يعتبر المغرب بلدا غير منتج للموارد الطاقية التقليدية (بترول، فحم، غاز طبيعي…)، إذ يقوم باستيراد 96٪ من احتياجاته من الطاقة مما يفرض عليه مضاعفة الجهود لتخفيف التبعية الطاقية للخارج خاصة في ظل الطلب المتزايد على الطاقة الكهربائية الذي يعرف نموا سنويا يصل إلى 8 بالمائة. و نظرا لحجم انتظارات النسيج الاقتصادي الوطني من قطاع الطاقة الكهربائية، الذي يقع على عاتقه عبئ مواكبة المخططات القطاعية المعتمدة في قطاعات الفلاحة و الصناعة و السياحةو الخدمات مع ما يتطلبه ذلك من إنجاز بنيات التجهيز الكهربائي، فقد تركزت الجهود في السنوات الاخيرة نحو اعتماد استراتيجية جديدة للطاقة قادرة على الإجابة على التحدي الطاقي بالمغرب.
في هذا الصدد، فقد اعتمدت السلطة الحكومية المكلفة بالقطاع استراتيجية وطنية تروم تحقيق مجموعة من الأهداف تتمثل في تأمين التزويد بالطاقة و تعميم الولوج إلى خدمة مرفق الكهرباء بأسعار معقولة مع التحكم في الطلب على الطاقة و المحافظة على البيئة. و بغية الوصول إلى هذه الاهداف تم اعتماد مبادئ توجيهية تؤطر تنفيذ الاستراتيجية المذكورة تتجلى في إنشاء باقة إنتاج كهربائي متنوعة تنبني على خيارات تكنولوجية موثوقة وتنافسية ثم تعبئة الموارد المحلية من خلال تطوير استخدام الطاقة المتجددة إلى جانب تعزيز النجاعة الطاقية باعتبارها أولوية وطنية للتحكم في الطلب على الطاقة دون إغفال التكامل الجهوي مع دول الجوار من خلال الربط الكهربائيl’interconnexion .
و قد بادرت السلطات العمومية في إطار تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للطاقة إلى اعتماد إطار قانوني جديد كألية ضمن أليات أخرى(، مالية، تقنية،) قصد الوصول إلى الهدف المتعلق بتوسيع مساهمة الطاقات المتجددة ضمن باقة الإنتاج الكهربائي ليصل إلى 42 بالمائة في أفق 2020.
في هذا السياق، سيتم تبني القانون رقم 13-09 المتعلق بالطاقات المتجددة كإطار محفز للمبادرة الخاصة من خلال فتح المجال لإقامة منشآت لإنتاج الطاقة الكهربائية واستغلالها انطلاقا من مصادر الطاقات المتجددة من لدن أشخاص ذاتيين أو معنويين، من القطاع العام أو الخاص . عموما، يهدف هذا القانون الجديد إلى تحقيق مجموعة من الاهداف تتمثل حسب ديباجته في:
“- النهوض بإنتاج الطاقة انطلاق من مصادر متجددة و بتسويقها و تصديرها بواسطة وحدات عامة أو خاصة؛
– إخضاع منشآت إنتاج الطاقة انطلاقا من مصادر متجددة لنظام الترخيص أو التصريح؛
– تخويل المستغل الحق في إنتاج الكهرباء انطلاقا من مصادر طاقات متجددة لحساب مستهلك واحد أو مجموعة من المستهلكين المستفيدين من الربط بالشبكة الكهربائية الوطنية ذات الجهد المتوسط و الجهد العالي و الجهد جد العالي في إطار اتفاقية يلتزم فيها المستهلكون المذكورون بأخذ واستهلاك الكهرباء التي يتم إنتاجها حصرا لاستعمالاتهم الخاصة.”
انطلاقا مما سبق، نتعرض فيما يلي لهذا الإطار القانوني التي سنه المشرع لإنتاج الكهرباء من مصادر متجددة (الفقرة الأولى) ثم تسويق و تصدير هذا النوع الكهرباء (الفقرة الثانية)
الفقرة الأولى: الأنظمة القانونية لإنتاج الكهرباء من مصادر متجددة.
قبل الخوض في هذه الأنظمة لا بد من الإشارة إلى أن القانون رقم 13-09 أكد على مبدأ عام فيما يخص مجال إنتاج الكهرباء انطلاقا من مصادر متجددة باعتبار أن هذا النشاط موكول بصفةمشتركة بين المكتب الوطني للكهرباء و المصالح للشربو الأشخاص المعنوية الخاضعة للقانون العام و القانون الخاص و كذا الأشخاص الذاتيين.
و تفاديا لأي تضارب في تأويل يخص هذا النوع من مصادر الطاقة اعتمد المشرع مجموعة من التعريفات في فصله الاول خاصة ما يتعلق بتحديد المقصود بمصادر الطاقة المتجددة باعتبارها كل مصادر الطاقات التي تتجدد بشكل طبيعي أو بفعل بشري، باستثناء الطاقات المائية التي تفوق قدرتها المنشئة 12 ميغاواط. كما حدد المشرع في هذا الفصل على سبيل المثال لا الحصر أشكال هذه المصادر ممثلة في الطاقات الشمسية و الريحية و الحرارية الجوفية و الطاقة المتأتية من حركة الأمواج و الطاقة المتأتية من تيارات المدو الجزر و كذا الطاقة الناجمة عن الكتلة الحية و الطاقة المتأتية من غازات المطارح و غاز محطات تصفية المياه العادمة و الغاز العضوي.
هذه المصادر التي اتى على تعريفها المشرع يمكن استخدامها لإنتاج الطاقة الكهربائية شريطة الاحترام الكامل للأنظمة الذي أسسها القانون المذكور. هذه الأنظمة تختلف درجة أهميتها من حيث المساطر الإدارية التي يتوجب على المعنيين سلوكها تبعا لأهمية المشروع المراد إقامته. فكلما كانت القدرة المنتجة للمشروع أكبر كلما كان النظام المعني بها أكثر تدقيقا و صرامة و العكس صحيح.
و تجدر الإشارة إلى أن القانون المذكور سمح للمعنيين، و دون قيد، إنشاء و استغلال و تغيير منشأة إنتاج الطاقة الكهربائية انطلاقا من مصادر الطاقات المتجددة إذا كانت قدرتها المجمعة القصوى في موقع واحد أو مجموعة مواقع في ملك نفس المستغل تقل عن 20 كيلوواط. كذلك الشأن بالنسبة لمنشآت الطاقة الحرارية انطلاقا من مصادر الطاقات المتجددة إذا كانت قدرتها المجمعة القصوى في موقع واحد أو مجموعة مواقع في ملك نفس المستغل تقل عن 8 ميغاواط حرارية.
أ- نظام الترخيص
يعتبر هذا النظام مقارنة بنظام التصريح أكثر تعقيدا من الناحية المسطرية و الادارية مقارنة بنظيره الاخر نظام التصريح. و يهم هذا النظام حسب الفصل الثالث من القانون جميع مشاريع إنجاز منشآت إنتاج الطاقة الكهربائية، انطلاقا من مصادر الطاقات المتجددة التي تساوي قدرتها المنشأة أو تفوق 2 ميغاواط،، أو استغلالها أو التوسيع من قدرتها أو تغييرها. و بالتالي فالأمر لا يقتصر فقط على مجرد إنجاز مشروع جديد لإنتاج الطاقة الكهربائية بل يمتد نظام الرخصة ليشمل كذلك طبقا للمادة 16 و 17 من هذا القانون كل مشروع لتوسيع قدرة المنشأة يؤدي إلى تغيير في قدرتها المنشأة الأولية و كذا كل مشروع تغيير يؤدي إلى تحويل المنشأة أو إلى تغيير التقنية الأولية المستعملة في الإنتاج. بالإضافة إلى ذلك فإنه لا يمكن إقامة المشاريع المذكورة و الخاضعة لنظام الرخصة إلا بالمواقع التي تحددها السلطة الحكومية المكلفة بالطاقة بعد اقتراح الوكالة الوطنية للطاقات المتجددة و النجاعة الطاقية.
و قد ألزمت المادة 9 من القانون 13-09 في كل طالب ترخيص التوفر على مجموعة من الشروط سواء تعلق الامر بالنسبة للشخص الذاتي أو الشخص المعنوي. فبالنسبة للشخص الذاتي يتعين أن يكون متمتعا بأهليته القانونية و بحقوقه المدنية و ألا يكون مدانا بسقوط الأهلية التجارية و لم يرد إليه اعتباره، أما بالنسبة لشخص معنوي خاضع للقانون الخاص فيشترط فيه أن يكون مؤسسا في شكل شركة يتواجد مقرها في المملكة و ألا يكون في وضعية تسوية قضائية أو في وضعية تصفية قضائية في حين أنه بالنسبة للشخص معنوي الخاضع للقانون العام فيتعين أن يكون مؤهلا لإنتاج الكهرباء انطلاق من مصادر الطاقات المتجددة بمقتضى أحكام القانون المؤسس له.
و تمر عملية تسليم الرخصة بمرحلتين تنتهي أولهما بتسليم رخصة مؤقتة تتعلق بإنجاز المنشاة و تسلم في نهاية المرحلة الثانية رخصة نهائية تتعلق بتشغيل هذه المنشأة.
1-الترخيص المؤقت:
في هذا الصدد، و حسب المادة 8 من القانون 13-09 يخضع إنجاز منشآت إنتاج الطاقة الكهربائية انطلاقا من مصادر الطاقات المتجددة لترخيص مؤقت تمنحه الإدارة بعد استطلاع الرأي التقني لمسير الشبكة الكهربائية الوطنية للنقل في شخص المكتب الوطني للكهرباء و الماء الصالح للشرب باعتباره المحتكر القانوني لمهام نقل الطاقة الكهربائية. و يجب على المعني بالأمر سواء أكان شخصا معنويا خاضع للقانون العام أو للقانون الخاص أو كل شخص ذاتي يثبت توفره على القدرات التقنية و المالية الملائمة أن يتقدم بطلب بهذا الشأن للإدارة بغرض المصادقة على المشروع طبقا للفصل الثاني من المرسومرقم 2.10.578 صادر في 11 أبريل 2011 بتطبيق القانون رقم 13.09 المتعلق بالطاقات المتجددة.
يوضح على الخصوص طبيعة المنشآت و أجال التنفيذ و مصدر أو مصادر الطاقات المتجددة التي سيتم استعمالها و كذا تحديد موقع الإنتاج و الكيفيات التقنية و التعميرية و الأمنية لإنجاز المنشآت ثم الإجراءات الواجب اتخاذها في مجال حماية البيئية و لاسيما الالتزام بإنجاز دراسة حول التأثير على البيئة.بالأضافة إلى هذه العناصر فقد الزم الفصل من المرسوم المؤرخ في 11 أبريل 2011 و المتعلق بتطبيق مقتضيات المادة 8 من القانون المذكور كل طالب ترخيص تتميم ملفه بمعطيات إضافية، إذا كان الامر يتعلق بشركة تجارية، و تهم القانون الأساسي للشركة و المساهمين و الهيئات و الأشخاص المسيرة لها.
و حفاظا على حقوق أصحاب المشاريع الخاضعين لنظام الترخيص من كل تعسف او تحكم إداري، فقد ألزم القانون المذكور في فصليه 9 و 10 الهيئات المتدخلة في مسطرة الترخيص لأجال محددة و التي يتعين عليهم احترامها في إصدار القرارات المتعين اتخاذها. هكذا، و بعد وضع طالب الترخيص لملف طلبه لدى السلطة الحكومية المكلفة بقطاع الطاقة مقابل وصل الإيداع يتعين على هذه الأخيرة داخل أجل أقصاه خمسة عشر يوما يسري ابتداء من تاريخ تسليم وصل الإيداع المذكور طلب الاستشارة التقنية من مسير الشبكة الوطنية للنقل المشار إليه اعلاه و الذي يتعين عليه إبداء هذا الرأي في هذه الاستشارة داخل أجل شهر واحد يسري ابتداء من تاريخ عرض الأمر عليه.
و بعداستطلاع السلطة الحكومية المذكورة الرأي و داخل أجل أقصاه 3 أشهر يسري ابتداء من تاريخ التوصل بهذا الرأي و اعتبارا لجودة التجهيزات و المعدات و كذا لمؤهلات المستخدمينيبلغ الترخيص المؤقت إلى طالب الترخيص. و بعد توصله بالترخيص المؤقت يتعين على صاحب المشروع طبقا للمادة 11 من القانون المذكور إنجاز المنشئات موضوع الترخيص داخل أجل ثلاث سنوات يسري من تاريخ تبليغه للرخصة و في حالة العكس يصبح الترخيص لاغيا. غير أنه في حالة عدم إتمام إنجاز المنشأة داخل الأجل المشار إليه، يجوز للإدارة، بناء على طلب مبرر من قبل حامل الترخيص المؤقت، أن تمنحه أجلا إضافيا لمرة واحدة أقصاه سنتان.
2 – الترخيص النهائي:
يسلم هذا الترخيص للحائز على الترخيص المؤقت المخصص للإنشاء و ذلك من أجل البدئ في تشغيل منشأته بمعنى البدئ في استغلالها لإنتاج الطاقة الكهربائية. و يتعين على طالب هذا الشكل من الترخيص التقدم بطلبه داخل اجل شهرين يسري ابتداء من تاريخ الانتهاء من أشغال إنجاز المنشأة طبقا لما هو منصوص عليه في مقتضيات الفصل 12 من المرسوم المؤرخ في 11 أبريل 2011 و ذلك وفقا للشكليات و المساطر المتعلقة بطلب الترخيص المؤقت. و من أجل تسليم الترخيص النهائي للاستغلال يتعين على السلطة الحكومية المعنية أو كل هيئة معتمدة من قبل هذه التأكد من مطابقة المنشأة المنجزة للمشروع موضوع الترخيص المؤقت و استنادا إلى مايلي :
– الترخيص المؤقت؛
– التقرير الإيجابي لمطابقة المنشأة للشروط المعتمدة؛
– الرأي التقني الإيجابي لمسير الشبكة الكهربائية الوطنية للنقل فيما يخص ربط المنشأة المذكورة؛
– دفتر تحملات تعده الإدارة و الذي ينص على ما يلي :
· الكيفيات التقنية و التعميرية و الأمنية لاستغلال المنشآت و صيانتها؛
· مدة صلاحية الترخيص؛
· شروط سلامة ووثوقية الشبكات التقنية و التجهيزات المتعلقة بها؛
· دراسة التأثير على البيئة؛
· التأمين أو التأمينات الواجب على المستغل إبرامها من اجل تغطية مسؤوليته عن الأضرار التي يتسبب فيها للأغيار؛
· الأتاوى و حقوق الاستغلال، و طريقة احتسابها و كيفيات أدائها إذا اقتضى الحال؛
· المؤهلات المهنية و القدرات التقنية و المالية الواجب توفرها في صاحب الطلب.
و فيما يتعلق بمدة الترخيص و بمجرد حصول المستفيد على الترخيص النهائي فإنه يمكنه استغلال منشأته في إنتاج الكهرباء لمدة 25 سنة ابتدءا من تاريخ تسليم الترخيص النهائي مع إمكانية تمديد هذه المدة لنفس الفترة لمرة واحدة شريطة احترام الشروط القانونية المنظمة لهذا الترخيص.* (المادة 13).. و في حالة عدم تشغيل المنشأة خلال السنة التي تلي تاريخ تسليم الترخيص النهائي أو في حالة إيقاف المستغل أنشطة الاستغلال لمدة تتجاوز سنتين متواليتين بدون أسباب مقبولةو مبررة على النحو المطلوب و بدون أن يخبر الإدارة بذلك مسبقا، يصبح الترخيص المذكور لاغيا، ماعدا إذا أخبر المستغل الإدارة مسبقا برغبته في تعليق أنشطة الإنتاج لأسباب مقبولة و مبررة على نحو المطلوب عندها يجوز للإدارة أن تمدد له مدة صلاحية الترخيص بالاستغلال لفترة إضافية تعادل فترة التوقيف.
و تجدر الإشارة أنه بعد انتهاء مدة الترخيص و انقضاء مدة صلاحيته تصبح منشأة إنتاج الكهرباء انطلاق من مصادر الطاقات المتجددة و موقع الإنتاج في ملكية الدولة، حرة و خالصة من كل عبء.كمايلزم المستغل، عندما تطلب الإدارة ذلك، بتفكيك المنشأة المذكورة و إعادة الموقع إلى حالته الأولى على نفقته.
ب- نظام التصريح
طبقا للمادة الرابعة من القانون رقم 13-09 يهم هذا النظام مشاريع إنجاز أو استغلال أو توسيع قدرة أو تغيير منشآت إنتاج الطاقة الكهربائية انطلاقا من مصادر الطاقات المتجددة إذا كانت قدرتها المنشأة في موقع واحد أو مجموعة مواقع في ملك نفس المستغل أقل من 2 ميغاواط و أكثر من 20 كيلوواط و كذا الطاقة الحرارية انطلاقا من مصادر الطاقات المتجددة إذا كانت قدرتها المنشأة في موقع واحد أو مجموعة مواقع في ملك نفس المستغل تساوي 8 ميغاواط حرارية أو تتجاوزها.
و فيما ملف الطلب، يتعين على المعني بالأمر أن يتقدم بملفين أحدهما إداري يتعلق بالتأكد من هوية طالب التصريح و طبيعة الأنشطة التي يمارسها و الاخر تقني يحدد بشكل دقيق مصدر الطاقة المتجددة المراد استغلاله و قدرة الإنتاج و التقنيات المستخدمة بالإضافة إلى موقع المنشاة المختار من طرف صاحب المشروع. و يحصل هذا الاخير بمجرد إيداع طلبه وصل إيداع مؤقت مختوم و مؤرخ بمجرد و ضع التصريح المسبق لدى الإدارة. و إذا تبين لهذه الاخيرة بعد دراسة ملف المعني أن التصريح يستوفي الشروط المنصوص عليها ، يسلم إلى المعني الوصل النهائي في أجل أقصاه شهران. *المادة 21
و طبقا للمادة 22 من القانون يجب على المعني بالأمر تجديد تصريحهفي حالة عدم تشغيل المنشأة موضوع التصريح داخل أجل 3 سنوات ابتداء من تاريخ تسليم الوصل النهائي بإيداع التصريح المذكور، أو عدم استغلالها خلال مدة سنتين متواليتين.
الفقرة الثانية: تسويق و تصدير الكهرباء من مصادر متجددة.
على خلاف الوضع الذي كان قائما قبل صدور القانون المتعلق بالطاقات المتجددة حيث كان المنتجون الخواص للطاقة الكهربائية ملزمون ببيع الطاقة المنتجة حصريا إلى المكتب الوطني للكهرباء دون غيره من المقاولات الفاعلة في السوق الوطنية، فإن القانون الجديد من خلال مادته 24 قد فتح المجال أمام مستغلي منشآت الإنتاج الكهربائي لتوجيه الطاقة إلى السوق الوطنية و تعدى فتح المجال هذا إلى الإمكانية المتاحة لهؤلاء لتصدير الطاقة الكهربائية المنتجة إلى خارج السوق الوطنية.
و لضمان هذا الحق و تسهيل عمليات التبادل بين المنتجين الخواص للكهرباء و زبنائهم سواء داخل المغرب أو خارجه، و على اعتبار أن إيصال الطاقة المنتجة من المنتج إلى زبونه لا يمكن أن يتم إلا بواسطة مرور هذه الطاقة عبر الشبكة الوطنية للكهرباء التي يحتكرها الفاعل التاريخي في شخص المكتب الوطني للكهرباء باعتبارها بحكم القانون مسير الشبكة الوطنية، فقد منح القانون لهؤلاء الخواص الاستفادة من حق الولوج إلى الشبكة الكهربائية الوطنية ذات الجهد المتوسطو الجهد العالي و الجهد جد العالي في حدود القدرة التقنية المتاحة للشبكةle droit d’accès au réseau .
و تحدد كيفيات الاستفادة من هذا الحق بموجب اتفاقية تبرم بين المنتجين الخواص و مسير الشبكة الكهربائية الوطنية للنقل من خلال المكتب الوطني للكهرباء، أو عند الاقتضاء، مسير أو مسيري الشبكة الكهربائية ذات الجهد المتوسط المعنيين كالوكالات المستقلة أو شركات التدبير المفوض مثلا. ويجب أن تنص هذه الاتفاقية على الخصوص على مدة صلاحية الاتفاقيةو الشروط التقنية للربط بالشبكة المذكورة و الشروط التجارية لنقل الطاقة الكهربائية من قبل مسير الشبكة المعني من مواقع الإنتاج إلى مواقع الاستهلاك و كذا على مسطرة حل النزاعات.
و بمقتضى القانون المذكور توجه الطاقة المنتجة من مصادر متجددة نحو الاستجابة لحاجيات السوق المغربي و يمكن أن توجه أيضا للتصدير.
أ- الاستجابة لحاجيات السوق الوطنية
باعتبار أن السوق الوطنية هي المعني الأول بالطاقة الكهربائية المنتجة من مصادر متجددة بحيث ينبغي الاستجابة لحاجياتها الضرورية في هذا الباب خاصة إذا أخدنا بعين الاعتبار حجم النمو السنوي الذي يسجله الطلب على الطاقة المشار إليه سلفا، فإن المشرع أكد على هذه الاستجابة من خلال اعتماده أليتين تعاقديتين أساسيتين أشار إليهما في المادة 25 و المادة 26 من القانون المذكور و تتعلق
1- إبرام اتفاقية بين الدولة المغربية أو من ينوب عنها و مستغل و المنتج الخاص المستغل لمنشئات المصادر المتجددة للطاقة عندما يتعهد هذا الأخير ببيع الطاقة المنتجة مباشرة إلى الدولة أو الهيئة المفوضة من طرفها. و تحدد هذه الاتفاقية مدة التزويد و الشروط التجارية لهذا التزويد.
2- ثم اتفاقية تبرم بين المنتج المذكور و مستهلك أو مجموعة من المستهلكين موصولين بالشبكة الكهربائية الوطنية ذات الجهد المتوسط و الجهد العالي و الجهد جد العالي بالكهرباء يتعهد بها الاول بتزويد هؤلاء بالطاقة المنتجة مع ضرورة تنصيص الاتفاقية على الخصوص على الشروط التجارية للتزويد بالطاقة الكهربائية و كذا على تعهد المستهلكين المذكورين بأخذ الكهرباء المنتج واستهلاكه بصفة حصرية في إطار استعمال خاص بهم. و عليه فإن المستهلكين لا يسمح بأي حال من الأحوال استعمال هذه الطاقة لغير غرضهم الخاص من خلال تفويتها أو بيعها للغير.
ب- تصدير الطاقة الكهربائية انطلاقا من مصادر متجددة
اشترط القانون المتعلق بالطاقات المتجددة في مادته 27 على كل مستغل لمنشاة إنتاج الطاقة الكهربائية من مصادر متجددة يريد تصدير إنتاجه خارج السوق الوطنية أن تكون منشأته موصولة بالشبكة الكهربائية الوطنية ذات الجهد المتوسط أو الجهد العالي أو الجهد جد العالي. كما أن عملية التصدير للكهرباء المنتجة لا يمكن أن تتم إلا بعد الاستشارة التقنية لمسير الشبكة الكهربائية الوطنية للنقل في شخص المكتب الوطني للكهرباء و الماء الصالح لشرب باعتبارها الساهر على تدبير التبادلات الكهربائية التي تتم عبر هذه الشبكة من مراكز الإنتاج المنتشرة على مستوى التراب الوطني إلى مراكز التوزيع و بالتالي المسؤول الوحيد عن السلامة التقنية لهذه الشبكة.
و في حالة عدم القدرة التقنية لهذه الشبكة لضمان المبادلات الكهربائية المرجوة أو كانت غير كافية، فإن المادة 28 من هذا القانون رخصت للمستغل بناء و إنجاز خطوط مباشرة للنقل واستخدامها، من أجل استعماله الخاص، في إطار اتفاقية امتياز تبرم مع مسير الشبكة
الكهربائية الوطنية للنقل، تنص على الخصوص على مايلي :
– طبيعة و محتوى الأشغال التي سيتم إنجازها وأجل تنفيذها؛
– التحملات و الالتزامات الخاصة بصاحب الامتياز؛
– إتاوة العبورRedevance de Transit الواجب أداؤها على صاحب الامتياز، ناهيك عن الرسم سنوي الذي يؤدى للدولة عن استغلال المنشأة بناء على حصة إنتاج الطاقة المصدرة حسب الجداول و النسب و الكيفيات المحددة بنص تنظيمي و ذلك طبقا لمقتضيات المادة 29 من القانون09-13.
– مدة الامتياز التي لا يجوز أن تتجاوز مدة صلاحية الترخيص بالاستغلال؛
– الإجراءات الواجب اتخاذها من قبل صاحب الامتياز من أجل حماية البيئة، و لاسيما إنجاز دراسة التأثير على البيئة؛
– شروط سحب الامتياز أو سقوطه و كذا شروط رجوع المنشآت عند نهاية الامتياز.
و سواء تم تصدير الكهرباء عن طريق حق الولوج إلى الشبكة الكهربائية الوطنية و عند الاقتضاء، إلى الخطوط المباشرة للنقل التي ينجزها المستغل فإن كل عملية تصدير للطاقة الكهربائية المنتجة انطلاقا من الطاقات المتجددة تخضع إلى مراقبة و تدبير مسير الشبكة الكهربائية الوطنية للنقل من شخص المكتب الوطني للكهرباء و الماء الصالح للشرب باعتباره الفاعل التاريخي و محتكر شبكة النقل التي تتم عبرها التبادلات الكهربائية .
لقد كان لهذه الترسانة القانونية دور مهم في تحفيز مجموعة من الفاعلين الخواص لإطلاق مشاريع تهم تنمية و إنجاز مجموعة من مشاريع إنتاج الكهرباء انطلاقا من مصادر متجددة و التي من المنتظر حسب توقعات وزارة الطاقة و المعادن أن تبلغ قدرتها الإنتاجية 420 ميكاواط عند البدء في استغلالها في أفق سنة 2015. إلا أن اعتماد هذه الترسانة القانونية الجديدةو انفتاح سوق الكهرباء يستلزم بالضرورة إيجاد آلية جديدة تضمن أولا تحول السوق من سوق احتكاري إلى سوق تنافسي ينظم الولوج إلى السوق عبر مساطر شفافة وشروط عادلة بين الجميع، تم ثانيا تنظيم قواعد المنافسة بين هؤلاء من خلال محاربة جميع المظاهر المخلةبالتنافسية خاصة تلك التي قد تأتي من طرف الفاعل التاريخي دون إهمالمقتضيات الحفاظ على مستلزمات المرفق العمومي.