أدوات الرقابة البرلمانية في النظم السياسية
أعداد
أ.د.محمد حسين
تمارس البرلمانات عددا من الوظائف، تتراوح فى مجالها ونطاقها من دولة الى أخرى، وذلك :
1- حسب الإطار الدستوري السائد وأسلوب توزيعه لاختصاصات الحكومة،
2- وكذلك تبعا لمدى التطور الديمقراطى وقوة البرلمان وقدرات أعضائه.
وبوجه عام، هناك نوعان من تلك الوظائف:
الأول عام، تمارسه البرلمانات كهيئة ممثلة للشعب، كدورها فى صنع السياسات العامة وخطط التنمية؛
والثاني فني، وهو ما يعرف بالدور التشريعي والرقابي، الذى تقوم به فى مواجهة السلطة التنفيذية (حيث لا تخضع السلطة القضائية للبرلمان أو السلطة التنفيذية، تطبيقا لمبدأ استقلال القضاء وحصانته، وكحكم بين السلطات أيضا).
وفيما يلي نبذة عن كل هذه الوظائف:
1- الترشيح لمنصب رئاسة الدولة:
تتولى البرلمانات فى النظم النيابية ترشيح رئيس الدولة أو رئيس الحكومة، وذلك تطبيقا لفكرة الحكم بواسطة الأغلبية البرلمانية. ويختلف الأمر حسب نوع النظام: فالملكي يتولى فيه الملك منصبه بالوراثة، ولا يوجد للبرلمان دور فى ذلك ، ولكن البرلمان يختار رئيس الحكومة من بين أعضائه من الحزب الفائز في الانتخابات التشريعية ؛ والجمهوري يقوم فيه البرلمان بترشيح رئيس الجمهورية ، ثم يترك القرار النهائي للناخبين. وفى النظم الرئاسية، يتولى رئيس الدولة منصبه عن طريق الانتخاب المباشر للمواطنين، بدون أى تدخل من جانب البرلمان، كما هو الحال فى الولايات المتحدة الأمريكية مثلا. فالبرلمان إذن لا يقرر الشخص الذى يتولى منصب رئيس الدولة، سواء كان ملكا أم رئيس جمهورية، وذلك تطبيقا لفكرة الفصل بين السلطات.
2- صنع وإقرار السياسة العامة:
مع تضخم دور السلطة التنفيذية فى ظل التقدم الصناعي وتزاحم العمل الحكومي، برز دور البرلمان فى التأثير على السياسة العامة، نظرا لما يتمتع به من قدرة على التعبير عن المطالب الشعبية وأولويات الرأي العام.
3 – الوظيفة المالية:
حصلت البرلمانات على سلطتها المالية عبر مرحلة صراع طويل مع الحكومة منذ القرن التاسع عشر، حتى أصبحت تلك السلطة من أهم مصادر قوتها فى مواجهة الحكومة. وتتمثل السلطة المالية للبرلمان فى تحديد حجم نفقات الدولة، واتخاذ الوسائل الضرورية لتغطية العجز المالى فى الميزانية سواء عن طريق الضرائب أو طرق أخرى.
4 – التأثير فى الرأي العام:
ارتبط نمو الاتجاهات الديمقراطية فى مختلف أنحاء العالم بدور البرلمان، حيث مثل عبر التاريخ نقطة الانطلاق لأفكار الحرية والمساواة والمشاركة السياسية والشعبية فى الحكم. كذلك كان البرلمان منبع الحركة الوطنية والمطالبة بالاستقلال فى الدول النامية خلال الفترة الاستعمارية. وتساهم البرلمانات فى تشكيل الرأي العام، وبلورة الاتجاهات السياسية العامة حول النظام السياسى، ولا يقتصر تأثيرها فى الرأي العام على النطاق الداخلي وإنما قد يمتد الى النطاق الخارجي، فيما يسمى الدبلوماسية الشعبية، التى أصبحت إحدى العلامات البارزة فى العلاقات الدولية المعاصرة، واستطاعت أن تشكل قنوات تأثير على الرأي العام الدولي.
5 – الوساطة بين المواطنين وأجهزة السلطة التنفيذية:
يقوم عضو البرلمان بدورين من الأدوار النيابية، فهو يمثل الشعب فى مجموعه، وذلك من خلال عمله البرلماني فى أمور التشريع والرقابة على الحكومة، والثاني أنه يمثل مصالح الناخبين فى دائرته الانتخابية ويعمل على تلبية مطالبهم. أى أن أعضاء البرلمان يقومون بدور الوساطة بين دوائرهم الانتخابية من ناحية والحكومة والأجهزة الإدارية والرسمية من ناحية أخرى. بهذا المعنى الأخير، يكون النائب وسيطا بين الناخبين وبين الحكومة، فهو يتدخل لدى الإدارة والحكومة والوزراء ليلفت نظرهم إلى بعض القرارات غير الملائمة التى يعود أثرها بالضرر على المواطنين؛ كذلك يطالب بتحقيق بعض المطالب الخاصة لأبناء دائرته.
6- الوظيفة التشريعية:
تنصرف الوظيفة التشريعية للبرلمان الى وضع القوانين أساسا. وتعد هذه الوظيفة من أهم وظائف البرلمانات، تاريخيا وسياسيا. ولهذا، فإن دور البرلمان الأول أصبح هو وضع تلك القواعد، أى القوانين. واليوم، تعتبر وظيفة التشريع أبرز ما يقوم به البرلمان، حتى أن التسمية المرادفة للبرلمان فى مختلف الثقافات المعاصرة هي المؤسسة أو السلطة التشريعية. وبرغم أن المبادرة باقتراح القوانين وصياغتها فى هيئة مشروعات تأتى غالبا من جانب السلطة التنفيذية، فإن ذلك لا ينفى دور البرلمان فى مناقشتها وتعديلها قبل الموافقة عليها، وكذلك اقتراح قوانين جديدة. فالقانون ما هو إلا تعبير عن إرادة المجتمع وأولوياته، التى يجسدها المشرع فى صورة قواعد عامة تحكم التفاعلات بين الأفراد والجماعات وتنظم العمل والعيش المشترك بينهم. وهذه الوظيفة هى التى تجعل البرلمان من أهم سلطات الدولة، باعتباره ممثل الأمة والمعبر عن نبضها، ولأنه الذى يسن القوانين ويعدلها ويلغيها، ومن الضروري موافقته على كل المشروعات بقوانين التى تقدمها إليها السلطة التنفيذية ، بل وعلى المعاهدات الدولية التي تبرمها السلطة التنفيذية. أضف الى ذلك أن تنفيذ سياسة الوزارة يتوقف عادة على ثقة البرلمان.. كذلك، فإن السلطة القضائية لا تطبق إلا القوانين التى تقرها السلطة التشريعية.
7 – الوظيفة الرقابية :
يقوم النظام الديمقراطى على فكرة التوازن بين سلطات الحكم، التشريعية والتنفيذية والقضائية، حتى لا تجور إحداها على الأخرى، وتستأثر بالسلطة، وبالتالي تهدد مصالح المجتمع وتؤثر سلبيا على نظام الحكم.
وهناك ثلاث صور أساسية للرقابة، يكمل بعضها البعض حتى تستقر الديمقراطية ويتحقق التوازن بين السلطات وكذلك الإرادة الشعبية للمواطنين. فأما النوع الأول من الرقابة، فهي التى يمارسها البرلمان على الحكومة. وتعتبر تلك الرقابة البرلمانية من أقدم وظائف البرلمان تاريخيا، وأشهرها سياسيا، حيث البرلمان هو المسئول عن متابعة وتقييم أعمال الحكومة. ولكن عملية رقابة البرلمان على السلطة التنفيذية لا تتم بدون توازن فى القوة السياسية بينهما، حتى لا تنقلب الى سيطرة، وتصبح السلطة التنفيذية خاضعة تماما للبرلمان، وبالتالي ينهار مبدأ الفصل بين السلطات، الذى هو أساس الحكومات الديمقراطية وشرط الاستقرار السياسى. ولهذا، فإن عملية الرقابة تكون متبادلة ومتوازنة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. فالرقابة البرلمانية وسيلة لحماية مصلحة الشعب، ومنع الانحراف، والالتزام بالسياسية التنموية التى وافق عليها البرلمان، والالتزام بالميزانية التى أقرها، حفاظا على الأموال العامة من الإهدار. ويعتبر البرلمان سلطة رقابة سياسية على السلطة التنفيذية تحاسبها وتراقب تصرفاتها وأعمالها وقراراتها، ويستطيع البرلمان من خلالها التحقق من مشروعية تصرفات السلطة التنفيذية وأعمالها ومدى استهدافها الصالح العام، ويكون له مراجعتها وإعادتها الى الطريق الصحيح إذا انحرفت. وأما النوع الثاني من الرقابة ، فتمارسه الحكومة على البرلمان. فكما أن البرلمان يمارس وظيفة رقابية على الحكومة، فإنه يخضع فى الوقت نفسه لنوع من رقابة الحكومة عليه أيضا. فإذا كان أعضاء البرلمان يستطيعون اتهام الوزراء، وسحب الثقة من الحكومة إذا ثبت الاتهام عليها، فإن الحكومة قد تلجأ الى حل البرلمان إذا رأت أنه غير متوازن أو موضوعي فى تقديره للأمور، أو يبالغ فى الاتهام بدون سند مقبول الى درجة تجعل التعاون بينهما مستحيلا، فترى ضرورة الاحتكام مباشرة الى الشعب ليقرر من الطرف الذى على صواب. أما النوع الثالث من الرقابة، فهو يتمثل في الرقابة التى يمارسها الرأي العام على البرلمان ذاته. وقد تكون تلك الرقابة الاجتماعية على البرلمان موسمية (وتتمثل فى موقف الناخبين تجاه أعضاء البرلمان وقت الانتخابات، حيث يعتبر تجديد اختيار الأعضاء نوعا من الرقابة الدورية التى يمارسها الرأي العام على البرلمان) أو دائمة ، وهي التي تتم طوال فترة عمل البرلمان، ويمارسها المجتمع من خلال وسائل الإعلام، سواء على أداء الأعضاء أو قوة البرلمان ككل، وهى نوع هام جدا من الرقابة الشعبية على البرلمان. وفى الحقيقة، فإن الصورة الأولى للرقابة، أى من البرلمان على الحكومة، تعتبر مقياسا هاما لكفاءة البرلمان ومؤشرا عـلى درجة الديمقراطية فى المجتمع. فالمقصود بالرقابة البرلمانية، إذن، هو دراسة وتقييم أعمال الحكومة، وتأييدها إن أصابت ومحاسبتها إن أخطأت.
صور العلاقة الرقابية:
تتنوع صور العلاقة الرقابية بين البرلمان والسلطة التنفيذية فى النظم الديمقراطية، ففي بعضها يقوم البرلمان بانتخاب رئيس السلطة التنفيذية وبالتالي يستطيع عزله (أى سحب الثقة منه)، وفى البعض الآخر لا يستطيع البرلمان ذلك، كما هو الحال فى النظام الأمريكي. ولكن، على الرغم من غياب تلك الصفة بالنسبة للكونجرس الأمريكي، والنظم الرئاسية والتي تأخذ بمبدأ الفصل الواضح بين السلطات عموما، يظل للبرلمان القدرة على الرقابة والعمل باستقلالية بعيدا عن تدخل السلطة التنفيذية. ولأن الرقابة البرلمانية عملية متعددة الأبعاد، فهناك وسائل متعددة أمام النواب لممارسة مهام الرقابة على الحكومة، منها المناقشات المستمرة والعميقة للميزانية، والرقابة والإشراف على العمل الحكومي، وتوجيه الأسئلة للوزراء عن أمور تتعلق بعملهم. كذلك، فبعض البرلمانات ابتكرت وسيلة أخرى من وسائل الرقابة على العمل الحكومي، وهى المفوض البرلماني، وهو شخصية مستقلة يقوم بتعيينها البرلمان من أجل الإشراف والرقابة على الإدارة. ويعود الثقل الكبير للوظيفة الرقابية فى نظر المجتمع وأعضاء البرلمان الى عدد من الأمور التى أملتها التطورات السياسية، أهمها:
أ- مدى هيمنة الحكومة على صنع السياسات العامة: فهي مصدر معظم التشريعات، وهى التى تمتلك القدرة على التنفيذ، وهى المخولة بوضع اللوائح التنفيذية للقوانين، وتمتلك القدرات الفنية والإدارية وقواعد المعلومات اللازمة لصنع وتنفيذ السياسة، بحيث لا يتبقى للبرلمان الكثير من هذه القدرات لكي يقوم بصنع السياسة ورسم الأولويات.
وبالتالي، يتجه اهتمام البرلمانات فى ظل هذه الأوضاع الى محاولة استثمار وتفعيل ما هو ممكن من وسائل وآليات للمساهمة فى صنع القرار، وأهمها الرقابة.
ب- التوازنات السياسية والحزبية فى البرلمان والتي قد تحد من قدرته على توجيه الحياة السياسية وصنع السياسات العامة، لاسيما فى ظل وجود تكتل أو أغلبية حزبية كبيرة مؤيدة للحكومة، وبالتالي تصبح الرقابة أهم الوسائل المتبقية أمام المعارضة للتأثير فى السلطة التنفيذية.
ج – الثقافة السياسية السائدة فى المجتمع والتي قد تنظر الى الدور الرقابي للبرلمان بشكل أكثر تقديرا وإعجابا من نظرتها لدوره التشريعي، وينطبق ذلك بوضوح على نظرة الرأي العام الى أعضاء المعارضة البرلمانية أو المستقلين، حيث يميل الرأي العام وتتجه وسائل الإعلام الى الانبهار وربما تبجيل العضو الذى يستطيع إحراج الوزراء ويقتنص الفرص لإظهار التقصير فى أداء الحكومة، بل وربما يفاخر الأعضاء أنفسهم بذلك ويعتبرونه علامة فى تاريخهم البرلماني.
أهمية مبدأ الفصل بين السلطات
يساعد الفصل المتوازن بين سلطات النظام السياسي الثلاث ، وتفعيل الرقابة المتبادلة بينها واحترام كل منها للاختصاصات الوظيفية المنوطة بالسلطة الأخرى وفقا للقواعد الدستورية والقانونية المعتمدة في بناء نظام أكثر استقرارا وأمنا. غير أن هناك عددا من الإشكاليات لعل أهمها:
1- عدم قدرة النظام السياسي عادة على ضمان ممارسة آليات الرقابة والمساءلة المتبادلة والفعالة بغض النظر عما جاء في النصوص القانونية أو في التطبيق من قبل السلطات الثلاث، أو فيما بينها؛ فالنظام البرلماني يضع أسس واضحة للعلاقة بين السلطات واليات الرقابة المتبادلة بينها، وكذلك الحال بالنسبة للنظام الرئاسي، حيث الصلاحيات الخاصة بكل سلطة وآليات الرقابة والمساءلة بينها واضحة ومحددة. أما النظام المختلط الذي يجمع بين بعض أسس النظام الرئاسي وبعض أسس النظام البرلماني بشكل عشوائي وانتقائي لا يساعد في بناء نظام مساءلة فعّال، ويزداد الأمر صعوبة إذا كان النظام ناشئا وغير مكتمل.
2- غياب التوازن في توزيع الصلاحيات بين السلطات في النظام السياسي ، حيث تهيمن السلطة التنفيذية بشقيها (الرئاسة ومجلس الوزراء) على السلطتين التشريعية والقضائية وفقا للنصوص القانونية أو بسبب التطبيق على حد سواء.
3- حتمية الصراع بين السلطات الثلاث. فالغموض في النصوص وعدم الوضوح في توزيع الصلاحيات يسهم بشكل ملحوظ في تحول الصراع على الصلاحيات داخل السلطات الثلاث وفيما بينها إلى صراع حقيقي في الأمد الطويل.
وعليه فإن الكثيرين من المفكرين يرون ضرورة مراجعة طبيعة النظام السياسي المختلط، ليس فقط للتأكد من تضمين آليات المساءلة ومبادئ الشفافية بما يخلق بيئة تساعد على التصدي للفساد، وإنما أيضا لضمان استقرار النظام السياسي.
مزايا النظام الرئاسي
إن النظام الرئاسي هو نوع من أنظمة الحكم يضع الهيئة التنفيذية بيد رئيس الدولة وهو رئيس الصفوة الحاكمة يعاونه مجموعة وزراء يعدون بمثابة مستشارين “وأحياناً يطلق عليهم أسم سكرتير كما هو الحال بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية”. ويكون رئيس الدولة هو رئيس الحكومة في نفس الوقت، ويكون غير مسؤول سياسياً أمام السلطة التشريعية، ويختار رئيس الدولة “الحكومة” من قبل الشعب بشكل مباشر أو غير مباشر. ويرى بعض فقهاء القانون الدستوري أن النظام الرئاسي هو “ذلك النظام الذي ترجح فيه كفة رئيس الدولة في ميزان السلطات”، (محمد كامل ليلة: 1968، 568).
أولا: نشأة وتطور النظام الرئاسي:
لقد كان لآراء لوك ومونتسكيو في الفصل بين السلطات تأثير كبير على واضعي دستور الولايات المتحدة الأمريكية في سنة1787 فأقاموا نظامهم على أساس ذلك المبدأ. وقد قصد واضعو الدستور الأمريكي اعتماد الفصل المطلق بين السلطات وتحقيق المساواة بينها. غير أن النصوص الدستورية التي وضعوها أسفرت عن فصل نسبي سمح ببعض التداخل في الاختصاصات كما إن العمل قد أدى إلى رجحان كفه السلطة التنفيذية ممثلة في رئيس الدولة. وهذا النظام يختلف اختلافاً كبيراً عن الأنظمة المسماة خطأ بالرئاسية مثلما عله في بعض نظم دول أمريكا اللاتينية وهي ليست بذات المعنى القانوني والسياسي في الولايات المتحدة الأمريكية. نعم هي محاولات لتقليد النموذج الأمريكي ، لكن الحقيقة تشير إلى الكثير من بلدان العالم لم تنجح في ذلك لأسباب تختلف من بلد لأخر بسبب اختلاف المعطيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية… الخ، فالدستور والنظام السياسي هو وليد البيئة الاجتماعية وليس حدثاً طارئاً عليها، ويجب الإشارة إلى أن الدستور الأمريكي وغيره من الدساتير التي آخذت بالنظام الرئاسي قد تأثرت بشكل كبير بآراء مونيسكيو وخصوصاً كتابة روح القوانين Siprit of Laws الذي بين فيه نظريته الخاصة بمبدأ الفصل بين السلطات.
ثانيا: أسس ومتطلبات النظام الرئاسي:
إن النظام الرئاسي يقوم على مجموعة من الأسس والمتطلبات التي يتميز بها عن غيره من الأنظمة السياسية الأخرى ويمكن الإشارة إلى هذه الأسس والمتطلبات بالآتي:-
1- وجود رئيس دولة منتخب من قبل الشعب بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
2- الفصل شبه المطلق بين السلطات.
3- يكون اختيار الوزراء “الحكومة” بيد رئيس الدولة دون تدخل من السلطات الأخرى ويكونون مسئولون أمامه فقط.
4- المرونة الحزبية.
ويمكن تناول هذه الأسس والمتطلبات وفقاً لمجموعة محاور وكما يأتي:
ثالثا: مزايا وعيوب النظام الرئاسي:
للنظام الرئاسي كغيره من الأنظمة السياسية الأخرى مجموعة من المزايا والعيوب ويمكن إيجازها بالآتي:
المزايا:
1- توفير الاستقرار السياسي لمرحلة انتخابية كاملة. (محمد كامل ليله،1968، 597 ).
2- تأمين استقرار الحكومة بغض النظر عن الاتجاهات الحزبية المعارضة.
3- يوفر فرصة أفضل لعمل الحكومة وحرية الحكومة وفي المقابل يوفر للبرلمان حرية الحركة
والمناقشة فللبرلمان سلطة مهمة لعل أبرزها يتركز في المسائل المالية. (نادية المختار،2001، 30).
4- إن الرئيس في النظام الرئاسي يتمتع بشعبية كبيرة وهيبة مهمة لأنه مرشح الأمة ومنتخب من الأمة
بشكل مباشر وهذا ما يعفي الرئيس من الولايات الضيقة.
5- إنه نظام ناجح في البلدان ذات التجربة الديمقراطية المتكاملة والتي يكون فيها مستوى النضوج
والوعي السياسيين عالياً. (د.ثناء فؤاد عبد الله،1997، 256). لأن الديمقراطية لا تكتفي برسم
حدودها لما يحق أو لا يحق أن تفعله، ولكنها أيضاً تحكم على بعض الأفكار والمعتقدات التي تجد لها
مكاناً في أذهان بعض الأفراد من الشعب، بل يجري في بعض الأحيان السماح للعنصرين بالتظاهر
والتعبير ضد هذه الجهة أو تلك باسم الديمقراطية وحرية الفكر وهذا غير موجود في كثير من دول
العالم الأخرى. (د. رجا بهلول،2000، 50-51).
ب- العيوب:
1- إن تطبيق هذا النظام الذي يقوم على الفصل بين السلطات غير ممكن لأنه يعني كالفصل بين أجزاء الجسم البشري،2- لان الاتصال بين السلطات الثلاث اتصالاً عضوياً.
3- إنه يلغي مبدأ المسؤولية السياسية مما يعني إمكانية التهرب من المسؤولية وصعوبة معرفة المسؤول الحقيقي عن الخطأ.
4- يرى روسو أن فيه تجزئة للسيادة،5- وذهب آخرون مثل بعض الفقهاء/ المان كجيلنك ولاباند والفرنسي العميد ديكي إلى القول،6- إن الفصل بين السلطات يؤدي إلى هدم وحدة الدولة. (راجع أحسان المفرجي وآخرون،7- 1990،8- 75).
4- أنه يؤدي إلى الاستبداد في دول عالم الجنوب أي استبداد السلطة التنفيذية وهيمنة الرئيس سياسياً ودستورياً في الحياة الوطنية وإعادة انتخابه لأكثر من مرة.
9- ويذكر بعض المفكرين العرب أن الأنظمة العربية وبشكل عام هي نظم محافظة وهي على النقيض من النصوص الدستورية والقانونية لا تسمح بتغيير قمة النظام السياسي والهياكل الأساسية بنحو سلمي وكاستجابة لمطالب الرأي العام،10- بل إن الأدهى من ذلك إنه ليس هناك تغير لأي نظام سياسي عربي قد تم بصورة سلمية ومن خلال عملية ديمقراطية سلمية،11- وإنما يكون التغير إما عن طريق العنف المسلح أو الوفاة الطبيعية. (يحيى الجمل،12- 1984،13- 363). ولذلك فالنظام الرئاسي يزيد من الغطاء الدستوري والقانوني للاستبداد بالسلطة والديكتاتورية.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً