يمثل التنفيذ المرحلة النهائية التي تتوج جميع
المنازعات التي تعرض أمام القضاء سواء كانت مدنية أو زجرية أو اجتماعية أو أسرية، فهو الغاية المثلى من عملية التقاضي التي ينشدها أي مدعي يطلب حقه، كما أنه يضفي المصداقية ويبث الروح في القرارات والأحكام التي يصدرها القضاء وينقلها من مرحلة “النطق بالحق” إلى مرحلة نفاذه وإلزامه، لأنه “لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له” كما جاء في رسالة القضاء لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، مما يجعل المواطنين يطمئنون إلى أن للعدالة هيبة في المجتمع، وأن سلطة دولة الحق والقانون قائمة.
ولأهمية هذا التنفيذ –وخاصة في شقه المدني – ودقة إجراءاته، فإن المشرع المغربي حرص على تنظيمه في قوانين مسطرية خاصة، ومنها على الخصوص قانون المسطرة المدنية في القسم التاسع من قانون منه، من خلال ثمانية أبواب من الفصل 411 إلى الفصل 510.
أما تنفيذ قضايا الأسرة فيجد سنده المرجعي في ذات القانون خاصة في مقتضيات الباب الثالث المتعلقة بالقواعد العامة بشأن التنفيذ الجبري للأحكام، ومقتضيات الباب الرابع المتعلقة بحجز المنقولات والعقارات، ومقتضيات الباب الخامس المتعلقة بمسطرة الحجز لدى الغير.
كما نجد سنده أيضا في قوانين خاصة ومنها على الخصوص قانون مدونة الأسرة في أبواب الزواج والطلاق والنفقة والحضانة، وفي قانون كفالة الأطفال المهملين، وفي قانون الحالة المدنية، وفي القانون رقم 10-41 المتعلق بصندوق التكافل العائلي.
فما هو واقع هذا التنفيذ، خاصة فيما له صلة بمدونة الأسرة؟ وما هي أهم خصائصه التي تميزه عن باقي مساطر التنفيذ المدني؟ وما هي الإكراهات والصعوبات التي تواجهه نظريا وعمليا؟ ذلك ما سنحاول بسطه في هذه الورقة من خلال الفقرتين التاليتين:
الفقرة الأولى، نخصصها لتحديد مفهوم التنفيذ في قضايا الأسرة وحصر بعض خصائصه.
أما الفقرة الثانية، فنفردها للحديث عن بعض الإكراهات القانونية والاقتصادية والاجتماعية التي تحول دون التنفيذ الأمثل لأحكام وقرارات القضاء الأسري، ثم نذيل هذه الورقة ببسط بعض الاقتراحات التي نراها مناسبة لتجاوز هذه الصعوبات والإكراهات.
الفقرة الأولى: مفهوم التنفيذ في قضايا الأسرة وخصائصه:
يقصد بالتنفيذ في قضايا الأسرة: الوفاء بالالتزام الواجب أو المطلوب القيام به (كتسليم محضون مثلا) أو أداء ما بالذمة (أداء واجب النفقة المحكم به مثلا)، ويكون ذلك إما:
– اختيارا وتلقائيا من طرف المدعى عليه –إذا كان ثمة نزاع بين المدعي والمدعى عليه، أو من طالب الإجراء (إذا تعلق الأمر بمسألة ليس فيها نزاع كالزواج أو الكفالة مثلا…)
– أو جبرا عن طريق الاكراه بواسطة السلطة العامة المتمثلة في السلطة القضائية وقواد وضباط القوة العمومية الموضوعين رهن إشارتها. وذلك وفق القواعد العامة للتنفيذ المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية.
ويتميز التنفيذ في قضايا الأسرة، سواء فيما له صلة بمدونة الأسرة أو ببقية القوانين المعمول بها في أقسام قضاء الأسرة مثل قانون الحالة المدنية أو قانون كفالة الأطفال المهملين، يتميز بعدة خصائص منها:
• إمكانية التنفيذ التلقائي لكثير من قضايا الأسرة لأنها عبارة عن طلبات مثل الأذونات الصادرة بزواج الرشداء أو القاصرين أو المصابين بإعاقة ذهنية أو التعدد، ومثل أيضا مقررات إسناد الكفالة، ومقررات الحضانة الاتفاقية بين المنفصلين…
• مجرد صدور بعض الأحكام في قضايا الأسرة هو بمثابة تنفيذ لها لأنها تنشئ مراكز قانونية مثل الأحكام الصادرة بثبوت الزوجية، أو القاضية بتذييل الأحكام أو العقود الأجنبية بالصيغة التنفيذية، أو القاضية بإلحاق النسب أو نفيه…
• تمتيع بعض قضايا الأسرة بصيغة “النفاذ المعجل” بقوة القانون كالنفقة وإيقاف نفقة الزوجة الناشز[1]، أو بحكم القضاء كالأحكام القاضية بالرجوع إلى بيت الزوجية، أو تسليم محضون…
• عدم السماح بالطعن في كثير من مقررات قضايا الأسرة لضمان تنفيذها مثل الإذن بزواج القاصر[2]، وإنهاء العلاقة الزوجية في التطليق والخلع والفسخ[3]، والإذن بالتعدد[4]، وإلحاق النسب للخاطب[5].
• كون المشرع المغربي يجرم الامتناع عن تنفيذ بعض أحكام قضايا الأسرة مثل أحكام النفقة، حيث تطبق في حق الممتنع المقتضيات الزجرية لإهمال الأسرة المنصوص عليها في الفصلين 479 و480 من القانون الجنائي[6]، وكالامتناع عن تسليم محضون لمن له الحق في زيارته أو استزارته، حيث يمكن أن يعرض صاحب الامتناع نفسه للعقوبة المنصوص عليها في الفصل 477 من القانون الجنائي[7].
• إقرار آليات جديدة لتنفيذ بعض قضايا الأسرة، خاصة في مجال النفقة، كضمانة فعالة لتنفيذ أحكامها، ومنها على الخصوص اقتطاع مبلغ النفقة المحكوم بها من منبع الريع أو الأجر الذي يتقاضاه المحكوم عليه طبقا لمقتضيات المادة 191 من المدونة[8].
وعلى الرغم من هذه الخصوصيات التشريعية التي تحظى بها القضايا الأسرية على مستوى التنفيذ، نظرا لطبيعتها الاجتماعية والإنسانية، فإن هذا التنفيذ لا يكون دائما سلسا وسهل المنال، بل تعوقه عدة إكراهات وإشكالات قانونية واقتصادية واجتماعية تجعل أصحاب الحق ييأسون من القضاء ويشعرون بظلم العدالة. وسنعمل على إبراز أهم تلك الإكراهات التي تواجه تنفيذ بعض قضايا الأسرة في الفقرة الموالية:
الفقرة الثانية: الإكراهات القانونية والاقتصادية والاجتماعية لتنفيذ قضايا الأسرة:
نقصد بمصطلح “الإكراهات القانونية والاقتصادية والاجتماعية” مجمل الصعوبات[9] والإشكالات التي تحول دون التنفيذ السليم لأحكام ومقررات قضاء الأسرة، سواء كانت قائمة في النص القانوني المنظم لكيفية تنفيذ تلك الأحكام أو المقررات، أو ناتجة عن عوارض واقعية ذات طبيعة مادية أو اجتماعية يثيرها الأطراف أو الأغيار إما لوقف مسار التنفيذ أو تأجيله مؤقتا، إلى حين البت فيه من طرف الجهة التشريعية أو القضائية المختصة.
وانطلاقا من هذا التعريف، فإننا يمكن أن نرصد الإكراهات التالية:
1 – تهرب المنفّذ عليهم من الوفاء التلقائي بالتزاماتهم خاصة المادية إذا تعلق الأمر بأحكام النفقة لفائدة الزوجة أو الأبناء أو الأقارب[10]، أو بمستحقات التطليق إذا كان الطلب من جهة الزوجة، ويكون هذا التهرب إما بادعاء الإعسار بسبب البطالة أو الطرد من العمل، أو عدم وجود ما يحجز، أو تغيير العناوين… أو غيرها من الادعاءات التي تجعل تنفيذ مثل هذه الأحكام عسيرا ومكلفا سواء على المادي أو النفسي خاصة إذا تعلق الأمر بحقوق الأطفال.
2 – تحايل المنفذ عليهم في بعض قضايا الأسرة، كتحايل الزوجة المحكوم عليها بالرجوع إلى بيت الزوجية على المكلف بالتنفيذ، وذلك من خلال التعبير عن الاستعداد للرجوع بل والدخول فعلا إلى بيت الزوجية[11]، ثم الخروج حالا بعد تحرير محضر الرجوع من طرف المفوض القضائي أو مأمور إجراءات المحكمة، مما يضطر الزوج إلى استصدار حكم جديد يقضي بالرجوع لبيت الزوجية أو اللجوء إلى مسطرة التطليق للشقاق؛ أو كالتحايل في تنفيذ مقرر زيارة المحضون من خلال افتعال السفر المفاجئ أو مغادرة مكان الزيارة قبيل موعدها بقليل أو ادعاء مرض المحضون وعدم القدرة على إحضاره لمكان الزيارة أو عدم فتح بيت المنزل لرؤية المحضون أو غيرها من الحيل التي تلجأ إليها بعض الحاضنات.. مما يضطر من له الحق في زيارة المحضون إلى الاستنجاد مرات ومرات برئيس المحكمة بصفته قاضيا للمستعجلات للبت في هذه النازلة.
3 – طول المساطر المتعلقة بالحجز التنفيذي[12] سواء على منقول أو عقار، نظرا لخضوعها لنفس القواعد العامة المعمول بها في باقي القضايا المدنية، حيث تمر بوجوب مسطرة الإعذار طبقا للفصل 440 من قانون المسطرة المدنية، ثم انتظار جواب المنفذ عليه للتعبير عن نواياه تجاه هذا الإعذار، وفي حال رفضه فإن المكلف بالتنفيذ يقوم بإنجاز محضر الحجز تحت مراقبة رئيس المحكمة أو القاضي المكلف بإجراءات التنفيذ، ثم يبلغ المحضر من جديد للمطلوب في التنفيذ ولكل لمن له صلة بالشيء المحجوز (كمركز تسجيل السيارات إذا تعلق الأمر بسيارة، أو المحافظة العقارية إذا تعلق الأمر بعقار محفظ، أو مصلحة السجل التجاري إذا تعلق الأمر بأصل تجاري…) ويعينه حارسا قضائيا عليه[13]، ثم يحدد تاريخ البيع ويعلق إعلانه وجوبا في الأماكن العامة وسبورة الإعلانات الخاصة بالمحكمة، وبعد انصرام الأجل القانوني لهذا الإعلان والذي يتراوح بين ثمانية أيام إذا تعلق الأمر بمنقول، وشهر إذا تعلق الأمر بعقار، ثم يتلو ذلك إجراءات المزاد العلني التي قدر تفرز مشتريا جاد وجاهزا، وقد لا تفرزه مما قد يؤدي إلى إعادة الإعلان من جديد وانتظار مرور الآجال القانونية بالكيفيات والشكليات المضبوطة في قانون المسطرة المدنية.. قبل أن تمكن المرأة أو الأبناء – أخيرا – من حقوقهم المالية التي حكم لهم بالقضاء؛ هذا إذا افترضنا عدم قيام صعوبات وقتية أو موضوعية في وجه هذا الحجز كادعاء الغير ملكية الأشياء المحجوزة، أو تلف الشيء المحجوز، أو الامتناع عن تسليم المحجوز … مما ينتج إطالة أمد التنفيذ في مثل هذه القضايا الاجتماعية والإنسانية.
4 – صعوبة التنفيذ على المغاربة المقيمين بالخارج، سواء في إطار الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب كما هو الشأن مثلا بالنسبة لاتفاقية نيويورك الدولية المتعلقة باستيفاء واجب النفقة في الخارج[14]، أو في إطار بعض الاتفاقيات الثنائية في مجال الحضانة وحق الزيارة وإرجاع الأطفال أو في مجال الأحوال الشخصية عموما[15]، وذلك لما يحتاج هذا النوع من التنفيذ من إجراءات طويلة ومعقدة وبطيئة ومصاريف إضافية مكلفة من قبيل ترجمة الوثائق للغة البلد الذي ستوجه إليه مسطرة التنفيذ، مما يضطر العديد من طالبي التنفيذ إلى العزوف عن هذه الإجراءات والاستسلام لضياع حقوقهم.
5 – عدم فعالية بعض الآليات الجديدة المقترحة لتنفيذ بعض قضايا الأسرة، ومنها على الخصوص “آلية الاقتطاع من منبع الريع أو الأجر للملزم بالنفقة” المنصوص عليها في المادة 191 من المدونة، و”آلية صندوق التكافل العائلي”[16] المقررة بمقتضى القانون رقم 10-41، وآلية “عدم إفراغ المحضون من بيت الزوجية”[17]. فأما الآلية الأولى فتواجهها عدة صعوبات قانونية وعملية ومنها على الخصوص:
ـــ عدم التنصيص على المسطرة القانونية لكيفية تفعيل هذه الآلية، مما أدى إلى اضطراب عمل المحاكم على مستوى تنزيل هذا الإجراء، حيث تنص عليه بعض الأحكام القضائية تلقائيا وبناء على طلب المدعي في صلب الحكم القاضي بالنفقة أو في حكم تحديد مستحقات الطلاق أو التطليق، بينما تشترط محاكم أخرى “ضرورة امتناع المحكوم عليه بالتنفيذ”،
ـــ وجود نوع من الخلط بين هذا لإجراء، وإجراءات الحجز لدى الغير المنصوص على مقتضياتها في قانون المسطرة المدنية، والتي تستلزم عدة إجراءات دقيقة ومعقدة ومنها على الخصوص ضرورة فتح ملف تنفيذي لدى كتابة ضبط المحكمة مصدرة الحكم، ثم صدور أمر من رئيس المحكمة يقضي بالحجز لدى الغير، ثم تبليغ المحجوز بين يديه والمحجوز عليه، والحصول على تصريح المحجوز لديه إما إيجابا وإما سلبا، ثم تأتي مرحلة المصادقة على هذا الحجز واستخلاص مبلغ الدين بين يدين المحجوز لديه… أما إذا ظهرت أطرفت أخرى دائنة للمحجوز عليه فإن المسطرة تزداد تعقيدا وطولا، وهو ما يتنافى مع ما تتطلبه قضايا النفقة من استعجال سواء على مستوى الحكم أو التنفيذ،
ـــ طول مسطرة الحجز بين يدي الخازن العام للمملكة أو لدى المحاسبين العموميين (طبقا ظهير 11 فبراير 1941)، حيث تتطلب الالتزام بمجموعة من الشروط الشكلية واحترام الآجال القانونية في التبليغ والتوصل، قد تستغرق أزيد من ستة أشهر، مما يؤدي إلى تراكم مبالغ مهمة في ذمة المنفّذ عليه و يتعذر اقتطاعها لكونها تفوق الجزء القابل للاقتطاع ليرجع تصريح المحجوز لديه سلبيا.
ـــ صعوبة تنفيذ اقتطاع واجب النفقة من بعض الصناديق: مثل الصندوق المغربي للتقاعد أو الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي[18]، لأن نظام الأداء يتم فيها عند نهاية كل ثلاثة أشهر وليس في نهاية كل شهر، وهو ما ينتج عنه عدة مشاكل خاصة عند الدخول المدرسي أو في بعض المناسبات الدينية أو في حالة مرض أحد الأبناء، فضلا عن كون هذا الشكل من الأداء لا يساعد على برمجة المصاريف اليومية للأطفال.
أما بخصوص آلية “صندوق التكافل العائلي”، فتواجهها عدة صعوبات أهمها:
ــ كثرة الإجراءات المسطرية والوثائق اللازمة للاستفادة منه،
ـــ حصر دائرة المستفيدين من خدمات هذا الصندوق في أطفال الطلاق، وحرمان العديد من أطفال قيام العلاقة الزوجية[19]، رغم أنه تتوفر فيهم نفس الشروط الموضوعية (عوز الأم – امتناع الأب عن الإنفاق – تمدرس…).
ـــ هزالة المبالغ المخصصة للأطفال والتي لا تتعدى 350 درهم عن كل طفل دون أن تتجاوز سقف 1050 درهم في المجموع، وهي مبالغ لا يمكن أن تفي حتى بالمتطلبات الضرورية للعيش الكريم، بله أن توفر بعض الرفاه المنشود لهؤلاء الأطفال.
أما بخصوص آلية “عدم إفراغ المحضون من بيت الزوجية بعد انحلال ميثاق الزوجية” المنصوص عليها في المادة 168 من مدونة الأسرة، فإن واقع الحال يؤكد أن عملية الإفراغ تتم أصلا قبل نهاية أطوار المنازعة بين الزوجين، حيث تخرج الزوجة من بيت الزوجية – إما طوعا أو كرها – بمجرد إيداع الزوج أو الزوجة لمقال الطلاق أو التطليق أمام المحكمة، ومن ثم يصبح خروج المحضون من بيت الزوجية مجرد تحصيل حاصل ليس إلا، ثم إن القضاء يكتفي في الغالب الأعم بتحديد أجرة سكن المحضون دون الإشارة إلى هذا المقتضى الحمائي إلا نادرا.
6 – عدم إعفاء قضايا الأسرة من مصاريف التنفيذ وأتعاب المفوض القضائي، فرغم أن المشرع يمتع بعض قضايا الأسرة بالمجانية ومنها قضايا النفقة وقضايا المطلقات والمهجورات طبقا لظهير 1984 المحدد للرسوم والمصاريف القضائية، فإنه لم ينص على استثناء هذه القضايا من مصاريف التنفيذ ومنها على الخصوص أتعاب الخبراء، ومصاريف الإشهار، ومصاريف النقل لأماكن المزاد العلني إذا تلعق الأمر بمسطرة البيع القضائي لتلك المنقولات.
كما أن القانون رقم 23-06 المنظم لمهنة المفوضين القضائيين لم يستثن تبليغ وتنفيذ قضايا النفقة من أداء أتعاب المفوض القضائي[20]، مما يشكل عائقا أمام تنفيذ بعض أحكام النفقة وبقائها معلقة دون تنفيذ أو متعثرة في تنفيذها إذا تم إسنادها لمأموري إجراءات التنفيذ التابعين للمحكمة نظرا لقلة عددهم وكثرة المهام المسندة إليهم.
ويذهب بعض الباحثين[21] إلى أنه اذا كان تعيين المفوض القضائي لا يطرح أي إشكال في القضايا التي تعود لاختصاصه، وأن طلب تطبيق مقتضيات قرار وزير العدل رقم 1129/06 صادر في(15 يونيو 2006) بتحديد تعريفات عقود المفوضين القضائيين على الإجراءات التي يقومون بها في الميادين المدنية والتجارية والإدارية بخصوصها يبقى مشروعا، فان الإصرار على تطبيق مقتضيات نفس القرار على قضايا الأسرة و ربط حيازة المفوض القضائي للملف بأداء الرسم القار والمحدد في مبلغ 150 درهم، يبقى قرارا غير مبرر يتعين التراجع لأن “أجرة المفوض القضائي” تعتبر جزءا من الصوائر القضائية، بصريح نص المادة 29 من القانون المنظم للمهنة كما ان المادة 28 تنص على أنه ” يقوم المفوض القضائي بإنجاز الإجراءات في القضايا المستفيدة من المساعدة القضائية على أن يستخلص مستحقاته عند تصفية الصوائر القضائية”.
7 – طول أجل حصول الزوجة والأطفال على مستحقاتهم إذا كانت بواسطة محام، حيث تطرح المادة 57 من قانون مهنة المحاماة[22]، والمتعلقة بكيفية سحب المبالغ المنفذة بواسطة المحامي مشكلا يتجلى في طويل أجل حصول الزوجة والأبناء على المبالغ المنفذة، نظرا لطول مدة الإجراءات البنكية لتحويل المبالغ من حساب المحكمة إلى حساب الهيئة ثم إلى حساب المحامي.
8 – رهن بعض القضايا الأسري بأداء اليمين مع تطبيق قاعدة النكول إما لاستحقاق حق أو تأكيد ادعاء، وجعله كضمان للتنفيذ، يؤدي في غالب الأحيان إلى هدر حق ثابت (حق الأبناء أو الأطفال) مثلا) أو اقتطاعه (حق الزوج) بيمين غموس، خاصة أمام فساد الذمم الأخلاقية لكثير من المتقاضين أو ضعف وازعهم الديني.
9 – عدم تفعيل جهاز النيابة العامة في تنفيذ قضايا الأسرة، فعلى الرغم من تنصيص المشرع في المادة الثالثة من مدونة الأسرة على أن “النيابة العامة طرف أصلي في جميع القضايا الرامية إلى تطبيق أحكام هذه المدونة”، واعتباره إياها طرفا أصليا أيضا في قضايا الحالة المدنية وقضايا كفالة الأطفال؛ إلا أنها عمليا شبه مغلولة في تنفيذ بعض المقررات القضائية الأسرية، إما لوجود فراغ تشريعي لا يسعفها في فعاليتها، أو لوجود إكراهات واقعية واجتماعية لا تملك سبيلا لكيفية تجاوزها.
ونمثل لذلك ببعض الإجراءات الموكول تنفيذهما للنيابة العامة، أما أحدها فيتعلق بإرجاع المطرود إلى بيت الزوجية المنصوص عليه في المادة 53 من المدونة[23]، ذلك أن تطبيق هذه المادة يصطدم بعدة عراقيل، لعل أهمها غياب نص جزائي يجبر الطارد (زوجا كان أم زوجة) على تنفيذ أمر النيابة العامة بإرجاع المطرود، وأن ما تلجأ إليه بعض النيابات من وضع الزوج تحت الحراسة النظرية لترهيبه وحمله على التنفيذ لا يستند على أي أساس قانوني، ما دام أن المشرع لم ينص على ذلك بشكل صريح. كما أن عمل النيابة العامة يصطدم في هذا الإطار بعائق اجتماعي واقعي يتمثل في عدم توفر الزوجين على سكن مستقل كأن يقيم أحدهما مع ذويه مثلا (الوالدين – أحد الإخوة أو الأخوات – أحد الأقارب أو القريبات)، ويعارض ذوي الزوج الطارد إرجاع المطرود إلى بيت الزوجية رغم موافقة الزوج الطارد، وهنا تقف النيابة العامة عاجزة أيضا لأنها تملك نصا يلزم ذوي الطارد إرجاع الغير إلى مسكنهم.
أما الإجراء الثاني الموكول للنيابة العامة تنفيذه بشكل صريح في مدونة الأسرة، فهو المنصوص عليه في المادة 54 من المدونة والتي تقرر حزمة من الحقوق الخاصة بالطفل، حيث أوكلت الفقرة الأخيرة من تلك المادة لجهاز النيابة العامة السهر على مراقبة تنفيذ تلك الحقوق وضمان حسن تطبيقها لكن دون بيان كيفيات ذلك السهر والتنفيذ، إذ كيف للنيابة العامة أن تتحقق من واقعة إرضاع الأم لأبنائها؟ وكيف يمكنها أن تتأكد من قيام الوالدين بواجبهما في ” التوجيه الديني والتربية على السلوك القويم وقيم النبل المؤدية إلى الصدق في القول والعمل”؟ وكيف يمكنها أن تتعامل مع الأب والأم حينما يقصران في تنفيذ حقوق طفلهما عن قصد أو عن غير قصد لأسباب اجتماعية واقتصادية؟ وكيف يمكن إرغام الأب على تعليم ابنه وهو غير راغب أو غير قادر على شراء اللوازم المدرسية[24]؟
أما الإجراء الثالث الذي يظهر فيه عدم جدوى إسناد التنفيذ فيه لجهاز النيابة العامة، فهو الذي تضمنته المادة 121 من المدونة التي تنص على أنه “في حالة عرض النزاع بين الزوجين على القضاء، وتعذر المساكنة بينهما للمحكمة أن تتخذ التدابير المؤقتة التي تراها مناسبة بالنسبة للزوجة والأطفال تلقائيا أو بناء على طلب، وذلك في انتظار صدور الحكم في الموضوع، بما فيها اختيار السكن مع أحد أقاربها، أو أقارب الزوج، وتنفذ تلك التدابير فورا على الأصل عن طريق النيابة العامة”؛ فإنه يبقى غير ذي بال، طالما أن الدولة لا تتوفر على مراكز لإيواء الزوجات وأطفالهن التي من شأنها تيسير تنفيذ هذه التدابير المؤقتة، أو على الأقل تحميل الزوج المتسبب في النزاع مصاريف الإيواء كجزاء على تصرفه المخل بقاعدة حسن المعاشرة، أما “اختيار السكن مع أحد أقاربها، أو أقارب الزوج”، فهو تدبير لا يحتاج لتدخل قضائي، لأنه عرف اجتماعي يتم اللجوء إليه بكل تلقائية سواء من طرف الأقارب أو حتى الجيران.
مقترحات ختامية:
انطلاقا مما ذكرناه في هذه الورقة من إكراهات قانونية واقتصادية واجتماعية والتي تحول جزئيا أو كليا دون التنفيذ الأمثل والأشمل لأحكام ومقررات بعض قضايا الأسرة، فإننا نقترح لتجاوز ذلك اقتراحا عاما استراتيجيا، واقتراحات جزئية آنية:
أما المقترح العام، فيتمثل في:
ـــ ضرورة وضع قانون إجرائي خاص بقضايا الأسرة من افتتاح الدعوى حتى نهايتها، يراعي الطبيعة الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية لهذه القضايا سواء على مستوى الآجال أو الشروط أو الكيفيات أو المتدخلين في أجرأة هذه القضايا.
أما على المستوى الآني فأقترح ما يأتي:
1. الإسراع بتعديل القانون المتعلق بصندوق التكافل العائلي سواء على مستوى الفئات المستفيدة أو المبالغ المخصصة لهذا الصندوق أو المسطرة المتبعة في كيفية الاستفادة،
2. تدقيق وتبسيط مسطرة الاقتطاع من منبع الأجر أو الريع حتى تؤدي وظيفتها التنفيذية بشكل فعال،
3. إحداث شرطة قضائية تعنى بالمساعدة في كل ما يتعلق بقضايا الأسرة خاصة على مستوى التنفيذ،
4. تشديد العقوبات الزجرية في حق المتهربين أو المتحايلين في تنفيذ أحكام وقرارات قضايا الأسرة،
5. إعفاء تنفيذ قضايا الأسرة من مصاريف التنفيذ وأتعاب المفوضين القضائيين،
6. تعديل المادة 57 من قانون مهنة المحاماة والمتعلقة بكيفية سحب المبالغ المنفذة بواسطة محام، وذلك بالتنصيص على آجال قانونية معقولة لاستخلاص تلك المبالغ كلما تعلق الأمر بمستحقات النساء والأطفال.
[1] – تنص المادة 195 من المدونة على: “يحكم للزوجة بالنفقة من تاريخ إمساك الزوج عن الإنفاق الواجب عليه، ولا تسقط بمضي المدة إلا إذا حكم عليها بالرجوع لبيت الزوجية وامتنعت”.
[2] – تنص الفقرة الثانية من المادة 20 من مدونة الأسرة على: ” مقرر الاستجابة لطلب الإذن بزواج القاصر غير قابل لأي طعن”.
[3] – تنص الفقرة الأولى من المادة 128 من مدونة الأسرة على: ” المقررات القضائية الصادرة بالتطليق أو بالخلع أو بالفسخ طبقا لأحكام هذا الكتاب، تكون غير قابلة لأي طعن في جزئها القاضي بإنهاء العلاقة الزوجية”.
[4] – تنص الفقرة الثانية من المادة 44 من مدونة الأسرة على: ” للمحكمة أن تأذن بالتعدد بمقرر معلل غير قابل لأي طعن، إذا ثبت لها مبرره الموضوعي الاستثنائي، وتوفرت شروطه الشرعية، مع تقييده بشروط لفائدة المتزوج عليها وأطفالهما”.
[5] – المادة 156 من مدونة الأسرة: ” إذا تمت الخطوبة، وحصل الإيجاب والقبول وحالت ظروف قاهرة دون توثيق عقد الزواج وظهر حمل بالمخطوبة، ينسب للخاطب للشبهة إذا توافرت الشروط التالية:
أ ) إذا اشتهرت الخطبة بين أسرتيهما، ووافق ولي الزوجة عليها عند الاقتضاء؛
ب ) إذا تبين أن المخطوبة حملت أثناء الخطبة؛
ج ) إذا أقر الخطيبان أن الحمل منهما.
تتم معاينة هذه الشروط بمقرر قضائي غير قابل للطعن.
[6] – جاء في الفصل 480 من القانون الجنائي (صيغة فاتح يونيو 2015): “يعاقب بنفس العقوبة (شهر إلى سنة وغرامة من 200 إلى 2000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط) من صدر عليه حكم نهائي أو قابل للتنفيذ الموقت بدفع نفقة إلى زوجه أو أحد أصوله أو فروعه وأمسك عمدا عن دفعها في موعدها المحدد،
وفي حالة العود يكون الحكم بعقوبة الحبس حتميا،
والنفقة التي يحددها القاضي تكون واجبة الأداء في محل المستحق لها ما لم ينص الحكم على خلاف ذلك”.
[7] – ينص هذا الفصل على ما يلي: “إذا صدر حكم قضائي بالحضانة وكان نهائيا أو نافذا بصفة مؤقتة، فإن الأب أو الأم أو أي شخص يمتنع عن تقديم القاصر إلى من له الحق في المطالبة بذلك، وكذلك إذا اختطفه أو غدر به، ولو دون تدليس أو عنف أو حمل غيره على التغرير به أو اختطافه ممن عهد إليه بحضانته أو من المكان الذي وضعه فيه، فإنه يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة وغرامة من مائتين إلى ألف درهم. وإذا كان مرتكب الجريمة قد حرم من الولاية الأبوية على القاصر، فإن الحبس يمكن أن يصل إلى ثلاث سنوات”. (القانون الجنائي المغربي صيغة محينة بتاريخ فاتح يونيو 2015).
[8] – تنص المادة 191: ” تحدد المحكمة وسائل تنفيذ الحكم بالنفقة وتكاليف السكن على أموال المحكوم عليه أو اقتطاع النفقة من منبع الريع أو الأجر الذي يتقاضاه، وتقرر عند الاقتضاء الضمانات الكفيلة باستمرار أداء النفقة”.
[9] – للتوسع حول مفهوم “صعوبات التنفيذ” يمكن مراجعة الدكتور عبد الرحيم الصقلي، طرق معالجة الادعاءات الواردة على صعوبة تنفيذ الأحكام المدنية: دراسة تأصيلية وتحليلية مقارنة، مطبعة الكرامة، الرباط، الطبعة الأولى سنة 2006.
[10] – حسب الاحصائيات الرسمية التي أصدرتها وزارة العدل برسم سنة 2010 راج في أقسام قضاء الاسرة 43243 طلب نفقة نفذ منها فقط 28958، أما سنة 2011 فقد راج 43903 ملف نفد منها 26309 وتعذر تنفيذ 17594 ، أما خلال سنة 2013 فقد راج 61012 ملف تم تنفيذ 41659 حكم وبقي 19353 حكما معلقا بدون تنفيذ ، ومن خلال هذه الاحصائيات يتضح أن ما يعادل نصف طلبات النفقة تبقى معلقة بدون تنفيذ.
[11] – مثل هذه التصرفات تعتبرها محكمة النقض ضربا من النشوز لأن “تنفيذ حكم الرجوع تم بسوء نية” جاء في إحدى قراراتها: “إن الزوجة الناشز لا تستحق نفقتها إلا بعد رجوعها لبيت الزوجية، ويتعين أن يكون رجوعها فعليا وعن حسن نية، غير أن الثابت أن الزوجة المحكوم عليها نفذت الحكم بالرجوع لبيت الزوجية، لكنها غادرته بعد فترة وجيزة ولم تعد إليه، مما لا يعد رجوعا فعليا وعن حسن نية يرتب أثره القانوني بخصوص استحقاق النفقة” (قرر عدد 324 صادر بتاريخ 17 يونيو 2009 في الملف عدد 95/2/1/2008، انظر نشرة قرارات المجلس الأعلى المتخصصة، غرفة الأحوال الشخصية، عدد 4، السلسلة 2/ 2010، ص 59 ).
[12] – الحجز التنفيذي إجراء يقوم به المكلف بالتنفيذ بناء على طلب الحاجز ( الدائن ) بوضع المال المحجوز تحت يد القضاء منقولا كان أو عقارا، قصد منع المحجوز عليه ( المدين ) من التصرف فيه تصرفا يضر بحقوق الحاجز أو الحاجزين الدائنين، تمهيدا لبيعه بالمزاد العلني و بالتالي استيفاء الدائن حقه من ثمنه.
[13] – المكلف بالتنفيذ ملزم بتعيين حارس على الأشياء المحجوزة وله الصلاحية أن يعين المنفذ عليه نفسه بعد موافقة طالب التنفيذ، لكن إذا رفض المنفذ عليه تولي مسؤولية الحراسة، فإنه في قضايا الأسرة يصعب إسنادها للنساء أو الأطفال خاصة في البوادي، وإسنادها إلى شخص آخر أمين يتطلب مصاريف إضافية لا يمكن أن يتحملها طالب التنفيذ (الزوجة في غالب الأحيان)، وإذا تحملها المنفذ عليه رغما عنه، فإنه غالبا ما يبدد المحجوز ويدفع عنه تهمة متابعة تبديد محجوز بأنه لم يكن قابلا لحراسته، وأنه وضع المحجوز بين يدي المفوض القضائي أو المكلف بالتنفيذ. وإذا تعلق الأمر بالحيوانات فإنه يعرضها للإهمال والتفريط حتى تصاب الهزال أو تتعرض للنفوق، فيدعي المنفذ عليه أن ذلك قضاء وقدر ولا طاقة له برده.
[14] – ظهير شريف رقم 1.59.338 في المصادقة على انخراط المغرب في الاتفاقية الدولية المتعلقة باستيفاء واجب النفقة في الخارج – جريدة الرسمية عدد 2467 بتاريخ 7 شعبان 1379 (5 فبراير 1960) –
[15] – انظر مثلا: – أ- ظهير شريف رقم 1.99.113 صادر في 26 من محرم 1420 (13 ماي 1999) بنشر الاتفاقية الموقعة في 30 ماي 1997 بمدريد بين المملكة المغربية والمملكة الإسبانية بشأن التعاون القضائي والاعتراف وتنفيذ المقررات القضائية في مادة الحضانة وحق الزيارة وإرجاع الأطفال.
ب- ظهير شريف رقم 1.00.309 صادر في 29 من ربيع الأول 1422 (22 يونيو 2001) بنشر اتفاقية التعاون القانوني والقضائي في المواد المدنية والتجارية والأحوال الشخصية الموقعة بالرباط في 29من رجب 1418 (29 نوفمبر 1997) بين حكومة المملكة المغربية وحكومة دولة البحرين.
– ج -اتفاقية بين المملكة المغربية والمملكة البلجيكية بشأن الاعتراف بالمقررات القضائية وتنفيذها في مادة الالتزام بالنفقة.
-د -ظهير شريف رقم 1.98.166 صادر في 15 من محرم 1422 (100 أبريل 2001) بنشر اتفاقية التعاون القانوني والقضائي في المواد المدنية والتجارية والأحوال الشخصية الموقعة بالكويت في 29 من رجب 1417 (10 ديسمبر 19966) بين المملكة المغربية ودولة الكويت.
–هـ- ظهير شريف رقم 1.96.185 صادر في 12 من جمادى الأولى 1423 (23 يوليو 2002) بنشر اتفاقية التعاون القضائي في المواد المدنية والتجارية والأحوال الشخصية بين المملكة المغربية والجمهورية العربية السورية الموقعة بالرباط في 25 سبتمبر 1995. …
تراجع الاتفاقيات على موقع وزارة العدل على الرابط التالي: http://justice.gov.ma/ar/Ministere/conventions.as
[16] – صندوق التكافل العائلي، صندوق تم إعداده لتغطية المستحقات المالية التي يحكم بها للمطلقة وأبنائها والتي على الزوج دفعها، إذا تأخر تنفيذ المقرر القضائي المحدد للنفقة أو تعذر لعسر المحكوم عليه أو غيابه أو عدم العثور عليه، وبعد ثبوت حالة عوز الأم. وتتكون عائدات هذا الصندوق من نسبة معينة من الرسوم القضائية وبعض الدمغات المفروضة على الرسوم العدلية مثل رسوم الزواج والطلاق والهبات والوصايا وموارد أخرى مختلفة… ويشرف على تسييره وزارة العدل ووزارة المالية ويديره صندوق الايداع والتدبير.
[17] – تنص المادة 168 على مــا يلــي : » لا يفرغ المحضون من بيت الزوجية إلا بعد تنفيذ الأب للحكم الخاص بسكنى المحضون ، على المحكمة أن تحدد في حكمها الإجراءات الكفيلة بضمان استمرار تنفيذ الحكم من قبل الأب المحكوم عليه «.
[18] – إذا كان الفصل 488 من قانون المسطرة المدنية يمنع الحجز لدى الغير على المعاشات المدنية والعسكرية من أجل استيفاء الديون، فإن استثنى النفقة في الفصل 39 من ظهير 30/12/1971 المتعلق بالمعاشات المدنية والفصل 42 من قانون المعاشات العسكرية المؤرخ بنفس التاريخ.
[19] – تداركا لهذا النقص قامت وزارة العدل والحريات بإعداد مشروع قانون رقم 15-06 من أجل تتميم وتغيير مواد القانون رقم 10-41 المتعلق بتحديد شروط ومساطر الاستفادة من صندوق التكافل العائلي، ونصت فيه على الخصوص على توسيع دائرة المستفيدين من خدمات الصندوق ليشمل الأولاد مستحقي النفقة خلال قيام العلاقة الزوجية، إلى جانب الأولاد مستحقي النفقة بعد انحلال ميثاق الزوجية.
وقد تمت إحالة هذا المشروع على الأمانة العامة للحكومة بتاريخ 21/01/2015 لعرضه على مسطرة المصادقة. (انظر معالم على درب الإصلاح العميق والشامل لمنظومة العدالة: حصيلة منجزات وزارة العدل سنة 2015، مطبعة إليت، ص 70).
[20] – يحاول بعض المسؤولين القضائيين وكذا الإداريين إقناع المفوضين القضائيين مباشرة مثل هذه التنفيذات واستخلاص أتعابه من المنفذ عليهم، إلا أن هذه الحلول لا تجدي دائما، خاصة إذا فشل المفوض القضائي في المحاولة الأولى للتنفيذ، الشيء الذي يجعله يرفض إعادة المحاولة مرات ومرات لأنه ليس ملزما بذلك، ولأن ذلك يكلفه مصاريف إضافية لا يريد أن يتحملها.
[21] – أبو القاسم الطيبي، إشكاليات التنفيذ في قضايا الأسرة المتعلقة بحقوق الزوجة والأطفال، الناظور نموذجا، على مدونة قضايا الأسرة في الفقه والقانون المغربي، الرابط الإلكتروني: http://modawanat-elosra.blogspot.com/2013/11/blog-post_5967.html
[22] – تنص المادة 57 : على ما يلي: “يؤسس على صعيد كل هيئة حساب ودائع وأداءات المحامين يديره مجلس هيئتها ، تودع به لزوما المبالغ المسلمة للمحامين المسجلين بجدول هذه الهيئة على سبيل الوديعة ، وتتم بواسطته كل الأداءات المهنية التي يقوم بها المحامي لفائدة موكليه أو الغير.
تودع بهذا الحساب كل المبالغ الناتجة عن تنفيذ مقرر قضائي من لدن مصالح التنفيذ والمفوضين القضائيين.
يتعين على كل الإدارات العمومية وشبه العمومية والمؤسسات والشركات إيداع المبالغ العائدة لموكلي المحامين بحساب الودائع والأداءات التابع لهيئتهم.
كل أداء تم خلافا لهذه المقتضيات لا تكون له أية قوة إبرائية في مواجهة الموكل أو المحامي ويتحمل مرتكب المخالفة عند الاقتضاء مسؤولية أداء المبالغ العائدة للموكل أو مصاريف وأتعاب المحامي.
يحدد طريقة تنظيم هذا الحساب نظامه الداخلي طبقا للفقرة الثامنة من المادة 91 بعده.
تدخل هذه المادة حيز التنفيذ خلال سنة من تاريخ نشر هذا القانون في الجريدة الرسمية”. (ظهير شريف رقم 101-08-1 صادر في 20 من شوال 1429 (20 أكتوبر 2008) بتنفيذ القانون رقم 08-28 المتعلق بتعديل القانون المنظم لمهنة المحاماة الجريدة الرسمية رقم 5680 الصادرة يوم الخميس 6 نونبر 2008).
[23] – تنص المادة 53 على ما يلي: “إذا قام أحد الزوجين بإخراج الآخر من بيت الزوجية دون مبرر، تدخلت النيابة العامة من أجل إرجاع المطرود إلى بيت الزوجية حالا، مع اتخاذ الإجراءات الكفيلة بأمنه وحمايته”.
[24] – الدكتور إدريس الفاخوري، بعض مظاهر قيم حقوق الإنسان في مدونة الأسرة الجديدة, مقال منشور بسلسلة الندوات واللقاءات والأيام الدراسية، الأيام الدراسية حول مدونة الأسرة، المعهد العالي للقضاء، العدد5، شتنبر2004، ص171.