مقال قانوني متميز عن النظارة على الوقف وأحكامها
الولاية على الوقف ( النظارة على الوقف) :
المراد بالولاية على الوقف السلطة التي تخول من تثبت له الحق في حفظ الأعيان الموقوفة وإدارة شئونها واستغلالها وعمارتها وصرف غلاتها إلى المستحقين . ومن تثبت له هذه السلطة يسمى المتولي أو الناظر أو القيّم ، والمشهور في البلاد العربية إطلاق اسم الناظر على من يتولى شئون الوقف ، وعلى هذا فالناظر هو : من يكون له الحق في رعاية الأعيان الموقوفة وإدارة شئونها والمحافظة عليها واستغلالها استغلالاًً نافعا وإجراء العمارة اللازمة لها وجعل الشارع الولاية على الوقف أمراً لازما وحقا مقرراً . وتثبت الولاية على الوقف للواقف ما دام حياً ، ولمن يعينه الواقف نيابة عنه ، وبعد وفاة الواقف أو الناظر المعين تنتقل الولاية إلى القاضي لما له من الولاية العامة، فيولي على الوقف من يباشر شئونه.
شروط ناظر الوقف :
يشترط فيمن يتولى النظر على الوقف جملة من الشروط هي :
الإسلام : وذلك لأن النظر ولاية ولا ولاية لكافر على مسلم .
العقل : فلا يصح أن يتولى النظر مجنون .
البلوغ : فلا يصح تولية النظر لصغير .
العدالة : هي المحافظة الدينية على اجتناب الكبائر وتوقي الصغائر وأداء الأمانة وحسن المعاملة . فلا يصح تولية النظر لفاسق أو خائن للأمانة .
الكفاية : وهي قدرة الناظر على التصرف فيما هو ناظر عليه بما فيه المصلحة .
واجبات الناظر :
يجب على الناظر القيام بكل ما من شأنه الحفاظ على الوقف ورعاية مصلحته ، ومن ذلك :
عمارة الوقف :
بأن يقوم بأعمال الترميم والصيانة حفظا لعين الوقف من الخراب والهلاك .
تنفيذ شروط الواقف فلا يجوز مخالفة شروطه أو إهمالها ويجب الالتزام بها إلا في أحوال مخصوصة تقدم بيانها .
الدفاع عن حقوق الوقف في المخاصمات القضائية رعاية لهذه الحقوق من الضياع .
أداء ديون الوقف :
تتعلق الديون بريع الوقف لا بعينه وأداء هذه الديون مقدم على الصرف على المستحقين لأن في تأخيرها تعريضا للوقف بأن يحجز على ريعه .
أداء حقوق المستحق في الوقف وعدم تأخيرها إلا لضرورة كحاجة الوقف إلى العمارة والإصلاح أو الوفاء بدين .
ما يجوز للناظر من تصرفات وما لا يجوز :
يجوز للناظر كل التصرفات التي يكون فيها فائدة ومنفعة للوقف والموقوف عليهم ، مع رعاية ما اشترطه الواقف إن كان معتبراً شرعاً . ومنها على سبيل المثال : أن يؤجر الأعيان الموقوفة ولو على الموقوف عليهم ، ويصرف الأجرة التي يحصلها في مصارفها على حسب ما اشترطه الواقف، وكذلك الحال بالنسبة لزراعتها أو بنائها وعمارتها . وهناك جملة من التصرفات يمنع منها الناظر لما فيها من الإضرار بمصلحة الوقف من ذلك :
التلبس بشبهة المحاباة كأن يؤجر عين الوقف لنفسه أو لولده لما في ذلك من التهمة .
الاستدانة على الوقف ليكون السداد من ريع الوقف إلا في حال الضرورة . وذلك لما فيه من تعريض الريع للحجر لمصلحة الدائنين .
رهن الوقف لما يؤدي إليه من ضياع العين الموقوفة .
إعارة الوقف إلا للموقوف عليهم .
الإسكان في أعيان الوقف دون أجرة، أو بأقل من أجرة المثل .
أجرة الناظر :
يجوز أن يجعل لناظر الوقف مقدار من المال في كل شهر أو سنة أو مقداراً نسبياً معيناً من الغلة نظير قيامه بأمور الوقف ورعاية مصالحه ، فإذا كان الواقف قد عيّن للناظر أجراّ فهو له ، وإذا لم يكن الواقف قد عيّن للناظر أجراً على قيامه بشئون الوقف فللقاضي أن يجعل له أجراً مناسباً بحيث لا يزيد على أجر مثله ، لأن الزيادة في أجر المثل يترتب عليها إدخال النقص في حقوق المستحقين من الوقف .
مسئولية الناظر ومحاسبته :
يعتبر الناظر أمينا على مال الوقف ووكيلاً عن المستحقين فهو مسئول عما ينشأ عن التقصير نحو أعيان الوقف وغلته وفقاً للقواعد العامة للمسئولية ، كما يفترض عليه القيام بتقديم حسابا سنويا إلى القضاء وفقا لأسانيد مكتوبة .
عزل الناظر:
يجوز لمن ولىّ ناظراً على الوقف أن يعزله سواء كان من ولاه النظارة الواقف أو القاضي . لأن القاضي له حق العزل لخيانة تثبت على الناظر أو لفقدانه أهليته ، وفي حالة عزل الواقف أو القاضي الناظر لا ينعزل الناظر إلاّ إذا علم بالعزل فكل تصرف يباشره قبل علمه يكون نافذاً مادام له الحق في مباشرته .
إجارة الوقف :
الإجارة هي عقد تمليك المنفعة في الحال بعوض ، وركنها الإيجاب والقبول ويشترط في إجارة الوقف ما يشترط في إجارة الملك . وبما أن الناظر له الولاية على الوقف فله إجارة أعيانه ، ولا يملكها الموقوف عليه إلاّ إذا كان متوليا من قبل الواقف أو مأذونا ممن له ولاية الإجارة من ناظر أو قاض ، وهذا كذلك ينطبق على قبض الأجرة . وتنطبق أحكام قانون الإيجارات المعمول به في الكويت على مدة إجارة الوقف ، ولا يمكن مخالفة ما نص فيه . ويشترط على الناظر أن الإجارة تكون بأجرة المثل وذلك تطبيقا لمبدأ المسئولية الذي يشمله ، وإلاّ اعتبرت إدارته غير حسنة يستلزم بموجبه إقامة الأمر إلى القضاء للنظر من عدمه وفي استمرار إجارة الوقف وتصويبها أو إنهائها .
عمارة الوقف :
وهي من أهم واجبات ناظر الوقف ، لأن إهمال عمارة الوقف أو مرمته أو إصلاحه قد يؤدي إلى خرابه وهلاكه ، وقد أجمع الفقهاء على أن العمارة هي أول واجب يلقى على عاتق الناظر ، وعمارة الأعيان الموقوفة مقدمة على الصرف إلى المستحقين سواء في الوقف الخيري أو الأهلي ، لأنها تؤدي إلى دوام الانتفاع بالوقف وعدم تفويت منفعة من منافعه .
عمارة الموقوف للاستغلال :
إذا كانت العين الموقفة معدة للاستغلال بطبيعتها كالبنايات والمزارع ، فإن هذه الأعيان الموقوفة إذا احتاجت إلى تعمير أو إصلاح ، فإنه ينفق عليها من غلتها ، ولو أدى ذلك إلى حرمان المستحقين من حقوقهم في الغلة .
كما يحق لناظر الوقف أن يدخر قسماً من غلة الوقف لصرفها عند الحاجة إلى العمارة .
عمارة الموقوف السكني :
إذا كانت العين الموقوفة معدة للانتفاع بعينها ، كأن تكون داراً يسكنها الموقوف عليهم ، فإن المنتفع بهذه الأعيان الموقوفة هو الذي يقوم بعمارتها وإصلاحها من ماله الخاص لا من غلة الوقف ، وذلك عند قيام الحاجة إلى العمارة ، لأنه يستفيد منها باستغلال منافعها ، فوجب إصلاح ما ينخرم منها بناء على القاعدة الفقهية ” الغُنمُ بالغُرْم ” .
وإذا امتنع من له حق الُكنى – من الموقوف عليهم – عن عمارة الوقف ، رُفِعت يده عن الوقف ، وعلى الناظر أن يؤجرها ويعمرها ببدل الإيجار ، فإذا ما انتهت مدة الإجارة عادت العين الموقوفة إلى من له حق الانتفاع بالسُكنى .
استحقاق الموقوف عليهم غلة الوقف :
يجب على ناظر الوقف أداء حقوق المستحقين في الوقف من الموقوف عليهم ، وعدم تأخيرها مطلقاً إلاّ لضرورة تقتضي تأخير إعطائهم لحقوقهم ، كحاجة الوقف إلى العمارة والإصلاح أو الوفاء بدين على الوقف ، لأن هذا مقدم على الإعطاء للمستحقين . وإعطاء المستحقين حقوقهم من غلة الوقف ، يجب أن يكون بحسب ما فرضه الواقف لهم ، إذ يراعي شرطه في ذلك من الزيادة والنقصان والتقديم والتأخير ، لأن شروط الواقفين في ذلك معتبرة كما تقدم تفصيله .
حرمان الموقوف عليه إذا قتل الواقف :
يحرم من الاستحقاق في الوقف من قتل الواقف أو قتل من يتلقى عنه الاستحقاق قتلاً مانعا من الميراث ولا يؤثر حرمان القاتل على استحقاق ذريته . وذلك لأن من أستعجل شيئاً قبل أوانه عوقب بحرمانه قياساً على حرمان الوارث من الإرث إذا قتل مورثه . ومن الفقهاء من ذهب إلى أن القتل لا يكون سبباً في حرمان المستحق في الوقف .
تفسير كلام الواقف :
المعتبر في تفسير ألفاظ الواقف مدلول الألفاظ لا المقاصد ، وذلك لعدم الاطلاع عليها ما لم تقم قرينة تدل على ذلك فتكون المعول عليها فإذا أجمل الواقف شرطه اتبع العرف المطرد في زمنه لأنه بمنزله الشرط ثم ما كان أقرب إلى مقاصد الواقفين .
اترك تعليقاً