دراسة وبحث قانوني عن عقد التأمين في القانون الجزائري
الفصل التمهيدي
المبحث الأول : تعريف عقد التأمين والتطور التاريخي له
لقد تعددت الآراء الفقهية في تحديد معنى عقد التأمين ، فهناك تعريف قام بتحديده جانب من الفقه ، وهناك تعريف قام بتحديده جانب من التشريع ، ولهذا سوف أقوم بتحديد معنى عقد التأمين من خلال عرض جميع الآراء وتحديد معنى عقد التأمين المرجح .
قام الفقيه الفرنسي ( بلانيو ) بتعريف عقد التأمين بأنه عقد يلتزم بمقتضاه طرف يسمى المؤمن ، بأنه سوف يقوم بتعويض طرف أخر يسمى المؤمن له في حاله وقوع الخطر المؤمن منه وتعرضه لخسارة احتماليا ، ولكن ذلك بمقابل دفع المؤمن له مبلغ من النقود ويسمى القسط إلى المؤمن ، إلا انه جانب من الفقه كان له انتقاد على هذا التعريف وذلك من ناحتين : الأولى انه لم يقوم بإبراز فكرة التعاون بين الطرفين ولم يتطرق إلى عقد التأمين من الناحية الفنية ، أما الناحية الثانية انه لم يؤسس التامين في فكرة تعويض المؤمن للمؤمن له عن خسارة احتماله بينما ذلك لا يمكن تصديقه إلا في عقد التأمين على الأشياء والذي يتضمن فكرة السبب ، ولا يصدق ذلك في عقد التامين على الأشخاص والذي لا يتضمن فكرة الضرر . ( )
أما الفقيه ( سومن) فقد عرفه عقد التامين انه عقد يستطيع من خلاله شخص يسمى المؤمن أن يلتزم بالتبادل مع أشخاص اخرين ، وهم المؤمن لهم بان يقوم بتعويضهم عن الخسارة المحتملة ، وذلك بسبب تحقق الخطر المؤمن عليه مبلغ من النقود ، ولكن في مقابل التزام المؤمن له بدفع مبلغ من النقود ويسمى القسط إلى المؤمن ، وذلك من اجل إدراجه في رصيد مشترك مخصص لتعويض عن الأخطار.
في حين ذهب الفقيه ( جيرار ) في تعريف عقد التأمين بأنه عبارة عن عمليه تستند إلى عقد احتمالي من عقود الغرر بحيث يكون كلا الطرفين ملزمين بتنفيذ التزامهما ، بحيث يضمن لشخص معين مهدد بوقوع خطر معين المقابل الكامل للضرر الفعلي الذي يسببه هذا الخطر له ( ) .
ولقد حاول جانب من الفقه المصري أيضا بتعريف عقد التأمين ، فقد عرفه البعض بأنه عقد يأخذ المؤمن على عاتقه طائفة معينه من الأخطار يتوقع كلا الطرفين وقوعها ، ويريد المؤمن له أن لا يتحملها لوحده منفرداً ، ولكن ذلك مقابل قيام المؤمن له بدفع مبلغ من النقود يسمى القسط أو المساهمة فيه ( ) .
وهناك جانب من الفقه عرفه ، بأنه عبارة عن عمليه فنية تقوم بها موسئسات أو منظمات هدفها جمع أعداد كبيره من الأخطار المتشابهة وتحمل تبعها من خلال إجراء المقاصة وفقا ً لقوانين الإحصاء ، ومن خلال حصول المؤمن له أو من يخصه عند تحقق الخطر المؤمن منه ، على عوض مالي يقوم المؤمن بدفعه مقابل قيام المؤمن له بدفع الأقساط المتفق عليها في وثيقة التأمين().
وقد عرفه قانون الموجبات اللبناني في الفصل الخاص للضمان ، بأنه عقد يلتزم بمقتضاه شخص يقال له الضامن ببعض الموجبات عند نزول الطوارئ بشخص المضمون أو بأمواله ، مقابل دفع بدل يسمى القسط أو الفريضة ( ) .
إلا أن المشرع المصري عرفه عقد التأمين في المادة (747 ) مدني بأنه (( عقد يلتزم المؤمن بمقتضاه أن يؤدي إلى المؤمن له ، أو المستفيد الذي اشترط التأمين لصالحه مبلغاً من المال ، أو إيرادا مرتبا ، أو أي عوض مالي أخر ، في حاله وقوع الحادث أو تحقق الخطر المؤمن المبين بالعقد وذلك نظير قسط أو أي دفعه مالية أخرى يؤديها المؤمن له إلى المؤمن )) .
أما المشرع الأردني فقد عرفه عقد التأمين في المادة ( 920 ) مدني بأنه : (( عقد يلتزم به المؤمن أن يؤدي إلى المؤمن له ، أو إلى المستفيد الذي اشترط التامين لصالحه مبلغاً من المال ، أو إيرادا ً مرتباً ، أو أي عوض مالي أخر في حاله وقوع الحادث المؤمن ضده ، أو تحقق الخطر المبين في العقد ، وذلك مقابل مبلغ محدد أو أقساط دوريه يؤديها المؤمن له إلى المؤمن )) .
أما افضل تعريف لعقد التأمين فقد عرفه الفقيه الفرنسي ( هيمار ) إلا وهو عبارة عن عملية يحصل بمقتضاها أحد الأطراف وهو المؤمن له علـى تعويض مقابل دفع قسط ، على تعهد لصالحه أو لصالح الغير من الطرف الأخر وهو المؤمن ، تعهد بدفع بمقتضاه هذا الخير أداء معيناً عند تحقق الخطر المؤمن عليه ، وذلك بان يأخذ على عاتقه مهمة تجميع مجموعة من المخاطر وإجراء المقاصة بينهما وفقاً لقوانين الإحصاء ( ) .
والسبب في انه افضل تعريف ، انه يتطرق إلى عقد التأمين من ناحتين أساسيتين إلا وهم ناحية قانونيه ، وناحية فنية ، فإذا نظرنا إلى هذا التعريف نجد انه يتطرق إلى عقد التأمين بتركيزه على الخطر المؤمن منه ، ويركز على طرفين العقد المؤمن والمؤمن له ، وأيضا يركز على التعهد الذي يلتزم به المؤمن له إلا هو القسط من خلال بيان المبلغ المتفق عليه بين الطرفين عند حدوث الخطر المؤمن منه وهذا من الناحية القانونية ، أما من الناحية الفنية ، فانه يستند على تجميع المخاطر والعمل على إجراء المقاصة بينهم ، وذلك من خلال الاستعانة بقوانين الإحصاء ، وبالتالي فان المؤمن يعمل على توزيع الخسارة على المؤمن لهم مستنداً لأسس فنية ، وبناء على ذلك يعمل على الوفاء بالتزامه ، بالاضافه لذلك تحقيق الربح جراء هذه العملية في النهاية ( ) .
-التطور التاريخي لفكرة التأمين
يصعب الكـشف فعلا عـن إيـجاد أي وثـيقـة تأمـين عرفها البشر على وجـه الـيقـين ، ولعل أول وثيقة تـأمين أدرجت فيها صفات عقود التأمين هي اتفاقيات ( (tomry foenus nuricm bot والتي عرفها الرومان ، وقد كانت هذه الوثيقة بصورة عقد بحري ( ) ، وبناء على هذه الوثيقة يقوم شخص بإقراض شخص أخر ( مالك السفينة أو مالك البضاعة ) مبلغاً نقدياً مقابل فوائد غالباً ، مقابل اشتراط رد هذا المبلغ في حالة وصول البضاعة سالمة إلى ميناء الوصول ، وعلى العكس من ذلك انه يتحلل المالك من هذا الالتزام في حالة هلك البضاعة يعتبر خطا اسند إليه ( ) .
إلا أن هذه العملية كانت تعتبر صوره من صور الغرر المحض والمقامرة ، وقد كانت تنقصها وجود عناصر التأمين من اجل تنظميهما والعمل على إيجاد التعاون بين المؤمن لهم ( )، ويعتبر التأمين نظام حديث المنشاة حيث بدا ظهوره نسبياً في أوخر القرون الوسطى في شكل التامين البحري الذي ينص على أن التأمين يكون على الأشياء بحيث يضمن البضاعة من أخطار البحر ( ) .
وقد هاجمت الكنيسة هذا العقد ، بما ينطوي في مضمونه على فوائد محرمه غير مشروعة ، وذلك بمرسوم البابوي الصادر سنة 1234 من الباباباجرلور التاسع ، مما أدى ذلك إلى العمل على القيام بتعديل أحكامه على نحو تجعله قريب من الصور الحديثة لعقود التأمين ، بحيث تجعله بعيداًُ عن طائفة عقود المقامرة ، وبالتالي يكون المؤمن ضامنا للسفينة بالاضافه إلى البضاعة التي عليها في حالة عدم وصولها إلى ميناء الوصول سالمة بدون خسائر ، ولكن مقابل ذلك يجب على المؤمن له دفع مبلغ من النقود يكون محدد ، ويتضح من ذلك أن الاتفاق كان بصوره شكل عقد بيع معلق على شرط الفسخ ، بحيث يربط بين المؤمن – مشتري السـفينة والبضاعة – وبين المؤمن له ، من خلال انه يقع الفسخ في هذا العقد بمجرد انه وصلت السفينة والبضاعة سالمة إلى ميناء الوصول ، فتكون من حق المؤمن الاحتفاظ بالمبلغ المدفوع من المؤمن لهم مهما كـان مصير السفينة والبضاعة سواء وصلت السـفينة إلى ميناء الوصول آو غرقت في البحر ( ) .
ونتيجة لذلك فقد رأى البعض أن هذا العقد كـان يتضمن كـل الخصائص المتعلقة بعقد التأمين الأساسية وذلك من خلال تعهد المشتري ( المؤمن ) بدفع مبلغ التـأمين ثمن السفيـنة والبضاعة إذا غـرقت ، وبالمقابـل تعـهد البـائع ( المـؤمن له ) بدفع مبــلغ معين ( القسط ) مقـابل تحمل الأول هذه المخاطر ( ) .
وبالتالي فقد بدا ظهور هذا العقد بشكل واضح كوسيلة تؤخذ من اجل تغطية مخاطر النقل البحري بحيث تم تحول ما يسمى البيع المعلق على شرط فاسخ إلى عقد تأمين بالمعنى الصحيح ، وقد حدث ذلك في القرن الرابع عشر حيث ظهر مجموعة كبيره من أنواع عقود التأمين التي تعمل على تغطية النقل بالإضافة إلى ذلك فقد عمله المشرع لاول مرة في تلك الفترة إلى تنظيم عقد التأمين البحري مما أدى إلى ظهور شركات متخصصة في إبرام مثل هذه العقود والمتعلقة بالتأمين البحري كنوع من أنواع النشاط التجاري ( ) .
وكان لا بد من الانتظار حتى القرن السابع عشر من اجل ظهر أول صورة لعقد التأمين البري المنظمة إلا وهي صورة التأمين من خطر الحريق ( ) ، ففي هذا القرن وبالتحديد يوم الجمعة بتاريخ الثاني من سبتمبر عام 1666 ، شب حريق هائل استمر أربعة أيام متتاليه قضه خلالها على 50 % من مباني العاصمة الإنجليزية ( لندن) وقد دفع هذا الحريق إلى ظهور الحاجة إلى مد فكرة التأمين على السفينة وما عليها من بضاعة ( ) ، إلى البر من خلال صورة التأمين من خطر الحريق ، ومن إنجلترا انتشرت هذه الصورة من صورة التأمين انتشاراً سريعاً إلى جميع أنحاء العالم ، وحتى وصلت إلى ما هي عليه ألان من انتشار ( ) ، وفي فرنسا حظر مرسوم 1981 التأمين على الحياة باعتبارها مضاربة ومقامرة على حياة الإنسان الأمر الذي يتنافى مع الأدب العامة ، غير أن هذا النوع من التأمين ما لبث أن فرض نفسه على الواقع نظرا للحاجة إليه .
ونتيجة لذلك فقد استمرا التـأمين في التطور في صور جديدة مـثل التامين ضد الحوادث التي أدى إليها التطور الصناعي باكتشاف البخار واختراع الآلات الميكانيكية وتطور وسـائل النـقل والموصلات ، والذي بـدوره جـعل التأمين مـن المسئولية ضد حـوادث السيارات تأمينا إجباريا ( ) .
ولقد شهد القرن العشرين تطوراً هائلاً في مجـال التـأمين ، حــيث أزدره عدد عمليات التأمين ، والذي أدى ذلك إلى ظهور أنواع جديده من التـأمين ، ومــثال ذلك التأمين ضد السرقة ، والتأمين ضد مخاطر الحروب ، والتأمين الجوي ، والتأمين ضد حوادث البدنية وغيرها ( )، ونتيجة لذلك ظهر صور جديدة للتأمين من المسئولية بعد أن كثرت صورها ، ومثال ذلك التامين من المسئولية الأطباء والجراحين ( ) ، وأيضا تأمين مسئولية الأشخاص المكلفين برقابة الغير ، وتأمين المسئولية المتبوع عن أعمال التابع ، وتأمين الدين ( تأمين الائتمان ) ، وأيضا ظهر نوع من التأمين إلا وهو التأمين على المحاصيل وقد أشارت إليه الفقرة الثالثة من المادة(616 ) مدني مصري ، وأيضا ظهر التأمين على البترول ( ) ، ونتيجة ظهور الطاقة النووية في الاستعمالات السلمية فقد كان لا بد من مجود تأمين ضد هذا مما أدى إلى ظهور التـأمين ضد مخاطر هـــذه الطاقة ( ).
أما في مصر فقد حدث أيضا تطور لفكرة التأمين ، فقد عرفت مصر نظام التأمين الحديث في اوخر القرن التاسع عشر ، حيث كانت زراعة القطن هي المحل الأول للتأمين من خلال قياهما بالتأمين على المحاصيل ضد أخطار الحريق وأيضا من أخطار النقل والشحن ، ولكن في ذلك الوقت لم يكن موجود شركات تأمين مصريه ، حيث أنها كانت تقوم بالتأمين على هذا المحاصيل لدى شركات أجنبية ، مثال ( جربشام ن والاسيكوراسيوني ) وغيرها ، وأدى ذلك إلى الإسراع بظهور التأمين في مصر على كافة المجالات ( ) .
إلا انه في بداية القرن العشرين قامت مصر بإنشاء شركات تأمين مختلطة ( مصريه أجنبية ) حيث أنشأت مصر شركة تأمين اسمها الأهلية عام 1900 ، ومن ثم شركة الشرق للتأمين سنة 1931 ، ثم أنشأت شركة مصر للتأمين مباشرة وذلك في عام 1934 ( ) .
وفي عام 1939 إلى عام 1956 وصلت شركات التأمين في مصر إلى حوالي مائة وخمسون شركة ، حيث كان منها ثلاثة عشر شركة مصرية ، ومائة وسبع وثلاثون شركة أجنبية ( ) ، إلا انه تضاءل عدد هذه الشركات حيث أصبحت ست شركات فقد ، فقد تأمم نصفها والباقي كان يملكه القطاع الخاص ، بالإضافة لذلك كان هناك شركتين تمارسان عملها فقط في الناطق الحرة فقط ، إلا انه في التسعينات بدأت هذه الشركات بالظهور مجدداً ( ) .
– المطلب الأول : الأسس الفنية لعقد التأمين
رأينا فيما سبق أن عملية التأمين تقوم على فكرتين أو علاقتين إلا وهو علاقة قانونية ،وعلاقة فنية ، وقد بينا أن العلاقة القانوينة تقوم بين شخص معين تترتب عليه تغطية خطر معين وهذا الشخص يسمى المؤمن ، وبين شخص أخر يسمى المؤمن له يكون هدفه تغطية نفسه من خطر معين نظير قسط من المبلغ يدفعه إلى المؤمن ، أما بالنسبة للعلاقة الفنية فقد رأينا أنها تتمثل في الأسس الفنية التي يستند عليها المؤمن في تغطية الخطر .
وهكذا يتبين لنا أن الخطر المؤمن عليه يتم تغطية من خلال ثلاثة أسس فنية ، وهذه الأسس هي التعاون بين المؤمن لهم ، وذلك لان التأمين كما قلنا يقوم على اجتماع عدد كبير من الأشخاص يتصد هم جميعاً نفس الخطر ، أو مخاطر متشابهة يرغبون جميعاً توقي هذا الخطر ، أما ثاني هذه الأسس هو الاستعانة بعلم الإحصاء ، وثالث هذه الأسس هو إجراء المقاصة بين هذه المخاطر ، ولهذه اسوف أقوم بدراسة هذه الأسس وبيان المقصود بها ( ) .
المبحث الأول : التعاون بين المؤمن لهم
لما كان التعاون يقوم على فكرة توزيع النتائج الضارة لخطر معين على اكبر عدد ممكن من الأفراد دون أن يتحمله فقط ذلك الذي وقع عليه ضرر الخطر ، فهذا يعني أن المؤمن لهم يتعاونون معاً على تغطية المخاطر التي تحدث لبعضهم وذلك عن طريق المساهمة كل منهم بقسط معين ، ومن مجموع الأقساط يتكون رصيد مشترك الذي منه يدفع المؤمن لمن حلت به الكارثة وحتى يعوضه عن ما لحقه به من ضرر ( ) .
وهكذا نرى أن المؤمن يقوم بتنظيم هذا التعاون بين المؤمن لهم بطريقة فنية ، بحيث الجميع يتحمل جزء من الآثار المترتبة جرى وقوع الخطر ، وعلى هذا فانه لا يجب أن ننظر إلى هذا التأمين على انه عقد فقط بل انه عملية فنية ، وذلك لانه لو قلنا أن التأمين عبارة عن علاقة بين المؤمن والمؤمن له ، لا يتسنى لنا القول أن هناك عملية فنية عي هذا التأمين ، وإنما انحصر التأمين في انه عمله نقل عبء الخطر من على المؤمن له وحده ، وبالتالي يصبح مبدأ تعويض المؤمن له غير ممكن جرئ ذلك النقل ، أيضا في هذه الحالة يصبح التأمين عملية لا يوجد منها فائدة للجميع حيث انه تصبح عملية مقامرة من جانب المؤمن له من خلال أن المؤمن يقامر في تحقق الخطر أو عدمه ، فإذا تحقق الخطر فانه المؤمن يتوجب عليه دفع مبلغ كبير جداً قد يفوق قدرته ، وأيضا ربما يعجز عن دفعها إذا كانت الأخطار التي وقعت سببت أضرار تفوق قدرته ، أما إذا لم يتحقق الخطر فان المؤمن لا يلتزم بدفع أي شي ويكسب الأقساط التي جمعها من المؤمن لهم ( ) .
إلا أن هناك نظم تشابه عقد التأمين ، ولهذا فان مبدأ التعاون يلعب دوراً مهماً في التمييز بين عقد التأمين وبين هذه النظم ، ولهذا سوف أقوم ببيان هذا الأمر من خلال دور التعاون في تمييز عقد التأمين عن غيره :
– دور التعاون في تمييز عقد التأمين عن الإيراد المرتب لمدى الحياة
نلاحظ أن كلا العقدين يعتبران من عقود الاحتمالية ، وبينان ذلك انه إذا قام شخص ببيع مال مملوك له إلى شخص أخر مقابل أن يقوم المشتري بدفع إيراد مرتب له مدى الحياة ، وبالتالي يتبين أن المكسب والخسارة متوقف على أمور احتماليه ، والفرق بينهم أن التأمين يقوم على فكرة التعاون بين المؤمن لهم ، والإيراد لا يوجد فيه مثل هذا الأمر فهولا يقوم على تجميع للأقساط وحساب احتمالات وقوع المخاطر ، وإنما هو عبارة عن تصرف انفرادي بحت لا يوجد فيها تعاون بين الأطراف على عكس عقد التأمين ( ) .
– دور التعاون في تمييز عقد التأمين عن العقود غير المسماة
يلعب التعاون دوراً هاماً في التمييز بين عقد التأمين والعقود غير المسماة ، والتي تقوم على تأمين خطر معين استثنائي لا يوجد شبيه له ، وأيضا لا يمكن إدراجه مع غيره من الأخطار ، ومثال ذلك اتفاق بين مالك زراعي وشخص أخر على أن يضمن هذا الشخص للمالك الزراعي الحد الأدنى من المحصول الزراعي ، بحيث إذا لم يحصل المالك على الحد الأدنى من المحصول كان المتعهد ملزماً بدفع قيمة النقص الذي حدث في المحصول ، وإذا زاده نسبة المحصول عن الحد الأدنى المتفق عليه كانت هذه الزيادة من حق المتعهد وحده .
وبالتالي يظهر لنا انه لو نظرنا إلى عقد التأمين والعقد الأخر ، لوجدنا أن هذا العقد لا يمكن أن يكون من العقود التأمين نهايئاً ، وإنما هو عبارة عن عقد غير مسمى ، والسبب أن عقد التأمين يرتكز ويقوم على فكرة التعاون بين المؤمن لهم وإجراء المقاصة بين المخاطر ، وتوفر علم الإحصاء في تقدير قيمة الخطر والقسط ، وهذه الأمور أساسه غير موجود في هذا النوع من العقود الغير مسماة ( ) .
– دور التعاون في تمييز عقد التأمين عن الادخار والتأمين وتكوين الاحتياطي
في غالب الأحـيان قـد يذهب البـعض إلى الادخار مـن اجـل المستقبل مـثل ( العامل الذي يعمل على ادخار مالاً من اجل تأمين المستقبل في حالة تعرضه لعواقب الدهر ) ، وأيضا يذهب البعض إلى العمل بتكوين احتياطي من اجل مواجهة أخطار معينة مثل الشخص الذي يعمل على ادخار جزء من إيراد عقار يكون مالك له من اجل مواجهة حريق قد يقع على هذا العقار ، وبالتالي فان مثل هذه العملية لا تعتبر من أنواع التأمين ، والسبب في ذلك انه يعتبر هذه العملية فردية قام بها شخص واحد منفرد ، وبالتالي فان مبدأ التعاون يكون مفقوداً منها ( ) .
– دور التعاون في تمييز عقد التأمين عن شرط عدم المسئولية
بداية يعرف شرط عدم المسئولية أن الاتفاق بين طرفين داخل علاقة قانونية تنص على أن أحد المتعاقدين يكون غير مسؤول عما يلاحق الطرف الأخر من أي خطر معين ، ومثال ذلك في عقد النقل وذلك عندما يتفق أحد الأطرف بان ينقل مجموعة من البضاعة لصالح أخر ويتفق على انه غير مسؤول في حالة تلف البضاعة أو تأخرها في الوصول مقابل أن يخفض من قيمة أجرة النقل ، ويتضح من ذلك انه يعتبر المشترط ( الناقل ) كأنه يؤمن مسئولية لدى الطرف الأخر مقابل تخفيض الأجرة ، إلا انه مثل هذا الشرط لا يمكن أن نعتبره نوعاً من أنواع التأمين بالمعنى الفني ، والسبب في ذلك انه يقتصر فقط على نقل عبء الخطر من شخص إلى أخر ، مما يؤدي إلى افتقار فكرة التعاون التي هي أساس عقد التأمين ( ) .
– مزايا التأمين
يتضح لنا من مما سبق أن فكرة التعاون تحقق ميزتين هامتين إلا وهما : تجزئة المخاطر ، بالإضافة كفالة الأمان :.
– تجزئة المخاطر
يتضح لنا أن فكرة التعاون يترتب عنها أن الأخطار التي تنتج لا يتحملها شخص واحد منفرداً أو أشخاص منفردين ومحددين ، وإنما يعمل على توزيع الأخطار إلى أخطار صغيرة جداً بحيث يستطيع المؤمن له أن يتحملها من خلال القسط الذي يدفعه إلى المؤمن جزاء منها ، وبالتالي فان الخطر يتوزع على مجموعة من المؤمن لهم وينتج عنه تلاشي اثر هذا الخطر ، وربما يكاد أن لا يحس أحد الأطرف بوجوده ( ) .
وهذه الميزة تتحقق وتتوفر بشكل اكثر عندما يكون عدد المؤمن لهم بأعداد كبيره ، وذلك لأنه عندما يكون عدد المؤمن لهم كثير فانه يزيد قيمة الأقساط بشكل كبير مما يؤدي إلى زيادة الرصيد المشترك للأقساط ، وأيضا يعمل في نفس الوقت على تقليل قيمة القسط الذي يدفعه المؤمن له ، وبالتالي فانه يؤدي إلى أن المؤمن عندما يكون له رصيد كبير من الأقساط فانه يستطيع إن يتصدى لأي خطر مهما كان ، أما بالنسبة للمؤمن له فانه يكون موزعاً على جميع المشتركين ، ويتضح لنا أن من مصلحة المؤمن ، والمؤمن له أن يكون عدد المؤمن لهم كثير جداً .
– كفالة الأمان
ويتضح ذلك للمؤمن في أن تجميع أقساط من المؤمن لهم سيستطيع أن يقوم بتغطية الكوارث التي مؤمن عليها ، والتي ملزم بها ، أما بالنسبة للمؤمن له فانه يتضح ذلك من خلال تحقق الأمان في انه في حالة حصول خطر ما له فسوف يحصل على التعويض جراء الخطر الواقع عليه ، فهو عندما يجمع المؤمن الأقساط وتجميعها في رصيد مشترك فان المؤمن له وقتها لا يخاف من إعسار المؤمن في تغطية الخطر المؤمن عليه .
– الفرع الثاني : الاستعانة بعلم الإحصاء
إذا نظرنا إلى المؤمن في عقد التأمين لوجدنه في مرتبة بائع للامان ، لصالح المؤمن له الذي يعتبر مشتري للامان ، وبالتالي فانه لا بد للمؤمن إن يقوم أولا ً بتحديد كلفة الإنتاج ومن ثم يضيف إليها نسبة الربح التي سوف يحصل عليها ، وهذه الطريقة تتبع في مجال البيع وهو معرفة قيمة المنتج وسعر تكلفته قبل بيعه ، وفي عقد التأمين تكون العملية عكسية حيث إن المؤمن يقوم بإبرام عقد التأمين أولا بحيث يضمن خطر معين مقابل قسط من المبلغ يدفعه المؤمن له وفي نهاية العام وعند تسوية الكوارث أو الأخطار ، فانه يتبين للمؤمن سعر التكلفة الحقيقي للخطر المؤمن عليه ، فالمؤمن قبل هذه اللحظة لا يكون على علم بالمبلغ الذي سوف يدفعه من اجل تغطية الأخطار ( ) .
وفي هذه الحالة فان المؤمن لا يمكن أن يكون على دراية وعلم بقيمة الكوارث التي سوف يضمنها ، ولهذا السبب فانه يتوجب عليه أن يحاول معرفة قيمة الكوارث التي يضمنها على قدر الإمكان ، ونتيجة ذلك فانه لا بد له من الاستعانة بأهل الخبرة وهم علماء الإحصاء ( ) .
والمعروف أن عقد التأمين أساسا يقوم على مبدأ حسابات احتمالية ، ومعنى ذلك انه يجب أن يعرف فرص تحقق الخطر وعدم تحققه ، ومثال ذلك انه إذا أردت شركة تأمين أن تغطي مخاطر ناشئة عن خطر الحريق فيترتب عليها أن تكون مطابقة على إحصايئات دقيقة وسليمة توضح الكوارث التي تقع سنوياً من حيث مدى الأضرار التي تسببها هذه المخاطر ، بحيث يكون المؤمن ( شركة التأمين ) لديها فكرة عن طبيعة هذه الكوارث وما تسببها ، ومدى المبالغ التي سوف تدفعها من اجل تغطية هذه المخاطر .
فالصدفة تخضع لقانون وهو يسمى بقانون الكثرة ، بحيث عن طريق ملاحظة حدوث تكرار حالات متشابهة بحيث توصل إلى نتائج متشابهة ، ومن خلالها يستطيع المؤمن الاعتماد عليها بحيث تكون نتائجها سليمة ، فإذا لم يكن من الممكن معرفة تاريخ وفاة شخص إلا انه من الممكن عن طريق الإحصاء معرفة عدد من يبقى من الأشخاص على قيد الحياة بعد سن معين ( ) .
وأيضا لكي نعتمد على علم الإحصاء في تحديد قيمة القسط ، فانه يجب أن يكون الخطر المراد التأمين عليه خطراً منتشراً في مساحة واسعة بقدر الإمكان ، والسبب في ذلك انه كلما كانت المساحة اكبر تكون نتائج الإحصاء سليمة ودقيقة بحيث يمكن الاعتماد عليها ، فمثلا لو أننا قمنا بعمل إحصاء لعدد الوافيات في سن معين في منطقة أو مدينة واحدة ، وقمنا بإجراء إحصاء لخطر الحريق على مساكن في منطقة معينة / فانه يتبين لنا أن الإحصاء سوف ينتج عنه نتائج متشابهة وقريبة من بعضها البعض في كل سنة ، إلا انه لو قمنا بإجراء هذه الإحصائيات على مكان غير المكان نفسه فسوف يختلف نتائج الإحصائيات ، وهكذا يتضح لنا أن من مكان إلى أخر تختلف نتائج الإحصاء ، والسبب انه النسبة سوف تتغير من سنة إلى أخرى ومن مكان إلى أخر ، ولهذا فان يتوجب عند القيام بعملية إحصاء من اجل التأمين أن تكون هذه العملية واقعة على مساحة أو مكان واسع غير محدد.
وبالإضافة لذلك فانه يتوجب أن تكون هذه المخاطر متواترة الوقوع ، بمعنى أن تكون دائما الوقوع وليست نادرة الوقوع ، حتى يمكن التأمين عليها ، والسبب في ذلك انه إذا كان الخطر نادر الوقوع في الحياة بحيث يصعب إجراء عملية الإحصاء لمعرفة نسبة وقوع الخطر ، فانه لا يمكن أن يكون هذا الخطر قابلاً للتأمين ، ومثال ذلك مخاطر الزلازل والبراكين فهذه المخاطر تعتبر نادرة الوقوع ، وبالتالي لا يمكن أن تخضع لعلم الإحصاء بسبب أنها لا يمكن تحديد درجة احتمال وقوعها ، وبالتالي يصعب تحديد قيمة القسط مما يعني انه لا يمكن التأمين على مثل هذه المخاطر .
وأيضا يجب أن يكون الخطر متفرقاً حتى يمكن لعلم الإحصاء التدخل في تحديد قيمة القسط ، بحيث لا يتجمع وقوع المخاطر في وقت واحد ، لأنه لو حصل ذلك فان المؤمن يصبح عاجزاً على الوفاء بالتزامه نحو المؤمن لهم ، بل انه في هذه الحالة لا يمكن له تحقيق الربح ( ) .
– الفرع الثالث : المقاصة بين المخاطر
بداية لا بد لنا أن نتبين ما المقصود بالمقاصة بين المخاطر ، فالمقصود بها قيام المؤمن بتطبيق مبدأ التعاون من خلال وضعه أو تطبيقه من الناحية العملية ، وذلك بتوزيع عبء المخاطر على جميع المؤمن لهم من خلال قيام كل واحد من المؤمن لهم بدفع قسط من المال إلى المؤمن ، والظاهر لنا من ذلك أن المؤمن تكمن مهمته في تجميع اكبر عدد ممكن من المخاطر المتشابهة ، وذلك من اجل جعل كل من المؤمن لهم مساهم في تحمل النتائج التي تتحقق من هذه المخاطر ، وبالتالي يتبين أن المؤمن لا يدفع شيئاً من عنده أي من راس المال ، وإنما عمله يتجلى في انه يقوم بالعمل على إجراء المقاصة بين الأخطار التي تتحقق ، وبين ما لم يتحقق من الأخطار ، حيث يوزع نتائجها على المؤمن لهم جميعاً ، ونتيجة لذلك فان عبء تتحقق هذه المخاطر يترتب على الرصيد المشترك والذي يتكون من مجموعة الأقساط ، وبالتالي يترتب على المؤمن حتى يصبح مشروعة ناجحاً أن يقوم بتجميع اكبر عدد ممكن من المخاطر ، حتى يستطيع أن يغطي التعويضات من الأقساط المدفوعة عند تحقق الخطر المؤمن عليه لدى أحد المؤمن لهم ( ) .
ولكن حتى يمكننا التجانس بين المخاطر فانه يجب أن يكون هناك تشابه بين هذه المخاطر من عدة نواحي :
1- من حيث طبيعة المخاطر
ومعنى ذلك انه يجب أن تكون هذه المخاطر التي يجري عليها التجانس متشابهة ومقسمة ألي أقسام حسب طبيعتها ، ومثال على ذلك أن تكون عمليات التأمين من الأضرار في قسم لوحدها ، وعمليات التأمين على الحياة في قسم لوحدها … وهكذا ، وذلك من اجل الحصول على نتائج اقرب ألي الحقيقة واكثر دقة ، وبالإضافة إلى ذلك تقسيم كل قسم إلى فروع حسب طبيعتها ، فمثلاً في حالة التأمين على الأضرار يجب أن نفرق بين التأمين على السرقة ، وبين التأمين من الحريق ….وهكذا ( ) .
2- من حيث موضوع المخاطر
ومعنى ذلك انه يجب أن تكون هذه المخاطر متجانسة بالنسبة لموضوعها ، فمثلاً إذا كان التأمين متعلقاً بالتأمين على الأشياء فانه يترتب عليه أن تكون عمليات التأمين المتعلقة بالعقارات في قسم مستقل عن الأولى ، وبالإضافة ألي ذلك فانه يجب العمل على تقسيم فرعي داخل كل مجموعة مثل عمليات التأمين على الحياة فانه يجب أن نفرق بين الأشخاص من حيث العمر والجنس والصحة والمكان الجغرافي الذي يسكنه وطبيعة العمل الذي يقوم به الشخص ( ) .
3- من حيث قيمة المخاطر
ومعنى ذلك انه عند قيام المؤمن في تجميع المخاطر والعمل على التجانس بينهما أن يعمل على أن تكون قيمة هذه المخاطر متقاربة ومتشابهة من حيث القيمة ، ومن خلال قيامه بوضع المخاطر ذات القيمة المتشابهة في مجموعة معينة ، فمثلاً في حالة التأمين على الأشياء فيجب على المؤمن أن لا يضع عقار قيمته خمسين ألف مع عقار قيمته عشرون ألف ، ففي هذه الحالة لا يمكن للمؤمن إجراء المقاصة بينهم ، وبالتالي يتوجب أن تكون قيمة العقارات متقاربة ومتشابهة حتى يستطيع المؤمن إجراء المقاصة ( ) .
4- من حيث مدة التأمين للمخاطر
ومعنى ذلك أن يجب مراعاة مدة عقد التأمين في المخاطر المراد التجانس بينهم ، وذلك من خلال جعل المخاطر الموضوعة في مجموعة واحدة التي تكون مدة التأمين متشابهة حتى يمكن التجانس بينهم ، والسبب في ذلك انه كلما كانت مدة التأمين متقاربة فان ذلك يساعد على إجراء المقاصة بكل سهولة واكثر دقة ، ففي التأمين على الحياة يعتبر مدة التأمين شرط أساسي حتى يمكن إجراء المقاصة ، وبالتالي يتبين لنا انه لا يمكن أن نضع مجموعة التأمين على الحياة مع مجموعة التأمين المؤقت في نفس المجموعة ( ) .
– المطلب الثاني : أركان وأطراف عقد التأمين
– الفرع الأول : أركان عقد التأمين
من المعروف بشكل عام انه ركن الشيء يقصد به ما توقف الشيء على وجوده وكان جزءً من حقيقة بحيث إذا تخلف ركن الشيء تخلف وجود الشيء نفسه ، وبناء على ذلك فانه يمكننا إن نقول أن عقد التأمين له أركان لا بد من وجودها حتى يمكننا القول انه عقد تأمين صحيح ، وإذا تخلف ركن من أركانه لا يمكن اعتباره عقد تأمين ، وإذا نظرنا إلى تعريف عقد التأمين نرى انه يلزم المؤمن بمقتضاه أن يؤدي إلى المؤمن له أو المستفيد الذي اشترط التأمين لصالحه مبلغاً من المال أو إيرادا مرتباً أو أي عوض مالي أخر في حالة وقوع الحادث أو تحقق الخطر المبين في العقد ، وذلك في نظير قسط أو أية دفعة مالية أخري يؤديها المؤمن له للمؤمن ، وبالتالي يظهر لنا من هذا التعريف أركان عقد التأمين إلا وهي أولها الخطر الذي يعتبر أهم ركن من الأركان ، وهذا الخطر يتبعه قيام المؤمن له بدفع قسط التأمين وهذا هو الركن الثاني ، ومن ثم قيام المؤمن بدفع مبلغ التأمين حالة تحقق الخطر وهذا الركن الثالث ، ويضاف إلى هذه الأركان ركنا رابعاً وهو المصلحة من التأمين ، وسوف نقوم ببيان هذه الأركان على النحو التالي :
– الركن الأول : الخطر المؤمن منه
يعتبر الخطر أهم ركن من أركان عقد التأمين ، وذلك بسبب أن المؤمن يعتمد في حساباته كلها عليه ، والمقصود بالخطر بأنه حادثه محتمله لا يتوقف على إرادة أحد الأطراف وخصوصاً على أرداه المؤمن له ، وأيضا يقصد به الضرر الناتج عن الحادثة ، أو محل الضمان ، وبالتالي إذا نظرنا إلى تعريف ركن الخطر لرأينا انه لا بد من توفر شروط معينة ، وهذه الشروط هي :
– الشرط الأول : أن يكون حادثاً احتمالياً
ومعنى ذلك أن يكون الحادث ذات صفة احتماليه بحيث يدخل عنصر الاحتمال فيه ، وذلك من خلال إمكانية تحققه أو توقيت وقوعه ، فلا ينال من احتمالية الحادث كونه معلق الوقوع من حيث المبدأ كالوفاة مثلاً ، والسبب أن العبرة هي بعدم تحقق توقيت حدوثه ( ) .
ويتضح لنا أن عقد التأمين الذي ينظم ويعقد على خطر من المستحيل وقوعه استحالة مطلقة يعتبر عقداً باطلاً بطلاناً مطلقاً ، ومثال ذلك سقوط الكواكب ، ويترتب على ذلك أن العقد يعتبر مفسوخاً بقوة القانون ( ) .
– الشرط الثاني : أن يكون وقوع الخطر غير متعلق بمحض إرادة أحد طرفي العقد
لا يكفي أن يكون الخطر احتمالياً فقط حتى يمكن أن يكون محلاً للتأمين ، بل يجب أن لا يكون هذه الخطر قد وقعه نتيجة تدخل أحد الأطراف ، أي بمعنى أن لا يكون أحد الأطراف له علاقة بوقع هذا الخطر بمحض إرادة ، وبالتالي إذا كان الخطر قد وقعه نتيجة إرادة أحد الأطراف وكان من الممكن له أن يتفادئ هذا الخطر ، فانه يعتبر التأمين على هذا الخطر باطلاً .
وبناء على ذلك فانه يتبين لنا انه لا بد أن يدخل عنصر المصادفة أو الطبيعة أو إرادة الغير في تحقق الخطر ، وبالتالي فانه يمكن التأمين ضد خطر السيول والحريق ، وبالإضافة إلى ذلك جواز التأمين على الخطر الذي يقع نتيجة تدخل إرادة الغير ، أي شخص ليس من أطراف العقد مثل السرقة والإصابات ( ) .
– الشرط الثالث : أن لا يكون الخطر مخالفاً للنظام العام والآداب
نصت المادة (749 ) مدني مصري على انه (( يكون محلا للتأمين كل مصلحة مشروعة تعود على الشخص من عدم وقوع خطر معين )) ، كما نصت المادة ( 920 ) مدني أردني على انه (( لا يجوز أن يكون محلا للتأمين كل ما يتعارض مع دين الدولة الرسمي أو النظام العام )) ، ونتيجة لذلك يتضح لنا من نصوص هذه المواد انه لا بد أن للخطر أن يكون مشروعاً حتى يمكن التأمين عليه ، أي بمعنى أن لا يكون مخالفاً للنظام العام والآداب .
فهنا مثلاً يعتبر عملية التأمين على عمليات التهريب باطلة إذا كان القانون الوطني يحرم مثل هذه العمليات ، بمعنى انه لا يجوز التأمين على الأخطار التي تقع نتيجة عمليات تهريب المخدرات ، وأيضا تعتبر عمليات التهريب باطلة إذا كان القانون الأجنبي يحرم مثل هذه العمليات ولو كان القانون الوطني لا يحرمه ( ) .
ويعتبر التأمين على بيوت الدعارة باطلاً إذا كان الهدف منها مساعدة على القيام بهذه الأعمال مثل أن يكون الهدف من التأمين إنشاء منزل من اجل فتحه بيتاً للدعارة ، وأيضا يعتبر التأمين على الأشخاص الذين يعملون في هذا المنزل ، إلا انه يرى غالبية الفقه والقضاة في فرنسا ومصر أن التأمين على منزل للدعارة ضد خطر الحريق باطل بطلاناً مطلقاً لا نه يعتبر مخالفاً للنظام العام والآداب أي غير مشروع ( ) .
إلا أن محكمة النقض الفرنسية راءت انه يجوز التأمين على بيوت الدعارة ضد خطر الحريق وذلك لان التزامات الطرفين لا تتضمن ما يتعارض مع الأدب ، وأيضا لان التزاماتهم التي تترتب نتيجة العقد لا تختلف عن العقود الأخرى في مجال التأمين ضد خطر الحريق().
– أنواع الخطر
ينقسم الخطر إلى عدة أنواع ، فهو قد يتنوع من حيث الثبات والتغير إلى خطر ثابت وخطر متغير ، وأيضا ينقسم من حيث تعين محله ووقت انعقاده إلى خطر معين وخطر غير معين ، وسوف أقوم ببيان هذه الأقسام على النحو التالي :-
أ – الخطر الثابت والخطر المتغير
يقصد بالخطر الثابت هو الخطر الذي تظل درجة احتمال وقوعه واحدة أي ثابتة غير متغيرة طوال فترة التأمين ، وثبات الخطر ليس معناه أن يكون ثابتا بشكل مطلق ومنتظم ، ولكن يقصد بالإثبات هذا الثابت النسبي الذي يمكن أن يحتمل التغيرات المؤقتة ، فمثلاً خطر الحريق يعتبر خطراً ثابتاً على مدار العام إذا كانت نسبة تحققه لا تتغير من عام إلى عام أخر ( ) .
أما بالنسبة للنوع الثاني من أنواع الخطر فهو الخطر المتغير ، والمقصود به هو الخطر الذي يتغير درجة احتمال تحققه خلال مدة التأمين سواء كان هذا التغير بالزيادة أو النقصان ، أي بمعنى انه إذا كانت درجة احتمال تحقق الخطر ازدادت فانه يسمى خطراً متزايداً أو متصاعداً ، أما إذا نقصت درجة احتمال تحقق الخطر يسمى خطراً متناقصاً ( ) .
ب- الخطر المعين والخطر غير المعين
يقوم هذا التقسيم على أساس النظر إلى المحل الذي يقع عليه التأمين ، فإذا كان المحل معيناً اتصف الخطر نفسه الصفة ، أما إذا لم يكن المحل معيناً كان الخطر غير معين ، وبالتالي يظهر لنا أن الخطر هنا نوعين هما : خطر معين ، وخطر غير معين ، ويقصد بالخطر المعين هو ذلك الخطر الذي يكون محله معيناً وقت إبرام عقد التأمين حتى ولو كان ذلك الشيء متعلقاً بشخص أو بشيء ، ففي حالة التأمين على الأشخاص يكون التأمين على حياة الشخص أو شخص أخر ، فهنا يكون الشخص قد أمن على حياته وبالتالي يكون هذا الشخص قد أمن على خطر معين ، وأيضا إذا مات هذا الشخص فان هذه الخطر تعلق بشخص معين سواء كان الشخص نفسه أو شخص أخر ، وأيضا كذلك في التأمين ضد خطر الحريق ، فإذا تحقق الخطر يكون خطراً محدداً على المنزل الذي أمن عليه هذا الشخص .
أما الخطر غير المعين ، فيقصد به هو ذلك الخطر الذي يكون محله غير معين وقت إبرام العقد إلا انه يكون معيناً عند تحقق الخطر ، فمثلاً الشخص الذي يقوم بالتأمين من المسئولية ضد حوادث السيارات ، فانه في هذا الحال لا يكون مؤمن من خطر معين ، لأنه لم يقوم بالتأمين ضد حادث معين ، ففي ذلك الوقت لم يكن يعرف طبيعة نوع الحادث الذي سوف يتعرض له ، وبالتالي يكون الخطر غير معين .
وسوف اكتفي بالتعليق على هذا الركن في هذا الجزء ، لأنني سوف أقوم بشرحه بشكل مفصل في الأمام بشكل واضح .
– الركن الثاني : القسط ( قسط التأمين )
يقصد بقسط التأمين هو ذلك المقابل المالي الذي يقوم بدفعه المؤمن له للمؤمن مقابل تغطية المؤمن للخطر المؤمن منه ، وبالنظر إلى هذا التعريف فأننا نجد علاقة وثيقة بين قسط التأمين وعنصر الخطر أو الخطر المؤمن منه ، فقيمة القسط تحدد بناء على أساس طبيعة هذا الخطر ، وبالتالي إذا تغير الخطر فان قيمة القسط تتغير سواء بالزيادة أو النقصان ، وهذا كله بناء على المبدأ العام في التأمين وهو مبدأ نسبية القسط إلى الخطر .
وتحديد قيمة القسط لا يأتي من فراغ وإنما يتم بناء على أساس وعوامل يخضع لها ، واهم هذه الأسس هما القسط الصافي والقسط التجاري ، فيقصد بالقسط الصافي هو المبلغ الذي يقابل الخطر كاملا دون زيادة أو نقصان ، والقسط الصافي يحدد بناء على وحدة زمنية ، فالوحدة القيمة يقوم بتحديده المؤمن فمثلاً لو أمن المؤمن له على ألف دينار يكون مبلغ القسط محدد على ألف دينار ، وإذا أراده الزيادة فانه يزيد قيمة القسط حسب زيادة قيمة التعويض ، أما الوحدة الزمنية فعادة تكون سنة واحدة فقط ، وبناء على ذلك فان المؤمن يحدد قيمة القسط الصافي في بناء على الوحدة القيمة وهي الألف دينار وان الوحدة الزمنية هي سنة واحدة ، ويتغير قيمة القسط الصافي في حالة تغير قيمة مبلغ التأمين ، وأيضا كذلك بالنسبة للوحدة الزمنية من سنة إلى أخري بحسب المدة المحددة لعقد التأمين ( ) .
وبناء على أن المؤمن هو الذي يتحمل تكاليف تغطية الخطر ، فيتوجب على ذلك أن يقوم بإضافة هذه التكاليف على القسط الصافي ، وهذه العملية تسمى القسط التجاري ، بمعنى أخر القسط الفعلي الذي يدفعه المؤمن له إلى المؤمن ، والسبب في ذلك أن المؤمن عند قيامه بعملية الـتأمين يقصد به تحقيق الربح ، فإضافة هذه المصروفات هي التي تساعد على تغطية الخطر وتحقيق الربح معاً ، لان المؤمن له عند دفعه هذا القسط فانه يكون فعلاً قد دفعه قيمة أعلى من قيمة القسط الصافي ( ) .
والتكاليف التي تضاف إلى القسط الصافي حتى يتكون القسط التجاري هي نفقات التحصيل القسط ، فالمؤمن هو الذي يسعى إلى العملاء من اجل تحصيل قيمة الأقساط ، فالقسط في هذا المجال يكون مطلوباً ولبس محمولاً ، وأيضا من التكاليف عمولة الوساطة ، فالمؤمن أيضا عادة لا يصل إلى العملاء إلا عن طريق أحد المندوبين الذين يكونون ممثلين عن الشركة أو وطلاء عنها ، وأيضا إضافة إلى ذلك مصروفات الأداة العامة ، فهي تقع على عاتق العميل فيضطر إلى أن يضيفها إلى مجموعة القسط الصافي ، وأيضا من التكاليف الضرائب والرسوم التي تفرضها الدولة ، وأخيراً تكاليف مجموعة الأرباح ، فإذا كانت شركة التأمين غير حكومية أي مملوكة لعدد من المساهمين فانه يجب أن يكون هناك ربح يوزع عليهم ، لان هدفهم من الأساس هو الربح ، فهذه التكاليف تضاف إلى مجموعة الأقساط الصافية اخذين بعين الاعتبار تناسبه مع قيمة القسط ( ) .
– الركن الثالث : مبلغ الـتأمين
أما بالنسبة للركن الثالث من أركان عقد التأمين فهو مبلغ التأمين ، فالمقصود بهذا الركن هو ذلك المبلغ الذي يلتزم المؤمن بان يدفعه عند تحقق الخطر المؤمن منه إلى المؤمن له أو المستفيد ، بمعنى أخر انه التزام يقع على ذمة المؤمن ، مقابل قيام المؤمن له بدفع قسط التأمين ، فالمؤمن له ملتزم بأداء هذا القسط لأنه في ذمة .
وعادة يكون مبلغ التأمين في هذه الصورة مبلغاً من النقود ، وهذا جاء واضحاً في نص المادة (747) مدني مصري والمادة (920) مدني أردني ، ولكن يمكننا أن نقول أن المؤمن قد يقوم بإصلاح الضرر عيناً إلا انه لا يقوم بذلك بنفسه وإنما يكون عن طريق عمال يقومون بإصلاح الضرر عينا مقابل مبلغ من النقود ويعطيها المؤمن إلى هذا العمالة نظير إصلاحها لهذا الضرر / وهذا يكون عادة في التأمين على الأشياء فقط ، وبالتالي يظهر لنا أن شركة التأمين سوف تدفع مبلغ من النقود في النهاية سواء إلى المؤمن له أو إلى من سوف يصلح الضرر ( ) .
ولكن تثور مسالة تحديد قيمة مبلغ التأمين ، ففي هذا الموضوع يجب أن نفرق بين التأمين على الأشخاص والتأمين على الأضرار :
1- التأمين على الأشخاص
ففي هذه الحالة لا يوجد نظام محدد مبلغ التأمين سوف يدفعه المؤمن إلى المؤمن له أو المستفيد ، إلا إذا كان هناك اتفاق بينهم على ذلك ، ففي حالة الاتفاق على مبلغ معين فانه يترتب على ذلك أن المؤمن عند وقوع الحادث يكون ملزماً بدفع المبلغ المتفق عليه مع المؤمن له ، مثال ذلك الإصابة والمرض في حالة التأمين من الإصابات والأمراض ، ويترتب على ذلك أن المؤمن له لا يكون ملزما بان يبين انه قد دفع الضرر حتى يستطيع الحصول على مبلغ التأمين ،فهو من حقه بمجرد وقوع الحادث المؤمن منه ( ) ، وهذا جاء واضحاً في نص المادة (754) مدني مصري حيث نصت على انه (( المبالغ التي يلتزم المؤمن في التأمين على الحياة يدفعها إلى المؤمن له أو المستفيد عند وقوع الحادث المؤمن منه ، أو حلول الأجل المنصوص عليه في وثيقة التأمين ، تصبح مستحقة من وقت وقوع الحادث ، أو وقت حلول الأجل دون حاجة إلى إثبات ضرر إصابة المؤمن له أو إصابة المستفيد )) ، كما أن المشرع الأردني نص على ذلك في المادة (941) مدني حيث نص على انه (( يلتزم المؤمن في التأمين على الحياة بان يدفع إلى المؤمن له أو المستفيد المبالغ المتفق عليها عند وقوع الحادث المؤمن منه أو حلول الأجل المنصوص عليه في العقد دون حاجه لإثبات ما لحق المؤمن له أو المستفيد من ضرر )) .
– التأمين من الأضرار
في التأمين من الأضرار توجد حدود للمبلغ الذي يدفعه المؤمن للمؤمن له أو المستفيد عند وقوع الخطر المؤمن منه ، وهو الموت ذلك أن التأمين من الأضرار يخضع لمدا أساسي هو مبدأ التعويض أو مبدأ الصفة التعويضية للتأمين من الأضرار ، فالتأمين من الأضرار ذو صفه بارزة ومبلغ التأمين في التأمين من الأضرار له حدود ثلاثة :-
1- الاتفاق
أول حد لمبلغ التأمين من الأضرار هو الاتفاق ، ولكن مبلغ التأمين من الأضرار يتحدد فضلا عن الاتفاق بحدين آخرين .
2- مبدأ التعويض
مقتضى مبدأ التعويض إلا يزيد المبلغ الذي يلتزم المؤمن بدفعه على الضرر الذي لحق بالمؤمن له فعلا ، فإذا أمن شخص على منزله من الحريق بمبلغ عشرين ألف جنيه ، واحترق المنزل لا يستطيع المؤمن أن يحصل على اكثر من عشرين ألف جنيه وهو المبلغ المؤمن به حتى ولو كانت قيمة المنزل وقت احترافه تزيد عن هذا المبلغ ، وهذا بالتطبيق للحد الأدنى الذي يفرضه الاتفاق في عقد التأمين ، ولكن يضاف إلى ذلك حد أخر هو الذي نحن بصدده أي عدم زيادة مبلغ التأمين الذي يلتزم المؤمن بدفعه على الضرر الذي لحق بالمؤمن له فعلاً ، وهذا هو مبدأ التعويض عن الضرر من الأضرار ، فإذا فرض أن قيمة المنزل وقت احتراقه كانت قد انخفضت إلى خمسة آلف جنية مثلاً فان المؤمن لا يلتزم إلا بدفع مبلغ خمسة ألف جنية .
– الركن الرابع : المصلحة في عقد التأمين
أما بالنسبة للركن الرابع من أركان عقد التأمين فهو المصلحة ، أي بمعنى أن يكون المؤمن له مصلحة في عدم وقوع الخطر المؤمن منه ، وهكذا يمكن لنا أن نعرف ما هو المقصود بالمصلحة فهي عبارة عن أن يكون للمؤمن له أو المستفيد مصلحة في عدم وقوع الخطر المؤمن منه ، وبناء على هذا التعريف فقد ذهب من الفقه إلى أن المصلحة تعتبر ركن من أركان عقد التأمين ، وانه يجب أن تتوفر في جميع أنواع العقود التأمينية ( ) .
وأيضا ذهب جانب أخر من الفقه إلى أن المصلحة لا تعتبر إلا ركن من أركان عقد التأمين من الأضرار فقط ، أما بالنسبة للتأمين على الأشخاص فانه يشترط توفر ركن المصلحة إلا في أنواع محددة فغالباًُ تكون موجودة في حالة التأمين على حياة الغير ، ففي هذه الحالة يمكننا أن نتساءل هل هناك مصلحة للمؤمن له في أن يبقى المؤمن على حياته حياً ؟ ( ) .
ذهب المشرع المصري إلى انه لم يشترط أن تتوافر مصلحة للمؤمن له في بقاء المؤمن على حياته حياً ، إلا انه في هذه الحالة قد يقوم المؤمن له بإنهاء حياة المؤمن على حياته طالما انه لا يوجد مصلحة في بقاء حياً بالنسبة للمؤمن له ، إلا أن أنصار هذا الرأي قد رده ودعموا رأيهم من خلال أن المشرع المصري لم يترك هذا الأمر دون حسم فقد قام المشرع المصري من اجل تلافي هذه الحالة انه اشترط في حالة التأمين على حياة الغير موافقة هذا الغير كتابتاً قبل إبرام العقد ، وقد جاء ذلك حسب نص المادة (755/1) حيث نص على انه (( يقع باطلاً التأمين على حياة الغير ما لم يوافق الغير عليه كتابتاً قبل إبرام العقد ، فإذا كان الغير لا تتوافر فيه الأهلية فلا يكون العقد صحيحاً إلا بموافقة من يمثله قانوناً )) ، أما بالنسبة للمشرع الأردني فقد ذهب إلى ما ذهب إليه المشرع المصري ، وقد أكد على ذلك في نص المادة (942) مدني حيث نص على انه (( يشترط لنفاذ عقد التأمين على حياة الغير موافقته خطياً قبل إبرام العقد ، فإذا لم تتوافر فيه الأهلية فلا ينفذ عقده إلا بموافقة من يمثله قانوناً )) .
وبالإضافة إلى ذلك فقد عمله المشرع على حل مشكلة قيام المؤمن له بإنهاء حياة الغير من اجل حصوله على مبلغ التأمين وذلك في المادة (757)مدني مصري حيث نص على انه (( 1- إذا كان التأمين على حياة شخص غير المؤمن له برئت ذمة المؤمن من التزاماته متى تسببه المؤمن له عمداً في وفاة ذلك الشخص ، أو وقعت الوفاة بناء على تحريض منه 2- إذا كان التأمين على الحياة لصالح شخص غير المؤمن له فلا يستحق هذا الشخص من التأمين إذا تسببه عمداً في وفاة الشخص المؤمن على حياته ، أو وقعت الوفاة بناء على تحريض منه ، فإذا كان ما وقع من هذا الشخص مجرد شروع في إحداث الوفاة كان للمؤمن له الحق في أن يستبدل بالمستفيد شخصاً أخر ولو كان المستفيد قد قبل ما اشترط لمصلحته من تأمين )) ، كما أن المشرع الأردني نص على ذلك في نص المادة (944) مدني حيث نص على انه (( يبرأ المؤمن من التزاماته إذا تم التأمين لصالح أخر وتسبب المؤمن له في وفاته أو وقعت الوفاة بتحريض منه ، 2- فإذا كان التأمين لصالح شخص غير المؤمن له وتسبب هذا الشخص في وفاة المؤمن له أو وقعت بتحريض منه فانه يحرم من مبلغ التأمين ، وإذا كان ما وقع مجرد شروع في إحداث الوفاة كان للمؤمن له الحق في أن يستبدل بالمستفيد شخصاً أخر )) .
وهكذا يتضح لنا أن كلا المشرعين قد حرم المؤمن له من مبلغ التأمين في حالة قيامه عمداً بإنهاء حياة الغير الذي هو مؤمن على حياته ، أو قامة هذا المؤمن له بالتحريض على قتل المؤمن على حياته ، بالإضافة انه سمح للمؤمن له بتغير المستفيد وإحلال شخص أخر مكانه في حالة قيام المستفيد بإحداث الوفاة .
وهنا لا بد من دراسة ركن المصلحة في نوعين من التأمين إلا وهم المصلحة في التأمين من الأضرار والمصلحة في التأمين على الأشخاص :-
1- المصلحة في التأمين من الأضرار
يقصد بالمصلحة هنا أن يكون للمؤمن له أو المستفيد مصلحة في عدم وقوع الخطر المؤمن منه ، وقد جاء ذلك في نص المادة (749) مدني مصري حيث نصت على انه (( يكون محلاً للتأمين كل مصلحة اقتصادية مشروعة تعود على الشخص من عدم وقوع خطر معين )) .
والمقصود بالمصلحة الاقتصادية هنا القيمة المالية التي قد يحرم منها المؤمن له أو المستفيد في حالة وقوع الكارثة ، ففي حالة وقوع الكارثة كحريق لحق بالعين المؤمن عليها ، فان القيمة المالية لهذه العين التي احترقت تمثل المصلحة المالية ، وأيضا يكون مبلغ الدين مصلحة مالية في حالة التأمين ضد الإعسار ، ويكون المبلغ الذي يحكم على المؤمن له بدفعه مصلحة مالية حالة التأمين من المسئولية ، وبالتالي يظهر لنا أن تحديد المصلحة يعمل على تحديد حقوق المؤمن له عند وقوع الخطر المؤمن منه ، بمعنى أخر أن تحديد المصلحة يساعد على تحديد مبلغ التعويض الذي سوف يأخذه المؤمن له حالة وقوع الكارثة المؤمن عليها ، وفي نفس الوقت لا يجوز للمؤمن له أن يطالب المؤمن بما يزيد عن مصلحته المالية التي فقدها نتيجة حدوث الخطر المؤمن منه ( ) .
أما بالنسبة للوقت الذي يجب أن تتوافر المصلحة فيه في عقد الـأمين ، فهو وقت انعقاد عقد التأمين ، بمعنى انه لا بد أن تتوفر المصلحة في عقد الـأمين عند انعقاد العقد ، وبالتالي فهي شرط كم شروط انعقاده ، فإذا كانت المصلحة غير متوفرة عند انعقاد العقد فيعتبر عقد التأمين باطلاً ، والسبب لأنه يتعلق بالنظام العام ، إلا انه ليس كافي توفر المصلحة عند انعقاد العقد ، بل لا بد أن تظل هذه المصلحة مستمرة طوال فترة سريان العقد ، فأحيانا قد تكون المصلحة متوفرة أثناء انعقاد العقد إلا انه قد تزول أثناء سريان العقد ، ففي هذه الحالة يعتبر عقد التأمين باطلاً من الوقت الذي تزول المصلحة منه ، ويترتب على ذلك أن المؤمن له تسقط عنه التزاماته بدفع الأقساط ولكن لا يستطيع أن يطالب بالأقساط التي دفعها قبل زوال المصلحة ، وذلك بسبب أن المؤمن في ذلك الوقت كان ضامناً للخطر طوال الفترة ، وأيضا يترتب على ذلك انه يجوز للمؤمن أن يطالب المؤمن له بالأقساط المتراكمة علية التي لم يدفعها أثناء سريان العقد وتوفر المصلحة ، أي قبل زوال المصلحة من عقد التأمين ( ) .
وبالإضافة لذلك فانه عند تحقق الخطر فانه يترتب على هذا الخطر حدوث ضرر للمؤمن له والتي تتمثل بالخسارة بالإضافة لما فاته من ربح أو ما كان سوف يكسبه لو لم يتحقق الخطر ، والمقصود بذلك بكون عادة حرمان المؤمن له من ربح مأمول ، فمثلاً في حالة التأمين ضد الأخطار الزراعية فلو تلفت هذه المزروعات فان المؤمن له قد خسارة هذه المزروعات بالإضافة إلى الربح الذي كان ينتظره عند بيع هذه المزروعات في حالة عدم تلف هذه المزروعات ، ومن خلال هذا المثال يتبين لنا أن المؤمن له قد أصابه ضرر إلا وهو الخسارة الواقعة والربح الذي كان ينتظره ، وبالتالي فان المؤمن لا تكمن مصلحته في الخسارة الواقعة فقط ، وإنما تمتد إلى فوات الربح المنتظر من القيمة الاقتصادية المؤمن عليها ( ) .
وفي الماضي فقد جرت العادة على عدم جواز التأمين ضد الكسب الفائت ، استناداً على أساس أن تأمين الأضرار صفة تعويضية وانه مقصور على الخسارة التي تصيب المؤمن له ، إلا أن هذا الرأي لم يعد قطعياً واتسع نطاق التأمين ليشمل الكسب الفائت وأيضا في التأمين .
وقد أكد المشرع المصري على ذلك في المادة (749) مدني حيث نص على أن التأمين يمتد ليشمل الكسب الفائت ، استناداً على انه يمثل مصلحة اقتصادية مشروعة كان المؤمن له سيحصل عليها لو أن الخطر لم يقع ، وبالإضافة لذلك فقد رأينا أن الهدف من التأمين في هذا المجال تعويض الضرر ، والضرر معروف لنا انه يتكون من عنصرين وهما الخسارة اللاحقة والكسب الفائت ، وهذا ما نصت عليها المادة (221) مدني مصري حيث نصت على أن (( يشمل التعويض ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب )) .
إلا آن المشرع قد اشترطه عدة شروط حتى يمكن تطبيق التـأمين على الكسب الفائت حيث اشترطه من اجل ذلك وجود اتفاق صريح بين المؤمن والمؤمن له على هذا الأمر على تحويل التأمين إلى عملية إثراء المؤمن له ، في حين أن التأمين عبارة عن تعويض عن الضرر الذي أصاب المؤمن له ، وأيضا اشترط على أن ينص عقد الـتامين على الطريقة التي تقدر الكسب الفائت بشكل دقيق ، وأحيانا يكون تحديد الكسب الفائت سهلا ، كما في التأمين على عقار ضد خطر الحريق ، وقد يكون تحديد الكسب أمرا صعباً كما في التأمين ضد خطر الحريق على مسرح ، فهنا يصعب تحديد الدخل الذي كان يمكن الحصول عليه ففي هذه الحالة يجب اللجوء إلى إجراءات أخرى من اجل تحديد الكسب الفائت ( ) .
– المصلحة في التأمين على الأشخاص
لقد ذهب جمع من الفقهاء إلى تحديد معنى المصلحة في التـأمين على الأشخاص إلى انه يجب أن يكون فـائدة جدية للمؤمن له مـن استمرار حياة المـؤمن على حياته ، والهدف من وجود هذه المصلحة ضمان المؤمن في أن المؤمن له لا يسعى إلى وضع نهاية لحياته سواء في حالة كان المؤمن له مؤمناً على حياته أو مستفيداً ( ) .
وفي جانب أخر ذهب البعض إلى أن ليس شرط توفر المصلحة بالنسبة للتأمين على الأشخاص ، وقد استندا إلى حجتين وهما :-
– نص المادة (749) مدني مصري والتي جاء فيها أن المصلحة محل التأمين اقتصادياً ، فانه يستحيل تصوره في رأيهم وجود في غير العقود المتعلقة بالتأمين على الأضرار .
– عدم وجود ترابط بين ما ورده في المادة (749) مدني مصري المتعلق بالأحكام العامة للتأمين وبين سريانها على كل أنواع التأمين ، ويؤيدون رأيهم بنص المادة (751) مدني مصري المتعلقة بالصفة التعويضية للتأمين ضمن هذه الأحكام رغم أنها لا تخص سوى الـتأمين على الأضرار .
وبعيداً عن هذه الآراء يظهر لنا أن ركن المصلحة ضروري في جميع أنواع عقود التأمين مهما كانت ذلك استناداً إلى فكرة التأمين نفسها .
إلا انه لا بد من توفر بعض الشروط المصلحة في التأمين على الأشخاص واهم هذه الشروط هي :-
أ- يشـترط في المصلحة فـي التـأمين علـى الأشـخاص أن تـكون هــذه المصلحة جـدية ، فمثلا في حالة التأمين على حياة الغير فانه لا بد أن يكون هذا الشخص من أقارب المؤمن له أو أحد الأصدقاء المقربين له ، إلا انه يرجع ذلك إلى قاضي الموضوع في تقدير ذلك ، ويجب أن ننوه إلى انه لا يجوز أن يكتفي بما اقره المؤمن له في وثيقة التأمين من معلومات ، فأحيانا قد يرد في الوثيقة أن المؤمن له له مصلحة في بقاء المؤمن على قيد الحياة وبعد ذلك يظهر من ظروف الحال غير ذلك ، ففي هذه الحالة يكون التأمين باطلاً ( ) .
وقد حكمت محكمة النفض المصـرية بان النص في عقد التأمين على بطلان العقد ،سقوط حق المؤمن له في مبلغ التأمين في حالة الإدلاء ببيانات خاطئة في إقراراته الواردة في طلب التأمين والتي إبرام التأمين على أساسها ، شرط جائز قانوناً واجب العمل به ولو لم يكن البيان الكاذب دخل في وقوع الخطر المؤمن منه ( ) .
ب- وجوب توفر المصلحة لدى طالب التأمين نفسه
بمعنى انـه يجب أن تكون المصلحة مسخرة لدى طالب التأمين نفيه إلى المؤمن له ، ففي حالة كان المستفيد غير المؤمن له فانه لا بد أن يكون هناك ترجع على المؤمن له ، ومثال ذلك قيام شخص بإبرام عقد تأمين على حياة شخص ثاني لمصلحة شخص ثالث ، فلا بد من وجود المصلحة في هذه الحالة تعود على المستفيد الأصلي فانه يعتبر طرف أجنبي عن العقد ، إلا انه في هذه الحالة قد يقوم المستفيد نفسه على التخلص من المؤمن عليه بالقتل حتى يستطيع الحصول على مبلغ التأمين ، ولهذا فقد عمل المشرع المصري على تفادي هذه المشكلة حيث نص في المادة (757/2) مدني على أن (( إذا كان التأمين على الحياة لصالح شخص غير المؤمن له ، فلا يستفيد هذا الشخص من التأمين إذا تسبب عمداً في وفاه الشخص المؤمن على حياته أو وقعت الوفاة بناء على تحريض منه ))، وأيضا عمل المشرع الأردني ما عمله المشرع المصري حيث نص في المادة (944/2) مدني أردني على انه (( فإذا كان التأمين لصالح شخص غير المؤمن له وتسبب هذا الشخص في وفاة المؤمن له أو وقعت الوفاة بتحريض منه يحرم من مبلغ التأمين …)) .
ج- ليس شرطاً أن تكون المصلحة اقتصادية فقط ، فقد تكون مصلحة أدبية ، ويظهر ذلك في حالة التأمين على الأشخاص بصورة واضحة ، ولا يجـوز لنـا أن نقـول أن المصلحة الاقتصادية لا يمكن أن تكون في هذا الـنوع من التأمين ، وبالتالي فان المصلحة الاقتصادية تظهر في التـأمين على الأشخاص ، وخيـر مثال على ذلك وجـود شخص يتلقى نفقه من شخص أخر ، فهـذا الشـخص (الأول ) له مصلحة اقتصـادية إلا وهـي بــقاء الشخـص (الثاني) على قـيد الحـياة حتى يسـتمر فـي تلقــي هذه النـفقة مـنـه ، وبالتالي فانه يجوز له أن يؤمن على حياة ذلك الشخص ( ) .
أما بالنسبة للمصلحة الأدبية فالمقصود بهـذه المصلحة هـي المصلحة التي تقوم على أساس الروابـط العاطفية والحب والقرابة التي تربط المؤمن له بالمؤمن على حياته ، وهذه الروابط هي التي تمنع المؤمن له من التخلص من الشخص المؤمن على حياته ، حتى يستطيع الحصول عـلى مبـلغ التـأمين ، وذلك بســبب الروابـط التـي بيـنهم ، ولأنها تكون روابط أقوى من المصلحة المادية ، وبالتالي يظهر لنا انه بمجرد وجود مصلحة أدبية فانه يكفي لقيام عملية تأمين على الأشخاص ، وبما أن المؤمن له له مصلحة أدبية في هذا العقد إلا وهي بقاء المؤمن على حياته حياً فان عقد التأمين صحيحاً وقائماً .
وبالرغم من هذا القول إلا أن نص المادة (749) مدني مصري في الأحكام العامة للتـأمين نص على أن المصلحة الواجب توافرها هي المصلحة الاقتصادية فقط ولم يرد شي يخص المصلحة الأدبية في عقود التأمين ، بمعنى أن عـقد التـأمين يكفي توفر مصلحة اقتصادية فقط حتى يمكن أن نعتبر صحيحاً ، أي استبعاد المصلحة الاقتصادية من هذا النطاق ، وإذا نظرنا إلى هذا فإننا نرى مخـالفة لطبيعة هذه الأشياء ومخالف مـع الروابـط العـاطفية والمودة والحـب والتي تعمل عـلى تجميع بين الأقـارب ، فمثلا عند قيام شخص بالتـأمين على حياة شخص أخر ، حيث أن من هذا التامين يكون له مصلحة في أن يبقى على قيد الحياة وهذه المصلحة تكون أدبية وليست اقتصادية ، فهل يجوز القول أن هذا التأمين باطلاً بسبب عدم توفر المصلحة الاقتصادية فيه ؟ فالجواب لا بل يعتبر عقد التأمين عقد تأمين صحيح ونافذ في حق جميع الأطراف .
ولكن هل يشترط موافقة المؤمن على حياته كتابه قبل إبرام العقد ؟
نصت المادة (755) مدني مصري على انه (( يقع باطلا التأمين على حياة الغير ما لم يوافق الغير عليه كتابتاً قبل إبرام العقد ، فإذا كان هذا العقد لا تتوافر فيه الأهلية فلا يكون العقد صحيحاً إلا بموافقة من يمثله قانوناً ))، وأيضا نص المشرع الأردني على ذلك في المادة (942) مدني على أن (( يشترط لنفاذ عقد التأمين على حياة الغير موافقته خطياً قبل إبرام العقد، فإذا لم تتوافر الأهلية فلا ينفذ عقده إلا بموافقة من يمثله قانوناً )) .
إلا أن جانب من الفقه ذهب إلى الاكتفاء بشرط موافقة المؤمن على حياته بدون النص على ذلك بشكل عام في جميع أنواع العقود التأمينية على حياة الغير ، وذلك لان رأينا أن المصلحة يمكن أن تكون اقتصادية ويمكن أن تكون أدبية ، وسبق أن رأينا أن المصلحة الأدبية ثار حولها خلاف ، وذلك بسبب أن الموافقة الكتابية تعتبر شرطا .
المطلب الثالث : خصائص عقد التأمين
يعتبر عقد التأمين من العقود التي تتسم ببعض الخصائص التي تميزه عن غيره من العقود ، إلا انه هناك خصائص يتشابه بها مع بعض العقود ، وهذه الخصائص تعتبر عامة ومشتركة بينهم ، ولكن يتسم عقد التأمين ببعض الخصائص الخاصة به والتي تمييزه عن غيره من العقود ، ولهذا سوف أقوم بهذا المطلب بدراسة خصائص عقد التأمين العامة والمشتركة في فرع أو ، ومن ثم دراسة خصائص عقد التأمين الخاصة في فرع ثاني على النحو الآتي :
– الفرع الأول : خصائص عقد التأمين العامة
1 – عقد التأمين عقد ملزم للجانبين
تتضح الصفة التبادلية لعقد التأمين من التعريف الذي أورده القانون في المادة (747) مدني مصري والمادة (920) مدني أردني لعقد التأمين الذي يبين انه ذلك العقد الذي ينتج التزامات متقابلة على عاتق كل من المؤمن والمؤمن له فهو يلزم المؤمن بدفع مبلغ التأمين عند وقوع الخطر المؤمن منه ، وذلك مقابل التزام المؤمن له وهو دفع الأقساط في المواعيد المحددة ، ونلاحظ على هذا أن التزام المؤمن له هذا التزام احتمالي وغير مؤكد الحدوث ، فالحادث المؤمن عليه قد بقع وقـد لا يقع ومع ذلك فانه لا يعـني أن عقـد الـتأـمين يكون ملزم لطرف واحد فقط وهو الـمؤمن له ، وذلك بسبب أن الصفة الاحتمالية لعقد التأمين لا تعمل على جـعله عقد ملزم لجانب واحد فقـط ، فالـتزام كل طـرف من أطراف العقد يكون سبـب الالتزام الطرف الأخـر ( ) .
وقد ذهب البعض إلى انه في حالة عدم تحقق الخطر فان عقد التأمين لا يلزم المؤمن بشي ، غير أن هذا الرأي غير صحيح ، لان هذا الفرض ليس في جميع أنواع عقود التأمين ، ففي التأمين على الحياة لحال الوفاة فانه يكون التزام المؤمن بدفع مبلغ التأمين التزاماً مؤكداً ،لأنه معلق على حادث محقق مستقبلاً وهي الوفاة هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى أن الحالات التي يكون فيه الخطر غير محقق الوقوع فان وجوب تحقق الخطر لا يعتبر شرطاً لنشوء الالتزام المؤمن بل شرطاً لتنفيذه وهذا يبين الفرق بين الإنشاء والتنفيذ ( ) .
ورغم ذلك فقد شكك البعض فالصفة التبادلية لعقد التأمين ، حيث ذهبوا إلى انه بما أن المؤمن لا يدفع للمؤمن له مبلغ التأمين إلا إذا تحقق الخطر ، فهذا معناه أن التزام المؤمن لا يكون محققاً أو منجزاً وإنما هو معلق على شرط وهو تحقق الحادث المؤمن عليه ، ولما كان الحادث غير محقق الوقوع فانه في الحالات التي لن يتحقق فيها الخطر لا يلتزم المؤمن بدفع مبلغ التأمين ، وبالتالي لا يكون عقد التأمين في هذه الحالات ملزماً للمؤمن ، وقد ذهب بعض الشرح إلى أن هذه الحالات إذا لم يتحقق فيها الخطر فانه يكون للمؤمن له الحق في استرداد ما دفعه من أقساط ( ) .
ولكن هذا الرأي الذي يشكك في الصفة الإلزامية التبادلية لعقد التأمين مردود عليه من عدة نواحي : الناحية الأولى : هناك نوع أساسي من أنواع التأمين وهو التأمين على الحياة ولا يمكن القول بان التزام المؤمن فيه معلق على شرط وانه قد لا يدفع مبلغ التأمين في بعض الحالات ، وذلك لأنه سبق أن رأينا أن الخطر المؤمن عليه في عقود التأمين على الحياة يكون حادثاً مستقلاً ومحقق الوقوع وان كان هذا الوقوع غير محقق التاريخ ولذلك فان المؤمن يدفع مبلغ التأمين في جميع الحالات عاجلاً أو آجلا حسب تاريخ الوفاة ( ) .
أما الناحية الثانية فان القول بتعلق التزام المؤمن له هو الأخر على تحقق الخطر بحيث يكـون له الحق في أن يـسترد ما دفـعه من أقساط عند عدم تحقق الخطر ، وهذا يتعارض في رأينا مع الفكرة الأساسية من التأمين ومع قصد المتعاقدين ويستحيل معه التطبيق مبدأ التعاون أو التبادل بين المؤمن لهم وإجراء المقاصة بين المخاطر المختلفة ، ومن ناحية ثالثا أن الشرط الذي قيل بوجوده – وهو تحقق الخطر – فهذا ليس في حقيقة الأمر شرطاً لنشاة التزام المؤمن بل هو شرط لتنفيذ التزام هذا المؤمن ، أي أن التزام المؤمن بتغطية خطر معين ينشا بمجرد إبرام عقد التأمين وهو موجود سواء تحقق الخطر أم لم يتحقق ، وإذا تحقق الخطر فانه يجب دفع مبـلغ التـأمين ، وفي حالة عدم تحقق الخطر فانه لا يؤثر على وجود التزامه ، ولا يجوز للمؤمن له أن يسترد الأقساط وذلك لأنها تكون مقابل التزام المؤمن بتحمل عـبء الخطـر وإعطاء الأمـان والطمائنية للمؤمن له طـوال فتـرة سريان العقد ( ) .
2-عقد التأمين عقد معاوضة
من خصائص عقد التأمين أيضا انه من عقود المعاوضة ، وذلك لان كل طرف في هذا العقد يأخذ مقابل ما يعطي ، فالمؤمن له يدفع القسط للمؤمن مقابل تحمل المؤمن تبعية الخطر وتعهده بدفع مبلغ التأمين في حالة تحقق الخطر المؤمن عليه ( ) .
ولا يغير كون عقد التأمين عقد معاوضة عدم تحقق الخطر ، فإذا دفع المؤمن له أقساط التأمين لواجهة خطر معين ثم لم يتحقق الخطر حتى نهاية مدة عقد التأمين يظل عقد معاوضة ولا ينقلب إلى عقد تبرعي ، فالأقساط في الحقيقة ليست مقابل تحمل المؤمن للخطر فعلاً ، وإنما هي مقابل نقل عبء الخطر لو تحقق على عاتق المؤمن ، فهي ثمن الأمان للمؤمن له ، ويضاف إلى ذلك انعدام نية التبرع في عقد التأمين ( ) .
3- عقد التأمين عقد زمني
يعرف عقد التأمين بأنه من العقود الزمنية والعقود الزمنية هي تلك العقود التي يكون الزمن عنصراً ضرورياً فيها ، بحيث يكون الزمن هو المقياس الذي يقدر به محل العقد ( ) .
وعقد التأمين من عقود المدة ، وذلك بسبب انه ينشئ التزامات مستمرة بقدر فترات التنفيذ على عاتق المؤمن والمؤمن له ، وإذا كان عقد التأمين يعتمد في تنفيذه على المدة فان مقدار محله يجزء أيضا على الزمن وذلك أن الزمن يتحقق شيئاً فشيئاً على سبيل التعاقد ( ) .
وإذا نظرنا إلى المؤمن فأننا نلاحظ أن عقد التأمين بالنسبة له عقد مستمر من بداية إلى نهايته فهو لا يستطيع أن يقوم بتنفيذه في مدة اقل من المدة المتفق عليها بل انه يضمن الخطر المؤمن منه طوال فترة التأمين ، وذلك بسبب انه يوفر للمؤمن له الأمان والطما نيئة طوال فترة التأمين ( ) .
والأصل أن يكون عقد التأمين عقد مستمر بالنسبة للمؤمن له أيضا وذلك بسبب انه يلتزم بدفع الإقـساط في فتـرات دوريه تقابل الفتـرات التي يلـتزم المؤمن بالضمان ( ) ، ومع ذلك فـان التـزام المـؤمن لـه يكـون الـتزاماً غـير مسـتمر بطبيعته ، وذلك من خلال قيام المؤمن له بدفع القسط دفعه واحدة فلا يمتد التزام المؤمن له مع الزمن ، وإذا امتد التزام المؤمن له مع الزمن فذلك من اجل الضرورة القانونية حتى يمكن تحقيق المساواة بين الأطراف على الوجه الصحيح ( ) ، ومع ذلك يرى البعض انه في حالة دفع القسط دفعه واحدة فانه يبقى العقد مستمراً بالنسبة للمؤمن له وذلك بسبب تقدير أداء المؤمن له في هذه الحالة ، ويعتمد فيه على الزمن المتعاقد عليه ( ) .
وعلاوة على ذلك فان المؤمن له يلتزم حتى في حالة دفع القسط دفعه واحدة بان يبقى على الخطر بالحالة التي كان عليه وقت انعقاد العقد ، بمعنى انه يجب على المؤمن له أن يمتنع عم كل ما من شانه أن يؤدي إلى زيادة الخطر والالتزام بالامتناع وهو الالتزام مستمر بطبيعته ( ) .
ونرى أن هذه الحجة غير مقنعة ، فمن ناحية أولى إذا كان صحيحاً أن تقدير قيمة القسط يراعى فيه التأمين فليس من شانه أن يجعل التزام المؤمن له التزاماً مستمراً التنفيذ ، بالفرض انه نفذه دفعه واحدة ، ومن ناحية ثانية فانه يلتزم لتكيف عقد معين بأنه عقد زمني أن يكون الالتزامات الرئيسة منها التزامات مستمرة ( ) .
ويترتب على اعتبار عقد التأمين من العقود المستمرة عدة نتائج :-
أ- انه إذا تخلف أحد الأطراف المتعاقدين عن تنفيذ التزامه أثناء فترة سريان العقد ، فانه يترتب على ذلك الحكم بالفسخ لهذا العقد ، وذلك بسبب عدم تنفيذ الالتزام ، ويترتب على ذلك أن هذا الفسخ ليس له اثر رجعي وانه لا يؤثر على الأعمال التي حصلت في الماضي أثناء سريان العقد من كلا الطرفين فهذه الأعمال تبقى صحيحه ، وبالتالي يبقى المؤمن محتفظاً بالأقساط التي تقاضها من المؤمن له ، بسبب انه تحمل مقابلها عبء الخطر في المدة السابقة على الحكم بالفسخ ( ) .
ب- انه إذا استحالة تنفيذ التزام أحد الأطراف في عقد التأمين بسبب قوة قاهرة أو حادث فجائي ، كما إذا هلك الشيء المؤمن عليه من السرقة أو بفعل الحريق ، فان عقد التأمين ينتهي بقوة القانون وتسقط التزامات أطرافه من وقت الاستحالة فقط ، وذلك انه في العقود الملزمة للجانيين إذا انقضى التزام أحد الأطراف بسبب استحالة تنفيذه انقض معه التزام المؤمن بتحمل تبعة الخطر والتزام المـؤمن بدفـع الأقساط تسقط أيضـا لحظة إنفساخ العقد ( ) .
4- عقد التأمين عقد رضائي
لم يقم المشرع باعتبار عقد التأمين من ضمن العقود الشكلية التي يلزم لانعقادها توافر شكل معين ، بل اعتبره من ضمن العقود الرضائية التي يعتبر منعقدة بمجرد اتفاق كلا الطرفين ، وصدور الإيجاب والقبول منها ، وأيضا قام المشرع بعدم اشترطه كتابة هذا العقد حتى ينعقد ، مع أن الكتابة ضرورية للإثبات ذلك ، كذلك لم يعتبر عقد التأمين عقـد عيناً بحـيث يشتـرط فيـها دفــع القسـط الأول لقيام العقـد ونفاذه ( ) .
أحيانا قد يكون عقد التأمين في أحوال معينة عقداً إجباريا ، كالتأمين من المسئولية الناشئة عن حوادث السيارات ، ومع ذلك فانه ليس من شانه أن ينزع عن عقد التأمين طابعه الرضائي ، بسبب أن مبدأ إجباري التأمين يسوي فقط قبل أن يتم إبرام العقد ، أما عندما يبرم العقد فانه يشترط التراضي من كلا الطرفين حتى ينعقد هذا العقد ( ) .
– الفرع الثاني : خصائص عقد التأمين الخاصة به
1- عقد التأمين عقد إذعان
يعتبر عقد التأمين من العقود التي يفرض فيها الطرف القوي شروطه على الطرف الضعيف ، فالمؤمن له هنا لا يكون أمامه إلا أن يقبل بالشروط التي وضعها المؤمن في عقد التأمين ، دون أن يكون له الحق في مناقشتها أو تعديلها مهما كان السبب ، وبناء على هذا فانه يمكن القول أن عقد التأمين يعتبر عقد من عقود الإذعان بالنسبة للمؤمن له .
وهذا المركز القوي الذي يحتله المؤمن يدل على عدم المساواة القانونية بين الأطراف في عقد التأمين والتي يستعملها المؤمن بفرض شروط تعسفية اضطرارية بالمؤمن له ، وإزاء ذلك يتعين إيجاد وسائل قانونية كفيلة بحماية المؤمن لهم ( ) .
وبسبب هذا كـان لابـد من توفير الحماية للمؤمن لهم في مواجهة شركات التأمين ، وتكون تلك الحماية في عدة اتجاهات ، الأولى : فرض رقابة دقيقة على أن تكون إدارة شركات التامين ، بحيث تكفل حقوق المؤمنين لديها ، والثاني تدخل المشرع في تنطيم عقد التأمين بالكثير من القواعد الآمرة التي تفرض عدم المساواة الاقتصـادية بين الأطـراف ، بمعنى أن تكـفل حقـوق المؤمن لهم وتمـنع الإضرار بهم ، وذلك كوضع تعريف موحد للأقساط ببعض أنواع التأمين الإجباري ( ) .
وقد عمل المشرع المصري بالنص في المادة (149) مدني مصري بان جعل للقاضي سلطة تقديرية في ذلك فقد نص على انه (( إذا تم العقد بطريقة الإذعان أو كان قد تضمن شروطاً تعسفية جاز للقـاضي أن يعدل هذه الشـروط بان يعفي الطرف المذعن منها وذلك بما تقتضي بـه العـدالة ، ويقـع باطلاً كل اتفـاق على خـلاف ذلك ))، وقد أكد ذلك المشرع الأردني في نـص المـادة (204) مدنـي حيث نـص على انـه (( إذا تم العقد بطريقه الإذعان وكان قد تضمن شروطاً تعسفية جاز للمحكمة أن تعدل هذه الشروط أو أن تعفي الطرف المذعن منها وفقاً لما تقتضي به العدالة ، ويقع باطلا كل اتفاق على خلاف ذلك )) .
2- عقد التأمين عقد احتمالي
حرص المشرع المصري أن يضع عقد التأمين ضمن العقود الغرر الواردة في القانون المدني ، يقصد بعقود الغرر تلك العقود التي لا يستطيع كلا المتعاقدين أو أحدهما أن يعرف لحظة إبرام العقد مـدى ما سيـدفع ومدى ما سيحصل علية من العقد ، وإنما يتحدد مدى الكسب أو الخسارة في المستقبل عند تحقق أمر معين غير نعرف لحظة حصوله أو غير محقق في حد ذاته ( ) .
ورغم ذلك فقد ذهب جانب من الفقه إلى نفي الصفة الاحتمالية عن عقد التأمين ، وذلك على أساس انه يعتبر عقد احتمالي لا بالنسبة للمؤمن ولا بالنسبة للمؤمن له ، بسـبب أن المؤمن يجمع الأقساط من المؤمن لهم ثـم يقـوم بإعادة توزيعها عـند وقـوعه الكارثة المؤمن علـيها ، وبعد أن يخصم منـها مصروفـات الإدارة ، والمؤمن يعتمد في ذلك على القوانين وعوامل الإحصاء من اجل تحديد وبيان نسبة تحقق المخاطر ومقدار ما نسبته من خسائر ، وعلى ضوء هذا يتبين أن عقد التأمين عقداً احتمالياً للمؤمن له فقط ، وذلك لأنه يحقق الكسب وقد تلحقه الخسارة من وراء هذا العقد ، وقد ذهب بعض أنصار هذه الفكرة إلى أن عقد التأمين ليس عقداً احتمالياً أيضا بالنسبة للمؤمن له أو ذلك على أساس تن غرضه الحقيقي من إبرام العقد ليس بقصد المضاربة أو تحقيق الربح أو احتمال الكسب ( ) .
ولكن يرد على هذا الرأي بأنه يجب التمييز بدقه بين عقد التأمين من الناحية القانونية كعقد من العقود الملزمة للجانبين ، وبين عملية التأمين من الناحية الفنية او الاقتصـادية وذلك علـى النحو الأتي : فالتأمين من الناحية القانونية يعتبر عقد احتمالي ، ففي العلاقة بين المؤمن والمؤمن له يوجد عنصر الاحتمال بمعنى احتمال الكسب والخسارة للطرفين ، فإذا كان الخطر غير محقق الوقوع مثل خطر الحريق فقد يدفع المؤمن له الأقساط طوال مدة العقد ولا يتحقق الخطر ، فلا يلزم المؤمن بدفع مبلغ التأمين إلى المؤمن له ، ولكن العكس فإذا تحقق الخطر فان المؤمن يدفع مبلغاً لا يتناسب مع ما دفعه المؤمن له من أقساط ،أي يخسر المؤمن ويكسب المؤمن له ، فالحظ أو القدر يلعب دوراً في تحديد الكسب أو الخسارة في العقد ( ) .
أما من الناحية الفنية فالوضع مختلف ، فالتأمين يستهدف تفادي أو تنظيم ما يخبئ القدر للإنسان ، فالنسبة للمؤمن فان التنظيم العملي لعملية التأمين يبعدها عن الاحتمال ، فالمؤمن يعرف طبقاً للقانون نسبة الكوارث وقيمة الأقساط ويجري مقاصة بين المخاطر ، ويجري ذلك لقواعد علم الإحصاء على أسس علمية محسوبة بدقة ، وعلى هذا لا يتحكم في مجال التأمين من الناحية الفنية عنصر الصدفة ( ) .
3- عقد التأمين من عقود حسن النية
يعتبر عقد التأمين من عقود حسن النية ، مثله مثل سائر العقود وبذلك وفقاً للمادة (148) مدني مصري حيث نص على انه (( يجب تنفيذ العقد طبقاً لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية )) ، وكذلك نص المشرع الأردني في المادة (202/1) مدني حيث نص على انه (( يجب تنفيذ العقد طبقاً لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية )) ، ويخضع تنفيذ عقد التأمين لتلك القواعد العامة ، وبالرغم من ذلك فان عقد التأمين يتميز عن العقود الأخرى من حيث أن حسن النية يلعب دوراً في انعقاده وتنفيذه اكبر من الدور الذي يقوم أي عقد أخر ( ) .
فعندما يتم انعقاد عقد الـتأمين فيجب على المؤمن أن يعتمد في تقرير قبوله على مدى صحة البيانات التي يصرح بها المؤمن له عن ماهية الخطر والظروف المحيطة به ، وبسبب فعل المؤمن له عند الإدلاء بالبيانات أن يتحرى بحسن النية ، وأيضا عند تنفيذ عقد التِأمين فانه يجب على المؤمن له أن يمتنع عن كل ما من شانه زيادة الخطر ، وأيضا يجب عليه أن يخطر المؤمن بأي ظرف يمكن أن يؤدي إلى زيادة الخطر إن زيادة جسامته ، وأيضا إذا كان بأمان المؤمن أن يعمل على الحد من أثار الخطر إذا وقعت فعلية أن يعمل على ذلك ( ) .
وإذا تحقق الخطر فعلاً المؤمن له بعمل كل ما من شانه أن يحد من الآثار المترتبة على حدوث الخطر ، ونظراً لأهمية مبدأ حسن النية فان البطلان يلحق عقد التأمين إذا قام أدلى المؤمن له ببيانات كاذبة عن الخطر المؤمن منه ، وكذلك يسقط حق المؤمن له في الحصول على مبلغ التأمين ، وذلك إذا قام بعمل يتنافى مع مبدأ حسن النية ، وأيضا يسقط حق المؤمن له إذا قام وامتناع عن عمل طالما أن هذا الامتناع يتفق مع حسن النية ( ) ، وسوف يظهر ذلك بصورة واضحة عند دراسة الجزاءات الخاصة لعقد التأمين .
اترك تعليقاً