قواعد الأونسيترال – Uncitral
ادا كانت التجارة الدولية ومشاكلها، ليس أمامها سوى التحكيم كقضاء أصيل للعولمة من أجل حسم منازعاتها، إلا أن تعدد الأنظمة القانونية في العالم يجعل حل منازعات التجارة الدولية ليس بالأمر اليسير.
من هنا أخدت منظمة الأمم المتحدة على عاتقها التقريب والتوفيق بين قواعد التحكيم في مختلف الأنظمة القانونية في العالم لصبها في إطار يضمن التجانس بينها وحسن سيرها تم تنفيذ أحكامها.
وهكذا بعد أن أشرفت الأمم المتحدة على وضع اتفاقية نيويورك، دعت اللجنة الاقتصادية والاجتماعية فيها، في قرار اتخذته سنة 1959[1] حكومات الدول لتطوير تشريعات وهيئات التحكيم لديها وتسهيل اللجوء إليه.
وبعد تشكيل الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1966 للجنة القانون التجاري الدولي وانصرفت هده اللجنة إلى السعي للتوفيق والتوحيد بين قوانين التحكيم الدولي في العالم، مدرجة هذا الموضوع على رأس جدول أعمالها سنة 1968[2]. وأهم ملاحظة يمكن إثارتها بخصوص هذه القواعد كونها جاءت توفيقية لتكون مقبولة بوجه عام في البلدان الرأسمالية والاشتراكية في تلك المرحلة، وفي البلدان الصناعية، وبلدان العالم النامي ،وكذا البلدان المطبقة لأعراف القانون الانكلوساكسوني، والبلدان المطبقة للقوانين المدنية الرومانية الأوروبية .
كما أخدت بعين الاعتبار اتفاقية نيويورك 1958، وجنيف 1961، واتفاقية واشنطن لحل خلافات الاستثمارات الأجنبية، وكدا اتفاقية موسكو لسنة 1972، كما راعت أنظمة هيئات تحكيم دولية دائمة، ولاسيما هيئة تحكيم غرفة التجارة الدولية بباريس وهيئة التحكيم الأمريكية.
إذا ومن خلال تحليلنا أو تحديدنا للنهج الذي سلكته هذه القواعد تأكيدا منها لإرادة الأطراف في التحكيم التجاري الدولي، اخترنا التطرق إليها في نقطتين على التوالي نخصص النقطة الأولى منها للحديث عن اختيارية هده القواعد، على أن نتطرق من خلال النقطة الثانية لتأكيد اختيارية الإرادة على مستوى القانون الواجب التطبيق.
اختيارية قواعد اليونسترال
إن قواعد التحكيم للجنة القانون التجاري الدولي في هيئة الأمم المتحدة ليست نظاما تحكيميا لهيئة تحكيمية دائمة ، ولكن طبيعة هذا النظام التحكيمي تستدعي وجود مثل هذا النظام ذاته “سلطة التسمية”التي تسمي المحكم المنفرد إذا لم يتفق على تسميته، وتسمي المحكم الثالث المرجح إذا كانت المحكمة التحكيمية مؤلفة من ثلاث محكمين، ويسمى كل طرف محكما ولولم يتفق المحكمان على المحكم الثالث المرجح، كما أنها هي السلطة التي تبت وتنظر في أسباب رد وعزل المحكمين .
من هنا فالإحالة على نظام قواعد تحكيم لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي UNICTRAL يجب أن تقترن بتعيين < سلطة التسمية > سواء كانت هذه السلطة هيئة تحكيمية دائمة أو شخصا معينا، فإدا لم تقترن الإحالة بدلك فإن فراغا يمكن أن يشل أو يعيق على الأقل سير التحكيم.
كما أن قواعد تحكيم لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي كانت قواعد تحكيم حالات خاصة للتجارة أو الأعمال الدولية، ولكن أسقط من هذا العنوان الحالات الخاصة، حتى لايوحي العنوان خطأ بأنه ليس في هذه القواعد التحكيمية مكانا لهيئات التحكيم الدائمة ، مع أن فيها دورا يجب أن يضطلع به شخص ما أو هيئة تحكيمية ما ،كذلك تبنت كثير من هيئات التحكيم الدولية الدائمة قواعد تحكيم لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي اليونسترال ، وجعلت هذه القواعد في نظامها التحكيمي ولا سيما مركز القاهرة للتحكيم [3] ،ومحكمة لندن للتحكيم الدولي ، والمراكز التحكيمية للغرف العربية الأوروبية المشتركة.
كما أن هده القواعد لاتطبق إذا اصطدمت بنصوص إلزامية في القانون المطبق على التحكيم، وفي هذه الحالة فإن الأحكام الإلزامية هي التي تطبق مكان القواعد التي تصطدم بها قواعد اليونسترال ذاتها.
وقد أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة عندما أقرت قواعد التحكيم سنة 1976 أن ” الاعتراف بفائدة التحكيم كوسيلة لحسم المنازعات الناشئة عن علاقات تجارية دولية أو الاقتناع بأن إرساء قواعد تحكيم الحالات الخاصة حتى تكون مقبولة في دول العالم التي لها أنظمة قانونية واجتماعية واقتصادية مختلفة، من شأنها المساهمة بشكل فعال في تطوير علاقات اقتصادية دولية منسجمة ” .
[1] قرار رقم 708/67 للجنة الأمم المتحدة
[2] حيث قامت الجمعية وبمشورة 75 هيئة تحكيمية في العالم ووضعت مسودة قواعد التحكيم التي بحثت في مؤتمر تحكيم دولي عقد في نيودلهي من 17 إلى 10 يناير 1975 انصبت خلاله مناقشة معمقة وشاملة لهده القواعد من مختلف الأنظمة القانونية في العالم بأسره ولا سيما المجلس الدولي للتحكيم التجاري في العالم واتخذت بنتيجة هدا المؤتمر توصية سرعة انجاز وضع هده القواعد وهكذا وضعت لجنة القانون التجاري الدولي للأمم المتحدة قواعد التحكيم الدولي في 28 /09 /1976 خلال تلات سنوات من العمل مع كبار الحقوقيين الدوليين وعبر مناقشات ومؤتمرات ولقاءات دولية .
وقد اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة من 15 /12 /1976 بمقتضى القرار رقم 98 للدورة 31
[3] عقد يوم الأحد 17 دجنبر 2006 بمقر الأمانة العامة للجامعة العربية أعمال المؤتمر الدولي حول قواعد “اليونسترال” النموذجية للتحكيم التجاري الدولي بمناسبة مرور 30عاماً من تطبيقها والاتجاهات الخاصة بتعديل بعض القواعد في ضوء ما أسفر عنه تطبيقها طبقاً لمتطلبات العصر
وأكد الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى في كلمته أمام الجلسة الافتتاحية للمؤتمر على أهمية النجاح المحرز في تطبيق قواعد لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي اليونسترال للتحكيم على مدى مسيرته الطويلة خلال ثلاثين عاماً-
للمزيد: