دراسة وبحث في المنازعات الإدارية
مقدمة :
لدعوى الإلغاء القسط الأوفر في المنازعات الإدارية . و نشير الى أن هدف العمل الإداري هو المصلحة العامة .
أن دعوى الإلغاء هي دعوى قضائية – وفي فرنسا . كانت دعوى الإلغاء دعوى إدارية تفصل فيها مجالس الأقاليم الى حين صدور قرار بلانكو المشهور – و لذلك فلا بد من ان تتوافر فيها شروط قبول الدعوى القضائية .
ان ارادة الادارة تتجسد في القرار الاداري الذي يعد عملا من جانب واحد بغرض انشاء مركز قانوني .متى كان هذا الانشاء شرعيا وقانونيا . و يعتبر العقد الاداري ثاني صورة للعمل الاداري .وهو يختلف عن سابقة في كونه عمل من جانبين .و لقد اصطلح على تسمية العقود الادارية بالصفقات الادارية او العمومية . ان الادارة العامة ملزمة بموجب قانون الصفقات العمومية ان تلجأ الى الاعلان عن المناقصات او المزايدات او البيع العلني في حالة ما اذا ارادت ابرام صفقة او عقد عموميين .او انه على خلاف العقود المدنية .فان الادارة العمومية .بارادتها المنفردة .تملك حق فسخ العقد او الصفقة التي ابرمتها مع اشخاص خاصة .كما لها الحق في تطبيق الغرامات على التماطل و التخلف عن القيام بالالتزامات التقاعدية من طرف المتقاعدين معها .
ان عمل الادارة .دون الاستناد الى الشرعية القانونية وعدم احترام شروط و اجراءات القيام بذلك العمل .يعتبر عمل تعدي .وان كل عمل يتبعه ضرر مادي او معنوي يسمى في لغة المنازعات الادارية بالتعدي . وفي هذا الصدد .اسند المشرع الفرنسي قضايا التعدي الى اختصاص القاضي العادي . على خلاف المشرع الجزائري . و الذي وفقا للمعيار العضوي .اسنده الى اختصاص القاضي الاداري .
ان مبدا المساواة امام الاعباء العامة و مبدا المشروعية يلزمان السلطة الادارية (ادارة الضرائب مثلا )بعدم فرض ضريبة على الاشخاص الا بالاسناد على قواعد شرعية و قانونية .اضافة الى وجوب مساواتها بين المكلفين بها . و سواءا كانت المنازعة في شرعية الضريبة او في مقدارها . فانها تخضع للقضاء الاداري .و تسمى بالمنازعات الضريبية .
ان المنازعة الادارية لا تخلو من ان تكون :
– منازعة في شرعية قرار اداري
– منازعة في عدم توافق التزامات تعاقدية
– منازعة في عمل تعدي على مركز قانوني معين
– منازعة منازعة في شرعية ضريبة او مقدارها
دعوى الالغاء :
في المنازعة الادارية لا يهم شكل القرار . وانما هو كل تعبير لارادة الادارة بما لها من سلطة بغرض احداث او تعديل او الغاء مركز قانوني .متى كان ذلك جائزا او ممكنا وبغرض تحقيق المصلحة العامة .
أ- الاختصاص –من هي الجهة المختصة باصدار القرار الاداري
ان شرعية القرار الاداري تنتفي بانتفاء شرعية الاختصاص . و لقد درج الفقه و اقضاء على تقسيم هذا الاختصاص الى اربعة عناصر
– العنصر الشخصي : الذي يتمثل في ان الموظف المعين بالذات هو الذي يجب عليه اتخاذ القرار الاداري . الا في حالة التفويض – القانوني – و العبرة دائما في التفويض بالاصيل . ولا بد للمفوض من ان يشير الى صفته . او في حالة الحلول بحيث اذا تغيب المختص الاصلي فيجب ان يحل محله شخص اخر مؤهل لاستخلافه و العبرة في ذلك هي استمرارية المرفق العمومي .
– العنصر الاقليمي : لكل سلطة امتصاص محدد اقليميا . ولا يمكن ان يتجاوز هذا التحديد الاقليمي الا بنص قانوني و باتباع اجراءات معينة
– العنصر الزماني: لكل وظيفة او سلطة بداية و نهاية . ولا يكون القرار الاداري شرعا الا اذا تم في اطار المدة الفعلية لمزاولة الوظيفة .
– العنصر الموضوعي : فكل موظف له اختصاصات يحددها القانةن على سبيل الحصر في مجال موضوعي او في مجال معين . و ذلك استنادا الى تقسيم او تخصيص للعمل الاداري . ولا يمكن لهذا الموظف تعدي اختصاصاته الا باذن القانون كسلطة الحلول التي يستعملها الوالي في مواجهة رئيس البلدية .
ب – شكل القرار الاداري :
لكل ادارة عمومية الحق في اتخاذ قرار اداري يدخل في اطاراختصاصاتها . الا انه و بالمقابل وضع المشرع اجراءات ابتدائية يتعين على الادارة العمومية اتباعها قبل اتخاذها لاي قرار اداري .كما ان هناك اجراءات بعدية لصدور القرار . هذه الحدود و الاجراءات تضمن حقوق و حريات الافراد و تحد من تعسف الادارة العمومية .
و مثلا نزع الملكية للمنفعة العامة يتعين فيه على الادارة العمومية اصدار قرار بفتح تحقيق لاجل المنفعة العامة كقرار تمهيدي و جوبي . حتى تسمح لكل شخص معني بايداء ملاحظاته و احتجاجاته . بعد ذلك تصدر الادارة العمومية قرارا باعلان عن نزع الملكية للمنفعة العامة
ثم كمرحلة اخيرة . تتخذ قرارا بنزع الملكية من اجل المنفعة العامة . وفي غياب هذه الاجراءات يعتبر قرار الادارة معيبا في الشكل وفي الاجراءات .
كما ان عزل موظف يوجب على الادارة العمومية اخطار الهيئة التاديبية و استدعائه و تبليغ ملقه له حتى يتمكن من تحضير دفاعه كما عليها في الاخير ان تبلغ للموظف المعزول قرار عزله .
هذا و ليست كل الاشكال و الاجراءات يترتب على تخلفها البطلان . فالفقه يميز بين الاجراءات الشكلية الجوهرية و بين الاجراءات الشكلية الثانوية . فما هي الاجراءات الشكلية الجوهرية و الثانوية …….
تعتبر كذلك تلك التي ينص القانون على بطلان القرار في غيابها او عدم احترامها . في حالة غياب النص القانوني . اذا كان الهدف من ذلك الاجراء هو تحقيق حرية و حقوق الافراد .اعتبر من النظام العام .اي جوهريا اما اذا كان يهدف الى السير الحسن للمرفق العام مثلا او الى تحقيق مصلحة عامة للادارة .فانه اجراء لا علاقة للافراد به و بالتالي فهو اجراء شكلي ثانوي .
مجلس الدولة الفرنسي اعتبر اجراء فحص طبي قبل القبول في صفوف الجيش الفرنسي اجراءا وضع لمصلحة الادارة و بالتالي فانه اجراء شكلي ثانوي .
كما ان القرار القاضي بقبول ملف معين بعد انتهاء المدة المعينة لايداع الملقات يعتبر قرارا صحيحا .لان تحديد زمن الايداع يعتبر قرارا خاصا بمصلحة الادارة .
ت – مضمون القرار الاداري :
لابد ان يكون مضمون القرار الاداري منسجما مع القانون بمفهومه العام (القانون الاساسي – القنون العادي –المراسيم – القرارات – قواعد العدالة – احكام القضاء –العرف …)فالقرار الذي يمس بمبدا الحق المكتسب او بمبدا المساواة امام الاعباء العامة يعتبر مخالفا لمبادئ القانون العالمية . ويكون قرارا معيبا بخر القانون او مخالفة القانون و عليه كان واجبا صدور القرار الاداري مطابقا للقاعدة القانونية العامة
الحق المكتسب لا يثبت اذا كان عن طريق التزوير او التدليس و الغش .ان نظرية الحق المكتسب تفترض حسن النية و يثبت الحق عن طريق القرار الاداري بعد مضي المدة المحددة لطلب الغائه .و ذلك حتى وان كان القرار معيبا بخرق القانون .
يجب ان يسهدف القرار الاداري المصلحة العامة حتى يكتسي الصبغة الشرعية . بحيث انه تنتفي شرعية القرار الاداري كلما انتفت المصلحة العامة . و سواءا كانت هذه المصلحة العامة مادية او معنوية .واقعية او احتمالية .
كقاعدة عامة لا يملك القاضي الاداري حق مراقبة مبدا الملاءمة في القرار الاداري و انما يكتفي بمراقبة مبدأ مشروعيته .كما ان القاضي الاداري ليس له ان يعدل في القرار الاداري المعروض امامه لتقدير مشروعيته و ليس له ان يملي على الادارة العمومية اتخاذ قراراتها . و مع ذلك للقاضي الاداري . وفي حالة و حيدة اصدار امر بلزم فيه الادارة بالقيام بالعمل . و هي حالة التعدي اين يمكن امر الادارة العمومية بالكف عن التعدي و ارجاع الحال الى ما كان عليه .و مع ذلك لا يمكن استعمال وسائل القوة العمومية ضدها لجبرها على التنفيذ . و انما لا يملك القاضي الاداري سوى الحكم عليها بالتعويض لعدم التنفيذ و ذلك باستثناء حالة التعدي .شروط دعوى الالغاء :
ان دعوى الالغاء هي دعوى قضائية – و في فرنسا كانت دعوى الالغاء دعوى ادارية تفصل فيها مجالس الاقاليم الى حين صدور قرار بلانكو المشهور – و لذلك فلا بد من ان تتوافر فيها شروط قبول الدعوى القضائية.
كاصل عام حجية الاحكام القضائية نسبية فهي تواجه اطراف الخصومة فقط . و استثناء فان للحكم القضائي القاضي بالالغاء حجية مطلقة . فالغاء القرار الاداري يكون برمته و يستفيد من ذلك الالغاء كل المواطنين . وكذلك الحكم بمشروعيته يواجه مطلق الغير .ومنه نجد قانون الاجراءات المدنية الجزائري يعتبر اعتراض الغير الخارج عن الخصومة في دعوى الالغاء غير مقبول .
الشروط العامة لدعوى الالغاء : المادة 459 من قانون الاجراءات المدنية
أ- الاهلية :وهي ان يكون المدعي او المدعى عليه بالغا سن الرشد و غير محجوز عليه . و القاصر يرفع دعواه عن طريق وليه الشرعي و المحجوز عليه يرفعها عن طريق القيم عليه و يمكن للقاضي ان ياذن للقاصر بالتقاضي .
ان اهلية التقاضي هي 19 سنة كاملة
و تشترط الاهلية في المدعي و المدعى عليه . وهي هنا من النظام العام بحيث يترتب على انعدامها و نقصانها بطلان كل الاجراءات حتى ولو كانت مشروعة
ب – الصفة :هي العلاقة بين المدعي اوالمدعى عليه و الحق المطالب به كصفة المالك بالنسبة للذي يدعي الملكية او صفة الوارث بالنسبة للذي يدعي الميراث و صفة الحائز او الغاصب المدعى عليه الذي يحول او يحجب حق الملكية او حق الميراث .و كمثال فان اعتراض الغير الخارج عن الخصومة في دعاوي الالغاء غير مقبولة .
ت- المصلحة : هي الفائدة العملية من رفع الدعوى القضائية . و يشترط فيها ان تكون مشروعة في نظر القانون و يمكن ان تكون المصلحة مادية او معنوية . مباشرة او غير مباشرة . شخصية او جماعية (حق النقابة في رفع الدعوى القضائية مثلا )
الشروط الخاصة لرفع دعوى الالغاء :
أ- المواعيد : لقد حدد القانون مدة بعد نشر او تبليغ القرار الاداري لرفع دعوى الالغاء و يعتبر القرار الاداري نهائيا و محصنا بعد هذه المدة
المادة 169 مكر من قانون الاجراءات المدنية :”الطعن يجب ان يرفع الى المجالس القضائية خلال الاربعة اشهر التابعة لتبليغ القرار المطعون فيه او نشره ”
المادة 469 من قانون الاجراءات المدنية :”كل قضية ترفع لدى جهة قضائية يجب ان يقضي فيها بحكم و لو انتهت الدعوى بالشطب ”
كل قرار فردي يجب تبليغه الى الشخص المعين بالذات . وتبدأ المواعيد في الاحتساب من وقت التبليغ .و يجب احتساب المواعيد كاملة بالايام . و العبرة بالشهر و ليس بعدد الايام . واذا صادف اخر يوم عطلة انتد الى اول يوم عمل يليه .
هذا فيما يخص القرارات الادارية الولائية او البلدية او التي تصدرها المؤسسات العمومية ذات الصبغة الادارية اللامركزية .
و نشير الى ان المشرع فيما يخص هذه القرارات اللامركزية الغى اجراء التظلم الاداري المسبق ضد القرار المطعون ضده . و عوضه باجراء الصلح .
اما فيما يخص القرارات الادارية المركزية . فان التظلم الاداري المسبق وجوبيس . ولا بد من تقديمه الى الادارة المصدرة للقرار في خلال شهرين من تبليغ القرار او نشره –المادتين 275 و278 من قانون الاجراءات المدنية .
وتجدر الاشارة الى ان على القاضي الاداري اجراء الصلح خلال 3 اشهر ابتداءا من يوم رفع الدعوى الالغاء ضد القرار اللامركزي . و في حالة التوصل الى مصالحة يصدر المجلس القضائي قرارا بتثبيت اتفاق الطرفين اما في حالة ما اذا لم يتوصل الى ذلك .فيتم تحرير محضر عدم الصلح و تحال القضية الى التحقيق .
ما هو الحكم في حالة تجاوز مدة 3 اشهر ووقوع المصالحة بعدها .
هذه الاجراءات لا تخص سوى الغاء القرارات الادارية اما العقود الادارية فانها تخضع لاجراءات خاصة .
ب- التظلم المسبق –بالنسبة للقرارات الادارية المركزية : لا بد لقبول الطعن بالالغاء ضدها امام الغرفة الادارية للمحكمة العليا (مجلس الدولة )من القيام بالتظلم الاداري الذي اجراءا شكليا وجوبيا طبقا للمادة 275 من قانون الاجراءات المدنية التي تنص :”لا تكون الطعون بالبطلان مقبولة مالم يسبقها الطعن الاداري التدريجي الذي يرفع امام السلطة الادارية “. وهي قاعدة عامة من النظام العام .
التظلم المسبق هو ان يرفع المدعي طلبا الى الادارة العمومية مصدرة القرار يطالبها فيه باعادة النظر فيه بدعوى ان ذلك القرار اما صادر باغفال قاعدة قانونية و اما انه قد الحق به ضررا فعلي و مباشر .
ج- انعدام الدعوى الموازية :تنص لمادة 276 من قانون الاجراءات المدنية :”اذا كان للمدعي طرقا اخرى امام القضاء العادي لا يمكنه رفع دعوى الالغاء امام الهيئة المختصة “
فاذا كان للمدعي ان يحصل على طلباته امام القضاء العادي . كأن يطالب بالتعويض أصليا جراء عمل اداري فان عليه بانتهاج ذلك الطريق اذا ان القضاء الاداري قضاء استثنائي موضوعه النظر في مدى شرعية القرارات الادارية و ليس تثبيت الحقوق المدنية او مناقشتها .
د- القرار الاداري المسبق – القرار المطعون فيه :كونه الموضوع الاصلي للدعوى و نظرا لان ارادة الادارة تتخذ دائما صورة مادية تتمثل في قرار مكتوب في وثيقة رسمية فلا تقاضي الادارة العمومية الا وفقا بالاستناد الى ما صدر عنها ماديا او وثائقيا –المادة 169 من قانون الاجراءات المدنية .
التحقيق :
هو تبادل المقالات (الرسائل) والوثائق بامر من القاضي .
و بعد الانتهاء من التحقيق .اى بعد صيرورة الملف كاملا و جاهزا . يقوم المقرر بتحرير تقريره و تبليغه للنيابة العامة التي تقدم التماساتها في خلال شهر تحت طائلة البطلان – المادة 141 من قانون الاجراءات المدنية.
التحقيق وجوبي كأصل عام في القضايا الادارية . غير انه يسوغ للمستشار المقرر ا تبين له ان مال القضية او حلها مؤكد . ان يقرر بانه لا محل للتحقيق و يحيل الملف الى النيابة العامة –المادة 170 من قانون الاجراءات المدنية .
شروط دعوى الغاء القرارات الادارية الصادرة عن الهيئات الادارية المركزية :
تقضي المادة 274 من قانون الاجراءات المدنية :”تنظر الغرفة الادارية بالمحكمة العليا ابتدائيا ونهائيا ”
“الطعون بالبطلان في القرارات التنظيمية او القرارات الفردية الصادرة من السلطة الادارية المركزية ”
“الطعون الخاصة بتفسير هذه القرارات و الطعون الخاصة بمدى مشروعية الاجراءات التي تكون المنازعة فيها من اختصاص المجلس الاعلى “
و تنص المادة 275 من قانون الاجراءات المدنية :لا تكون الطعون بالبطلان مقبولة ما لم يسبقها الطعن الاداري التدرجي الذي يرفع امام السلطة الادارية التي تعلو مباشرة الجهة التي اصدرت القرار نفسه .
و تذكر المادة 276/1من قانون الاجراءات المدنية :”لا تكون الطعون بالبطلان مقبولة ايضا اذا كان الطاعنون يملكون للدفاع عن مصالحهم طريق الطعن العادي امام اية جهة قضائية اخرى ”
-يتعين تقديم تظلم اداري مسبق سواءا كان رئاسيا او ولائيا . و يعتبر هذا الشرط من النظام العام أي انه شرط وجوبي .
-تقديم هذا التظلم في ميعاد شهرين من تاريخ تبليغ القرار الفردي او من تاريخ نشر القرار التنظيمي .فاذا انتهت المدة يتحصن القرار الاداري ولا يسوغ المطالبة بالغائه . وهذا طبقا لاحكام المادة 278 من قانون الاجراءات المدنية
– و لكن بعد تقديم التظلم الاداري المسبق . لا بد و ان نتعرض لموقف الاادارة العمومية و هذه الاخيرة تتخذ احد المواقف التالية :
قبول التظلم :و بالتالي يسحب القرار الاداري او يعدل و تنتهي الاشكالية .
رفض التظلم :و تبلغ الادارة العارض برفضها . وهذه حالة تسمى بالرفض الصريح و يسوغ للعارض حينئذ رفع دعوى الالغاء امام مجلس الدولة مباشرة في ميعاد شهرين من تاريخ تبليغ قرار الرفض . فاذا انتهت هذه المدة بدون رفع الدعوى يحصن القرار ايضا و يكون مال هذه الدعوى هو الرفض شكلا لوقوعها خارج الميعاد القانوني .
سكوت الادارة : هنا حدد المشرع مدة ثلاثة اشهر من تاريخ تقديم التظلم بعدها يعتبر سكوت الادارة بمثابة رفض ضمني . ومن ثمة يستطيع العارض ان يرفع دعوى الالغاء امام مجلس الدولة في ميعاد شهرين من تاريخ انتهاء مهلة ثلاثة اشهر
هذا . واذا تجاوزت الادارة عن الجواب اكثر من 3 اشهر فان جوابها بعد هذه المدة يعتبر بمثابة العدم لان هذه المهلة من النظام العام .
لماذا حدد المشرع الجزائري . وحتى التشرع العالمي هذه المهلة ؟ذلك لان استقرار المعاملات يقتضي ذلك ,حيث ان القرار الاداري قد يرتب حقوقا للغير . و عليه فان تحديد المهلة ضروري لحماية استقرار النراكز القانونية و المعاملات .
ولذا ,اوجب المشرع الجزائري احترام هذه المهل ,و حتى النظام الفرنسي ,و ان كان هذا الاخير حددها بشهرين سواءا
رفعت الدعوى امام مجلس الدولة او امام المجلس القضائي ,في حين ان المشرع الجزائري جعلها 4 اشهر في حالة رفع الدعوى امام الغرفة الإدارية التابعة للمجلس القضائي و شهرين اذا رافعت امام مجلس الدولة .
-عدم وجود دعوى موازية .بالنسبة للقرارات الادارية المركزية ,و لذلك المشرعين ,الجزائري و الفرنسي ,قررا وضع شرط انعدام وجود دعوى موازية .ان هذا يعني انه اذا كان بامكان العارض استرجاع حقوقه عن طريق وسيلة اخرى ,فان تقبل دعوى الالغاء ,مع ملاحظة ان هذا الشرط الوارد في الاحكام الخاصة من الباب الرابع المتعلق بالغرفة الادارية التابعة للمحكمة العليا ,لم يذكر في الباب المتعلق بالغرف الادارية للمجالس القضائية ,فهل يمكن ادراجه في الدعاوي المرفوعة امام الغرف الادارية للمجالس القضائية ؟ لا توجد اجابة هنا لعدم وجود اجتهاد قضائي الا انه حسب راينا لا مجال للقياس لان النص صريح و جاء في الباب المتعلق بالغرفة الادارية للمحكمة العليا – مجلس الدولة حاليا – وليس في الباب المتعلق بالمجالس القضائية .و لكن هناك من يقوم بانه يمكن ادراج هذا الشرط في الدعاوي المرفوعة امام المجالس القضائية ,ونجد هذا الراي الفقهي في كل من الجزائر و فرنسا .
هل يسوغ لمجلس الدولة ان ينظر كاول واخر درجة في مسالة التعويض ؟باعتباره يمكنه الفصل في دعاوي الالغاء ضد القرارات الادارية المركزية بصفة ابتدائية ونهائية .
ان المشرع اجاب بالايجاب في المادة 276 من قانون الاجراءات المدنية ,الا ان ذلك يقع استثنائيا ,اذا يجب ان تكون مسالة التعويض مرتبطة بدعوى الالغاء .و لكن هذا المقتضي التشريعي غير منصوص عليه في الاحكام المتعلقة بالغرفة الادارية للمجالس القضائية ,والسؤال مطروح هنا هو :اذا فرضنا ان الطعن منصب على قرار صادر عن والي ولاية سيدي بلعباس ,فبالطبع الجهة القضائية المختصة في النظر هي الغرفة الادارية التابعة لمجلس قضاء وهران .الا ان هذا القرار سبب اضرارا ولا بد من طلب تعويض ما ترتب عن ذلك القرار ,فهل يجوز لقاضي مجلس وهران الفصل في طلب التعويض كما هو الشان بالنسبة لمجلس الدولة ام لا ؟
هناك رايين مختلفين و متضاربين لم يفصل فيهم الاجتهاد القضائي لحد الان ,و هما :
– الراي الاول :يقوم انه لا يجوز لقاضي مجلس وهران الفصل في طلب التعويض باعتبار ان القاضي المختص في طلباته التعويض هو قاضي مكان وقوع الضرر (استثناءات الماد 7 من قانون الاجراءات المدنية )
– الراي الثاني :ينطلق من مبداين :
. الاول هو القياس على المادة 276 من قانون الاجراءات المدنية المتعلقة بالغرفة الادارية للمحكمة العليا .
. و الثاني هو ان قاضي الاصل هو قاضي الفرغ .
. و من ثمة يمكن لقاضي مجلس وهران النظر في طلب التعويض .
الاجراءات القضائية :
الاجراءات سواءا كانت امام المحكمة العليا ام امام المجلس القضائي تتشابه ,الا انه امام المحكمة العليا يجب ان ترفع الدعوى عن طريق محامي معتمد ,أي ان يكون معتمدا من طرف وزارة عدل للمرافعة امام المحكمة العليا .غير ان المحامي الذي يقضي مدة 10سنوات في المهنة يصبح معتمدا بصفة تلقائية ,و المتحصلين على شهاد دكتورة الدولة لهم مدة 7سنوات لقبول اعتمادهم من قبل المحكمة العليا ,في حين ان القاضي يمكن ان يعتمد كمحامي مباشرة امام المحكمة العليا ,و الا رفضت الدعوى شكلا .
بصفة عامة ,ترفع الدعوى من طرف المعني بالامر بموجب عريضة افتتاحية تحترم فيها الاحكام الواردة في المادة 12 من قانون الاجراءات المدنية .
ان المادة 282 من قانون الاجراءات المدنية تلزم على المعني بالامر ان يثبت رفض الادارة ,الا انها تركت له حرية اثبات ذلك بكافة الوسائل ,و عليه فان المادة لم تقيده في مسالة الاثبات .
في القضايا المتعلقة بالدولة يجب تبليغ الملف الى وكيل الجمهورية في مدة شهر طبقا لنص المادة 170/7 من قانون الاجراءات المدنية .
يستطيع القاضي بناءا على امر صريح و استعجالي ان يقضي بوقف تنفيذ القرار في ما عدى القرارات المتعلقة بالنظام العام لانها من اختصاص الادارة بموجب المادة 170/12 من قانون الاجراءات المدنية .
ان الادارة عادة لها ممثل قانوني ,و بالتالي تكون مقاضاته هو ,ولا يسوغ للممثل القانوني ان يمثل الادارة الا بموجب تفويض منها او بموجب امر قضائي .اما فيما عدى هاتين الحالتين ,فان رئيس المؤسسة او الوزير او الوالي او رئيس البلدية هم الممثلين القانونيين للدولة .
ان دعوى التعويض تكون نتيجة العمل الاداري ,سواءا كان خطأ ام لا . وبالتالي الخطأ ليس عنصرا من عناصر دعوى التعويض ,ولهذا يحق لكل شخص حدثت له اضرار نتيجة عمل الادارة ان يطلب تعويضا بموجب عريضة افتتاحية .
هناك نسختين تنفيذيتين :
نسخة تنفيذية عادية خاصة بالمواطنين
نسخة تنفيذية خاصة بالادارة العمومية
الاختصاص :لقد عبر المشرع الجزائري عن دعوى التعويض بدعوى المسؤولية المدنية للدولة ,وهي تعني المسؤولية الادارية , والتي ترمي الى طلب التعويض نتيجة الضرر الذي تسببت فيه
ينعقد اختصاص دعى التعويض عن المسؤولية المدنية للادارة (الدولة )الى الغرفة الادارية للمجلس القضائي المختص .ولا فرق بين ما اذا كان الضرر صادرا من هيئة مركزية او لا مركزية .
كل دعوى تعويض يجب ان تتم على درجتين :”الغرفة الادارية للمجلس القضائي كاول درجة بحكم قابل للاستئناف امام الغرفة الادارية للمحكمة العليا (مجلس الدولة )
الاختصاص هنا بصفة عامة مسند الى الغرفة الادارية للمجلس القضائي .و هناك استثناء وارد في نص المادة 276 من قانون الاجراءات المدنية :”يجوز للغرفة الادارية للمحكمة العليا بالرغم من اية احكام مخالفة ان تفصل في الطلبات المرتبطة التي تضمنتها نفس العريضة او عريضة اخرى مرتبطة بالاولى و الخاصة بالتعويض عن الضرر المنسوب وقوعه الى القرار المطعون فيه ,وذلك مع مراعاة احكام الفقرة السابقة “
الطلبات بالتعويض المرتبطة بالقرارات المركزية يسوغ فيها للمحكمة العليا ان تفصل فيها بمعية الفصل في الغاء القرار المركزي كاول واخر درجة ,و ذلك مع مراعاة قاعدة الدعوى الموازية
غير ان قرارات الغرفة الادارية للمجالس القضائية ,رغم انها ابتدائية , الا انها تشمل على النفاذ المعجل ,أي يكون قابلا للتنفيذ بالرغم من الطعن فيه بالمعارضة او الاستئناف . ولا يسوغ الا للمحكمة العليا الامربوقف تنفيذه بناءا على عريضة صريحة من المدعي – المادة 171/3 من قانون الاجراءات المدنية – وهذا خلافا للقاعدة العامة التي تقضي بانه لا يمكن تنفيذ الاحكام و القرارات الا بعد استنفاذ طريقي المعارضة و الاستئناف . . واستثناءا للمادة 171/3 ,يجوز لرئيس الغرفة الادارية ,و بناءا على طلب احد الاطراف ,على متن عريضة , ان يامر بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه الى حين الفصل في الاستئناف من طرف المحكمة العليا
المواعيد :تخضع مواعيد رفع دعوى التعويض ,امام عدم نص المشرع عليها ,و بالتالي تسقط الحقوق في دعوى التعويض بمضي 15 سنة من يوم وقوع الضرر الموجب للتعويض لا يمكن للقاضي اثارة التقادم من تلقاء نفسه ,و انما على الطرف المستفيد منه ان يلتمس به امامه ,فبالتقادم ليس من النظام العام ,بل هو حق يقرر بناءا على طلب لا يسوغ للقاضي ان يثير حجية الشيء المقضي فيه من تلقاء نفسه –المادة 338 من القانون المدني
ملاحظة المادة 85 من قانون 76/23 الصادر في مارس 1976 و المتعلق بالشهر العقاري ,فكل دعوى مهما كانت طبيعتها يكون الهدف منها الغاء او تعديل او ابطال او نقض قرار او عقد مشهر قانونيا ,يتعين شهريا .
قبل رفع الدعوى ,لابد من اجراء شهر العريضة الافتتاحية تحت طائلة عدم قبول الدعوى شكلا .و يتعين على القاضي اثارة غياب هذه الشكلية من تلقاء نفسه ,أي انها قاعدة من النظام العام يمكن اثارها في أي مرحلة كانت عليها الدعوى
و يتم الشهر بتقديم نسخة من العريضة الافتتاحية الى ادارة الشهر العقاري ,و دفع مصاريف الشهر لدى الخزينة العمومية
كل دعوى تمس بتصرف قانوني مشهر يجب شهريا .
مهلة الطعن في العقود الادارية الخاصة بالاملاك العامة للدولة (قانون 81/2 المتعلق بالتنازل عن املاك الدولة )يبدأمن يوم علم
نظرية العلم اليقين :ان مناقشة القرار امام هيئة قضائية مثلا ,يعتبر قرينة على العلم به .
ان امضاء العقد الاداري او معارضته او مناقشته يعتبر علما يقينيا به
هذه النظرية محل اخذ ورد لم يستطيع القضاء على الاخذ باحدهما .
و يجب ان يكون التعويض مقدرا كميا ,ولو كان مبالغا فيه . و الطلب القضائي يجب ان يكون واضحا مقدرا مسبقا ,لان القاضي مقيد بطلب الخصوم .و في حالة ضياع الطلب ,فهنا عادة ما ترفض العريضة شكلا .وفي حالة ضياع الطلب ,تطبيقا للقانون فان الرئيس المكلف يعين مقررا للبث في ذلك ,وفي حالة عدم وجود سبب لاجل التحقيق ,فان المقرر يخطر النيابة العامة بعدم اجراء التحقيق – فيتخذ امرا بلا وجه للتحقيق – و هذا حسب المادة 170 من قانون الاجراءات المدنية .و عادة ما يكون ذلك في حالة عدم وضوح العريضة او رفضها مثلا شكلا او عدم اختصاص ,والذي يجوز له ذلك هو المستشار المقرر الذي يحرر تقريرا و يحرر امرا بابلاغ النيابة العامة و يحيل الملف كلية الى النائب العام لتقديم التماساته خلال شهر من احالة الملف .وان لم يقدم التماساته فانه يمر مرور الكرام على هذا الاجراء ,و توضع القضية للفصل فيها
يجب ان نعلم ان قاضي الغرفة الادارية حين لا يحكم بان لا وجه للتحقيق ,فان من المؤكد ان الدعوى مالها الرفض
موضوع دعوى التعويض في المواد الادارية :
دعوى التعويض هي دعوى شخصية عادية ,تهدف الى تعويض المتضرر عما اصابه . والحكم في دعوى التعويض نسبي ,أي ان حجيته نسبية ولا تخص سوى اطراف الخصومة ,اذا ليست له حجية مطلقة كالحكم في دعوى الالغاء
و بالنسبة لنسبية الحكم الصادلا في دعوى التعويض فيترتب :
1- يجوز الطعن فيه من طرف الغير الخارج عن الخصومة .
2- هي دعوى شخصية و ليست دعوى عينة كما هو الحال في دعى الالغاء
و فيما يخص الشروط الشكلية لرفع دعوى التعويض ,يجب ملاحظة ما تنص عليه المادة مكرر من قانون الاجراءات المدنية :”لا يجوز رفع الدعوى “
شرط شكلي :لا يكن رفع دعوى التعويض الا بوجود قرار اداري ,اذن لطلب التعويض لابد من الطعن في القرار و ذلك بالتظلم ضد القرار امام الادارة نفسها . فاذا رفضت الادارة بموجب قرار اداري يمكن التظلم امام القضاء .
وما يترتب عن ذلك , هو اظافة شرط الطعن الاداري الى الشروط الشكلية الاخرى ,و هذا تفسير حرفي ضيق و نظري و بالتالي خلقت التباسات و مشاكل كثيرة ,ما دام لم يعدل هذا الشرط . و لكن احكام هذا القرار ,أي قرار رفض الادارة بالتعويض غير موجودة ,فلا توجد احكام تنظيمية . في حين الاحكام المتعلقة بالتظلم الاداري وسكوت الادارة حذفت في قانون الاجراءات المدنية ,و بقيت الاحكام الاحكام المتعلقة بالتظلم الاداري في القرارات المركزية امام مجلس الدولة ,وهذه كنقطة تناقض اولى .
المشرع الجزائري في 1990 هدف في تخفيف من تعقيد الاجراءات ,و بالتالي حفظ التظلم و استبداله بالصلح ,هذا بالتعبير الحرفي للمادة 169 مكرر من قانون الاجراءات المدنية . فمثلا لا يمكن التظلم المسبق امام قرار الوالي ثم القيام باجراءات المصالحة ,كون ذلك سيؤدي الى تعقيد الاجراءات لا محاله .
و بالتالي ,و امام هذا التناقض ,كان لابد من اجتهاد الغرفة الادارية على المستوى الوطني ,و هكذا المحكمة العليا لا تاخذ بالتفسير الحرفي ,أي بالراي الاول . ومن ثمة لم يعد يتطلب في رفع دعوى التعويض التظلم المسبق امام الادارة ,فالحق في التعويض هو حق شخصي مقرر قانونا بموجب الدستور و الحق في التعويض يمكن ان يتقادم : لكن التقادم ليس من النظام العام ,حتى ولو وجد فيما يخص التقادم الطويل و التقادم القصير . وبالتالي لا يسوغ للقاضي ان يثير مسالة التقادم من تلقاء نفسه ,ولو مع وجود النص .
تخضع دعو التعويض فيما يخص التقادم الى القواعد العامة .
اذا سلمنا انه لابد لرفع دعوى التعويض من التظلم ,فمتى يكون التظلم ؟
لرفع دعوى امام القضاء من يوم رفض التعويض ,لدينا 4 اشهر لذلك .فاذا مرت المدة هل يتقادم الحق في التعويض ام في الدعوى ؟
طبعا في الدعوى ,وما دام الحق يتقادم بمضي 15 سنة ,فما علينا الا رفع دعوى باجراءات جديدة ,و لكن هذا غير منطقي . ولهذا يمكن القول انه لا يوجد تظلم اداري مسبق لرفع دعوى التعويض .
المحكمة العليا لا تستوجب في رفع دعوى التعويض القيام بالتظلم اداري مسبق امام الادارة المتسببة في الاضرار
ملاحظة :عندما يكون العنصر الشخصي في التنفيذ ,نطبق الغرامة التهديدية حين القيام بالعمل ,و الادارة لا تطبق عليها الغرامة التهديدية . و بالتالي ,نلجا الى تطبيق الاحكام الخاصة بها – الاختيارية .
هناك قانون تطبيق الاحكام القضائية على الادارة العمومية وفي حالة عدم نجاح هذا الاجراء ,فان على المتقاضي الا ان يقوم بعريضة للتنفيذ على الادارة العمومية ,يوجهها الى الامين العام للخزينة العامة ,و يرفقها بالالزام بالدفع و الحكم القضائي .و هنا الامين العام يقوم بالبحث و التحري فيما اذا كان هذا الحكم نهائيا .و يوقى المنفذ بامواله من الخزينة من ميزانية الولاية او البلدية خلال 3 اشهر.
9 نوفمبر، 2019 at 2:45 م
شكرا على الموضوع كان مفيد جدا لي.