الدفع إلى سبق صدور قرار بألا وجه مبناه عدم معرفةالفاعل ، فمن يتمسك بالدفع لم يكن منذ البدايةمتهماً وبالتالي لا حق له بالتمسك في أمر لم يصدربشأنه124 ، وفيما يتعلق بتعدد المساهمين في الجريمة فلا يجوز لأحد المتهمين أن يستند إلى القرار الصادر بألا وجه لإقامة الدعوى صدر لمصلحة متهم آخر ساهم معه، إذا كان مبناه سبب أو أسباب خاصة )شخصية( وذلك مثل امتناع مسؤولية المتهم كالجنون والإكراه، أو امتناع عقابه لمثل التبليغ عنالواقعة125 ، أما في حالة ما إذا كانمستنداً إلى أسباب موضوعية كعدم صحة الواقعة أو توافر سبب من أسباب الإباحة أو انقضاءالدعوى 126 للتقادم أو العفو العام أو التنازل عن الشكوى فيستفيد منه جميع المساهمين في الجريمة ذلك نظراً إلى وحدة الواقعة والأثر العيني للأمر وقوة الأثر القانوني للارتباط بين المتهمين في الجريمة
الفرع الثالث: الآثار المترتبة على القرار بحفظ الدعوى الجزائية أهم آثار حفظ الدعوى الجزائية هو إيقاف سيرها عند المرحلة التي بلغتها وقت صدور الأمر،أي عدم اتخاذ أي إجراء لاحق من إجراءات التحقيق وعدم إحالة المتهم إلى المحاكمةواستناداً إلى هذا الأمر يتم الإفراج عن المتهم المحبوس، فقد زال السند القانوني لاستمرارحبسه وقد أشارت إلى ذلك المادة(149) في الفقرة الثانية حيث تنص «إذا وجد النائب العام أو أحد مساعديه أن رأي وكيل النيابة في محله يصدرقراراًمسبباً بحفظ الدعوى ويأمر بإطلاق سراح المتهم إذا كانموقوفاً «، كذلك نص المشرع المصري في المادة)209( والمشرع الأردني بنص المادة)130 ( الفقرة)2( أما بالنسبة للدعوىالمدنية فلا يكون للقرار بحفظ الدعوى حجية على المدعي بالحق المدني، فيجب على النيابة العامة تبليغه بأمر الحفظ وذلك وفق نص المادة)152 ( فقرة)6( إجراءات فلسطيني أنه « إذا رأت النيابة العامة حفظ الأوراق عليها أن تعلن أمر الحفظ للمجني عليه والمدعي بالحقوق المدنية، فإذا توفي أحدهما كان الإعلان لورثته في محل إقامتهم . »
ومنحه أيضاً حق التظلم من القرار الصادر بحفظ الدعوى وذلك بنص المادة 153 يجوز للمدعي بالحق المدني التظلم من القرار الصادر بحفظ الدعوى …… » التي سيتم شرحها بالتفصيل في المطلب الثالث المتعلق بإلغاء القرار بحفظ الدعوى. كذلك نحى المشرع المصري فلا يكون للقرار بألا وجه حجية على الدعوى المدنية التي يرفعها المدعي بالحق المدني أمام القضاءالمدني وقد نص على ذلك في المادة)210 ( إجراءات مصري « للمدعي بالحقوق المدنية الطعن في الأمر الصادر من النيابة العامة بان لا وجه لإقامة الدعوى …… “، بينما لم يرد في نصوص قانون الأصول الأردني أي نص يرتب أي حق للمدعي بالحق الشخصي فيما يتعلق بقرار منع المحاكمة .
اعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً