محمد علي التقرتي يكتب عن الكمبيالة في القانون التجاري التونسي
اعادة النشر بواسطة محاماة نت
اتفق جمهور القضاء ان الكمبيالة ورقة مكتوبة من شخص يسمى الساحب وهو منشئها الذى يعطي توكيلا بموجبها لشخص اخر يسمى المسحوب عليه بان يدفع لشخص ثالث و هو الحامل او المستفيد مبلغا ماليا في تاريخ معين.
استنادا الى هذا التعريف فان العلاقة القانونية القائمة بين الاشخاص الثلاثة بالكمبيالة هي بالأساس علاقة مديونية فالساحب دائن للمسحوب عليه بقدر من النقود يسمى المؤونة مقابل ما اعطاه له من أشياء ذات قيمة كتزويد ببضاعة يكون ثمنها هو مؤونة الكمبيالة والمستفيد دائن للساحب بمبلغ مالي بنفس المقدار اصطلح على تسميته « بوصول البضاعة ».
هذا ما عرفت به محكمة التعقيب الكمبيالة في قرارها المؤرخ في 1 فيفري 2001 تحت عدد 3599.
الكمبيالة عمل تجاري قانونا مهما كان الاشخاص المتعاملون بها سواء أ كانوا من التجار ام لا حسب منطوق الفصل 269 من القانون التجاري الذي اوجب شروطا شكلية لصحة الكمبيالة تتعلق بذكر « كمبيالة’ في نص السند باللغة المعتمدة في تحريرها كذكر التوكيل المجرد بدفع المبلغ المضمن بها كما يجب ان تتضمن الكمبيالة اسم من يجب عليه الدفع او المسحوب عليه واسم وبيان اجل الدفع وتاريخ ومكان انشاء الكمبيالة وتوقيع منشئ الكمبيالة او الساحب.
تفقد الكمبيالة صفتها كورقة تجارية اذا خلت مما ذكر اعلاه الا في صور عددها الفصل فان خلت من تاريخ الحلول او تاريخ الدفع تعتبر واجبة الدفع بمجرد الاطلاع عليها اي بمجرد المطالبة بها واذا لم يُعين مكان خاص بالدفع عُد المكان المذكور بجانب اسم المسحوب عليه مكان دفع الكمبيالة واذا لم يُذكر بها مكان انشائها عُد المكان المذكور بجانب اسم الساحب مكان الانشاء.
وفي عدا الصور المذكورة فقد قررت محكمة التعقيب ان عدم ذكر تاريخ الانشاء مثلا ينجر عنه فقدان السند قيمته على صعيد الاحتجاج و قواعد الصرف بحيث تُعتبر الكمبيالة ورقة دين عادية بين الساحب والمسحوب عليه مباشرة.
مدني عدد 2803 مؤرخ في 06/12/2004 – ان الكمبيالة و رقة تجارية خاضعة لأحكام القانون الصرفي و ضوابطه الا انها تظل في الوقت ذاته سند مدنيا تخول اعتماد القانون المدني العام .
مدني عدد 28177 مؤرخ في 27/01/1993 إنه من المسلم به قانونا أن الكمبيالة تشتمل على شروط شكلية فإذا تخلف شرط منها لا تعتبر الوثيقة كمبيالة عدا الحالات المخصوصة والتي نص عليها الفصل 269 من المجلة التجارية وبذلك فإن عدم ذكر تاريخ الإنشاء والذي هو من الأركان الجوهرية يفقد السند قيمته على صعيد الاحتجاج وطبق قواعد الصرف.
الا ان محكمة التعقيب وفي قرار سابق قضت بخلاف ذلك و بصحة الكمبيالة بالرغم من خلوها من ذكر تاريخ انشاءها.
مدني عدد 7512 مؤرخ في 13/07/1982 – بيع العقار الملتزم فيه المشترى بكمبيالة امضاها بخط يده في دفع الثمن المذكور بها فتلك الوثيقة تكون ملزمة له بموجب القانون ولو تكون خالية من ذكر تاريخ انشائها ولا تعارضها في مبلغها الرخصة الادارية المذكور فيها ثمن اقل مما بالكمبيالة (تحيلا على الدولة) وبذلك فان اعتماد الكمبيالة في الثمن والحكم على المشترى بأداء باقيه يكون في طريقه ولا مطعن فيه.
تفيد وقائع القضية ان العلاقة قائمة بين الساحب والمسحوب عليه مباشرة وان الكمبيالة حُررت ضمانا لخلاص ثمن عقار حُرر بشأنه كتب بيع مستقل ويستخلص من القرار ان للساحب ان يثبت حقيقة تاريخ الانشاء في العلاقة المباشرة بينه وبين المسحوب عليه وان الكمبيالة تبقى بالرغم من خلوها من تاريخ انشائها ورقة تجارية لا يمكن معارضة ما ضُمن بها من مؤونة بالوثائق المتضاربة معها.
ذلك ان الفصل 275 من المجلة التجارية اقتضى صراحة ان قبول الكمبيالة من طرف المسحوب عليه يقوم قرينة على وجود المؤونة في العلاقة بين الساحب والمسحوب عليه.
اثيرت مسالة طبيعة القرينة الواردة بالفصل 275 من المجلة التجارية ان كانت تقبل حجة مضادة لمعارضتها ام لا بوصفها قرينة قانونية وقد جاء في الفصل 485 من المجلة صراحة انه إذا قامت قرينة قانونية بصحة دعوى أغنت صاحبها عن كل بينة أخرى ولا تقبل بينة لمعارضة القرينة القانونية.
الا ان محكمة التعقيب وفي العديد من قرارتها قضت بان قرينة الفصل 275 قرينة بسيطة يمكن معارضتها بالحجة المضادة.
مدني عدد 60049 مؤرخ في 01/02/1999 طالما امضى المسحوب عليه بالقبول على الكمبيالة سند الدين فإن ذلك يعد قرينة على وجود المؤونة ولا يمكنه بالتالي التفصي من التزامه بأداء مبلغها الا بدحض تلك القرينة من خلال اثبات عدم وجود المؤونة او عدم لزوم الكمبيالة له بأي وجه من الاوجه القانونية الاخرى.
وفي قرار سابق بينت محكمة التعقيب ان قرينة الفصل 275 من المجلة التجارية قرينة مزدوجة فهي مطلقة لا تقبل الحجة المضادة في علاقة المسحوب عليه بينه وبين حاملي الكمبيالة وهي قرينة بسيطة تقبل الحجة المضادة في علاقة المسحوب عليه بالساحب.
مدني عدد 3086 مؤرخ في 05/05/1981 – ان القبول قرينة على وجود المؤونة وتفريعا على ذلك فان المسحوب عليه الموقع على الكمبيالة بالقبول تقوم ضده قرينة مطلقة تجاه الحامل وقرينة بسيطة تجاه الساحب تمكن معارضتها بالحجة المضادة في صورة الانكار فيجب على الساحب ان يثبت المؤونة وفي صورة عدم الاثبات يلزمه الضمان للحامل ولو حمل المعنى على انه في صورة الانكار يلزم الساحب بالإثبات مطلقا أي سواء كان الامر يتعلق العلاقة بين الساحب والحامل او بين الساحب والمسحوب عليه لتعارض مع قوله أن القبول قرينة على وجود المؤونة ولا صبح قوله والا لزمه ضمانها عديم المعنى اذ لا وجود لطرف ثالث حتى يقع الضمان.
مدني عدد 37676 مؤرخ فى 27/09/1995 ما يمكن استنتاجه من الفصل 275 من المجلة التجارية هو أن إمضاء المسحوب عليه بالكمبيالة وهو معنى القبول يعتبر قرينة على وجود المؤونة تغني الساحب عن إثباتها في صورة إنكارها من المحسوب عليه إذا كانت الكمبيالة محررة لأمر الساحب نفسه ذلك أن علاقة المديونية لم تتعد ساحبها وقابلها أما لو كانت الكمبيالة محررة بين ثلاثة أشخاص ساحب ومسحوب عليه ومسحوب لفائدته أو كانت مظهرة لشخص آخر فإن الساحب في هاتين الصورتين فحسب يتعين عليه أن يثبت وجود المؤونة في صورة إنكارها من طرف المسحوب عليه.
فالمبدأ في قانون الصرف انه لا يمكن للمسحوب عليه معارضة حامل الكمبيالة من غير الساحب بدفوعات تستند الى علاقته الشخصية بالساحب وهو مبدأ اقرته محكمة التعقيب
مدني عدد 50937 مؤرخ في 04/03/1998 إن الأشخاص المدعى عليهم بمقتضى الكمبيالة لا يمكن لهم أن يتمسكوا ضد الحامل بوسائل المعارضة المبنيَة على علاقاتهم الشخصية بالساحب أو بحامليها السابقين ما لم يكن الحامل قد تعمَد عند اكتسابه الكمبيالة الإضرار بالمدينين.
ولكن محكمة التعقيب أقرت مبدا امكانية معارضة الحاملين للكمبيالة من غير الساحب اذا كان المسحوب عليه ينكر امضاءه بالكمبيالة وينكر قبوله لها وقد رماها بالزور فالدفع بتزوير الكمبيالة ليس من الدفوعات التي هي خاصة بعلاقة الساحب بالمسحوب عليه والتي لا يمكن معارضة الغير بها اذ ان المسحوب عليه ينكر في هذه الحالة الالتزام وقبول الكمبيالة مدني عدد 27968 مؤرخ فى 31/03/1993 إن نكران المسحوب عليه لإمضائه للكمبيالة لا يعد من الوسائل المعارضة المبنية على العلاقة الشخصية بين الساحب والمسحوب عليه والتي لا يمكن معارضة الحامل بها. لأن التوقيع المزور للكمبيالة هو مبنيا على أسباب جدية وهو نفي للعلاقة مع من نسب له سحب الكمبيالة.
كما اقرت محكمة التعقيب استثاءا آخر لعدم مجابهة الحامل بالدفوعات الشخصية بين الساحب والمسحوب عليه وهي الحالة التي يكون فيها الحامل عن سوء نية .
لا ينطبق مبدأ عدم معارضة الحامل بالدفوعات التي تهم علاقة المسحوب عليه بالساحب اذا كان الحامل سيء النية ينوي الاضرار بالمدين
مدني عدد 46476 مؤرخ فى 13/11/1997 إن من أثار التظهير الناقل للملكية نقل الحق الثابت في الكمبيالة إلى المظهر إليه وملحقاته كما أنه من آثاره أيضا التطهير من الدفوع او عدم الاحتجاج بالدفوع على الحامل الحسن النية ومؤدي هذه القاعدة الواردة بالفصل 280 من المجلة التجارية أن المدين بالكمبيالة لا يجوز له الامتناع عن الوفاء للحامل الحسن النية.
ويضيف القرار إن قاعدة عدم الاحتجاج بالدفوع عن الحامل الحسن النية أساسه نص تشريعي راعي الحاجة العملية و الحرص على تيسير تداول الكمبيالة وتنشيط وظائفها الاقتصادي.
وفي توضيحها لسوء نية حامل الكمبيالة جاء في قرار لمحكمة التعقيب
مدني عدد 2758 مؤرخ في 27/02/2001
خلافا للمنحى الذى انتهجته محكمة الموضوع فان الفصل 280 من م ت ينص على انه يمكن معارضة الحامل بالدفوعات المبنية على العلاقة الشخصية بالساحب او بحامليها السابقين شريطة عدم تعمد الحامل عند اكتسابه الكمبيالة الاضرار بالمدين و هو ما عبر عنه فقه القضاء بالحامل حسن النية و عليه فان الحامل السيء النية يمكن معارضته بالدفوعات التي يواجه بها الساحب او المدين الأصلي.
وحيث يستخلص بالرجوع الى نص القرار ان تظهير الكمبيالة لفائدة الحامل بعد أجل حلولها يجعل من الحامل حاملا عن سوء نية يمكن معارضته بجميع الدفوعات التي يمكن للمسحوب عليه التمسك بها ضد الساحب كما ان الحامل عن سوء نية او عن حسن نية لا يمكنه المطالبة بالكمبيالة على اساس كونها دين مدني عام اذا فقدت الكمبيالة صيغتها الصرفية لمرور اجال المطالبة بها الخاصة بقانون الصرف والواردة بالفصل 315 من المجلة التجارية، فالمطالبة بأداء معين كمبيالة على اساس القانون المدني العام لا يكون الا في علاقة الساحب بالمسحوب عليه.
قد يشترط في الكمبيالة ضرورة قيام الاحتجاج سواء على عدم القبول او على عدم الوفاء.
اذا كانت الكمبيالة مقبولة فان محكمة التعقيب قضت بعدم ضرورة اقامة الاحتجاج
مدني عدد 16844 مؤرخ في 04/04/1989 1- الكمبيالة المقبولة لا تحتاج الى تحرير احتجاج في عدم قبولها لان الاحتجاج لا يقتضيه الا رفض القبول.
اما بالنسبة للاحتجاج بعد الوفاء فان غياب الاحتجاج في الآجال القانونية او عدم القيام به اصلا لا تأثير له بحسب محكمة التعقيب في علاقة الحامل بالمسحوب عليه.
مدني عدد 54033 مؤرخ فى 06/05/1998 إن عدم القيام بالاحتجاج لا يفضي إلى حرمان الحامل من حق مطالبة المسحوب عليه القابل بالخلاص ضرورة أن الغاية الأصلية من الاحتجاج هي إثبات امتناع هذا الأخير من القبول أو الوفاء لممارسة دعوى الرجوع على بقية الملتزمين بالكمبيالة.
بل يمكن الاستعاضة عن الاحتجاج بمجرد انذار بالدفع او بالقيام رأسا لدى القضاء لإثبات عدم الخلاص
مدني عدد 70775 مؤرخ في 08/12/1999 عدم الاحتجاج بالكمبيالة غير الخالصة ليس فيه تأثير على أصل الدين أو حلوله خاصة لدى العلاقة الأصلية الرابطة بين الساحب والمسحوب عليه ويكفي مجرد الانذار أو القيام لدى القضاء لإثبات عدم الوفاء.
الا ان غياب الاحتجاج وعدم القيام به في آجاله القانونية له اثره في علاقة الحامل ببقية المظهرين للكمبيالة وبالساحب فان الحامل يفقد حقه في تتبعهم ومطالبتهم بأداء قيمة الكمبيالة.
مدني عدد 16844 مؤرخ فى 04/04/1989
الاحتجاج لعدم الوفاء و ان كان اجراء لازما لإثبات الامتناع عن الدفع فان النتائج التي تترتب على عدم تحريره أصلا أو على تحريره في غير ميعاده القانوني قد وضحها الفصل 315 من المجلة التجارية و تتمثل في سقوط حقوق الحامل على المظهرين و الساحب و غيرهم من الملتزمين باستثناء قابل الكمبيالة الذي بتوقيعه علي الكمبيالة يلتزم مباشرة و شخصيا للحامل بالوفاء بقيمتها بغض النظر عن وجود المؤونة او عدم وجودها لديه و لا ينال في هذا الالتزام عدم اقامة الاحتجاج أو اقامته بعد الأجل المحدد له قانونيا.
اترك تعليقاً