النظام العام و وظيفة المحكم الدولي
اعادة نشر بواسطة محاماة نت
إن فكرة النظام العام من الأمور المهمة التي يتركز النقاش خاصة فيما يتعلق التجارة الدولية والتحكيم في شأنها ويكاد يكون معدوما الاتفاق على تبني ضابط مستقر للنظام العام كما خلت نصوص القوانين في أكثر الدول من تعريف محدد لفكرة النظام العام فإذا كان المشرع الوطني قد سمح بتطبيق القوانين الأجنبية على إقليمه فإن هذا لا يعني أنه قد أباح هذا الأمر بشكل مطلق لمشرعي دول العالم جميعها إذ من غير المقبول أن يطبق القاضي قانونا أجنبيا يتعارض مفهومه مع النظام العام في دولته أي مع المثل العليا والمبادئ الأساسية والجوهرية السائدة في دولة القاضي. وبهذا تكون فكرة النظام العام بمثابة صمام الأمان الذي يحمي الأسس الجوهرية في المجتمع.
إن قواعد النظام العام هي القواعد التي تتعلق بنظام المجتمع الأعلى وتعلو على مصلحة الفرد فهي فكرة مفهومها متغير تبعا للزمان والمكان. و العبرة في مدى مطابقة الموضوع مع النظام العام من عدمه هو في وقت نظر الدعوى في بنفس الوقت الذي نشأ فيه المركز القانوني[1]. إن النظام العام في العلاقات ذات الطابع الدولي (النظام العام الدولي) والنظام العام في القانون الداخلي بالنسبة لكل دولة هو ذات النظام العام فيها، فهما يهدفان إلى صيانة المصالح الجوهرية لمجتمع الدولة، مع تسجيل توجه حديث يقضي بتضييق مفهوم النظام العام الدولي كلما تعلق الأمر بمصالح التجارة الدولية.
النظام العام ودور المحكم في هذا الشأن:
إن المحكم في المنازعات التجارية الدولية قد يلتزم باعتبارات النظام العام الوطني في بعض الأحيان، ولذلك يتعين على المحكم أن لا يتجاهل النظام العام الوطني في الدولة التي سينفذ الحكم فيها وإلا امتنع قضاء هذه الدولة عن السماح بتنفيذه، كذلك قد يراعي المحكم اعتبارات النظام العام في الدول التي اتخذتها هيئة المحكمين مقرا لها على الأقل بالنسبة للإجراءات المتبعة في التحكيم. ومن حق المحكم استبعاد أحكام القانون الذي اختاره الأطراف لحكم اتفاقهم وكذلك استبعاد الأحكام المستخلصة من بعض الشروط المتفق عليها، وذلك فيما لو تبين تعارض هذه الأحكام مع اعتبارات النظام العام المشترك المتعارف عليها دوليا أو لاستبعاد شرط من شروط العقد لمخالفته الاعتبارات الجوهرية في التجارة الدولية.
إن إعمال فكرة النظام العام الدولي يتحدد بداية في مجال المنازعات المتعلقة بالتجارة الدولية دون غيرها وعند استبعاد المحكم للقانون المتفق عليه بين أطراف عقد التجارة الدولية لمخالفته للنظام العام قد يطبق العرف الدولي أو قواعد غير وطنية وهي قواعد عبر الدول، وقد تشكل هذه القواعد ما يسمى بقانون التجارة الدولية أو القانون التجاري الدولي مستقبلا.
[1] – د. أحمد سالم، القانون الدولي الخاص المصري، الجزء الأول، دار النهضة العربية، القاهرة، 1956، ص 176.
اترك تعليقاً